- نشر: mind tools
- ترجمة: تسنيم فراونة
- تحرير: بلال الخصاونة
كيف تُعرِّف قِيَمَك؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، ستحتاج إلى معرفة المعنى العام للـ “القيم”. إن القيم في حياتك هي كل ما تعتقد بِعِظَم مكانته أثناء سعيك في عيشك. والقيم هي ما يفترض أن يُحدِّد أولوياتك؛ بل وأبعد من ذلك، قد تكون القيم هي المقياس الذي تحتاجه لمعرفة ما إن كانت حياتك تسير في الطريق الذي أردته لها.
في العادة، ستعيش حياةً طيبة وتشعر بالقناعة والرضا، حالما تتوافق القيم في حياتك مع أفعالك وتصرفاتك، لكن التعارض والاختلاف بينها سيكون مصدراً للحزن والشعور بالخطأ. لهذا فإنه من الأهمية بمكان أن تبذل جهداً مدروساً في سبيل تعريف هذه القيم.
كيف تساعدك القيم؟
القيم حاضرة، سواء أدركت وجودها أم لم تدرك؛ وإنما يُسهِّل على الإنسان أمرَه أن يتعرف إلى قيَمه ويتخذ بناءً عليها خطواته وقراراته التي تحترم هذه القيم ولا تتنافى معها.
لنقل أنك تقدر قيمة العائلة، لكنك مجبر في وظيفتك على العمل بمعدل 70 ساعة أسبوعياً، ألن تشعر بالضغط و التضارب في داخلك؟
أو أنك لا ترى قيمةً في التنافس، لكنك تعمل في بيئة مبيعات تنافسية جداً، هل تظن أنك ستشعر بالرضى عن وظيفتك؟
في مثل هذه المواقف ستدرك حقاً أهمية فهمك للقيم، فمعرفتك بكل قيمة منها ستساعدك في اتخاذ قرارات حياتية، وستساعدك في الإجابة عن أسئلة ستواجهك من قبيل:
- ما نوع الوظيفة التي عليَّ السعي إليها؟
- هل يجب عليَّ قبول هذه الترقية؟
- هل يجب عليَّ البدء بمشروعيَ الخاص؟
- هل أساوم أم أتمسك بموقعي؟
- هل عليَّ اتباع التقاليد، أم الانخراط في مسار جديد؟
إذن، فلتأخذ الوقت الكافي في فهم أولوياتك الحقيقية، حتى تستطيع تحديد التوجُّهَ الأمثل لك ولأهدافك في الحياة.
نصيحة
عادةً ما تكون القيم ثابتة نسبياً، لكن دون حدود أو خطوط فاصلة صارمة. أيضاً قد تتغير هذه القيم باجتيازك مراحل من الحياة، مثال ذلك:
في بداية عملك، ربما تضع النجاح -قياساً بالمال و المكانة- على رأس أولوياتك، لكن بمجرد أن يصبح لديك عائلة، سيصبح الأَوْلى قيمةً: الموازنةُ بين الحياة والعمل. و كما تتغير نظرتك وتعريفك للنجاح، فإن قيمك الذاتية تتغير كذلك. لهذا السبب فإنه يجدر البقاء على اتصال مع هذه القيم مدى الحياة وإعادة النظر فيها باستمرار، خاصةً حين يتنامى لديك شعورٌ بعدم الاتزان دون فهم السبب وراء هذا الشعور.
أثناء قيامك بالتمرين أدناه، فلتأخذ في الحسبان أن القيم التي كنت تعدها ذات بال في الماضي، ربما لم تعد كذلك الآن.
تحديد القيم
حين تحدد قيَمك، ستعرف ما هو ذو أهمية حقيقية بالنسبة لك. ولفعل هذا، سيساعدك أن تدقق النظر في ما مضى من حياتك لمعرفة أي اللحظات التي شعرت فيها حقاً بالارتياح والثقة لاتخاذ اختيارات صائبة.
الخطوة الأولى: حدد الأوقات التي شعرت فيها بالسعادة الحقيقية
خذ أمثلة من حياتك المهنية وحياتك الشخصية، للحصول على نوع من التوازن في الأجوبة.
- ماذا كنت تعمل؟
- هل كنت تعمل مع أشخاص آخرين؟ من هم؟
- ما هي بقية العوامل التي تؤثر على سعادتك؟
الخطوة الثانية: حدد الأوقات التي شعرت فيها بغاية الفخر
(مجدداً استخدم أمثلة من حياتك الشخصية والمهنية)
- ما الذي جعلك تشعر بهذا الفخر؟
- هل تقاسمت هذا الشعور مع آخرين؟ من هم؟
- اذكر عوامل أخرى ساهمت بمنحك هذا الشعور.
الخطوة الثالثة: حدد أكثر الأوقات التي شعرت فيها بالرضا عن إنجازك
- ماهي الحاجة أو الرغبة التي قمت بتحقيقها؟
- كيف ولماذا أضافت التجربة (الخبرة) معنىً لحياتك؟
- اذكر عوامل أخرى ساهمت في منحك الشعور بالإنجاز.
الخطوة الرابعة: حدد ما ترى أنه أسمى القيم لديك، بناءً على هذه التجارب
(شعور السعادة، الفخر، والإنجاز)
لكن ما مدى أهمية وروعة كل من هذه التجارب؟
ستجد في القائمة أدناه ما يساعدك على البدء، تحتوي القائمة على مجموعة من القيم الذاتية الشائعة، عليك اختيار 10 من القيم الأهم والأعلى بالنسبة لك.
(ستجد أثناء شروعك في العمل، أن بعضاً من هذه القيم تتمازج بشكل طبيعي. على سبيل المثال: إذا كانت قيمك العليا هي الإحسان، والجماعة والسخاء فإنها تنضم جميعها تحت قيمة عليا واحدة هي خدمة الغير)
حس المسؤولية – الدقة – الإنجاز – المغامرة – الإيثار – الطموح – الحزم – الإتزان – الأفضلية – الانتماء – الجرأة – الهدوء – التأني – التحدي – البشاشة – صفاء البال – صون العهد – الجماعة – الرحمة – روح التنافس – الاستقامة – القناعة – التفوق – حب الاستطلاع – البصيرة – الذكاء – الصفاء الذهني – البديهة\الحدس – البهجة – العدالة – القيادة – الولاء – القدرة على إحداث الفارق – الإتقان- الجدارة – الطاعة – الانفتاح – النظام – اللياقة البدنية – الطلاقة – التركيز – الحرية – الاستكشاف – التعبير – الإنصاف – الإيمان – التوجه الأسري – الإخلاص – الأناقة – التعاطف – الاستمتاع – الحماس – المساواة – القداسة – الصراحة- الشرف -التواضع- الاستقلالية – البراعة- الانسجام الداخلي – حب الاستطلاع – المرح – السخاء – الطيبة – الفضيلة – التطور\ النماء – السعادة – العمل الجاد – الصحة – خدمة المجتمع – المثالية – التقوى – الإيجابية – النفع العملي – الجاهزية – الاحتراف – رجاحة العقل – التركيز على الجودة – الموثوقية – الكياسة – الإبداع – الفضول – الحسم – الديمقراطية – الوفاء – العزيمة – الورع – المواظبة – الانضباط – حرية التصرف – التنوع – النشاط – الاقتصاد – الفاعلية\ التأثير – الكفاءة – الأناقة – النفع -الفراسة – الحيوية القيادة – الولاء – استحقاقية الثقة – البحث عن الحقيقة – الاستيعاب – الفرادة – الدعم – العمل الجماعي – الوسطية – الإمتنان – الشمولية – عمق التفكير – حسن التوقيت – الحلم – التقليدية\ التمسك بالتقاليد – الإتقان –الجدارة – الطاعة – التعاطف – الاستمتاع- الحماس – المساواة- القداسة – الصراحة – الشرف – التواضع – الاستقلالية – البراعة – السلام الداخلي – الإدارة- الفطنة – التحسين المستمر – المبادرة – التحكم – التعاون – العدالة – الانفتاح – النظام – المتانة – السرعة – العفوية – الثبات – القوة – النجاح – التحفظ – التركيز على النتائج – تحقيق الذات – ضبط النفس –الاعتماد على النفس – الحساسية – الطمأنينة – سداد الرأي
الخطوة الخامسة: رتب قيمك العليا من بينها حسب الأولوية
قد تكون هذه هي الخطوة الأصعب، لأنها تضطرك إلى تدقيق النظر عميقاً في داخل نفسك، وهي كذلك الأهم، لأنك عند اتخاذ قرار ما، وعندما تكون على دراية بأي القيم هي الأعظم لديك، ستعرف كيف تختار الحلول التي من شأنها أن تحقق وترضي هذه القيم على اختلافها.
- دون أعلى القيم التي اخترتها، لا على ترتيب معيّن.
- ألق نظرة على أول قيمتين، ثم اسأل نفسك: إذا كان بإمكانك تحقيق قيمة واحدة من بينهما، فأيهما ستكون؟
لتسهيل الأمر، تخيل أنك في موقف يتعين عليك فيه الاختيار، مثلاً إن كنت ستضع قيمة الخدمة، وقيمة الثبات تحت المقارنة، فلتفترض مثلاً أنك يجب أن تقرر بين بيع منزلك والانتقال إلى دولة أخرى، من أجل تقديم معونة خارجية قيِّمة، أو التطوع في عمل خيري قريباً من المنزل دون الحاجة لبيع المنزل.
تابع العمل على قائمتك من خلال مقارنة كل قيمة بقيمة أخرى، بحيث تحصل بالنهاية على الترتيب الصحيح للقيم في قائمتك.
نصيحة: في حال استصعبت هذه الخطوة، سيساعدك استخدام تحليل المقارنات المزدوجة (paired comparison analysis) في تقرير أي الخيارين هو الأهم، ومن ثم إعطاء درجة لمدى أهميتها. ولأن تعيين وترتيب القيم خطوة غاية في الأهمية، فمن المؤكد أن توظيف الوقت لهذه الخطوة يستحق التعب.
الخطوة السادسة: أعد تأكيد قيمك
تحقق من ترتيبِ عُليا قيمك حسب الأولوية، وتأكد من أنها تتناسب مع حياتك ورؤيتك.
- هل تشعرك هذه القيم بالرضا عن ذاتك؟
- هل تشعر بالفخر تجاه أعلى ثلاثة قيم لديك؟
- هل ستشعر بالفخر والارتياح عند الحديث عن هذه القيم لأشخاص تحبهم وتحترمهم؟
- هل تمثل هذه القيم أفكاراً تدعمها وتهتم بها، حتى لو كانت اختياراتك غير دارجة أو تجعلك في موضع أقلِّيَّة؟
وضع القيم في عين الاعتبار عند اتخاذ القرارات، سيمكنك من التأكد من إحساسك بالنزاهة وما تعرف أنه حق، ويساعدك على التعامل مع القرارات بكل ثقة ووضوح، وستعرف أن ما تفعله هو الأفضل لخلق السعادة والرضا في حياتك حاضراً ومستقبلاً.
إن بناء خياراتك على أساس من القيم، ربما ليس بهذه السهولة دائماً، لكن حين تعلم أنك على حق في اختيارك سيجعل الأمر أيسر على المدى البعيد.
نقاط مفتاحية
- فهم وتعريف القيم هو تمرين شاق ومهم.
- قيمك الشخصية هي جزء جوهري من تشكيل شخصك والشخص الذي تطمح أن تكونه.
- بإدراكك لمدى أهمية جميع هذه المُقوِّمات، ستستطيع استخدامها كدليل في أي موقف لاتخاذ الخيار الأمثل.
- بعض القرارات في حياتنا في الحقيقة، قائمة على ما نُقَدّره كقيمة عليا.
- حين تبدو عدة خيارات منطقية ومعقولة، سيكون من المريح والنافع أن تعتمد على قيمك في توجيهك بقوة نحو الاتجاه الصائب والخيار السليم.
اقرأ ايضًا: أيّهما أفضل: حياةٌ سَعيدةٌ، أم حياةٌ ذَاتَ مَعْنَى؟
مقال جميل لقد أحببته حقا?