- لوك داربي
- ترجمة: أفراح النافعي
- تحرير: فضيلة المازني
بالنسبة للعديد من الأمريكيين، فإن تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد تُصبح أكثر صعوبة يومًا بعد يوم. حيث تضاعف عدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحالي عما كان عليه في ذروة البطالة بعد ركود عام 2008، حيث قدم أكثر من 26.5 مليون أمريكي طلبات الإستقالة منذ نهاية فبراير في جميع أنحاء البلاد، و لا يزال أصحاب العقارات يقومون بطرد المستأجرين الذين لا يستطيعون دفع الإيجار، حتى في المدن التي أوقفت عمليات الإخلاء مؤقتًا، ويخشى محاموا الإسكان حدوث “تسونامي” قادم من التشريد.
ومن المحتمل أن تزداد الأمور سوءًا مع توقف العديد من الصناعات. حيث هناك 7.5 مليون شركة معرضة لخطر الإغلاق، بما في ذلك واحد من كل خمسة مطاعم في البلاد يمكن أن يُغلق بشكل دائم بسبب تفشي المرض، ويخشى بعض المسؤولين الفيدراليين من أن تصل البطالة إلى 30٪.
لكن الوباء لم يكن وبالًا على الجميع. فقد أصدر هذا الشهر “الملياردير بونانزا”من معهد دراسات السياسات (IPS)، وهو مؤسسة فكرية تُعنى بتقييم ثروة المليارديرات في العالم وقوتهم السياسية. أوضحت هذه الدراسة أنهم يقومون بعمل جيد ويحققون مكاسب مذهلة حتى الان. و وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2020، زاد صافي ثروات 34 مليارديرًا أمريكيًا بما لا يقل عن عشرات الملايين من الدولارات لكل منهم.
وقد كان المليارديرات في أمريكا يقومون بتوجيه النظام لصالحهم قبل وقت طويلٍ من بدء الوباء، بحملة استمرت عقودًا لخفض ضرائبهم مع إعطاء القليل من الأرباح لموظفيهم. في عام 1990، وفقًا لـ IPS، بلغ إجمالي ثروة المليارديرات الأمريكيين مجتمعة 240 مليار دولار. اعتبارًا من 15 أبريل، تضخم هذا الرقم إلى 3.2 تريليون دولار – أكثر من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة – مع 300 مليار دولار فقط في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020. وفي الوقت نفسه، وفقًا لمعهد السياسة الإقتصادية، بين عامي 1979 و 2018 – مقدار القيمة التي ينتجها العامل في وظيفته – زادت بنسبة 70٪، لكن الأجور بالساعة ارتفعت بنسبة 11٪ فقط. هذا الفارق ذهب إلى جيوب أصحاب العمل والمساهمين والمدراء التنفيذيين مثل جيف بيزوس وإيلون ماسك. وكما توضح مصلحة السجون، فإن المليارديرات “لا يعتمدون على الدخل من العمل الذي يقومون به لتوليد ثروة إضافية”، مما يعني أن ثروتهم الزائدة، بمفردها، تحقق عوائد أكثر على الإستثمار.
بالإضافة إلى تحصيل نسبة أعلى من الأرباح، بين عامي 1980 و 2018، انخفض مقدار الضرائب التي دفعها الأثرياء بالنسبة لثروتهم بنسبة 79٪. وحتى أصحاب الملايين العاديين على وشك جني المزيد من الفوائد بفضل فيروس كورونا. الإعفاء الطارئ الذي أقره مجلس الكونجرس مليء بالهبات المقدمة إلى فاحشي الثراء، تصل قيمتها إلى عشرات المليارات من الدولارات وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، بما في ذلك بعض الإعفاءات الضريبية للشركات التي تحقق أكثر من 25 مليون دولار سنويًا مع إعفاء من ضريبة أرباح رأس المال. كما هناك تخفيضات للأسر التي دخلها أكثر من 500000 دولار في السنة. وبينما كانت التخفيضات الضريبية لعام 2017، وهي عملية نقل ضخمة أخرى للثروة من العاملين إلى الأغنياء بالفعل، تحتوي على بعض القيود على عدد الإعفاءات الضريبية التي يمكن أن يحصل عليها شخص واحد، يستخدم الجمهوريون أيضًا حزمة الإعفاء لتجريد تلك الحماية الضئيلة.
تقدر اللجنة المشتركة للضرائب، وهي ذراع غير حزبي للكونجرس، أن 80٪ من التخفيضات الضريبية في تشريعات تخفيف فيروس كورونا ستذهب إلى الأشخاص الذين يجنون أكثر من مليون دولار سنويًا – 43000 شخص فقط – وستتكلف 90 مليار دولار في عام 2020 وحده. حتى المساعدة التي يُفترض اسميًا أن تذهب إلى الشركات الصغيرة سوف تتدفق إلى الحسابات المصرفية للشركات ذات التمويل الجيد – وهو صندوق يهدف إلى إبقاء الشركات التي تضم أقل من 500 موظف واقفة على قدميها.
بالنسبة لثمانية مليارديرات أمريكيين، تضخمت ثرواتهم بما لا يقل عن مليار دولار خلال الوباء. إريك يوان، على سبيل المثال، هو الرئيس التنفيذي لمنصة مؤتمرات الفيديو (Zoom). منذ بدء تفشي المرض في الصين، نما إستخدام Zoom في جميع أنحاء العالم بنسبة 1900%، وزاد صافي ثروة يوان إلى أكثر من الضعف لتصل إلى 7.57 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الماضية فقط. حقق إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي (Tesla و SpaceX )، أرباحًا بقيمة 8 مليارات دولار منذ شهر مارس، من خلال الشراكة مع شركات المعدات الطبية، في حين أن المستشفيات الريفية في جميع أنحاء الولايات المتحدة تنهار وتغلق، حتى مع إنتشار فيروس كورونا من المراكز المطورة.
لم يحقق احد ربحًا أفضل من جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون وأغنى رجل في العالم. منذ 1 يناير 2020، زادت ثروته الشخصية بمقدار 25 مليار دولار، أي أكثر قليلاً من الناتج المحلي الإجمالي لأيسلندا أو ما يعادل 25 حملة رئاسية لمايكل بلومبرج. ووصف تشاك كولينز، أحد مؤلفي الدراسة، هذه الطفرة بأنها “غير مسبوقة في التاريخ المالي الحديث”. ومع ارتفاع سهم أمازون بأكثر من 30 في المائة هذا العام، تساءلت سي إن إن عما إذا كان هذا هو “المخزون النهائي ضد فيروس كورونا”.
ويعود الفضل في المكاسب المفاجئة التي حققتها أمازون، والتي تبلغ قيمتها الآن نحو تريليون دولار، إلى حد كبير إلى عدم تمكن الكثير من الناس من مغادرة المنزل للتسوق وإندفاع إغلاق الشركات الصغيرة في جميع أنحاء البلاد. لكن ممارساتها التجارية أثارت انتقادات حادة. في حين أن بيزوس قد حقق أرباحًا في ثلاثة أشهر أكثر مما يمكن إنفاقه في حياته البشرية، يقول عمال المستودعات إن الشركة لا تفعل ما يكفي للحفاظ على سلامتهم. تطلب أمازون رسميًا من مستودعاتها البالغ عددها 400000 ممارسة التباعد الإجتماعي في العمل، لكن هذا يكاد يكون مستحيلًا لجماهير العمال عند الإندفاع عبر المرافق بوتيرة متقطعة أو تغييرات نوبات مزدحمة. انتشر فيروس كورونا الجديد في أكثر من 50 مستودعًا لشركة أمازون، وادعى العديد من العمال المفصولين أنهم استهدفوا بسبب الإعراب عن مخاوفهم بشأن التعرض للمرض أثناء العمل.
كما تتخذ الحكومة خطوات لإبقاء الأعمال قائمة، فقد أعلن الإحتياطي الفيدرالي، على سبيل المثال، أنه سيشتري مبالغ غير محدودة تقريبًا من الديون للتأكد من أن الشركات لديها المزيد من السيولة في متناول اليد. بفضل ذلك، حصلت شركة الرحلات البحرية (Carnival )على 6 مليارات دولار في 1 أبريل. بعد ذلك، قال الرئيس التنفيذي أرنولد دونالد، الذي نشر أنه حقق 11 مليون دولار في عام 2019، لشبكة( CNBC )أن الشركة يمكنها البقاء في العمل حتى عام 2021 حتى مع عدم وجود إيرادات على الإطلاق.
على النقيض من ذلك، يُعاني الأشخاص الذين يعتمدون على رواتبهم من أجل البقاء في حالة يرثى لها. وفقًا لإستطلاع أجرته مؤسسة (Morning Consult) مؤخرًا، فإن 34٪ من العمال يتقاضون أقل من 50000 دولار في السنة – بما في ذلك العديد من عمال المطاعم والتجزئة – أفادوا أن لديهم مدخرات كافية للبقاء على قيد الحياة لمدة ثلاثة أشهر فقط إذا فقدوا وظائفهم. أفاد 18٪ آخرون أنه ليس لديهم مدخرات يمكنهم الرجوع إليها على الإطلاق. وبينما وافق الكونجرس على بعض إعانات البطالة الموسعة أثناء الوباء، إلا أنها غير كافية ولا تخرج بالسرعة الكافية. قال وزير الخزانة ستيف منوتشين، الذي جنى الجزء الأكبر من ثروته البالغة 440 مليون دولار من خلال الإستفادة بلا رحمة من حبس الرهن خلال أزمة الإسكان عام 2008، إن هذه المزايا يجب أن تستمر 10 أسابيع – بشرط أن يتمكنوا من التقدم للحصول عليها بنجاح. لذلك، بينما يجني ماسك وبيزوس المليارات من الإيرادات والمزيد من الإعفاءات الضريبية، وجد تحقيق أجراه مركز بيو للأبحاث أن أقل من ثلاثة من كل 10 أمريكيين مؤهلين للحصول على إعانات البطالة في مارس.
اقرأ ايضاً: الإنترنت في قبضة أثرى رجل في العالم
Image: (Photo by Alex Wong/Getty Images)
على الرغم من أن توجه إلون ماسك للحلول البديلة للنفط, وهو مجال بعيد كل البعد عن الطب, إلا أنه رأى الحاجة واستغلّها. هكذا يبنون ثرواتهم!
عل الجانب الآخر, فالطبقات الأخرى يمكنها استغلال وظيفة التوصيل. لكن للأسف راتبها لا يكفي الحاجة. أتمنى أن يكون جميع الزبائن واعين كفاية لإعطائهم أكثر مما يطلبون.
مقال رائع, شكراً للنقل والترجمة