عام

الجلطة التي أنارت بصيرتها

عبدالله الوهيبي

 

حمل المقال PDF

(1)

“بدأت أنفصل عن ذكريات حياتي، وأغطس هانئة في نعيم شاسع. بعيدًا عن المدركات الحسيّة والتفاصيل المتعلقة، حلّق وعيي في عالم من المعرفة الكليّة.. من التوحد مع الكون الواسع. وكنت وأنا أرتاد هذا الطريق، مدفوعةً إليه، أشعر أنه الطريق الجميل إلى موطن الروح، وقد أحببته حقًا!”[1].

هكذا تصف الدكتورة جيل بولتي تايلور (أستاذة المخ والأعصاب في قسم العلوم الطبية بجامعة هارفارد) مشاعرها في اللحظات الأولى من إصابتها بجلطة في المخ، بدا لي حين طالعت عنوان كتابها (الجلطة التي أنارت بصيرتي) أنه جدير بالقراءة، فهي مختصة بالمخ البشري، وتحكي واقعة تتعلق بعطب أصاب مخها أيضًا، وهذا المزج بين الذاتي والموضوعي سيجعل من حكايتها أمرًا مثيرًا للاهتمام. وهو كذلك بالفعل. كنت أسعى لمعرفة ميسّرة وقصصية لتركيبة المخ البشري، وماذا تعني الجلطة بالضبط، من الناحية العضوية والعصبية وآثارها على الوظائف الإدراكية، إلا أني وجدت في قصة الكتاب ما يدفعني بعيدًا عن تلك المعارف اليابسة. وأثناء قراءتي للكتاب، تذكرت كتابًا مشابهًا، فعدت سريعًا إلى المكتبة، ووجدته في رفٍّ منزوٍ، عنوانه (أريد ساقًا أقف عليها)، وفيه يحكي عالم الأعصاب أوليفر ساكس ت2015م قصة إصابة ساقه في حادثة أثناء صعوده لجبل في النرويج. سأحاول فيما يأتي أن أمزج بين الحكايتين، لنتأمل في النتائج الغريبة لعطب بعض وظائف المخ والأعصاب، وصلاتها بتبدلات الإدراك والوعي.

(2)

لم تتحدث د.جيل عن شعورها إبان دخولها إلى المستشفى، ربما لكون تردّي إدراكاتها وتقلص وعيها لم يسمح لها بتأمل هذا التحوّل، بينما كان د.ساكس في كامل وعيه، فلم تمرّ به هذه اللحظات بسهولة، بل عبّر عن ذلك بموضوعية واضحة، وكتب:

“حقائق عملية الدخول: التجريد المنهجي من الشخصية الذي يترافق مع تحوّلك إلى مريض. تستبدل ثياب المرء الخاصة بثوب نوم أبيض مجهول المصدر، ويطوّق معصمه بسوار هوية عليه رقم، ويصبح خاضعًا لقوانين وأنظمة مؤسساتية. لم يعد الشخص حرًا، ولم تعد له حق، ولا يعد في العالم بصورة عامة. الأمر مشابه جدًا لتحوّل المرء إلى سجين، ويذكّر –بإذلال- باليوم الأول للمرء في المدرسة. لم يعد المرء شخصًا بل هو الآن نزيل. يتفهّم المرء أن هذه الإجراءات وقائية، ولكنها أيضًا بغيضة جدًا. لقد كنت مسحوقًا ومربكًا بهذا الفزع، وبهذا الإحساس الجوهري، وفزع التجريد من الشخصية، من خلال شكليات الدخول البطيئة والمملة”[2].

د.ساكس لم يفكر يومًا في ذلك، مع أنه يعمل طبيبًا، إلا أن التجربة المباشرة منحته إحساسًا جديدًا للموقف الذي يشاهده بتكرار ممل.

يقتضي الوجود في المستشفى غالبًا العزلة الجزئية أو الكاملة، وهذا يضاعف من حاجة الإنسان للعطف البشري، ويقوّي إحساسه الحميمي بالآخرين، لا سيما أحبابه وأسرته. بعد مدة من دخوله للمستشفى، اجتمع أصدقاء د.ساكس في غرفته لزيارته والاطمئنان عليه، وكان ذلك بمثابة الاحتفال بالنسبة له:

“وسط ابتسامات أصدقائي وضحكاتهم (وأحيانًا دموعهم) شعرت –كما لم أشعر أبدًا من قبل- بما عنته الحياة؛ ليس أن تكون حيًا فقط، بل أن تتقاسم الحياة، وأن تكون حيًا مع الغير”[3].

أما د.جيل، فقد وصفت موقفًا مؤثرًا. لقد كانت تنتظر وصول أمها في اليوم الثالث من إصابتها بالجلطة، لم تنسَ اللحظة التي أقبلتْ فيها أمها من الممر لتدلف إلى غرفتها في المستشفى، وتصف المشهد:

“كانت متماسكة وهادئة، تلقي تحاياها على الموجودين، ثم رفعتْ طرف لحافي واندست معي في السرير. احتضنتني مباشرة بين ذراعيها، وتكوّرت ملتصقة بي، فذبتُ في جسمها الدافئ الأليف. كانت تلك لحظة رائعة في حياتي. أدركتْ أمي –إلى حدٍ ما- أنني لم أعد ابنتها دكتورة هارفارد، وإنما طفلتها التي نكصتْ إلى الطفولة مرةً أخرى”[4].

(3)

بصورة عامة، الجلطة هي مشكلة تتعلق بالأوعية الدموية التي توصل الأوكسجين إلى المخ. وهي نوعان: جلطة عابرة، وهي الأشهر والأكثر وقوعًا (تمثّل 83% من الجلطات) وتقع حين يتخثّر الدم ويسدّ الشريان، فلا يعبر الدم المشبع بالأوكسجين إلى المخ. وجلطة نزفية (تمثّل 17% من الجلطات) وتقع عندما يتسرب الدم من الشريان ويطفح في المخ. وهناك نوع نادر من الجلطات، وهي التي تقع بسبب تشوه شرياني، وهذا النوع النادر هو الذي أصاب د.جيل. يتضرر الإدراك بسبب الجلطة بطرق متنوعة، تحكي د.جيل بعد إفاقتها من الجلطة عن الضرر الذي أصابها:

“كان عقلي أشبه بعقل طفلة عائدة إلى طفولتها، وعليها أن تتعلم فعليًا كل شيء ابتداء من الصفر. لقد نكصتُ إلى أولويات التعلّم. كيف أمشي، كيف أتكلّم، كيف أقرأ، كيف أكتب”[5].

ليس من السهل تخيّل ذلك، فضلًا عن الوقوع تحت وطأته. تستطرد بالحديث عن أنواع من المعارف التي قد لا نعي أهميتها في إدراكنا للأشياء، تقول أنها لم تعد تستطيع التمييز بين الحدود المادية للأشياء، وتشبّه حالها بمن يضع قطرات في عينيه، كما فقدت القدرة على إدراك الألوان، لاحقًا بعد أن أخذت في التشافي كتبت: “ماتزال فكرة التعرّف على اللون، باعتباره أداة يمكن استخدامها في استكمال الصورة، فكرة تثير دهشتي”[6]. تضررت إدراكاتها التي من النادر أن نفكّر فيها، فقد اضطرّتها الإصابة إلى استعادة تعلّم الرؤية بثلاثة أبعاد، وكيف أن بعض الأشياء تكون قريبة أو بعيدة، وبعضها يمكن أن توضع في الأمام، وأخرى في الخلف.. تخيّل!

حاولتْ التعلّم، واستعادة ما فقدته طوال ثلاثين عامًا. كانت رحلة تعلم صعبة:

“كان حفظ توازني أمام مغسلة المطبخ، والإمساك بالصحون الهشّة والسكاكين الحادة؛ يشكّل تحديًّا حقيقيًا بذاته. ولكن من يظن أن ترتيب الصحون المغسولة على الرف يتطلب قدرة على العدّ؟ لقد استغرق الأمر مني ما يقارب العام لكي أفهمه”[7].

مكثت د.جيل سبعة أعوام قبل أن تصل إلى الشفاء التام، حتى أحلامها كانت تعاني من الثقوب والثغرات نتيجة الجلطة: “طيلة السنوات السبع كانت أحلامي مشوّشة، وبدلًا من أن أرى أحلامًا تحتوي على أناس وسياق لقصة، كان عقلي يمرر شذرات غير متناسقة من البيانات”[8]، ثم عادت الأمور تدريجيًا إلى طبيعتها.

تحدثت باستفاضة عن مشاعرها الغريبة، وأحاسيسها الغامضة بالزمان والمكان، ووعيها الروحاني بالوجود والذات، بمفردات مفتوحة وسيّالة، بل شِعْريّة، مثلًا في اليوم الأول من إصابتها بالجلطة تقول أن إدراكها لحدود جسدها المادية قد تلاشى (ماذا يعني هذا بالضبط؟ لا أدري!)، وتعلّق على ذلك بالقول:

“إن غياب الحدود المادية الفيزيائية، ليس الأروع فقط بين روائع المتع التي يمكن أن نختبرها ككائنات فيزيائية، وإنما من أعظم النعم قاطبةً”[9].

وبالنسبة لإحساسها بالزمان، تقول:

“فقدت الساعة الزمانية التي كانت تجزئ لحظاتي إلى برهات صغيرة متتالية، فبدلًا من تلك اللحظات اللاهثة المرتبكة، أصبحت لحظاتي رحبة ومفتوحة النهايات، ولم أعد أشعر بالاستعجال لقضاء الأشياء. لقد تحولت من الشعور بالضآلة والعزلة إلى الشعور بالرحابة والامتداد”[10].

لن أستطرد في نقل ما قالت في هذا الصدد، وهي تصف أحاسيس غامضة، وغير معتادة، سأدع لك فرصة الرجوع إليها إن أحببت[11].

سرد د.جيل سلس، وحيوي، إلا أنه لا يمكن الوثوق تمامًا بوصفها المستفيض لطبيعة إدراكاتها وأحاسيسها في الأسابيع الأولى من الجلطة على الأقل، فهي مكتوبة –كما هو واضح- بذاكرة استعادية ممزوجة باستبطان ذاتي نابع عن خبرات طبية معينة. كما أنها بالغت في أهمية تجربتها الذاتية، ودفعها ذلك إلى “عَضْوَنَت” المشاعر الروحية، أي حولتها إلى مجرد تفاعلات عضوية/بيولوجية، تقول:

“أؤمن إيمانًا قلبيًا تامًا بأن الشعور بالسلام الداخلي العميق هو عبارة عن دائرة عصبية تقع في الفصّ الأيمن من المخ[12]“.

وهذا تقزيم شديد للثراء الإنساني، فليست الذات مجرد كومة أعضاء مربوطة بنواقل عصبية، ولا يمكن تجاهل تأثير الرؤية الوجودية للكون، والإيمان بما يجاوز البيولوجيا وما يتحكم فيها. إنه الإيمان الذي دفع د.جيل في بدايات شعورها بالجلطة إلى سلوكها غير المفسّر بيولوجيًا، تقول عن ذلك:

“حملت رأسي بين يديّ، وانتحبت. قبضت على كفيّ بشدة، وأنا غارقة في الدموع، ودعوت الله. دعوته أن يُنزل السلام على قلبي، وعلى عقلي. توسلت: أرجو يا عظيم يا قدير ألا تطفئ حياتي”[13].

وفضلًا عن ذلك، فلا تزال وظائف المخ محل نقاش واختلاف، بالنسبة لتموضعها في مقابل انتشارها، والأمر نفسه ينطبق أيضًا على مسألة الوعي، والأساس البيولوجي للانفعالات[14]، فكلها قضايا جدلية، وغير محسومة من الناحية العلمية البحتة.

(4)

لم تكن للإصابة التي مني بها د.ساكس في ساقه أهمية تذكر، إلا أن المشاعر والإدراكات الغامضة التي شعر بها في أعقاب الحادثة هي ما جعلت حكايته جديرة بالتوثيق. يتمتع الإنسان الطبيعي -بفضل التركيب الإلهي لبنيته العضوية والعصبية- بما يسمى بحسّ الحركة، أو “الاستنباه الذاتي”، والذي يتعرف به الجسد على ذاته، وذلك بسبب “التدفق المستمر للمعلومات الواردة الناشئة -بلا توقف طوال الحياة- من العضلات والمفاصل والأوتار”[15]. في حالة د.ساكس وفجأة بعد عملية التجبير للساق اجتاحه إدراك حادّ بأنه لم يعد يعرف ساقه، وأنها غريبة وغير مألوفة:

“لم يعد بإمكاني أن أشعر بها كجزء مني، أو أشعر أنها لي. عندما لمستها بالأمس أحسست أنني لمست شيئًا، أما اليوم فأنا لم ألمس شيئًا على الإطلاق”[16].

ومن خلال خبرته الطبية، حاول أن يفهم ما الذي يجري، والتفسير كما يقول:”لقد فقدت الصورة الداخلية أو التمثيل [الباطني] لساقي. كان هناك تشويش أو طمس لهذا الجزء من صورة الجسم”[17].

أسهب د.ساكس في وصف طبيعة الفقد الذي شعر به تجاه ساقه، ومع بلاغته الملحوظة إلا أنه من الصعب تخيّل هذه المشاعر الغريبة. لاحقًا تماثل للشفاء، وعاد له الإحساس بانتماء ساقه لجسده، وكان لابد من المشي لاستعادة العافية، وواجه صعوبة شديدة في ذلك، لأن شعوره بالساق حينها لا يزال مفقودًا، ويصف بدقة الخطوة الأولى التي سبقها سقوط وآلام ومحاولات، ربما تستطيع الآن وأنت تقرأ هذه المقالة أن تقوم إن كنت جالسًا وتمضي بضعة خطوات، ربما تظن المسألة يسيرة، والحقيقة أن هذا الفعل معقّد بشكل لا يصدّق، ولابد لفعله من تضافر إمكانية عضلية وعضوية وعصبية وإدراكية متنوعة، يكتب د.ساكس ما فعله أثناء خطواته الأولى:

“رأيت كيف يمكن أن أثني الورك بطريقة تتحرك معها الساق إلى الأمام مسافة معقولة. ومن أجل أن أقدّر ما هي المسافة المعقولة في الاتجاه المعقول، وجدت نفسي معتمدًا كليًا على معالم خارجية، أو بصرية، علامات على الأرض، أو علامات مرتبطة بالأثاث والجدران. كان عليّ أن أحسب كل خطوة بشكل كامل، ومقدمًا، ومن ثمّ أن أقدّم الساق، بحذر، وبشكل تجريبي، إلى أن تصل إلى النقطة التي قدّرت وحددت أنها آمنة..الخ”[18].

أما د.جيل فقد كان الأمر مغايرًا بالنسبة إليها، فالمشكلة لا تتعلق بعطب عضو خارجي، وإنما بخلل عميق في نفس الإدراك ومراكز الوعي والتوازن في الدماغ، تتحدث عن خطواتها الأولى:

“حين وقفت في أول الممر المخصص للمشاة احتجت لتعلّم أنه لا بأس من الوطء على الخطوط المرسومة على الاسمنت، ثم كان عليّ أن أعرف بأن الخطوط المرسومة على حافة الممشى مهمة، لئلا تنزلق رجلي في المنحدر فيلتوي كاحلي، ثم كانت هناك أرض معشبة، واحتجت إلى من يريني بأن ملمس العشب يختلف عن ملمس الرصيف، وعليه فإن غاصت رجلي في التربة المعشبة فلا بأس بذلك، وعليَّ فقط أنتبه وأوازن جسمي…الخ”[19].

(5)

بعد عزلة قاسية، وبعد أن تماثل جزئيًا للشفاء، خرج د.ساكس للمشي والتجول بالقرب من المشفى، وكان شعوره فوّارًا حينها، وكتب:

“لقد تبين لي بوضوحٍ متناهٍ أن الحرية –عضويًا وعالم دائم الاتساع وكحيز شخصي واجتماعي دائم الاتساع- هي جوهر التحسن، والتماثل للشفاء، ليس فقط في المجال الخاص لساقي، وقدرتي على الحركة، وليس فقط في المجال التقني للرؤية ثلاثية الأبعاد، بل في المجال العام الكلي للعودة للحياة، والخروج من الانهماك في الذات، والسقم، والمرض، والحجز، إلى فسحة الصحة، والوجود الكامل، والعالم الحقيقي، الذي كنت قد نسيته -على نحو مفزع- في مدة الثلاثة أسابيع القصيرة التي كنت فيها مريضًا”[20].

ربما نقرأ -نحن الملتزمين بالحجر الصحي- هذا الاقتباس بعيون مختلفة، ولا شك أن كثيرًا منا يشارك المؤلف رأيه.

(6)

قادتي هذه الحكايات لمزيد من البحث في الأمراض العصبية النادرة، فوجدت في المصادر مثلًا، أنه توجد أنواع للعمى البصري، غير العمى المعروف، من أبرزها العمى الإدراكي (appreciative gnosia)، والمصاب بهذا المرض يستطيع اكتشاف ظهور موضوعات بصرية تعرض له، لكنه يواجه صعوبة شديدة في إدراك أشكالها، فلا يمكنه التعرف عليها ولا تسميتها، ولا يستطيع نسخ الأشكال اليسيرة كمربع أو دائرة[21].

والعمى الترابطي (associative gnosia)، وأفضل من شرح هذا المرض عالم الأعصاب د.ساكس، وهو يصف حالة مريض تعرّض لإصابة مخية أثّرت على إدراكاته، يقول ساكس عن انطباعاته الأولى عن المريض “كان رجلًا مهذبًا، وشخصيته جذابة، وكان يحسن الكلام بطلاقة، مع شيء من الخيال والدعابة. لم أفهم في البداية سبب إحالته إلى عيادتي”[22]، وتدريجيًا بدأت تتكشّف مشكلته البصرية، فقد طلب من د.ساكس أن يساعده على لبس حذائه، وكان ينظر إلى قدمه وهو يتحدث عن حذائه، فقال له ساكس: “هذه قدمك، وذاك حذاؤك”، فردّ: “آه، لقد حسبت أن ذاك قدمي”، ولما ظنّ المريض أن الفحص انتهى:

“بدأ ينظر حوله بحثًا عن قبعته، ومدّ يده وأمسك برأس زوجته، وحاول أن يرفعه ليضعه على رأسه. بدا جليًا أنه قد حسب رأس زوجته قبعة، أما زوجته فقد بدت معتادة على أمور كهذه!”[23].

وعمى التعرف على الوجوه (prosopagnosia) والذي يصاب به يفشل في تمييز وجوه معارفه أو أمه أو الغرباء، بل قد لا يتعرّف المريض على وجهه في المرآة[24]، وفي أحد الحالات الموصوفة بدقة لشاب في بداية الثلاثينات من عمره تعرض لحادث سيارة وخيم، بعد صحوه من غيبوبة امتدت لثلاثة أسابيع:

“في طور النقاهة المبكر كان كثيرًا ما يتساءل -وخاصة أثناء الحلاقة- ما إذا كان الوجه الذي يحدّق فيه هو وجهه فعلًا؟ ورغم أنه كان يعلم أنه لا يمكن فيزيائيًا أن يكون وجهًا لإنسان آخر، إلا أنه كان -أحيانًا- يكشّر أو يمدّ لسانه كي يتأكد”[25].

ومن أنواع العمى النادرة أيضًا، ما يعرف بمرض الإهمال المكاني (spatial neglect) أو فقدان نصف العالم، وهو نوع من العمى الناتج عن الاضطراب الوظيفي، وبسببه يفقد المريض أحد نصفي مجاله البصري، فلو وقفت في الجهة اليسرى فإن المريض يعجز عن رؤيتك، بل ليس واعيًا بوجودك إلى يساره[26]، وفي حالة موثّقة لمريضة ستينية أصيبت بسكتة دماغية، وأدى ذلك إلى إصابتها بعطب الإهمال المكاني، لوحظ أنها كانت “تضع أحمر الشفاه والمكياج على النصف الأيمن من وجهها فقط، تاركة النصف الأيسر مهملًا تمامًا!”[27].

سبق أن أشرت لحكاية د.ساكس عن فقدانه لساقه، وقد وُثّقت حالة إصابة نادرة لفقدان الإحساس الكامل بالجسد، تقول المريضة: “حدث شيء فظيع! لا يمكنني أن أشعر بجسدي، وكأنني مفصولة عنه”[28]، فلم يكن لديها أي إحساس عضلي أو وتري أو مفصلي من أي نوع.

ومن الإصابات النادرة ما يسمى بالعَمَهْ النبْري، وهو عطب إدراكي يمنع المصاب به من التعرف على الخصائص التعبيرية للأصوات، النبْرة، والجرْس، والشعور المصاحب للكلام، برغم فهم المصاب للكلمات والتراكيب بصورة تامة، وسبب ذلك يعود لاضطرابات معينة في الفص الصدغي الأيمن في الدماغ، ومن الحالات الموصوفة  مريضة كان تعمل معلمة لغة انجليزية، وهي شاعرة أيضًا (لاحظ المفارقة هنا)، وقد أصيبت بمرض العمه النبري، يرصد د.ساكس سلوك هذه المريضة، ويلاحظ تركيزها الشديد على دقة الكلمات واستعمالها، وإصرارها على الآخرين أن يتكلموا الكلمات بدقّة، وبطريقة نثرية منظّمة، فقد تراجعت “قدرتها على متابعة الكلام غير المترابط أو العامي، وقد وجدت أن [الكلام الفصيح المنثور] قد يعوّض –إلى حدٍ ما- من افتقارها إلى فهم النبرة والشعور”[29].

ومن أكثر الأمراض غرابة ما يعرف بمتلازمة كورساكوف (Korsakoff syndrome)، لن أشير إلى الأعراض الطبية الجافة لهذه المتلازمة الفظيعة، بل أنقل لك توصيف عام لأحد المصابين بها (يشار له بتومبسون)، فقد جلس أمام الطبيب أوليفر ساكس في عيادته، ووجه له الحديث قائلًا:”ماذا تريد أن تطلب من اللحم؟”، فرد د.ساكس بأنه مخطئ، فأجاب:”المعذرة.. النور ضعيف، تذكرت، أنت صديقي توم”، فردّ د.ساكس مبيّنًا وهمه، فقال المريض:”لماذا ترتدي معطفًا أبيضًا؟ أنت هايمي الجزّار، هل كان العمل في المسلخ جيدًا؟”، فأشار له د.ساكس بالسماعة، فانفجر قائلًا:”لماذا تتظاهر بأنك الجزار هايمي؟ وأنت مكانيكي؟ أنت صديقي مانرز”، ثم انتبه، وقال:”أين أنا؟”…الخ، وهكذا استمر في دوامة التخيّلات، والقصص والهويّات الكثيرة المتلاحقة.

“لم يعرف أبدًا من هو، ولا أين كان… لم يكن يتذكر أي شيء لأكثر من بضع ثوان، وكان تائهًا باستمرار. كانت هوات عميقة من النسيان تفتح باستمرار أسفل منه، ولكنه يجسّرها بخفة وسرعة وتخيلات سلسة من جميع الأنواع، والتي لم تكن –بالنسبة له- تخيلات على الإطلاق، وإنما يستعمل هذه الخيالات التي كان يرى -أو يفسّر- بها العالم [الذي يظهر أمامه] فجأة… كان يبتدع على الدوام عالمًا ونفسًا للتعويض عما يتم فقده ونسيانه باستمرار، فهو [مضطر] لأن يؤلف نفسه وعالمه كل لحظة”[30].

هل استوعبت آثار جذرية الخلل الذي أصاب الإدراك والهوية الذاتية لدى هذا المريض؟ تأمل معي:

“يملك كل واحد منا قصة حياة، أو حكاية داخلية تشكّل استمراريتها ومعناها حياتنا الفعلية، إن كلًا منا يؤلف قصة ويعيشها، وهذه القصة هي نحن، أو هي هويتنا. إذا أردنا أن نعرف فلانًا، فنحن نسأل “ما قصته؟ [ونقصد] قصته الحقيقية الأعمق؛ لأن كل واحد منا هو سيرة وقصة. كل واحد منا هو حكاية فريدة، يتم تركيبها باستمرار، ودون وعي، بواسطتنا ومن خلالنا وفينا، من خلال إدراكاتنا ومشاعرنا وأفكارنا وأفعالنا، وبواسطة حديثنا أيضًا وحكاياتنا المنطوقة. نحن نتشابه بيولوجيًا وفسيولوجيًا، أما تاريخيًا، باعتبارنا قصصًا، فكلٌ منا فريد. ومن أجل أن نكون أنفسنا لا أن نملك أنفسنا، أو نمتلكها مجددً إذا لزم الأمر؛ يجب أن نتذكر أنفسنا، ونتذكر الدراما الداخلية لأنفسنا وقصتها. يحتاج الإنسان إلى قصة كهذه، إلى قصة داخلية مستمرة للحفاظ على هويته ونفسه. هذه الحاجة القصصية هي ربما تفسّر إسهاب تومبسون وشغفه برواية القصص؛ فحيث كان محرومًا من الاستمرارية، ومن قصة داخلية مستمرة هادئة تراه مدفوعًا إلى نوع من الهياج القصصي، وهو ما يفسّر حكاياته التي لا تنتهي، ونزوعه المفرط إلى الكذب والمبالغة. وبسبب عجزه عن الاحتفاظ باستمرارية أو قصة حقيقية، وعجزه عن الاحتفاظ بعالم داخلي، تراه مدفوعًا إلى تكاثر من القصص الزائفة، في استمرارية زائفة، وعوالم زائفة، أبطالها أشباح وأناس زائفون”[31].

ربما يبدو الأمر هزليًا، أو طريفًا، أو حتى مشوقًا من الناحية الأدبية، وقد استعمل هذه المتلازمة بعض الروائيين، إلا أن الأمر –في الواقع- فظيع جدًا، فتومبسون رجل يائس، فالعالم النسبة له فاقد للمعنى، بل يختفي ويتلاشى، أما عن ماهية شعوره؟ فيجيب د.ساكس: “من المؤكد أن مضطرب، فهناك نظرة متشنجة ومتوترة على وجهه طوال الوقت، كما لو كان رجلًا تحت ضغط داخلي مستمر، وأيضًا هناك نظرة من الارتباك الصريح الواضح والمحزن… ومع هذا فليس لديه شعور بأنه فَقَد الشعور، وليس لديه شعور بـأنه فقد الأعماق، ذلك العمق الغامض المتعدد المستويات، والمتعذر فهمه، والذي يعرّف -بطريقة ما- الهوية أو الحقيقة”[32].

وقبل عقود، وصفت حالة مريضة أصيبت بسكتة دماغية، وأدى ذلك إلى أعطاب في بعض وظائف الدماغ، حيث لم تعد قادرة على إدراك الحركة، حركة الأشياء، لقد أصيبت بما يسمى بـ”عمى الحركة”:

“بالنسبة للمريضة بدا العالم لها كما لو كان سلسلة من اللقطات، وكأنها تعيش في عالم ثنائي الأبعاد، وأصبحت مهام يسيرة مثل عبور الشارع خطيرة جدًا بالنسبة لها، لأنها لم تعد قادرة على تقدير سرعة اقتراب السيارات منها، بل إن صبّ فنجان من القهوة صار تحديًا كبيرًا لها، لأنها لا تستطيع تقدير سرعة انسكاب السائل، مما قد يؤدي إلى تدفق القهوة خارج الفنجان”[33].

لا أود الاستطراد في عرض هذه المشاهد الغريبة الناتجة عن الأعطاب التي تصيب المخ والأعصاب، كالأمراض التي تصيب الذاكرة، وغيرها، ورأيت كبح القلم عن التوسع، فالغاية التمثيل والإشارة.

(7)

وسط هذه الحكايات المثيرة للتأمل، انغمستُ في تخيّل المنح الربانية الهائلة، وفكرتُ كمْ من الهبات التي أستعملها الآن لكي أكتب هذه الأسطر، بدءًا من الإدراك بوجود الأشياء، وانفصالها عن الذات، ومرورًا بعمليات الإبصار المعقّدة، ثم آليات التعلم، ومعرفة الحروف، وأشكالها، ومعرفة المفردات، ثم تركيب الجمل، وإدراك السياق، وانتهاءً بمعرفة لغة بعينها، وفهم دلالاتها، وتنسيق أفكار بعينها، وصياغتها، وتسلسلها…الخ، وغير ذلك مما لا يمكنني حصره، من الإمكانات العضوية والعصبية اللازمة لكي أكتب سطرًا واحدًا.

تأملتُ كيف يمكن للأمراض أن تدلّنا وتذّكرنا بدقائق الآلاء الإلهية التي نرفل فيها كل لحظة، بلا كلفة ولا مشقة، لاسيما تلك الأمراض الغامضة والنادرة وغير المألوفة، لأنها تكشف عن منح ربما لم تخطر لنا ببال، وهي أيضًا من جهة أخرى تزيد من يقيننا بعظمة الإبداع الرباني في الخلق، لكون هذه الأمراض النادرة تساعد في فهمنا لطبيعة الكائن البشري، كما يقول عالم النفس والأعصاب البارز أ.ر. لوريا ت1977م:”إن أي فهم لمتلازمة توريت (Tourette syndrome) يجب أن يوسّع كثيرًا فهمنا للطبيعة البشرية بشكل عام”[34]. كما أنها تكشف لنا طرفًا من تعقيد المخ البشري بالذات، الذي يتفق الأطباء على اعتباره أكثر البناءات تعقيدًا في هذا الكون، حيث يحتوي على عشرات المليارات من الخلايا العصبية التي تتصل ببعضها البعض عبر تريليونات من نقاط الإرسال.

بعد كل ذلك، أنصت معي لقوله تعالى: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ“؛ فلم يتركب جسدك على هذا النحو شديد التعقيد والدقة عبثًا، ولاحظ الاستعمال القرآني لسين الاستقبال في قوله “سَنُرِيهِمْ“، يشير الفخر الرازي رحمه الله ت606هـ في ملاحظة جميلة إلى العلة الكامنة في هذا الاستعمال:

“العجائب التي أودعها في [الآفاق وفي النفس] مما لا نهاية لها، فهو تعالى يطلعهم عليها زمانًا قريبًا، حالًا فحالًا، ومثاله كل أحد رأى بعينه بنية الإنسان وشاهدها؛ إلا أن العجائب التي أبدعها الله تعالى في تركيب هذا البدن لا تحصى، وأكثر الناس لا يعرفونها”[35].

ويضيف العلامة الطيبي ت743هـ على ذلك بقوله:

“فمن حُمل على التفكّر فيها بالقوارع التنزيلية والتنبيهات الإلهية؛ كلما ازداد تفكرًا ازداد وقوفًا، فصحّ معنى الاستقبال”[36].

والتفكّر عبادة جليلة تقود إلى اليقين، وتعميق الشكر والامتنان للخالق العظيم سبحانه، ومجال التفكّر إما أن يكون تفكرًا عامًا، كالتفكر في السماوات والأرض، وما اشتملت عليه من صنوف الآيات وعجائب المخلوقات، وإما أن يكون خاصًا، وهو ما يتعلق بذات المتفكّر وأفعاله، ومع عظمة خلق السموات والأرض إلا أن العبرة في التفكر في ذات الإنسان وأفعاله أكثر؛ كما يقول ابن العربي رحمه الله ت543هـ:

“ونفس الإنسان وذاته أقربها إليه نظرًا، وأكثرها –إن فتّش- عبرًا”[37].

وخير ما يكون من آثار هذه المعرفة بالحق، وبآثاره، وجلال صنعه، أن لا تستعمل هذه الأعضاء في المخالفة، وارتكاب المساخط، وأقرأ بعيني بصيرتك ما كتبه أبو حيان التوحيدي ت414هـ رحمه الله:

“يا هذا إنما أنت بجوارحك، وجوارحك بك، فإذا رتّبتها في مراتبها، كانت لك وكنتَ لها؛ فإذا فسّدت نظامها كانت عليك، لا لك، أعني أن لك قلبًا فرتّبه على حدّ الفكر في أفعال الله، وسرًّا فاحْشُهُ بمحبة الله، وضميرًا فقلِّبه في تيه حسنه لوجه الله، ونفسًا فوكّلها بالرضا عن الله، وروحًا فسرّحه في رياض نعم الله، وعينًا فسدّدها في اعتبار خلْق الله، ويدًا فمرّنها على تناول الواجب من ملك الله، وقدمًا فصبّرها على الخطوات إلى باب الله، وعقلًا فاجعله رائدًا لك عند الله، وعلمًا فاقصره على العمل لوجه الله، وكلًا فابذله فدىً لمرضاة الله، وبعضًا فقفْه على سلوك سبيل الله”[38].

والله المسؤول أن يعيننا على شكره وذكره وحسن عبادته، وأن يسامحنا ويغفر لنا تقصيرنا في أمرنا.


[1] جيل بولتي تيلور، الجلطة التي أنارت بصيرتي، ص59، ترجمة نجمة إدريس، نشر دار مسعى، الطبعة الأولى 2019م.

[2] أوليفر ساكس، أريد ساقًا أقف عليها، ص46، ترجمة رفيف غدار، نشر الدار العربية للعلوم، الطبعة الأولى 1430هـ.

[3] أوليفر ساكس، أريد ساقًا أقف عليها، ص55.

[4] جيل بولتي تيلور، مرجع سابق، ص112.

[5] المرجع السابق، ص119.

[6] المرجع السابق، ص127.

[7] المرجع السابق، ص127-128.

[8] المرجع السابق، ص164.

[9] المرجع السابق، ص89.

[10] المرجع السابق، ص91.

[11] انظر بالذات: ص78-80، و88-96.

[12] المرجع السابق، ص200. والنسبة للأساس العصبي أو البيولوجي للمشاعر أو المعتقدات الروحية فهي مسألة جدلية، يقول د. مايكل ترايمبل (أستاذ علم الأعصاب السلوكي في معهد طب الأعصاب بجامعة لندن):”ليس هناك مراكز دماغية قد يوجد فيها الله أو توجد فيها أرواحنا منتظرة الاتصال به، بل ليس هناك مراكز دماغية معروفة لأي شيء. نحن ببساطة لا نفهم عمل الدماغ” مايكل ترايمبل، الروح في الدماغ-الأسس الدماغية للغة والفن والإيمان، ص284، ترجمة أيهم أحمد، نشر دار علاء الدين، الطبعة الأولى 2011م. وانظر: عبدالله العجيري، شموع النهار، ص33، نشر مركز تكوين، الطبعة الأولى 1437هـ.

[13] جيل بولتي تيلور، مرجع سابق، ص83.

[14] برنارد بارز ونيكول جيج، المعرفة والمخ والوعي- مقدمة لعلم الأعصاب المعرفي، ص52، ترجمة هشام العسلي، نشر دار جامعة الملك سعود، الطبعة الأولى 1439هـ.

[15] أوليفر ساكس، أريد ساقًا أقف عليها، ص72.

[16] المرجع السابق، ص73-75. بتصرف واختصار.

[17] المرجع السابق، ص76.

[18] المرجع السابق، ص148.

[19] جيل بولتي تيلور، مرجع سابق، ص130.

[20] أوليفر ساكس، أريد ساقًا أقف عليها، ص164.

[21] برنارد بارز ونيكول جيج، مرجع سابق، ص312.

[22] أوليفر ساكس، الرجل الذي حسب زوجته قبعة، ص20، ترجمة رفيف غدار، نشر الدار العربية للعلوم، الطبعة الأولى 1430هـ.

[23] المصدر السابق، ص21-24. ينتج العمى الترابطي عن عطب في القشرة المخية الصدغية البطنية. انظر: برنارد بارز ونيكول جيج، مرجع سابق، ص314.

[24] انظر: روبروت سترنبرج وكارين سترنبرج، علم النفس المعرفي، ج1 ص173، 184، ترجمة هشام العسلي، نشر دار جامعة الملك سعود، الطبعة الأولى 1438هـ.

[25] أوليفر ساكس، الرجل الذي حسب زوجته قبعة، ص36.

[26] انظر: روبروت سترنبرج وكارين سترنبرج، مرجع سابق، ص234.

[27] أوليفر ساكس، الرجل الذي حسب زوجته قبعة، ص109.

[28] المرجع السابق، ص68.

[29] المرجع السابق، ص116-117.

[30] المرجع السابق، ص148-150.

[31] المرجع السابق، ص150-151 بتصرف.

[32] المرجع السابق، ص152-153. بتصرف.

[33] برنارد بارز ونيكول جيج، مرجع سابق، ص310-311.

[34] أوليفر ساكس، الرجل الذي حسب زوجته قبعة، ص133.

[35] الفخر الرازي، التفسير الكبير، ج9 ص574، نشر دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى 1429هـ.

[36] الفخر الرازي، التفسير الكبير، ج9 ص574، نشر دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى 1429هـ، وقد لفّقت بين نص الرازي ونقل الطيبي لنفس الموضع، انظر: الحسين الطيبي، فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب، ج13 ص630، نشر جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، الطبعة الأولى 1434هـ.

[37] أبوبكر ابن العربي، سراج المريدين في سبيل الدين، ج2 ص462-463، تحقيق عبدالله التوراتي، نشر دار الحديث الكتانية، الطبعة الأولى 1438هـ.

[38] أبو حيان التوحيدي، الإشارات الإلهية، ص375، تحقيق عبدالرحمن بدوي، نشر الهيئة العامة لقصور الثقافة، الطبعة الأولى 1996م.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لم أقرأ المقالة بعد
    سأقرأها مع كوب قهوة في البلكون وفي طقس غائم
    في أجواء تليق بكتابات الأسطورة عبد الله الوهيبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى