عبد العزيز كرار العكد
اسم الكتاب: المدخل إلى منهجية البحث وفن الكتابة
اسم المؤلف: د. عبد الرحمن حللي
الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات _ بيروت، لبنان
سنة النشر: 2017م
عدد الصفحات 160 صفحة
المقدمة:
المنهج والترتيب ووضوح المسلك من أهم المعينات للوصول لأي هدف، لذا كان من دعاء المسلم في كل ركعة من صلاة فرض أو نفل تطلّب المنهجية بقوله: اهدنا الصراط المستقيم، لعلمه بمنع الاستقامة للشتاء والتيه، وهو ذات الداعي لتحنّث الأنبياء في الغارات والدور، وابتعادهم عن عشوائية النهج الإنساني وعلمهم بأنّ الوضوح درب الوصول للهداية، لذا فمن باب أولى أنْ يتخذ الباحث العلمي طريقًاواضحًا، ونهجًا سويًّا لسد ثغرٍ، ورتقِ فتق، واستظهار خفايا بحثية معينة، وهو ما أولاه الدكتور عبدالرحمن حللي مزيد تناولٍ في كتابه:(المدخل إلى منهجية البحث وفنّ الكتابة – مع تطبيقات في العلومالشرعية)، الصادر عن مركز نماء للبحوث والدراسات، في طبعته الأولى ببيروت عام 2017م ثم توالت طبعاته تنقيحًا، وتهذيبًا.
ففي هذه الصفحات اليسيرة نقدم لكم قراءة تلخيصية نركز خلالها على ملامح عامة حول الكتاب نزعم جدواها في تثوير جودة مادته، وتصلح مدخلًا لقراءته، وتعين القارئ على التدرب على فن التلخيص الذي قصده جمع من المؤلفين بالعناية والأهمية، ورحم الله الإمام النووي الذي وصف أهل العلم السر وراء تعدد مؤلفاته مع قصر عمره بجنوحه لهذا الفن، فقالوا: “كان تلخيصه تأليفًا، وتأليفهتلخيصًا“
والمؤلف بحر زاخر من التأليف، فهو باحث زائر في جامعة برلين الحرة في الأعوام 2014، 2015م، وأستاذ مشارك في الدراسات القرآنية بكلية الشريعة بجامعة حلب، وغيرها من الدور الأكاديمية والشرعية، وله إسهامات بحثية منها: سلسلة المفهومات القرآنية، حرية الاعتقاد في القرآن الكريم، حجية مذهب الصحابي، بالإضافة لعشرات البحوث والدراسات الجامعية والمحكمة والمنشورة.
عن الكتاب:
يقع الكتاب في محورين قسمهما في ستة فصول كمحور أول،وأربعة مطالب كمحور ثاني، وبينهما ملحق عن استبيان لمعايير اختيار البحوث.
الفكرة المركزية للكتاب تقديم تصور عام عن الصِنعة البحثية، وذلك بتناول البناء الأكاديمي للبحث دون التركيز على المعايير الخاصة بنوعية البحوث المختلفة سواء كانت لتحصيل درجة علمية(بكالوريوس، ماجستير، دكتوراة)، أو أوراق بحثية في مجالات نظرية أو تطبيقية، أو بحوث مراكز التفكير الاستراتيجي العسكري، السياسي، أو المهني؛ فالكتاب يقدم خارطة راسمة للباحث وما يجب عليه لزومه كحد أدنى اتفاقًا بين أهل الحقل البحثي، يضاف لذلك إشارات عامة حول ملكة الكتابة والتدوين كتوسع طفيف لواحدة من مراحل البحث نفسه.
تناول المحور الأول سبع موضوعات مهمة عن البحث العلمي:
_ أصول البحث العلمي= وبدأ الكاتب فيه بالإجابة لسؤالٍ يمثل جوهر الفلسفة البحثية، لماذا نحن بحاجة إلى مناهج البحث العلمي؟ ونحى بذلك منحى مؤطري الكتابة البحثية، إذ تتمثل الإجابة في أنّالجوانب التي يعالجها جوهر الاشتغال البحثي هي دواعي اهتمامنا بمنهجيته؛ وهذه الجوانب المقصودة بحسب تعبير المؤلفتتمثل في (العشوائية في الاختيار، كثرة البحوث وتكرارها، تفجر المعارف، تنوع وتوافر وسائل البحث العلمي، تعثر بدايات البحث العلمي والانقطاع في أثناءه).
استهلّ المؤلف هذا المطلب بحديثه حول عوالم حركة الإنسان (عالم الأشياء، الأشخاص، الأفكار) وعدّ عالم الأفكار أسماها، وعالم الأشياء أدناها، وعالم الأشخاص محط الحركة بين العالمَين، ثمعزى البحث العلمي لعالم الأفكار وبذلك عدّ أنّ الإلمام بطرائقه فرع عن عوالم الإنس الواجبة في الاشتباك الحياتي.
دوران هذا الفصل بين معنى البحث لغًة وهو الطلب والتفتيش، واصطلاحًا: (عمل منظّم يهدف إلى حل مشكلة معرفية باستقراء جميع مكوناتها التي يظن أنها أساس الإشكال)، وبهذا التعريف اكتسب البحث العلمي عناصر مهمة:
أما أنواع البحوث عند الكاتب من حيث طبيعة الخلاصات البحثية فهي:
البحث النظري: وهو تناول الباحث لمقدمات يصل من خلال معالجتها لنتيجة نظرية في مجال فكري معين.
البحث العلمي: وهو البحث المستنِد على مقدمات نظرية فيها إثبات لجوانب نظرية أخرى، أو طريقا للاستدلال له، أو اتصالابمعطيات للواقع، وأدرج تحت هذا النوع من البحوث العلمية كل من البحث العلمي التطبيقي، التجريبي، الميداني.
أما بحسب التخصص الذي ينتمي له الباحث فأقسام البحث لدى المؤلف: البحث التاريخي، الشرعي، اللغوي، القانوي إلى غير ذلك من اختصاصات الباحثين.
بسط المؤلف في هذا الفصل الكلام، والايضاح لتحديد الحاجة البحثية = أي الإشكالية التي يرنو الباحث إلى تناولها بحثًا وسبرًالأغوارها، فإشكالية البحث هي الفراغ والنقص في المعارف التي تتصل بمسألة معينة محل اهتمام الباحث لحظة بحثه، وأسئلة كلية يسجلها الباحث بُغية الإجابة عنها، وهي اتجاهان يتنازعان قضية ما يهدف الباحث إلى توفير عناء النظر إليها من عامة الناس وفك علائقها الضرورية، وتسهيل تجاوزها.
واعتنى المؤلف هنا ببحث جزئية بحثية تعتني بتخمين واستنتاج تفسيرات سابقة لنهاية البحث، تتكون من علاقة بين اتجاهين أو عنصرين، متغيرين أو أكثر يكون لها تأثير في قضية البحث وموضوعه، إثباتًا بالصحة، أو النفي، وقسم الفرضية البحثية لفرضية مباشرة كالفرضية المتجهة = أي تتجه المتغيرات محل الدراسة فيها في اتجاه واحد، كدراسة الفقر والأمية كعلاقة تتجه تجاه التأثير، وفرضية غير مباشرة أو صفرية وهي التي تحاول بحث الصلة الفاصلة بين القضايا المبحوثة.
وضح المؤلف في هذا الفصل أهم سمة بارزة وفاصلة في جودة البحث العلمي: وهي وضوح الموضوع واتصاله بالمجال الذي تفرع عنه، ومدى التزام الباحث بهذا الخط، ومُكنته في سحب ظلال المحتوى بما يخدم المجال المبحوث إضافةً، وتعديلًا، وتقويمًا أو نقدًا، ووضع معالم يجب على الباحث مراعاتها للحصول على نتائج مرجوة:
وكبوصلة معينة لهذه الانضباط أوجب على الباحث مراعاة: الثغرات البحثية للقضية المراد بحثها، الآفاق الممكنة لعمل الباحث في قضية بحثه، النماذج التطبيقية المعاصرة لبحث الكاتب ومدى جدواها
أجاب المؤلف في الفصول السابقة حول سؤالي: (ماذا؟، ولماذا؟)،البحث العلمي وحاول في هذا الفصل الإفصاح بالبيان حول تساؤل مهم وهو كيفية الوصول لمراد الباحث، واعتنى بتوضيح أهمية إجابة الباحث على طريقة معالجة القضية البحثية المعينة، وذلك بوضع جوابات للأسئلة العامة للبحث.
واستعرض عددًا من المناهج البحثية الموصلة إلى مراد الباحث،كالمنهج العقلي المتمثِل في المنهج الاستقرائي/ البنيوي/ التركيبي، والمنهج الاستدلالي/الاستنباطي/ التركيبي، أو المنهج الإجرائي كالمنهج الوصفي/الاستقرائي، أو المنهج التاريخي، أو المنهج التجريبي.
ختم المؤلف المحور الأول للكتاب بفصلين مهمين حول المعين المعرفي الذي يستقي منه معلوماته، ومعارفه، وخلاصاته البحثية، والسبل المتبعة في تحصيل مادة البحث، والأساليب الناجعة في تقوية البحث وتجويده، لأن عِظم مادة الباحث ترجع لتمكنه من الطريقة البحثية التي تستلزِم اهتمامه بمصادره عزوًا، ونقلًا، وإحالة.
يرى المؤلف أنّ طرائق استظهار المادة البحثية لا تخرج عن:
ثم ختم الكلام بالتنبيه للاستعانة بالفهارس العلمية التقليدية،والمكتبات، والفهارس الإلكترونية، ودور البحث والنشر.
نبّه المؤلف لكون خاتمة البحث هي عصارة جهد الباحث، وثمرة مسيرته البحثية المعينة، فلا بد فيها من إجمال للبحث وموضوعه، والإجابة عن إشكاليته، وتقديم نتائجه، واستظهار الأسئلة التي رافقت مسيرة الباحث حتى يستطيع القارئ ختام البحث، وقد تذكر لأي مدى يريد الباحث نقل القضية المركزية لبحثه وفقًا لخاتمته.
عرّف المؤلف فن الكتابة بأنّه النوع، والأسلوب المنتظم الذي يسهم في تجويد مادة الكاتب، وما يقدمه للناس، وتبعا لذلك صنّف الكتابة إلى أربع مراتب باعتبار ما تؤديه من وظائف الكلام وهي:
وجعل لهذه الكتابة أركان وهي: المعلومات والمعاني، والألفاظ، والتراكيب والصياغة.
ولتجويد فن الكتابة دعا إلى: تنمية المعلومات والمعارف، والقراءة وسعة الاطلاع، وتنويع وسائل المعرفة، وتنظيم عملية الكتابة والتدوين.