فكر وثقافة

سوسيولوجيا الدين

  • آشلي كروسمان
  • ترجمة: وسن الجارالله
  • تحرير: حنان عاطف

لا تتشارك جميع الأديان مجموعة المعتقدات ذاتها، ولكن بشكل أو بآخر، وُجد الدين في جميع المجتمعات الإنسانية. حيث أظهرت المجتمعات الأولى آثارًا واضحة لرموز وطقوس دينية. وقد استمر الدين خلال التاريخ ليصبح جُزءًا أساسيًا من المجتمعات والخبرات الإنسانية، فحدد وشكّل كيفية تفاعل الأفراد داخل البيئات التي يعيشون بها. ونظرًا لمكانة الدين المهمة في المجتمعات حول العالم، فقد أصبح علماء الاجتماع مهتمين بدراسته.

يدرس علماء الاجتماع الدين كنظام عقائدي وكمنظومة اجتماعية. فيشكِّل الدين -كنظام عقائدي- أفكار الناس ونظرتهم للعالم. وأما من منظور المنظومة الاجتماعية، فيمكن تعريفه بنمط الفعل الاجتماعي المتمحور حول العقائد والممارسات التي يطورها البشر للإجابة عن معنى الوجود. ويستمر الدين على مر الزمن كمؤسسة لها هيكلها التنظيمي يتم فيها تهيئة أعضاءها اجتماعيًا.

لا يتعلق الأمر بما تؤمن به

لا يهم ما يعتقده الشخص عن الدين أثناء دراسة الدين من منظورٍ اجتماعي، فالأهم هو القدرة على دراسته بموضوعية في سياقه الاجتماعي والثقافي. وما يلي هو ما يثير تساؤلات دارسي العلوم الإجتماعية:

  • ما العلاقة الترابطية بين المعتقدات الدينية والعوامل الاجتماعية الأخرى كالعرق، والعمر، ونوع الجنس، والتعليم؟
  • كيف تُنظَّم المؤسسات الدينية؟
  • كيف يؤثر الدين على التغيّر الاجتماعي؟
  • ما تأثير الدين على المؤسسات الاجتماعية المختلفة كالمؤسسات السياسية والتعليمية؟

يدرس علماء الاجتماع أيضًا تديُّن الأفراد والجماعات والمجتمعات. فيمكن تعريف التديُّن بتمسك الفرد بالممارسات الدينية ومدى اتساق تلك الممارسات. يقيس علماء الاجتماع مدى تديُّن الأشخاص من خلال سؤالهم عن معتقداتهم، وعن مدى تفاعلهم في المنظّمات الدينية، وحضورهم للشعائر الدينية.

استُهِلَّت السوسيولوجيا الأكاديمية الحديثة دراسة الدين بكتاب الانتحارلـ إيميل دوركايم، حيث استطلع فيه اختلاف معدلات الانتحار ما بين البرُوتستانت والكاثوليك. وتبعه أيضًا كل من كارل ماركس وماكس فيبر في دراسة دور الدين وتأثيره على المؤسسات الاجتماعية المختلفة، كالاقتصاد والسياسة.

النظريات الاجتماعية عن الدين

لكل إطار اجتماعي رئيسي وجهة نظر مختلفة حول الدين. فعلى سبيل المثال، من المنظور الوظيفي للنظرية الاجتماعية، يُعتبَر الدين قوة تكاملية في المجتمع، يقدر من خلالها تشكيل المعتقدات الاجتماعية. حيث يساهم في تماسك النظام الاجتماعي من خلال تعزيز حس الانتماء والوعي الجماعي. وكان إيميل دوركايم من الداعمين لهذه الفكرة.

وأما المنظور الثاني الذي دعمه ماكس فيبر، فهو النظر لكيفية دعم الدين للمؤسسات الاجتماعية. يعتقد فيبر أن نظم الاعتقاد الديني توفر إطارًا ثقافيًا يدعم تطوير المؤسسات الاجتماعية الأخرى، كالاقتصاد على سبيل المثال.

وبينما ركز دوركايم وفيبر على مساهمة الدين في تماسك المجتمع، كان كارل ماركس يركز على مشكلة الصراع والاضطهاد التي جلبها الدين للمجتمعات؛ حيث يرى ماركس أن الدين أداة للاضطهاد الطبقي لأنه يعزز القبول بالتسلسل الهرمي للناس، وتبعية البشر للسلطة الإلهية.

في الختام، ترتكز نظرية التفاعل الرمزي على العملية التي أصبح من خلالها الناس متدينين. فتنشأ معتقدات وممارسات دينية مختلفة في سياقات اجتماعية وتاريخية مختلفة، لأن السياق يُشكِّل معنى الاعتقاد الديني. وتساعدنا نظرية التفاعل الرمزي على فهم كيفية تفسير نفس الدين بشكل مختلف باختلاف الجماعات والزمان على مر التاريخ.. فالنصوص الدينية من هذا المنظور ليست حقائق، بقدر ما يعتمل فيها تفسير وتأويل البشر. وبالتالي قد يُفسّر أشخاص أو جماعات مختلفة نفس الكتاب المقدس بطرق مختلفة.


المراجع:

  • Giddens, A. (1991). Introduction to Sociology. New York: W.W. Norton & Company.
  • Anderson, M.L. and Taylor, H.F. (2009). Sociology: The Essentials. Belmont, CA: Thomson Wadsworth.
المصدر
thoughtco

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى