الإدارة

دليلك للنجاة من ضغط المهام

  • ليو بابوتا
  • ترجمة: أسماء أحمد
  • تحرير: فردوس سراج

إحدى أكبر المشكلات التي تواجه من أعمل معهم هي الشعور بضغط العمل والمهام الشخصية؛ فكما يتضح لنا أن حياتنا تكون ضاغطة للغاية في بعض جوانبها. فكم منّا راكم أعمال كثيرة لعدم وجود وقت كافٍ لإتمامها، ومن ذا الذي يعاني حتى يحدد ما ينبغي التركيز عليه؟ وكما يظهر أن جريان الكثير منّا للحياة واللهث ورائها ليست إلا كالسائر على الماء دونما وصول.

إذن ما الذي يمكننا فعله؟ على ما يبدو أن هنالك بعض الأفكار الفعالة للتعامل مع الضغط، بالإضافة إلى بعض الخطوات العملية التي يمكننا تنفيذها للتقليل من حدة الشعور بالضغط.

إليك فيما سيأتي دليلًك للنجاة من ضغط المهام؛ ليس لكيفية التعايش مع الحياة الضاغطة فحسب، وإنما لصنع حياة مرحة ومؤثرة. وللمفارقة قد تكون الخطوات التالية بشكل ما تمثل ضغطًا، لكن انتقِ واحدة وجربها.

الخطوة الأولى: الإسعافات الأولية

وهي أول ما ينبغي علينا فعله عند مواجهة الضغوط؛ وهي لا تعني بحال إيجاد حل نهائي، لكن ترشدنا الى ما يتعين علينا القيام به للبدء.

خطوات تطبيقها:

1-الفرز: ابدأ بوضع قائمة لسرد كل الأهداف التي ينبغي البدء بها في الحال، ثم تخير القليل منها لإنجازه وضعه في قائمة “مهام اليوم.”

2-اكسب بعض الوقت: هل بإمكانك كسب بعض الوقت بطلب تمديد وقت إضافي لبعض المهام في قائمة “مهام اليوم”، أو إعادة ترتيبها، أو تأجيلها؟

3-تخلّص: أيمكنك محو (شطب) بعض عناصر قائمتك فورا؟ أو إخبار الآخرين بعدم حاجتك لإنجاز أشياء معينة؟ أو هل تستطيع أن تعهد بها(توكيلها) لشخص؛ هل تطلب مساعدة الآخرين؟ هذا سيخفف العبء عن كاهلك.

4-ركز: تخيّر مَهمة واحدة من قائمتك اليومية وانقطع لها -هذا سيساعدك أيضّا في ازدياد معدل تركيزك-؛ لكن المغزى هنا أن تفعل شيئًا واحدًا في وقته، دون الالتفات في تلك اللحظة للمتبقي. وفي نهاية اليوم، خذ عشرين دقيقة لتفعل الآتي:

أ. أعدّ قائمة مطولة: ضع قائمة بكل ما تحتاج إنجازه؛ ولك أن تجزئها إلى: العمل، المهام الشخصية، المهام المالية، أو أي مما قد تراه أنت مناسبًا. لكن المهم أن تحرص على تجميع كل شيء في مكان واحد؛ كأن تُضيف المهام من صندوق الوارد لبريدك الإلكتروني، وخدمات الرسائل؛ وعلامات التبويب المفتوحة.. إلخ. على الأرجح ستكون القائمة مكتظة، لكن عليك تحمّلها وإنجازها.

ب. قم بوضع خطة “الغد اليومية”: تخير من القائمة المطولة -التي كتبتها في الخطوة الأولى -كومة من المهام (3-5) لتقوم بها في الغد.، لا تُطلها فإذا ما انتهيت منها لك أن تشرع في مهمتين أخريين من قائمتك الطويلة؛ كرر ذلك بنهاية كل يوم، وأعد قائمة بمهام الغد؛ لتبدأ يومك التالي مُحددًا ما ستركز جهدك عليه.

ج. لو أتيح لك وقت إضافي: تجاوز بعض مهام قائمتك المطولة؛ ليتسنَّى لك بعض الوقت لمهام أخرى، وتُفسح لنفسك متسعًا.

هذه الخطوات العملية ستساعدك كثيرّا للبدء؛ فلنتحدث الآن عن الخطوات العملية طويلة الأمد، ثم الخطوات المنهجية.

الخطوات العملية طويلة الأمد:

فيما يلي ملخص لبعض الأساليب طويلة الأمد التي توصلت لها في تبسيط حياتي العملية:

– الاستثمار اليوم لاكتساب أريحية وقتك غدًا: هل بإمكانك أن تستقطع ثلاثين دقيقة، أو ساعة إضافية للعمل على أشياء تسهل مهامك؛ أو تخفف ضغط العمل عليك؟ فمثلًا، إن كنت تمتلك شركتك الخاصة؛ اقض وقتا في تدريب بعض الأشخاص حتى توليهم بعض الأمور في مشروعك، أو وظّف شخصًا ما، أو أن تنشئ نظامًا؛ فلا تحتاج للقلق بشأنها مستقبلا. أو استخدم برنامج إلكترونيا لتسهيل مهامك؛ يمكنك العمل على تشغيل النظام بشكل سلس؛ فلا تضطر للقيام بكثير من العمل اليدوي. قضاء هذا الوقت بمثابة استثمار سيؤتي ثماره مستقبلًا بشكل ملحوظ.

–  خصّص من وقتك للأهداف الكبرى: لو كانت لديك مشاريع كبرى أو مهام مهمة تنتظر منذ مدة على قائمة مهامك، خصص لها ساعة أو اثنتين لإنجازها؛ على الأقل مرتين في الأسبوع، أو طوال أيام الأسبوع في الوضع المثالي. حدد جلسة عمل مع شخص آخر للقيام بهذا النوع من العمل المركز، ومن المؤكد أن الأمور ستسير بمنتهى السلاسة.

-أنشئ بنية زمنية محددة: إذا كان هناك المئات من الأمور الصغيرة (الصغائر) التي تبدو عشوائية وتحتاج أن توليها عناية، هل تستطيع أن تجعل لهذه المهام فترات زمنية للعمل عليها؟ على سبيل المثال بضع فترات زمنية من ثلاثين دقيقة كافية لمسح صندوق الوارد ورسائل بريدك الإلكتروني، أو بضع ساعات كل جمعة لتنجز مهامك الإدارية والمالية؛ يضمن هذا النوع من البنية الاهتمام بهذه الصغائر؛ (حتى ينصب تركيزك باقي الوقت) على أمور أولى وأكبر.

-إحداث التأثير: عندما تبدو الأشياء عشوائية وفوضوية وبلا معنى؛ كأي مهمة تمثل مجرد نفثة من دخان تذروها الرياح، فإن الطريق لبدء إحداث تأثير ذو مغزى يكمن في تنظيم مهامك؛ كمثال: ألزم نفسك بهدف تلمس أثره بعد عام من الآن، ثم رتّب مهامك طوال العام بما يلائم هذا الهدف؛ مهمة يومية تُحدث هدفًا أسبوعيًا يفضي إلى هدف شهري سيساعدك على بلوغ هدف العام، حينئذ سيكون للمهام الصغيرة تأثير كبير إذا ما اقترنت بأهداف فعّالة. سيظهر لك عدم الحاجة لإتمامها كلها اليوم؛ ولكن إنجازك لمهمة واحدة منهم كل أسبوع خير وسيلة لتخفف من الضغط على المدى البعيد.

-أخلق بؤرة تركيز في عمق الفوضى:

يمكن أن يولد ضغط العمل نقصًا في التركيز؛ فكيف ينصب تركيزك على شيء واحد، وقد تشتت بك السبل في آلاف الاتجاهات؟  يكمن التدرّب هنا لإيجاد التركيز من قلب الفوضى. ويا له من تمرينًا ممتع، تسير فيه الأمور على النحو التالي:

  1. انتق مهمة واحدة؛ لا يهم حقًا أيها ستختار، ولكن اختر واحدة من قائمتك اليومية واعزم على فعلها من 20-30 دقيقة.
  2. تخلّص من أي شواغل أخرى.
  3. أَولِ كامل تركيزك لهذه المهمة؛ كما لو أنه لا يوجد سواها في العالم.
  4. نل قسطًا من الراحة، ثم كرّر ذلك.

أحبّ أن أشبّه هذا التمرين بالتركيز على أخذ نفس واحد أثناء ممارسة التأمل؛ تتنفس عدد هائل من المرات على مدار حياتك، لكنك لا تستطيع أن تأخذ أكثر من نفس واحد في كل مرة.
لذا خذ نفسًا واحدًا لكن بعمق؛ فكل ما يتوفر الآن هو نفس واحد، أما البقية فتأتي في حينها.

في نهاية المحطة: نقلة في التصور (تحوّل التفكير) لتغيير الضغط

وأخيرًا ماذا لو كان بإمكاننا تحويل الضغط إلى شيءٍ أقوى؟

هذه النقلة يمكن أن نحوّلها لممارسة يومية حتى لا يمثّل الضغط مشكلة كبيرة علينا؛ وإنما يصبح فرصة لخلق (اكتشاف) جوّ من اللعب والمرح وحبّ المعرفة. يمكن التحوّل في الصلة بالمهام الثقيلة؛ فشعورنا بالضغط الشديد لقاء بعض المهام ما هو إلا لأننا نراها كعبء، أو كفرصة لإفشال الآخرين وإسقاطهم وإظهارهم بمظهر البلهاء أو ما شابه ذلك. إن نظَرنا لمهامنا بهذا الشكل، فكلما ازدادت مهامنا التي كُلّفنا بها، ازدادت الأمور عبئًا وإرهاقًا؛ فوجود مهمتين اثنتين ليس شيئًا سيئًا بذاته، إنما وجود مئة احتمالية للفشل هو ما يرهق للغاية.

عِوضّا عن ذلك، ماذا لو رأينا المهام كفرصة للتدرّب على التركيز، وحضور الذهن؛ وفرصة لإضفاء، وتحقيق قيمة؛ وفرصة للعب، وحبّ الاستكشاف؛ ومكان لإيجاد المرح، والخبرة العميقة. إن أبصرنا مهامنا بهذه الطريقة فبمزيد منها تتضح الرؤية أكثر من ذي قبل.

ها هنا ملخّص طريقة التدريب:

  1. انتبه لوقت شعورك بضغط المهام ورغبتك في التسويف، ثم سلْ نفسك عن ماهية نظرتك للمهام التي تسببت في هذا النوع من الشعور.
  2. تخيّر رؤية جديدة للمهام؛ كواحدة من الأفكار التي اقترحتها أعلاه. كيف سيكون شعورك لو نظرت إلى مهامك بهذه الطريقة بدلًا من هذا؟
  3. 3. جرّب رؤية المهام بهذه الطريقة، وانظر كيف ستسير الأمور؟ تدرّب على ذلك كلما سنحت لك الفرصة؛ لتبدأ ببطء في تغيير صلتك بالمهام، ونظرتك المعهودة لها.
  4. في حين انتابك الشعور بالضغط مرة أخرى، فلا توجد مشكلة. فقط ذكّر نفسك برؤيتك الجديدة، ومارس هذه الطريقة.

أخيرًا أي يوم ممتع ستحظى به إذا نظرت لمهامك على أنها فرصة للعب والبهجة والمغامرة! وأي يوم جميل ستمتلكه إذا رأيتها كطريقة للنفع بكل حبّ وتركيز. فهل تودّ أن تعيد نظرتك للمهام؛ لتستعيد حياتك من جديد؟ اترك الإجابة لك.

المصدر
zenhabits

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى