- زبيدة فيصل
منذ زمن طويل ارتبطت الحديقة بأشجارها وأزهارها عند مختلف الشعوب برمزيات مختلفة بين الدين والفلسفة، والأرض والكرامة، وكمساحة للانتقال إلى عوالم جديدة، فالحديقة منظرا يأسر الحواس، ومكانا يوفر طقوسا من التعلق العاطفي كما ذكر دافيد كوبر في كتابه بعنوان “فلسفة الحدائق”، وعليه اهتم الفنانون والأدباء بتوظيف الحديقة ومتعلقاتها كرمز يخدم غاياتهم في بلوغ الإتقان الفني والقدرة على التوصيل والتأثير، وللتعبير عما تعذر التعبير عنه بأسلوب مباشر.
الحَديقَةُ في اللغة هي كلّ أَرض ذات شجرٍ مثمر، وأَحاطَ به حاجز، وأَحْدَقَتِ الأَرضُ بمعنى صارت الأرض حديقةً، وحَدِيقَةٌ خَمِيلَةٌ أي كثيرة الشجر.
مفهوم الحديقة وما تحتويه من أشجار وألوان الزهر، وأطايب الثمر، طالما عبرت عن علاقة الإنسان بالطبيعة، وشكلت مصدرا للإلهام والخيال، بل وصارت جزءا أصيلا في عقائد البشر، وإن كانت تختلف من مكان إلى آخر طبقاً للخلفية الثقافية والحضارية، فالجنة عند المسلمين هي الحديقة ذات النخل والشجر، وهو معنى يتعلق بالثواب والجزاء الحسن، فهم موعودون بالتنعم في الفردوس الأعلى(الوادي الخصب) حيث مسكن الأبرار والصالحين بعد الموت، ومكان الخلود فى العالم الآخر، كما أن الفاكهة من نخيل وأعناب ورمان وغيرها هي من ثمار الجنة، وما يجري في الحدائق من أنهار وجداول هو الكوثر الذي بشر الله به عباده المؤمنين، وفي الدنيا قبل الآخرة أخذ النبي محمد صلى الله عليه وسلم البيعة من أنصاره تحت الشجرة، وحث المسلمين على زراعة الأشجار المثمرة بقوله (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ)، وقطع الأشجار في الإسلام هو من باب إفساد الأرض والعبث والاعتداء عليها بغير حق، ومما يتنافى مع أمر الاستخلاف في الأرض وإعمارها، فاهتم المسلمون منذ العهود الأولى بإقامة الحدائق وطبعوها بطابعهم الخاص، وتنوعت تصاميمها وتجددت أشكالها وفقًا لثقافات ومفاهيم الشعوب الإسلامية على اختلافها، فلم تخل حاضرة من حواضر الإسلام في المشرق ولا المغرب من الحدائق البديعة حتى أصبحت جزءا هاما من العمارة الإسلامية.
الرحالة ابن بطوطة ذكر عن مدينة صنعاء بأنها مدينة كبيرة حسنة العمارة كثيرة الأشجار والفواكه والزرع، وفي العراق ظهرت الحدائق المعلقة في مدينة المنصور ببغداد تأثرا بحدائق بابل المعلقة؛ حيث استعملت المستويات المختلفة في تصميم مثل هذه الحدائق، والمدرسة النظامية ببغداد التي أسسها الوزير نظام الملك لتدريس المذهب السني سنة (1064- 1066م) كان لها بستان يطلُّ على نهر دجلة ويتردد عليه الخليفة العباسي أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله؛ للتنزه فيه.
وقد زار الرحالة الفرنسي جان تينو القاهرة في القرن السادس عشر في عصر السلطان الغوري، وذكر أنه كان يسكن في منزل تنمو في فنائه أشجار ونباتات كثيرة الفواكه مثل الليمون بأنواعه والقرع العسلي والبرتقال والمشمش والتفاح، وأشاد الرحالة الفرنسيون عموما باتساع وجمال منازل أهل القاهرة حيث أقاموا الحدائق والبساتين داخل أفنية مساكنهم ومنشآتهم الدينية والمدنية أو حولها، واعتنوا بها عناية عظيمة.
الأغالبة في تونس أيضا، اشتهروا باهتمامهم البالغ بالحدائق الغناء فاحتوت مدينة رقادة على كثير من الحدائق والبساتين، وكذلك مدينة سلجماسة الواسعة الأرجاء امتلأت ببساتين نخيل شاسعة على مد البصر.
وتبقى الحدائق الأندلسية شاهدًا على عمق ارتباط المسلمين عموما والعرب خاصة بالطبيعة وحرصهم على العناية بالحدائق؛ فأبرزوا فيها الروح العربية الإسلامية من حيث أشجارها العالية التي رصفت بجانب بعضها لتشكل سدا منيعا تشير إلى فكرة الأمان والحماية، واعتبرت حدائقها هي الأجمل من بين الحدائق التي انتشرت في العالم الإسلامي، ولعل أروع أمثلة الحدائق الأندلسية كانت من أعمال عبد الرحمن الأول في قرطبة الحديقة التي بناها على ما شاهده في دمشق وأحضر لها نباتات من الهند وتركستان وسوريا ومن إيران، وظلت قرطبة حتى القرن 10هـ محاطة بآلاف الحدائق في الريف المحيط بها.
وقد لجأ الشعراء العرب المعاصرون منهم والسابقون إلى استخدام رمز الحديقة ومتعلقاتها وتضمينه في نصوصهم الشعرية والذي من شأنه أن يغني قصائدهم فيجعلها محملة بإشارات ودلالات مختلفة، فالرمز عموما صفة ملازمة للنص الأدبي بصفة عامة وللنص الشعري خاصة، فاستخدم الشعراء العرب الأشجار كرمز لارتباط الانسان بالأرض أي بالوطن، فشجرة الزيتون مثلت عند الشاعر الفلسطيني رمزاً للمقاومة والصمود والتمسك بالحق؛ لما تتمتع به من قدرة على التكيف مع المتغيرات والعيش طويلاً في ظل أقسى الظروف حتى باتت مصدرا أساسيا في ملحمة بقاء الفلسطينيين بثمارها وزيتها وخشبها وبدلالتها المشحونة بفكرة التجذر في الأرض عميقا، وقد كتب الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش في موضوع إصرار وتمسك الفلسطيني بأرضه المحتلة كما هو الزيتون باقٍ إلى الأبد، قصيدة “الصمود” ضمن باكورة دواوينه الشعرية والتي صدرت بعنوان «أوراق الزيتون» عام 1964:
لو يذكرُ الزيتون غارسَهُ
لصار الزيت دمعا !
يا حكمة الأجداد
لو من لحمنا نعطيك درعا !
لكن سهل الريح
لا يعطي عبيد الريح زرعا !
إنّا سنقلع بالرموش
الشوكَ والأحزانَ… قلعا !
سنظل في الزيتون خُضرتَه’
وحولَ الأرضِ درعا!!
أما النخلة فكانت ولازالت رمزا للشخصية العربية، التي تتسم بالكرم والرفعة، وتحظى بمكانة خاصة وحضور لافت في الذاكرة العربية، فقد كتب الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري عن نخيل بلاده :
سلام على هضبات العراق وشطيه والجرف والمنحنى
على النخل ذي السعفات الطوال على سيد الشجر المقتنى
كما استخدمت النخلة كرمز للحياة وللمرأة عند شعراء العصر الجاهلي، حيث وصف امرئ القيس في معلقته شَعر محبوبته :
وفَرْعٍ يَـزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحمٍ
أثِيْثٍ كقِنْوِ الـنَّخْلَةِ المُتَعَـثْكِل
ولأن الأشجار ثابتة وثبوتها متأتٍ من تغلغل جذورها في التربة بعيداً، فقد شكلت رمزاً عالمياً يمكن العثور عليه في العديد من الحضارات المختلفة حول العالم القديم، فملوك حضارة بابل العراقية مثلا، اتخذوا من حديقتهم وسيلة لتكريم آلهة الخصوبة، ورأوا فيها رمزا للسيطرة والفتح، حتى سرى في اعتقاد الناس أن امتلاك الحديقة معناه امتلاك الكون.
وقدماء المصريين كانوا يؤمنون أن الحياة الأولى انبثقت من العدم، فخرج معبودهم “آتوم” من الماء، ولكي يحمي ضياءه من الانطفاء كان يبقي عينيه مغلقتين ويحيط نفسه بحوض من أزهار اللوتس فاستظل بشجرة، وعلى هذه الأسطورة أحاطت الحدائق قصور المصريين وامتدت أمام مقابرهم في إشارة إلى ايمانهم بقدرة الشجر على حمايتهم.
وفي اليونان، ارتبطت الحدائق التي تحفها الأشجار بالعقل والفلسفة وانفصلت عن فكرة الدين، بل وكانت رمزا للذة الحسية لا لانطلاق الروح، فالحديقة تشكل مصدرا لخدمة أحاسيس الإنسان وفكره ومكانا للتأمل الهادئ، بعيدا عن فكرة إنتاج الغذاء أو الترفيه أو حتى الغرض الديني كالشعوب التي سبقتها، فاستخدمت كلمة حديقة محل كلمة مدرسة، وكان كبار أساتذتهم في الفلسفة يتخذون من حدائق دورهم مكانا يلقنون فيه تلامذتهم الحكمة، ومن أشهرها حديقة أبيقور لللفيلسوف اليوناني أبيقور الذي عرّف الفلسفة بأنها فن إسعاد الذات بالمتعة العقلية، وهي الخير الأوحد، وأساسها لذة التأمل التي لا يعقبها ألم.
وعندما فتح الرومان بلاد الإغريق نقلوا عنهم فكرة الحديقة بأشجارها، وأعادوا لها صلتها بالدين، كونهم وجدوا فيها متسعا للتعبير عن عقائدهم وأساطيرهم، فأقاموا فيها التماثيل والأركان المتصلة بآلهتهم، وتفننوا في تنسيق أشجارها.
أما بلاد فارس الواسعة، فازدهرت الحدائق الساحرة في مملكة الساسانيين، حيث اعتنوا بتنسيق الأشجار وترتيبها كرمز لوحدة الإنسان مع الطبيعة، واتجهت الحدائق للتعبير عن حب الحياة والاستمتاع بملذاتها، فكان يطلق عليها اسم باغ، وهى بمعنى بوستان المعربة عن العربية.
ورغم تطور الجماعات الإنسانية ومحاولتها الاتصال بغيرها فلم يغير ذلك شيئا البتة من مكانة الحديقة والأشجار، فنجدها في الفنون ومختلف أجناس الأدب، وتحديدا في الروايات كتعبير عن بهجة الروح، وعن المشاعر والذكريات اللطيفة، حيث يُنظر إلى الحديقة كرقعة فريدة باعثة على الاسترخاء، ومساحة مفتوحة ليس للمكان والزمان فيه نهاية؛ وربما من خلالها تتحسن حالة المبدع المزاجية على أن يعمل، كما أنها تضفي الكثير من الوقت الهادئ إلى يومه من خلال العمل فيها والذي عده البعض كنوع من التأمل عبر تركيز العقل والطاقة على مهمة واحدة، فعبرت عن ذلك الكاتبة الكندية شيلا هيتي صاحبة كتاب الأمومة: “هل يمكنكم رؤية الشجيرة الجميلة؟ لماذا ينبغي لنا أن ننظر إلى كل شيء من حولنا؟ هنالك ما يكفي في شجيرة”، أما الكاتب الصحفي الأمريكي جون جيرمايا سوليفان فيقول في شغفه لشجرة المانغوليا المتدلية من أعلى الفناء الخلفي لحديقة منزله، وهو المنظر المطل على مكتبه: “شجرة مانغوليا ضخمة تعني الكثير من العمل، لن أتخلص من هذه الشجرة. أسبوع واحد أو ما يقرب من عملية الإزهار تساوي كل شيء”.
وقد كانت الحديقة المطلة على نافذة مكتبة الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، هي الأجمل فكتب وهو يطالعها أكثر قصصه القصيرة ذيوعا للصيت “الإطلالة الدائرية”، وتساءلت زوجته ماريا كوداما بعد وفاته عن أي العالمين حقيقي : “أهو العالم الذي أراه من النافذة، المغمور بالوهج الشاعري للغروب، مع البيت الذي كان يعود يوما إلى بورخيس في البعيد، أم عالم مكتبة بابل، برفوفها المليئة بالكتب التي لامستها يوما يداه؟”
الحديقة بأزهارها هي رمز للسلام والهدوء وملجأ من الحياة الحضرية، فهذا كلود مونيه، ألمع ممثل عن الانطباعية، قام برسم لوحة “نساء في الحديقة” في عام 1866، وفيه يصور المرأة التي تمشي في الحديقة، وتستريح تحت شجرة، وبصحبتها ثلاثة من النساء ذهبن سوية في نزهة على الأقدام، وارتدين الفساتين القطنية الخفيفة ليصور مونيه الحديقة في موسم الصيف، بانسجام رائع بين الطبيعة والمرأة، ويرى بعض المؤرخين أن اللوحة كانت رسالة إلى عشيقته كاميل، حيث التقطها مونيه في أوضاع وحالات مزاجية مختلفة، فظهرت أربع نساء.
وقد كانت اللوحات الأوروبية المبكرة للحدائق تحمل رمزا للدين فهي غالبًا ما كانت تُصوّر العذراء في حديقة مسورة كرمز لحمايتها من التدخل سواء من القوم أو الحيوانات الضالة، وفي عصر النهضة وعصر الباروك، كانت اللوحات الفنية بمثابة سجلات لزراعة الحدائق الأميرية؛ يمكن أن تُظهر نظرة فنية للعين إبداعًا ثلاثي الأبعاد بطريقة لا يمكن للنص المكتوب القيام بها.
أما الأدباء، فالكاتب والشاعر الإنجليزي وليام شكسبير، استخدم في مسرحيته التراجيدية “هاملت” الزهور كرمز للكثير من الإيحاءات والدلالات، فجعل الشخصية أوفيليا تمسك بعدد من زهور الحديقة بيديها وتقوم بتسميتها، بحيث ترمز كل زهرة إلى شعور مختلف عن الآخر، فالشمر وزهرة الكولمبين يرمزان إلى الخداع والتملق، وزهرة الشارع (عشبة النعمة أو عشبة الفقراء) ترمز إلى المرارة والقهر، أما الأقحوان فرمزت إلى البراءة والبنفسج إلى الإخلاص، وقد يبست كل هذه الزهور عندما قُتل والدها.
كما قام العديد من المؤلفين بتمييز الحدائق في عملهم واستخدموها كأداة لتطوير الشخصية، فهي تمثل مساحات ذات إمكانات كبيرة يمكن أن تعزز الشفاء والتعلم، وتخلق روابط عاطفية، بل وترسل الشخصيات إلى عوالم سحرية، فتمثل الحدائق حالة الانتقال إلى مساحة جديدة ومن أشهرها مغامرات أليس في بلاد العجائب للكاتب الإنجليزي لويس كارول، حيث تبدأ قصة أليس وهي في الحديقة، ثم تتبع الأرنب ليصل بها إلى حديقة أجمل وتبدو لها خلابة بما يكفي لتقليص نفسها بطريقة سحرية للدخول إليها، وفي طريقها تعثر على شجرة كبيرة جداً، وفي نهاية جذع هذه الشجرة العملاقة باب كبير، تدخل عبره أليس إلى عالم آخر وهكذا، كما تلتقي خلال رحلتها عبر الحدائق بالعديد من الشخصيات الغريبة من بينها قطة شيشاير وصانع القبعات المجنون وملكة القلوب والسلحفاة الزائفة.
رواية “مانسفيلد بارك” للكاتبة الإنجليزية جين أوستن والتي نشرت لأول مرة في عام 1814، جعلت من الحديقة وزهورها وسيلة لمواساة البطلة فاني بريس، التي لم تكن تعرف إلى أي مدى كانت تسببه لها بداية ظهور الأوراق واستمرارها في الاخضرار من بهجة وسرور إلا بعد أن افتقدتها، وما يحققه لها قدوم الربيع وتفتح الأزهار من انتعاش لجسدها وروحها الذي لا يمكن – رغم تقلباته – أن يكرهه المرء، فتنظر إلى جماله الذي يزداد رويدا رويدا من بداية ظهور وروده الباكرة في أكثر الأجزاء دفئا في حديقة خالتها إلى البراعم في مزرعة عمها وعظمة الأشجار وسموقه. لقد كانت مثل هذه البيئة هي التي أضفت على روايات جين أوستن جوا منعشا من السلام والصحة والطبيعة.
وقد اعتبرت الحدائق في الروايات الفيكتورية في القرن التاسع عشر موقعا مهما ومسرحا للأحداث تعكس الانفتاح، كون المناطق داخل المنزل أنثوية تقليديًا وكان يُنظر إلى المجال العام “المفتوح” على أنه مساحة ذكورية ، لكن الحدائق الفيكتورية، باعتبارها مساحات ليست خاصة أو عامة تمامًا، تخلق منطقة حيث يمكن للرجال والنساء التفاعل على قدم المساواة.
الحديقة السرية، رواية كلاسيكية إنجليزية للكاتبة فرانسيس هودسون برنيت والتي تحكي معاناة طفلة بسبب وفاة الأب والأم وعدد من الخدم والمربيات في الهند بوباء الكوليرا وعودتها إلى وطنها إنجلترا لتعيش في كنف عمّها غريب الأطوار، وما يليها من مصاعب وتحولات عنيفة تلعب دورا أساسيا في تغير شخصية البطلة ثم يأتي دور المكان (الحديقة)، فهي تتيح لها إشباعاً حسيّاً في تنوّعه وتباينه بما يملأ الحواس ويفيض على رئة الخيال هواء نقيّا وفسحة تتسع لفضول معرفي ملحّ، فتتعامل الأحداث مع الطبيعة من خلال الحديقة كبطل لا غنى عنه يؤثّر إيجاباً في تطوّر الفعل الدرامي لرواية الحديقة السرّية.
ولو حاولنا استقراء كل النصوص التي ورد فيها رمز الحديقة لطال بنا المقام ولكن حسبنا من ذلك ما أوردناه.
وفي النهاية، الرمز عموما وسيلة إرضائية للمبدع أولا، ثم وسيلة للتحليق إلى عوالم فنية جمالية إنسانية، وعندما استخدم الأدباء والفنانون الحديقة ومتعلقاتها كرمز، فهم بلا شك استخدموها كتعبير فوق اللغة عندما كانت معاني الألفاظ ومدلولاتها عاجزة عن إيضاح رؤية الكاتب، وكلون جديد عندما كانت الألوان التي يرسم بها الرسام لوحته بعيدة عما يدور في مخيلته، فكانت الحديقة بأشجارها وأزهارها صورة محسوسة جميلة لما يريدون إيصاله إلى الآخر.