العلم

الله والفيزياء: من ابن سينا إلى هوكينغ

  • وليام .إي. كارول
  • ترجمة: مصطفى هندي
  • تحرير: بلال الخصاونة

“أول ما يجب على العاقل البالغ باستكمال سن البلوغ أو الحلم شرعًا= القصدُ إلى النظر الصحيح المفضي إلى العلم بحدوث العالم(1)

(أبو المعالي الجويني 1028-1085م)

رأى الجويني أن إدراك حدوث العالم يعني بالضرورة رفض أي ادعاء بقدمه، وهو ما يؤدي بالتالي إلى التأكيد على أن الله قد خلقه. ويقرر أن الأقرب للعقل هو القول بأن العالم حادث في الزمان -وهذا ما يعنيه أنه مخلوق- وأنه -تأسيسًا على هذه الملاحظة- يستطيع المرء أن يصل إلى معرفة الخالق. علاوة على ذلك، معرفة خلق الله للعالم تفضي إلى الإقرار بالهيمنة الإلهية، وهو ما يحمل المرء على الخضوع دينياً لشريعة الله.

تعتبر المناقشات حول العلاقة بين الفيزياء واللاهوت -أي بين معرفتنا بعالم الطبيعة ومعرفتنا بالله- إحدى السمات الدائمة للثقافة الغربية. وعلى الرغم من أن ملاحظاتي ستركز على التطورات في الغرب اللاتيني المسيحي، إلا أننا نحتاج أن نتذكر أنه في العلوم الطبيعية والفلسفة كان الغرب اللاتيني متأثرًا بشدة بعمل المفكرين المسلمين واليهود. آمل في بعض تعليقاتي اليوم وفي محاضرتي القادمة أن أبين طبيعة ومدى هذا التأثير.

الدعامتان المتلازمتان لكل حضارة هما: الدين والعلم. تكشف النظريات الكونية المعاصرة -ولا سيما الحديث حول أصل الكون- عن المواجهة المستمرة بين الفيزياء واللاهوت(2). إنه الحديث الذي لا يزال يثير اهتمام المفكرين في عصرنا بقدر ما كان يثير اهتمام مفكري العصور الوسطى. أود أن أضع الخطوط العريضة للمناقشة الحالية وهي أنني سأبين كيف يمكن للعالم المعاصر أن يتعلم الكثير من تحليلات العصور الوسطى للعلاقة بين الفيزياء والميتافيزيقا واللاهوت. في الواقع، إن الانتقال من ستيفن هوكينج إلى ابن سينا ​​هو -بمعنى ما- انتقالٌ من اللبس والخلط والغموض إلى الوضوح والاستقرار.

أنتجت الدراسات الحديثة في فيزياء الجسيمات وعلم الفلك تكهنات مبهرة حول التاريخ المبكر للكون. يفكر علماء الكونيات الآن بشكل روتيني في سيناريوهات تفصيلية تقترح وصف شكل الكون عندما كان بحجم الكرة المطاطية، أي بعد 10-35 ثانية فقط من الانفجار العظيم. إن وصف ظهور أربع قوى أساسية واثني عشر جسيمًا دون ذرّيٍّ منفصل= هو الاعتقاد الشائع في الفيزياء الحديثة. ليس هناك شك بين العلماء في أننا نعيش في أعقاب انفجار ضخم حدث منذ حوالي 15 مليار سنة – أكثر أوأقل ببضعة مليارات.

يلخص جون غريبن John Gribbin -عالم الفيزياء الفلكية في جامعة كامبريدج- أهمية كوزمولوجيا الانفجار الكبير Big Bang Cosmology بهذه الطريقة: “إن الاكتشاف الأهم في هذا القرن -في علم الكونيات على الأقل- كان بلا شك الاكتشاف الدرامي الذي قام به هابل، وأكدته معادلات أينشتاين، وهو أن الكون ليس أبديًا أو ثابتًا ولا يتغير”.(3) وفي عام 1988، لاحظ هوكينج أنه نتيجة لكوزمولوجيا الانفجار العظيم دخلت مسألة بداية الكون إلى”ساحة العلم “.(4) ومؤخرًا قرر بأنه لا يمكن أن يكون لدينا نظرية علمية عن الطبيعة ما لم تفسر بداية الكون(5).

“الطريقة الوحيدة للوصول إلى نظرية علمية هي أن تكون قوانين الفيزياء سارية في كل مكان، بما في ذلك لحظة بداية الكون. يمكن أن نعتبر هذا انتصارًا لمبادئ الديمقراطية: لماذا يجب استثناء بداية الكون من القوانين التي تنطبق على الأماكن الأخرى؟ إذا كانت جميعها متساوية، فلا يمكن أن نسمح لبعضها أن تكون مستثناه دون غيرها”.(6)

هذه الثقة في أن علم الكونيات يمكنه الآن معالجة بداية الكون -وهي ثقة يتقاسمها العديد من علماء الكونيات- أدت إلى طيف واسع من التكهنات حول الحالة الأولية للكون. بالنسبة للعديد من العلماء والفلاسفة واللاهوتيين: فإن مثل هذه التكهنات في علم الكونيات تتحدث مباشرة عن المعتقدات الراسخة حول خلق العالم.(7)

يشير معظم الفيزيائيين إلى الانفجار العظيم على أنه “مفردة أولية”، بمعنى أنه يمثل حدًا أوحافة نهائية، و”حالة من الكثافة اللانهائية” حيث توقف الزمكان. وبالتالي فهو يمثل الحد النهائي لما يمكننا معرفته عن الكون. إذا كانت جميع النظريات الفيزيائية قد صيغت في سياق المكان والزمان، فلن يكون من الممكن التكهن -على الأقل في العلوم الطبيعية- بالحالة التي كانت موجودة قبل أو خارج هذا السياق. ومع ذلك، خلال العشرين عامًا الماضية، أثارت هذه التخمينات اهتمام العديد من علماء الكونيات.(8) يقدم بعضهم الآن نظريات تقترح تفسير الانفجار العظيم نفسه باعتباره تذبذبًا للفراغ الكمومي الأولي؛ تمامًا كما يُعتقد أن الجسيمات دون الذرية تظهر تلقائيًا من الفراغ في المختبرات؛ فكذلك قد يكون الكون كله نتيجة لعملية مماثلة.(9) طور البروفيسور ألكسندر فيلينكين من جامعة تافتس مقاربة تعتمد على نموذج تضخمي للكون المتوسع، الذي يفسر ولادة الكون بأنه جاء من “نفق كمومي من لا شيء”. إن “لا شيء” بالنسبة لفيلنكين، هو “حالة ليس لها زمكان كلاسيكي… أي أنه عالم الجاذبية الكمومية اللانهائية؛ إنها حالة غريبة إلى حد ما تفقد فيها جميع مفاهيمنا الأساسية عن المكان والزمان والطاقة والانتروبي معناها”.(10)

بالنسبة لهؤلاء الكوسمولوجيين غير الراغبين في قبول الانفجار العظيم غير المبرر، أو التفسير الذي بدا لهم أنه يتطلب تدخلا ميتافيزيقيًا= كانت االتقلبات الكمومية في نظرية الانفجار العظيم الذي اقترحه فيلينكين وجوث Guth موضع ترحيب.

هل نحن على وشك تفسير علمي لأصل الكون؟ يدعي العديد من مؤيدي النظريات الجديدة أن قوانين الفيزياء كافية بنفسها لتفسير أصل الكون ووجوده. إذا كان هذا صحيحًا، فإننا -بمعنى ما- نعيش في كون لا يحتاج إلى تفسير يتجاوز نفسه، كونٍ قد خرج إلى الوجود تلقائيًا من العدم الكوني(11). زعم هاينز باجلز أنه “عندما ينظر مؤرخو العلوم إلى الوراء في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، فإنهم سيعلنون لأول مرة أن العلماء بصدد بناء نماذج رياضية عقلانية تستند إلى قوانين الفيزياء التي وصفت خلق الكون بأنه خرج من لا شئ؛ وسيشكل ذلك بداية نظرة جديدة حول خلق العالم”. باجلز واثق من أنه “من المستوى الميكروي إلى الماكروي، ومنذ اللحظة الأولى إلى النهاية= يمكننا توصيف الكون بواسطة قوانين فيزيائية مفهومة للعقل البشري”.(12)

يعتقد بول ديفيز -الذي كتب على نطاق واسع في الفيزياء وعلم الكونيات وآثارها الفلسفية واللاهوتية-أن نظرية الكون التضخمي تفسر ظهور كل من الجسيمات الأساسية والزمكان نفسه “من العدم” “كنتيجة لشيء لا سبب له: التحول الكمومي”.

تخبرنا هذه السردية أن الكون قد أتى بأكمله ببساطة من العدم، خاضعًا لقوانين الفيزياء، واستطاع أن يُوجِدَ على طول الطريق كل المواد والطاقة اللازمة لبناء الكون كما نراه الآن.(13)

على الرغم من أن ديفيز أصبح مؤخرًا أقل حماسًا بشأن وعود الفيزياء الجديدة، فقد كتب قبل عقد من الزمن ما يلي:

“لأول مرة، يمكن أن يكون في متناول أيدينا وصف موحد لكل الخليقة، لا توجد مشكلة علمية أكثر جوهرية من لغز كيفية نشوء الكون. هل يمكن أن يحدث هذا دون أي تدخلات خارقة للطبيعة؟ يبدو أن فيزياء الكم قد أحدثت ثغرة في الافتراض القديم القائل بأنه “لا شيء من لا شيء”. يتحدث الفيزيائيون الآن عن “الكون ذاتيّ الخلق”، إنه كون ينبثق إلى الوجود تلقائيًا، تمامًا مثلما  ينبثق الجسيم دون الذري أحيانًا من العدم في بعض عمليات الطاقة العالية. إن مسألة ما إذا كانت تفاصيل هذه النظرية صحيحة أم خاطئة ليست مهمة جدًا، ما يهم هو أنه من الممكن الآن تصور تفسير علمي لكل الخليقة…لقد ألغت الفيزياء الحديثة فرضية الإله بالكلية”(؟) (14)

وفي سياق أكثر راديكالية، كتب الفيلسوف كوينتين سميث أن “هناك أدلة كافية تبرر الاستنتاج بأن الكون خرج إلى الوجود بلا سبب”.(15) وذلك في مقال عنوانه “كونٌ بلا سبب”، واستنتاجه يكشف أن “حقيقة الأمر هي أن الاعتقاد الأكثر منطقيًة هو أننا جئنا من لا شيء، بلا شيء، وللا شيء” (16) في مكان آخر كتب سميث أنه إذا كانت كوزمولوجيا الانفجار العظيم صحيحة، فإن كوننا وُجِد بلا سبب… [هذا العالم] وجوده غير ضروري، وبلا قصد، وبلا سبب. إنه موجود بلا أي سبب على الإطلاق”.(17)

هناك اتجاه رئيسي آخر في تطبيق ميكانيكا الكم على علم الكونيات -يختلف عن الكون التضخمي والنفق الكمومي- ولكن الادعاءات التي يقدمها فيما يتعلق بالإجابات عن الأسئلة النهائية حول الكون لا تقل أهمية عن سابقتها. هذا هو الرأي الذي اشتهر به ستيفن هوكينغ في تاريخ موجز للزمان (1988). يجادل هوكينج بأن ميكانيكا الكم توضح لنا أن الصورة الكلاسيكية “للزمكان المحدد جيدًا تنشأ كحالة مقيدة من المنظور الكمومي”(18) الزمان أقل أهمية من المكان، ونتيجة لذلك، لا يمكن أن يكون للزمكان حد أولي فردي. ليس هناك وجود للمفردة الأولية، ولا لحدود نهائية على الإطلاق؛ الكون ليس له بداية! وعلى الرغم من أن الكون غير محدود، فهو محدود(19). إليكم كيف يوضح هوكينج وجهة نظره:

من ناحية أخرى، فتحت نظرية الكم للجاذبية إمكانية جديدة، حيث لن تكون هناك حدود للزمكان وبالتالي لن تكون هناك حاجة لتحديد السلوك الفيزيائي عند هذا الحد… يمكن للمرء أن يقول: “الشرط الحدي للكون هو أنه ليس له حد”، وبذا يكون الكون مستقلًا تمامًا، ولن يتأثر بأي شيء خارج نفسه. لم يُخلَق ولن يفنى…إنه موجود فقط”.(20)

إن ادعاء وجود مفردة أولى -بالنسبة لهوكينج- هو اعتراف بالهزيمة: “إذا كانت قوانين الفيزياء يمكن أن تنهار في بداية الكون، فلماذا لا تنهار في أي مكان؟”(21) الاعتراف بالمفردة يعني إنكار إمكانية التنبؤ العالمية للفيزياء، وبالتالي رفض كفاءة العلم في فهم الكون(22).

لا يخجل هوكينج من استخلاص نتيجة لاهوتية من تكهناته الكونية: فإذا لم يكن للكون بداية، فلا يوجد شيء على الإطلاق يمكن أن يفعله الله -باستثناء اختيار قوانين الفيزياء. إن الفيزياء -في حالة اكتشاف نظرية موحدة- ستسمح لنا بالدخول إلى “عقل الإله”. هنا مرة أخرى يقول هوكينغ:

” طالما كان للكون بداية، يمكننا أن نفترض أن له خالقًا. ولكن إذا كان الكون قائمًا بذاته، وليس له حد، فلن يكون له بداية ولا نهاية: سيكون موجودًا ببساطة هكذا؛ أي مكان إذن للخالق؟”(23)

يقول كارل ساجان -في مقدمته لتاريخ موجز للزمان- بأن علم الكونيات لدى هوكينج يوضح لنا “كونًا بلا حد، ولا بداية أو نهاية، فليس هناك ما يفعله الخالق”.(24)

 جون بارو، أستاذ علم الفلك بجامعة ساسكس، ومن أكثر الكتاب إنتاجا في علم الكونيات الحالي، يقرر في “أصل الكون” (1994)، أن الحالة اللامحدودة لعلم الكونيات الكمومي لدى هوكينج أصبحت جذابة بشكل متزايد لأنها “تتجنب ضرورة… اللجوء إلى بداية قَصْديّة”. يعتقد بارو أن الصورة التقليدية للانفجار العظيم، بوجود المفردة الأولي والكثافة اللانهائية هي “بالمعنى الدقيق للكلمة: خلقٌ من لا شيء على الإطلاق”.(25)

 من المثير للاهتمام أن بعض المسيحيين سارعوا إلى تبني كوزمولوجيا الانفجار الكبير لأنهم اعتبروها تأكيدًا علميًا لقصة الخلق في سفر التكوين.(26) وفقًا لذلك، نستطيع أن نفهم الجاذبية الخاصة لبعض التباينات الحالية في كوزمولوجيا الانفجار الكبير التي إما أن تدعي أن المفردة الأولى أتت من نفق كمومي، أو تنكر وجود حدود أولية للكون. في كلتا الحالتين، لا وجود للخالق.(27) أعتقد أن فحص مناقشة الفيزياء واللاهوت في العصور الوسطى، وخاصة تطوير توما الأكويني لعقيدة الخلق من لا شيء، سيمكننا من رؤية أن استخدام كوزمولوجيا الانفجار الكبير لدعم وجود الخالق أوإنكاره= هو مثال على سوء فهم كل من علم الكون وطبيعة الخلق.

إن الكون الذي وصفه ساجان وهوكينج وآخرون -باباوات علم الكونيات المعاصر- هو كون قائم بذاته، ومفهوم بشكل شامل من خلال قوانين الفيزياء. في مثل هذا الكون، يبدو أن هناك القليل من الحاجة إلى إله الكتاب المقدس اليهودي أو المسيحي أو الإسلامي. يبدو أن عقيدة الخلق التقليدية قد عفا عليها الزمن في مواجهة التطورات الحديثة في العلم الحديث. بالنسبة للبعض، فإن فكرة الخالق تمثل قطعة أثرية فكرية من عصر لم يتعرض لما يكفي من التنوير.

غالبًا ما تكون المناقشات المعاصرة حول الآثار اللاهوتية والفلسفية لكوزمولوجيا الانفجار العظيم، حيث يبدو أن النظريات الكونية بحاجة إلى إعادة تفسير، لأنها تعاني من جهل بتاريخ العلم. وفيما يتعلق بالنظريات التي تدعي أنها وصلت إلى أصل الكون، فقد كشفت النقاشات الأخيرة عن جهلها  بالتحليلات المعقدة للعلوم الطبيعية والخلق تلك التي حدثت في العصور الوسطى. أتاح استقبال العلوم الأرسطية في الأوساط الفكرية الإسلامية واليهودية والمسيحية في العصور الوسطى فرصة لمناقشة واسعة النطاق للعلاقة بين اللاهوت والعلوم الطبيعية.(28) لا توجد طريقة أفضل -على ما أعتقد- سوى البدء في فهم هذه المناقشة، بدلاً من التركيز على تطوير عقيدة الخلق. سيكون هذا بمثابة موضوع موحد لأفكاري في العديد من محاضراتي. في الواقع، سأدعي أن فهم الإكويني للخلق وعلى وجه الخصوص: الحدود التي يرسمها بين اللاهوت والميتافيزيقا والفلسفة الطبيعية- يمكن أن يستمر في العمل كبر أمان في وسط الأمواج المعاصرة من النظريات التأملية.

إن قصة استقبال العلوم اليونانية -ولا سيما نصوص أرسطو- في الغرب اللاتيني متاحة بسهولة ولا أريد إعادة سردها هنا. توفر حواشي هذه المحاضرة إشارات إلى هذه النصوص. ومع ذلك، أود أن أدلي ببعض التعليقات الموجزة حول استقبال تعلم اللغة اليونانية.

أدى تطوير مدارس الكاتدرائية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر -وهو جزء من برنامج الإصلاح الذي تبنته البابوية- إلى تجديد الاهتمام بتراث العصور القديمة الكلاسيكية.(29) في شارتر -على سبيل المثال- كانت هناك دراسة مستفيضة لعمل أفلاطون الكوني: محاورة تيماوس، جنبًا إلى جنب مع تعليق خالقيديوس، بالإضافة إلى توليف مارتيانوس كابيلا ” Philology and Mercury”، وحلم ماكروبيوس في سكيبيو، وأسئلة سينيكا الطبيعية، وشيشرون “عن طبيعة الآلهة”، جنبًا إلى جنب مع أعمال أوغسطين، وبوثيوس، وسكوت أريجينا. كانت محاورة تيماوس مهمة بشكل خاص لأنها احتوت على مناقشة أكثر منهجية للأسئلة في علم الكونيات والفيزياء. كان تييري شارتر (توفي بعد 1156) مؤثرًا بشكل خاص في محاولته استخدام علم الكونيات الأفلاطوني في قراءته لحساب الخلق في سفر التكوين.(30)

بدأ إحياء التعلم كمحاولة لإتقان واستغلال المصادر اللاتينية التقليدية. ومع ذلك، قبل نهاية القرن الثاني عشر، تغيرت الامور بسبب ضخ كتب جديدة، تحتوي على أفكار جديدة، مترجمة حديثًا من أصول يونانية وعربية. هذه المادة الجديدة، التي كانت في البداية هزيلة ثم تحولت إلى طوفان غيّر بشكل جذري الحياة الفكرية للغرب.(31)

أتاح الاستيلاء المسيحي على طليطلة في إسبانيا عام 1085 والغزو النورماندي لجنوب إيطاليا وصقلية في أواخر القرن الحادي عشر الفرصة لترجمة عدد كبير من النصوص من العربية واليونانية إلى اللاتينية. وفي القرن الثاني عشر -تحت رعاية رئيس أساقفة طليطلة- قام فريق من العلماء بقيادة دومينيك غونديسالينوس بترجمة أعمال ابن سينا ​​والفارابي والكندي. تعلم جيرارد كريمونا (حوالي 1114-1187) اللغة العربية وترجم معظم الأعمال الأرسطية في العلوم الطبيعية. كما ترجم جيرارد واحدًا وسبعين عملاً من العربية. وكما لاحظ جيمس واشيبل، فإن جيرارد يستحق التقدير باعتباره “الجسر الذي عبرت عليه العلوم الغربية إلى الغرب”.(32) في القرن الثالث عشر، عمل روبرت جروسيتيست(33) وويليام مويربيك(34) بلا كلل لإنتاج ترجمات أفضل للنصوص اليونانية. وبين عامي 1200 و 1209، أنتج جروسيتيست ، أستاذ أكسفورد الشهير ، أول عرض كامل للـ “الأنالوطيقا الثانية”، وهو نص وصفه جون سالزبوري في القرن الماضي بأنه يحتوي على العديد من الحواجز التي تحول دون الفهم كما كانت هناك فصول ناقصة. بحلول عام 1220، ظهرت شروح ابن رشد على هذا النص باللاتينية. من الصعب التقليل من أهمية “الأنالوطيقا الثانية” في التاريخ الفكري الغربي لأنها تمثل العرض المنهجي لأرسطو لفهمه لطبيعة العلم ودور القياس المنطقي في اكتساب المعرفة بالطبيعة. بحلول أواخر ستينيات القرن التاسع عشر، أكمل كل من ألبرت الكبير وتوما الإكويني تعليقاتهم المستفيضة على هذا العمل.

استطاع منهج الجامعات المنشأة حديثًا -خاصة في أكسفورد وباريس- إحداث ثورة فكرية. على الرغم من وجود بعض الأدلة على وجود محاضرات حول “المنطق الجديد logica nova” لأرسطو في العقد الأول من القرن الثالث عشر في كلا الجامعتين، إلا أن هناك القليل من الأدلة على التأثير المهم لهذه المحاضرات حتى أربعينيات وخمسينيات القرن الثاني عشر. في عام 1210 ، في عام 1215، ومرة ​​أخرى في عام 1231، حُظِرت أعمال أرسطو “المتعلقة بالفلسفة الطبيعية” رسميًا من المناهج الدراسية في باريس، ولكن سرعان ما تبدد هذا الفعل العدائي المبكر في النهاية، وبحلول منتصف القرن كانت النصوص الأرسطية تدرس علانية. سيكون رد الفعل على الصورة المتطرفة من الأرسطية الذي أدى إلى إدانات رسمية من قبل أسقف باريس في 1270 و1277 =موضوعَ محاضرة مستقبلية، لذلك سأضع جانباً الآن أي سرد ​​تفصيلي لاستقبال أرسطو في القرن الثالث عشر.

 كانت الخلافات في الغرب اللاتيني تتبع في نواحٍ مهمة نظيرتها في العالم الإسلامي، وأريد أن أكرس ما تبقى من ملاحظاتي للثقافة الإسلامية في العصور الوسطى لأن تطوير الأكويني لفهمه للخلق يعتمد بشكل كبير على عمل المفكرين المسلمين في العصور الوسطى. علاوة على ذلك -كما أشرت بالفعل- لا توجد نقطة التقاء أكثر أهمية بين العلوم الطبيعية واللاهوت والميتافيزيقا من موضوع الخلق.

يعتبر استقبال الفلسفة اليونانية في العالم الإسلامي قصة معقدة.(35) قبل ظهور الإسلام بفترة طويلة، أسس المسيحيون النسطوريون في سوريا وبلاد فارس مراكز تعليمية تنتج ترجمات للنصوص اليونانية إلى لغات مختلفة في الشرق الأدنى (خاصة السريانية ولاحقًا العربية). وبحلول منتصف القرن الثامن، كان خلفاء العباسيون قد بنوا العاصمة الجديدة “بغداد”.(36) وتحت تأثيرهم تسارع تسرب الهيلينية إلى العالم الإسلامي. أنشأ الخليفة المأمون (813-833) معهدًا للبحوث (بيت الحكمة) في بغداد، الذي كان بمثابة مركز للترجمة.(37)

كان الاهتمام الأساسي بالنصوص الطبية، ولكن ترجمت بعض المحاورات الأفلاطونية، بما في ذلك تيماوس، بالإضافة لكتاب إقليدس في الهندسة وكتاب المجسطي لبطلميوس في الفلك. بحلول عام 1000م، “كانت كل المجموعات اليونانية الطبية وفي الفلسفة الطبيعية وعلوم الرياضيات قد نسخت إلى العربية وأصبحت قابلة للاستخدام”.(38)

لا يزال دور العلم اليوناني في الثقافة الإسلامية موضع جدل علمي: أي هل كان موجودًا فقط على هامش الثقافة الإسلامية أم قد تم تضمينه في تلك الثقافة بحيث كان له دور مهم في تطوير الفقه واللاهوت؟ ومع ذلك، يبدو من الواضح أن الادعاء بأن العلم في الإسلام ظل إعادة ترتيب وترجمة للفكر اليوناني، وبالتالي “كان خاليًا من كل الأصالة”= هو ادعاء خاطئ. (39) بغض النظر عن دور التلميذ، قدم العلماء المسلمون مساهمات مهمة في الطب وعلم الفلك والبصريات والرياضيات.(40)

كما نتذكر أن تركيز تعليقاتي وإن لم تتعلق “باستكمال البلوغ”، فهي على الأقل تتعلق بـأن “أول ما يجب على العاقل البالغ…القصدُ إلى النظر الصحيح المفضي إلى العلم بحدوث العالم”. دعونا نوجه انتباهنا إلى علم اللاهوت والعلوم الطبيعية في البيئة الإسلامية. في وقت مبكر من عام 932م، كان هناك نقاش عام شهير في بغداد حول مزايا “العلم الوافد”.(41) بدت الفلسفة اليونانية صعبة بشكل خاص على العديد من علماء الدين المسلمين (المتكلمين) الذين نظروا إليها بعين الريبة باعتبارها طريقة تفكير غريبة. ومن ثم رأو أنه يجب حماية السيادة الإلهية وخلق النظام الكوني من تعديات المنطق اليوناني والعلم الأرسطي الذي سعى إلى اكتشاف العلاقة الضرورية بين السبب والنتيجة.

يبدو أن أي ضرورة أو تلازم مفترض في النظام المخلوق يهدد القدرة الإلهية المطلقة، وبناءً عليه، تبنى العديد من اللاهوتيين عقيدة راديكالية عن الخلق ترى الأحداث في العالم على أنها مجرد “مناسبات” للفعل الإلهي، فالله وحده هو السبب الحقيقي لكل ما يحدث(42). يمكن العثور على الموقف الذي يخشاه هؤلاء اللاهوتيون المسلمون في عمل الفارابي (870-950)، الذي وضع في القاهرة منهجًا لدراسة أفلاطون وأرسطو، وابن سينا ​​(980-1037) وكتاباته في الطب، والفلسفة الطبيعية والميتافيزيقا التي أثبتت أنها ذات تأثير غير عادي. يقدم عملهم مثالًا ممتازًا للطريقة التي يمكن بها ملاءمة الفكر اليوناني في العالم الإسلامي.(43) أيضًا، أثبتت ترجمات ابن سينا إلى اللاتينية أنه مهم بشكل خاص لفهم توما الأكويني، كما سنرى.

إن فهم ابن سينا ​​للعلاقة بين الله والوجود الضروري والنظام المخلوق للأشياء -التي هي (بحد ذاتها) ممكنة- سيساهم في فهم الأكويني لمسألة الخلق. في كتابه الضخم “الشفاء” قسم “الإلهيات”، كتب ابن سينا: “وإذا كان له من غيره الوجود والوجوب فله من نفسه العدم والإمكان ، وكان عدمه قبل وجوده، ووجوده بعد عدمه قبليّة وبعديّة بالذّات ، فكل شيء غير الأول الواحد فوجوده بعد ما لم يكُ باستحقاق نفسه”.(44)

وفي شرح نوع السببية الفاعلة (أوالفعّالة) التي ينطوي عليها الخلق، يلاحظ ابن سينا ​​أن هناك فرقًا مهمًا بين الطرق التي يناقش بها الميتافيزيقيون والفلاسفة الطبيعيون السببية:

“لا يقصد الإلهيون بالفاعل أنه مبدأ للحركة فحسب، ولا كذلك الحكماء الطبيعيون، بل يقصدون أيضًا أنه مبدأ الوجود ومانح الوجود، مثل أن يكون خالق العالم”.(45)

سيكون الاعتراف بأن الخلق موضوعٌ للميتافيزيقا وليس موضوعًا للفيزياء (أي للفلسفة الطبيعية) مهمًا بشكل خاص للأكويني، وكذلك كان إصرار ابن سينا ​​على التمييز بين الماهية والوجود. فيما يتعلق بالموضوع الأخير، يلاحظ ابن سينا ​​أن التفكير في معنى الشيء يكشف أن ماهية الشيء -أي جوهره- يختلف عن وجوده؛ وعلى أساس التمييز الأنطولوجي بين الماهية والوجود، يجادل ابن سينا ​​بأن جميع الكائنات -بخلاف الله (الذي يختفي فيه هذا التمييز)- تتطلب سببًا لوجودها.(46)

يعتبر تمييز ابن سينا ​​بين الوجود والماهية جزءًا من مساهمته في مشروع فكري طويل الأمد سعى فيه إلى فهم العلاقة بين الأفراد الموجودين و”ماهيتهم المتصورة”. لقد أعطى منظرو الأفلاطونية الجديدة الأولوية الوجودية للماهية المتصورة في الذهن. ومن ثم، فمن الطبيعي أن ينجذبوا إلى تصور انبثاقي للوجود، الذي بموجبه تتدفق كل الأشياء الموجودة من مصدر أساسي للوجود، وهذا المصدر عقلٌ محض. إن تمييز ابن سينا ​​بين الوجود والماهية كان في سياق مناقشته للوجود الضروري والممكن؛ وقد اتبع الأكويني خطى ابن سينا، ​​ولكنه يدرك نوعًا مختلفًا من الحدوث عما لاحظه ابن سينا. بالنسبة لابن سينا​​، الماهية شيءٌ سابق، والوجود “يعرِض” لها.(47) ووفقًا لابن سينا​​، فإن “الوجود بالفعل” هو عرضٌ جديد للوجود بالقوة للعالم المخلوق (الذي كان موجودًا في الأصل على شكل جوهر أو”موجودًا بالقوة” في العقل الإلهي)؛ ومن ثم فالخلق “هو نوع الإضافية الإلهية على ما هو موجود بالقوة، ليخرجه إلى الوجود بالفعل”(48) وكما يلاحظ ديفيد بوريل، سيستخدم الأكويني تمييز ابن سينا ​​بين الماهية والوجود، ولكنه سيطور مفهوم الحدوث بطريقة لا يُفهم من خلالها الخلق أو الوجود على أنه عرضٌ للجوهر، بل كعلاقة أساسية بالخالق كأصل للوجود.(49) لكنني سأفحص مساهمة الأكويني المميزة في هذا الموضوع في المحاضرتين التاليتين(50).

غالبًا ما كان يُنظر إلى العالم الأزلي على أنه عالم حتميّ الوجود، وليس مخلوقًا باختيار الله. سعى ابن سينا ​​إلى أن يكون مخلصًا للميتافيزيقا اليونانية (خاصةً في صورتها الأفلاطونية الجديدة)، وأيضًا الحفاظ على حدوث العالم؛ فالعالم ممكن، ويتطلب سببًا من أجل الوجود. والله، من ناحية أخرى، واجب الوجود، وبالتالي لا يحتاج إلى سبب. إن مفتاح العلم -بالمعنى الذي أوضحه أرسطو في الأنالوطيقا الثانية- هو معرفة العلاقة الضرورية بين العلة والمعلول؛ وفقط هذه المعرفة الضرورية هي ما يستحق حقًا اسم العلم (episteme). أما الوجود الحادث، فعلى الرغم من أنه ليس ضروريًا في ذاته، فهو ضروري بغيره.(51) اعتقد ابن سينا ​​أن حدوث العالم كما وصفه لا ينفي حتمية الفيض الطبيعي.(52) فالمخلوقات ممكنة وحادثة بذاتها، ولكنها ضرورية بالنظر إلى أسباب حدوثها، وإلى كونها فاضت عن الله. إن العالم بدون علاقات ضرورية= هو عالم غير مفهوم. ومع ذلك، في الوقت نفسه، كان الخوف هو أن العالم الذي يكون وجوده ضروري= هو عالم مكتفٍ ذاتيًا، بمعنى أنه لا يمكن أن يكون على غير ما هو عليه. في أحسن الأحوال، لن يكون العالم حتمي الوجود سوى عالم “يجب” أن يفيض عن علة الوجود. ومن هنا كان تفسير أصل العالم طبقًا لسردية الانبثاق/الفيض الضروري جذابًا، لأنه يبدو أنه ينصف كلًا من ضرورية الفيض وإمكان الحدوث.

سلك العلم اليوناني منحى الفيض الضروري لكي يحافظ على إمكانية فهم العالم؛ ومن ناحية أخرى يتطلب اللاهوت القولَ بالإمكان لصيانة “حدوثِ” العالم عن اختيار الإله. فعل الخلق بالنسبة لابن سينا ​​هو علاقة وجودية -علاقة في ترتيب الوجود- لا زمنية. في الواقع، قبِل ابن سينا ​​وجهة النظر اليونانية الراسخة بأن العالم قديم، ومن الواضح أن وجهة نظره عن فيضان الأشياء عن مصدر أول -وهو ما يستبعد أن يفعل الله عن اختيار وإرادة- لا معنى لها إلا في كونٍ قديم. لكن، هل تنسجم ميتافيزيقا الفيض مع الخلق عن اختيار وقصد؟ وهل تتفق مع ما أنزل الله في القرآن أو الكتاب المقدس؟

كانت مثل هذه الأسئلة على وجه التحديد هي التي دفعت أبا حامد الغزالي (1058-1111) -وهو فقيه ومتكلم صوفي- إلى رفض ما اعتبره تهديدات للعقيدة الإسلامية في فكر فلاسفة مثل ابن سينا. يقدم الغزالي في كتابه “تهافت الفلاسفة” نقدًا واسع النطاق للفكر اليوناني:

” أما المسائل الثلاث، فقد خالفوا فيها كافة المسلمين، وذلك في قولهم: 1- أن الأجساد لا تحشر، وإنما المثاب والمعاقَب هي الأرواح المجردة، والمثوبات والعقوبات روحانية لا جسمانية… 2- ومن ذلك قولهم: إن الله تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات؛ وهذا أيضاً كفر صريح… 3- ومن ذلك قولهم بقدم العالم وأزليته فلم يذهب أحد من المسلمين إلى شيء من هذه المسائل”.(53)

يدافع الغزالي عما اعتبره العقيدة الإسلامية القويمة (حدوث العالم) في مقابل تبني ابن سينا ​​للقول بقدمه. اعتقد الغزالي أن هذا العالم [القديم] هو على النقيض تمامًا من العالم الحادث. لا يمكن للعالم القديم أن يكون حادثًا باختيار الله، لأنه سيكون عالمًا مكتفيًا ذاتيًا.(54) في الواقع، يرى الغزالي أنه حتى على أسس فلسفية، فإن جميع الحجج المقدمة على قدم العالم “متهافتة”. ربما يكون من المفارقات أن يتفق ستيفن هوكينج وكارل ساجان مع الغزالي في الادعاء بأن الكون الذي له بداية زمنية محددة هو المقصود بالكون الحادث. وهم بالطبع يعتقدون أن إنكار مثل هذه البداية لا يترك شيئًا للخالق المبدع ليفعله. جادل ابن سينا ​-كما رأينا- بأن فعل الخلق هو اعتمادية ميتافيزيقية، أي تفسير لسبب وجود الأشياء، وبالتالي فإن الخلق ليس موضوع العلوم الطبيعية. سأتابع هذا الموضوع في محاضرتي التالية، وسأظهر أن توما الأكويني يقدم ترياقًا ممتازًا للمناقشات المربكة في عصرنا حول الله والفيزياء وأصل العالم.

كان التناقض الذي وجده الغزالي في موقف ابن سينا هو ​​قوله بعالم قديم وحادث في نفس الوقت؛ حيث يبدو للعديد من علماء الدين المسلمين أن على المرء أن يختار بين أثينا ومكة، بين العلم اليوناني ووحي القرآن. فالسعي لتبني كليهما -حسب اعتقادهم- هو ضرب من التهافت. في المحاضرة التالية سوف ندرس هذا الادعاء الذي رفضه ابن رشد وابن ميمون والأكويني(55). سيدافع الأكويني عن إمكانية وجود “عالم قديم خلقه الله من العدم”، ولا يزال فهم الأكويني للخلق -الذي نشأ في خضم الجدل الدائر في العصور الوسطى حول العلاقة بين العلم اليوناني والوحي الإلهي- أحد الإنجازات المدهشة في تاريخ البشرية. أترككم مع جملة من الإكويني الشاب، التي كتبها في خمسينيات القرن الثاني عشر في جامعة باريس: “نحن لا نؤمن بالخلق بدافع الإيمان فحسب، بل بالعقل أيضًا”.

اقرأ ايضًا: هل كان للمسلمين مناهج بحث علميّ؟


الهوامش

  • From his Kitab al-Irshad (Book of Right Guidance); quoted in L. E. Goodman, Avicenna (London: Routledge, 1992), p. 49. An Ash’arite theologian, he taught al-Ghazali at Nishapur.
  • مواجهةٌ مفتعلة، بل هي علاقة السبب المخلوق بالمريد القادر: خالق الأسباب ونتائجها، لكن عدم الإدراك الصحيح لهذه العلاقة يُخيّل لصاحبنا انها مواجهة. لكن قد تكون المواجهة بين فلسفتين أو نموذجين، وكل نقص في أحد النموذجين يزيد من هوة الشُّقة بينهما. (المحرر)

3- John Gribbin, In the Beginning: The Birth of the Living Universe (Boston: Little, Brown and Company, 1993), p. 19.

4- Stephen Hawking, A Brief History of Time (New York: Bantam Books, 1988), p. 8.

5- نظرية الانفجار العظيم أوغيرها لا تغير كثيرا من أصل الإشكال، فالإيجاد من عدمٍ محضٍ إشكاله فلسفي ومحاولة حلّه مادياً قديمة. كان آخرها ما ذهب إليه هوكنغ وأضرابه، لكن مما لا ينبغي إغفاله: أن صحة النظرية غير متوقفة على سيناريو البدء من لا شيء، فالنظرية الأساسية تصف الحالة المبكرة للكون لا إيجاده! ثم تتابع السيناريوهات المفترضة لتكتمل النظرية بوصف لحظة البداية لكنها ليست شرطا في صحتها ولا فرعًا عن أدلتها. (المحرر)

6- Stephen Hawking and Roger Penrose, The Nature of Space and Time (Princeton: Princeton University Press, 1996), p. 71.

7- The literature on this subject is enormous. Among many authors who offer a survey of these recent variations in Big Bang cosmology and comment on their philosophical and theological implications see: William E. Carroll, “Big Bang Cosmology, Quantum Tunneling from Nothing, and Creation,” Laval théologique et philosophique, 44, no.1 (février 1988), pp. 59-75; Mariano Artigas, “ Física y creación: el origen del universo,” Scripta Theologica, 29, nos. 1 and 2 (1987), pp. 347-373; E. McMullin, “Natural Science and Belief in a Creator: Historical Notes,” W. R. Stoeger, “Contemporary Cosmology and Its Implications for the Science-Religion Dialogue,” T. Peters, “On Creating the Cosmos,” J. Polkinghorne, “The Quantum World,” R. J. Russell, “Quantum Physics in Philosophical and Theological Perspective,” and C. J. Isham, “Creation of the Universe as a Quantum Process,” in Physics, Philosophy, and Theology: A Common Quest for Understanding, edited by Robert John Russell, William R. Stoeger, S.J., and George V. Coyne, S.J. (Vatican City: Vatican Observatory Publications, 1988), pp. 49-79, 219- 247, 273-296, 333-342, 343-374, 375-408; William Lane Craig and Quentin Smith, Theism, Atheism and Big Bang Cosmology (Oxford: Oxford University Press, 1993); C.J. Isham, “Quantum Theories of the Creation of the Universe” and Robert John Russell, “Finite Creation Without a Beginning: The Doctrine of Creation in Relation to Big Bang and Quantum Cosmologies,” in Quantum Cosmology and the Laws of Nature, edited by Robert John Russell, Nancey Murphy, and C.J. Isham (Vatican City: Vatican Observatory Publications, 1993), pp.49- 89, 293-329; Ernan McMullin, “Indifference Principle and Anthropic Principle in Cosmology,” Studies in History and Philosophy of Science, 24, no. 3 (1993), pp. 359-389; Juan José Sanguineti, El Origen del Universo: La cosmología en busca de la filosofía (Buenos Aires: Editorial de la Universidad Catolica Argentina, 1994) and “La creazione nella cosmologia contemporanea,” Acta Philosophica 4, no. 2 (1995), pp. 285-313; Joseph Zycinski, “Metaphysics and Epistemology in Stephen Hawking’s Theory of the Creation of the Universe,” Zygon, vol. 31, no. 2 (June 1996), pp. 269-284.

8- بصفتي مؤرخًا للعلم ، لست مؤهلاً للحكم على الادعاءات العلمية المحددة في هذه التخمينات المختلف، لكنني أرغب في فحص الادعاءات الفلسفية واللاهوتية المرتبطة كثيرًا بهذه التخمينات وإظهار كيف أن تاريخ الفلسفة واللاهوت والعلوم في العصور الوسطى مفيد بشكل خاص في مثل هذا الفحص.

9- كان إدوارد تريون من جامعة مدينة نيويورك من أوائل المؤيدين لهذا الرأي. وجادل بأن الانفجار العظيم يمكن أن يُفهم على أنه “نفق كمومي من لا شيء”. Nature 246, no. 14 (14 December 1973), p. 396.

10- “Birth of Inflationary Universes,” in Physical Review D, 27:12 (1983), p. 2851. Other essays by Vilenkin: “Quantum Cosmology and the Initial State of the Universe, “ in Physical Review D 37 (1988), pp. 888-897, and “Approaches to Quantum Cosmology,” in Physical Review D 50 (1994), pp. 2581-2594.

11- Perfect Symmetry: The Search for the Beginning of Time (London: Michael Joseph, Ltd., 1985), pp. 349 and 17.

12 – وتارة أخرى يفترضون شيئاً ما حوى تلك التقلبات لا عدما مطلقًا -كما هو معلوم من التجارب المخبرية- لكن يكفينا أن القوانين المعزو لها الإيجاد: فاعلة! مع علمنا من كل الصياغات الرياضية ان عملها متوقف على مصادرها من المادة…كعلاقة الجاذبية بالكتلة و الكهربائية بالشحنة…الخ، لكن ما علينا؟ هناك قوانين أوجدت هذا كله: أليس هذا اعتقادٌ ما ورائي؟ (المحرر)

13- عندما يتحدث ديفيز عن “تحول كمومي لا سبب له”، فإنه يستخدم مصطلح “سبب” للإشارة إلى التعاقب الزمني للأحداث التي يمكن التنبؤ بها. هناك قدر كبير من الالتباس في التفسير الفلسفي لميكانيكا الكم، خاصة فيما يتعلق بمعنى “مبدأ اللايقين” عند هايزنبرغ. إن التأكيد على أننا غير قادرين على توفير مقياس رياضي دقيق لكل من سرعة وموضع الجسيم دون الذري في نفس الوقت، أو  إنكار الحقيقة الموضوعية للجسيم: شيء، والزعم بوجود عالم من التأثيرات “اللاسببية” أمر آخر تمامًا. قد لا نكون قادرين على التنبؤ بأحداث معينة، لكن هذا يعني أن هذه الأحداث ليس لها سبب. God and the New Physics (New York: Simon and Schuster, 1983), p. 215.

14- ibid., p. viii.

15- William Lane Craig and Quentin Smith, op. cit., p. 109.

16- ibid., p. 135. من الأمثلة الجيدة بشكل خاص على الالتباس المستمر حول أدوار العلم والميتافيزيقا واللاهوت في فهم الكون وأصوله هو مقال بقلم ب.و. أتكينز P.W. Atkins، الكيميائي الفيزيائي المتميز في جامعة أكسفورد. فلكون مقتنعًا بأن كل المعرفة البشرية قابلة للاختزال في الفئات التفسيرية للعلوم الطبيعية، يعتقد أتكنز أن مجال الخطاب العلمي لا حدود له حقًا. ووفقًا لذلك، يقول إن مهمة العلم هي “تفسير ظهور كل شيء من لا شيء مطلقًا، لا نقول “لا شيء تقريبًا”، ولا بقعة شبيهة بالغبار دون الذري، بل “لا شيء على الإطلاق”. لاشىء بتاتًا، ولا حتى مساحة فارغة”.P. W. Atkins, “The Limitless Power of Science,” in Nature’s Imagination: The Frontiers of Scientific Vision, edited by John Cornwell (Oxford: Oxford University Press, 1995), p. 131. For a criticism of this essay, see William E. Carroll, “Reductionism and the Conflict Between Science and Religion,” The Allen Review 15 (Oxford, 1996), pp. 19-22.

17- ibid., p. 217. Italics are in the original.

18- For a very good account of Hawking’s analysis, actually the Hartle/Hawking analysis, see Robert John Russell, “ Finite Creation Without a Beginning . . .,” in Quantum Cosmology and the Laws of Nature, op. cit., pp. 293-329. J. Hartle, S. Hawking, “Wave Function of the Universe,” in Physical Review D, 28 (1983), pp. 2960-2975; S. Hawking, “The Boundary Condition of the Universe,” in Astrophysical Cosmology, edited by H.A. Brück, G.V. Coyne, M.S. Longair (Vatican City: Pontifical Academy of Science, 1982), pp. 563-572; S. Hawking, “The Quantum State of the Universe,” in Nuclear Physics B 239 (1984), pp. 257-276. See also, Keith Ward’s discussion, “Creation and Modern Cosmology,” in Religion and Creation (Oxford University Press, 1996), pp. 287-315.

19- Hawking, A Brief History of Time, op. cit., p. 136.”أهم سمتين تعلمتهما في بحثي عن الزمكان هما: 1- أن الجاذبية تعمل على “ثني/تشكيل” الزمكان بحيث يكون له بداية ونهاية. 2- أن هناك علاقة عميقة بين الجاذبية والديناميكا الحرارية التي تنشأ عنه، لأن الجاذبية نفسها تحدد طوبولوجيا نسيج الزمكان الذي تعمل فيه”. Hawking in Hawking and Penrose (1996), op. cit., p. 103.

20- ibid., p. 76.

21- يقصد الدور في السببية حيث تشكل الأسباب دائرة مغلقة لا نقطة بداية لها، ويستعين في ذلك بفرضية الزمان التخيّلي، وهو زمان قبل الانفجار العظيم ولم يحدث به، لكنه أتاح لهذا الانفجار الحدوث ثم صار الزمان حقيقيا بالنسبة لهذا العالم بعد الانفجار. لكن الدور مفروغ من بطلانه عقلاً فلا بد للسلسلة من بداية حتى لو صارت دائرية فيما بعد. (المحرر)

22- ibid., p. 141. يعتقد سي جيه إيشام أن نموذج هارتل/هوكينج يتفوق فلسفيًا على نموذج الانفجار العظيم القياسي الذي يقول بوجود المفردة الأولى: “هذه النظريات [التي تعتمد على التراكب الكمومي] يمكنها تحديد ليس مجرد نقطة أولية، بل عدد لا نهائي من النقاط…”، “ببساطة لا توجد طريقة للتمييز بين أي لحظة زمنية معينة”.هنا يظهر فيها الكون بشكل عفوي، في حين أن العقل بالنسبة إلى الأكويني غير قادر وحده على تقرير ما إذا كان للكون بداية زمنية مطلقة أم لا؛ أو: لأنه يعتقد أن هناك مثل هذه البداية، فمن ثم لا يمكن العقل البشري الخروج عنها، أما في نموذج هارتل/هوكينغ، ببساطة لا توجد بداية مطلقة. يتفق ويليم دريز مع إيشام ويعتقد أنه بما أن علم اللاهوت ليس مرتبطًا حقًا بالنشأة التاريخية بل بالتنظيم الوجودي فقط، فإن نموذج هارتل/هوكينج أكثر توافقًا مع العقيدة المسيحية للخلق من العدم. Beyond the Big Bang: Quantum Cosmologies and God (LaSalle, IL: Open Court: 1990), especially pp. 70-71.

23- ibid., p. x.

24- John Barrow, The Origin of the Universe (New York: Basic Books, 1994), p. 113.

25- لزوم لما لا يلزم إلا في الإطار الإلحادي للكون، فالأسباب مخلوقة بإرادته تعالى لا لازمة له، وفي الآخرة يعطلها كما أنشأها أول مرة. (المحرر)

26- في الواقع، في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، مُنع علماء الكونيات السوفييت من تدريس النظرية لأنها كانت تعتبر علمًا موجها بالدين.

27- For a discussion of these reactions, see Carroll, “Big Bang Cosmology, Quantum Tunneling from Nothing, and Creation,” op. cit., pp. 64-67.

28- See Herbert A. Davidson, Proofs for Eternity, Creation and the Existence of God in Medieval Islamic and Jewish Philosophy (New York: Oxford University Press, 1987).

29- في العصور الوسطى اللاتينية، تُرجمت جميع أعمال أرسطو تقريبًا إلى اللاتينية، إما من العربية أو اليونانية، وأصبحت في النهاية موضوعًا للدراسة. كانت الاستثناءات هي “الأخلاق إلى نيقوماخوس، التي لم تُترجم أبدًا، و”كتاب الشعر”، التي على الرغم من ترجمتها بواسطة ويليام موربيك، ظلت غير معروفة تقريبًا. ترجمت معظم أعمال أرسطو من اليونانية، وتأتي معرفتنا بها من مجموعة مؤلفة من 2000 مخطوطة (تعود إلى القرن التاسع إلى القرن السادس عشر) في مكتبات أوروبية مختلفة. نُسبت بعض الأعمال عن طريق الخطأ إلى أرسطو. وتدين معرفتنا بهذه الترجمات في أصلها إلى العمل الأولي لـ Amable Jourdain الذي نشر في عام 1819 Recherches Critiques sur l’âge et l’origine des Traditions latines d’Aristote. وبحلول منتصف القرن الحالي، ظهر فهرس هذه المخطوطات، وهناك الآن مجموعة واسعة النطاق ، في سلسلة Aristoteles latinus. انظر: تشارلز هـ. لوهر ، “Aristotele latinus ،” في تاريخ كامبريدج لفلسفة القرون الوسطى اللاحقة، بقلم نورمان كريتزمان، أنتوني كيني ، وجان بينبورج (مطبعة جامعة كامبريدج ، 1982) ، ص 45-46. يقدم لوهر جدولاً مفيداً لجميع الترجمات (ص 74-79). ترجمت العديد من هذه الأعمال أكثر من مرة. كان بوثيوس قد بدأ بالفعل في القرن السادس في مشروعه لترجمة كل من أفلاطون وأرسطو إلى اللاتينية ، لكن الأعمال الوحيدة لأرسطو التي لدينا دليل على ترجمتها هي المقالات، والأنالوطيقا الأولى، والثانية، والعبارة، وكتاب الجدل،. ذلك هو، كل ما يسمى “أورغانون” أرسطو باستثناء الأنالوطيقا الثانية. لوهر ، مرجع سابق، ص. 53. ولأكثر من خمسمائة عام، اعتمدت معرفة العلوم اليونانية في الغرب اللاتيني على ترجمات بوثيوس لمنطق أرسطو، وتلخيصه لعناصر إقليدس، وأطروحاته الخاصة في الحساب والموسيقى، بالإضافة إلى ترجمة جزئية لمحاورة تيماوس لأفلاطون، والتعليقات التي كتبها خالقيديوس وشيشرون. كانت المدارس التي تأسست في الكاتدرائيات والأديرة ، وكذلك في المحاكم العلمانية، أكثر اهتمامًا بدراسة المقولات والمنطق واللاهوت -لا سيما التفسير الكتابي- من الأسئلة العلمية. James A. Weisheipl, OP, The Development of Physical Theory in the Middle Ages (Ann Arbor, MI: Ann Arbor Paperbacks, 1971), pp. 18-19.

30- David Lindberg, The Beginnings of Western Science: The European Scientific Tradition in Philosophical, Religious, and Institutional Context, 600 B.C. to A.D. 1450 (University of Chicago Press, 1992), pp. 190-197. وليام كونش (توفي بعد 1154) مثال جيد على الاتجاه المتزايد لتأكيد أهمية دراسة الطبيعة. يهاجم ويليام في كتابه “فلسفة العالم” أولئك الذين يلجأون بسهولة إلى القول بالتدخل الإلهي المباشر في العالم: “نفضل أن نؤمن إيمان الفلاحين، وألا نتحرى عن الأسباب [الطبيعية] [للأشياء]. ومع ذلك، نقول إن الأسباب هي كل ما يجب البحث عنه… لكن هؤلاء الناس… إذا عرفوا أن أي شخص يحقق في هذه الأسباب، يرمونه بالهرطقة”. والقديس فيكتور، أثناء مناقشة تفسير الأحداث الكتابية، حذر من أنه “في شرح الكتاب المقدس، عندما يكون وصف الحدث لا يحتمل وجود تفسير طبيعي، حينئذٍ فقط يجب أن نلجأ إلى المعجزات”.Quoted in Lindberg, p. 200.

31- Lindberg, op. cit., p. 203

32- ترجم جيرارد “القانون في الطب” لابن سينا ​​والعديد من أعمال جالينوس وأبقراط. كما ترجم كتاب المجسطي لبطليموس مع التعليقات العربية، وقام بترجمة عناصر إقليدس من اللغة العربية وكذلك فيزيقا أرسطو،و كتاب السماء، و الكون والفساد، والأنالوطيقا الثانية. Weisheipl, op. cit., p. 21.  جاء جيرارد من شمال إيطاليا إلى إسبانيا في أواخر ثلاثينيات القرن الحادي عشر أو أوائل أربعينيات القرن الحادي عشر بحثًا عن نسخة من كتاب بطليموس المجسطي. وجد نسخة في توليدو وبقي هناك حيث تعلم اللغة العربية ، ووجد كنزًا دفينًا من النصوص الأخرى ليتم ترجمتها. Lindberg, op. cit., pp. 204-5.

33 – كان غروسيتيست أول مستشار لجامعة أكسفورد وأسقف لنكولن من عام 1235 حتى وفاته عام 1253. بالإضافة إلى دوره كمترجم لأرسطو ، كان شخصية سياسية وكنسية وعلمية وفلسفية رئيسية في حد ذاته. Charles H. Lohr, “Aristotele latinus,” in The Cambridge History of Later Medieval Philosophy, edited by Norman Kretzmann, Anthony Kenny, and Jan Pinborg (Cambridge University Press, 1982), p. 61. Lohr provides a useful table of all the translations, pp. 74-79.

34- موربيك هو دومينيكاني وصديق لتوما الأكويني، ولد في بلجيكا حوالي عام 1215. سافر كثيرًا إلى اليونان و “من المفترض أنه كان عضوًا في دير الدومينيكان الذي تأسس في طيبة منذ 1253 على الأقل ..” وخدم في المحكمة البابوية في فيتربو ، وفي عام 1278 عُيِّن رئيس أساقفة كورنثوس في اليونان ، حيث توفي عام 1286. See Lohr, op. cit., pp. 62-3.

35- Oliver Leaman, An Introduction to Medieval Islamic Philosophy (Cambridge University Press, 1985); Herbert A. Davidson, Proofs for Eternity, Creation and the Existence of God in Medieval Islamic and Jewish Philosophy (New York: Oxford University Press, 1987); Fadlou Shehadi, Metaphysics in Islamic Philosophy (Delmar, N.Y.: Caravan Books, 1982); F.E. Peters, Aristotle and the Arabs: The Aristotelian Tradition in Islam (New York University Press, 1968).

36- في 762، بنى المنصور (754-775) العاصمة الجديدة. كان التأثير الفارسي واضحًا في المستشارين الملكيين الأقوياء من عائلة البرامكة، الذين كانوا سابقًا من مقاطعة باكتريا، والذين اعتنقوا الإسلام مؤخرًا. خدم الأطباء المسيحيون النسطوريون أيضًا في المحكمة. See David Lindberg, The Beginnings of Western Science: The European Scientific Tradition in Philosophical, Religious, and Institutional Context, 600 B.C. to A.D. 1450. (Chicago: The University of Chicago Press, 1992), p. 168.

37- كان المترجم الرئيسي عربيًا هو حنين بن إسحاق (808-873)، الذي جاء من عائلة تحولت إلى المسيحية النسطورية قبل ظهور الإسلام. كان يجيد العربية والسريانية واليونانية.

38- Lindberg, p. 170.

39- Pierre Duhem, “Physics, History of” in The Catholic Encyclopedia (1911) 11:48.

40- يقدم عبد الحميد صبره رسمًا تخطيطيًا جيدًا لهذه المساهمات في “العلم الإسلامي” في قاموس العصور الوسطى 11: 81-88: “علم الفلك الإسلامي هو مثال جيد للعلاقة بين العلوم الإسلامية واليونانية. أنتج علماء الفلك المسلمون قدرًا كبيرًا من الأعمال الفلكية المعقدة للغاية، وكانت أعمالهم إلى حد كبير في إطار الفلك بطليموس (على الرغم من أننا يجب أن نعترف بالتأثيرات الهندوسية المبكرة على علم الفلك الإسلامي ، والتي تم استبدالها إلى حد كبير بالوصول اللاحق إلى كتاب بطليموس المجسطي وغيره من الأعمال الفلكية اليونانية). سعى علماء الفلك المسلمون إلى توضيح وتصحيح النظام البطلمي، وتحسين قياس الثوابت البطلمية، وتجميع جداول الكواكب بناءً على النماذج البطلمية ، وابتكار أدوات يمكن استخدامها لتوسيع وتحسين علم الفلك البطلمي بشكل عام”. Lindberg, op. cit., p. 177.

41- يتعلق الجدل الخاص بما إذا كان المنطق الأرسطي يمكن أن يتجاوز اللغة اليونانية، وبالتالي يكون مناسبًا للاستخدام من قبل أولئك الذين تحدثوا وكتبوا باللغة العربية. See Shehadi, op. cit., pp. 23-4.

42- On al-Farabi, see Ian R. Netton, Al-Farabi and His School (London and New York: Routledge, 1992). An excellent survey of Avicenna can be found in the Encyclopedia Iranica (Routledge, 1989), Vol. 3, pp. 66-110. Also L. E. Goodman, Avicenna (Routledge, 1992).

43- al-Shifa’: al-Ilahiyyat, VIII.3, translated in Georges Anawati, La Métaphysique du Shifa’ (Paris, 1978), Vol. II, pp. 83-84. al-Shifa’: al-Ilahiyyat, II.266, quoted in Barry Kogan, Averroes and the Metaphysics of Causation (Binghamton, NY: State University of New York Press, 1985), p. 276, n. 58. See also F. Rahman, “Ibn Sina’s Theory of the God-World Relationship,” in God and Creation, edited by David Burrell and Bernard McGinn (University of Notre Dame Press, 1990), pp. 38-56.

44- al-Shifa’: al-Ilahiyyat, VI. 1, quoted in A. Hyman and J. Walsh (eds.), Philosophy in the Middle Ages, second edition (Hackett, 1983), p. 248.

45- “Il n’y a donc pas d’autre quiddité (mahiyya) pour le nécessairement existant que le fait qu’il est nécessairement existant. Et c’est cel l’être (al-anniya).” al-Shifa’: al-Ilahiyyat, VIII. 4, tranlsated by Georges Anawati, op. cit., Vol. II, p. 87. The classic work on Avicenna’s analysis of essence and existence is Amelie-Marie Goichon, La distinction de l’essence et l’existence d’après Ibn Sina (Paris, 1937).

46- هي عقيدة الكسب للمريد مجازاً و الحدوث عند الشيء لا به للسبب مطلقاً: عقيدة كلامية تؤوّل صريح النصوص في السببين: الكونيّ والشرعيّ، وإن كان المسلمون لا يعتقدون بضرورة الأسباب من حيث ذاتها، لكنها لازمة- إذا توافرت الشروط وانتفت الموانع- لأن الله جعلها كذلك لهذا العالم. و يعتقد المسلمون انه ما من سبب مستقل بالإحداث سوى إرادة الله، وما نصبه الله سببا لا يفعل -بعد إذن الله- إلا باجتماع سببين فأكثر وانتفاء مانع فاكثر. (المحرر)

47- David Burrell, “Aquinas and Islamic and Jewish Thinkers,” in The Cambridge Companion to Aquinas, edited by Norman Kretzmann and Eleonore Stump (Cambidge University Press, 1993), p. 69. Georges Anawati, in his introduction to the Shifa’, puts it this way: “C’est en partant de l’essence qu’Avicenne aboutit forcément à considérer l’esse qui l’affecte comme un accident. S. Thomas par contre part de l’être existant et il fait de l’esse ce qu’il y a de plus intime et de plus profond dans cet être.” Georges Anawati, op. cit., Vol. 1, p. 78. For an extensive discussion of the “accidentality of existence” in Avicenna, see Shehadi, op. cit., pp. 93-114.

48- Charles Kahn, “Why Existence Does Not Emerge as a Distinct Concept in Greek Philosophy,” in Philosophies of Existence: Ancient and Medieval, ed. by P. Morewedge (NY: Fordham, 1982), p. 8. “يكمن مفتاح جمع ابن سينا ​​بين ميتافيزيقا الإمكان وميتافيزيقيا الفيض الضروري في العبارة البسيطة: “إذا ما اعتبرناها بذاتها”؛ فكل حادث هو بنفسه مشروط، أي أنه لا يملك شروط وجوده؛ ومن ثم إذا ما اعتبرناه بذاته، فهو حادث ممكن، وأسباب وجوده تفيض عليه من الخارج. فإذا ما جرد من هذه الأسباب، يمكننا اعتبار العالم ككل حادث. لكن بالنظر إلى أسبابه -ليس كموجود مجرد في الذهن، بل كشيء متعين وملموس، وذو طابع محدد- فإن نفس المشروطية التي تجعلنا نقول أنه ممكن، تجعلنا نعترف بفيضه الواجب. فنظرًا لعلاقته بأسبابه، فإن وجود هذا المتعين واجب -بالمعنى الأرسطي لعبارة واجب لذاته- ويجب أن يكون على ما هو عليه، بسبب حتمية السمة التي طبعتها عليه أسبابه. في الإمكان أن يختلف الشيء عما هو عليه -وربما يصير مختلفًا عما هو عليه بالفعل- ولكن لا يمكن أن يكون الآن مختلفًا عما هو عليه”.  Goodman, Avicenna, pp. 66-7.

49- يؤول قول ابن سينا في تفسير الخلق إلى القول بالوجوب الذاتي، وأن العالم وجد لأنه لا مناص من ذلك و إن كان الرب أوجده و له في ذلك نظرية الفيض المعروفة.(المحرر)

50 – “بضربة واحدة، نجح الأكويني في استعادة تقديم أرسطو للجزئيات المتعينة في الخارج، من خلال ربطها مباشرة بخالقها، ومن خلال منح “تمييز” ابن سينا ​​بين الماهية والوجود وضعًا وجوديًا أوضح. ومع ذلك -وكما ينبغي أن يكون واضحًا- فإن هذا أكثر من مجرد تطوير لأطروحة ابن سينا. إنها بداية جديدة تتطلب تصورًا للوجود الذي لم يعد من الممكن الخلط بينه وبين الحادث لذاته والواجب لغيره، والذي لديه القدرة على ربط كل مخلوق بالاختيار الحر للخالق المبدع”. Goodman, Avicenna, op. cit., p. 63.

51- See Emil l. Fackenheim, “The Possibility of the Universe in Al-Farabi, Ibn Sina, and Maimonides,” in Proceedings of the American Academy of Jewish Research, Vol. xvi (1947), pp. 39-70; George F. Hourani, “Ibn Sina on Necessary and Possible Existence,” in Philosophical Forum, 4 (1972), pp. 74-86

52- “في هذا المنعطف بين “الفيض” الأرسطي و”المنح” الكتابي لسمة الوجود، ابتكر ابن سينا ​​خيارًا رئيسيًا ثالثًا في الميتافيزيقيا، حيث أدرج حدوث العالم لدى المتكلمين، و وجوب الفيض الأرسطي. كان كون ابن سينا ​-على عكس أرسطو- حادثًا. ولكن، على عكس كون المتكلمين، فإن خلقه لا يلغي الضرورة الطبيعية، بما في ذلك تصرفات البشر وميولهم… فالأشياء ممكنة حادثة بنفسها، ولكنها واجبة بالإشارة إلى أسبابها التي ترجع في النهاية إلى الله، العلة الأولى”.Goodman, Avicenna, p. 74.

53- al-Ghazali, Munqidh, quoted in L.E. Goodman, An Introduction to Medieval Islamic Philosophy, pp. 20-21.

54- تهافت الفلاسفة،1-4. يلخص غودمان النقطة المركزية للغزالي: “أراد الفلاسفة [مثل ابن سينا] إظهار اعتماد العالم القديم على الله، لكن فكرة القدم تتطلب الاكتفاء الذاتي، وتصور ابن سينا ​​للخلق على أنه ممكن بنفسه، واجب بالنسبة إلى الله= زاد مذهب الفلاسفة تناقضًا على تناقضه”.  Goodman, op. cit., p. 83.

55- فلاسفة ثلاثة: مسلم ويهودي ونصراني على الترتيب.

المصدر
doc file from muslimphilosophy

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى