- بري مكوان
- ترجمة: جنى مشعل
- تحرير: البراء بن محمد
لعلك رأيت الوسم المتداول على تويتر #DeleteFacebook وربما فكرت بأن تحذف حسابك، أو أنك قد حذفته بالفعل. وربما لم تحذفه بعد.
إن استخدام منصات التواصل الاجتماعي أمر منتشر، فقد أظهرت الإحصائيات أنه قد بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي -في الثلث الأخير من عام 2019- إلى 3.5 مليار حول العالم.
ولأن الكثيرين في وسائل التواصل الاجتماعي يقدرون “بيت فراتس” الذي وافته المنية مؤخرًا -مبتدع تحدي دلو الثلج التوعوي بمرض التصلب الجانبي الضموري وجمع له 115 مليون دولارًا أمريكيًا- فنحن نُذكر أن هذه الوسائل تنتفع من طاقة المستخدمين بتوجيهها للصالح العام. ينحصر نقاش مشاكل وسائل التواصل الاجتماعي في الاستخدام الفردي عوضًا عن [نقاش] ضرورة تنظيم الصناعة.
بيّن الحكم الصادر مؤخرًا من ’لجنة التجارة العالمية‘ بشأن فضيحة ’كامبريدج أناليتيكا‘ أن فيسبوك قد خدعت مستخدميها وأضعفت تفضيلات الخصوصية للمستخدمين، فغُرمت فيسبوك بـ5 مليار دولار أمريكي؛ لكن كثيرًا من النقاشات العامة انحصرت في اختيارات المستخدمين، وانصب تركيز قليل منها على شركات منصات التواصل الاجتماعي التي قد تتغير تفاعلًا مع الحكم.
ورغم تداول أخبارٍ عن التأثير الضار لكل من: وسائل التواصل الاجتماعي، ومعالج البيانات الشخصية، وإشكاليات الاستخدام، الخصوصية، المعلومات المضللة، المتصيدين على الانترنت، وفاعلية الحملات، إلا أن استخدام الأمريكان البالغين -وفقًا لبوريسيرتش سنتر بشأن بيانات عام 2019- لم يتغير قط.
بلغت نسبة الأمريكان البالغين المستخدمين للفيسبوك 68% في عام 2016، ثم صارت 69% وفي عام 2019. أما استعمالهم للانستقرام فقد زادت نسبته من 28% في عام 2016 إلى 37% في عام 2019. وقد حافظت نسبة استعمال تويتر على ثباتها حيث كانت نسبة المستخدمين الأمريكان البالغين 21% في عام 2016 وعام 2019 صارت النسبة 22%
وقد أدرت -باعتباري أستاذة مساعدة في قسم الاتصالات والتكنولوجيا في جامعة ديباول- العديد من النقاشات الطلابية عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حيواتنا ومجتمعنا، وما يدفع الطلاب ابتداءً للنقاش هو علمهم بتأثيراتها السلبية الخفية لها وأن عليهم إدارة هذه التأثيرات من خلال اختياراتهم الشخصية.
يجب أن يتجاوز النقاش – بغض النظر عن حدوثه في قاعة الدراسة أو منصة عامة- مسألة اختيار الشخص ومن يستحق اللوم، فقد صارت منصات وسائل التواصل الاجتماعي منفعة اجتماعية محبوكة مع حياتنا اليومية وهي لذلك تحتاج تنظيمًا.
لماذا يعجز الكثيرون عن ترك وسائل التواصل الاجتماعي؟
لا شك أن بعض الباحثين قلقون من تمكن التكنولوجيا من سحبنا بعيدًا عن علاقاتنا الشخصية. إن استخدام هذه المنصات يشبه التصفح اللانهائي؛ والحقيقة أن قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على جعلنا أكثر وعيًا بصداقاتنا وعلاقاتنا قد تجعلنا مرتبطين بحساباتنا. وبحسب مركز بيو: فإن 81% من المراهقين يرون أن وسائل التواصل الاجتماعي تساعدهم في الشعور باتصال أقوى مع أصدقائهم، فيما يرى 68% منهم أن هذه الوسائل تسمح لهم بالوصول إلى دعم اجتماعي أكبر.
إنه مشابه لما توصلت إليه -مع المؤلف المشارك جيسي فوكس- في فصل من الطبعة الأخيرة من مرجع “Media Effects” (آثار وسائل الإعلام) وهو أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت الناس في كثير من وظائفهم الاجتماعية – بما فيها المحافظة على العلاقات – وأمنت لهم السند الاجتماعي، وبنت شبكات من الروابط ما كان لها أن توجد لولا ذلك. إن المحافظة على الارتباطات الاجتماعية الإيجابية لها منافع مهمة لصحة المستخدمين وصحتهم النفسية.
وبصفتي باحثة في وسائل التواصل الاجتماعي وفي مستخدميها، فإنني لا أثق مطلقًا بأن شركات التواصل التكنولوجية تحمي بياناتي واهتماماتي. ما يقلقني بشأن المراقبة وقلة تنظيم البيانات هو أنها تقودني إلى أن أرفض وجود أليكسا أو إيكو في منزلي، إني أطأطئ قليلًا كلما سأل أطفالي ببهجة”أليكسا، احكِ لي دعابة عن القطط” للمرة السابعة عشر في منزل جدهم.
إنني أعجز -رغم ذلك- عن إبعاد نفسي عن فيسبوك أو تويتر، فابتعادي يعني الاستقالة من منصب تطوعي جميل، وفقد السبيل للتواصل مع أمهات مجندي الكشافة، وقطع نفسي عن شبكة حكيمة وراعية من أمهات أكاديميات، مما يعني أني سأخسر العلاقات التي صنعتها طيلة حياتي المرتحلة.
لا توفر مواقع وسائل التواصل الاجتماعي مجرد طرائق للتواصل مع الروابط الاجتماعية وحسب؛ بل إنها تقدم نظامًا خفيفًا لإدارة علاقية تحافظ -بقوة أكبر من السابق- على الكثير من اتصالاتنا بالناس. يتطلب ترك وسائل التواصل الاجتماعي التخلي عن المؤثرين والوحدات الثقافية المضللة معلوماتيًا، بل وأيضًا مجتمع “مجموعة الصفحات” وتحديثات من أبناء العمومة، وأخبار عن أصدقاء منذ زمن، وصفحات ذكريات عن أحبائنا الذين توفوا، وشبكة الزملاء الجديين.
لكل تلك الأسباب العملية والاجتماعية المهمة: يستخدم أكثر من 70% من الأمريكان البالغين وسائل التواصل الاجتماعي
إن شركات التقنية وصانعي السياسات بحاجة إلى سن قوانين تحمي ملايين المستخدمين من خلال شروط الخصوصية ونشر المعلومات المغلوطة. وقد وجّه الأفراد -تاريخيًا- تنظيمات صناعات التواصل الأخرى من دون كلفة سقوط الخصوصية والمعلومات المغلطة مباشرة على اختيار المستخدمين.
ثمة قوانين تتعلق بالتجسس على الهواتف النقالة والخطوط الأرضية. والوصول إلى تسجيلات التيليفون يستلزم صدور مذكرة قضائية. تضمن الأنظمة التي تلزم بالإعلان الحقيقي في منصات الراديو والتلفزيون القديمة قدرًا من الثقة في هذه الدعاوى المدفوعة.
رغم أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي تتمنى أن توصف بشركات تقنية عوضًا عن وصفها بشركات “وسائل” أو “اتصال” لتتجنب اتّباع القانون التنظيمي إلا إن القواعد المسؤولة عن مراسلات إلكترونية بحاجة لزيادة الثقة والارتباط مع هذه المنصات.
إن الناس لا يقررون التخلي عن منصة وسائل التواصل الاجتماعي أو لا، وإنما يقررون ما إن كانوا سيتركون الشبكة الاجتماعية الشخصية. إن ترك فيسبوك لا يعني ترك مارك زوكربيرج، بل ترك ’العمة روز‘[1].
اقرأ ايضًا: التعايش مع وسائل التواصل الاجتماعي
[1] ’العمة روز‘، فيلم مرعب ظهر عام 2005م. [المترجمة]