- محمد فاضل بلمومن
بيانات الكتاب:
- العنوان: الإنجليزية.. كيف أتعلمها؟ منهجية مبتكرة وخُطوات جبّارة لإدارة تعلّمك الذاتي.
- المؤلف: د. عبد الله سعيد الشهري.
- دار النشر: الإبداع الفكري.
- سنة النشر: 2017م.
عدد الصفحات: 134.
لطالما تعوّدنا على الدكتور عبد الله يكتب في المواضيع العقدية والفكرية والفلسفية؛ من الإلحاد إلى فلسفة العلم إلى الدين إلى علم الاجتماع إلى الثقافة؛ لكن هذه المرة معنا كتاب له أيضاً عن تكوين مهاري بحت، إنه عن تعلم اللغة الإنجليزية!
حسناً، هذا الكتاب وكما هو مكتوب في ظهره الخارجي: “ليس عن تعلّم اللغة الإنجليزية، فهناك كُتب كثيرة جداً تهتم بذلك، وإنما عن تعلّمكَ نفسه كيف ينبغي أن يكون”. فهو كتاب منهجي بالدرجة الأولى يُركّز على تزويدك بالمحرّك والوقود ثم أنت من عليك سلوك طريق التعلّم بمفردك بعد ذلك.
تقاسيم الكتاب:
يبدأ المؤلف في الفصل الأول من الكتاب برجّ القارئ ووضعه أمام بعض الحقائق المزعجة والمنهجيات الخاطئة في تعلّم اللغة الإنجليزية، من الدوافع والأعذار وفوضى التعلّم؛ مثل ما أهمية اللغة الإنجليزية؟ وهل أريد حقاً تعلّمها؟ وليس لدي الوقت لذلك، وكيف أتعلّمها؟ ولماذا أتعلّمها أصلاً؟ بالإضافة إلى الإصرار على بعض المنهجيات الفاشلة في تعلم اللغات والتي غسلها الزمن لكنها مازالت على قيد الحياة وسارية المفعول للأسف؛ كالاقتصار على ضبط القواعد وحفظ الكلمات مثلاً..
ثم يُنبّه المؤلف إلى موضوعٍ مهم من أنّ اللغة الإنجليزية هي إنجليزيات، وليست مهارة واحدةً بل مهارات، فكثير من الناس يتصوّر أنّ الإنجليزية شيء واحد ومهارةٌ واحدة ثم يصطدمون بإنجليزية تخصصية وتقنية وفنية، وبمهارات أربع من القراءة والكتابة والاستماع والمحادثة؛ فيتفاجأ المتعلّم بمقالٍ صعب لا يفهمه، أو أنه يفهم كل شيء حين يستمع لكنه لا يقدر على الكلام أو العكس، وهذا من شأنه إرباك المتعلّم وإصابته بالإحباط، والواقع أنه لم يُنمِّ فقط تلك المهارة وأنه لم يدرس فقط ذلك النوع من الإنجليزية.
بل إن هناك ما يُسمى بـ “الإنجليزية الحقيقية” أو “The Real English” وهي اللغة الإنجليزية في صورتها الشعبية في الشارع، التي يتكلمها الأمريكيون أو البريطانيون أو الأستراليون في حياتهم اليومية وهي نوع من الإنجليزيات التي تحتاج إلى تعلمٍ واكتساب؛ فيُمكن مثلاً لشخص ما أن يقرأ كتابا باللغة الإنجليزية الأكاديمية وأن يفهمه على نحوٍ دقيق؛ لكن نفس الشخص إذا سافر إلى أمريكا وجلس في أحد مقاهيها يُنصتُ إلى دردشة الناس فإنه لن يفهم جملة واحدةً على الأرجح!
ثم يشرع المؤلف في تقديم بعض المفاتيح الذهبية لتحسين مهارة التحدّث والاستماع بصفتهما أكثر مهارتين مطلوبتين لغالب متعلمي اللغات؛ حيث أكّد على ضرورة التركيز على الانسيابية في بداية التعلّم وعدم الالتفاتِ كثيراً إلى النطق والدقة ومخارج الحروف ومحاولة التحدّث كأصحاب اللغة تماماً. ثم ذكر أهمّ مفتاحين على الإطلاق في رأيي، وهما مفتاح الاستماع إلى اللغة المراد تعلّمها وإدمان ذلك، والمفتاح الآخر هو التكرار، إنهما أهم مفتاحين للدخول على أي لغة فهما يصبّان في مبدأ “التعرّض للغة” فبقدر ما تتعرّض للغة وتعرّض نفسك وسمعك لها ترسخُ وتبدأ بالتموضع داخلك، والاستماع مهارة ليست بالسهلة وليست كأي استماع؛ فأنت تدقّق فيما تستمع وتفكّر في عملية الاستماع ذاتها وفي كيفية عمل اللغة، فالاستماع عملٌ شاقّ لكنها طريقة خطيرة النتائج.
الفصل الثاني:
وفيه يتطرّق المؤلف لبعض العوائق المتوهّمة، من قبيل تقدم السنّ وتعلم لغة جديدة، الخوف من الخطأ والغلط أثناء التحدّث باللغة الجديدة أمام الآخرين، ضرورة السفر لتعلم لغة جديدة، ثم يذكر وهم السنّ وأنه ليس عائقاً بل قد يكون عاملاً مساعداً في تعلم لغة جديدة نظراً للخبرات التي يكتسبها المرء خلال عمره الطويل، بل ومن النماذج التي أستحضرها الآن نموذج “ستيف كوفمان” وهو رجل كندي الجنسية في السبعينيات من عمره وقد تعلم أكثر من عشرين لغة، وهو يتعلم حاليًا العربية والفارسية والتركية!
وأما الخوف من الخطأ أمام الآخرين فهو أمرٌ نادر ووهمٌ غير واقعي؛ بل إنّ غالب الأجانب يُركّزون على التواصل وليس على اللغة وجودتها. وكذلك لم يعد السفر إلى الخارج ضرورة لتعلم اللغات مع هذا التدفق المعلوماتي والتكنولوجي الرهيب.
الفصل الثالث:
وفيه نقل المؤلف بعض خبرات المتخصصين في مجال تعلّم اللغات، وجاء بخطوات مبدئية للانطلاق في تعلّم اللغة الإنجليزية[1]، ومما استوقفني في الصفحة 103 قضية في غاية الأهمية وهي أن تقرأ في مستواك وأن تقرأ ما يُعجبك! فلا تقرأ في مستويات صعبة وإن كانت موضوعاتها تُهمّك؛ لأنك ستشعر بالإحباط، ولا تقرأ في أشياء لا تُهمّك وهي في مستواك؛ لأنك ستفقدُ الدافع على المواصلة وتشعر بالملل.. فدائماً اختر من المقروء ما يُعجبك وما يكون بنسبة 5% من كلماته غير مفهومة في الصفحة الواحدة.
ثم يختم المؤلف الكتاب بتجارب حية انطلقت في رحلة التعلم وأدركت النهايات، والكتاب كثير الفوائد والتفاصيل المركّزة، وهو يستحقّ الاقتناء والقراءة لمتعلمي اللغة الإنجليزية ولغيرها من اللغات أيضاً، والكتاب جميل التصميم والإخراج ويحفّزك على القراءة دون أن تشعر..
والحمد لله رب العالمين.
اقرأ ايضاً: مهارات دراسية للمبتدئين في اللغة الإنجليزية
الهامش:
[1] من التطبيقات التي نصح المؤلف باستعمالها تطبيق Babbel وهو تطبيق مشهور وممتاز؛ إلا أنه لا يوفر تعلم اللغة الإنجليزية من العربية ولا من الإنجليزية وإنما يُعلّمها من لغات أوروبية أخرى، فوجب التنويه.