عام

العمل من المنزل بوجود الأطفال عبء لا يطاق، إليك الطريقة لتخفيف هذا العبء

  • شيريل ويشهوفر
  • ترجمة: أشجان عزيز
  • تحرير: معاذ محمد إقبال

“اليوم تناولت نصف قرص “زاناكس”[1] لتخفيف الحمل على أعصابي، ألا يدل ذلك على شيء؟”

هذا ما كتبته إحدى الأمهات على مجموعة لتربية الأطفال على Facebook عند مناقشة موضوع كيفية تغلب الآباء العاملين على أعباء تربية أطفالهم وتعليمهم مع الاستمرار في تأدية مهام وظائفهم.

منذ ما يقارب  أسبوعين، أُجبرت العائلات في جميع أنحاء البلاد على هذا الوضع؛ حيث أغلقت المكاتب والمدارس ودخلت الأوامر الصارمة المتزايدة حيز التنفيذ في محاولة لمنع انتشار فيروس كورورنا كوفيد-١٩، يبدو الوضع مزريًا بالنسبة للوالدين اللذين يعملان من المنزل، ويزداد الأمر صعوبة على الأسر التي لا تملك مساعدين وخادمين؛ ومن لديهم أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ والأسر التي تعاني من التشرد؛ والآباء الذين يضطرون للعمل خارج المنزل. أضف إلى هذا المخاوف المالية؛ ونقص التكنولوجيا المناسبة للتعلم عن بعد؛ والتحديات اللوجستية مثل التسوق من البقالة، وإدارة الوقت في الخارج أثناء التباعد الاجتماعي، كل هذا  يشعرك بالشلل التام.

تشافي ليبر، مراسلة سابقة في Vox وتعمل الآن في Business of Fashion، لديها ابن يبلغ من العمر عامين، تقول إن ساعات عملها قد اضطربت بالكامل؛ زوجها أخصائي علاج وظيفي ويغادر المنزل للعمل، بالرغم من أن ساعات عمله قد قلت، أثناء حديثها بالهاتف مع زملائها في العمل  صباحا؛ أفرغ ابنها كيس الدقيق كاملا على الأرض وعلى ملابسه، تقول ليبر: “بين الساعة ٩:٠٠ و٢:٣٠ لم أنجز أي شيء”.

ومن جهة أخرى، فالأمر أصعب مع المراهقين، حيث حصل بعضهم على بعض الاستقلال لأول مرة، وهم الآن يقضون وقتهم بالمنزل مع أشخاص لا يريدون قضاء الوقت معهم(والديهم). لدي مراهقان مستاءان من البقاء في المنزل، ويفتقدان أصدقاءهما وأنشطتهما، كما ألغي اختبار SAT للصف الحادي عشر الذي كان ابني يستعد له منذ أشهر، إنهما الآن يمضيان ساعات على الإنترنت أكثر من أي وقت مضى.

لتحمُّل هذا الوضع قدر الإمكان، فإن التواصل مع الشركاء وأرباب العمل؛ ووضع توقعات واقعية؛ والتسليم بأن قضاء المزيد من الوقت أمام الشاشات (تلفاز أو هاتف) أمر لا مفر منه = سيساعد في تخفيف العبء قليلاً. يقول ديف أندرسون – أخصائي علم النفس الإكلينيكي والمدير الأقدم للبرامج الوطنية والتواصل في معهد Child Mind- :(بالنسبة لمعظم الآباء يُعتبر الواقع الآن بمثابة إعادة تشكيل لحياتهم، نحن غير قادرين على القيام بنفس الأشياء في العمل أو رعاية أطفالنا كما كان سابقا)، (أول شيء نتحدث عنه مع الآباء هو أن ينزلوا بسقف توقعاتهم، ويتوقفوا عن طلب الكمال، وأن ينظروا لأنفسهم بواقعية أكبر)، وبعبارة أخرى: ارفق بنفسك، فإنك مطالب بأداء وظيفتين بدوام كامل!

لا تتوقع أن تعمل بطاقتك المعتادة

يقول أندرسون: (خذ اليوم قائمة مهامك اليومية ومزقها إلى النصف، ثم مزقها إلى النصف مرة أخرى).

سيكون الجميع أقل إنتاجية خلال هذا الوقت، ومن الضروري أن تكون استباقيًا مع أرباب العمل وزملاء العمل وتضع توقعات حقيقية حول ما يمكنك القيام به لمنع سوء الفهم.

أولاً: اكتشف ما هي ساعات العمل المثلى لك، ومتى تكون متاحًا وأكثر تركيزا، ومقدار ما يمكنك إنجازه، ثم قم بجدولة مكالمة فيديو مع رئيسك في العمل؛ كما يقول جيمي كلاين – الرئيس التنفيذي لشركة Inspire Human Resources- ويضيف: (لا يزال الدماغ البشري يأخذ الكثير من المعلومات عن طريق الإيماءات غير اللفظية، ولا نفعل ذلك فقط بمجرد تحديد طبقات الصوت، وإنما برؤية كيفية تلقي المدير لهذه المعلومات أيضا، وهذا أمر في غاية الأهمية).

يضيف كلاين أيضا أنه يجب أن تكون مسلحا بخيارات مرنة تقدمها لرؤسائك ليمكنهم الاستجابة لها وتعديلها؛ كاقتراحات للمناوبات؛ أو تعديلات لأوقات الاجتماعات (ومن المثير للاهتمام أن تقديم الخيارات هو أيضًا طريقة يقترحها المربون لجعل الأطفال الصغار يمتثلون للطلبات).

ولسوء الحظ ، فمن المحتمل أن تكون ساعات العمل غير المعتادة أمرًا محتومًا. تقوم (ليبر) بمعظم عملها بعد الساعة 2:30 حتى موعد العشاء، ثم من الساعة 8 إلى 11 مساءً.

تعمل (آن فيجدل) في الأوساط الأكاديمية في مدينة نيويورك، وزوجها مهندس برمجيات، ولديهما ابن يبلغ من العمر عامين، وهي حامل في شهرها السابع، عادة ما يكون ابنها في الرعاية النهارية لمدة ثماني ساعات، ولكن الآن اجتمع الثلاثة في المنزل معًا، وقت عملها الأساسي يبدأ عندما يغفو ابنها، ثم تستأنف عدة ساعات في المساء، وحسب تقديرها أنها فقط تنجز من (40 إلى 50 %) من مهام عملها المعتاد، لأن مديرها في العمل يتفهم الأمر حتى الآن، وتقول: (عندما يغفو ابني أقول في نفسي: هل يمكنني أن آخذ قيلولة أيضًا؟ يا لها من فكرة مضحكة!)

ومع ذلك يوصي أندرسون الوالدين اللذين يعملان معا في المنزل بالتخطيط للعمل بالتناوب فيما بينهما إذا أمكن ذلك، خاصة إذا كان هناك أطفال صغار يحتاجون إلى المزيد من الاهتمام، وذلك بتقسيم الوقت إلى ساعتي عمل؛ أو أربع ساعات لكل واحد منهما، ليضمنا أن لدى كل واحد منهما وقتا مخصصا للتركيز في العمل، ولكن حتى في تلك اللحظات؛ كن على استعداد للمساعدة إذا ساءت الأمور، خاصة إذا كان هناك العديد من الأطفال.

يوصي أندرسون بوضع خمسة أهداف كحد أقصى في اليوم؛ هدف أو هدفان يحتاجان إنجازهما في العمل، و هدف أو هدفان تريدان أن ينجزهما أطفالك، ونشاط عائلي أو مع شريكك، حتى لو كان ذلك بالجلوس معا على الأريكة ومشاهدة التلفاز لمدة 30 دقيقة، لا تتوقع أو تحاول فعل المزيد، لأنك ستشعر بالإحباط والضغوط.

تقول (ألكسندرا مايزلر – أم لطفلين في عمر 3 و 5 سنوات) – مؤسسة مجموعة (Thinking Caps Group) على البريد الالكتروني – : (لقد اعتدت على إنجاز الكثير، وعندما بدأ هذا الأمر لم أغير من طريقتي، الآن أمنح نفسي يومين لإنجاز ما أود القيام به في يوم واحد مهنيًا وشخصيًا وغير ذلك).

وتضيف مايزلر: (التواصل والتنسيق المسبق بين الشركاء يمكن أن يمنع الشجار والضغط أثناء اليوم، فبالرغم من أنني أقوم بمعظم الرعاية والتعليم المنزلي مع الأطفال؛ إلا أنني وزوجي نراجع جداولنا كل مساء، ونعمل ساعة أو ساعتين إضافيتين إن كان هناك واجب تبقى خلال ساعات العمل العادية، فالتنسيق والتواصل في وقت مبكر يحافظ على الهدوء أثناء اليوم).

التعلم عن بعد: تحدي لجميع الفئات العمرية.

يقول أندرسون: (لست معلمًا ما لم تخطط لتدريس طفلك في المنزل، إذ لا توجد طريقة للتأقلم مع هذا الأمر)، ويضيف: (نحن نشهد التعاطف من المدارس حيث يقولون “نحن نعلم أنك لن تنجز كل شيء، ونعلم أنه لا يمكنهم إكمال نفس المنهج الدراسي كما لو كانوا في فصولهم الدراسية”)، ويوصي الوالدين بأن يتواصلوا مع مدارس أطفالهم لمعرفة الأشياء الأكثر أولوية؛ والتي يجب أن يتم إنجازها خلال اليوم؟.

يمكن القول إن الرضع والأطفال يحتاجون إلى أقصى قدر من الرعاية والاهتمام، ولكن جميع الفئات العمرية لها  تحدياتها خاصة مع الآباء العاملين .

تقول (فيجدل) إنها ذهبت إلى متجر “dollar” المحلي واشترت الكثير من الألعاب والأشياء الرخيصة، وكان الشريط الملون الأكثر استخداما في منزلها، لقد استخدمته لعمل “طرق” داخل المنزل حتى يتسنى لابنها قيادة شاحناته عليها. تقول (ليبر) إن آلة kazoo بـ٤ دولار؛ والخبز اليومي يبقيان طفلها سعيدًا، وكلاهما استفاد من البقاء في المنزل لتدريب ابنها على الحمام. تقول: “نحن لن نخرج إلى أي مكان، ولدي الآن الوقت والصبر” وتضيف (ليبر): ” أتساءل عما إذا كنت أعذب نفسي أو إذا كانت فكرة جيدة”.

بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، تختلف المدارس بشكل كبير في كيفية تعاملهم مع التعليم عن بعد، من الفصول الدراسية الرسمية عبر الإنترنت إلى إرسال حزمة العمل إلى المنزل، بغض النظر عن حجم العمل، فإن إعطاء جدول بسيط يمكن أن يكون مفيدًا للأطفال والآباء على حد سواء، فكثير من الأطفال معتادون على يوم دراسي منظم.

“الشيء الأكثر أهمية هو أن الأطفال يحتاجون إلى نوع ما من النظام، أياً كان شكل هذا الروتين والنظام لتلك الأسرة، هذا هو الأكثر أهمية”؛ هذا ما قالته جينيفر كوين، وهي أمينة مكتبة مدرسية؛ ومدرسة مدرسة ابتدائية سابقة مقرها في شمال نيويورك، ولديها طفلان تتراوح أعمارهما بين 9 و 10 سنوات؛ أحدهما كفيف، في وقت ما كانت تعطي حاسوبها المحمول مع ابنتها، التي كانت تحضر فصولا دراسية على تطبيق Zoom.

تقول (كوين) إنه بالنسبة للأطفال الأكبر من 7 سنوات؛ يمكن أن تكون قائمة  المهام التي يمكنهم إكمالها أداة جيدة. إنها تدمج مفاهيم مثل “وقت الاختيار” الذي يعرفونه من المدرسة في المنزل، هذا يعني أنهم يذهبون إلى الطابق السفلي ويلعبون بأي شيء (نشاط غير اللعب على الهاتف)؛ أو عمل أي شيء يريدون القيام به هناك؛ وبمجرد اكتمال القائمة المرجعية، تتيح لأطفالها القيام بنشاط مكافأة، مثل ألعاب الفيديو.

توصي (كوين) بأن تبحث العائلات عن مصادر عبر الإنترنت تتناغم مع اهتمامات أطفالهم، كما توصي بالتواصل مع أمين المكتبة، الذي يمكنه توجيه العائلات إلى مصادر محددة ذات صلة باهتماماتهم.

للعائلات الباحثات عن الكتب، هناك برنامج “تطبيق للكتب” يدعى Epic، والذي تطلق عليه كوين اسم “Netflix للكتب”، إذا تلقيت دعوة من مدرس أو أمين مكتبة، فستحصل على وصول مجاني إلى الكتب الإلكترونية e-books والكتب المسموعة audiobooks. ( لا توصي كوين  بعروض Audible المجانية، مشيرة إلى أن العناوين محدودة). ولدى Scribd برنامج مشابه، كما توصي بمتابعة المؤلفين المفضلين على تويتر، حيث يقوم الكثير منهم هناك بالأنشطة اليومية أو الأسبوعية .

لنكن صريحين: من المحتمل أن يتضمن وقت الفراغ الكثير من الجلوس أمام الشاشات .

ولنكن صريحين أن معظم أطفالنا- بغض النظر عن العمر- سيقضون على الأرجح مزيدًا من الوقت أمام الشاشات، وإن ترك طفلك الصغير أو في عمر الروضة أمام كارتون على Netflix ؛ أو لعبة على جهاز الآيباد فقط لتقضي 45 دقيقة من العمل= ليس نهاية العالم، خاصة خلال هذا الوقت العصيب لنا جميعًا.

بالنسبة للمراهقين، قد لا تكون المعركة الأكبر هي مهامهم المدرسية وإنما حياتهم الاجتماعية، ففي فترة ما قبل كورونا كانت أكبر معاركي مع ولداي المراهقين هو مقدار الوقت الذي يقضيانه على الإنترنت، الآن أنا ممتنة لأن لديهما التكنولوجيا، أسمعهم يلعبون ألعاب الفيديو ويتحدثون ويضحكون مع الأصدقاء على منصة Discord وغيرها من المنصات الأخرى. يقوم ابني الأكبر بإجراء مكالمات FaceTime مع أصدقائه في الطابق السفلي.

يقول أندرسون: (إن الشيء الأساسي في تجربة المراهقين هو حياتهم الاجتماعية)، ويقول إن بعض العائلات التي يعمل معها سمحت للمراهقين بالخروج في جماعات والحفاظ على مسافة التباعد الاجتماعية الآمنة؛ أو الاجتماع في أروقة المباني السكنية مع الحفاظ على المسافة الآمنة ستة أقدام.

ما نحن فيه الآن هو أمر جديد تماما على العائلات، ويوصي أندرسون بتواصل الآباء مع الأصدقاء الذين بإمكانهم دعمهم.

عموما، امنح نفسك فترة راحة، كما يقول: “أربِع على نفسك، واعلم أنه لا أحد لديه خبرة في التعامل مع الظروف التي يواجهها العديد من الآباء حاليًا، ارفق بنفسك وتقبل تقصيرك، وقل “سأحصل على قسط من النوم وأستيقظ صباح الغد وأقوم بذلك بشكل أفضل، ليس المطلوب أن تكون مثاليًا، فقط كن جيدًا بقدر ما تستطيع”.


[1] – مهدىء للأعصاب، ولعلاج اضطرابات الهلع، واضطراب القلق الاجتماعي أو اضطراب القلق العام، كما يوصف أحيانا لعلاج أعراض اضطرابات النوم والأرق.

المصدر
vox

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى