عام

الهشاشة النفسية

(ماهيتها ومظاهرها وأسبابها ودور الفكر التربوي الإسلامي في مواجهتها رؤية موضوعية)

  • يارا المحيميد
  • تحرير: رنا داود

الهشاشة النفسيّة في الاصطلاح وظروف النشأة:

يعد مصطلح الهشاشة النفسيّة مصطلحًا حديثًا في العالم العربيّ والإسلاميّ، فكان أوّل من تحدّث عنه؛ الدّكتور إسماعيل عرفه في كتابه “الهشاشة النفسيّة: لماذا أصبحنا أضعف وأكثر عُرضةً للكسر؟”، وهو من مؤلفات مركز دلائل ضمن (سلسلة أطروحات فكرية -٢٣)، حيث أرَّخ عَرَفَه (٢٠٢٠، ١٨-٢٠-٢١) لبدايات الهشاشة النفسيّة لما بعد عام ٢٠١٧م، حيث ذكر أنها ظاهرةً حديثةً في العالم العربيّ، ولم تلقَ اهتمامًا كافٍ من قِبَلِ الدّارسين هناك؛ مما جعل المؤلف يعتمد على الدّراسات الأجنبيّة، ثم لاحظ أن السّياق الثقافيّ والاجتماعيّ للدّراسات الأجنبيّة لا يتّسقُ مع طبيعة الظاهرة في العالم العربيّ، فارتأى إلى دراسةِ ظاهرة الهشاشة النفسيّة للأجيال العربيّة الحديثة، مع الاستفادة ممّا طُرِحَ في الدّراسات الأجنبيّة، وقد عَرَّفَ عَرَفَه (٢٠٢٠، ١٨) الهشاشة النفسيّة بمفهومٍ واسع، فهي: تمحور الفرد حول ذاته، والعمل على تطوير نفسه، والتركيز على بناء شخصيّته، وكلُّ ما من شأنه الانهماك في فلك حياته الشخصيّة، وتلاشي الاهتمام بالقضايا الإسلاميّة والعلميّة والحركيّة والفكريّة، وغيابُ معاني النِّضال الحقوقيّ والصراع الطبقيّ والتدافع الأُمَمِيّ.

 

الهشاشة النفسيّة في المظاهر وكيفيّة قراءتها:

عندما نتحدث عن الهشاشة النفسيّة، فإننا نكون بحاجة إلى تحديد المظاهر التي نستقي من خلالها وجود هذه الظاهرة، فمن أول هذه المظاهر ما أشار له Leung (201-،p1) تحت مسمى: “تضخيم الألم pain catastrophizingوقصد بها مجموعة الإدراكات والعواطف السلبيّة المُبالَغ بها والتي يمارسها الفرد، وتعطي صورةً مضخّمةً عن الألم، بخلاف ما هي على أرض الواقع. وحين نطبّق ذلك على أرض الواقع فإننا نجد تفاوتًا بين الحدث وردِّ الفعل لدى الناشئة؛ كالحزن الذي يظهر عند رفض الأباء لشراء التقنيّة الباهظة لأبنائهم، أو حزن الفتاة عن رفض الخروج مع صديقاتها، وكذلك الشّعور بالظلم المُبالَغِ من قِبَلِ الطلاب من معلميهم أو من مدير المدرسة في عملية التوجيه والتأديب.

أما عن ثاني هذه المظاهر والذي أشار له “عَرَفَه” (٣٦،٢٠٢٠) تحت مسمى (شعور الاستحقاق Entitlement Feeling)؛ وعَنَى بها التفرُّد الذي يشعر به الفرد الناشئ، وامتلائه بحس التميُّز والرِّيادة، بالإضافة إلى التوقعات العاليّة التي ينتظرها من أفراد المجتمع، والحفاوة به وبأفكاره. ومن المشاهدات لذلك؛ تصدُّر الأطفال للحديثِ في المجالس التي تضمُّ أفرادًا أكبرَ سنًا، أو 6 الغضب الذي يملئ بعض الشّباب نتيجةَ عدم حصوله على فرصة عملٍ رغم ضعف مؤهلاته العلميّة، أو الرّغبة السّريعة بالثراء دون المرور بالمتاعب، والتدرج في العمل التجاريّ.

