التربية والتعليم

الذكاء الوجداني وتعليمه للطلاب والمراهقين

  • كاثرين مور
  • ترجمة: سمر بنت عبد العزيز النغيمشي
  • تحرير: أثير بنت عبد الله الغامدي

يلعب الذكاء الوجداني دورًا بالغ الأهمية في نشأة المراهقين، وتشير العديد من المعطيات إلى دوره الفعّال في مساعدتهم على تكوين العلاقات الاجتماعية والتعامل مع الضغوط والتغيّرات التي تواجههم، سواءً كنت معلمًا أم أبًا أم طالبًا ربما لاحظت مؤخرًا كثرة التطرق لهذا الموضوع في كل من الدروس والمناهج والاختبارات.

سنتطرق في هذه المقالة إلى عدد من البحوث الجادة التي تناولت أهمية الذكاء الوجداني لدى الطلاب والمراهقين وكيفية تطويره، ثم سنلقي نظرة على التطبيقات المختلفة التي ستمكّن المعلمين والطلاب والمراهقين من تحويل هذه المعرفة إلى واقع، ولأن تعلّم الذكاء الوجداني وتعليمه أمر ممكن وهام بلا شك، سنستعرض في هذا الصدد بعضًا من خطط التدريس لتعليمه.

 

محاور المقالة:

  • هل الذكاء الوجداني مهم لفئة المراهقين؟
  • العلاقة بين الذكاء الوجداني والتحصيل الدراسي
  • الذكاء الوجداني وتأثيره على الطلاب
  • دمج الذكاء الوجداني مع المناهج الدراسية
  • خطط دراسية للذكاء الوجداني
  • ماذا يعني الذكاء الوجداني للمعلمين؟
  • هل يمكن تعليم الذكاء الوجداني للبالغين؟
  • هل يمكن تعلّم الذكاء الوجداني؟
  • خمسة ألعاب للذكاء الوجداني
  • تعقيب على ما ورد في المقالة
  • المراجع

 

أولاً: هل الذكاء الوجداني مهم للمراهقين؟

 إن الذكاء الوجداني يلعب دورًا هام بحياة المراهقين، كما يشمل الذكاء الوجداني قدرة المراهقين على الخوض بالمشاعر بصورة فعّالة ومثمرة ومرنة (1).

 

ثانيًا: العلاقة بين الذكاء الوجداني والتحصيل الدراسي

إن الذكاء الوجداني يساعدنا على التحكّم بمشاعرنا السلبية وطريقة تفاعلنا بناءً عليها، مما يدفعنا إلى طرح التساؤل التالي: هل يؤثر الذكاء الوجداني بالفعل على الأداء الدراسي لدى فئة المراهقين الطلاب؟ أشارت بعض الأبحاث إلى ارتباط هذا النوع من الذكاء بالتحصيل الدراسي (2)، في حين أظهرت إحدى الدراسات التي أقيمت على طلاب التعليم الجامعي أن أداء الطالب الدراسي أثناء التقييم مرتبط بمدى فهمه لمشاعره وتقييمه لها (3)، كما أيّدت ذلك دراسة أخرى أُقيمت على طلاب بجامعة قبرص، أظهرت نتائج الدراسة بأن قراءة مستوى أداء الطالب الدراسي من خلال ربطه بذكائه الوجداني أدق من قراءته من خلال ربطه بسماته الشخصية وقدراته المعرفية. (4)

أخيرًا، تؤيد هذه المعطيات فرضيات المطوّر لمقاييس الذكاء الوجداني (روفن بار أون) الذي قال: “إن سلاسة الأداء الدراسي مرتبطة بالقدرة على وضع الأهداف الشخصية إلى جانب التفاؤل وتشجيع النفس لتحقيقها” (5)

 

 ماذا عن المراهقين تحديدًا؟

من المثير للاهتمام أن هناك معطيات أشارت إلى أن المراهقين الذين يتمتعون بذكاء وجداني قادرين على الالتحاق بالتعليم الجامعي بعد مرحلة الثانوي أكثر من غيرهم (6)

وأظهرت نتائج دراسة سبق واُجريت على (1,426) طالبًا مستجدًا بأن الطلاب الذين التحقوا بالجامعة لتفوقهم الدراسي يتمتعون بمهارات شخصية أكثر وقدرة على السيطرة على الإجهاد بالإضافة إلى تمتعهم بمهارة التكيّف، وتخلص الدراسة إلى: أن للذكاء الوجداني تأثيًرا عميقًا على قدرة الطالب على مواجهة العديد من الصعوبات مثل: تكوين علاقات اجتماعية جديدة، تعلّم العيش باستقلالية، إلى جانب العديد من العوامل الأخرى.

مما يجب ذكره هنا: برغم إشارة هذه الدراسات بالأدلة إلى منافع مهارات الذكاء العاطفي للطلاب، إلّا أنها لا تُعني الإجماع العلمي عليها، ومثل كل العلوم لايزال الباب مفتوحًا للمزيد من البحث والتقصّي.

 

ثالثًا: الذكاء الوجداني وتأثيره على الطلاب

قد تؤثر المهارات الشخصية ومهارة إدارة المشاعر بشكل جوهري وإيجابي على مواجهة الطالب لمصاعب الحياة الدراسية، مما يدفعنا للتساؤل عن كيفية مساعدتهم في تطويرها؟ وعلى الرغم من أن مساعدتهم في هذا الجانب قد تبدو معقدّة من الوهلة الأولى إلاّ أنها ليست كذلك بالفعل، فهناك العديد من الطرق التي يمكن للمعلمين اتباعها لتطوير هذه المهارات، وسنشير إلى عدة طرق ومنها:

  • الإصغاء والتفاعل

ينصح عالِم النفس وكاتب كتاب “علم التعلّم” (برادلي بوش) المعلمين إلى الإصغاء إلى قناعات الطلاب وتوجهاتهم ودوافعهم، وذلك لكونها المؤثر الأول على مثابرتهم وإصرارهم (7) كما يشجّع العديد من الخبراء على هذه الطريقة ومنهم مدرّبة الذكاء الوجداني (آن لوهر) التي تنصح بالحوار الفعّال بين الطالب والمعلم من خلال:

  • تركيز المعلم على ذاته وعلى الطالب أثناء الحوار.
  • الانتباه إلى تفاعل المعلم الصامت مع إبداء إصغائه من خلال إظهار رد الفعل المناسب لِما يدور بينهم من حديث بالإضافة إلى الانتباه إلى الجو العام بذات الوقت، تكمن أهمية هذه الطريقة بكونها أداة فعّالة لإظهار تفاعل المعلم إلى جانب توافقها مع البحوث العلمية التي تشير إلى وجود صلة بين التحفيز والإصغاء الفعّال. (8)
  • تمارين الوعي بالذات

أولًا علينا معرفة من أهم أسباب القلق هو: الحديث مع الذات بطريقة سلبية ولدينا فيض من الأدلة العلمية التي تثبت ذلك (9)

لكن ماذا نُعني بقولنا وعي ذاتي؟ هو ببساطة أن نكون متناغمين مع أحاديثنا الذاتية الداخلية، وتكمن أهمية تمارين بناء الوعي بأنها تعد الخطوة الأولى لمواجهة مثل هذه الأحاديث السلبية اللاعقلانية (10).

وتعد مساعدة الطلاب في بناء هذا الوعي وسيلة من وسائل مساعدتهم في مواجهة العديد من التحديات مثل: قلق وضغوط الاختبارات. كما يوصي (برادلي بوش) على احتفاظ الطالب بمذكرة يومية تساعده على تطوير إدراكه المعرفي من خلال مراقبته لوتيرة أفكاره وسلوكياته أو توجهاتها (11).

 

رابعًا: دمج الذكاء الوجداني مع المناهج الدراسية

بلغ موضوع ذكاء المراهقين والطلاب الوجداني من الانتشار والأهمية مبلغه، وصلت أهميته إلى اقتراح دمجه بشكل كامل مع المناهج الدراسية بدلاً عن تناوله بشكل منفصل (12).

على الرغم من عدم ذكرنا لكل الطرق التي يمكن للمدارس من خلالها أن تطور مناهجها، إلا أننا نستعرض مثال حي وهام يتجسد بمركز(ييل) للذكاء الوجداني؛ حيث يضم المركز برنامجًا للتعليم الوجداني والاجتماعي يُعرف باسم “رولر”، يهدف إلى مساعدة المدارس في عملية دمج مبادئ الذكاء الوجداني بالمناهج الدراسية وذلك من خلال تدريب وتوجيه المعلمين ودعمهم وتقديم المراجع الموثوقة المفيدة لهم، وكما يشمل البرنامج جميع المراحل الدراسية بما فيها رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية، يُظهر لنا هذا المثال الحي للحيّز الكبير لمدى اعتراف المدارس والجهات التعليمية بمنافع الذكاء الوجداني للمراهقين والطلاب.

 

خامسًا: الخطط الدراسية للذكاء الوجداني

سنقوم بثلاثة أمثلة لخطط دراسية حاولنا ربطها بالطرق المذكورة سابقًا، بالإضافة إلى تضمين بعض المهارات الاجتماعية المهمة في تعليم الذكاء الوجداني والاجتماعي، نأمل بأن تساعدك هذه الخطط على رسم خطتك المميزة في حال عزمت على ذلك.

أولًا: خطة أحاديث النفس وما مدى تأثيرها على أفكارنا ومشاعرنا وسلوكنا

تعتمد هذه الخطة الدراسية على كتاب “تعزيز الذكاء الوجداني لدى الطلاب” للأستاذ/ إلياس والأستاذ/ توبياس. حيث تهدف هذه الخطة إلى مساعدة الطلاب من الصف الخامس وحتى التاسع على فهم مدى تأثير أفكارهم على مشاعرهم وسلوكهم؛ وذلك من خلال بناء وعي الطالب عن طريق: تعزيز قدرته على إدراك اللحظات التي تتأثر فيها سلوكياته بأفكاره السلبية أو اللاعقلانية.

القسم الأول من هذه الخطة: يشرح المعلم ماهية أحاديث النفس، ويناقش حقيقة مراودتنا لأنفسنا عادًة عما نشعر به وتوضيح ما مدى تأثير هذه الأحاديث الداخلية على تصرفاتنا.

القسم الثاني من هذه الخطة: تشجيع الطلاب على مشاركة الحديث جماعيًا.

عما إذا كانت تراودهم أحاديث داخلية أحيانًا، وسؤالهم عن طبيعة هذه الأحاديث التي تراودهم هل هي أحاديث إيجابية أو سلبية؟ وطلب منهم سرد أمثلة حول طبيعة هذه الأحاديث بحالة مواجهتهم لإحدى المواقف الصعبة، وفي حال عدم مشاركتهم على المعلم أن يؤكد على حقيقة وجود هذه الأحاديث الداخلية لكننا نعجز عن إدراكها أحيانًا.

ويمكن أيضا للمعلم أن يطرح الأمثلة والحكايات لكسر حاجز الصمت أو الخجل ولمساعدة الطلاب على فهم مقصده، ومن أمثلة الأحاديث الداخلية التي يمكن للمعلم أن يطرحها: أن يقول المرء لنفسه “ستكون الأمور في صالحي أو الأمور لا تبشر بخير أو الأمر ممتع أو أكره فعل هذا”. (13)

 

القسم الثالث من هذه الخطة: التعريف بالمهارة:

هنا يشرح المعلم أن حديث النفس هو الطريقة التي نخاطب بها ذواتنا عقليًا، ويتمحور هذا الحديث عادةً حول: من نحن؟ ما الذي يمكننا تحقيقه؟ ويصِف ما مدى قوة تأثير حديث النفس على مشاعرنا وسلوكنا، واختلافه بناء على طبيعته إيجابيًا أو سلبيًا، ويشرح ويوضح أن بداية الطريق للتحكّم بمشاعرنا هي اللحظة التي نتحكم بهذا الحديث من خلال تحويله من حديث سلبي إلى إيجابي، كما يمكن للمعلم أيضًا الاستعانة بالنص الذي ورد في الكتاب والذي يقول: “لحديث نفسك قدرة على توجيه شعورك وطريقة تصرفاتك حتى لو لم تكن تدركه، قد يكون هذا الحديث سلبيًا ومؤذيًا أحيانًا مما يستوجب علينا إدراكه رغم صعوبة ذلك بسبب وجود كل هذه  المشتتات من حولنا بدايًة من الواجبات ووصولًا إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يدفعنا إلى الميل إلى جو هادئ يساهم في انسجامنا مع أحاديثنا الداخلية” (14)

على المعلم أيضًا أن يؤكد للطلاب أن تعرّضنا لمواقف سيئة أمر مُسلَّمَ به وبأنه أمر طبيعي بالنسبة لنا كبشر، وبأن الإحساس بالسوء تجاهها أمر طبيعي، ثم يوضح لهم بأن ما يجعل الأمور تؤول إلى الأسوأ هو تكرارنا لهذه الأفكار السلبية والسماح لها بالسيطرة علينا.

ومن الجيّد أن المعلم يطرح على الطلاب سؤال: كيف نستبدل حديثنا الذاتي السلبي إلى حديث إيجابي؟ إن مساهمة الطلاب بالتفكير والحصول على الإجابات المناسبة يساهم بدرجة جيدة جدًا بزيادة وعيهم تجاه هذا الأمر.

على المعلم أيضًا ألّا يتوقف عند ذلك وحسب، إنما هناك المزيد من الأفكار والخطوات من المناسب تقديمها للطلاب لتيسير الوعي الذهني لهم ومن الخطوات التي من الجيّد القيام بها:

الخطوة الأولى: أن يطلب من الطلاب أن يجلسوا في دائرة من الكراسي واضعين أقدامهم على الأرض، ثم يستفتح الجلسة بمناقشة منافع الوعي الذهني المختلفة وأنه لا يقتصر على التأمل فحسب. وينصح (كيم بالارد) مؤلف هذا التمرين بذكر ما يلي: “الوعي الذهني ليس تأملًا فحسب، بل هو تمرين للذهن حتى يكون قادرًا على رعايتنا”، بعد ذلك يشجع المعلم الطلاب على المشاركة بالتمرين مع إعطائهم فرصة للانسحاب.

الخطوة الثانية: مشاركة المعلم الطلاب المنافع الشخصية التي عادت عليه من خلال تمارين الوعي الذهني هذه مثل: أن يذكر تجربته الشخصية حول تغلبه على أفكاره ومشاعره السلبية بمساعدة إحدى تمارين تخفيف الإجهاد من خلال الوعي الذهني.

الخطوة الثالثة: على المعلم أن يؤكد ويلخص كل خطوة قبل الانتقال إلى الخطوة التالية، ذلك من خلال الطلب منهم بإغلاق أعينهم مع أخذ نفس عميق ببطء وتكراره ثلاثًا، وقبل أن الطلب منهم بالبدء بالتأمل يمكن للمعلم فعل ذلك معهم بصمت كمجموعة معًا.

الخطوة الرابعة: على كل الخطوات أن تضم كل موازنة الوقت بين شرح التعليمات ووقت تأمل الطلاب، وفي هذا السياق يقول بالارد “والآن سنركز أكثر على مجرى دخول النفس وخروجه”.

الخطوة الخامسة: بهذه الخطوة على المعلم أن يعلّق على تطبيقات الطلاب المضرّة فحسب، ويمكن أن يواجه مشكلة الضحك والعبث بالحث على التأمل والتذكير بهدف هذه الخطوة بأسلوب لطيف وهادئ.

الخطوة السادسة: يعطي المعلم رأيه عن التمرين ويطلب أيضًا رأي الطلاب، والهدف من ذلك هو توضيح مفهوم تمرين الوعي الذهني بشكل أعمق، وأن يسمح للطلاب بمشاركة آرائهم فيما بينهم فقد يكون ذلك مريحًا أكثر، مع التأكيد على إمكانية المشاركة العامة.

 الخطوة السابعة: هذه الخطوة الأخيرة والأهم، حيث يتم فتتاح حوار مع الطلاب عن مشاعرهم بعد تنفيذ التحدي، ثم الطلب منهم بأن يفكروا بأساليب أخرى كأن بإمكانهم أن يطلبوا أو يسألوا أو يعبروا بها عن أنفسهم للآخرين، وكيف سيتجاوب الآخرون معها.

 

سادسًا: ماذا يعني الذكاء الوجداني للمعلمين؟

مثلما ذكرنا سابقا أن الذكاء الوجداني يشغل حيّزا كبير يومًا بعد يوم بالمناهج الدراسية كما ورد في هذه المقالة وأن المصادر حول الذكاء الوجداني توفرت للمعلمين أكثر من ذي قبل (17)

ومع فهم حاذق للذكاء الوجداني وما يضمه ومع توفر هذه المصادر، يمكن للمعلمين الاطلاع وتطبيق الاستراتيجيات المبنية على مصادر موثوقة وغنية بالحالات التالية:

إدارة الفصول الدراسية، المراجعة في نهاية الفصول التعاونية، التعاطي مع التنمر، الاهتمام بالطلاب من خلال اختبارات القلق، رعاية الإبداع وغيرها.

 

سابعًا: هل يمكن تعليم الذكاء الوجداني للبالغين؟

بالطبع؛ يمكن تعليم الذكاء الوجداني لكل من البالغين والمراهقين، بل ويعد جزء جوهريًا في العديد من مبادرات تنمية المهارات القيادية، كما اعتُرف بمنافعه في مجال العمل بشكل واسع (18).

 

ثامنًا: هل يمكن تعلم الذكاء الوجداني؟

بالطبع؛ إن سهولة تعلمه توازي سهولة تعليمه، بل إن ثمة طرقًا لا حصر لها يمكن من خلالها تطوير مهارات الذكاء الوجداني سواًء في الحياة العامة أو الحياة العملية، وعلينا أن ننوّه بأن الذكاء الوجداني ككل المهارات ليس ثمة هناك عصا سحرية لتعلّمه، لذلك تم تضمين جزء من المقالة للحديث حول عدة العاب لتمنيته.

 

تاسعًا: ألعاب للذكاء الوجداني

يمكن تأليف ألعاب الذكاء الوجداني بناءً على مجالاته المتعددة التي يميل بعضها نحو التركيز على تطوير جوانبه الخمسة كما فعل (دانيل غولمان)، أو التركيز على نموذج (MSC) بجوانبه الأربعة.

بدايًة هناك مجموعتان من الألعاب المأخوذة من المعهد الدولي للممارسات التصالحية، تركز المجموعة الأولى على مهارة إدارة العلاقات الاجتماعية، بينما صممت المجموعة الثانية لتركز على مهارة الوعي الذاتي.

أولًا: العاب إدارة العلاقات الاجتماعية

اللعبة الأولى: تحويل التذمّر إلى طلبات

ينسكب اهتمام هذه اللعبة على طريقتنا في التعبير عن مشاكلنا للآخرين، وتدور حول الطريقة التي نختارها لنعبّر بها عن أنفسنا ومدى انعكاس ذلك على احتمالية إيجاد حل من خلال إدارة العلاقات الاجتماعية، حيث يكتب المشاركون باللعبة بعض المشكلات التي يواجهونها حاليًا، ولا فرق هنا بين مشكلة كبيرة أو صغيرة، ويعطى جميع المشاركين فرصة لاختيار مشكلة واحدة ومناقشتها مع المجموعة، ويناقش المرشد مدى تأثير طريقتنا في التعبير عن المشكلة على رغبة الآخرين في مساعدتنا على حلها، لذا فالأجدر بنا هو أن نركز على جوهر المشكلة.

ثانيًا: لُعبة الوعي بالذات

في هذا التمرين سنستخدم قائمة بالوجوه التعبيرية التي قامت بتأليفها (أديل لين) صاحبة كتاب “تمارين سريعة للذكاء العاطفي تناسب المدراء المنشغلين” أو يمكنك أن تؤلف قائمة بنفسك إن أردت، في هذا التمرين يعطي الأخصائي أو المعلم المشاركين ملصقات صغيرة ملونة يلصقها كل منهم على أحد الوجوه التعبيرية في القائمة بحسب مشاعره الحالية، ويتم تكرار النشاط خلال عدة أيام ليتسنى للمشاركين ملاحظة تغير مشاعرهم خلال مدة من الزمن، على رغم بساطة التمرين إلا أنه يهدف إلى إرشاد وتشجيع المشاركين على مناقشة مدى تأثير مشاعرهم اللحظية على رؤيتهم للأحداث والأشخاص، بالإضافة إلى قدرة مشاعرنا ومزاجنا على أن يكون معديًا لمن حولنا.

ثالثًا: لعبة قبعتي الملونة

تعد لعبة قبعتي الملونة من الألعاب الشهيرة وهي كالتالي:

يوفر المرشد، أو المعلم ما بين أربع إلى ست قبعات بألوان مختلفة، ويربط كل لون بشعور معيّن ويخبر المشاركين بذلك، بعدها يختار كل مشارك القبعة الملونة التي تتماشى مع شعوره الحالي، ثم يجلس الجميع بشكل دائري، عندها يتحدث المرشد عن أبعاد اللعبة وكونها مستمدة من فرضية إعادة البناء المعرفي، والتي تقول بأننا قادرين على إدارة مشاعرنا والتفريق بينها من حيث نفعها ومناسبتها لحالتنا.

تبدأ اللعبة بالمشاركين ذوي القبعات المرتبطة ألوانها بالمشاعر السلبية؛ فيعترفون بوجود هذه المشاعر وينحونها جانبًا، ثم ينتقل الدور إلى المشاركين ذوي القبعات المرتبطة ألوانها بالمشاعر الإيجابية؛ فيُشَجعوا على التعبير عن هذه المشاعر ومشاركة الجميع بوصفها حتى يتسنى لهم تقديرها، حين ينتهي الجميع يعود الدور مجددًا إلى القبعات المرتبطة بالمشاعر السلبية لكي نواجه الشعور السلبي الذي تمثله كل قبعة، وسنجد بطبيعة الحال طريقة مناسبة للتعامل معه، إن الهدف الأساسي من اللعبة هو إيجاد سبل نحول فيها الشعور من سلبي إلى إيجابي.

رابعًا: لعبة نتواصل بصريًا أم لا؟

شاركت الأخصائية النفسية للفنون الإبداعية (جودي تريدر وولف) لعبة رائعة على مدونتها اقتبستها من (منصة لايف ستيج للتدريب والخدمات الاستشارية) حيث تعتمد اللعبة بشكل أساسي على الارتجال كما تنبع من أساس علمي مثبت في العديد من الدراسات التطبيقية، والتي تدعم أهمية التواصل البصري في التفاعلات الاجتماعية والعاطفية. (19)

الهدف من هذه اللعبة يتفرّع إلى شقين:

  • استشعار المشارك لمدى تأثير التواصل البصري في التفاعل الصامت بين الأفراد
  • مدى تأثيره على حالتنا المشاعرية واتصالنا.

يطلب المرشد من المشاركين بأن يتخيلوا وجودهم في مكان عام؛ مطار أو معرض على سبيل المثال، ويحمل كل منهم أوراقًا لاصقة يكتب فيها مشاعره أثناء المرحلة الحالية ويقوم بتعليقها في مكان محدد مسبقًا بعد نهاية كل مرحلة.

بالمرحلة الأولى: يبدأ المشاركين بالتجول في المكان لمدة دقيقة إلى دقيقتين دون أي تواصل بصري فيما بينهم، ويكتبون أي مشاعر تطرأ عليهم أثناء ذلك ويتم تعليقها.

بالمرحلة الثانية: يتجوّل المشاركون ثانية بنفس المدة ويدونوا الملاحظات ويعلقوها، إلا أن الفرق هنا هو التواصل البصري الطفيف بحيث يشيحوا بنظرهم حال التقاء أعينهم.

بالمرحلة الثالثة: يقوم المشاركون بإعادة ما سبق مع فارق نقطة التواصل البصري، ففي هذه المرحلة على المشارك أن يتواصل بصريًا لوقت أطول، بحيث لا يشيح بنظره عن مما يتواصل معه بصريًا، ثم يسير بجانبه متفاديًا أي تواصل بصري آخر مع غيره.

أخيرًا يجتمع الجميع في دائرة مطأطئين رؤوسهم دون النظر لأحد، ويعد المرشد حتى الثلاثة؛ حينها يرفع الجميع رؤوسهم محاولين التواصل بصريًا مع أي مشارك آخر، ويتصافح المشاركَين الذين ينجحون في الاتصال بصريًا.

كنتيجة رئيسية للعبة يمكن أن نستنتج العديد من الأسئلة الحوارية بالاعتماد على الملاحظات التي عُلقت، وقد تكون الأسئلة كالآتي(20):

ما هو الشعور الذي راودك في كل مرحلة؟ وما مدى تشابه التمرين مع الواقع، ما هي مشاعرنا تجاه من يشيح بنظره عنا عوضًا عن الاتصال بصريًا؟ وما الذي يدفع الطالب أو الشخص المعني بالتواصل ليتواصل بصريًا؟

خامسًا: لعبة جاوب بذكائك الوجداني واربح

تميل هذه اللعبة لكونها تنافسية أكثر من غيرها من الألعاب إذ أنها ستحوز هذه اللعبة أكثر على إعجاب الأشخاص ذوي الطبع التنافسي، وقد صممها متجر (Play Therapy Supply) وتناسب هذه اللعبة من هم بسن الرابعة عشر وأعلى، وهي عبارة عن لعبة بطاقات يمكن لعبها بشكل تنافسي أو تعاوني، تعتمد اللعبة بشكل أساسي على الأبعاد الخمسة للذكاء الوجداني للكاتب (دانيل جولمان) وهذه الأبعاد:

* الوعي بالذات

* إدارة الوجدان

* الدافعية الذاتية

* المهارات الاجتماعية

* التفهم.

حيث تبدأ اللعبة بتسليم كل لاعب بطاقة تحتوي على رسمة دماغ مقسمة إلى أجزاء فارغة وكل جزء له رمزه الخاص، ثم يتبادل المشاركون الأسئلة والأجوبة عن طريق ست مجموعات من البطاقات، تحتوي كل مجموعة على أسئلة تتمحور حول بعد واحد من الأبعاد الخمسة، بينما تتمحور المجموعة السادسة من البطاقات حول الجوانب التعليمية أكثر.

يختار اللاعب بطاقة من أحد المجموعات ويسلمها للاعب آخر لكي يسأله عما في البطاقة، وفي حال الإجابة الصحيحة يحصل اللاعب على ملصق برمز يضعه في الجزء المخصص له على بطاقة رسمة الدماغ التي استلمها في البداية، في النهاية يفوز اللاعب الذي يملأ كل الأجزاء الفارغة في بطاقة رسمة الدماغ.

في حال شعرت بأن اللعبة شديدة المنافسة فيمكن لعبها بشكل تعاوني من خلال تعبئة اللاعبين جميعا لبطاقتين من رسمة الدماغ معًا.

 

عاشرًا: تعقيبًا على ما ورد في المقالة

لقد تناولنا في هذه المقالة الدور الذي يمثله الذكاء الوجداني لدى المراهقين وبالأخص تأثيره على حياتهم كطلاب، كما نتوقع المزيد من الاهتمام بهذا الجانب بالمستقبل القريب لكثرة العاملين فيه وبسبب الاهتمام الأكاديمي المتزايد في مجال المراهقين والطلاب، ولقد مهّدت الخطط الدراسية والبحوث العلمية والمبادرات التعليمية كبرنامج مركز ييل “رولر” الطريق للمهتمين منا بمساعدة أبنائنا وبناتنا من المراهقين في تنشئتهم، لذا يمكننا أن نقول بأن مجال الذكاء الوجداني لدى المراهقين والطلاب يبشر بمستقبل واعد!


  المراجع:

  1. Sekhri, 2017
  2. Fallahzadeh, 2011
  3. Mohzan et al., 2013
  4. Sanchez-Ruiz and colleagues (2014)
  5. Bar-On, 2005, p.14-15
  6. Parker et al., 2005
  7. Busch & Oakley, 2017
  8. Stone et al., 2009
  9. Kross et al., 2014
  10. Ciarrochi et al., 2002
  11. Tanner, 2012
  12. de Klerk & Le Roux, 2007
  13. Elias & Tobias, 2018
  14. Elias & Tobias, 2018, p.62:
  15. Elias & Tobias, 2018
  16. Charoensukmongkol, 2014; Wang & Kong, 2014; Testa & Sangganjanavanich, 2016
  17. Shoda et al., 1990
  18. Ovans, 2015
  19. Wesselmann et al., 2012; Montague et al., 2013
  20. Treder-Wolff, 2014
المصدر
positivepsychology

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى