- بول رالف
- ترجمة: رانية محسن
- تحرير: إيثار الجاسر
يجب على الجامعات حظر استخدام برنامج power point؛ لإنَّه يجعل الطلاب أغبياء والأساتذة مملين.
هل تعتقد حقًّا أنَّ مشاهدة محاضرة تعرض فيها مئات شرائح البور بوينت سيجعلك أكثر ذكاءً؟
سألت هذا السُّؤال لفصل مكوَّن من 105 طالبًا من طلاب علوم الكمبيوتر وهندسة البرمجيَّات أثناء الفصل الدراسي المنصرم، ونُشرت مقالة على موقع The Conversation تطالب الجامعات بحظر برنامج بور بوينت لأنَّه يجعل الطُّلاب أغبياء والأساتذة مملين.
وأنا أيضا اتَّفق تمامًا مع ذلك، وبالرغم من أنَّها نصيحة سديدة؛ إلَّا أنَّ معظم الجامعات ستتجاهلها. فبدلاً من قياس النَّجاح من خلال معرفة مقدار ما يتعلمه طلابها، فإنَّها تقيس نجاحهم من خلال استبانات رضاهم عن الدِّراسة، بالإضافة لأمور أخرى.
ما العيب في برنامج بور بوينت؟
لقد ساهم الاعتماد المفرط على الشَّرائح التقديميَّة في الاعتقاد السَّخيف بأنَّه من غير المعقول مطالبة الطُّلاب بقراءة الكتب، وحضور الفصول الدِّراسيَّة، وتدوين الملحوظات، والقيام بالواجبات المنزليَّة، أو توقع ذلك منهم.
ولذلك، فإن الدَّورات التَّدريبيَّة المصمَّمة على عرض الشَّرائح تروَّج للأسطورة القائلة بأنَّ الطلاب يمكن أن يصبحوا ماهرين وعلى علم ودراية دون الحاجة للعمل والاطِّلاع على عشرات الكتب ومئات المقالات وآلاف المشكلات.
وجدت مراجعة بحثيَّة عن برنامج بور بوينت تبيِّن أنَّ الطُّلاب يفضلونه على الكتب المصورة، بالرغم من كون البرنامج لم يساعد على زيادة كفاءة التَّعلُّم أو رفع مستوى الطُّلاب.
الإعجاب بشيء ما أمر، وكون هذا الشيء فعَّالًا أمر آخر، ولا يوجد أيُّ دليل يشير إلى أنَّ شرائح العرض التَّقديمي على وجه الخصوص هي أدوات تعلُّم فعَّالة.
البحوث التي تقارن أسلوب التَّدريس المعتمد على عرض الشَّرائح بالأساليب الأخرى -مثل التَّعلُّم القائم على حل المشكلات حيث يقوم الطُّلاب بتطوير المعرفة والمهارات من خلال مواجهة المشكلات الواقعيَّة- ترجح في الغالب فعاليَّة الأساليب الأخرى.
شرائح البور بوينت تفسد العمليَّة التَّعليميَّة لثلاثة أسباب رئيسة:
- أسلوب عرض الشَّرائح يقلِّل من مهارة التَّفكير المركب، ويشجِّع المدرسِّين على عرض الموضوعات المعقَّدة باستخدام النقاط المختصرة، والأشكال المجرَّدة، والجداول المبالغ في تبسيطها بأقلِّ قدر من الأدلة. إنَّه يهمل التَّحليل العميق للمواقف المعقَّدة والغامضة لأنه يكاد يكون من المستحيل تقديم موقف معقد وغامض على شريحة، وهذا يعطي الطُّلاب وهم الوضوح والفهم.
- حال قراءتي لاستبانات الطُّلاب اقتنعت أنَّه عندما تعتمد معظم الدَّورات التَّدريبيَّة على الشَّرائح، فإنَّ الطُّلاب يتصورون الدَّورة التَّدريبيَّة كمجموعة من الشَّرائح. في حين يتم انتقاد المعلمين الأكفاء الذين يقدِّمون التَّعقيد والغموض الواقعيين بدعوى عدم الوضوح، ويُنتقد المعلمون الذين يتجنبون وضع نقاط على شرائح الرسوم البيانيَّة بدعوى أنهم لم يقدِّموا الملحوظات الكافية.
- تقلِّل الشُّرائح من مستوى التَّوقعات العاديَّة المنتظرة من الطُّلاب. فعند استخدامك للبور بوينت، يتوقع الطُّلاب احتواء الشَّرائح على كلِّ التَّفاصيل اللَّازمة للمشاريع والاختبارات والواجبات، فلماذا يضيِّع أيّ شخص وقته في قراءة كتاب أو الذهاب إلى فصل دراسي بينما يمكنهم الحصول على علامة امتياز من خلال تصفُّح مجموعة الشَّرائح في منازلهم بملابس النَّوم؟
قياس الأشياء الخاطئة
إذا كانت عروض الشَّرائح التَّقديميَّة سيِّئة لهذه الدَّرجة، فلماذا تحظى بشعبيَّة كبيرة؟
تقيس الجامعات مستوى رضا الطُّلاب، ولكنها لا تقيس مستوى التَّعلُّم. وبما أنَّ المؤسَّسات تعتمد على ما تقوم بقياسه، ولكون الطُّلاب يحبون برنامج بور بوينت، فسيبقى البرنامج بغض النَّظر عن فعاليته التَّعليميَّة.
المستشفيات تقيس معدلات المرض والوفيات، الشَّركات تقيس الواردات والأرباح، الحكومات تقيس البطالة وإجمالي النَّاتج المحلِّي، حتَّى هذا الموقع يقيس القرَّاء موزَّعين حسب المقالة والمؤلف، في حين أنَّ الجامعات لا تقيس مستوى التَّعلُّم.
تقوم الامتحانات وأوراق الفصل الدِّراسي والمشاريع الجماعيَّة بقياس المعرفة أو القدرة من الناحية الظَّاهريَّة، لكن التَّعلُّم هو التَّغيُّر في المعرفة والمهارات، ولهذا يجب قياسه مع مرور الوقت.
عندما بدأنا محاولة قياس مستوى التَّعلُّم، فالنَّتائج لم تكن رائعة كما هي الحال مع برامج العروض التَّقديميَّة، وجد باحثون أمريكيون أنَّ ثلث الطُّلاب الجامعيين الأمريكيين لم يبدوا أي تقدُّ ملحوظ في التَّعلُّم أثناء دراستهم لشهادة تعليم ذات أربع سنوات دراسة.
وقد اختبروا الطُّلاب في بداية الدِّراسة ومنتصفها ونهايتها باستخدام طريقة تقييم التَّعلُّم الجماعي، وهي طريقة لاختبار المهارات، ولأيِّ درجة تحسَّن التَّفكير التَّحليليُّ والتَّفكير النَّقديُّ وحلُّ المشكلات والكتابة.
يمكن لأيِّ جامعة تعيين اختبارات مماثلة لقياس تعلُّم الطُّلاب، والقيام بذلك من شأنه أن يسهِّل التَّقييمات الدَّقيقة لأساليب التَّدريس المختلفة، وسنكون قادرين على قياس العلاقة بين استخدام بور بوينت ومستوى التَّعلُّم، سوف نكون قادرين على التَّحقيق في العشرات من العلاقات والروابط التَّعليميَّة ونقرر في النهاية ما يصلح وما لا يصلح.
لسوء الحظ، يبدو أنَّ العديد من المتطلبات الأساسيَّة للتَّعلُّم لا تنال رضا الطلاب، والعكس صحيح. وإذا استمرت الجامعات في قياس مستوى الرضا وليس التَّعلُّم؛ فإنَّنا سندور في حلقات مفرغة من توقعات المستوى الأدنى، والعمل الأسهل والتَّعلُّم القليل.[1]
اقرأ ايضاً: إطفاء الأنوار في المحاضرات ليست دائما فكرة جيدة
[1] من الجدير بالذكر أنَّ الجامعات في الخارج تقوم على مصاريف باهظة الثمن، حتَّى لا يكاد يدخلها إلا الأثرياء، فإذا لم يكن أثرياء الطلبة راضين عن التَّعلُّم؛ فلن يدفعوا، ولذلك الجامعات تقيس مستوى الرضا، بصرف النظر عمليَّة التَّعلِّم- الإشراف.
المقال ممتاز قام الكاتب بعرض كل العيوب وكل الاشياء السيئة الموجودة في استخدام البوربوينت وتجاهل اي ميزة لاستخدامه اما اذا لم تكن هنالك اي فائدة مرجوة من استخدام الpowerpoint فماهو البديل اذن ???!؟؟؟
ذكر المؤلف أن الهدف هو العمق في اكتساب المعرفة والمهارات وحل المشكلات عن طريق قراءة كتب ونحوها من الوسائل…
طيب، هذا المأمول. لكن هل يمكن في الواقع أن نصل إلى هذا الهدف دفعة واحدة ومن المرة الأولى، خاصة إذا نظرنا إلى قلة الحجم الساعي المخصص للمقاييس والدروس؟
أظن أن الجواب هو: لا يمكن.
فنقده لـ “عرض الموضوعات المعقَّدة باستخدام النقاط المختصرة، والأشكال المجرَّدة، والجداول المبالغ في تبسيطها ” يظهر لي غير صواب لكونه ضرورة في المرحلة الأولى حتى يتصور الطالب الموضوع وفروعه، فيبني في ذهنه أهم المعارف المتعلقة بالموضوع بطريقة التشجير. وفي المرحلة الثانية في حال وجودها، يمكن للأستاذ أن يتعمق مع الطلاب لأنه سيجد أرضا خصبة يمكنه البناء عليها. أما انتهاج التعمق في المرحلة الأولى، فسيزرع في قلوب الطلاب الشعور بالضعف والظن بصعوبة هذا العلم، والحقيقة خلاف هذا.
فرأيي أن “عرض الموضوعات المعقَّدة باستخدام النقاط المختصرة، والأشكال المجرَّدة، والجداول المبالغ في تبسيطها” هو ضرورة في المرحلة الأولى من التعلم.