الإدارة

افتقاد الثقافة التنظيمية: السبب الحقيقي وراء الفشل في التغيير

  • ترجمة: إبراهيم جمال
  • تحرير: إبراهيم البابطين

 

جيلٌ جديد من الآلات والتعلم الآلي قد يقود القوى العاملة لإحداث تغيير كبير، ولكن الثقافة التنظيمية هي التي ستحدد ما إذا كان هذا التغيير ناجحا أم لا.

حتى الآن تتجاهل المنظمات تلك القضايا المتعلقة بالثقافة عند الحديث عن التحول في الصناعة، وبدلا من ذلك تصب جام تركيزها على تلك الأشياء اللامعة الجديدة: التكنولوجيا الرقمية، الذكاء الاصطناعي، تطبيقات التعليم الآلي، الأشياء التي ستغير من كيفية وماهية العمل.

ولكن ماذا عن قدرة المنظمات على استيعاب التغيير الذي سيحدث، هل بإمكان المدراء الاستعداد لتقبل مثل هذه الأشياء، وهل يمتلك الموظفون العقلية والجرأة الكافية ليقرروا بأنفسهم تغيير طريقتهم في العمل بالكامل؟

في دراسة استقصائية أجريت مؤخراً على كبار مديري الموارد البشرية بالتعاون مع 1(HR)، حول أكثر المحفزات الخارجية لإحداث تحول كبير في العمل، كانت النتيجة -كما المتوقع- أن 70% من الردود اختارت التقدم في التكنولوجيا الرقمية كأكثر محفز خارجي بإمكانه أن يحدث تحولاً كبيراً في العمل ولكن عندما حولنا السؤال عن أكبر المعوقات لهذا التحول كانت الإجابات تتمحور حول قلة الثقافة المستعدة لتقبل هذا التحول.

التحول الناجح ليس مسألة حظ، وليس بأمر عادي يحدث عند زيادة المجهود الذاتي، ولكنه أمر يتطلب الاهتمام الكبير بالتفاصيل والتخطيط، وكل هذا يبدأ بتقييم صريح وواعي للثقافة الموجودة ومدى استعدادها لتقبل التغيير. في الواقع 54% من الردود قالت بأن الثقافة هي العائق الأكبر بل والوحيد للتغيير.

 لكي نقدر الصورة حق قدرها ونوضح لماذا الثقافة بالذات هي العائق الأكبر في التحول، نحتاج أن نعرف ما هي الثقافة أولا؟

الثقافة التنظيمية تتكون من المعتقدات والتصرفات والسلوكيات الخاصة بجميع الموظفين مرور بجميع مراحل العمل.

تقوم المؤسسات بوضع ثقافتها عبر كيفية إنجازها للعمل وتأسيس الأولويات وتحديد كيفية تعامل موظفيها مع بعضهم، تتضح الثقافة التنظيمية الجيدة عبر محاسبة المدراء وتوضيح التواصل التنظيمي، كذلك الحماس عند النظر لتوقعات الموظفين، حيث توجد الثقافة الجيدة في بيئة داعمة ومحترِمة للموظف، وأحد المفاتيح لمعرفة مدى كفاءة ثقافة المنظمة هو ما إذا كان موظفو المنظمة سيقومون بترشيح العمل فيها لأصدقائهم أم لا؟

كذلك من السهل جداً معرفة الثقافة السيئة، حيث الصراعات في كل مكان والموظفون لا يثقون في مدرائهم على جميع الأصعدة، بل من الممكن أن تكون البيئة سامة كما لو كان هناك تنمر في ساحة العمل، والأسوأ من ذلك كله أن يخفي المدير معلومات عن الموظفين تاركاً إياهم جاهلين بما يفعلونه ولماذا يفعلونه.

في الحقيقة إن تغيير ثقافةٍ معيبة مهمة ضخمةٌ جداً، لدرجة أن كثير من المنظمات تتحاشى خوض مثل هذه التجربة، ولكن هناك بعض الخطوات التي من الممكن أن تساعد على جعل المهمة أقل إرهاقاً.

 

1- صناعة عوامل التغيير:

بدايةً عند الحديث عن ثقافة التغيير فحتماً سيكون هناك توتر بين أولئك الذين يرحبون بسلوك طريق التغيير وبين أولئك الذين يريدون للشركة أن تظل على طريقتها القديمة لذلك من المهم جدا توضيح الأسباب وراء التغيير ودور كل فردٍ فيه.

على رأس الهرم في المؤسسة يأتي المدراء التنفيذين بنصيب الأسد في تحقيق التغيير عبر التواصل الفعال بخصوص طبيعة التغيير وكذلك مديري الإدارة الذين سيحددون الأفراد الذين بإمكانهم إنجاح عملية التغيير، هذان الاثنان هم اللذان سيوصلان رسالة التغيير لجميع الأفراد وسيستحثونهم على الاستثمار في التغيير وسيقومان بجعل جميع الأفراد على اطلاع مستمر بمستجدات التغيير وسيهيئون قناة للأسئلة والمراجعات وسيقوم هؤلاء الأبطال أيضا بالقضاء على الإبهام والغموض الذي يعتبر العائق الأكبر لتغيير ناجح. من الواضح أن صناع التغيير سيستقبلون الأسئلة حوله لذلك عليهم أن يحضروا الإجابات المناسبة على كل سؤال وكذلك عليهم أن يمتلكوا الأدوات اللازمة لايصال المعلومات بفعالية لجميع الأفراد على اختلاف مستوياتهم، لذلك عليهم أن يتحلوا بالصبر والحماس والانفتاح ويبذلوا جهداً حقيقياً في أن يسمعوا ويفهموا كيف يستقبل مختلف الأفراد عملية التغيير.

 

2- صناعة ثقافة المحاسبة:

عند صناعة ثقافة المحاسبة لا بد بأن تكون البداية من رأس الهرم فعند الفشل في عملية التغيير لن يكون هناك أي ضمانات لمحاسبة المسؤولين عند هذا الفشل، وفي مثل هذه الحالات سيفشل القادة في الدخول في أي محادثاتٍ جدية لمعرفة سبب الفشل وضع بعين الاعتبار المشاعر التي ستجتاح الموظفين حينها. وهذا يحدث في المنظمات التي تفتقر لثقافة المحاسبة وعند ذلك فإن عملية التغيير ستأخذ وقتاً أطول بكثير من المتوقع وتخرج بنتائج أقل، لذلك عندما تفتقر مؤسستك لثقافة المحاسبة بجانب تحديات تعلم مهارات جديدة فهذا غالبا سيحطم خطتك الزمنية أياً كان ما يحرك التغيير الذي تقوم به سواءً التكنولوجيا الجديدة أو إعادة تقييم المواهب الكامنة في شركتك، ومهما يكن فمن المرجح أنك لن تستطيع القيام به طالماً لا تمتلك ثقافة محاسبة جيدة

 

3- صناعة خارطة طريق:

لتحدد ما إذا كانت ثقافتك ستدعم التغيير بنجاح ام لا، من المهم أولاً أن تتعرف على الثقافة القديمة الموجودة لديك وتحدد الأهداف التي تريدها ثم تحدد بناءً على ذلك التصرفات والسلوكيات التي تحتاج إلى تغيير، ولفعل هذا تحتاج للدخول في عملية تحليل ذاتية شاملة وتقوم بتشجيع مدراءك ليكونوا صريحين قدر المستطاع بخصوص الثقافة الموجودة وما الأعمال والتصرفات التي يجب دراستها بعناية قبل الدخول في عملية التغيير.

عليك أن تعلم كيف يرى الموظفون المؤسسة، وكيف ينظرون للقادة، وهل المؤسسة تتماشى مع القيم التي تنادي بها، وما هي المظاهر السلبية في الثقافة الحالية التي من الممكن أن تحبط مشروع التغيير. من خلال خبراتنا هناك خمسة عشرَ مفتاحاً ثقافياَ تتميز بهم المؤسسات التي قامت بتغيير ناجح.

(القائمة في الأسفل مأخوذة من مصانع وشركات حقيقة قامت بإحداث تحول ناجح وباستخدامها يمكنك أن تجري مسحا على مدرائك وموظفيك لقياس مدى قابليتهم للتغيير من خلال ممارستهم لتلك التصرفات)

الصفةضعيف جداضعيفمقبولجيدممتاز
تحمل الضغط   
تنظيم المشاريع   
التفكير الشمولي   
التركيز وتحديد الأولويات   
الإعتراف بالأخرين   
رواية القصص   
الاستماع إلى الأخرين   
الرغبة في التغيير   
القدرة على التوجيه   
الحسم   
القدرة على إنجاز العمل   
الجدارة بالثقة   
مراجعة الأخطاء   

 

الخلاصة:

عند تطوير استراتيجة للتغيير قم دائماً بتحديد الثقافة الحالية وما تريد أن تبدو عليه في المستقبل، وقم بتمكين أولئك الذين يتحملون المسؤولية، وقم بتحديد أهداف واضحة وقابلة للقياس، واسأل موظفيك عن انطباعاتهم واجعلهم يعرفون أنك تستمع جيداً لهم، وقم بعمل مراجعات بانتظام لدراسة الفجوات الحادثة وما هي أسبابها وكيف معالجتها، وتذكر دائماً الاعتراف بالإنجازات الحادثة والاحتفال بها.

«التحول الناجح ليس مسألة حظ، وليس بأمر عادي يحدث عند زيادة المجهود الذاتي، ولكنه يتطلب الاهتمام الكبير بالتفاصيل والتخطيط وكل هذا يبدأ بتقييم صريح وواعي للثقافة الموجودة ومدى استعدادها لتقبل التغيير»

المصدر
LHH

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى