- مارك مانسون
- ترجمة: مصطفى هندي
- تحرير: ريم الطيار
أثناء إعداد الأفكار الرئيسية لهذا المقال فتحتُ حساب تويتر ثلاث مرات، وتصفحت بريدي الإلكتروني مرتين، وأجبت على أربعة رسائل منه، فتحت سلاك Slack مرة واحدة، وأرسلت رسائل نصية إلى شخصين، و فجأة سقطت في دوامة من مقاطع اليوتيوب مما عطلني حوالي 30 دقيقة، وربما راجعت تصنيف كتبي على موقع أمازون حوالي 3172 مرة.
فيما كان من المفترض أن أعمل 20 دقيقة، فقد قهرتني هواجسي، و قطعتني عن العمل تسع مرات على الأقل، والأكثر من ذلك أن كلفة هذا التعطل تتجاوز بكثير الوقت الإضافي اللازم لإنهاء هذا الشيء اللعين؛ فمن المحتمل أن تلك الهواجس شتتت انتباهي عن التفكير، مما قلل جودة كتابتي، الأمر الذي يتسبب في مزيد من التعديلات والمراجعات.
ومن المحتمل أن تُسبب هذه الأفكار القلق لأنني قضيت معظم فترة التشتت هذه قلقًا بشأن أنني لم أكن أعمل بجدية، وأنني أقضي الكثير من وقت العمل في تلهف و قلق؛ لأنني أفتقد المحادثات النصية، أو سلاسل البريد الإلكتروني، أو تحديثات الأخبار، ومن المحتمل أيضا أن ذلك جعل عملية الكتابة نفسها أقل إمتاعًا، و تبدو شاقة أكثر فأكثر على ذهني.
هذه التشتتات والانقطاعات لم تكن غير منتجة فحسب، بل إنها تعرقل الإنتاجية، وتتسبب في مزيد من العمل أكثر مما تستقطعه.
لعلك تُوقع نفسك في هذا الدائرة بانتظام، بالنسبة لي تزداد الأمور سوءًا مع مرور الوقت – وهو أمر غريب؛ لأنك تفترض أن مدى انتباهي، وتركيزي سيزداد قوة مع تقدمي في السن، لكن هذا لا يحدث.
لقد بدأت الكتابة في عام 2007م، أتذكر أنني كنت أجلس، و أملأ مسودة 1000 كلمة آليًا بكل سهولة، أنا فقط أستيقظ وأكتب الألف كلمة، ثم أتناول وجبة الإفطار.
وفي مكان ما حوالي عام 2013م لاحظت أنني كنت أشتت نفسي كثيرًا لأفتح الفيسبوك، أو البريد الإلكتروني، ثم في حوالي عام 2015م شعرت أن الأمر قد أصبح مشكلة.
شعرت أنه يجب عليّ الانتباه إلى انتباهي، والتركيز على تركيزي، كان ذلك جديدًا، لم يكن شيئًا اعتدت على التفكير فيه منذ صغري.
بحلول العام الماضي، أصبحت هذه الانقطاعات والتشتتات قهرية، لم أكن أعرف كيف أسيطر على انتباهي ولا أشتته، واضطررت إلى بذل الكثير من الجهد لمنع حدوث ذلك، شعرت كأنني أعيش في نوع من الجحيم الرقمي، حيث عملية القيام بأي شيء مهم، و ذي قيمة لا تبدو عديمة الفائدة فحسب، بل مستحيلة أيضًا عن قصد.
كيف نصبح كسالى، وضعفاء عقليًا؟
تغير العالم في الخمسينيات والستينينات مرة أخرى، نقلت الاقتصادات الحديثة الناس من المصانع والحقول إلى المكاتب، بينما كنتَ معتادًا على الوقوف على قدميك طوال اليوم، وتحمل أشياء بغيضة لتحصل على المال.
أما الآن فإن أفضل الوظائف من حيث الأجر تتطلب ببساطة أن تجلس على مكتب لأطول فترة ممكنة دون أن تقوم.
لا تستطيع أجسامنا أن تتكيف مع نمط الحياة المستقرة تحديدًا، في الواقع اتضح أن الجلوس طوال اليوم وتناول الكعك والصودا ضار جدًا على صحتك، ونتيجة لذلك بدأنا نرى أوبئة السمنة، ومرض السكري، وأمراض القلب في نفس الوقت الذي حصل فيه الجميع على وظائف مكتبية مريحة، بدأت أجسام الناس تنهار، وأصبحت حساسة للغاية، ولا تعمل على نحو جيد.
لمواجهة نمط الجلوس الطويل، اتفقنا جميعًا على تطوير ثقافة اللياقة البدنية لمواجهة الأزمات الصحية، وأدرك الناس أنه إذا كانت الحياة الحديثة تقتضي الجلوس طوال اليوم و مشاهدة شاشة، فإنك بحاجة إلى تخصيص وقت من يومك للذهاب لرفع الأثقال، أو الركض قليلاً، وهذا سيحافظ عليك صحيحًا وقويًا ومستقرًا، أصبح العَدْو البطيء شائعًا، و ظهرت طلبات العضوية في الصالات الرياضية، وارتدى الناس ملابس رياضية مرنة، ورقصوا على أشرطة الفيديو المنزلي VHS، بدأ الأمر سخيفًا للغاية… لقد كانت الثمانينيات رائعة.
إن أجسادنا مصممة بطريقة تجعلها بحاجة إلى التحدي والإجهاد إلى درجة معينة، وإلا أصبحت هشة وضعيفة، وسوف تبدو الأنشطة الصغيرة – صعود الدرج، والتقاط كيس من البقالة – صعبة ومستحيلة، اتضح أن هذه الجهود الصغيرة الواعية لإجهاد أنفسنا هي التي تحافظ على صحتنا.
في كتابي الجديد، “خراب : كتاب عن الأمل”، أتحدث عن تضاؤل مدى انتباهنا، معدلات القلق والاكتئاب في ارتفاع، كيف أصبحنا أقل تسامحًا مع من نختلف معهم، وأقل صبراً عندما لا يكون العالم كما نريد (وهو ما نشعر به دائمًا بسبب العبء الزائد من وسائل الإعلام).
وكما أن إزالة (كل) أنواع الإجهاد والضغوط البدنية على أجسامنا يجعلها هشة وضعيفة، فإن إزالة (كل) أنواع الإجهاد والانفعال الذهني يجعل عقولنا هشة وضعيفة.
بنفس الطريقة التي اكتشفنا بها أن أنماط الحياة ذات فترات الجلوس الطويلة في القرن العشرين تتطلب منا أن نبذل جهدًا بدنيًا، وأن نحافظ على أجسادنا في حالة صحية، أعتقد أننا على أعتاب اكتشاف ضرورة مماثلة لعقولنا، نحن بحاجة إلى الترشيد الواعي لوسائل راحتنا، يجب أن نجبر عقولنا على الانفعال، وبذل الجهد في الوصول إلى المعلومة حتى نتمكن من حرمان انتباهنا من التحفيز المستمر الذي يتوق إليه.
بنفس الطريقة التي دفعنا بها الاقتصاد الاستهلاكي في القرن العشرين إلى اختراع الحمية الغذائية/الدايت، أعتقد أن “اقتصاد” الانتباه في القرن الحادي والعشرين يدعونا إلى ابتكار نظام مماثل (دايت الانتباه Attention Diet).
لقد كانت هذه المسألة محل نقاش كبيرة خلال محاضراتي حول العالم هذا العام، وأود أن أشرع في تدوينها هنا على هيئة برنامج حقيقي خطوة بخطوة حتى يستفيد الجميع.
أهداف دايت الانتباه:
هناك بعض الأشياء التي تلتهم انتباهنا؛ أولًا، هناك فائض هائل من الأشياء التي يجب أن توليها اهتمامك، وكلما زادت التفاهات التي يجب أن تهتم بها، زادت صعوبة اختيار ما يجب التركيز عليه- ناهيك عن الحفاظ على تركيزك!
لذلك، يجب أن يكون الهدف الأول، والأهم لدايت الانتباه هو الحد بوعي من عدد التشتتات التي نتعرض لها، مثلما تتمثل الخطوة الأولى في اتباع نظام غذائي في استهلاك كميات أقل من الطعام، فإن الخطوة الأولى في دايت الانتباه هي استهلاك أخبار أقل.
ثم نطرح السؤال التالي: “ما الأشياء التي تستحق الاهتمام؟” ما الذي يجب أن نبالي به ؟ بنفس الطريقة التي دمر بها انتشار الوجبات السريعة أجسادنا في القرن العشرين، أدى النمو الهائل في المعلومات و الأخبار غير المرغوب فيها إلى تدمير المشاعر والعقول في القرن الحادي والعشرين. لذلك، فإن الهدف الثاني من دايت الانتباه هو العثور على مصادر للمعلومات المفيدة، والعلاقات الصحية ثم بناء حياتنا على أساسهم.
في الأصل، اسم اللعبة هو: الكيف يغلب الكم؛ لأنه في عالم به معلومات وفرص غير محدودة، فإنك لا تنضج بأن تعرف أو تعمل أكثر، بل من خلال القدرة على الحفاظ على تركيزك على القليل بشكل سليم.
تشبه طريقة دايت الانتباه طريقة النظام الغذائي أو الحمية، فمن خلال البعد لفترة من الوقت عن كل أنواع الاستهلاك، فإن جسمك (أو عقلك) ينضبط، ويسترد عافيته، وبعد ذلك-وبشكل مثالي-لن تشتاق إلى لذاتك التي يعقبها الندم.
(ربما تجدر الإشارة إلى أن الأنظمة الغذائية معروفة بفشلها الكبير، لقد أظهرت تجربتي الشخصية المحدودة أن أنظمة دايت الانتباه فعالة إلى حد كبير، ولكن هذا لم نستكشفه بعد، لذلك دعونا نرى كيف ستسير الأمور).
هناك ثلاث خطوات لدايت الانتباه :
1- التعريف الصحيح للمعلومات المفيدة، والعلاقات الصحية.
2- قطع الصلة بالمعلومات والعلاقات عديمة القيمة.
3- تنمية العادات التي تساعد على التركيز العميق، ومدى الانتباه الطويل.
إذن، ما المقصود بالمعلومات والعلاقات “عديمة القيمة”، و نظيراتها “الصحية” ؟
لنبسط الأمور دون الدخول في إشكالات فلسفية:
- المعلومات عديمة القيمة هي معلومات غير موثوقة، وغير مفيدة، وغير مهمة (أي ليس لها كبير تأثير على أحد من الناس).
المعلومات عديمة القيمة هي عبارات مختصرة وبرَّاقة، ومشحونة عاطفياً، وتحفز إدمان أنماط استهلاك.
- المعلومات الصحية هي معلومات موثوقة، ومفيدة، ومهمة على الأرجح (أي أن لها تأثير كبير عليك وعلى الآخرين).
المعلومات الصحية هي عبارات مُفصَّلة، وذات تحليل عقلاني، وتحفز المشاركة العميقة و توسيع أفق التفكير.
- العلاقات عديمة القيمة هي التي مع أشخاص/مجموعات لا تقابلهم وتراهم إلا على فترات طويلة مع القليل من الثقة المتبادلة، والذين تستحضر معهم مخاوفك، وقلة ثقتك بنفسك ويجعلونك دائمًا تشعر بالاستياء تجاه نفسك أو العالم.
- العلاقات الصحية هي التي مع أشخاص/مجموعات تراهم و تقابلهم باستمرار مع الكثير من الثقة المتبادلة، ومن يجعلونك تشعر بتحسن ويساعدونك على النضج.
ملاحظة حول الرياضة / الترفيه: هناك مجال للرياضة والترفيه في جميع ما سبق، نحن جميعًا بحاجة إلى شيء لمساعدتنا على الاسترخاء في وقت فراغنا، أنا شخصيًا أحب ألعاب الفيديو؛ لكنني أدرك أيضًا أنه إذا قمت بفتح برنامجيّ Reddit أو Twitch عشرين مرة يوميًا، فهذا في الحقيقة تساهل غير صحي في الترفيه؛ بعبارة أخرى، تتحول هوايتي إلى إيذائي بدلاً من مساعدتي، وهدفنا هو جعل هواياتنا تعمل لصالحنا وليس ضدنا، وسوف نشرع في بيان كيفية القيام بذلك فيما يلي.
ملاحظة أخرى قبل أن نبدأ:
يجب أن يكون تطبيق دايت الانتباه صعبًا من الناحية العاطفية/النفسية، فرغم كل شيء، نحن نتعلق بالمعلومات عديمة القيمة؛ لأنها ممتعة وسهلة، إننا ندمنها شيئًا فشيئًا، وينتهي بنا الأمر باستخدامها في تخدير الكثير مخاوفنا وضغوطنا اليومية، لذلك، فإن التخلص من تلك المعلومات عديمة القيمة سيكشف الكثير من المشاعر غير المريحة، والرغبات الجامحة في التراجع، و السخط، وتبدأ هذه المشاعر تتلاشى في الأيام أو الأسابيع القليلة الأولى.
الهدف هنا هو الضغط على نفسك للبقاء أكثر تركيزًا على ما يضيف قيمة لحياتك. إذا لم يكن الأمر صعبًا، فأنت على الأرجح لم تتخلص من كل الأشياء عديمة القيمة.
وأخيراً، أود أن أصرخ مناديًا على ( كال نيوبورت) و(نير إيال)، في رأيي، إنهم أمثلة لمكافحة الهوس التكنولوجي تشبه (فراح فوسيت) و(أرنولد شوارزنيجار) في الثمانينيات.
حسنًا، ربما كانت هذه مقارنة غريبة، لكن النقطة المهمة هي أنهم يأخذون ضريبة القرن الحادي والعشرين المتعلقة بعلاج غذائنا العقلي على محمل الجد، نشر كال كتابًا هذا العام بعنوان “تقنين الرقمية” الذي انتشر انتشارًا واسعًا، وكتب نير كتابًا رائعًا صدر في سبتمبر بعنوان “غير قابل للتشتت: كيف تتحكم في انتباهك واختيار حياتك”.
نير صديق حميم ويمكنني أن أشهد أنه ربما يكون أكثر من عرفتهم انضباطًا وتركيزًا، يا له من حاذق، بينما توضح هذه المقالة نظامًا طورته لنفسي على المدى الطويل، إلا أن أفكاره وكتاباته كانت مؤثرة للغاية، ويجب عليك الاطلاع عليها إن كنت مهتمًا بهذه المسألة.
لنبدأ!
الخطوة الأولى: تطهير وسائل التواصل الاجتماعي:
- طبق قانون “أبيض أو أسود” على علاقاتك في وسائل التواصل الاجتماعي، افتح قائمة أصدقائك أو المتابَعين، واسأل نفسك سؤالين: “هل التواصل مع هذا الشخص يضيف قيمة إلى حياتي؟” و “هل هذا الشخص/ المجموعة يساعدني على النضج (أي التغلب على المخاوف والقلق) أو يجعلني أضعف (أي تضخيم المخاوف والقلق؟) “إذا لم تكن الإجابات (نعم بكل تأكيد) فأنت بحاجة إلى إلغاء الصداقة أو المتابعة.
إذا علقت مع شخص ما، أو شيء ما، وتساءلت عما إذا كان يستحق الإبقاء عليه، فإن حقيقة أنه يجب عليك التوقف والتساؤل عن ذلك هو علامة على أنه لا يستحق المتابعة،
لا ترحم أحد، كن قويًا؛ نحن نتحدث هنا عن سلامتك العقلية.
- ألغِ متابعة كل منافذ الأخبار والإعلام (بما في ذلك الرياضة والترفيه)؛ لا يمكن إنكار أن وسائل الإعلام أصبحت ضحلة وضيقة الأفق وغير دقيقة، تُكتب معظم المقالات لحصد المزيد من النقرات clickbait؛ وليس لأنها حقيقية ومفيدة.
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي أسوأ هذه الأدوار في وسائل الإعلام، إنهم يحاربون من أجل “نقراتك” بإثارة غضبك، و باللعب على الأوتار الحساسة حتى يجعلونك تشعر أنها مهمة، ولكن في الواقع هي ليست كذلك، إنها تخلق حالات متكررة من إدمان الغضب التي لا تجعلك فقط عاجزًا عن معرفة ما تحتاج إلى معرفته، بل تجعلك في الواقع أكثر رفضًا للحقائق.
نحن كمواطنين من واجبنا الانسحاب من هذا النظام السام، وأول (وأبسط) طريقة للقيام بذلك هي إلغاء متابعة جميع مصادر الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، لا تقلق، سأناقش طرقًا أفضل للاطلاع على الأخبار فيما يلي.
- بعد القيام بما سبق احذف أي تطبيقات لا معنى لها، إذا قمت بالخطوتين السابقتين بشكل صحيح، فيجب أن تكون حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعي أقل ازدحامًا، وفي بعض الحالات تكون فارغة تقريبًا، هذا جيد.
إن جمال إلغاء صداقة/متابعة الكثير من الأشخاص أو الصفحات هو أنك لا تتخلص فقط من جميع المعلومات السامة وغير الصحية التي تستحوذ على اهتمامك، ولكن قد تحصل أيضًا على محتوى أكثر ب 10٪ عند فتح حسابك، أنت تتصفح نفس العناوين مرات ومرات، وترى نفس الغثاء الذي رأيته بالأمس، حان الوقت لترك هاتفك والقيام بشيء مفيد.
ولكن قبل القيام بذلك، ألق نظرة أخرى على حساباتك في وسائل التواصل الاجتماعي. هناك احتمال أن واحدًا منها على الأقل فارغ لدرجة أنه لا يوجد حتى سبب يدعو إلى فتحه بعد الآن!
إن جمال تبسيط حساباتك على هذا النحو هو أنه يُظهر لك حقًا شبكات التواصل التي توفر المتعة، وتلك الموجودة فقط لأنك تشعر أنه يجب أن تشترك فيها، بالنسبة لي اكتشفت أنني أستمتع فعلاً (بتويتر)، و(انستجرام) بدرجة أقل، أما الفيسبوك فهذا هو الشيء المزعج الذي أشعر أنه يجب عليَّ أن اشترك فيه، لذلك حذفته من هاتفي.
بدا الأمر غريبًا في البداية، لكنني أدركت أنني كنت أدخله بلا داعٍ أكثر من خمس مرات كل يوم، حررني حذفه من معظم التطبيقات الأخرى.
الخطوة الثانية: اختر المصادر الموثوقة للمعلومات، وشبكات التواصل.
الأحداث الجارية:
جرب هذا: تلقى أخبارك فقط من صفحة الأحداث الحالية في ويكيبيديا؛ كل لغة ويكيبيديا لها صفحة رئيسية حيث تدرج الأحداث الجارية، والأحداث التاريخية البارزة، سيمنحك هذا الحد الأدنى من الحقائق إذا كنت ترى أنه يجب أن تقرأ الأخبار يوميًا (وهو أمر قابل للنقاش)، وإذا كنت ترغب في الدخول في تفاصيل أكثر حول ما يحدث لسبب ما، فيمكنك النقر فوق المقالة للحصول على الحد الأدنى من الحقائق المجردة مرة أخرى.
ويكيبيديا مصممة لتجنب التحيز، والميول السياسية، والمعلومات الكاذبة، لم يعد هذا متوفرًا بنسبة 100٪ في أي مصدر أخبار تقريبًا هذه الأيام.
تلقي الأخبار من ويكيبيديا به ميزتان :
(1) يوفر بيئة خالية من المعلومات الخاطئة،
(2) ممل تمامًا.
إنها بيئة نقية منعشة؛ لأنها تنقل ما يحدث بالفعل، وعلى سبيل المثال؛ تتبعت عناوين الصحف لعدة أيام حول الهجمات على ناقلات النفط في خليج عمان، إلى حد كبير تدور أحداث كل عناوين الأخبار التي رأيتها حول إلقاء ترامب باللوم على إيران، وما إذا كان محقًا في فعل ذلك أم لا، وهل هذا من حقه أو لا.
في الواقع، إذا كان هناك أي شيء ينطبق على كل وسائل الإعلام الأمريكية منذ عام 2016 م فهو أن كل شيء يُطرح دائمًا من وجهة نظر ترامب، والتي ليست منفرة وغير فعالة فقط، ولكنها أيضًا ليست محايدة في الكثير من هذه القضايا، في حين دخلت على ويكيبيديا، وبعد ثلاث جمل فقط تلقيت المزيد من المعلومات حول الموقف أكثر من كل المقالات الإخبارية التي قرأتها مجتمعة.
ويكيبيديا أيضا مملة! هذا أمر جيد بشكل ما؛ لأن الحقائق تميل إلى أن تكون مملة، وأيضًا لأن الملل ليس له أي انحياز.
إذا أغضبتك مقالة أو تحمست لها، فستكون متحيزًا بشأن محتواها، من ناحية أخرى إذا كانت قراءة الأخبار تبدو وكأنها قراءة دليل إصلاح التلفاز فمن المحتمل أنك تحصل على الحقائق فقط ولا شيء آخر.
ولكن الأهم من ذلك كله، أن جعل الأخبار مملة أكثر يشجعك على قراءة ما هو يهمك حقًا أو له تأثير عليك، والحقيقة هي أن معظم ما يُنقل على أنه “أخبار” هو ترفيه المقنَّع، وهي المعلومات التي تكون مؤثرة، أو مهمة فقط لمجموعة صغيرة من الناس، أو بعيدة كل البعد عن قدرتك على تغيير أي شيء، ومن ثم المبالغة في إشعال غضبك، أو إثارتك حسب المجموعة التي تنتمي إليها.
الطريقة الوحيدة للفوز في هذه اللعبة هي عدم اللعب، وباستخدام ويكيبيديا كمصدر لمعرفة الأحداث الجارية، فأنت تختار عدم المشاركة في هذه اللعبة.
ولكن هناك قضايا مهمة على المدى الطويل مثل تغير المناخ، والحقوق المدنية، وعدم المساواة الاقتصادية التي تتطلب الكثير من المعلومات، والتفكير النقدي، ماذا عنها؟ حسنًا، سعيد لسؤالك …
المحتوى التفصيلي:
يجب أن يكون المحتوى التفصيلي هو محتوى الأخبار الرئيسي الذي لا غنى عنه، والمسيطر على محتوى الترفيه لديك، المحتوى التفصيلي يعني أي وسط مثل الكتب، و المدونة الصوتية، والمقالات الطويلة، والأفلام الوثائقية، الفكرة هي أن هذه المصادر تستغرق وقتًا أطول.
هناك فائدتان من اعتمادك الأساسي على المحتوى التفصيلي؛ الأولى هي أنه (في المتوسط) سيقدم لك المزيد من البحث، وسيوضح لك الفروق الدقيقة، ويدفعك إلى التفكير أكثر من المحتوى المختصر؛ فالغباء في “تغريدة” يمكن أن يبدو عميقًا، أما الغباء المتكرر في 12000 كلمة سرعان ما يكشف نفسه.
الفائدة الثانية للمحتوى التفصيلي هي أنه يزيد من مدى انتباهنا ويجعلنا معتادين على الوقوف مع الموضوعات لفترات طويلة من الزمن، إنه يساعدنا على عدم الوقوع فريسة لردودنا السريعة والمتهورة، ويعطينا مساحة للتساؤل “ماذا لو كنت مخطئًا؟ ماذا لو كنتُ أحد المخدوعين بهذه الحجة؟ “
ينطبق المحتوى التفصيلي على الترفيه أيضًا، لا تشاهد فقط المقاطع الرياضية طوال اليوم، بل شاهد أيضًا فيلمًا وثائقيًا عن اللاعب المفضل لديك، لا تستمع إلى أغنية ناجحة مرارا وتكرارا، بل حمّل الألبوم كاملًا، لا تلعب لعب الآيفون السيئة مرارًا وتكرارًا، بل ابحث عن لعبة فيديو يمكنك الانغماس فيها، والتفكير النقدي حول عناصرها وقصتها.
الفكرة هي أن توسيع مدى انتباهك بانتظام، واكتساب القدرة على التركيز، والتدريب على ذلك، تمامًا مثل بناء العضلات.
الخطوة الثالثة: جدوِل تشتتاتك:
بنفس الطريقة التي تخطط بها لـ “اليوم الفري” في النظام الغذائي، أو تتوصل إلى اتفاق مع نفسك بأن تتناول فقط عدد X من الحلويات، أو عدد Y من الشراب كل أسبوع، ينطبق الأمر نفسه على انتباهك، يجب أن يكون البريد الإلكتروني نشاطًا يتم اختياره عن قصد و وعي في وقت محدد لتحقيق أكبر استفادة منه.
هذا ليس شيئًا يجب تحديثه وتصفحه كل ثلاثين ثانية، الشيء نفسه ينطبق على وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى الترفيه.
فيما يلي إرشادات أحاول الالتزام بها، وتعمل معي بشكل جيد؛ وبالتأكيد قد يختلف الأمر من فرد لآخر:
- تصفح البريد الإلكتروني مرتين في اليوم.
أحاول إجبار نفسي على فتح البريد الإلكتروني مرتين فقط كل يوم؛ مرة في الصباح، ومرة في نهاية اليوم في فترة ما بعد الظهر، الجلسة الصباحية التي أنظر فيها فقط، وأجيب على رسائل البريد الإلكتروني المهمة/العاجلة، وبعد الظهر، ومرتين كل أسبوع أقوم بمسح البريد الوارد بالكامل.
- وسائل التواصل الاجتماعي 30 دقيقة يوميًا.
أنا أعمل على تحسين هذا الأمر بالنسبة لعملي على الحاسوب فأنا أسير فيه بشكل جيد، المشكلة هي هاتفي، ما زلتُ أسقط في الدائرة التالية : تحديث Twitter، تحديث Facebook، تحديث Instagram، تحديث Twitter… وهكذا . لقد قمت مؤخرًا بحذف Facebook من هاتفي (وفقًا للإرشادات المذكورة آنفًا)، لكن لم أتحرر بعد من Twitter و Instagram .
- الترفيه فقط في ساعات محددة من اليوم.
أنا مشغول جداً، وأسافر كثيرًا لدرجة تجعل من العسير جدًا الترفيه عن نفسي، ولكن بمجرد أن تهدأ الأمور، فقد أجرب ذلك، انظر ما يلي لمعرفة طرق التخطيط للترفيه .
- اترك الهاتف خارج المكتب أثناء النهار وغرفة النوم ليلًا.
أنا جيد في تركه خارج المكتب عندما أكتب، لكن لا تزال غرفة النوم مشكلة بالنسبة لي.
حسناً، كل شيء رائع وعلى ما يرام، لكن كيف نتحمل هذا الجحيم؟
يتحدث الجميع عن سوء وسائل التواصل الاجتماعي، وفي نفس الوقت هم واقعون في أسر التصفح القهري على وسائل التواصل الاجتماعي!
كيف يمكننا فعلا تنفيذ هذه المفاهيم في حياتنا؟ لأن هذا هو الجزء الأكثر أهمية.
الخطوة الرابعة: التنفيذ:
في كتاب “خراب: كتاب عن الأمل” أعيد تعريف الحرية على أنها قيود ذاتية، الحرية في القرن الحادي والعشرين لا تتعلق بالحصول على المزيد، بل تتعلق بأن تجعل التزاماتك أقل.
لكي نتحكم في أنفسنا، نحتاج إلى وضع حدود حولنا؛ إن عقولنا هزيلة للغاية، وأنانية بحيث لا يُمكنها البحث، و معرفة ما تريد بدلاً من ذلك، مثل: تدريب الكلب، يجب علينا تدريب انتباهنا بمساعدة أدوات مختلفة للتأكد من أننا نركز على الأمور الصحيحة.
سأتحدث عن ثلاثة أنواع من الأدوات في هذا القسم: حظر/حجب مواقع الويب، وحظر/حجب التطبيقات، ومنظمات استهلاك الطاقة.
حاجبات المواقع Website blockers
إن مفتاح تطبيق دايت الانتباه هو تنزيل وتثبيت التطبيقات التي تحجب مواقع معينة على أجهزتك، هناك العشرات من التطبيقات، لكنني هنا سأرشح بعضًا من أفضل التطبيقات التي استخدمتها.
- Cold Turkey (لأجهزة ماك والويندوز) تطبيقي المفضل ربما هو الأقوى والأكثر مميزات، يمكنك حظر مواقع الويب، والصفحات، والتطبيقات، وحتى عمليات بحث محددة في جوجل Google.
أحبه لأنه يقوم بجدولة قوائم الحظر حتى تتمكن من تعديل ما يتم حظره في أي يوم.
دعنا نقول أنك تريد بعد ظهر يوم الجمعة أن تكون فترتك الصباحية من تصفح “بريدك الإلكتروني”، يمكنك برمجة ذلك، أو يمكنك فتح كل شيء يوم الأحد فهو قابل للتخصيص بدرجة كبيرة، كما أنه يحتفظ بالإحصائيات.
أيضًا على عكس بعض برامج الحظر، فأنت تدفع مرة واحدة، لذا في حين أن السعر قد يبدو مرتفعًا، إلا أنه ليس سيئًا للغاية (وهو بالدولار الكندي … وهذا ليس بعملة حقيقية).
- Focus (لأجهزة ماك) أكثر سهولة في الاستخدام من الأول ولكن ليس به العديد من المميزات، لقد أنقذني هذا التطبيق عندما كنت أكتب كتابي الأخير، فعند اقتراب الموعد النهائي أصبحت يائسًا لدرجة أنني قمت بتنزيله، وحظرت كل شيء أفعله في ستة أيام في الأسبوع لمدة شهر تقريبًا.
إنه يحجب مواقع الويب والتطبيقات، ويمكنك تخصيص ما تريد حظره يوميًا أو حتى لساعات، ليس سهلًا أو بسيطًا تمامًا مثل الأول، لكنه رائع.
شكواي الوحيدة هي أنه عندما تقوم بتحديث التطبيق، يتم إيقاف تشغيله، مما يسمح لك بدخول اللعبة مرة أخرى، أعلم أن هذا يبدو بسيطًا، لكن في كل مرة أقوم فيها بتحديث التطبيق، كنت أواجه من 3-4 أيام من عدم الإنتاجية قبل أن أجبر نفسي في النهاية على إعادة تشغيله.
- Freedom (لأجهزة ماك/ويندوز). مصمم بشكل جميل وسهل الاستخدام، يعمل أيضا على الهواتف، ربما هذا هو أكثر التطبيقات شعبية في هذا النوع، لم أستخدمه منذ عام، أو نحو ذلك، والسبب هو أنه من السهل جدًا مناورته.
أكره أن أقول ذلك، لكن لا يمكن الوثوق بي مع التطبيقات الضعيفة الغبية التي تتيح لك إغلاقها، أو إيقاف تشغيلها بعدد من الطرق الخفية، أحتاج إلى تطبيق يكبل يدي عن أي شيء غير العمل.
- Self Control (لأجهزة ماك). التطبيق مجاني، وربما الأكثر صعوبة في القائمة، قم بتحميل قائمة بالمواقع التي تريد حظرها، ثم شغل التطبيق فتُحجب كل المواقع. لا يمكنك إيقاف تشغيله حتى ينتهي الوقت، يمكنك إعادة تشغيل الحاسوب، وإلغاء تثبيت التطبيق، والقيام بأي شيء كل ذلك لن يزيل الحظر، إنه شرير بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
حظر الهاتف
أولاً، قبل الدخول في حظر تطبيقات معينة، أو الهاتف بأكمله، يجب عليك الدخول في الإعدادات، وتعطيل معظم/جميع الإشعارات، لا يهمني من أنت أو ما تفعله، فالإشعارات تشبه في تأثيرها على الانتباه تأثير التدخين السلبي، يجعل الجميع يدخل في سعال.
عطل كلًا من النغمة/الاهتزاز، والإشعارات المنبثقة التي تظهر على هيئة دوائر حمراء صغيرة، أنت تعرف أن هذه الدوائر “حمراء” لسبب ما أليس كذلك؟ نراها دون وعي على أنها عاجلة وتحفز رغبة الضغط القهري لكي نتخلص منها.
(إرشاد اختياري: أقوم أيضًا بإيقاف تشغيل النغمات وكل الأصوات في هاتفي، فلسفتي هي: ما لم نكن قد حددنا موعدًا لمكالمة، أو كنت أتوقع أن أسمع صوتك، فأنا لا أريد أن أسمع صوتك، لا شيء شخصي).
بمجرد الانتهاء من ذلك، دعنا نتحدث عن الحد من استخدام التطبيق لدينا.
يمتلك مستخدمو آيفون الطريقة الأسهل، حيث بدأت شركة Apple في تطبيق ميزة للسماح لك بحظر التطبيقات مؤقتًا من نفسك.
يحقق تطبيق Google Digital Wellbeing لنظام الأندرويد نفس الغرض، على الرغم من عدم وجود العديد من الخيارات مثل Apple، أحد الأشياء التي تعجبني في هذا التطبيق هو أنه يمكنك تعيين وقت نوم خاص بك وبذلك، في هذا الوقت كل ليلة، يصبح هاتفك غير قابل للاستخدام.
ولكن، إذا كنت ترغب في تخصيص كيفية استخدام تطبيقات معينة، ومتى يمكنك ذلك فعليك تنزيل تطبيق تابع لجهة خارجية، هناك العديد من الخيارات، ولكن أفضل خيار يمكنني ترشيحه هو “Help Me Focus” إنه يتمتع بالمرونة لحظر بعض التطبيقات وليس كلها، ويسمح لك بالتخصيص عند الحظر على مدار الأسبوع.
منظِّمات استهلاك الطاقة power outlet timers
حسنا، هذه النصيحة يؤخذ بها فقط إذا كنت ترغب في التضييق على نفسك (وكذلك إذا كان لديك أطفال) أستعير هذه الفكرة بعد إذن من صديقي نير إيال عندما سمعت عنه يصف ذلك بأنه مثل “اللعنة … هذا مستوى جديد من التضييق”.
يمكنك شراء أجهزة ضبط استهلاك الطاقة مقابل 12 دولار، ويمكنك بعد ذلك برمجة هذه الأجهزة لقطع التيار الكهربائي عن أي شيء موصول بها في أوقات معينة من اليوم أو الأسبوع، قم بشراء عدد قليل منها، وضعها في أرجاء المنزل، ويمكنك تخصيص ساعات النهار، أو أيام الأسبوع التي يعمل فيها جهاز الانترنت الهوائي wifi الخاص بك، ومتى يمكن مشاهدة التلفاز، ومتى تعمل ألعاب الفيديو، وهكذا.
من الناحية المثالية، ستكون مشغولًا جدًا بالعمل والأشياء النافعة خلال اليوم حتى في المساء، لن تضطر إلى التحكم في نفسك بهذه الطريقة، ولكن مهلا، الأوقات العصيبة تتطلب اتخاذ تدابير قاسية.
لدي رغبة في الانغماس في ألعاب الفيديو، لقد كنت جيدًا جدًا في السيطرة على نفسي في العام الماضي، لكن في المرة القادمة التي أجد فيها نفسي ألعب حتى الرابعة صباحًا كل ليلة، أعرف أن هذا هو بالضبط ما سأستخدمه.
أشهر الاعتراضات على دايت الانتباه:
الاعتراض الأول :”لكن مارك، أليس هذا مملًا جدًا”
لدي جوابان على ذلك : 1- اخرس 2- لا لن يكون كذلك.
تذكر عندما كنت طفلاً تزحف على الأرض، وتسقط هنا أو هناك ثم تشكو لأمك، “أشعر بالملل جدا، ماما ” و لا تملك والدتك إلا أن تهز كتفيها، و لسان حالها “هذه مشكلتك”.
عادة، كان الجزء الأكبر من طفولتك تسلسلًا من تلك اللحظات، يمكنك أن تتخيل الأريكة كسفينة فضائية، وترسم كيف كنت ستهرب إلى الباب الخلفي دون أن يراكم الأجانب الأشرار (في هذه الحالة، الأم) أو يمكنك تخيل مخلوقات رائعة، وتتحمس لرسمها، أو تتجول في الخارج حتى تجد أطفالًا آخرين شاعرين بالملل لتلعب معهم.
يقولون الحاجة أم الاختراع، حسنا فالملل هو الأب، كل الإبداعات المدوية، أو الأعمال العظيمة خرجت من رحم الملل، سوف يجبر الملل عقلك، و ينهكه حتى يأتي بأفضل ما فيه، وهذه حقيقة.
لذلك هناك قيمة للملل، وإذا لم ندرك ذلك، فإن شوقنا الدائم لهواتفنا ووسائل التواصل الاجتماعي، وألعاب الفيديو، ومسلسلات Netflix سيسلب الطاقات الإبداعية لمللنا، لقد أفسدوا علاقاتنا، ورغباتنا في المجتمع – أعني، لماذا تخرج مع الجيران عندما يمكنك مشاهدة فيلم للمرة الثامنة؟
الملل جيد؛ فهو يعني أنك تتحدى نفسك، إنه يشبه صقل عضلات عقلك، انغمس في الملل، وتشبع به.
الاعتراض الثاني: ماذا لو فَوَّتُّ شيئًا هامًا ! – لقد كتبت بتعمق عن تجربة FOMO (أو “الخوف من تفويت شيء ما”) من قبل، لكنني سأقولها هنا مرة أخرى، باختصار:
أنت دائمًا ما تفوتك أشياء، كنت وستظل دائما كذلك؛ السؤال هو: ما الشيء الذي تختار أن يفوتك؟
معظم حياتك، لم تكن مهتمًا بأن شيئا ما قد فاتك إما لأنك لم تكن على علم بأن شيئًا ما قد فاتك أو أن تعلم أن ما فاتك لا يهمك، تسد وسائل التواصل الاجتماعي عليك كلا الطريقين – فهي تجعلك على علم بكل ما يجري، كما تمنحك تصورًا خاطئًا مفاده أن الأمور أكثر أهمية مما هي عليه.
وتكون النتيجة: الخوف الدائم من تفويت شيء ما (FOMO مزمن)
تخلص من الاستخدام اللعين لوسائل التواصل الاجتماعي (أي طبق دايت الانتباه)، واقض على حقيقة أن تلك الأشياء مهمة ومدوية، ولن يكون هناك أي إحساس بـأنك نادم على “تفويت” أي شيء.
تسعون بالمئة من أهم التجارب في الحياة أمامك الآن، وبدلاً من صرف انتباهك عنها كما تفعل، سيحررك نظام دايت الانتباه في النهاية لتواجهها؛ تذكر: العبرة بالكيف لا بالكم.
الاعتراض الثالث : يجب أن أدرب نفسي على الاستغناء عن هذه الأشياء مع الإبقاء عليها:
لقد ذُهلت من كثرة من يقولون ذلك، إنها نية طيبة لكنها مضللة.
تخيل شخصًا يريد أن يفقد 20 رطلاً من وزنه، و يخزن في الثلاجة الكعك، والآيس كريم، والبيتزا المجمدة، ثم قال: “لا بأس، يجب أن أكون قادرًا على استخدام قوة إرادتي لعدم تناول هذه الأشياء”.
هذا جنون، يعلم الجميع أن أول شيء تفعله عندما تحاول تغيير نظامك الغذائي هو أن تتخلص من كل النفايات غير الصحية، نحن مخلوقات ضعيفة، ونسقط بسهولة، إننا لا نسيطر تمامًا على ما نفكر فيه، وكثيرًا ما نكون عبيدًا لأهوائنا، ستكون غبيًا إن وثقت بنفسك في مثل هذا الموقف.
إذا كنت تحاول تنمية عادة الاستيقاظ في الساعة 6 صباحًا، فإنك تضبط المنبه كل صباح (أو ربما يومين)، إذا كنت تحاول بناء عادة الاتصال بوالديك في كثير من الأوقات، فإنك تضع البريد لها أمام مكتبك، أو تخصص أحداثًا على تقويمك.
السر الخفي لتغيير عاداتك هو أن بيئتك لها تأثير أكبر بكثير من قوة إرادتك، عندما تريد أن تفقد وزنك، فاملأ الثلاجة بالطعام الصحي، وارمِ الأطعمة الأخرى.
عندما ترغب في ممارسة المزيد من الرياضة، فإنك توظف مدربًا، أو تجد صديقًا يتابعك، ويسألك.
فلماذا يكون الأمر مع انتباهك؟
الهدف من دايت الاهتمام هو خلق بيئة ملائمة لتنمية عادات الانتباه الصحية؛ لأنه -آسف- إذا كانت إرادتك كافية، فلا تقرأ هذا الشيء.
إذا كنت لا تزال هنا فكر في الأمر، لديك مشكلة، لدي مشكلة، لدينا جميعا مشاكل، أراهن أنك تبحث عنها بين الفقرات، أنت تتدهور.
الآن، دعنا نجمع مشاكلنا معا … نعم معا.
أصدقاء المتابعة:
لقد قلت منذ فترة طويلة أنني لا أكتب هذا؛ لأنني مثالي، واعتقد أنك يجب أن تكون كذلك.
أنا أكتب لأنني واجهت نفس المشكلات، واستخدمت كتابتي كمنصة للبحث عن حلول.
لذا أتعهد بالآتي: بدءًا من الشهر القادم ، سأقوم بتنفيذ كل ما سبق، البريد الإلكتروني مرتين في اليوم فقط، وسائل التواصل الاجتماعي على 30 دقيقة في اليوم، وأقرأ فقط الصفحة الأولى من ويكيبيديا، أو أقرأ محتوى تفصيليًا، سأقوم بذلك ثم أعلن نتائجي في أغسطس.
أدعوكم للقيام بذلك معي.
إذا قمت بذلك، والتزمت بهذا النظام لمدة شهر، اسمح لي أن أعرف نتائجك، إذا رأى عدد كاف من الأشخاص نتائج مهمة، فسوف أجمع منشورًا بناءً على ما تعلمه الجميع، وأنشره على الموقع في وقت لاحق من العام.
والأفضل من ذلك كله، العثور على صديق للقيام بذلك معك، سيجعل الأمر أسهل، وأكثر متعة، وأكثر إثارة للاهتمام، وعندما يشتاق أحدكم إلى ال YouTube، يمكنك الموافقة على الخروج وتناول القهوة بدلاً من ذلك.
لذا، نظِّم كل شيء، ودعنا نجعل هذا الشهر أفضل، من الآن.
اقرأ ايضاً: فن الاعتزال: أهم مهارة لم يعلمك إياها أحد