- فكتور مونج
- ترجمة: رغد عبد الله المرزوقي
- تحرير: تقي عبد العظيم
“خطوات بوسعك اتخاذها لعيش الحياة بأقلِ صورِ الندم”
“إدراك الأشياء بعد فوات الأوان هو ما تغصُّ بهِ الحناجرُ حسرةً!”
قد يكون الأمر مؤلمًا عندما تدرك في وقت متأخر من حياتك، أنه كانت لديك الفرصة لعمل شيءٍ ما لكنك بالمقابل لم تفعله كل يوم، اختياراتك، قرارتك، بل وزد عليها تصرفات ستجني تَبِعاتها لا محالة في وقت ما في المستقبل، أي أن بعض اختياراتك وتصرفاتك اليوم ستؤدي إلى ندمك مستقبلًا.
التضحية بعلاقاتك لتحقيق أهدافك:
جميعنا مشغولون بالسعي خلف أحلامنا، وببناء حياتنا العملية طمعًا منا لنيل حياة أفضل، لدرجة أننا ننسى أحيانًا الاهتمام بأولئك؛ أي من يهمنا أمرهم. في مرحلة معينة من حياتك ستكون علاقاتك والوقت الذي تقضيه مع أحبابك ذات قيمة أكبر من المال الذي في جيبك! وفي مرحلة ما ولأسباب وجيهة سترغب فقط بأن تكون مُحاطًا بمن يرسمون البسمة على وجهك، ومن المؤسف أن معظم الناس لا يدركون كم هو مؤلمٌ غيابهم سواءً لشركاء حياتهم، أو لأطفالهم، أو لأقربائهم، أو لزملائهم، أو لأصدقائهم. لا شك أنه لا بد أن تعمل بجدٍ وتجني المال بقدر استطاعتك؛ فهذا أمر في غاية الأهمية، ولكنك تفعل من الخير الكثير لمن يهتم بك -ولا سيما لنفسك- عندما تقضي الوقت معهم وتعيرهم اهتمامك، دون أن تهرع إلى اجتماعك أو لقاءك القادم.
ستندم على عدم قضائك وقتًا ممتعًا مع أشخاصك المقربين، لذلك اقضِ وقتًا أكبر مع من يساعدونك لتحب ذاتك، مع من يجعلوا منك شخصًا مرتاحًا، لا من يجعلونك مجبورًا على إبهارهم، واحذر كل الحذر أن تكون مشغولًا إلى الحد الذي تَغفل فيه عن تكريس جزءٍ من يومك لمن يعزّون عليك، وتذكر دائمًا أنه لا شيء أكثر قيمةً من إخلاصك واهتمامك الشديد وحضورك الكامل وإن كان ما كان، اجتماعًا أو لقاءً.
الفشل في التعبير عن حبك بصراحة وبصدق لمن تحبهم:
يخاف الكثير من الناس التعبيرَ عن مشاعرهم مخافةَ العواقب؛ فقد تكون بصحبة شخصٍ لا يعلم حقيقةً بمدى الاهتمام الذي تكنّه له، وهذه عادة غير صحية بل وتسبب العديد من المشاكل الجسدية والنفسية. لا مناصَ من الفقد في حياتك، وبعض العلاقات لن تبدو كما لو أعطيتها جُلّ اهتمامك، بغض النظر عن مدى الاهتمام والوقت الذي كرسته لهذه العلاقة، لذلك احذر أن تتعلم هذا الدرس بعد فواتِ الأوان. أخبر من حولك بمشاعرك تجاههم، اثنِ عليهم عندما يتطلب الأمر ذلك، أشعرهم بما تُكِنّهُ لهم من مشاعر، وأعلم أنك مُعرِّضٌ نفسك للندم لا محالة عندما تتهرب من التعبير عن مشاعرك أو تتهرب من الخوض في نقاشات مهمة، بغض النظر عن مدى عدم الارتياح الذي تسببه تلك النقاشات، قد يكون الأمر صعبًا لنا جميعًا، لكن تأكد أنك ستوفر على نفسك بعض الندم في وقت ما مستقبلًا.
أن يكون الدافع وراء اختياراتك وتصرفاتك هو الحاجة إلى إبهار الآخرين فقط، وهذا على حساب طموحاتك:
ربما يبدو الأمر مفاجئًا لكن بعض الناس لا يعيشون لأنفسهم؛ أي أن أي قرار أو تصرف يقدمون عليه يكون بهدف إسعاد شخص، أو إثارة إعجاب آخر، أو لنيل رضا وقبول الآخرين، وأكثر ما يندم عليه الناس عند النظر مليًا في حياتهم، هو أنهم لم يعيشوا حياةً تشبههم، بل عاشوا حياةً بُنيَت على تطلعات الآخرين! أترى؟ تكريس حياتك فقط لإثارة إعجاب الآخرين سواءً كانوا والديك أو شريك حياتك أو معلميك أو زملائك في العمل أو رئيسك، هو طريق يقودك إلى نهايةٍ حتميةٍ، إلى لا شيء سوى الأحزان والندم.
لا شيء أعظم من عيشٍ يشبه روحك الحقيقية، ولا شيء أعظمُ من اتخاذ قرارات واختيارات تعكس شخصيتك ومبادئك، لا شخصيةَ ومبادئَ غيرك، فإذا استمريت بالقلق حول ما يعتقده الناس عنك، أو استمريت بالمحاولة لتكون الشخص الذي يريدونه فقط لكسب حبهم وقبولهم ستخسر نفسك تدريجيًا! قد تكسب أطنانًا من الأموال وقد تنفقها فقط لإثارة إعجاب الناس، لكنك ستظل تعيسًا غارقًا بالندم! لذلك إذا كنت تسعى إلى حياة وفق معاييرك الشخصية حياة خالية من الندم، حياة تقدّر فيها أهدافك الشخصية، وحياة تتسم بالصدق مع نفسك حيالَ رغباتك وتطلعاتك، فتخلص من خوفك حيالَ ما قد يحكمه الناس عليك، مهما كانت منزلتهم!
سماحك للقلق والحيرة بشلِّك عن اتخاذ خطوات إيجابية في حياتك:
وكما يقول إيكهارت تول: “عندما تتصالح مع شعور الريبة، ستُفتح لك من الفرص ما لا حصر له في حياتك”. الريبة جزءٌ لا يتجزأ في كل جانب من جوانب الحياة، والأمر جُله في اتخاذ القرارات يكمن في إدارة هذا الشعور، “هل سأجد وظيفة أخرى فور استقالتي من هذه الوظيفة؟ هل سأجد من يتقبلني ويهتم بي إذا أنهيت هذه العلاقة؟”
والحقيقة أنه ليس بوسع أحدٍ أن يكون متيقنًا من شيء ما، ولذلك عادة ما نتردد ونتردد عند اتخاذ قرارٍ ما خوفًا من ارتكاب خطأٍ لا يمكن إصلاحه، لكن إذا كنت ترغب في نيل فرصٍ أكبر، لابد أن تتقبل الارتياب، لا تجعل حقيقة جهلك بنتاج قراراتك يوقفك عن المضي قدمًا، لأن أسوأ ما قد يحصل هو أن تكون “مخطئًا” فقط ولو حصل ذلك، فلديك الوقت لتصحيح الأمور والمضي بحياتك.
واحدة من أفضل الأشياء التي ستحدث في حياتك ستكون نتيجة تقبل خوفك وخوض مجازفة مهما ساورك من الخوف ما ساورك، وهذا هو المعنى الحقيقي للعيش! لكن يومًا ما ستلتفت إلى الوراء، إلى ماضيك نادمًا متسائلًا عما كان يمكن أن يحدث، ستلتفت إلى الوراء وتعتقد أنه كان بوسعك تحقيق أشياءَ أكثر لكنك لم تفعل، لأنك لم تتقبل تلك المخاوف، والأدهى والأمر هي لحظة إدراكك بأن تلك المخاوف كانت واهية وأن حدسك كان خاطئًا.
تركيزك على الفشل لا الفرص:
يستحيل أن يسري كل شيء كما خططت له؛ نظرًا لأن الحياة مليئة بالمخاوف، وهذا ما يجعل الحياة رائعة، بمعنى أن دائمًا ما هنالك فرصة للتعلم من فشلنا وأخطائنا. أنظر إلى الأطفال، يتعلمون المشي بالمشي! يخطون خطوةً، ثم يتعثرون، ويسقطون، مراتٍ لا تعد ولا تحصى لكن ذلك لا يُوقفهم بل أن كل سقوط هو فرصة للتعلم، يقول طوني روبنز: “لا يهم كم عدد الأخطاء التي ارتكبتها، أو مدى تباطؤ تطورك؛ فأنت لا تزال أفضل من أولئك الذين لا يحاولون حتى!”.
لا يمكنك التوقف عن المحاولة في كل مرة تفشل فيها أو ترتكب خطأً، ولا يمكنك التركيز فقط على فشلك وإغلاق عينيك عن تلك الفرص التي بوسعك نَيلُها بمجرد المحاولة كرّة أخرى، لأنه لا يمكنك تجنب ارتكاب الخطأ ذاته مره أخرى إلا بالفشل فالتعلم من هذا الفشل ذاته! ولا شك أن نيل شرف المحاولة وارتكاب الأخطاء والفشل أفضل من عيش حياة يشوبها ندم “انعدام المحاولة”، وهذا هو السبيل لتثري حياتك بدروس تعلمتها بحس المغامرة.
“حاول وأفشل، لكن لا تفشل في المحاولة”.
تفكيرك الزائد بكل تفصيلية يشلّك عن المضي قدمًا:
يُضيّع الكثير منا وقته بالتفكير الزائد، بالتأجيل وانتظار الوقت المثالي لتحقيق أحلامنا. تذكر أنه لن يكون هنالك ما يسمى “بالوقت المثالي” لعمل شيء ما من شأنه تغيير حياتك. لن يكون هنالك وقت مثالي لبدء مشروعك التجاري، أو لتأليف كتابك أو حتى لامتهان مهنة جديدة، واستيعاب هذه الحقيقة مبكرًا تجنبك الندم؛ لأنه حالما تضع هذه الحقيقة نصب عينيك، ستشرع في أداء الكثير والكثير من الأعمال المجدية.
يقول ڤكتور هانسن: “لا تنتظر حتى يكون كل شيء مثاليًا، لأنه لن يكون هنالك شيء لا تشوبه شائبة. ستواجهك دائمًا تحديات وعقبات وظروفٌ غير ملائمة، لذا أبدأ الآن! ومع كل خطوةٍ تخطوها ستغدو أقوى وأقوى، ستغدو أكثر مهارةً وأكثر ثقةً بنفسك بل وأكثر نجاحًا! لذا إذا كنت تريد حياةً بندمٍ أقل، قرر ما تريد تحقيقه واشرع فيه الآن! ومتى ما أحسست أنك لا تحرز أي تقدمٍ في مرحلة معينة من حياتك، أو أنك أصبحت أسيرَ تفكيرك الزائد وترددك، اجلس وخذ نفسًا عميقًا واكسر حلقة التفكير الزائد بتخمين الخطوة المنطقية التي عليك اتخاذها، ثم الشروع فيها مباشرةً”.
خاطرة أخيرة:
كلنا سنحاسب أنفسنا في لحظة إدراك من حياتنا ولا مناصَ من ذلك، والأمر أنك في تلك اللحظة قد تكون راضيًا باختياراتك وتصرفاتك، أو قد تعض أصابع الندم حسرةً وأسفًا، والحقيقة أن إدراكك لهذه الأمور ليس بالضرورة متأخرًا، أي على فراشِ الموتِ مثلًا كما يُخَيلُ لنا، بل قد تدركها في وقت عاجلٍ من حياتك، لكن الأمر الأهم هنا أن تدرك ما يجب – وما لا يجب- عليك فعله في حياتك سعيًا لعيشها بندمٍ أقل.
الترجمة ممتازة جدًا، وصلت لي المعلومة بطريقة سلسة و ممتعة و إنتقاء المفردات مبهر كذلك، أحسنت رغد بالترجمة و نتمنى أن ترجمتها بمقالات أخرى👍🏼👍🏼