وثالث هذه المظاهر ما أشار له Kiley”(1983،10)” تحت مسمى (متلازمة بيتر بان peter pan syndrome)؛ وقصد به الرِّجال الذين لم يكبروا بعد؛ بمعنى أنهم شباب نشأوا دون أن تكون لديهم رغبة في النُّضج، فهم لا يتحمَّلون المسؤوليات ولا الضُّغوطات؛ مما يجعلهم أطفالًا ولكن بأجسادٍ كبيرة. ومن مظاهرها اعتبارُ سنوات العشرينات بالنسبة للشّباب سنّ نموٍ وليس اكتمال؛ كالاعتماد على الأهل في المعيشة اليوميّة، وأخذ المال من الأب، وعدم صلاحية الشاب للزّواج.

أما عن رابع هذه المظاهر ما أشار له “باومان” (٢٠٠٣/٢٠١٦، ١٣) تحت تعبير (إهمال التّاريخ والغرقِ في التفاصيل)؛ وعنى به سعي الفرد إلى أن يحقِّقَ ذاته على المستوى اليوميّ؛ كأن يهتمّ بالرِّياضة والفنون والعمل وكل ما من شأنه الارتقاء بمستوى حياته وتحقيق أكبرِ قدرٍ من المتعة، في مقابل إهمال كل أمرٍ يندرج خارج ذاته؛ كالشّأن المجتمعيّ والدّينيّ والسّياسيّ والحضاريّ. ومن المظاهر الشائعة أيضًا؛ الاهتمام بالموضة والصّحة ووسائل التّرفيه، وغياب جذوة الحرارة المشاعريّة إزاء القضايا الكبرى للمجتمع والأمَّة؛ كقضيّة فلسطين، والإساءات لشخصيّة الرّسول ﷺ، والجهدِ المبذول في نصرة أمَّةٍ مسلمةٍ مُستضعَفة.

وخامس هذه المظاهر للهشاشة النفسية ما حدَّدته “براون” (٢٠١٤/٢٠١٥، ١٦-١٧) وهو تحوُّر (مفهوم التَّعاطف)؛ فيشيع عن التّعاطف فكرة أن تكون أكثر لطفًا مع صاحب المعاناة أو مع المخطئ دون مساءلة، وأشارت إلى التشوُّه الذي أصاب مفهوم التّعاطف من حيث غياب اقتران التّعاطف بالحدود؛ إذ إنّ التّعاطف الحقَّ هو الذي لا يُقرِّع الأفراد ويلومهم، بل يساعدهم على تحمُّل مسؤوليّة سلوكياتِهم وتصحيح أخطائهم. ونرى هذا التّعاطف اليوم يمتدُّ لقضايا محسومةٍ في القانون الإسلاميّ؛ كالرِّدة والرَّجم والشُّذوذ، فنشأ توجّه يستنبذُ الحدود نتيجةً لتحوِّر المفهوم.

 

الهشاشة النفسية في أسباب الانتشار ودواعيها:

لا يمكن أن نحصر بدقةٍ أسباب انتشار الهشاشة النفسيّة كاملةً؛ نظرًا لما يتميّز به العصر الحديث من كثرةِ الطوارئ والتغيُّرات المُتسارعة التي تجعل من الصّعب الوقوف على مكامن هذه الأسباب، إلا أنّ هذا لا يمنعُ من تحديد بعض الأسباب الرئيسة؛ والتي يمكن من خلالها تحديد المُنطلَقات المُفَسِّرة لظاهرة الهشاشة النفسيّة:

ومن أوّل هذه الأسباب ما ذكرته منظَّمة [1]Substance Abuse and Mental Health Services Administration (2014،5) وهو (تطور مفهوم اضطّراب الصّدمة) ف عد أن كان مفهوم ما بعد الصّدمة مقتصرًا على الأشخاص الذين تعرّضوا لمواقفٍ صعبة، وتظهر عليهم اضطّراباتٌ نفسيةٌ شديدةٌ يشخِّصها المُختصون، تُوسِّعُ هذا المفهوم ليشملَ أيَّ تجربةٍ ماديّةٍ ونفسيّةٍ تعرّض لها الفرد، فحصلت نقطة التّطور عندما نُقِلَ التّشخيص من المُختصّين إلى الفرد ذاته، وصارت كلّ تجربةٍ حياتيّة يوميّة يمرُّ بها الفرد، وما تصاحبها من مشاعرٍ عاديّة؛ كالضّيق والتّوتُّر تُصنَّفُ على أنّها اضطّراب ما بعد الصّدمة وتحتاج إلى علاج.

ومن الأثار المُنعكِسة عن تطوّر مفهوم اضطّراب الصّدمة: ظهور ثاني أسباب الهشاشة النفسيّة وهو ما تحدّث عنه Frances (2015) وهو (تغيُّر مفهوم الاكتئاب)؛ فبعد أن كان تشخيص الاكتئاب مقتصرًا على وجود خمسة أعراضٍ وهي: (التغير في النوم، وفقدان الاهتمام، والإحباط، ونقص الشهيّة، والإرهاق) مع شريطة أن تستمر إحدى هذه الأعراض لما يزيد عن أسبوعين فأكثر، أصبح الأفراد يَصِفون حالة الحزن وخيبة الأمل والتّوتّر الطبيعيّ، بأنهغم يمرون بحالة اكتئاب، حيث ذكر Frances (2013) إلى أن أخر إصدار من (الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسية )  لم يذكر سببًا علميًّا مقنعاً لتسمية هذه الأعراض الخمسة، أو إلى سبب المدّة الزمنيّة المحدّدة، وأن هذا تسبَّب بما أسماه (سيولة التشخيص والتقييم) فيتم تشخيص حالات الحزن العاديّ إلى اكتئاب حادّ؛ ونادى Frances بالحذر من وصف مشاكل الحياة اليوميّة على أنّها مرضٌ عقليّ؛ لما في ذلك من أثرٍ في تشخيص الملايين من الأشخاص الطبيعيين الذين يمرون بعوارض حياتيّة يوميّة إلى مرضى عقليين.

وثالث أسباب الهشاشة النفسيّة ما ذكراه Cederstrom and Spicer (2015) وهو (متلازمة الحفاظ على الصّحة) فأصبح هناك سعي كبير للاهتمام بالصّحة؛ بدءًا من النظام الغذائي وطرق العمل وآليّة النوم وأساليب التّرفيه، وأن أي اختلال بالصّحة العامّة سيؤدي إلى فقدان التّوازن النفسيّ، ومن ثمّ سيتحوّل الشخص إلى مريضٍ نفسيّ، وأشارا أيضا إلى أن أيدلوجيّة الصّحة النفسيّة الحديثة؛ تُصنِّف عدم الاكتراث أو عدم الاهتمام الكافي بالصّحة الجسديّة والنفسيّة، إحدى المشكلات الأخلاقيّة فضلاً عن النفسيّة، وأكد الباحثان إلى أهمية أن السعادة لا يجب أن تُقرن بخطٍ طوليّ لازم الحدوث، بل إنّ من الطبيعيّ أن تحدث الأخطاء في الحياة.

ورابع أسباب الهشاشة النفسيّة ما أشار له باومان (٢٠٠٣/٢٠١٦، ٥٦-٧٨) تحت مسمى (علاقات الجيب العلوي)؛ وسبب التسمية تشير إلى سهولة تناول الأغراض من هذا الجيب، فعلاقات الجيب العلويّ علاقاتٌ سريعة ومُنتشية، ولا تحتاج فيها إلى فعل الأمور المعتادة الواجبة، فهي تجسّد الاحتياج ثمّ الاستمتاع ثمّ الانتهاء، وأشار باومان إلى إحدى صورها وهي (المعاشرة دون زواج)؛ والذي يؤدّي إلى تقويض (نظام الأسرة) فتظهر حالات اللايقين بسبب سُيُولَةِ الأنساب. وترى الباحثة أن هذه السُّيولة امتدت لمنظومة الأسرة العربيّة في العصر الحديث فلم تعد الأسرة تقدم الدَّعم العاطفيّ والنفسيّ الذي كانت توفّره الأسرة في وقت (ما قبل وسائل التواصل الاجتماعيّ)، وتشير الباحثة إلى أن (وسائل التواصل الاجتماعيّ) أسهمت في انتشار علاقات الجيب العلويّ في المجتمعات العالميّة، فتوفَّرت اليوم كل أشكال الدعم السّريع وغير المُلزِم في العلاقات الناشئة من خلالها.

ومن الأثار الناتجة عن سيولة الأسرة العربيّة، ظهور خامس أسباب الهشاشة النفسيّة وهو ما نوّه به “عَرَفَه” (٢٠٢٠، ٨٧-٨٨) تحت عنوان (الأسرة بوصفها مُتَّهَمًا) فقد أشار إلى أن الأسرة العربيّة تعاني من التفكُّك؛ نتيجةً لضعف الإعداد التأهيليّ للوالدين على كافة الأصعدة: العقائديّة والتربويّة والاجتماعيّة، فلم يعد الوالدان يقومان بالأدوار المنوطة بهما ولو على سبيل الكفاية، فالأب مشغولٌ بجمع المال والأم منشغلةٌ بإثبات ذاتها، وبهذا يجد الطفل نفسه في بيئة يعاني فيها من (الجوع العاطفيّ)؛ فتنشأ الهشاشة النفسيّة لديه لغياب المُسانَدة والتوجيه والتقدير.

 

الهشاشة النفسية وحلول مقترحة في ضوء الفكر التربوي الإسلامي:

قبل الحديث عن الحلول المقترحة، ترى الباحثة أنه لا بد من التعريج على حقيقة أن (الهشاشة النفسيّة) لا تعد مرضًا نفسيًا، بل هي كما وصفها “عَرَفَه” (٢٠٢٠، ٣٨-٣٩): بأنّها أسلوب تربية وليست طبيعة؛ حيث قارن عرفه بين جيل الأباء والأمهات وجيل الأبناء، فذكر أن جيل الأباء والأمهات أقدر على تحمُّل الحياة الشّاقة، مع غياب المُترفات؛ كالتكنولوجيا الخدميّة والترفيهيّة، إلى أنّهم لا يَشْكُون ولا يتذمَّرون، وذلك بخلاف جيل الأبناء، الذين يعيشون دور الضحيّة الدّائم، فمشاعرهم مُترفة، وصلابتهم النفسيّة ضعيفة، تجعلهم قابلين للكسر مع أوّل تجربةٍ حقيقيّة في الحياة الواقعيّة. وقد تنبَّه الفكر التربويّ الإسلاميّ إلا خطورة الهشاشة النفسيّة، فنجد أنّه أرسى عددًا من القواعد التي تعمل على تقوية الصّلابة النفسيّة وفق الآتي:

 

الوقوف على حقيقة التّكليف:

عقد الدِّين الإسلاميّ في منظومته التربويّة حقيقةً لا يمكن للمُربِّين تجاوُزها، ألا وهي (مناطُ التّكليف)، فقد أشارت آيات عدَّة لذلك كقوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: ٥٩]، وقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ} [النساء: ٦]، كذلك قول المصطفى ﷺ:”مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر، وفرقوا بينهم في المضاجع” رواه أحمد وأبو داود.

فقد أشار “القماش” (١٥٨٦٥،٢٠٢٠) إلى أنّ التّكليف في الإسلام معقود بسنِّ البلوغ، ومع الاختلاف بين علماء المسلمين في سنّ البلوغ بين  الذّكر والأنثى؛ كربط البلوغ بسنٍّ معين كالخامسة عشر أو السابعة عشر أو الثامنة عشر،  أو وجود علامات للبلوغ كاخشيشان الصوت أو الاحتلام أو نزول دم الحيض. فإننا نستخلص من ذلك أن المسلم مُكلّف متى ظهرت عليه أمارات وإشارات البلوغ الجسميّة والنفسيّة، وحتّى نستدل بمدى مبرِّر الهشاشة النفسيّة في تفسير السّلوك السّلبيِّ للفرد، فإننا بحاجةٍ إلى معرفة أثر المرض النفسيّ في الأحكام الجنائيّة.

حيث ذكر “لافي” (٢٠٠٩، ٣٢-٤٧) إلى أن الشريعة الإسلاميّة تفرِّق بين المرض العقليّ والمرض النفسيّ في تنزيل الأحكام على الجاني، كما أنّها تقيس بُعد المرض النفسيّ من حيث كونه عارضًا للأهلية أم لا، كما نوَّه إلى ملمحٍ مهم، وهو الفارق بين نظره الأحكام الإسلاميّة والأحكام الغربيّة للمرض النفسيّ؛ فذكر أن الشريعة تتحرَّزُ في وصف (المرض النفسيّ) على أنه مفقدٌ للأهليّة، ومن ثم تنصُّل الجاني من المسؤوليّة الجنائيّة، بخلاف الأحكام الغربيّة التي تُعلي من شأن المرض النفسيّ وتجعله مُبرِرًا للبراءة.

وقد جاءت الآيات التي تؤكّد على مسؤوليّة الإنسان في أفعاله وعواقبها كقوله تعالى: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: ١٤-١٥]، وكذلك قوله:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:٣٨]، وقوله: {الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [غافر:١٧]، وقوله: {ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة:٢٨١].

كما أنّ الهشاشة النفسيّة التي يلقاها الإنسان لا تُبَرِّر له الانتحار في شريعة الإسلام، ولو كان على مَشَارِف الموت فعن أبي هريرة قال: “شَهِدْنا مع رَسولِ اللهِ ﷺ حُنَيْنًا، فقالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يُدْعَى بالإِسْلامِ: هذا مِن أهْلِ النَّارِ، فَلَمَّا حَضَرْنا القِتالَ قاتَلَ الرَّجُلُ قِتالًا شَدِيدًا، فأصابَتْهُ جِراحَةٌ، فقِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، الرَّجُلُ الَّذي قُلْتَ له آنِفًا: إنَّه مِن أهْلِ النَّارِ فإنَّه قاتَلَ اليومَ قِتالًا شَدِيدًا، وقدْ ماتَ، فقالَ النبيُّ ﷺ: إلى النَّارِ، فَكادَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ أنْ يَرْتابَ، فَبيْنَما هُمْ علَى ذلكَ إذْ قيلَ: إنَّه لَمْ يَمُتْ، ولَكِنَّ به جِراحًا شَدِيدًا، فَلَمَّا كانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ علَى الجِراحِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النبيُّ ﷺ بذلكَ، فقالَ: اللَّهُ أكْبُرُ، أشْهَدُ أنِّي عبدُ اللهِ ورَسولُهُ، ثُمَّ أمَرَ بلالًا فَنادَى في النَّاسِ: أنَّه لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وأنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هذا الدِّينَ بالرَّجُلِ الفاجِرِ” رواة مسلم.

 

أفضليّة المؤمن القوي:

إن الهشاشة النفسيّة تتنافى مع طبيعة الاستخلاف والتبليغ الذي نُوْطَ بالمسلم في المَعمورة؛ فكيف يُعمِّرُ الأرض ويبلِّغ رسالة الله من كان هشًا في نفسه، ضعيفًا في أمره، فعمارةُ الأرض وتبليغ الرِّسالة تتطلب مؤمنًا قويًا بين جنباته الرّوحية والنفسيّة والجسديّة، وقد جاءت الآيات والأحاديث التي ترفع من شأن المؤمن القوي، كقوله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الحجرات:٢٩]، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: “الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وإنْ أَصَابَكَ شيءٌ، فلا تَقُلْ لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فإنَّ لو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ” رواة مسلم.

 

مركزيّة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر:

إن الهشاشة النفسيّة حين يصاب بها أفراد أمّة من الأمم، فإنّها لا تعودُ قادرةً على مكافحة الشّر ولا إقامة الخير، بل تقوم بقلب الموازين، فتُوْجِدُ نوعًا من التّعاطف مع الشّر من خلال التبرير لفعلة قاتلٍ أو زانٍ أو سارق؛ بأن حالته النفسيّة أودت به لذلك! مع أنّ أفضليّة هذه الأمة جاءت في قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠]، كما إن إقامة الحدود لا تتوافق مع نفسٍ هشّة، فإقامة مراد الله في حدّ الزّنا {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ  وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور:٢]، ومراده في حد السرقة {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة:٣٨]، تتطلَّب صلابةً نفسيّةً للأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وهي بخلاف الهشاشة النفسيّة.

 

نحو تربية الإرادة:

أشار “الزهرانيّ” (١٨٤،٢٠١٩) إلى ثلاث طرقٍ أساسيّة في تقوية الإرادة وهي التّذكير بقدرِ الله سبحانه وتعالى، ثمّ ترسيخ موقف الحساب يوم القيامة، ويليه مركزيّة الصّبر في حياة المسلم، وأما في باب التّذكير بقدر الله؛ تسترشد الباحثة بجملةٍ من الآيات التي تحمل هذا المعنى كقوله تعالى: {وسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة:٢٥٥] وقوله: {قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد:١٦] وقوله: {فَسُبحَٰنَ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيء وَإِلَيهِ تُرجَعُونَ}[يس:٨٣].

وأمّا في ترسيخ موقف الحساب فتستهدي الباحثة بعددٍ من الآيات التي تؤكِّد على ثبوته ووجوبه كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة:٢٨١] وقوله: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم:٩٥] وقوله: {مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها} [الكهف:٤٩].

أمّا آيات الصّبر فمنها قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:٢٥٥] وقوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف:٢٨] وقوله: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل:١٢٧].

كما ذكر “القاضي” (٢٠١٨، ٢٥٤-٢٩٩) عن أثر كل من الإيمان والعبادات في تقوية إرادة الإنسان، فأما من حيث أثر الإيمان في الإرادة فقد اقضت سُنّة الله في خلقه للإنسان، أن يكون له شعورًا داخليًا يرشده إلى وجود خالق يلتجئ إليه، فمن خلال الإيمان بقدرة الله في الحفظ والعِزّة والمُلتَجَأ والعطاء وفق مفهوم الألوهيّة في الإسلام؛ فإنّ ذلك ممّا يَشُدُّ الإرادة ويقوّيها من خلال الإيمان بقدرة الله الظاهرة على كلِّ شيء، وأمّا العبادات فإن مرادها الأجل بعد توحيد الله؛ هو تحرير إرادة الإنسان من كل أنواع الرِّق؛ الرِّق للبشر، والرِّق للنّفس، ومتى تحرَّرَت إرادة الإنسان بربطها بإرادة السماء، صارت إرادةً صلبة، عصيّةً على الضّعف والتّقوقعِ والتّقهقُر.

 

من الهشاشة النفسيّة إلى الصّلابة النفسيّة، رؤية موضوعيّة:

إنّ من أهمّ النواتج لظاهرة الهشاشة النفسيّة، والتي لا تكاد تخفى عن عين المُلاحِظ، نواتجٌ شخصيةٌ تظهر على الفرد، مثل:(إدمان التسلية) و(الرّخاوة العاطفيّة)، وأيضًا نواتجٌ جمعيّة تظهر لدينا، مثل: (انهيار الأُسَرِ الحديثة) و(تصدُّرُ الرويبِضَة) و(تصدُّرُ التفاهة)، وهذه النواتج لا يمكن معالجتها فُرادى أشتات، مالم نعقدِ العزم على إصلاح الإنسان ذاته.

والهشاشة النفسيّة ليست مرتبطةً بالأجيال التي وُلِدت ونَشَأت مع ثورة الاتصالات الحديثة، بل امتد أثرها لأجيال سابقةٍ بتفاوت مستوى التّأثير، فهل يبدو الحلُّ الإسلاميّ بتطبيقاته كافيًا لمواجهة الهشاشة النفسيّة؟

إن موقع أمّة الإسلام اليوم بِتَضَعْضُعِها وانحسار أهميّتها ولغتها وثقافتها وتأثيرها، يجعل أفرادها أقلّ إيمانًا بالحلّ الإسلاميّ، ومع أهميّة الحلّ الإسلاميّ من خلال الرُّجوع لأبجديات الدّين والاستقاء منه في معالجة الهشاشة النفسيّة، إلا أنّنا لا نجد مناصًا من أهميّة نشر التوعية بما أوجدته فلسفة (ما بعد الحداثة) وخاصّة لتبنيها قضايا (النسبيّة والسيولة، وعدم الثّبات) في كل شيء (في القيم، والحقيقة).

ومن ثم الاستدلال بالأرقام والبراهين التي يواجهها العالم الغربيّ اليوم؛ كالمشكلات (النفسيّة، والاجتماعيّة، والأمنيّة، والاقتصاديّة)، وأثرُ ذلك على الصّلابة النفسيّة للإنسان، وسقوطه في مُستنقَعِ الهشاشة، فلم يعد قادرًا على الصُّمود فضلًا عن المواجهة، فتنعدم بوادرُ الإصلاح الكونيّ، وبهذا تكون التّوعية بمآلات الوجهة ما بعد الحداثيّة للعالم، بمثابة ناقوس الخطر، الذي ينبِّه أجيالنا ومجتمعاتنا بما يُحاك لها من إسقاطٍ لأهم مكوّنِ فيها؛ وهو القدرة على الإصلاح، من خلال تقوية صلابتها النفسيّة.

وقد عرَّف “الجامع” (أ،٢٠٢٠) الصّلابة النفسيّة على أنها: “ما تملكه من قدرة على مقاومة وإدارة الضّغوط وشدّة المهام حولك والألم بأقل مستوى من القلق والشكوك في نفسك، وهو ما تتمتع به من تأقلمٍ عالي المستوى تجاه التّحديات حولك، وسرعةٍ في النهوض بعد الانتكاسة، وقد يكون حياةً اجتماعيّة أو ظروفَ عمل” كما أشار “الجامع” (ب،٢٠٢٠) إلى العلاقة بين الجسد والعقل وأثرهما في الصّلابة النفسيّة، فالجسم القوي إذا توافق مع العقل القوي، أنتج لدينا الصّلابة النفسيّة.

وقد جمعت المنظومة الإسلاميّة ذلك من خلال الآيات الدّاعية لتمرين العقل من خلال التَّدبُّر في الآيات الكونيّة، كقوله تعالى: {إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران:١٩٠] وقوله: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية:١٧-١٨-١٩-٢٠]، أو آيات السُّنن الاجتماعيّة، وقوله: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِين} [الروم:٤٢]. وقوله: {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران:١٣٧] (حنايشه،٢٠٠٩، ٤٣-٤٦).

وأمّا الآيات التي جاءت داعيةً لتقوية الجسم كقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}[الأنفال:٦٠]، والأحاديث كقوله ﷺ: “سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يقرأُ على المنبرِ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ألا وإنَّ القوَّةَ الرَّميُ ثلاثَ مرَّاتٍ” رواه مسلم وقوله ﷺ: “عَلَيْكُمْ بِالنَّسْلَانُ” رواه مسلم (الخولي،٢٠١٩، ف١٥-٢٥).

اقرأ ايضاً: الهشاشة النفسية .. ضحايا جيل مأزوم نفسيًا


المراجع:

  • عرفه، إسماعيل. (٢٠٢٠). الهشاشة النفسيّة: لماذا أصبحنا أضعف وأكثر عرضة للكسر؟ السعودية: دار وقف دلائل للنشر.
  • القاضي، سعيد. (٢٠١٨). التربية الإرادية للآباء والأبناء. مصر: عالم الكتب.
  • الزهراني، فايز. (٢٠١٩). المذهبات من تراثنا التربوي. السعودية: دار رسالة البيان للنشر والتوزيع.
  • باومان، زيجمونت. (٢٠١٦). الحب السائل: عن هشاشة الروابط الإنسانية (ترجمة حجاج أبو جبر). لبنان: الشبكة العربية للأبحاث والنشر. (العمل الأصلي نشر في ٢٠٠٣).
  • براون، برينيه. (٢٠١٥). نعمة عدم الكمال: تخل عمن يفترض أن تكون عليه وتقبل ذاتك (ترجمة مكتبة جرير). السعودية: مكتبة جرير. (العمل الأصلي نشر في ٢٠١٤).
  • القماش، عبدالرحمن. (٢٠٢٠). الحاوي في التفسير. السعودية: موقع نداء الإيمان. تم الاسترجاع في ٦ نوفمبر ٢٠٢٠ من  https://2u.pw/ptynQ
  • لافي، جمال. (٢٠٠٩). أثر المرض النفسي في رفع المسؤولية الجنائية في الفقه الإسلامي. رسالة ماجستير غير منشورة. قسم الفقه المقارن. الجامعة الإسلامية: غزة. تم الاسترجاع في ٦ نوفمبر ٢٠٢٠ من   https://2u.pw/xlM0C
  • حنايشه، عبدالوهاب. (٢٠٠٩). التفكير وتنميته في ضوء القرآن الكريم. رسالة ماجستير غير منشورة. قسم أصول الدين. جامعة النجاح الوطنية: فلسطين. تم الاسترجاع في ١٣ نوفمبر ٢٠٢٠ من    https://2u.pw/4WbfN
  • الجامع، أسامة. [oaljama]. (أ،١٣،نموفمبر،٢٠٢٠). الصلابة النفسية هي ما تملكه من قدرة على مقاومة وإدارة الضغوط وشدة المهام حولك والألم بأقل مستوى من القلق والشكوك. ]تغريدة[ تم الاسترجاع في ١٣ نوفمبر ٢٠٢٠ من   https://twitter.com/oaljama/status/1327275752178462723?s=20
  • الجامع، أسامة. [oaljama]. (ب،١٣،نموفمبر،٢٠٢٠). لا يمكن أن يكون لجسدك قدرة على التحمل، إذا كان عقلك ضعيفاً، العقل والجسد متصلان بقوة، وكما تحرص على بناء. ]تغريدة[ تم الاسترجاع في ١٣ نوفمبر ٢٠٢٠ من    https://twitter.com/oaljama/status/1327275939227705345?s=20
  • الخولي، آمين. (١٩/١٢/٢٠١٩). الرياضة البدنية في السنة النبوية. الاسترجاع في ٦ نوفمبر ٢٠٢٠ من   https://2u.pw/mL82A
  • Leung, Lawrence. (2012). Pain Catastrophizing: An Updated Review. Indian J Psychol Med. P(3). N(34). 204-217. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3573569/ Dated 2020/11/4.
  • Kiley, D. (1983). The Peter Pan syndrome: Men who have never grown up. Dodd Mead.‏ Retrieved from https://www.scribd.com/doc/296466100/Dan-Kiley-The-Peter-Pan-Syndrome-Men-Who-Have-Never-Grown-Up-PDF Dated 2020/11/4.
  • (2014).  Concept of Trauma and Guidance for a Trauma-Informed Approach. Retrieved from https://ncsacw.samhsa.gov/userfiles/files/SAMHSA_Trauma.pdf Dated 2020/11/4.
  • Frances, Allen.[ website Psykologidagene]. (26, March,2015). Saving Normal. [Video file]. Retrieved from https://www.youtube.com/watch?v=h4i_qekWvYQ Dated 2020/11/4.
  • Frances, Allen. (2013). Saving normal: An insider’s revolt against out-of-control psychiatric diagnosis, DSM-5, Big Pharma, and the medicalization of ordinary life. Retrieved from https://psycnet.apa.org/record/2013-16287-000  Dated 2020/11/4.
  • Cederstrom, Carl؛Spicer, André.[ website RSA]. (10, April,2015). Carl Cederström and André Spicer on The Wellness Syndrome. [Video file]. Retrieved from https://www.youtube.com/watch?v=JnG6srDIbqU Dated 2020/11/5.

[1] يقصد بمنظمة Substance Abuse and Mental Health Services Administration) : إدارة خدمات الصحة العقلية والتحقيق في استعمال المواد المخدرة)، وهي تابعة لوزارة الصحة الأمريكية، وتعرف اختصارا SAMHSA، موقع المنظمة الإلكتروني https://www.samhsa.gov

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى