ديفيد شارف
ترجمة: سما يوسف
تحرير: آسية بنت رياض الشمري
النقاط الرئيسة:
- تضافر عدة عوامل بيئية جديدة دفعت بالمعالجين إلى ترك المهنة.
- وصول الأطباء إلى مستويات قياسية من الإرهاق.
- النظر في بدائل للعلاج التقليدي، وتوسيع نطاق البحث ليشمل أنواعًا مختلفة من علاجات الصحة العقلية، مع أخذ العلاج الجماعي بعين الاعتبار.
- الحذر من التعامل مع الخدمات أو البرامج غير المجربة والتي لا يمكنها تقديم دليل على فعاليتها
مع اقترابنا من العام الثاني للوباء، يشعر الكثير من الناس بالإحباط بسبب عدم توفر خدمات الصحة العقلية المحلية. فالعديد من المعالجين النفسيين في شغل دائم مستمر، يعد هذا مأزقاً مروعاً لأي شخص يبحث عن العلاج بشكل عاجل.
كيف يحدث هذا النقص في القوى العاملة؟
فيما يلي بعض التأملات التي تراكمت لدي بصفتي طبيباً نفسياً ومعالجاً بخبرة خمسة عقود.
1- شركات التأمين لا تُيسّر الأمور:
قامت هذه الشركات بخفض نسب الأجور لسنوات، ومراجعة حسابات مقدمي الخدمات واسترداد الرسوم وجعل التغطية المالية للصحة النفسية أمراً شائكًا بشكلٍ عام. كما أن معظم شركات التأمين لوائحها غير كافية.
يوثق مقال نُشر مؤخراً في صحيفة الواشنطن بوست الطريقة التي تدّعي بها شركات التأمين غالباً أن لديها مزودي هذه الخدمة، ثم يُكتشف فيما بعد أنها لا تملك من يقدّم هذه الخدمات أو أنهم غير متوفرين. منها ما رُوي عن مريض أنه اتصل ب 73 طبيبًا موجودًا على لائحة شركات التأمين، ولم يكن أيٌ منهم متاحاً لشهرين على الأقل.
عندما يستحيل العثور على خدمات العلاج النفسي داخل شبكة شركات التأمين -على الرغم من أن الشركات مطالبة بامتلاك لوائح كافية لتبقى على قيد العمل بشكل قانوني- لا بد أن يخامرنا الشك، فإذا كانوا لا يساعدونك في إيجاد مقدم خدمة مؤهل داخل شبكتهم لعلاج حالتك أو حالة أطفالك، عندها عليك البحث عن شركة تأمين أخرى أو التبليغ عنهم قسم التنظيم المالي “DFR”.
2- انظر إلى الأمور من منظور المعالج:
تجاوز العديد من المعالجين -بغض النظر عن العمر أو الخبرة أو التخصص- مستويات قياسية من الإرهاق. فلو اختار طبيبك أخذ قسط من الراحة أو تقليص عدد ساعات العمل أو التقاعد مبكراً، لك أن تحزن وتندب خسارتك الوصول إليه فقد كان تحت ضغوطات كبيرة خلال السنتين الماضيتين، فإن قام معالجك بتقليل ساعات العمل أو كان من الصعب حجز موعد عنده فلا تأخذ الأمر على محمل شخصي.
3- قامت التقنية المتطورة بتغيير منظور الصحة النفسية
في أعقاب جائحة فيروس الكورونا، شوّهت البرامج التي تدّعي تقديم “العلاج عند الطلب” طبيعة العلاقة الخاصة بين الطبيب والمريض وقامت بالترسيخ لشيء يشبه “اللايف كوتش” أو الخدمة الشخصية. (كنت قد كتبت سابقا عن إضفاء الطابع المؤسساتي على العلاج النفسي والذي أعتبره غير مؤهل بل وخطير). فقد أحدثت التقنية قوى أخرى تعمل على خفض القيمة السوقية العادلة لخدمات الصحة العقلية، متفوقة على الممارسين المعتمدين الذين أصبح يُنظر إلى خبرتهم بزهد أمام وعود من الراحة والملاءمة. ومن دواعي الحكمة أن تكون مرتاباً من الشركات التي تقدم عروضاً لرعاية صحتك النفسية، فلا تُقدم عليها دون تفحص وتدقيق ودون التحقق من صحة الأبحاث أو المراجع أو الشهادات، احترس دائماً من الخدمات التي تنتقص من مكانة المعالجين أو العلاج المعتمد.
كيف تحصل على المساعدة؟
ما الذي يمكنك فعله للحصول على المساعدة التي تحتاجها إذا كان المعالج الذي تفضله يملك قائمة انتظار طويلة؟ ههنا بعض الاقتراحات التي قد تساعدك:
1- فكر في توسيع نطاق البحث:
أثناء انتظارك توفر المعالج، فكّر في العمل مع معالجين آخرين، أو ابحث خارج الشبكة المعهودة. هناك الكثير من المهنيين الأكفاء في مجالات عدة: المستشارون أو الأخصائيون الاجتماعيون أو علماء النفس (بدرجة الدكتوراه أو ما دون الدكتوراه في الطب النفسي) فهؤلاء الأشخاص مدربون تدريباً عالياً، وجميعهم أنهوا دراساتهم العليا. وبعضهم يعمل على ممارسة تدريبية خاضعة للإشراف. مع أن سنوات الخبرة ذات أهمية فإن حداثة التعليم لها دور مهم أيضاً حيث يتطلع العديد من المعالجين الجدد لأن يبدؤوا ممارستهم المهنية، ويمكنك مساعدتهم في ذلك وبذلك تحصل على المعالجة التي تحتاجها.
قد يقوم حساب المدخرات الصحية HSA وحساب النفقات المرنة FSA بتغطية نفقاتهم اذا أثبتَّ أنه لا أحد متوفر ضمن شبكة الأطباء المسجلين، مما يعني مساومة أقل مع شركات التأمين.
2 – النظر في العلاج الجماعي:
تعد البرامج الجماعية والفصول المتخصصة خياراً عظيماً لتعلم كيفية التعامل مع مشكلات الصحة العقلية. خاصة إن كانت تلك المشكلات تتفاقم عند الشعور بالوحدة. تعد البرامج الجماعية التي تقَدّم بكفاءة علاجًا جيدًا . تتاح الآن العديد من البرامج الجماعية عبر الإنترنت أثناء الجائحة الوبائية وفي أعقابها. وهذه البرامج لا تعد بديلاً دائماً عن العلاج الفردي ومزاياه لكن يمكن أن يشكل جسرًا في هذه الأثناء وقد يكون أفضل علاج لك.
3- الضغط لإحداث تغييرات شاملة:
ليس سرًا القول بأن الصحة العقلية تعاني من نقص يُرثى له مقارنةً بالخدمات الطبية الأخرى، حيث يُبخس عادةً من قيمة عمال الرعاية و يستلمون رواتب منخفضة. على ممارسي الصحة العقلية المرخصين أن يحصلوا على درجة الماجستير على الأقل، بالإضافة إلى مئات الساعات من التدريب العملي أو التعليم الإضافي كل عام. ومع ذلك، لا يُدفع لهذه الصناعة كما يُدفع لمجالات سريرية أخرى ذات التعليم والخلفيات المتشابهة.
يمكنك المساعدة من خلال الضغط على الحكومات المحلية وحكومات الولايات لإعطاء الأولوية لبرامج الصحة العقلية ضمن مجتمعك. يجب تمويل قطاع الصحة العقلية بشكل أفضل على مستوى المجتمع والولاية والمستوى الفيدرالي، وتسديد تكاليفها بشكل أفضل من قبل شركات التأمين. كما هو الحال في أي مكان آخر من اقتصادنا المتقلب، يتقاعد العديد من المعالجين نتيجة التعويضات غير الكافية.