- جون إريك جوردن
- ترجمة: ياسين جملاوي
- تحرير: عبد الله الفهد
أن تصير متعدد اللغات، هل تظن أنها مهمة مستحيلة؟ اجتز مرحلةً جديدة بفضل النصائح العشر المقدمة من ماثيو يولدن اختصاصينا في اللغات الأجنبية!
يتحدث ماثيو يولدن تسع لغات بطلاقة، وعلاوةً على ذلك، فإنّه يفهم اثنتي عشرةَ لغةً أخرى. إننا نتشارك نفس المكتب في برلين، وإني لأسمعه باستمرار وهو يتحدث بإحدى اللغات، ثم ينتقل بعدها فورًا إلى الحديث بلغة أخرى، مثل حرباء تغيّر لونها. حتى أنني -وأصدقكم القول- قد استغرقت مدةً من الزمن كي أدرك أنه إنجليزيّ. وحين كشفت له الصعوبات التي أواجهها من أجل تعلّم ما لن يعدوَ كونه لغتي الثانية، أطلعني على طائفةٍ من أمثل نصائحه اللغوية. ولهذا، فإن كنت تظن أنك لن تتمكن أبدًا من أن تصير ثنائي اللغة، فاقرأ جيدًا نصائح لغويّنا المفضل!
لابد أن تمتلك مصادر تحفيزية جيدة
قد يبدو هذا الأمر بديهيًا، ولكن إن كان لديك سببٌ وجيه لتعلم لغة ما، فستكون لديك فرصٌ أوفرُ لتظلّ متحمسًا على المدى البعيد. وعلى سبيل المثال، فإنّ رغبتك في إثارة إعجاب غيرك من الفرنكفونيين بإنجليزيتك لا يُعد ضمن ما يمكن أن نطلق عليه أنه مصدر جيّد للتحفيز. وفي المقابل، فإن تعلم الإنجليزية من أجل التواصل المباشر مع الناطقين بها بلغتهم الأم يعد سببًا ممتازًا لتعلمها.
نصيحة اختصاصينا في اللغات الأجنبية
أيًّا كانت دوافعك للتعلم، فبمجرد أن تختار اللغة التي ترغب في تعلمها، فإنه يصير من الأهمية بمكان أن تتعهد بتعلمها، وألاّ تتوانى في ذلك.
انغمس في اللغة!
لقد أخذت على نفسك عهدا بأن تتعلم لغةً أجنبية ما، وهذا حسنٌ للغاية. ولكن ما العمل بعد ذلك؟ وهل توجد طرق للتعلم تكون أكثر فعالية من غيرها؟ إليك نصيحة خبيرٍ من ماثيو يولدن:
بغض النظر عن الوسيلة التي تستخدمها، فلابد من محاولة ممارسة اللغة يوميا.
«إنني أميل إلى إرادة استيعاب أكبر قدر ممكن من الأشياء منذ الوهلة الأولى. وحين أقرر تعلم لغة ما، فإنني أبذل قُصارى جهدي في ذلك، وأحاول أن أستخدم أدنى قدر منها كل يوم. ومع مرور الأيام، فإنني أحاول أن أفكر بتلك اللغة، وأن أكتب بها، بل وأن أتحدث بها أيضا إلى نفسي. وبالنسبة لي، فإن الغاية من ذلك كله في المقام الأول أن أطبق ما تعلمته، سواءٌ أكان ذلك عن طريق كتابة بريد إلكتروني، أو التحدثِ إلى نفسي منفردًا، أو الاستماعِ إلى الموسيقى أو المذياعِ. ومن المهم للغاية أن تحيط نفسك بالثقافة التي لها صلة باللغة التي تتعلمها، وأن تنغمس في ذلك»
تذكر أن أفضل أمرٍ قد يحصل لك حين تتحدث بلغة أجنبية ما، هو أن يأتيَك الرد بتلك اللغة. وإنها لمكافأة عظيمة لك أن تكون قادرًا على إجراء ولو محادثةٍ بسيطة بلغةٍ أجنبية ما.
نصيحة اختصاصينا في اللغات الأجنبية
إن بلوغ مثل هذا الهدف في مدةٍ يسيرة يسمح ببقائك متحمسًا وبمواصلة تمرسك على اللغة: «إنني دائمًا ما أضع في اعتباري أنّ تطويع عقليتي لتتلاءم مع عقلية المتحدثين الأصليين هو مفتاح النجاح. وبالطبع، فإنّ المتحدثين بالإسبانية أو العبريةِ أو الهولنديةِ لا يفكرون جميعهم بالطريقة نفسها، ولكن الهدف هو أن تستخدم اللغة التي تعلمتها باعتبارها أداةً من أجل بناء عالمك اللٌّغوي الخاص برموزه وخصوصياتِه».
ابحث عن شريكٍ ما
لقد تعلم ماثيو يولدن العديد من اللغات مع أخيه التوأم مايكل (لقد شرعا معا في تعلم اللغة اليونانية حين بلغا من العمر ثمانيَ سنوات فحسب!). وقد طور «الأخوان المتعددا اللغات» يولدن وميكائيل ماثيو قدراتِهما الخارقةَ تحت تأثير منافسةٍ أخويةٍ يسيرة بينهما: «فقد كان أحدهما يحفِّز الآخر، ويحمله دوما على بذل المزيد من الجهد. وإذا أيقن أحدهما بأن الآخر قد صار أفضل منه في لغة ما، فإنه يشعر بالغَيْرة شيئا ما، ويسعى جاهدًا إلى التفوّق عليه، والعكس صحيح، وربما يحدث لهما هذا لأنهما أخوان توأمان…».
نصيحة اختصاصينا في اللغات الأجنبية
وإذا لم يكن لك أخ أو أختٌ ينضمان إليك في رحلتك اللغوية، فإن أيَّ شريكٍ آخرَ سيكون عونا لك -على نحو مماثل- على البقاء متحمسًا. «إنني أعتقد أنها وسيلة جيدة للغاية. فالقدرة على التواصل مع شخص ما تُمثل الهدف الأسمى من وراء تعلم أي لغة كانت».
حوّل تعلمك إلى أمر مفيد
أن تصير متعدد اللغات يعني أن تُجيد التواصل مع الآخرين أينما حللت وارتحلت، وفي حقيقة الأمر، فإنك إذا جعلت من إجادة التواصل طموحك الأول، فستكون لديك حظوظٌ أوفرُ لتفادي إغراق نفسك في الكتيّبات التعليمية دون أن تحرز تقدمًا فعليًا. وسيتيح لك الحديثُ مع أشخاص آخرين المحافظةَ على جذوة اهتمامك باللغة متَّقدةً: «إنك تتعلم لغةً ما بغرض الحديث بها، لا الاحتفاظِ بها لنفسك. وعليك أن تُبدع في هذا الأمر، أي في استخدامها اليومي. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن تتخيل نفسك تكتب أغنيةً ما، أو أنك تخاطب بعض الأشخاص مباشرةً بلغتهم الأم في أحد أسفارك».
نصيحة اختصاصينا في اللغات الأجنبية
من الواضح أنك لست مضطرًا للاغتراب كي تمارس اللغة. فقد يكفي أحيانًا الذهابُ إلى المطعم اليوناني أسفلَ بيتك، وطلبِ حاجتك باليونانية.
استمتع!
كن مبدعًا في استخدام معارفك! وعلى سبيل المثال، فقد كتب الأخوان يولدن أغانيَ باللغة اليونانية، وأنشداها من أجل ممارسة اللغة. فابحث مثلهم عن طرقٍ مسلية لاستخدامها في تعلم اللغة: اكتب مثلا قطعةً مسرحيةً إذاعية أو قصةً مصورةً بصحبة أحد أصدقائك، أو ألّف قصيدةً، أو حضّر أطباقًا نموذجية انطلاقا من وصفات محلية…
نصيحة اختصاصينا في اللغات الأجنبية
استمتع باللغة التي تتعلمها!
تصرف وكأنك طفل
لا تتعجب، نعم يجب عليك أن تحاول محاكاة الأطفال في طريقة تعلمهم من خلال التصرف وكأنك طفل. إن الفكرة التي مفادها أن الأطفال أقدر على التعلم من الكبار قائمة بدرجة كبيرة على الخرافة. فقد أظهرت الأبحاث الحديثة عدم وجود صلة مباشرة بين السن والمقدرةِ على التعلم.
قد يكون المفتاح ببساطةٍ شديدة في انتهاج سلوك الأطفال، وفي التخلص من التابوهات/المحرمات: فتجنب الإفراط في حمل أمورك على محمل الجد، وتعلم اللغة وأنت تلعب، ولا تخف -على وجه الخصوص- من الوقوع في الأخطاء. فإنما نتعلم المشي من خلال تعثرنا المتكرر. غير أن الأخطاء -وإن كانت مقبولةً من الأطفال- فإنها تصير من التابوهات في سن البلوغ. فكم مرةً سمعتَ أحدهم يقول: «لا أُحسن السباحة أو القيادةَ أو الحديثَ بالإسبانية… .» عوضًا عن أن يقول: « لم أتعلمها بعد»؟ إن الوقوع في الأخطاء من التابوهات الاجتماعية التي لا يكترث لها الأطفال.
نصيحة اختصاصينا في اللغات الأجنبية
حين نتعلّم لغةً ما، فإن الإقرار بأننا لا نعلم كل شيء (وتقبُّلَ ذلك) يمثّل مفتاح النجاح. فتخلصوا إذن من الحواجز النفسية للكبار.
اخرج من منطقتك الآمنة
بمجرد إقرارك بالوقوع في الأخطاء، فإنك تصير أيضا أكثر قابلية لأن تُلفيَ نفسك في بعض المواقف التي قد تكون محرجةً لك. وقد يسبب لك هذا الأمر حرجًا في البداية، ولكنه السبيل الوحيد كي تحرز تقدمًا فعليا. وبغض النظر عن عدد الساعات التي تقضيها في دراسة لغةٍ ما، فلن تتمكن من الحديث بها دون ممارستها: فتحدث إلى الأجانب بلغتهم، واسألهم عن الطريق إلى مكان ما، وحاول أن تحكيَ طرفةً للمتحاورين معك.
نصيحة اختصاصينا في اللغات الأجنبية
في كل مرةٍ تتفاعل فيها على نحو مماثل، وتضع مهاراتك على المحك، فإن منطقتك الآمنة تتسع، وبذلك تكتسب الثقة خلال سيرورة تعلمك: «إننا -في البداية- نواجه دائما بعض الصعوبات، سواء أكانت مرتبطةً بالنطق أم بقواعد اللغة أم بالنحو، وأمّا الفهم فيكون محدودًا للغاية. ولكنني أظن أن الأهم هو تطوير علاقةٍ عفوية مع اللغة، فالمتحدثون الأصليون يطورونها أيضا مع لغتهم الأم، وهو ما يجعل منهم تحديدًا متحدثين أصليين: لقد اتخذوا لأنفسهم لهجةً خاصة، وصاروا يتكلمون بها بطريقة عفوية».
اسمع
إننا نتعلم أن ندقق النظر في الأشياء قبل أن نتعلم الرسم. والأمر نفسه ينطبق على تعلم اللغات. «فإننا -من وجهة نظر مورفولوجية- قادرون على نطق جميع الأصوات، وإن لم نتعود على ذلك. وعلى سبيل المثال، فإن حرف “R المكرّر” لا وجود له في الإنجليزية بأي شكل من الأشكال. وحين شرعتُ في تعلم اللغة الإسبانية، كان عليّ أن أتعلم كيف أنطق كلمات فيها حرف “R المكرر” الشهير هذا، مثل “perro=لكن”، أو “reunión =اِجتماع”. وبالنسبة لي، فإن الوسيلة المثلى لإتقان نطق الكلمات الصعبة هي الاستماع إليها باستمرار، ومحاولةُ تمثُّل الطريقة التي تُنطق بها أو تخيلُ ذلك، إذ أن كل صوت يتوافق مع جزء محدّد للغاية من الفم والحلقِ، وهو الذي نستدعيه للنطق به».
نصيحة اختصاصينا في اللغات الأجنبية
كلما استمعنا إلى لغةٍ ما، صرنا أكثر استئناسا بأصواتها، وصار التحدّث بها أيسر علينا.
انظر إلى الآخرين وهم يتكلمون
تختلف طريقة تحريك اللسان والشفتين والحلقِ حسب اللغة التي نتحدث بها. وللتمرن على النطق آثارٌ حسيّةٌ ومعنويةٌ على حدٍ سواء. «إنّ الطريقة المُثلى -بقدر ما قد تبدو غريبة- للتمرن على النطق هي أن تراقب بعنايةٍ شخصًا ينطق كلمةً تتضمن الصوت المعنيَّ، ثم أن تحاول محاكاة ذلك الصوت. وقد لا يكون هذا الأمر سهلًا في البداية. ولكنك ستنجح حتمًا في ذلك في نهاية المطاف! فالأمر لا يعدو أن يكون مسألة تمرّسٍ فحسبُ».
نصيحة اختصاصينا في اللغات الأجنبية
إذا لم تُتَح لك الفرصة كي تراقب متحدثًا أصليًا وتحاكيَه على نحوٍ مباشر، فلتشاهد الأفلام أو التلفازَ بلغةٍ أجنبيةٍ، فإن هذا الأمر يمْكنه أن يُعينك على نفس النحو.
تحدث إلى نفسك
إن لم يكن في محيطك أشخاص تمارس معهم اللغة إطلاقًا، فلمَ لا تتحدث إلى نفسك؟! «قد يبدو هذا الأمر غريبًا، ولكن محاورة المرء نفسَه باللغة التي هو بصدد تعلمها -إن لم تُتَح له الفرصة لممارستها بانتظام- طريقة ممتازة للتمرن».
نصيحة اختصاصينا في اللغات الأجنبية
إن مناجاة المرء نفسَه تمكّنه من تثبيت المفردات في ذاكرته، وتمنحه الثقة ريثما تواتيه الفرصة للتحدث مع شخص ما.
اِسترخ!
لن ينزعج المتحاورون معك إن وقعتَ في أخطاء عند مخاطبتهم بلغتهم. وحين تستهل محادثةً ما بتوضيح أنك ما زلت في طور التعلم، وأنك تود ممارسة اللغة، فإن معظم الناس يعاملونك بصبر، ويشجعونك، بل ويبدون أيضا سعادتَهم بمد يد العون لك. ومع أن نحو مليار شخص قد تعلموا الإنجليزية في جميع أنحاء العالم، فإن أغلبهم يفضلون الحديث بلغتهم الأم حين يتاح لهم الاختيار.
إنك إن بادرت المتحاور معك إلى الحديث بلغته، فإنك تستطيع أن تجعله يشعر بالارتياح، علاوة على جعلك تبدو خفيف الظل في ناظريه: «وبالطبع، فإنك تستطيع أن تسافر إلى بلد أجنبي دون أن تكون في حاجة إلى معرفة لغة ذلك البلد. ولكن تجربتك ستكون أكثر ثراء بكثير إن استطعت أن تشعر بالراحة أينما حللت وارتحلت، وكنت قادرًا على التواصل مع الآخرين وفهمِ ما يقولون، وكنت مؤثرًا في المواقف التي تجد نفسك فيها».