الفلسفة

الفلسفة والأنثروبولوجيا: علاقة متوترة

  • طارق رفيق خان، مدثر أحمد
  • ترجمة: دعاء خالد
  • تحرير: محمود سيّد

الملخص

تهدف هذه الدراسة إلى تحديد العلاقة بين الفلسفة والأنثروبولوجيا؛ كما توضح التناظر الحميم بينهما من ناحية الميتافيزيقا، والأخلاقيات، ونظرية المعرفة، واللغة، والثقافة، والبيئة. كما تبحث في تطور الأنثروبولوجيا في ضوء تاريخ الفلسفة الذي يشمل: الفلسفة اليونانية القديمة، والعصور الوسطى، والفلسفة الحديثة.

في هذا البحث سأتولى توضيح كيفية تفسير الفلاسفة لموضوع الأنثروبولوجيا؛ وحيث أن الأنثروبولوجيا هي دراسة للإنسان، فقد شرح الفلاسفة ما يتناوله علم الأنثروبولوجيا بالدراسة، سواء كان على هيئة دراسة ميتافيزيقية للإنسان، أو لإنجازاته الأخلاقية، والجمالية، والعقلانية، وسماته البيئية، والجسدية، والنفسية. سيبيّن هذا البحث دور البشر في نطاق الزمان والمكان والبيئة والوجود واللغة.

المقدمة

تعود جذور الأنثروبولوجيا للكلمة اليونانية Anthropos والتي تعني الإنسان؛ مما يدل أن الإغريق كانوا واسعي المعرفة بأصول وطبيعة هذا العلم البشري. لكن في زمن الفلسفة اليونانية لم تكن للعلوم الإنسانية تصنيفات. لذلك؛ ما وصفه اليونانيون وعرّفوه بالبشر، قد عرّفوه في ضوء الفلسفة. سأقتبس بعض الأمثلة التي يمكننا من خلالها الافتراض والاستنتاج أن الأنثروبولوجيا لها أصل في الفلسفة. لقد أشرت هنا الى بعض العبارات التي يمكننا من خلالها التنبّؤ بوجود فكرة الأنثروبولوجيا في الماضي في أذهان وأعمال الفلاسفة اليونانيين بصورة ضمنية أو صريحة.[1]

  • طاليس: “الماء أصل كل شيء؛ مما يعني أن الإنسان خُلق من الماء”.
  • أناكسيماندر: “’اللانهاية’ أصل الأشياء؛ مما يعني أن الانسان خُلق من العنصر اللانهائي”.
  • أنكسيمانس: “الهواء أصل كل شيء؛ مما يدل أن البشر خُلقوا من الهواء”.
  • هرقليط: “البشر دائمو التغيّر”؛ كما جاء في قوله (لا يمكن للمرء أن يغتسل في نفس النهر مرتين، مما يعني أن البشر في حالة تغير مستمر؛ والإنسان يتغير عقليًّا وجسديًّا). (تانتراي، دور الفلسفة للبحث في قيم المجتمعات التقليدية والمجتمعات الحديثة: دراسة أخلاقية، 2017، ص 28 – 29).
  • أناكساغوراس: “البشر صُنعوا من أربعة عناصر من الأرض والماء والنار والهواء”.
  • ديموقريط: ” البشر هم مجموعة من الذرات”.
  • أفلاطون: “البشر مصنوعون من الجسد والروح”.
  • أرسطو: “الإنسان حيوان عقلاني”.
  • سيغموند فرويد: “الإنسان مكون من ثلاث سمات شخصية: الهو والأنا والأنا العليا”.

تُعرف الفلسفة بأنها العلم المؤسس لكل العلوم بالإضافة إلى كونها أم العلوم. لذلك؛ من خلال هذه التعريفات يمكننا استنتاج أن المشاكل الأنثروبولوجية هي أيضًا مشاكل فلسفية. إن دور الفلسفة هو تتبع وتصنيف المشكلات بتفاصيلها وتقديم حلول لها أيضا، بدلاً من تحليلها. إن الفلسفة هي الفهم الواضح للبشرية؛ وإذا كانت الأنثروبولوجيا هي دراسة الأنواع المختلفة من البشر وطبيعتهم، فإن الفلسفة هي الموضوع الأساسي لدراسة الأنثروبولوجيا لأن المشاكل التي نواجهها اليوم لها جذور وصفية في الحكمة الفلسفية. يبدو لي أن الأنثروبولوجيا هي فرع من فروع الفلسفة لأن البشر كانوا موضوعًا للدراسة في العديد من فروع العلوم الفلسفية، لكن بأسماء مختلفة؛[2] فقد عُرِّفت الأنثروبولوجيا -بما هي دراسة للبشر- وفق مصطلحات وتحليلات عديدة مثل Purusa, Atma, Sharirr, Bhutas في مجال الفلسفة الهندية، وهي تعني: النفس، أو الذات، والروح، الوجدان، في الفلسفة الإسلامية، وفي السياق الغربي الإنسان مكوّن من مادة وروح وفكر، ودازاين.[3]

العلاقة بين الفلسفة والأنثروبولوجيا

ترتبط الفلسفة والأنثروبولوجيا ارتباطًا وثيقًا ببعضهما البعض؛ ففي حين تقدم الأولى الأساس والمنهج العقلاني لدراسة البشر، ثقافتهم وبيئتهم؛ فإن الثانية هي دراسة البشر ضمن مخطط الزمان والمكان. لأنه نادرًا ما وُجِد حقل علمي -باستثناء الفلسفة- بَحَثَ عن ماهية الإنسان في جوانبه المتعددة والتي تشمل الدراسة الميتافزيقية للإنسان (الذات والروح والجوهر)، والدراسة الأخلاقية (سمة التطور الأخلاقي، سمة الشخصية، والعادات، والسلوك)، والتحول الاجتماعي والتحول الثقافي)، والتطور اللغوي (التواصل والتعبير والصوت)، والدراسة الدينية التي تستكشف نظام المعتقدات والدين للأجيال المختلفة في الحاضر والماضي. لذلك نتج عن هذه الدراسات فروع متنوعة للأنثروبولوجيا مثل الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية واللغوية والبيولوجية والسياسية واللغوية والدينية والبيئية. هذا يعني أن الأنثروبولوجيا لها تاريخها في الفلسفة.[4] إذا كانت الأنثروبولوجيا هي دراسة الإنسان بحاضره وماضيه وثقافته ولغته وعاداته ودينه وبيئته أيضًا، فإن هذه القضايا قد نُوقشت في السابق، وتمّ استكشافها في مذاهب الحكمة الفلسفية. ما الذي يجعل البشر بشرًا؟ ما دورهم في العالم؟ كيف تغيّرت الثقافات؟ كيف كانت الروح والجسد هي العناصر المكونة للإنسان؟ ما دور اللغة في تطور الإنسان؟ كيف تطور البشر مع الزمان والمكان المناسبين؟ ما هي نظريات التطور المختلفة للإنسان، أي النظريات الدينية والروحية والبيولوجية ونظريات علم النفس أيضًا. هذه الأسئلة لها إجابة في الفلسفة، أو بالأحرى الفلسفة أجابت على هذه الأسئلة في الماضي.[5]

فيما يلي أوصاف وجدل حول البشر وطبيعتهم الأصلية.

  • ديكارت: الإنسان كائن مفكر.
  • كانط: يستخدم البشر الفهم والإدراك في إصدار الأحكام.
  • كيركيغارد: البشر كائنات وجودية.
  • سقراط: اعرف نفسك.
  • فيتجنشتاين: يجب على البشر أن يجعلوا لغتهم سهلةً وواضحةً من أجل نقل أفكارهم وتقنياتهم ونشرها.

يمكننا استكشاف طبيعة البشر من خلال الانعكاسات الفلسفية للفلسفة القديمة والعصور الوسطى والحديثة، وأيضًا مع النظريات الفلسفية المختلفة. يبدو لي أن للفلسفة والأنثروبولوجيا نفس الوظائف التي يجب اكتشافها. تدرس الفلسفة المشكلات الأساسية مثل الوجود والمعرفة والوعي والفهم والسببية والعقل والجسد والوقت والمكان والعالم والذات والواقع. في نفس النهج الموازي، تدرس الأنثروبولوجيا طبيعة الجنس البشري وعلاقته بتلك المشاكل الفلسفية.

اشتقّ علماء الأنثروبولوجيا كل نظرياتهم ومفاهيمهم من الفلسفة لأن كل جانب من جوانب الطبيعة البشرية قد ناقشه الفلاسفة بالتفصيل، سواء كان التطور الروحي للإنسان أم اقتصاديًّا أم وجوديًّا أم بيئيًّا أم ميتافيزيقيًّا أم معرفيًّا أم أكسيولوجيًّا أم عقليًّا أم بيولوجيًّا أم أخلاقيًّا أم ثقافيًّا. تصف الفلسفة الإنسان دائمًا بأنه على رأس المخلوقات، وقد أطلقت الفلسفة عليه العديد من الأسماء.[6]

وفي ذكرى للدكتور محمد إقبال أنه يدعو الإنسان mard-e-mumin و mard-e-kamil (خليفة الله في الأرض)، وينصّ القرآن على فوقية البشر على جميع المخلوقات لأنهم كائنات مسؤولة.[7]

الخصائص والقيود

  1. تدرس الأنثروبولوجيا الطبيعة البشرية ولكن يمكن تقييم هذه الدراسة على أساس النظريات الفلسفية.
  2. المعرفة الأنثروبولوجية محدودة، بينما المعرفة الفلسفية شاسعة.
  3. يمنحنا علم الأنثروبولوجيا معايير محدودة للدراسة، بينما تقدّم لنا الفلسفة جميع المجالات لدراسة الطبيعة البشرية.
  4. من خلال الأنثروبولوجيا والفلسفة يمكننا تحليل وتطوير مجتمعنا الثقافي والنظام السياسي والاقتصاد وتطوير الذات.
  5. ترتبط الفلسفة والأنثروبولوجيا ارتباطًا وثيقًا ببعض بحيث يمكننا تقييم وامتحان مجموعة مختلفة من النظريات والفلسفات من أجل التقدم والتغيير.
  6. تواصل الفلسفة والأنثروبولوجيا التطور والتغيير. ومن خلال هذه المجالات يمكننا أن نرى تطور وطبيعة تاريخ البشر في الماضي والحاضر.
  7. بدون الفلسفة، لا يمكن للأنثروبولوجيا أن تنجح ولن تؤدي إلى نتائج نافعة.[8]
  8. إذا لم تكن تتواجد الفلسفة في الأنثروبولوجيا، فمجالها غير محدد؛ ولا يمكن فهمها.[9]
  9. تدرس الأنثروبولوجيا الطبيعة البشرية فقط فيما يتعلق بالزمان والمكان، لكن الفلسفة تدرس جميع المجالات المرتبطة بها والتي يهتم بها الإنسان.[10]

الميتافيزيقا والأنثروبولوجيا

الميتافيزيقيا هي دراسة تلك الكيانات أو المعلومات التي تقع خارج نطاق فهمنا وخبرتنا ومنطقنا، أي ما وراء الزمان والمكان. تُعرف الميتافيزيقا بالفلسفة الأولى لأنها تدرس المبادئ الأولية. لذلك؛ في ارتباطها الوثيق بالأنثروبولوجيا، نستطيع الافتراض بأن الأنثروبولوجيا لديها جزء ميتافيزيقي يتعلق بتناول العلوم الإنسانية الجوانب المتعلقة بالإنسان والإله والعالم. عندما ندرس الإنسانية والإنسان بشكل ضمني أو صريح من حيث علاقته المتبادلة مع الإله والعالم وكذلك الزمان والمكان، فإننا بهذه الطريقة نتعامل مع الميتافيزيقيا. تستكشف ميتافيزيقيا الأنثروبولوجيا الجزء الروحي والعقلي والنظري للإنسانية. كما وصف أعظم علماء ما وراء الطبيعة في العالم مثل فيثاغورس، سقراط، أفلاطون، أرسطو، سبينوزا، بيركلي، برادلي، البشرية بأنها عنصر خارق للطبيعة ومنفرد من حيث الجوهر. وترى الفلسفة اليونانية التقليدية مفهوم عقل (الإنسان) أنه مكوّن روحي، أو غامض، في مقابل الجسد أو المادة، فالفلاسفة اليونانيون يتصورون أن العقل هو الجزء روحي بينما الجسد هو الجانب المادي.

ترتبط الميتافيزيقيا والأنثروبولوجيا ببعضهما البعض وتتطوران يدا بيد؛ وأسست علاقتهما معرفةً هائلةً في بحر العلوم البشرية. على الرغم من أن البشر -أجسادهم- مكونة من مادة، إلا أن إنسانيتهم تتجاوز هذه المادة، ومعرفة كيف استطاع البشر تطوير هذه الإنسانية ونقلها إلى الثقافات، وتطورها مع الوقت المناسب يمكن التحري عنه من خلال الاستكشاف الفلسفي والعقلاني فقط. فالميتافيزيقيا هي دراسة للذات، وفي الأنثروبولوجيا هذه الذات هي “الإنسان”. الأولى للواقع المطلق، والأنثروبولوجيا دراسة للواقع النهائي للبشر من تصرفاتهم وثقافاتهم وتطورهم. ذات مرة قال هيجل أن “كل ما هو حقيقي هو عقلاني، وكل ما هو عقلاني هو حقيقي”؛ مما يعني أن كل ميتافيزيقي له مقابل مادي وكل مادي له جانبه ميتافيزيقي. وهكذا ترتبط الأنثروبولوجيا ارتباطًا وثيقًا مع الميتافيزيقيا والأنطولوجيا. وفقًا لكيركجارد “الوجود يسبق الكينونة”، ويشير إلى أن دراسة البشر هي الأصول الأولى ولا يمكن تحديد جوهرهم إلا من خلال كينونتهم.

فيما يلي بعض التصريحات الأنطولوجية للفلاسفة:

  • ديكارت: أنا أفكر، إذن أنا موجود.
  • كانط: أنا مدفوع بالواجب، لذا أستطيع تنفيذه.
  • كيركيغارد: أنا موجود، إذن أنا أفكر.
  • توماس جيفرسون: أنا أشعر، إذن أنا موجود.
  • ألبير كامو: أنا متمرد، إذن أنا موجود.
  • ليو تولستوي: أنا أملك الإرادة، إذن أنا موجود.
  • بول فاليري: وقتما أفكر، أستشعر وجودي.
  • ماكس شتيرنر: أنا أعمل، لذا أنا إنسان.

نظرية المعرفة والأنثروبولوجيا

بما أن نظرية المعرفة تُعرف بدراسة الإدراك والفهم. لذا؛ تحتاج الأنثروبولوجيا إلى نظرية المعرفة لفهم البشر وأخلاقهم وثقافاتهم ولغتهم أيضًا. كيف يمكننا معرفة البشر؟ وكيف يمكننا معرفة لغتهم وعاداتهم وثقافاتهم؟ هل هناك حدود لمعرفتهم. تطرح نظرية المعرفة بيئةً خصبةً لفهم الإنسانية. يسمى العالم اليوم قريةً عالميةً فقط بسبب أن الناس يستطيعون معرفة بعضهم البعض، وطبائعهم النفسية، وبيئتهم، وثقافتهم، ولغتهم، وتركيبتهم البيولوجية، وفلسفتهم بسهولة. بمساعدة الأبحاث الحديثة والتحري، نفترض أن الإنسانية هي سمة (معيارية) في البشر تمامًا مثل قدرة الطيور على الطيران. يمكن للبشر تعلم واكتساب الأعراف والأخلاق بمجرد حصولهم على بيئة مناسبة وجيدة، بينما الطيور والحيوانات لا يمكنها ذلك. لا تستطيع الطيور والحيوانات تنمية الأخلاق حتى لو استطعنا توفير البيئة المناسبة لها.

علم القيم والأنثروبولوجيا

علم القيم والأنثروبولوجيا متصلان بشكل وثيق. في حين أن علم القيم يدرس القيم (المبادئ) والبشرية والانسان والقيم الخاصة بالإنسان. بما أن علم الأكسيولوجيا هو دراسة القيم. إذن، هل علم القيم على وفاق مع الأنثروبولوجيا التي تدرس الإنسان؟ عندما نُولي اهتمامًا للأنثروبولوجيا، فإن موضوعها الرئيسي هو؛ ما الذي يجعل من الإنسان بشرًا؟، وهذه هي القيمة الوحيدة التي تنير الخصال الإنسانية. جميع القِيَم الثلاثة، يتحدّد الخير والحقيقة وجمال الأخلاق والمنطق والجماليات أيضًا بواسطة الطبيعة الأخلاقية والعقلانية والنموذجية للبشر وإنسانيتهم (Tantray، 2016).

الأنثروبولوجيا الاجتماعية

ظهر مصطلح الأنثروبولوجيا الاجتماعية في بريطانيا في السنوات الأولى من القرن العشرين واستُخدِم لوصف نمط معين للأنثروبولوجيا وهو النمط المقارن، القائم على العمل الميداني، وله ارتباط قوي بالأفكار الاجتماعية لإميل دوركهايم ومجموعة العلماء الفرنسيين المنتسبين للحولية السوسيولوجية L’Année sociologique. بالرغم من أن السمة الأساسية للأنثروبولوجيا الاجتماعية هي أنها كانت على طرف النقيض من مدارس الأنثروبولوجيا التطورية والتيارات الانتشارية التي كانت رائجةً آنذاك، إلا أنه بحلول منتصف القرن العشرين كانت الأنثروبولوجيا الاجتماعية قد اتخذت منعطفًا يتناقض بشكل متزايد مع التقاليد الإنسانية الكبرى للأنثروبولوجيا الثقافية الأمريكية. في هذه المرحلة، انتشر هذا المجال في أجزاء مختلفة مما كان يُعرف آنذاك بالإمبراطورية البريطانية، كما تم تأسيسه كمسار مميز للتعليم والبحث في عدد من الجامعات الأمريكية. لكن السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية أدّت إلى انهيار جزئي للمعارضة البريطانية للأنثروبولوجيا الثقافية الأمريكية، حيث تخلّى العلماء الشباب عن مبادئ علم الاجتماع المقارن التي وضعها أحد مؤسسي هذا المسار: رادكليف براون. ومع ذلك، خلال الفترة نفسها، ارتفعت نسبة استخدام المصطلح في قارة أوروبا، فقد وافق عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي كلود ليفي شتراوس على رئاسة كرسي الأنثروبولوجيا الاجتماعية في كوليج دو فرانس في عام 1959، وحين أنشأ علماء الأنثروبولوجيا الأوروبيون جمعيةً مهنيةً مشتركةً في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، أُخذ عنوان الرابطة الأوروبية لعلماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية (EASA)، وسميت مجلة الأنثروبولوجيا الاجتماعية.

الأنثروبولوجيا الثقافية

الأنثروبولوجيا الثقافية هي القسم الرئيسي للأنثروبولوجيا المهتم بتفسير الثقافة في جميع جوانبها. وهو يرتكز على جمع وتحليل وتفسير (أو توضيح) البيانات الأولية للبحث الميداني الإثنوغرافي الموسع. لطالما حظي هذا التخصص، في كل من أمريكا وأوروبا، باهتمام واسع. وبمساعدة مناهجه المنوعة، أنتج هذا التخصص مناهج جانبيةً مثل دراسات الثقافة والشخصية، وتاريخ الثقافة، والإيكولوجيا الثقافية، والمادية الثقافية، والتاريخ الإثني، والأنثروبولوجيا التاريخية. تستفيد هذه التخصصات الفرعية بطرق مختلفة من العلوم والإنسانيات. أصبحت الأنثروبولوجيا الثقافية مجموعةً من المناهج الموجهة بمفهوم الثقافة. شاركت النزعات المركزية والمناقشات المتكررة منذ منتصف القرن التاسع عشر المنظورات العالمية مقابل المنظورات التخصيصية، والمنظورات العلمية مقابل الإنسانية، والسلطة التفسيرية للبيولوجيا (الطبيعة) مقابل الثقافة (التنشئة). وظلّ هناك موضوعان ثابتان هما ديناميكيات التغيير الثقافي والمعاني الرمزية في صميم الثقافة. لطالما كان تعريف الثقافة مثيرًا للجدل. التعريف الأقدم والأكثر اقتباسًا هو التعريف الذي صاغه إدوارد بورنيت تايلور في عام 1871: الثقافة أو الحضارة، المأخوذة بمعناها الإثنوغرافي الواسع، هو الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة، والمعتقدات، والفن، والأخلاق، والقانون، والعُرف، وأيّ قدرات أخرى. والعادات التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع. يجب التنويه على ثلاثة أشياء مرتبطة دائمًا بهذا التعريف. أولًا، انه يتعامل مع الثقافة والحضارة على أنهما مصطلحات قابلة للتبادل. ثانيًا، يؤكد هذا التعريف الإثنوغرافيا. وأخيرًا، يفرد ما يتم تعلمه من خلال العيش في المجتمع بدلًا مما يتمّ توريثه بيولوجيًّا.

فروع الأنثروبولوجيا وعلاقتها بفلسفة الأنثروبولوجيا البيئية

الأنثروبولوجيا البيئية تخصص فرعي في مجال الأنثروبولوجيا التي تلعب دورًا نشطًا في النظر في العلاقات بين البشر وبيئتهم عبر المكان والزمان. يصف هذا المجال من الأنثروبولوجيا تبادل القيم الثقافية وتطور البشر في التعلم من الآخرين أيضًا. تحدد أنثروبولوجيا البيئة التكيف والبقاء والنضال والغلاف الجوي وتطور البشر. لا توفر هذه البيئة بياناتٍ مهمةً لعالم الأنثروبولوجيا لدراسة التاريخ والفلسفة الماضية للإنسان فحسبُ؛ بل وكيف تطوروا؟ كيف طقسهم (بارد، جاف، معتدل)؟ كيف عاشوا حياتهم؟ ما هي ثقافتهم ونظامهم التعليمي وأدواتهم ووسائل النقل الخاصة بهم؟ يمكننا أن نعرف بسهولة حياة الأجداد في العالم من بيئتهم التي ينتمون إليها.

الأنثروبولوجيا البيولوجية

الأنثروبولوجيا الفيزيائية المعروفة أيضًا باسم الأنثروبولوجيا البيولوجية تبحث في أصول الناس وتطورهم وتنوعهم. يبحث علماء الأنثروبولوجيا الفيزيائية بشكل واسع على ثلاث مجموعات رئيسية من المشاكل: تطور الرئيسيات البشرية وغير البشرية، والتنوع البشري وأهميته، والأسس البيولوجية للسلوك البشري. يدور المسار الذي سلكه التطور البشري والإجراءات المؤدية إليه حول اهتمام واحد. لشرح التنوع داخل وبين المجموعات البشرية، يجب على علماء الأنثروبولوجيا الفيزيائية دراسة المجموعات السابقة من البشر الأحفوريين وكذلك الرئيسيات غير البشرية. تم تسليط الضوء على العلاقة مع الرئيسيات الأخرى وعلى طبيعة التحول إلى علم التشريح والسلوك البشري في سياق التطور من أشباه البشر الأوائل إلى البشر المعاصرين – على مدى أربعة ملايين سنة على الأقل. تشمل الإجراءات المسؤولة عن تمايز الناس لمجموعات جغرافية وعن الوحدة الشاملة للإنسان العاقل الانتقاء الطبيعي، والطفرة، والانجراف الجيني، والهجرة، وإعادة التركيب الجيني. إن الأساليب الموضوعية لعزل أنواع مختلفة من الميزات والتعامل رياضيًّا مع تكراراتها، بالإضافة إلى أهميتها الوظيفية أو النشوء والتطور، تجعل من الممكن فهم تكوين المجموعات البشرية وصياغة الفرضيات المتعلقة بمستقبلهم. تقدم المعلومات الجينية والقياسية البشرية التي يجمعها علماء الأنثروبولوجيا الفيزيائية حقائق ليست عن المجموعات التي تعيش في العالم فحسبُ، بل أيضًا عن المؤلفين لهذه المجموعات. يمكن لتقديرات احتمالات أن يرث الأطفال جيناتٍ معينةً أن تساعد في تقديم المشورة للعائلات حول بعض الحالات الطبية.

الأنثروبولوجيا النفسية

تصبّ الأنثروبولوجيا النفسية اهتمامها على العقل والجسد وشخصية الفرد، حيث إنه يبني من خلالهم ثقافته ومجتمعه في حياته وخبرته.  ضمن هذا النطاق الواسع، لا يوجد إجماع نظري أو منهجي موحد، ولكن هناك نقاشات قائمة عن الأهمية النسبية للثقافة مقابل علم النفس الفردي في تشكيل السلوك البشري وعن العموم في مقابل التباين المتأصل في الوجود البشري. يوحّد هذا المجال عددًا من التقاليد البحثية المتفاوتة مع البرامج الفكرية المختلفة، ولكنه يوفر أيضًا ساحةً للنقاش المبدئي حول وجود طبيعة بشرية شائعة. نظرًا لتركيزها على الفرد الذي يعيش ويجسد الثقافة، غالبًا ما تكون الكتابة الأنثروبولوجيا النفسية هي دراسة شخص أو عدد قليل من الأشخاص الصريحين. تعزّز هذه الإثنوغرافيا “المتمركزة حول الفرد” وجهة نظر تخطيطية للأنظمة الثقافية والاجتماعية مع وصف واستحضار تجربة المشاركة في مثل هذا النظام. يدرس الباحثون في مدرسة “الثقافة والشخصية” الكلاسيكية للأنثروبولوجيا النفسية عن عادات أو مواقف أو أنماط أو صدمات خاصة بتربية الأطفال، والتي قد تؤدي إلى استجابات مميزة (تخيلات أو مخاوف أو صراعات)، والتي بدورها قد تجد تعبيرًا أو حلًّا في الشعائر والأساطير والسمات الأخرى للثقافة وهي قيد الدراسة. يستخدم الكثيرون منهجًا مقارنًا عبر الثقافات، ويبحثون عن ارتباط كبير بين تجربة الطفولة ومؤسسات البالغين؛ على سبيل المثال، يبحثون عن رابط بين غياب الأب والعادات الصبيانية الفظة المبكرة والتي تشكّلت كضرورة لمواجهة هوية الأم القوية.

الأنثروبولوجيا اللغوية

يزعم علماء الأنثروبولوجيا اللغوية بأن الصياغة البشرية للكلام والرسائل، والتي أصبحت ممكنةً بفضل الكفاءة البشرية المميزة للغة، هي آلية أساسية يستطيع الناس بواسطتها خلق الثقافة والحياة الاجتماعية. يستكشف العلماء المعاصرون في تخصص الأنثروبولوجيا اللغوية كيفية إنجاز هذا الصنع باستخدام العديد من الأساليب، لكنهم يؤكدون على تحليل التسجيلات الصوتية أو المرئية للخطاب “الحاصل اجتماعيًا”، أي الحديث والنص الذي سيظهر في المجتمع سواء كان عالم الأنثروبولوجيا حاضرًا أم لا. تحبّذ هذه الطريقة لأن الاختلافات في كيفية فهم المجتمعات المتغايرة لمعنى أفعال الكلام اللفظية، مثل “الاستجواب”، قد تشكّل بطرق غير متوقعة النتائج المستمدة من الاستنباط الذي يفرضه المحقق، مثل “إجراء المقابلات”. السؤال الرئيسي للأنثروبولوجيا اللغوية، هو ما إذا كانت الاختلافات في الاستخدام الثقافي والبنيوي بين اللغات المتنوعة تعزز التباين بين المجتمعات البشرية في كيفية فهم العالم. قد تفضّل الثقافات المحلية للغة أشكالًا معينةً من التعبير وتتجنّب الأخرى. على سبيل المثال، بينما تتضمّن مفردات اللغة الإنجليزية مجموعةً مفصلةً مما يسمى بالاتجاه القاطع (كلمات مثل الشمال والجنوب الغربي)، نادرًا ما يستخدم معظم المتحدثين هذه المصطلحات لوصف الاتجاهات، ويفضلون المفردات المتعلقة بالسياق المحلي (مثل سلك الطريق المنحدر أو الاتجاه يسارًا). قد تتخطى “ثقافات اللغة” الحدود اللغوية. يدرس مسارَ بحثٍ مهمٍّ كيف أن “الشخصيات الثقافية” تشكّل منهج الإدراك المحلي للعالم في الحديث والنص. يُلقي طلاب “أيديولوجيات اللغة” نظرةً على الأفكار المحلية حول كيفية عمل اللغة. تقوم الأيديولوجية اللغوية الجوهرية المتصلة بتشكيل الدول القومية الحديثة على بناء طرق معينة للتحدث كاللغات “القياسية”. وبمجرد تحديد المعيار، يتم التعامل معها على أنها لغات مرموقة ومناسبة، في حين أن بعض اللغات أو اللهجات الاخرى يتم تهميشها ومعاداتها.

خاتمة

وهكذا يبدو من هذه الورقة أن الفلسفة والأنثروبولوجيا مرتبطان ارتباطًا وثيقًا. يحتاج البشر إلى الفلسفة لتفسير خصائصهم المتعددة الأبعاد في الزمان والمكان والمكان والوجود والبيئة والإدراك. من ناحية، تؤدي الفلسفة وظيفة التوضيح والتحقيق في الأنثروبولوجيا، ومن ناحية أخرى تدرس الأنثروبولوجيا النهج الوجودي والإنساني لدراسة الفلسفة. يتضح من هذه الورقة أن الفلاسفة ناقشوا المسائل المتعلقة بالأنثروبولوجيا إلى حدٍّ مّا، وأحيانًا يعرفون أن العلم الذي نناقشه هو الأنثروبولوجيا وأحيانًا يكونون غير مدركين لحقيقة أن الدراسة التي يقومون بها هي الأنثروبولوجيا. حلّل الفلاسفة جوانب البشر مكملةً بالقضية الفلسفية. كانت الأنثروبولوجيا كعلم حاضرةً في الفلسفة اليونانية والعصور الوسطى لكنها لم تُسَمّ وتُصَنّف على أنها أنثروبولوجيا. في حالة الفلسفة الحديثة، فإن القضايا الأنثروبولوجية تتطلب نظرياتٍ فلسفيةً مسبقًا من أجل حلّ المشكلات الأساسية والأنطولوجية في مجال الأنثروبولوجيا. تقدم الفلسفة حُجَجًا لصالح القضايا الميتافيزيقية للبشر، والقضايا المعرفية، والقضايا الأكسيولوجية، والقضايا البيئية والقضايا اللغوية للإنسان وإنسانيتهم.


[1] هنا إشكالية تَرِدُ على تأصيل المؤلف؛ وهو أنهم صنفوا أيّ حديث للفلاسفة عن البشر ضمن دائرة الأنثروبولوجيا -بما هي فرع علمي من العلوم الإنسانية الحديثة- بالطبع، يمكننا أن نقف على بعض الاشتغال الأنثروبولوجي لدى السابقين (هيرودوت وسترابو على وجه الخصوص)، وحتى يمكننا تبيّن الآثار والتأثيرات الأنثروبولوجية لتراث الفلاسفة؛ لا بُدّ أولًا من التمييز بين الاشتغال الأنثروبولوجي المقصود، وبين اقتطاع الأفكار التي كتبها الإغريق وغيرهم عن البشر لأغراض فلسفية محضة ضمن سياق فلسفي مختلف عن إطار الأنثروبولوجيا. (المراجع)

[2] هنا تظهر نفس المشكلة؛ وهي: عدّ أيّ فرع فلسفي اتخذ من البشر موضوعًا له = أنثروبولوجيا. من الضروري هنا التفريق بين فلسفات الذات -الكوجيتو، وأرضية الحداثة…إلخ- والدراسة الأنثروبولوجية للإنسان؛ فهايدجر عندما يقول إن الإنسان دازاين لا يعني ما يعنيه الأنثروبولوجيون؛ فالإنسان (الذات) الذي تدرسه فلسفات الحداثة، مختلف عن الإنسان النوع (الإنسان الثقافي) الذي تدرسه الأنثروبولوجيا. (المراجع)

[3] الدازاين هي الكينونة عند هايدجر، ويستعملها ليفرق بها بين وجود الإنسان و وجود الأشياء؛ يعني الأشياء “توجد” أما الإنسان فـ”يكون”، لأن الإنسان هو الذي يعي وجوده على عكس سائر الأشياء. (المراجع)

[4] هذا لا غبار عليه؛ فعامة العلوم الإنسانية لها جذور وأسس ومقولات فلسفية. (المراجع)

[5] هذا لا يجعلها انثروبولوجيا؛ فمن الناحية الإبستمولوجية: من الممكن أن يجيب فرعان علميان على نفس الأسئلة، لكن هذا لا يجعلهما الشيء نفسه، لأن ما به تفترق العلوم هو المنهج؛ فالمنهج الفلسفي (التأملي في مجمله) مختلف عن المنهج الأنثروبولوجي، لاسيما إذا كنا نتحدث عن الأنثروبولوجيا بدايةً من القرن التاسع عشر. (المراجع)

[6] هنا إشكالية جديدة؛ فالكاتب لا يفرق بين أن تكون ثمة جذور فلسفية لبعض أسس ومنطلقات النظريات الأنثروبولوجية؛ وبين أن تكون “كل” النظريات الأنثروبولوجية مشتقة من نظريات فلسفية. ومن الجدير بالذكر أن عامة الأنثروبولوجيين ليسوا فلاسفةً أصلًا ولم يتعرّضوا للفلسفة، كما أن تيارًا واسعًا من الأنثروبولوجيين وضعوا مؤلفاتهم على أساس التحفظ على التعميمات واستنباط الأحكام الكلية وهو الأصل الذي يضادّ الصنعة الفلسفية كلها. (المراجع)

[7] قال الله (ولقد كرمنا بني آدم) الآية. وقال (وسخر لكم ما في السماوات والأرض جميعا منه) وقال (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات والأرض وأسبغ عليكم نعمه) الآية، وسجود الملائكة لآدم، وخلق الله لآدم بيده..إلخ؛ وكلام المفسرين في هذه الآيات= كل ذلك دال على تكريم آدم وتفضيله وذريته على الخلق. وقد رجح ابن القيم تفضيل صالحي المؤمنين من بني آدم على الملائكة في الوابل الصيب. والفوقية هي بهذا المعنى: أن بني آدم مكرمون، وأن الله سخر لهم ما في السماوات والأرض، وحملهم أمانة التكليف، والمؤلف بيّن المقصود بالفوقية: لأن الإنسان هو المكلف، واستخلفه الله في الأرض. (المراجع)

[8] يمكن تفنيد هذا فلسفيًا؛ لكن حتى من ناحية الواقع: فعامة الأنثروبولوجيين ليسوا فلاسفةً ولا يظهر في كتاباتهم أنهم تلقوا تدريبًا فلسفيًّا؛ أعني أن الفلسفة ليست ضرورةً ولا شرطًا للأنثروبولوجي. (المراجع)

[9] هذا خلل إبستمولوجي، فتحديد منهج وموضوع أي علم لا يتوقف على اتصاله بعلم آخر، بل هناك تفاعل داخلي بين المنهج والموضوع ومجال البحث. (المراجع)

[10] تتلخص الإشكالية هنا في أن المؤلف لم يعرف الفلسفة، ويتضح أنه يستعمل الفلسفة هنا بالمعنى الكلاسيكي -غير الموجود حاليًّا- حيث يكاد البحث الفلسفي المعاصر يقتصر على الإبستمولوجيا وفلسفة العلم، أما الفلسفة التي تبحث كل شيء فلم تعد موجودةً. (المراجع)


المراجع

  1. A. W. (1923). History of Modern Philosophy. London: Watts & Co.
  2. Borchert, D. M. (2006). Encyclopedia of Philosophy, (2nd ed., Vol.4.) New York: Thomson Gale.
  3. Burnet, J. (1920). Early Greek Philosophy. 3rd ed., London: A & C Black ~ 234 ~ World Wide Journal of Multidisciplinary Research and Development
  4. Copleston, F. (1993). A History of Philosophy: Medieval Philosophy, Vol. 2. London: Image Books (Doubleday).
  5. Edel, M. & Edel, A. (2000). Anthropology and Ethics: The quest for moral understanding. London: Transaction Publishers.
  6. Hacker, P. M. S. (2010). Wittgenstein‟s Anthropological and Ethnological Approach. In Galvez, J. S. (Ed.), Philosophical Anthropology Wittgenstein’s Perspective. Lancaster: Ontos Verlag.
  7. Haines, V. A. (2007). Evolutionary Explanation.Philosophy of anthropology and Sociology, In Turner, S. P. and Risjord, M. W. (ed.,). New York: Elsevier
  8. Humphreys S. C. (2004). Anthropology and the Greeks. New York: Routledge.
  9. Kant, I. (1881). Critique of Pure Reason. Trans. F. M. Muller, London: Macmillan and Co.
  10. Kolb, B., & Wishaw, I. Q. (1980). Human Neuropsychology. 2nd ed., New York: W. H. Freeman & Company.
  11. Mattingly, C. & Jensen, U. J. (2015). What can we hope for? An Exploration in cosmopolitan Philosophical Anthropology. In Liisberg, S, Pedersen, E. O & Dalsgard, A. L. (Ed.), Philosophy and Anthropology, Oxford: Berghahn Books.
  12. Miller, L. F. (1993). History of Philosophy. New Delhi: Discovery Publishing House.
  13. Moore B. N & Bruder. K. (2005). Philosophy The Power of Ideas, 6th ed., (New Delhi: Tata McGraw-Hill)
  14. Passmore, J. (1957). A Hundred Years of Philosophy. Oxford: Oxford University Press.
  15. Rescher, N. (2006). Studies in Philosophical Anthropology. Lancaster: Ontos Verlag.
  16. Russell, B. (2010b). History of Western Philosophy. New York: Routledge.
  17. Scruton, R. (1995). A Short History of Modern Philosophy: From Descartes to Wittgenstein. 2nd Ed., London & New York: Routledge.
  18. Stewart, D & Blocker, H. G. (2006). Fundamentals of Philosophy, 6th ed., (New Delhi: Pearson Prentice Hall).
  19. Tantray, M. A, and Dar, A. (2016). Nature of Philosophy. The International Journal of Humanities and Social Studies, 4 (12), 339-42.
  20. Tantray, M. A. (2017). Role of philosophy to examine values of traditional societies and modern societies. International Journal of Society and Humanities, 3 (10), 28-32.
  21. Thilly, F. (2005). A History of Philosophy. New Delhi: SBW Publications.
  22. Urmson, J. O., & Ree, J. (1989). The Encyclopedia of Western Philosophy and Philosophies. London: Unwin Hyman Ltd.
  23. Vergote, A. (1996). In Search of a Philosophical Anthropology: A Compilation of Essays. Trans. by Muldoon, M. S. Leuven: Leuven University Press.
  24. Weber & Perry. (2007). History of Philosophy; Trans: Frank Thilly. New Delhi: Surjeet Publications.
المصدر
researchgate

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى