- اسم الكتاب: المعلقات لجيل الألفية
- اسم المؤلف: مجموعة مؤلفين
- الناشر: مركز الملك عبدالعزيز الثقافي (إثراء).
- عدد الصفحات: 489 صفحة.
الوصف بالذكاء وصف رائج في هذا العصر، وموجّه غالبًا للأجيال الناشئة، ودارج للتسويق الجاذب للأجيال المتقدمة عنهم، فالمدن ذكيّة، والمنازل ذكيّة، والهواتف ذكيّة، والبطاقات ذكيّة، بل وصفوا نمطًا من الحياة بالحياة الذكيّة..
كتاب (المعلّقات لجيل الألفية) يناسبه هذا الوصف؛ فالشروح للمعلّقات قُدّمت بطريقة ذكيّة، في شروحٍ اختلفت -على ائتلاف- مع الشروح السابقة الوافرة للمعلقات.
أوضح ذلك الاختلاف يتمثّل في الترجمة المصاحبة للشروح، كأنّ الثقافتين العربية والغربية في صحبة واحدة في كل صفحة، بنقوش الجسر الرابط بين الصفحتين المتقابلتين، بين الزمانين، بين الجيلين.
ومن ذلك الاختلاف تضافر الطاقات لشروح المعلقات العشر، في موضوع محبّب لهم جميعًا، فتوافق الإيقاع وتأنّقت الخطى، وظهر الكتاب مثل “شذرات من خطاب في العشق” المفصّل المعنون، وكل عاشق للنص يقدّم رحيق الرحيق من خبرته به، فهم الشُرّاح العشّاق للمشروح.
ثم العديد من العوالم الموازية للجماليات في المتن، كانت الشروح رشيقة متخفّفة من حمولات التراكم العلمي والنقدي حول المعلقات، هذا التخفف جاء في بعض المعاني المُشكِلة كالرقص على المياه -لا الأسنّة-، فالشارح يقدّم المعنى بتقدير له وتعاطف، ومهارة وحذق دون أن يغور ويتعمق، ودون أن يتجاهل ويتجاوز.
ملامح أولى:
يبدأ الكتاب بتعريف بأعضاء المشروع على الجانبين العربي والإنجليزي، ثم مقدمة الناشر، وما يشبه التقديم الثاني عن “المعلقات في حضورها الدائم” للدكتور محمد أمين أبو المكارم نائب رئيس تحرير مجلة القافلة، وما يشبه التقديم الثالث عن حكاية الكتاب وطريقته والإضافة، قدّمها الدكتور حاتم الزهراني مشرف المحتوى والتواصل الدولي، وعرّف بالكتاب حيث: “تتقاسم اللغتان بهجة تأويل هذه النصوص الخالدة”، مع الإشارة إلى هدفٍ جليل: “إعادة الحياة لتقليد شرح الشعر العربي عبر الدعوة إلى الاحتكاك به بشكل مباشر بعد عقود طويلة من سيطرة النظرية على ممارسات القراءة الأدبية”.
ثم جاءت شروح المعلقات العشر، شرح د/ سامي العجلان معلقة امرئ القيس ومعلقة طرفة، وشرح د/ عبدالله الرشيد معلقة عنترة ومعلقة زهير، وشرح د/ صالح الزهراني معلقات: الحارث بن حلزة وعمرو بن كلثوم وعبيد بن الأبرص والنابغة الذبياني، وشرح د/ عدي الحربش معلقة لبيد ومعلقة الأعشى.
ويسبق كل معلقة نبذة عن الشاعر، وتقديم للمعلقة ومنزلتها وأبرز الظواهر الفنية فيها. ثم تقدّم القصائد في لوحات معنونة، بحسب ما يرى الشارح من انتظام أفكارها، وفي الهامش المجاور توضيح لبعض مفرداتها أو تعليق على ما فيها.
وسيلحظ القارئ التفاوت النسبي كمّيًا، بين شروح المعلقات نفسها من معلقة إلى أخرى، أو بين اللوحات وعدد أبياتها، فبعضها يطول الوقوف أمامه، والآخر يمرّ الشارح سريعًا على المعنى العام للوحة.
إلى جيل الألفية:
يستهدف الكتابُ جيلَ الألفية، بتقديمه الشروح بلغةٍ جاذبةٍ ومقرِّبة، تتسلل بين صفحاتها -بتفاوت- صور الحاضر المعاصر، وما يعرفه القارئ الجديد من سمات الحضارة الحديثة، فيتكشّف له أن الإنسان هو الإنسان، وهمومه هي هي، وانتصاراته هي هي، وانكساراته لا تختلف كثيرًا، وأسئلته الكبرى ما زالت قائمة.
ولكنه يلتفت للقارئ الخبير، فيقدّم إضافة أدبية ونقدية للخبرات السابقة حول المعلقات، وهذا ما نصت عليه حكاية الكتاب: “التقريب للقارئ المتخصص أساسيّة وحاسمة في القرارات التي أدت إلى ظهور هذا العمل بشكله الحاليّ، خصوصًا في أسلوبه، إلا أننا أيضًا أردنا للعمل أن يحقّق وظيفة مرجعية للمتخصص، …، بأسلوب يشعّ حيويةً تشبه حيوية المعلقات نفسها”.
إلى القارئ الخبير:
حفل الكتاب بالعديد من الرؤى النقدية، التي تضيف مزيد فوائد للقارئ الذي ألِف المعلقات وشروحها، منها ما هو مستقى من المدونات النقدية التي اعتنت بالمعلقات، ومنها ما هو ومضة رأي الشارح، تلك الومضة التي تكتسب ألقها وديمومتها من عمق انبثاقها النقدي.
من تلك الرؤى: ما يمثّله المكان في معلقة امرئ القيس، في آخرها خصوصًا، وما تمثّله ناقة طرفة في معلقته من أنها “معادل موضوعي لكل رغبات طرفة غير المحققة، وآماله العريضة في الحياة المتخيلة التي أراد أن يحياها”، أو الإشارة إلى الرأي النقدي المعاصر حول تفكك معلقة طرفة، وأن بعض تلك الآراء “عجز عن إدراك أسلوب التمثيلات الرمزية المتنوعة للمعنى الكلّي المهيمن على أجواء القصيدة”.
ومن تلك الرؤى حول رأي الشُرّاح السابقين أنّ لبيدًا يخاطب عدوًّا في آخر معلقته، وهذا ما يتنافى مع “الخطاب الذاتي وكأنه يعزّي نفسه، فالخطاب الذاتي أكثر اتّساقًا وأحسن ملاءمة لما قبله من خطاب الأعداء”، أو الرد على أن معلقة عمرو بن كلثوم كانت قصيدتين فجُمعتا في قصيدة واحدة وأن الدلائل تاريخية وأدبية لدحض ذلك الرأي.
وهذه الأفكار وأمثالها تمثّل اتجاه (نقد النقد) الواضح في تلك الشروح.
ومن الإضافات الفنية ربط مقاطع المعلقات بمطالعها، في رؤية نقدية تتوافق مع الرأي بالوحدة الفنية في المعلقات. وكذلك تحليل الظواهر اللغوية الكبرى في المعلقة وإن كانت في سياقٍ شارحٍ فقط، كغلبة الأفعال في معلقة عمرو بن كلثوم بما يوحي بفورة الغارات، وحركيتها، أو دلالات الالتفات بين الضمائر في اللوحة الشعرية الواحدة، بإيحاء “التحول من حال إلى حال”.
ومن الإضافات المميزة جهد التحقيق الكبير، الذي يُشار إليه في مواضع عديدة في الكتاب، في مثل مراجعات الشرّاح لبعض ما يختلفون معه من رأي سائد، أو الترجيح بين روايتين للبيت الواحد، أو استبعاد أبيات وإبقاء أخرى مع التبرير العلمي لما يتخذه الشارح من رأي.
والرؤية النقدية تأتي أحيانًا متعمّقة رأسيًا، وعابرة باتساع أفقيًا، وذلك يتجلّى في رؤية الشرّاح للنص وأثره في اللاحق له، والامتداد الأفقي بتقاربه مع ما ابتعد عنه ثقافيًا ولغويًا. فمن الأول، على سبيل المثال، صورة حنين الناقة في معلقة طرفة المترددة عند الشعراء من بعده: “وستبقى هذه الصورة الشجية للنوق المتجاوبة بالحنين الباكي على حُوار الناقة الصريع تتردد في مدارج الشعر، …، (أبكت البزلَ أجمعا)”، وقَصّ آخر لأثرِ طرفة، عن تأملات ساعة اللهو: “كأنما يرسم طرفة بهذه المجادلة الخمرية الخطوط الأولى لنهجٍ شعري خاص، الخمريات التأملية في معاني الحياة وسؤال المصير والفناء، وسيتطور هذا النهج الشعري بعد ذلك عند اللاحقين كأبي نواس وعمر الخيام”.. ومن شرح معلقة زهير: “وضع زهير بذرة الفكرة التي التقطها المتنبي (لولا المشقة ساد الناس كلهم)”، ومن الثاني بناء الجسور مع الأدب العالمي.
أسئلة عالقة:
أبرزت بعض الشروح الأسئلة العريضة التي علّقتها المعلقات، الأفكار الإنسانية الكبرى، مثل: سؤال الشعر عند عنترة، وسؤال الحرية عند عمرو بن كلثوم، وسؤال الموت والحياة في أكثر من معلقة، أسئلة الوجود الملحّة، فتكثيف الضوء على تلك الأسئلة جدير بأن يمنح نظرة جديدة لقارئ المعلقات، وعمقها الإنساني، وأن يراجع الفكرة السائدة عن (بساطة) الفكر عند الشاعر الجاهلي، على سبيل المثال يأتي هذا الرأي حول الحكمة المباشرة في معلقة زهير: “وقد يصف بعض المتلقين حِكَمَ زهير بالسذاجة والسطحية، وهو بهذا يَغفُل عن أن السذاجة قد تكون هي أعظم ما يفخر به الشاعر أحيانًا، في تلك المقامات الموغلة في البُعد، المقامات التي تستدعي وضوحًا وشدّةَ تأثيرٍ في عامة متلقي معلقته، ولو قورنت حِكَمُه بما ورد في بعض المسرحيات الإغريقية وحكم (إيسوب) اليوناني لقاربتها فنيًا، ولو جُمِعت مع بعض حكم (لافونتين) الفرنسي لاستبان أن فهم المتلقي والتأثير السريع فيه كان غاية مشتركة بينهم جميعًا”.
جسور التجارب الإنسانية:
لم يكن الاقتباس الأخير السابق هو الوحيد في الكتاب الذي يقارب المعلقات بما يشبهها في الأدب العالمي، ويتفاوت هذا الربط ومدّ تلك الجسور قوّة وضعفًا بحسب الاستدعاء وعفويته أو تكلّفه.
وكان من محاسن الكتاب ذلك الربط لولا سطرٌ (مقلق) في حكاية الكتاب في الصفحات الأولى، أوحى بأن ذلك الربط بين الآداب ضمن الآلية، أو متعمد كإجراء منتظم في شرح المعلقات، وهو ما وُصف بأنه من أوجه تقريب المعلقات عبر الشروح: “إبراز أبعاد المحلية والعالمية والمعاصرة في المعلقة؛…، والثانية عبر ربط قصص شعراء المعلقات وشخصياتها بآداب أخرى مما يشير إلى عالمية النصوص الأدبية الخالدة”، والقارئ قد يميّز بين الربط الذي يأتي بجذب قوي بين التجارب الإنسانية والأدبية المتباعدة، وبين الربط الذي يأتي باعتساف وتقنين وبجسرٍ خشبيٍ مهتزّ ليستوفي الآلية المتفق عليها.
من الربط المدهش الجميل: استدعاء مسرحية شكسبير حلم ليلة صيف في شرح بيت الأعشى، و”كرنفال” العشاق، وفوضى العاشق والمعشوق، وكيف “حقّق الأعشى في بيت واحد ما اجترحه شكسبير في مسرحية كاملة”!
المرأة والمعلقات:
من الإضاءات الجميلة التي قدّمها الكتاب التقاط صورة من زاوية مختلفة للمرأة في المعلقات، التي اقتنع القارئ -أو كاد- بصورتها النمطية كمقدمة للقصائد، أو بوصفها اسمًا ليس إلا للمطالع، أو تلك الصورة الحسّية المألوفة في الأبيات صريحة الحديث عن المرأة.
وأقول زاوية التقاط جديدة وليس تحديثًا للصورة، فالتحديث يعني إعمال آلة حديثة لتلوين الصورة القديمة، لكن الذي كُتِب كان عنها كما هي، من زاوية أخرى، المرأة في معلقة طرفة كان حضورها ظاهريًا، “فخلت المعلقة من شجن النسيب”؛ لأن طرفة “مشغول بالموت”، لكن ابنة أخيه تقترب منه في الأنفاس الأخيرة..
ومع لبيد يطول الحديث عن نوار في معانٍ يتضارب الرواة في نقلها، فكان لبس المعنى انعكاس “لوقوف الشاعر في منطقة رمادية من ذاكرته”، أما عمرو بن كلثوم فالمرأة حاضرة في الحرب لا للتقليد الشعري وحسب، “بل جعلها مصدرًا من مصادر قوة الحياة، والنسب، والفروسية، وأبّهة الجمال”.
أما في “أنشودة السلام” معلقة زهير، فأمّ أوفى “رمز للمرأة بوصفها هي التي تكمّل حياة الرجل، والدليل أن بعض الشعراء يذكر في القصيدة الواحدة أسماء بضع نساء”، ووقوف أمام “الفارس العاشق” عنترة، وحديث عذب عن الثنائيات التي يُظنّ تناقضها: شدّة البأس وشدة الرقّة، الفتك بالعدو والضعف تجاه الجمال والارتماء عنده، ويقارب هذا بسيرة (سيرانو دي برجراك)، على أن أبا فراس الحمداني أقرب الشعراء إلى عنترة، في هذه الثنائيات، وفي عموم شعره المطبوع على الصبر والجلَد، المنافح عن الجماعة، حتى في خطابه اللغوية كقوله “يا ابنة العمّ”، فالمرأة عندهما ليست اسمًا، ولا حضورها ظاهريًا.
اجتماع وتفرّد:
لا يملك القارئ إلا أن يقارن لا إراديًا بين الشروح، ويحدد ميزة كلّ منها -وفي كلٍّ منها ما يميزه-، اجتمعت في الخطوط العريضة: طريقة الشرح، التخفّف من الشروح الوافرة السابقة، التقريب إلى هموم العصر وأسئلة القارئ من جيل الألفية وهمومه الإنسانية الكبرى، كل شرح تحقق فيه ذلك، ولكن من “حكاية الكتاب” أنها تُركت مساحة من الحرية خاصة بكل شارح”، ويمكن تأمل الفروق بين الأساليب، وتحسّس المعلقة الأقرب للشارح بين معلقتين شرحهما أو أكثر، تلك التي تغلغل فيها شرحه، وتأمل ما لا تقوله الأسطر من امتزاج الشارح بالنص، أو تقديمه متمايزا معه غير ذائب فيه، بعض تأملات الشرّاح كانت تأملات نقّاد، وبعضها نفثات مصدور، وبعضها الآخر كان عزفًا منفردًا لناي فنان أثناء صمت الفرقة.
وتفرّد بارز، هو انفراد قاصّ بين شعراء ونقاد، معلقة لبيد ومعلقة الأعشى قُدّمتا بأسلوب سرديّ، لا يقدّم ذاك الشرح إلا قاص أو مخرج سينمائي، من ذلك العناية بتفاصيل المشاهد وحركتها كما تُعاش ويُشعر بها، فالنفَس القصصي يتماهى مع شرح الشعر، يظهر ذلك في شرح معلقة لبيد وحيواناتها “المسكينة”! واللوحات التي “يجدر أن تُرسم وتمثَّل” معتلية ناقة المجاز ، صاعدةً المشارف، مؤكدة “تشابه الصراع بين عالم الإنسان والحيوان”.
ومن حضور نفَس القاص الغالب على شارح الشعر عنايته بالفضاء الزماني والمكاني في معلقة الأعشى، “فزمن الأعشى راهنٌ أبدًا، والجزع الذي يعتريه حذرَ الفراق لا جرّاءه”!، ورائحة الروضة التي تضاحك الشمس، ويفوح شذاها، “ولا شيء أعمل بالخيال من الرائحة”، وأكثر من ذلك أن يقف على رصيف نقد النقد بأدوات القاصّ: “ومقابل ما يعيبه النقاد من (شاوٍ مشلٍ شلولٍ…) لكنه يبتسم والأعشى يلهو بالحروف كالفقاقيع تتفجر في رأسه”.. وهذه الصورة لن تخطر إلا لقاصّ.
والشاهد الأجمل على أثر القاصّ في الشارح أن تقريبه كان مكانيًا كما يفعل الروائي وهو يذكر وصف الشوارع ومعالم المدن ليجذب قارئه إلى بلاد عجائبه مع الأسطر، يقول في لوحة “في ربوع دُرنا” بهذا العنوان الذي يستدعي الحنين عند القارئ من جيل الألفية وما قبلها، ويمعن في وصف روائي للمكان -وهو يشرح- أين أمطرت السحابة التي خايلها الأعشى، على أحياء الرياض الحديثة، نمار ولبن والسلي والبطحاء والمغرزات، من وادي حنيفة إلى نفود بنبان، يقول: “ما نزل المطر مرة في الرياض إلا تخيلت الأعشى جالسًا في درنا فتجري على لساني تلك الأسماء الرائعة التي سمّاها منذ أكثر من ألف سنة،…، إنها تعويذة سحريّة -هذا الشعر-! تنتقل عبر الأزمنة والأمكنة لتزرع في نفوس حافظيها حبَّ الديارِ والوطن”..
فأيّ تقريب للمعلقات أقرب أو أجمل أو أندى من هذا!
أدبية الشروح:
أو أدبنتها أو تأديبها، فيخرج الشرح نصًا إبداعيًا ثانيًا، ولن تخطئ عين القارئ أمثلة تلك الأدبية، منها:
-“هكذا يفتتح امرؤ القيس معلّقته بلوحةٍ تحمل بذور الارتياب في العالم منذ نقراتها الأولى على إيقاع الحنين”.
-“لقد ظل امرؤ القيس يقول فيها: كأنّ..كأنَّ..كأنَّ..وكأنَّه يُلقي نظراته الأخيرة إلى الوجود، متشبثًا بكل صورة يراها تنبض بالحياة أمامه، وكأنّها قارب نجاة من الفناء المحقَّق”.
– “أتكون الناقةُ (ناقة طرفة) إذن هي رمز فتوّته اليانعة وصباه المتدفق الذي يجود عليه باقتحام الشدائد، ومقارعة الأهوال، والاستهانة بالموت في مقتبل العمر وشرخ الشباب!”.
الشعور بالانتماء والعطاء (في معلقة عبيد بن الأبرص) “هذا الشعور الإنساني النبيل الذي يكشف حقيقة الحياة، ويُقلّم أظافر الوحش الكامن في داخل كلٍّ منّا”!
وأوضح دليل على تلك الأدبية الأخاذة عناوين اللوحات، التي تتجلى فيها ميول الشارح ومفرداته القريبة من فكره وبنانه ولسانه.
وهذا الكتاب يتجاوز أفق التوقع -ولا يكسره فقط- بكل تلك الطاقات المتضافرة، وينبغي لتنمو دوحته والمشروعات المجاورة له أن يتحقق فيه ما قيل في حكايته: إن قراءة المعلقات وشرحها “تجربة تعلِّم التواضع، كما تطوّر مهارة الإصغاء بعناية على أملٍ بقراءة نعرف أنها لن تكون مُرضيَة أو كاملة أبدًأ”، فهو كما وصفوه دعوة، وفتح للباب الذي يستبشر به عشاق الأدب العربي خيرًا.
تلك الشروح تثبت حيوية القراءة والتحليل، وأن النصوص الجميلة يزيدها امتداد العمر نضارة ورواء، وأنّ القراءات المتعددة والشروح المتجددة للشعر الخالد لا تجف ولا تتحجّر، بل تستعيد السؤال: “هل غادر (القرّاء) من متردّم”؟!
اقرأ ايضًا: ست فوائد لدراسة علم البلاغة تجعلك مولعًا بها..!