- تأليف : ترافيس برادبيري – Travis Bradberry
- ترجمة : ليلى بنت إبراهيم العصيلي
- تحرير : عبير صالح
إن تعدد المهام إشكالٌ طرق أسماعنا كثيرا، لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أنه يُدمّر أداء الفرد، وقد يضرّ دماغه، فقد توصلت دراسة في جامعة ستانفورد إلى أن تعدد المهام يضعف الإنتاجية أكثر من أداء مهمة واحدة في كل مرة، ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يُمطَرون بوابل من المعلومات الالكترونية، لا يستطيعون التركيز أو التبديل بين المهام بنفس الكفاءة التي ينعم بها من يؤدون مهمة واحدة في كل مرة.
هل هي موهبة خاصة؟
ماذا لو كان البعض يمتلك موهبة استثنائية في أداء عدة مهام معا؟ قارن باحثو ستانفورد بين مجموعتين من الناس، فوجدوا أن الذين يعددون مهامهم كثيرا، ويشعرون أن تعدد المهام يزيد إنتاجيتهم، كانوا في الواقع أسوأ من الذين يحبون أداء عمل واحد في كل مرة؛ لأنهم واجهوا مشكلات أكبر في تنظيم أفكارهم، وفرز المعلومات غير ذات العلاقة، كما كانوا أبطأ في التبديل بين مهمة وأخرى !
يقلل تعدد المهام من الكفاءة ومستوى الأداء؛ لأن الدماغ يستطيع التركيز على شيء واحد في كل مرة، وعندما يحاول شخصٌ أداء مهمتين في وقت واحد، فإن دماغه يفقد القدرة على أداء أي منهما بنجاح.
تعدد المهام يخفض معدل الذكاء!
أثبت البحث أيضا أن تعدد المهام لا يبطئ الأداء فحسب، بل يخفض معدل الذكاء، فقد وجدت دراسة في جامعة لندن أن المشاركين الذين يقومون بمهام متعددة خلال المهام المعرفية يشهدون انخفاضا في معدل ذكائهم، مشابها لما يمكن أن يحدث لو دخّنوا سجائر الماريجوانا أو حُرموا النوم ليلة كاملة، إذ ينخفض ذكاؤهم بمعدل 15 نقطة، مما يصل بهم لمستوى ذكاء طفلٍ ذي ثماني سنوات.
لذلك تذكر في المرة القادمة التي تكتب فيها رسالة بريد الكتروني لرئيسك أثناء اجتماع عمل، أن قدراتك المعرفية قد تضاءلت وكأنك وكّلت طفلا في الثامنة من عمره بكتابتها عنك!
تدمير الدماغ بتعدد المهام:
كان من المعروف أن تضاؤل القدرات المعرفية جراء تعدد المهام أمر مؤقت، لكن بحثا جديدا توصل لنتيجة مختلفة، فقد قارن الباحثون (من جامعة ساسكس في المملكة المتحدة) الوقت الذي يقضيه الناس في استخدام أجهزة متعددة معا، مثل كتابة رسالة نصية أثناء مشاهدة التلفزيون، بفحص أدمغتهم بالرنين المغناطيسي، فوجدوا أن معددي المهام يشهدون كثافة أقل لأدمغتهم في القشرة الحزامية الأمامية للدماغ، وهي منطقة مسؤولة عن التعاطف والتحكم بالمعرفة والعاطفة.
وبينما نحتاج مزيدًا من الأبحاث لتحديد ما إذا كان تعدد المهام يؤدي بالدماغ لضرر ملموس ( مقابل الضرر الموجود سلفا والذي يسبب الميل لتعدد المهام) فإنه من الواضح أن لتعدد المهام تأثيرا سلبيا على الدماغ، ويشرح عالم الأعصاب كب كي لو -قائد هذه الدراسة- تطبيقاتها بقوله: ” أشعر أنه من المهم بث الوعي بأن طريقتنا في التفاعل مع الأجهزة يمكن أن تغير طريقة تفكيرنا، ويمكن أن تمتد هذه التغييرات لتطال تركيب الدماغ نفسه”.
التعلم من تعدد المهام:
إن كنت ميّالا لتعدد المهام، فعليك أن تعلم أنها ليست عادة يُحمد لك التمادي فيها؛ لأنها تبطيء أداءك وتُضعف جودته حتى لو لم تضر دماغك، كما أنها ستزيد مشكلاتك الحالية في ضعف التركيز والتنظيم والانتباه للتفاصيل.
إن القيام بمهام متعددة في الاجتماعات والأوضاع الاجتماعية المختلفة، يعبر عن ضعف الوعي الذاتي والاجتماعي، وهما من مهارات الذكاء العاطفي الجوهرية للنجاح في العمل، اختبر مركز TalentSmart للذكاء العاطفي أكثر من مليون شخص، فوجد أن 90% من أجود الناس أداء في العمل، يمتلكون ذكاء عاطفيا عاليا، فإذا كان تعدد المهام يضر القشرة الحزامية الأمامية للدماغ كما أسلفنا (وهي منطقة مسؤولة عن الذكاء العاطفي)، فإنه سيخفض معدل ذكائك العاطفي تبعا.
لذلك في كل مرة تقوم بها بمهام متعددة معا، فإنك لا تُضعف أداءك الحالي فحسب، بل قد تضرّ جزءا مهما من دماغك يخدمك في نجاحك المستقبلي في عملك.
المصدر : Is multitasking limiting your potential?