- جوتا بورغراف*
- ترجمة: زيد أولادزيان
- تحرير: بدر الحربي
وقائع واعتبارات:
بنظرةٍ خاطفةٍ على القرون الأخيرة من تاريخنا، يمكن أن نتبيَّـن كم غيَّرت الحركة النسوية حياتنا بشكل عميقٍ، سواءً الأسريّة أو الاجتماعيّة.
بدت لنا هذه التحولات في الوَهلة الأولى، بأنها عادلة وضروريّة؛ لكننا أدركنا فيما بعدُ، مع الاهتمام المتزايد، أنها كانت مضرة ومبالَغا فيها. في الوقت الراهن، فهذه التحولات مدمِّرة في الواقع، وتحتفظ بأن تكون كذلك.
إنّ تطوُّر هذا المسار من تحرير المرأة قد تمّ من خلال ثلاث مراحل كبرى. تشكِّل جميعُها حالةَ تطوُّرٍ كرونولوجيّ معيّـنٍ للأفكار والوقائع في الغرب. غير أنها ليست منفصلةً عن بعضها البعض بشكل صارمٍ في الواقع، ففي العديد من الدُّول تترابط وتتداخل فيما بينها.
نحن نعيش في مجتمعاتٍ متعدِّدة الثقافات، حيث نستطيع أن نلاحظ الظواهر الاجتماعية الأكثر تناقُضًا في آن واحد.
فلنرى بإيجاز تطوُّر الحركة النسوية، دون قدرٍ كبير من التفاصيل.
1- تطور الحركة النسوية:
كانت المخاوِف النسوية موجودةً دومًا على مرّ العصور، لكن وِفقًا لعددٍ كبير من المؤرخين، فإن الحركة المُسماة بالنسوية قد ظهرت إلى الوجود في نهاية القرن الثامن عشر، في قلب الثورة الفرنسيَة.
حركات تدعم حقوق المرأة:
كان ذلك عندما طالبت النساء بحقهن في التعليم، وفي المشاركة في الحياة العامة، وفي التصويت. وكان لكفاحهن، الذي تكلّل دائمًا بالنجاح، تداعيات أيضا. وفي الأخير، لم يتم تحقيق أهدافهن إلا في بداية القرن العشرين: أن يُقبَلنَ رسميا في التعليم العالي وفي الجامعة، وأن يتمتّعنَ، قانونيا على الأقل، بالمساواة السياسية[1]، في كل بلدان القارة الأوربية[2]. ثم نلاحظ بعد ذلك «فترةً» من السكون إلى حد ما[3].
النسويّة الراديكالية:
ابتداءً من منتصف القرن العشرين، لم يكُن قسمٌ من النسويات يطمحنَ أبدا إلى المساواة بين الرجل والمرأة فقط في الحقوق القانونية والاجتماعية، ولكن إلى المساواة الوظيفيّة بين الجنسَيْن. فبدأْنَ في المطالبة بإلغاء التفريق رجل-امرأة وفي رفض الأمومة والزواج والأسرة. وكُنّ يستنِدْنَ بقوّة إلى سيمون دي بوفوار (1908-1986: كاتبة وُجوديّة، رفيقة لجون بول سارتر) حيث يحذّر كتابها «الجنس الثاني» (1949)، الذي عرف صدًى عالميًا كبيرًا، من «فخّ الأمومة» الذي يستخدمه الرجال لسّلْب زوجاتِهم استقلاليتَهنّ[4]. كذلك كان لِزاما على المرأة الحديثة أن تتحرّر من “القيود التي تفرضها طبيعتُها” ومن الوظائف الأموميّة. وبالتالي فإنهُنّ يُوصين: بالعلاقات السحاقية[5]، وممارسة الإجهاض[6]، وتحويل تربية الأطفال إلى المجتمع[7]. إنّ شولاميث فايرستون (تلميذة سيمون دي بوفوار) تقولها بوضوح: «الحمل فظاعة»[8].
وبعد ذلك، وخلال عشراتِ السنوات، اعتبرت ناشطات نسويات أُخريات بأن «إرادة أن تكون مثل الرجل» تُظهِر نوعًا من عُقدة النّقص، وكثيرًا ما تُثير ضغوطًا وإحباطات. وبالتّالي دعَمنَ التطرُّف المُقابِل: حتّى تُحقّق المرأة كامل إمكاناتها، لا ينبغي لها أن تتصرَّف كالرجُل؛ بل أن تكون أنثوية تمامًا، «امرأةً بالكامل». ومن هذا المُنطَلَق، فإن تحديد المرأة من خلال طبيعتها، وجسدها، ومشاعرها، ورغبتها، لم يكُن تحيُّزًا ذكوريًّا يستحقُّ الإِدانة، بل كان الأمَلَ في مُستقبلٍ أفضل. وقد تمّ الاحتفال بظهور: «الأنوثة الجديدة»، و«الأمومة الجديدة» باعتبارهما وظائف بيولوجيّة محضة. وزُعم أنه ينبغي على النساء تحرير الأرض، وأنهنّ سيصِلْنَ إلى ذلك ما دُمنَ يعِشْنَ في انسجام أكبر مع الطبيعة[9].
هذه الظاهرة هي ردّة فعل على المجهودات الجبّارة التي يتطلّبُها تمكينٌ مُصَمَّمٌ فقط كإغراقٍ في ما يسمى بالقيم الذكوريّة. وهنا، يمكن أن نقول، بعد أن قادت العقلانيةُ والرغبةُ في امتلاك السلطة «الذكوريّتان» الإنسانيّةَ إلى حافّة الهاوية وإلى خطر الدّمار النوويّ، جاء زمن المرأة. إن الخلاص لن يأتي إلا من اللامنطقي ومن العاطفي، من النُّعومة والحنان، مثلما تجسّدها المرأة[10].
طبعا، هذه الأطروحات تُعيق أيضًا المرأة عن تحقيق نفسها بنفسها؛ فمرّةً أخرى يُنظَر إليها باعتبارها مفتقرةً للذكاء، أو أنها مثاليّة، أو حتى موضع تبجيل، كما لو كانت حيوانًا مُقدَّسًا. إن هذا ازدراءٌ للإنسان من ناحيةٍ، فضلا عن كونه ازدراء للمرأة «المتحرّرة» نفسها، التي تتخفّى في لبوسٍ من التصوُّف، والذي لا يساعِدُ أحدًا في حياته اليوميّة.
2- النظرية ما بعد النسوية للجندر:
وفي أعقاب هذه النقاشات، ها نحن الآن أمام وضعيّة مختلفة تمامًا. الهدف الحاليّ لم يعُد هو الانعتاق من الهيمنة الذكوريّة، ولا التحرير من الوظائف الأنثوية والأموميّة المُحَدَّدَة. وقد رأينا كيف تمّت محاولة الوصول إلى هذه الأهداف عبر مسلَكَيْن متناقِضَيْن: من خلال قمعها وكبتها، أو من خلال المبالغة فيها حدّ بلوغ أقصى المطالبات اللاواقعيّة.
رفض الطبيعة:
يتمُّ اليومَ البحثُ مجدّدًا عن عُبور مسارٍ أكثر راديكاليّة: يتمّ ادّعاء التخلُّص من الطبيعة نفسها، وتغيير الجسد نفسه، فيما يُدعى بـ “سيب-أورغ cyborg“؛ وهي عبارة عن: كلمة مُوَلَّدة من دمج الكلمات الإنجليزية cyber(netics) و organism (عضويّ سيبرانيّ)، وتُستَخدَم للتعبير عن كائن نصف-عضويّ ونصف-ميكانيكيّ؛ حينما نريد جعل قدراتِ جسمه العضوي أكثر كفاءةً بفضل التكنولوجيات الحديثة[11].
وهكذا تُوشِك النسوية على الانتهاء، بما أن التحرير المطلوب يتعلّق بالنساء والرجال، على حدٍّ سواء.
في الوقت الذي لا تزال فيه العديد من النساء العنيداتِ أكثرَ من أيّ وقتٍ مضى، يرغبْـن في التخلُّص من الزواج والأمومة[12]، فإن وسائل الإعلام تغذّي لدينا الأحلام المذهلة، حول الرجال المستعدّين للقيام بأي شيء جراحيًّا (زرع الرحم، إلخ.)؛ من أجل تجربة الولادة.
ومع موجَة كوْنِ لا أحَد يفضّل الحديث عن النوع (الجندر) عِوَضًا عن الجنس. فإن هذا ليس مجرد لعبة كلماتٍ. تقِف خلف هذا التغيُّر المصطلحيّ الإيديولوجيا ما-بعد النسوية للجندر، المنتشرة على نطاق واسع منذ السبعينيات من القرن الماضي. استنادا على هذه الإيديولوجيا، فإن الذُّكورة والأنوثة لا يتحدّدان بشكل رئيسي من خلال البيولوجيا، بل من خلال الثقافة. في حينِ يُشير مصطلح جنس إلى الطبيعة ويستتبِع إمكانيتَيْن (رجل وامرأة)، فإن كلمة نوع تنتمي إلى مجال اللسانيات، ولها ثلاث خيارات (ذكر وأنثى ومحايد).
وبناءً على ذلك، فإن الفُروق بين الرجل والمرأة لم يكن لها علاقة بطبيعةٍ “مُعطاةٍ مبدَئيًّا”، ولم تكن سوى بنيَاتٍ ثقافية صِرفة “جاهزة”، تتطابق مع الأدوار والقوالب النمطيّة التي نُسنِدُها للجنسين في كل مجتمعٍ، أدوار مبنيّة مُجتمعيًّا.[13]
إن هذه الأفكار اختُزِلت في نظرية أحرار الجنس Théorie Queer، التي تنشرها بنجاحٍ في العالمِ أجمع ناشطاتٌ نسويات أمريكيات مشهورات مثل جوديث بتلر[14] وجين فلاكس[15] أو دونا هارواي[16]. واسم هذه النظرية آتٍ من النعت الإنجليزي queer، بمعنى غريب، غير طبيعي، وهو التعبير المُلَطّف الذي استخدمناه لفترة معيّنة لتسمية الأشخاص المثليين.
ترفض نظرية أحرار الجنس تصنيف الأفراد إلى أنواع كونيّة، مثل التصنيف إلى رجال أو نساء، مغايري الجنس أو مثليي الجنس، وتزعم أن جميع «الهويات الاجتماعية» (الغير جنسية) هي كلها أيضا غير طبيعية دون استثناء.
البعض يعتقد وجود أربعة أنواع، والبعض خمسة أو ستة حسب وجهات النظر المختلفة: مغاير الجنس الذكر، مغاير الجنس، مثلي الجنس، سحاقية، ثنائي (مزدوج) الجنس، وغير متمايز. كذلك الذكورة والأنوثة على المستوى الجسديّ والنّفسي ليست قطعًا النواتج الطبيعية الوحيدة للتفرُّع الجنسي البيولوجي. بالتالي فإنّ أيّ نشاط جنسي سيكون مُبَرَّرًا.
إنّ مُغايَرة الجنس (L’hétérosexualité) بعيدًا عن كونها إلزاميّة، لم تعُد سوى حالةٍ من الحالات المُمكِنة للممارسة الجنسيّة. ولا يلزَم تفضيلُها من أجل الإنجاب. وبما أن الهوية النوعيّة (الجندر) يمكن أن تتكيّف مع مختلف الرغبات الجديدة بشكل لا نهائي، فإنه من المتوقّع أن يختار كل فردٍ بحُريّةٍ صِنفَ النَّوع الذي يُحب أن ينتمي إليه في مختَلَف أوضاع وفتراتِ حياته[17].
من أجل تمرير هذه الأفكار، يُناضل دعاة نسويّة النّوع الراديكالية من أجل الوصول إلى تغيير الثقافة بشكل تدريجيّ، وهو ما يسمى بـ”تفكيك” المجتمع، وذلك بدايةً من الأسرة وتعليم الأطفال[18]، وهم ويوظّفون لغةً غامضة، تجعل من هذه الأخلاق المُسبقَة تبدو معقولة. الهدف هو إعادة تشكيل عالمٍ جديدٍ وعشوائي يضُمُّ، بالإضافة إلى الذكر والأنثى، أنواعا أخرى، فيما يتعلّق بطريقة ضبط الحياة الإنسانية والعلاقات بين الأشخاص.
جذور أيديولوجية:
وقد وجدتْ هذه الادّعاءات أرضًا خصبةً في الأنثروبولوجيا الفردانيّة للنيو-ليبرالية الراديكالية. فهي تستند من جهةٍ إلى نظريات متعددة ماركسية وبنيوية[19]، ومن جهةٍ أخرى إلى افتراضات بعض ممثلي «الثورة الجنسية» مثل فيلهلم رايش (1897-1957) وهربرت ماركوز (1898-1979) الذين يدعون إلى القيام بتجارب على كل صنفٍ من الحالات الجنسية. ويمكن اعتبار فرجينيا وولف (1882-1941) في روايتها «أورلاندو» (1928)؛ مؤثّرًا سابقًا، أيضًا، فبطل هذه الرواية هو: فارس شاب من القرن السادس عشر، يُسلِّم نفسه، بتغيير الجنس، للعديد من المغامرات الغراميّة خلال عشرات السنين.
ومع ذلك، فإن سيمون دي بوفوار هي التي تمارس دائما تأثيرها الأكثر مباشرةً. وهي لم تكن لديها أدنى فكرة عن المدى الذي سيصل إليه كلامها عندما أطلقت سنة 1949 هذه المقولة الشائعة الشهيرة: “لا نُولد نساء، بل نصبح نساءً”[20]. والذي أُتبِع لاحقا باستنتاج منطقي: لا تولَد رجلا، بل يُجعَل منك رجلا ! أن تكون رجلا ليس أبدا حقيقة في الأصل» [21].
إن دُعاة أيديولوجية النوع يعرفون كيفية مداعبة الفضولِ الدَّنيء عند عامة الناس: لذا فليس من المستغرَب أن تتسلّم وسائل الإعلام بسرعة المسؤوليّةَ وتكون مطّلعة على قائمة القضايا الأكثر إثارةً. وأعلَمَتنا بالتالي أنّ روبرتا كلوز، التي اختِيرَت في التسعينيات من القرن الماضي لتكون «أجمل امرأةٍ في الكوكب»، كانت هو (لويس روبرتو جامبينو موريرا) المولود في البرازيل[22]. وعلى نحوٍ مُماثل، شهِدنا في العالم أجمع الوجهَ المحوَّل جنسيا والاصطناعي الذي ظهر به نجم البوب مايكل جاكسون بفضل مجموعة من العمليات الجراحيّة. « My body is my art» ! («جسدي هو عملي الفني»)، هو شعار الدعاية لأيديولوجية الجندر التي تعتَبِر الجسد موضوعَ التّجريب الحُرّ.
إننا نرى بوُضوح نتائج هذه النظريات في أوساط متعددة من واقعنا. على سبيل المثال في السياسة والطبّ، في علم النفس وبشكل خاص في مجال التعليم حيثُ تسبّب الدمار. ما الذي يمكن أن نعتقده حيال هذا؟ هل يمكن أن نوافق على أنّه لا توجد طبيعة «مُعطاة مبدئيا»، وأن كل شيءٍ هو تعبيرٌ عن إرادتنا الحرّة وأنّ البيولوجيا نفسها ليست سوى ثقافة؟ بالطّبع لا.
لنفهمَ بشكل أفضل ما يجري والضّرَر العميق الذي يلحق بالشخص، يتعين علينا أوّلا النظر بعُمق في معنى الجنسانيَة البشرية. وهذا ما سيُمكّنُنا عمليّا بعد ذلك من نقد نظرية النَوع.
3- نحو فهم للجنسانيّة البشرية:
إن الجنسانية البشرية في نهاية المطاف تُشكِّل لُغزًا كبيرًا. إنها لغزٌ، في الواقع، لأنها تتعلّق بالإرادة الإلهية التي تفوق الوصف[23]، فبخلقِ الإنسان كرجلٍ وامرأةٍ؛ أراد الله أن يُعبِّر الكائنُ البشري عن نفسه بطريقتَيْن مُختلفَتَيْن ومتكاملَتَيْن، وكلٌّ منهما، أيضًا، جميلةٌ وقيِّمة كما الأُخرى.
الانفتاح على الآخر:
بكل تأكيد، فإن الله يحب الرجل كما يُحِبّ المرأة[24]، ويدعوهُما معًا إلى الانشراح. ولكن لماذا جعلهما مختلفَين؟ الإنجابُ لا يمكن أن يكون السببَ الوحيد؛ ما دام أنه يمكن أن يكون كذلك عبر التوالد البِكري، أو أن يكون بدون جنس، أو بشكلٍ مختلِف، كما هو الحال في المملكة الحيوانيّة. وهذه الأشكال البديلة، على الأقل، يمكن تصوُّرها، وهي تُجسّد نوعًا من الاكتفاء الذاتي؛ كما تزعم ذلك أيديولوجية الجندر.
بالمقابل، تُظهِر الجنسانيّة البشرية ميلًا واضحًا تجاه الآخر. إنها تُبيّن أن الامتلاء والسعادة البشرية تتمثل بالتحديد في العلاقة، وفي أن نكون من أجل الآخر. إنّها تدفع إلى الخروج من قوقعة الذات، إلى البحث عن الآخر، وإلى الابتهاج بوُجوده. إنها مثل المستودَع الإلهي للحُب داخل بنية الطبيعة البشريّة. ومع أنّ كلّ شخص أراده الله «من أجل نفسه»[25]، ومدعوٌّ إلى تحقيق سعادة فرديّة، إلّا أنّه لا يستطيع تحقيقها إذا لم يكن في مشاركةٍ مع الآخرين. لقد وُجدتَ من أجل منح الحبّ وتلقّيه. إن هذا هو ما يُنبّئنا به وضعُنا الجنسي، والذي هو في حد ذاته قيمة هائلة. إنّ كِلا الجنسين مدعُوّان من الله نفسه للعمل والعيش سويّا. وهذه هي مهمّتهم.
يمكننا أن نؤكّد أيضًا، أن الله لم يخلق الإنسان من رجلٍ وامرأةٍ [فقط] لتوليد كائنات بشرية جديدة، ولكن على العكس من ذلك؛ حتّى يكون الإنسانُ قادرًا على أن يُنجِبَ ليُديم الصورة الإلهيّة التي يعبّر عنها هو نفسه في طبيعته الجنسيّة.[26]
أيضًا، فإن كلًّا من الرجل والمرأة قادر على تغطية حاجة الآخر الأساسية في علاقتهما المتبادَلة، ويعمل الواحد منهما على جعل الآخر يكتشف نفسه ويحقّقها في وضعه الجنسي الخاصّ. وكلٌ منهما يعمل على جعل الآخر يدرك أنه مدعوّ للمشاركة، وأنه قادر على تكريس نفسه للآخر، في خضوعٍ غَرَاميّ متبادَل.
كل منهما، في سياق مختلفٍ، يُحقِّق سعادَته الخاصة في كونه في خدمة الآخر.
قرار متعارض مع الطبيعة:
ومع ذلك تُخبرنا الصحافة العالمية أنه، ومنذ وقتٍ ليس ببعيد، ظهر نموذجٌ جديد للحياة لا يجِد نفسَه في التكاملية المتبادلة بين الرجل والمرأة، لا أتحدث هنا عن «الزواج المثلي»، ولكن عن المنطق اللاحق الذي لا يضع اعتبارًا لأي علاقة بالآخر، سواءً كان ذكرًا أو أنثى. فإنّه قد ظهر في هولندا واحتُفل رسميا لأول مرة قبل سنواتٍ بـ«الزواج المنفرد».
ففي مايو 2003، تزوجت الطالبة جينيفر هوز نفسَها في سن الثلاثين. لقد كانت امرأةَ حياتِها ! وقد كان حفل زفافها في المقاطعة القديمة لهارلم، بحضور كل عائلتها ومجموعة كبيرة من الأصدقاء، وأمام موثِّق عقودٍ مستعدٍّ جيدًا، أقسمت جينيفر على أن تُحِب نفسها وتحترمها وتعتني بنفسها طيلة حياتها، في السراء والضراء. ثم قامت بنات إخوتها برمي الورود وعزفت الأوركسترا ألحان الزفاف.
وقد أعلنت العروس: «نحن نُوجد في مجتمعات أنانيّة. من ذا الذي أعِدُه بأن أكون له وفيّةً غير نفسي؟[27]». وقد كان بإمكاننا إغاظة جينيفر بسؤالها عمّا إذا كانت ستُطلِّق نفسها بعد أن تجد رجُل حياتها[28].
في الحقيقة، مع هذا «الزواج المنفرد» الجديد، فإن رفض الطبيعة الخاصّة قد وصل إلى حدُود مستحيلة. وإذا لم نتقبّل الطّبيعة التي نحنُ عليها، فمن المستحيل عملياً أن نتطور على النحو الصّحيح.
الإنسان مصنوعٌ ليُغادر ذاته:
لقد تحدثنا سابقا عن «تكامليّةٍ متبادلة» للجنسين[29]. ومع هذا، فإنّ تجربتنا الأولى تُنبئنا بأنّ العلاقة لا تكون بالضرورة بين رجل واحد وامرأة واحدة. (العلاقة الزوجية هي المثال النموذجي الوحيد الذي يُعبِّر بوضوح تام عن كون الإنسان مدعوّ للمشاركة).
عبَّر عن العلاقة التبادُليّة في حالات متعدّدة ومختلفة من الحياة، في علاقات تعدُّدية متنوعة جدّا مع الأشخاص، مثل: علاقة الأمومة، والأبوّة، والبُنوّة، والأخوّة، والزّمالة، والصداقة، والكثير من العلاقات الأخرى التي تمسّ حديثًا كل شخص. ونتيجةً لهذا، فإن البعض يؤكدون على أن هذه العلاقات تبادليّة غير متكافئة[30].
- مناقشة نقدية حول أيديولوجيا النوع:
يمكننا الكشف، مع أقلِّ قدرٍ من التجربة والحسّ السليم، عن كوْنِ أيديولوجيا الجندر ليست السبيل إلى تحقيق الذات والسعادة. ففي الواقع، وبدون أن نقول ذلك، أو حتى دون معرفته، فإنها تُعيد إحياء الخطأ القديم للمانويّة، وذلك بعدائها للجسد، الذي ترفضه وتتلاعب به بشكل عميقٍ وتعسُّفي. من البديهي، طبعًا، أنه ليس كل شيء (طبيعةً)، كما ليس كل شيء (ثقافةً) أيضًا. ولكنّ الإنسان الذي لا يقبل خصائصَه الجسدية، وكل ما يترتّب عنها، فإنه لا يتقبّل ذاته، مما يُفضِي به إلى اختلال في التوازن العاطفي والنفسي والرُّوحي. كما سنرى ذلك لاحقاً.
ضرورة تقبُّل الخصائص الجسديّة الخاصة:
لقد ذكّرتنا الصحافة العالمية منذ فترة بتجربةٍ طبيّة فظيعةٍ لسنواتِ السبعينيات، والتي باءت بفشلٍ ذريع. لقد أراد الطبيب النفسي الأمريكي جون ماني أن يبيّن أن الجنس يتعلّق بالطريقة التي نشأنا بها[31]. وقد شكّل كلٌّ من بروس وبراين رايمر فئرانَ تجرِبَتِه. وكان بروس قد تعرّض لحادِثٍ بعد ولادته، فاستغل الدكتور ماني ذلك لتغيير جسده بواسطة الجراحة التجميلية إلى جسد أنثويّ ظاهريًّا. وأخبر والديه بأن عليهما تنشئتُه على أنه بنتٌ دون أن يُخبِرا أحدًا بالحقيقة. فأصبح بروس هو بريندا، وكان براين عبارةً عن مرجِع في التجربة.
وبالرغم من أنّ الوالدان اتّبعا تعليمات الطبيب تماما، إلّا أن الأمور لم تجري على النّحو المتوقَّع: لم تكن تحِب التّنُّورات، ولم يكن مرحَّبا بها جيّدا في المدرسة، وسرعان ما أعلنت ميولات «سحاقيّة» على الرُّغم من الهرمونات التي أُتخِمَت بها. وفي سنّ الثالثة عشرة، كان والدها مجبَرا على إخبارها بكل شيء. ما جعل بريندا تقرّر الخضوع لعمليّة أخرى والعيش كولَدٍ. وقد سمّى نفسه ديفيد: كان يتذكّر كلّ حياتِه خلال تعذيبِ الجلساتِ العلاجيّة المتكرّرة مع ماني والتي أصابته بجُروح عميقة لم يتعافَ منها قطَ. وقد انتحر سنة 2004[32].
إنه مثال معبّر جدا: الطبيعة تُطالب بحُقوقها. في هذا المنحى، فإن الإنسان هو حقّا جسدُه. هذا لا يقتصر على امتلاكه وعيشِه. يُوجد الإنسان في العالم ليس فقط “من خلال جسده” (ميرلوبونتي)[33]، بل “من خلال كونِه جسدَه” (كونغار)[34]. من خلال تكوينه الجوهري، هو جسدُه، وفي نفس الوقت يتجاوزُ جسدَه.
إن الجنس والجندر لدى الشخصية الإنسانية –الأساس البيولوجي والتعبير الثقافي– ليسا بالطبع متطابقين، لكنهما ليسا أيضا منفصلين تمامًا.
وحتى نتمكّن من عقد الصّلة الصّحيحة بين الاثنين، يجب أخذُ عمليةِ تشكّل هويّة الرجل أو المرأة مُسبَقًا بعين الاعتبار؛ فالمتخصّصون يتحدثون عن ثلاث جوانب لهذه العملية، والتي تتداخل بانسجامٍ في الحالة العاديّة، وهي: الجنس البيولوجي، والجنس النفسيّ (السيكولوجي)، والجنس الاجتماعيّ[35].
الجنس البيولوجي يصِف الخصائصَ الجسديّة للشخص. وهناك عوامل كثيرة للاعتبار. «الجنس الجينيّ» (أو الكروموسوميّ) – المحدَّد من خلال الكروموسومات XX عند المرأة أو XY عند الرجل – والذي ينشأ عند الإخصاب، وهو «الجنس القندي» (sexe gonadal) المسؤول عن النشاط الهرمونيّ.
«الجنس القندي» بدوره له تأثير على «الجنس الجسمي» (أو المظهريّ) الذي يحدّد شكل الأعضاء التناسُليّة الداخليّة والخارجيّة.
يجب النّظر إلى هذه الأُسُس البيولوجية على أنها تتدخَّل بشكل عميق في كل الجسم، بحيث تكُون على سبيل المثال، كلُّ خليّة من جسم الأنثى مختلفةً عن كل خليّة من جسم الذكر. تتحدث العلوم الطبية أيضا عن الاختلافات الشكلية والوظيفية بين دماغِ ذكرٍ ودماغِ أنثًى[36].
الجنس النفسي يرتبط بالتجارب النفسية المُعاشَة من طرف شخصٍ مَا، باعتباره رجلًا، أو باعتبارها امرأةً. إنّه، عمليًّا، الوعيُ بالانتماء إلى جنسٍ محدَّد. وهذا الوعي يتشكّل في البداية خلال سنتين أو ثلاث سنوات، ويتزامنُ عادةً مع الجنس البيولوجي، ويمكن أن يتأثّر بعُمق بالتربية والمحيط الذي يكبُر فيه الطفل.
الجنس الاجتماعي (أو المدنيّ) هو الجنس الذي تمّ تعيينه لشخص ما عند ولادته. إنه يعكِس كيف يُنظَر إلى الشخص من طرف المحيطين به. وهو يُؤثِّر على الطريقة المحدَّدة للتّصرَف التي تُميّز رجلًا، أو امرأةً. وبشكل عامّ، يُعتَبَر نتيجةَ العمليّة التاريخية-الثقافيّة. وهو يشير إلى الوظائف والأدوار (وإلى القوالب النمطيّة) التي تُسنَدُ لمختلف مجموعات الأشخاص في كلّ مجتمعٍ.
هذه الجوانب الثلاثة ليست معزولةً بعضها عن بعضٍ، بل على العكس، فهي تندمج في العمليّة الأوسعِ لتَشَكُّلِ الهويّة الشخصيّة. يكتسب الشخص تدريجيًّا، خلال طفولته، أو عند مراهقته، الوعيَ بكونه «هو ذاته»، إنّه يكتشف هويّتَه، ويكتشِف، في داخله، كلَّ مرّةٍ بشكلٍ أكثر عُمقًا، البُعدَ الجنسيّ لوُجوده الشخصيّ. يكتسب الشخص بشكل تدريجيّ هويّةً جنسيّة (يستشعر العوامل البيوسيكولوجيّة الخاصّة بجنسه، والاختلاف مع الجنس الآخر)، وكذلك هويّةً نوعيّةً (يكتشف العوامل السيكوسوسيولوجيّة والثقافية للدّور الذي يلعبُه النساء أو الرجال في المجتمع). وفي عمليّة اندماجٍ صحيحة ومتّسِقَةٍ، يتطابق هذان البُعدان ويتكاملان.
الحالات البَين-جنسيّة (التي تُسمّى وسط بين الجنسين [خنثى]) تستحقّ اعتبارًا منفصلًا، ما دام أن هناك من يُريد أن يُبيِّن أنّ وجود مُغايِري الهويّة الجنسيّة (transsexuelles)، والخنثويّين يُثبت أنّه لا يوجد جنسان فقط. لكنّ الحالات البين-جنسيّة هي شُذوذات بخصائص إكلينيكيّة متبايِنَة. وهي تحدُث عادةً في مرحلة مبكّرة جدّا من النمو الجنينيّ. وهي محدَّدة بوجود تناقضٍ بين معيارٍ أو أكثرَ من المعايير المحدِّدة للجنس.
هذا يعني بأنّ الأشخاص مغايِري الهوية الجنسيّة، لديهم في نقطةٍ من نقاط السلسلة البيولوجيّة مرضٌ يؤدّي إلى التمايُز الجنسيّ.
إنهم يُعانون من تغييرات في النمو العاديّ للجنس البيولوجي، وللجنس السيكوسوسيولوجي أيضا، كنتيجةٍ[37].
وبدلاً من استعمالهم كعنصرٍ من عناصر الدّعاية لتحقيق “تفكيك” أسُس الأسرة والمجتمع، يتعيّن علينا أن نُبدي لهم احترامنا، وأن نضمن تلقّيهم العلاجَ الطبي المناسب[38].
وينبغي التفريق بين الهويّة الجنسيّة (رجل، أو امرأة)، والتوجُّه الجنسي (مُغاير الجنس، مثليّ الجنس، مزدوج الجنس).
ونحن نتحدث عن التوجُّه الجنسي من أجل أن نَصِف بشكل عاديٍّ التفضيلَ الجنسي الذي يستيقظ في المراهقة بتزامُنٍ مع المرحلة التي يكتمل فيها نمو الدماغ، ولديه أساسٌ بيولوجي، بالإضافة إلى أنّه يتشكّل بعوامل أخرى: التربية، والثقافة، والتجارب الشخصيّة. وبالرغم من اختلاف الأرقام حسب نوع البحث، يمكننا القول بأن الغالبيّة العُظمى من أفراد البشريّة هم مغايِرُو الجنس[39].
إن السُّلوك الجنسي ما يزال شيئًا آخر. وفي العادة هو عبارة عن سلوك مُختارٍ، ما دام هناك هامش كبير من الحريّةِ، في الطريقة التي يعتزم الرجلُ كما المرأةُ العملَ بها على ممارسة نشاطهم الجنسي.
أهميّة الإقرار بالاختلافات الجنسية:
إن التأكيد على أن الجنسين مختلفان؛ ليس تمييزيًّا، لكن على العكس من ذلك.
وإذا كنّا نرى أنّ المساواة هي شرط لازمٌ مُقدَّمًا للعدالة، فنحن نقع في الخطأ. المرأة ليست رجُلا من نوعٍ أدنى، والاختلافات ليست إعاقةً. وفضلا عن ذلك، فإنه ينبغي تحقيق تكافُؤِ مَا هوَ مختِلفٌ. إنّ القدرة على الاعتراف بالاختلافات، هي القاعدة التي تُبيّن درجةَ الذكاءِ والثقافة لدى كائنٍ بشريٍّ.
يؤكّد مثلٌ صينيّ قديم: «الحكمة تبدأ من مسامَحَة المُقبِل بأن يكون مختلفًا»، وعليه فإنه ليس الانسجامَ المُوحَّدَ، بل التوتُّرَ الصِّحيَّ بين كلٍّ من الأقطاب؛ هو ما يجعل من الحياة مثيرةً للاهتمام، وهو ما يُثريها.
ومن البديهيّ أنّه ليس هناك رجل وامرأة بشكلٍ متناقِضٍ، ولكنّ الحقيقة أنّهما يختلفان في توزيع صفاتٍ معيّنة. وعلى الرغم من أنه لا يمكننا حصر أيّ سمات نفسية، أو روحية ونسبتها إلى جنسٍ واحدٍ من الجنسين، فإن هُناك خصائص تعود في العموم، وبطريقةٍ حادّة للرجال وأخرى للنساء، من الصعب جدًّا رؤية الاختلافات في هذا المجال. وبدون شكّ، فإنّنا لن نصل إلى تحديد ما هو ذكريّ محض، وما هو أنثويّ محض بشكل دقيق علميًّا؛ لأنّ الطبيعة والثقافة، محدّدين كبيرين، مرتبطان بشكل وثيقٍ جدًّا من البداية. ومع ذلك، فإنّ أيَّ أحدٍ يمكن أن يُدرك ويُقِرّ، دون حاجةٍ إلى العلم، بأنّ الرجل والمرأة في الواقع يشعُران بالعالم بصورة مختلفة، ويحُلّان المشاكل بطُرق مختلفة، ويخطّطان ويتفاعَلان بأشكالٍ مختلفة.
تحدّي اكتشاف المواهب الخاصّة:
الرجل والمرأة، اللذان لا يتمايَزَان بالطبع على مستوى السمات الذهنية أو المعنويّة، يتمايزان، مع ذلك، في مجالٍ أكثر جوهريّةً وأنطولوجيّةً: الإمكانية ليكون كلّ منهما أبًا أو أمّا.
إنه بلا نزاعٍ السببُ النهائيّ للاختلاف بين الجنسين. ومع ذلك، فالأمومة لا يُمكن إرجاعها إلى الجانب الفسيولوجي، فقد تحدّث عدد من المفكّرين، على طول التاريخ، عن الأمومة الروحيّة، وهو المفهوم الذي ليس له، عمليًّا، علاقةٌ مع النُّعومة، والعاطفيّة، واللُّطف، التي تُبجَّل في الأدب الإيكولوجي[40].
الأمومة الروحيّة الحقيقيّة يمكن أن تكون مرتبطةً بالقُرب من الأشخاص، بالواقعيّة، بالغريزة، بالحساسيّة تجاه الضرورات النفسيّة للآخرين، وأيضا بقوّةٍ داخليّةٍ كبيرة.
إنّها عبارةٌ عن قُدرةٍ خاصّةٍ بالنساء على إظهار حبِّهنّ بطريقةٍ ملمُوسةٍ، وهي موهبةٌ مُمَيَّزة تستحق الإقرار بها، وإبرازَ الفرد بسببها من ضِمن الحُشود.
نذكُر هنا أن القيم الأنثوية هي قيمٌ إنسانية. وينبغي أن نفرّق بين «المرأة» والقيم التي تبدو أنها خاصّة أكثر بها، وبين «الرجل» والقيم التي تبدو أنها خاصّةٌ أكثر به.
في الواقع، كل شخصٍ يستطيع، بل ويتعيّن عليه، أن يُنمّي المواهب التي يُتَّفقُ على أنها ترتبط بالجنس الآخر، مع أنّ هذا في العادة، قد يتطلّب بذلَ جُهدٍ كبيرٍ. على سبيل المثال، المرأة الكاملة، والتي تشعر بالرضا عن نفسها، ليست فقط رقيقةً ومتفهِّمة، بل أيضًا قويّةً وشُجاعةً. كما أن الرجُل الكامل، ليس فقط شُجاعًا، ولكن أيضا متفهِّمًا، ومتواضعًا، ومِضيافًا.
فضلا عن ذلك، فإنّه حيثُما وُجِدَت موهبةٌ نسائية مُمَيَّزةٌ، يجب أن تكون هناك الموهبةُ الذكوريّة المقابِلة لها. ما هي القوّة الخاصة للرجل؟ هو بطبيعته يحتفظ بمسافةِ بُعدٍ عن الأشياء الملموسة في الحياة. هو دائمًا «خارج نطاق» عملية الحمل والولادة، ولا يستطيع أن يتّخذها إلا من خلال زوجته. غيرَ أنَ مسافة البُعد هذه هي التي تُمكِّنُه من التصرُّف بهُدوءٍ أكبر من أجل حماية الحياة وضمان مُستقبلٍ لها. وهذا يجعل منه أبًا حقيقيًّا، ليس فقط على المستوى الجسديّ ولكن روحيًّا أيضًا: أن يكون صديقًا قويّا وآمنًا وموضع ثقةٍ. ولكن هذا يُمكن، بالإضافة إلى ذلك، أن يجعله ينفصل عن الأشياء الملموسة، وهو العنصر الذي كان في الماضي مزروعًا في تربيةٍ من طرفٍ واحدٍ للأسف.
بغضّ النظر عن الجنس، هناك بالطّبع عوامل أخرى مسؤولة عن تركيبة شخصيّتنا. فلكلّ أحدٍ طريقتُه الفريدة التي يكون بها رجلا أو امرأةً. وعليه فمن الضروري أن يكتشف فرادَته الخاصّة بإمكانيّاتها وحُدودها، بنقاط قوّتها وضعفها. لكلّ شخصٍ مهمّة أصليّةٌ في العالم[41]. وهو مدعوٌّ للقيام بشيءٍ عظيم في حياته، ولا يستطيع أن ينجح في ذلك إلّا إذا قام بعملٍ سابقٍ: العيش في سلامٍ مع طبيعته الخاصّة.
- علاقةٌ مناسِبة بين الجنس والجندر:
هناك وِحدة عميقة بين الأبعاد الجسديّة والنفسيّة والروحيّة عند الإنسان، وتداخُل بين البيولوجيّ والثّقافيّ. التصرُّف له أساس في الطّبيعة، ولا يمكنه الاستغناء عنها بشكل تامّ.
طبيعة و”ثقافة”:
يجب على الثقافة، بدورها، أن تُقدّم استجابةً ملائمةً للطبيعة. فلا ينبغي أن تكون عائقًا أمام تقدُّم مجموعة من الأشخاص. وفي هذا المنحى، كان يوحنا بولس الثاني يحثّ الرّجال على “المشاركة في العمليّة الكبيرة لتحرير المرأة”[42]. بدون أدنى شكّ، فإن إدماج المرأة في عالم العَمَل، هي خطوة خلقت تحدّياتٍ جديدةً بالنسبة للجنسين.
المصطلح جندر يمكن أن يكون مقبولا باعتباره تعبيرًا إنسانيًّا وحُرًّا يقوم على أساس هويّةٍ جنسيّةٍ بيولوجيّة، ذكريّة أو أُنثويّة[43]. وهو يتوافق مع وصفِ العناصر الثقافيّة التي تؤطّر بنية وظائف الرجل والمرأة في السياق الاجتماعي.
ومع ذلك فليست كلّ الوظائف من الأشياء التي يتم بناؤها بشكل طوعيّ. فإن لبعضها جذرٌ بيولوجيّ أكثر قوّة. كذلك، يقول يوحنا بولس الثاني «يمكن أيضا أن نقدّر أنّ وجود بعضِ التنوُّعِ في الأدوار ليس على الإطلاق سيّئًا بالنسبة للنّساء طالما أنّ هذا التنوُّع ليس نتيجةَ فرضٍ تعسُّفيَ، بل بدلًا من ذلك تعبيرًا عمّا هو بالتّحديدِ ذكريّ أو أنثويّ.[44]»
أهميّة الأسرة:
إذا كان صحيحًا بأن النساء لسنَ فقط زوجاتٍ وأمّهاتٍ، فإن كثيرًا منهنّ في الحقيقة زوجات وأمهات، أو يرِدنَ أن يكُنّ كذلك. يجب إذن وضع الاحتمالات حتى يتمكّنّ من تحقيق ذلك بشرفٍ. المرأة التي لديها نشاط مهنيّ في الخارج؛ لا ينبغي أن تكون هي المرجع للنموذج المثالي الوحيد للاستقلاليّة الأنثويّة، مع كل الاحترام الذي تستحقّه هذه الأهداف الرّفيعة.
إن الأسرة ليست بالطّبع المهمّة الحصريّة للمرأة. ولكن حتّى لو كان الرجُل يُظهِر مسؤوليّته ويُوائم بشكلِ كافٍ بين مهامّه المهنيّة والأُسريّة، لا يمكن أن ننكِر أنّ المرأة تلعب دورًا مهمًّا جدًا داخل المنزل.
إنّ إسهامَها الخاصّ ينبغي أن يكون مُعتَبَرًا تماما في القانون، وبالتّحديد مأجورًا من وجهة النظر الماليّة والسوسيو-سياسيّة[45]. إنّ سَنَّ القانون، بتعاوُنٍ وثيقٍ معها، ينبغي أن يُعتبَر ليس فقط حقًّا، بل أيضا واجبًا على المرأة.
ملاحظة أخيرة:
إنَ تقدُّم مجتمعٍ ما، يتوقَّف على استعمال كلّ الموارد البشريّة. وهذا يعني أنّ النساء والرجالَ مطالَبون بالمشاركة على كل مستويات الحياة العامّة والخاصّة. والمحاولات الرّامية إلى تحقيق هذا الهدف على مستوى الحكومات السياسيّة والشركات والمستويات الثقافية والاجتماعية والأُسريّة فحسب، يمكن أن يكون متطَرَّقًا إليها تحت مبدأ منظور النوع (gender mainstreaming)، إذا كانت هذه المساواة تتضمّن الحقّ في أن نكون مختلِفين.
اقرأ ايضاً: ما هي ما بعد النسوية
* جوتا بورجراف دكتورة في البيداغوجيا، ودكتورة في الثيولوجيا. توفيت في مدينة (بامبلونا) الإسبانية في نوفمبر 2010.
[1] تبعية المرأة تنطوي على انتهاك لمبدأ المساواة بين الجنسين، وضدَ حقوق الإنسان المعترَف بها في الإعلان العالمي للأمم المتحدة لعام 1948، وكذلك العديد من وثائق الأمم المتحدة الأخرى.
[2] حصلت النساء على حق التصويت سنة 1918 في إنجلترا وألمانيا، في السويد (1919)، في الولايات المتحدة (1920)، في بولونيا (1923)، وفي دُوَلٍ أخرى. وحصلْنَ عليه لاحقًا، في إسبانيا (1931)، سنة 1945 في فرنسا وإيطاليا، في كندا (1948)، في اليابان (1950)، في المكسيك (1953)، وأخيرًا، أيضًا في سويسرا (1971).
[3] لا يمكن أن نُنكِر أن يكون هناك بعض تمييزٍ ضدّ المرأة في الممارسة الاجتماعيّة.
[4] Simone de BEAUVOIR, Alles in allem, Reinbek 1974, p. 450
[5] Cf. IDEM, Das andere Geschlecht, Hamburg 1951, p.409 s. (Le Deuxième Sexe, Paris 1949.)
[6] Cf. ibid., p. 504 : « ليس هناك ما هو أكثر سخافةً من المبرِّرات التي يُحتجُّ بها في معارضة تقنينٍ للإجهاض».
[7] Cf. ibid. p. 697.
[8] Shulamith FIRESTONE, The Dialectic Sex, 1970.
[9] عُقِد التحالف بين النسويّة والبيئويّة (écologisme) سنة 1992 في المؤتمر العالمي حول البيئة والتقدُّم، بريو دي جانيرو.
[10] Cf. Vandana SHIVA (1988), Abrazar la vida. Mujer, ecología y desarrollo, trad. Instituto del Tercer Mundo de Montevideo (Uruguay), Madrid, 1995.
[11] قام مانفريد إي. كلاينز وناثان إس. كلاين بإنشاء المصطلح cyborg سنة 1960 للتعبير عن العلاقة الحميميّة التي توجد بين البشر والآلات. وقد أشارا بشكلٍ ملموس إلى كائن بشريّ تمّ تحسينُه اصطناعيًّا، والذي يمكنه البقاء على قيد الحياة خارج كوكبنا. وبالاتّفاق مع بعض التعاريف الحاليّة لهذا المصطلح، فإنّ الإدمان على التقنية الذي نعرفه، قد بدأ في جعلنا نصبح cyborgs. على سبيل المثال، شخصٌ بناظمة قلبية اصطناعية pacemaker يمكن أن يكون سايبورغ طالما أنه لا يستطيع العيش من دون هذا الإسعاف الميكانيكي.
[في الملاحظة الأصليّة للكاتبة: pass-maker دون إشارةٍ لتسمية أخرى، وعدّلتُها إلى pacemaker التي تعني منظّم ضربات القلب الاصطناعيّ؛ لترجيحي أنّه وقع خطأ من الكاتبة، ذلك أنّي لم أجد -في حدود بحثي- معنًى لـ pass-maker. (المترجم)][12] بعض مناصري نسويّة الجندر يقترحون: ” In order to be effective in the long run, family planning programmes should not only focus on attempting to reduce fertility within existing gender roles, but rather on changing gender roles in order to reduce fertility.” («لكي تكون برامج التنظيم الأُسَريَ فعَالة على الأمد الطويل، يجب ألّا تسعى فقط إلى التخفيض من الخصوبة داخل الأدوار الجندرية القائمة، بل إلى تغييرها من أجل تخفيض الخصوبة»). الاقتباس موجود في Gender Perspective in Family Planning Programs، الذي تمّ إعداده من طرف الـ Division for the Advancement of Women for the Expert Group Meeting on Family Planning, Health and Family Well-being, Bangalore (India), 26-30 octobre 1992؛ والذي نُظِّمَ بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA).
[13] يجدر التنبيه إلى أن هذا الاتجاه ليس عامًا داخل النسويات، فهناك نسوية -تنعت نفسها بالمنشقة- هي كامل باليا، ترى في القول بأن الذكورة والأنوثة مبنية اجتماعيًا رفضًا تامًا للعلم، ومن ناحية أخرى ترى أن النسويات اللاتي يهرعن للتحكم في خصوبتهن بالتقنيات الحديثة متناقضات عندما يرفضن ما يقوله العلم عن الاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة. -الإشراف.
[14] جوديث بتلر: «عندما نحاجج بأنَ الجندر هو بناءٌ مستقلٌّ جذريًّا عن الجنس، فإنّ الجندر نفسه يصبح حيلةً بدون أيّ مُرفَقَاتٍ. ونتيجةً لهذا، يمكن لـ(رجل) و(ذكريّ) أن تشير إلى جسد أنثويّ، بنفس القدر الذي تشير به إلى جسدٍ ذكريّ؛ كذلك الحال بالنسبة لـ (امرأة)، و(أنثويّ)، التي يمكن أن تشير إلى جسد ذكريّ، بنفس القدر إلى أنثويّ». راجع هذا العمل الذي يُعتبَر موضع تساؤل في بعض الدّوائر الأكثر تطرُّفا؛ لأنّه لا ينفصل بشكل تامّ عن البُعد البيولوجيّ، لكنّه مع ذلك يُعَدُّ أحَدَ المؤلَّفات المفتاحيّة لأيديولوجيا الجندر:
Gender Trouble. Feminism and the Subversion of Identity, New York-London 1990, p.6.
بالإسبانيّة:
Problemática del género, 1990 ; otra obra suy influyente : El género en disputa, Barcelona 2001
[15] Cf. Jane FLAX, Thinking Fragments. Psychoanalysis, Feminism and Postmodernism in the Contemporary West, Berkeley 1990, pp.32s.
[16] Cf. Donna HAREWAY, Un Manifiesto Cyborg : Ciencia, Tecnología, y Socialismo-Feminista en el Siglo Veinte Tardío, 1985 ; Primate Visions : Gender, Race and Nature in the Word of Modern Science, 1989 ; Simians, Cyborgs, and Women : The Reinvention of Nature, 1991.
[17] هناك تناقُض: فمن جانبٍ نُؤكِّد، بشدّة، بأنّنا لا نستطيع تغيير المثليّة الجنسيّة، ومن الجانب الآخر، نحاول أن نحرِّك مغايَرَة الجنس.
[18] لقيت نسويّة الجندر ترحيبًا مشجّعا في العديد من المنظَّمات الدّوليّة المهمّة، والتي من ضمنها عددٌ كبيرٌ من هيئات الأمم المتّحدة. وكذلك في المزيد من الجامعاتٍ دائما يتمّ المطالبة برفع «دراسات الجندر» إلى مرتبةٍ علميّةٍ جديدةٍ.
[19] وقد كان فريديريك إنجلز هو الذي أرسى أُسُس الوحدة بين الماركسيّة والنسويّة. أنظر كتاب:
The Origin of the Family, Property and the State, New York 1972.
[20] Simone de BEAUVOIR, Das andere Geschlecht, cit. p.285.
[21] IDEM, Alles in allem, cit., p.455.
الدراسات السوسيو-ثقافية لمارغريت ميد (1901-1978) يمكن أيضًا أن تُفهَم في هذا السياق التاريخيّ، بالرغم من أنّ الصّلاحيّة العلميّة لمساهماتها قد تمّ التشكيك فيها من قِبَل باحثين آخرين. راجع: Margaret MEAD, Male and Female. A Study of the Sexes in a Changing Word, New York 1949. Gloria SOLÉ ROMEO, Historia del feminismo. Siglos XIX y XX, Pamplona 1995, pp.50-53.
[22] Cf. le reportage Das schönste Photomodell wird endlich eine Frau en Neue Zürcher Zeitung (17-III-1997), p.28.
[23] راجع سفر التكوين 1: 27: «فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.». [وفي البخاري من حديث أبي هريرة: “خلق الله آدم على صورته”. -الإشراف].
[24] في الإسلام، لا فضل لفرد على فرد -رجلا كان أو امرأة- إلا بالتقوى والعمل الصالح، وحب الله تعالى للمرء مرتبط بعمله، وليس مجرد كونه ذكرًا أو أنثى؛ من ناحية أخرى، فخلق العالم رجالا وإناثًا هو خلق كوني، لا يلزم منه محبة ولا رضا، بل من خلق الله من يبغضه الله مثل إبليس؛ ومن ثم فرضا الله ومحبته تلازم الأمر الشرعي. -الإشراف.
[25] Cf. Constitution Pastorale Gaudium et Spes (GS), 24, du Concile Vatican II et la Lettre Apostolique Mulieris dignitatem (MD), 7, 10, 13, 18, 20 y 30, du Pape Jean-Paul II (15 août 1985).
[26] هذا حسب التصور المسيحي الذي تنطلق منه المؤلفة، وهو أن الإنسان على صورة الإله بمعنى أنه -حسب تفاسير سفر التكوين- (صار الله إنسانًا، لكي يصير الإنسان إلهًا) -تعالى الله عن ذلك- والمقصود أن الإنسان في سعيه نحو سعادته في علاقته مع الآخر يفعِّل هذه الصورة الإلهية بداخله؛ وعندما ينغلق على نفسه فإنه يشوه هذه الصورة. أما التصور الإسلامي، فالإنسان لا يتشبه بالله، بل يعبد الله، وكرامته وشرفه في تحقيق مقام هذه العبودية. -الإشراف.
[27] Cf. Der Homo-Ehe folgt die Single-Ehe, en « Komma » (16/2003), p.27.
[28] هذا الموقف يعبّر بصورة واضحة جلية عن الحالة التي يؤول إليها تعزيز الفردانية والأنا في المجتمعات الغربية، من ناحية أخرى يظهر مدى الضعف والهشاشة والخوف من خوض تجربة مع الآخر؛ وهي حالة غير سوية فضلًا عن أن تكون نازلة عن الكمال. -الإشراف.
[29] Cf. Carlo CAFFARRA : Etica general de la sexualidad, Barcelona 1995, p.118.
[30] Angelo SCOLA : ¿Qué es la vida ? cit., p.129.
[31] جون ماني (1921-2006)، خبير في علم الجنس sexologie بجامعة جونز هوبكينز في بالتيمور (الولايات المتحدة) وأحد المرجعيات الأكثر تأثيرًا لنظريّة الجندر.
[32] Cf. Volker ZASTROW, Der kleine Unterschied, in Frankfurter Allgemeine Zeitung, nº 208 (7-IX-2006), p.8.
[33] موريس ميرلوبونتي، فيلسوف فرنسي تأثر بفينومينولوجيا هوسرل وبالنظرية القشتالتية، التي وجهت اهتمامه نحو البحث في: دور المحسوس والجسد في التجربة الإنسانية بوجه عام، وفي المعرفة بوجه خاص. من أهم كتبه بنية السلوك، وفينومينولوجيا الإدراك.(الويكيبيديا، بتصرف: المحرر).
[34] إيف ماري كونغار، لاهوتي دومينيكاني شهير.(المحرر).
[35] الجنس البيولوجي يُسمى ببساطة sex، جنس، في حين أن الجنس النفسي والاجتماعي مُلحَقان بمصطلح gender، نوع.
[36] Cf. Dennis D. KELLY : Sexual Differentiation of the Nervous System, en : Principles of Neural Science, ed. par Eric R. KANDEL, James H. SCHWARTZ, Thomas M. JESSELL, 4. ed. (Ed. Appleton and Lange), Norwalk, Connecticut 2000, p.1131-1149.
- NOPOULOS, M. FLAUM, D. O’LEARY, N.C. ANDREASEN : Sexual dimorphism in the human brain : evaluation of tissue volume, tissue composition and surface anatomy using magnetic resonance imaging, en : Psychiatry Res (2000/2), p.1-13.
- DAVIDSON, K.R. CAVE, D. SELLNER : Differences in visual attention and task interference between males and females reflect differences in brain laterality, en : Neuropsychologia (2000/4), p.508-514.
- SADATO, V. IBANEZ, M.P. DEIBER, M. HALLETT : Gender difference in premotor activity during active tactile discrimination, en : Neuroimage (2000/5), pp.532-540.
- KANSAKU, A. YAMAURA, S. KITAZAWA : Sex differences in lateralization revealed in the posterior language areas, en : Cereb Cortex (2000/9), p.866-872.
[37] على سبيل المثال، الجنس المظهريّ، لا يُطابِق تمامًا الجنس الكروموسوميّ، والقنديّ، أو الأعضاء الجنسيّة الخارجيّة والداخليّة لا تتطابق. أيضا، فإن الأشخاص مُغايِري الهويّة الجنسيّة يستشعرون الجنس المقابِل لبنيتهم الشكليّة. لمزيدٍ من المعلومات راجع:
GONZÁLEZ MERLO : Ginecología, chap. 3 : Estados Intersexuales, Barcelona 1998.
Ana Carmen MARCUELLO et María ELÓSEGUI : Sexo, género, identidad sexual y sus patologías, en Cuadernos de Bioética (1999/3), p.459-477.
[38] في الفقه الإسلامي ليست الخنوثة طبقة واحدة، فهناك خنثى مشكل، وغير مشكل، فالخنثى غير المشكل: من يتبين فيه علامات الذكورة أو الأنوثة، فيعلم أنه رجل، أو امرأة، فيلحق بأحدهما؛ أما الخنثى المشكل: فهو من لا يتبين فيه علامات الذكورة أو الأنوثة، ولا يعلم أنه رجل أو امرأة، أو تعارضت فيه العلامات. -الإشراف.
[39] راجع مثلا دراسات الطبيب النفسي جيرارد جي. إم. فان دين اردويج:
Gerard J.M. van den AARDWEG : Das Drama des gewöhnlichen Homosexuellen. Analyse und Therapie, 3. ed. Neuhausen-Stuttgart 1995, p.17-47. (Original anglais Homosexuality as a Disease of Self-Pity).
[40] Cf. Alicia PULEO (ed), Del ecofeminismo clásico al deconstructivo : principales corrientes de un pensamiento poco conocido, en Celia Amorós y Ana de Miguel (eds.), Teoría feminista. De la Ilustración a la globalización, Madrid, 2005, p.121-152.
[41] Cf. Jutta BURGGRAF, La liberté vécue avec la force de l’amour. Le Laurier, Paris 2010.
[42] JEAN-PAUL II : Lettre aux femmes (29 juin 1995), 6.
[43] Cf. les Documents de la Délégation du Saint Siège incorporés aux Actes de la Conférence mondiale de Pékin, 1995, rassemblés par José Manuel CASAS TORRES : La cuarta conferencia mundial sobre la mujer, Madrid 1998, p.78.
[44] JEAN-PAUL II : Lettre aux femmes, 6.
[45] Cf. Jean Paul II : Encyclique Laborem exercens, (14 septembre 1981), 19.
مقال ممتاز، ترجمة أنيقة، اشيد بالموضوع ونوعيته، مزيدا من التألق