عام

لِمَاذا يجب وضع أسماء المترجمين على أغلفة الكتب؟

  • جينفر كرفت
  • ترجمة: أسماء بنت نشمي الشمري
  • تحرير : أحمد بن نصر

يتجنب الناشرون تسليط الضوء على من انتقوا كلماتهم بعناية فائقة وقدّموها للقرّاء؛ ويُعدُّ غياب الشفافية أمراً مضللًا وجائرًا.

محجوبٌ عن الأنظار/ ممنوعٌ من العرض … خطّاطٌ يمسك بواحدة من أوائل الترجمات الصينية لروبرت برنس. تصوير: ديفيد شيسكن/ جامعة ادنبرة

من منَّا لا يحب اقتباسًا بليغًا يتضمن محاربي النينجا؟

هُناك دُعابةٌ ذاع صيتها:”المترجمون كمحاربي النينجا، لا تَلحَظُهُم إلا عند وجود الأخطاء”؛ ونُسِب هذا الاقتباس للمؤلف اليهودي إِتِغَر كِرِت (Etgar Keret). ومن أكثر الأفكار سُمِّيَّةً وخطورةً في الأدب العالمي هي احتمالية قيام المترجم الأدبي -في أي لحظة- بهجومٍ مفاجئٍ لخداع القارئ وكأنه جزءٌ من مؤامرةِ مرتَزَقَةٍ محكمةٍ.

كما تكمن واقعية الانتشار العالمي للنصوص في أن الأمر عائدٌ لمترجميها -في السياقات الجديدة- لاختيار جميع الكلمات التي سيدرجونها.  وستلاحظ الثراء اللغوي في الرواية الحائزة على جائزة نوبل “رحّالة” للمؤلفة اوُلْغَا تُوكَارتشوك (Olga Tokarczuk)، فالمترجمون ليسوا كمحاربي النينجا بَيْدَ أنَّ الكلمات بشريّة/إنسانيّة؛ أي أنها فريدة وليس لها نظيرٌ مباشر.

وبإمكانك النظر في الكلمة الإنجليزية “cool” و “chilly”، فرغم تشابههما إلا أنهما ليستا متطابقتين. وكلمتا “Frosty ” و “frigid” اللتان تحملان دلالاتٍ مختلفة ولهما استخداماتٍ عدّة. وحيث إنَّ انتقاءَ واحدةٍ من هذه الخيارات بمفردها لا يبدو منطقيًّا؛ فمن الضروري أن يتوازن كامل النص، بِجُمَلِهِ وفقراته، حيث أن المترجم هو من يتولى المسؤولية -منذ بدايتها حتى آخرها- لبناء منظومة لغوية  مزدهرة مستقلةً بذاتها وترتبط بالنموذج ارتباطًا وثيقًا.

 وقد حدثت تغييرات إيجابية عدة في الطريقة التي يُكافأ و يُرى بها المترجمون مُذ بدأت بدراسة الماجستير قبل عشرين عامًا في الترجمة الأدبية في جامعة آيوا – كلية الفنون الجميلة. ولنأخذ جائزة البوكر العالمية كمثال فقد وُزِّعت الجائزة السخيَّةُ التي تقدّر بـ 50000 جنيهًا إسترلينيًّا مناصفةً بين المؤلف والمترجم. والاعتراف الحقيقي بالعمل ككيان تعاونيّ -كالإنجاب- يحتاج إلى طرفين.

ولا يزال هناك مجال واسع للتحسين بالرغم من هذا التقدم الاستثنائي، رغم أن المترجمين لا يحصلون في كثير من الأحيان على أية عوائد -لم أحصل على مقابلٍ نظير ترجمتي رواية “رحّالة”- إلا أن عددًا كبيراً من الناشرين لا ينسبون الفضل إلى المترجمين على الأغلفة التي تتضمن أسماءهم وعناوين كتبهم. وقد يتفاجأ البعض عندما أذكر هذا ولكن ألقِ نظرةً أخرى على جائزة البوكر الدولية وستفهم مرادي.

فمنذُ إطلاق الجائزة المعاد تصميمها عام  2016م لم يعرض أصحاب الأعمال الروائية الستة الفائزة أسماء المترجمين على الواجهة. فلم تذكر جرانتا (Granta) اسم ديبورا سميث (Deporah Smith) ولم يُسمِّ جوناثن كيب (Jonathan Cape)  اسم جيسيكا كوهين (Jessica Cohen) ولم يذكر فيتزكارالدو  (Fitzcarraldo) اسمي. كما لم تسمّ “ساندستون” (Sandstone) للصحافة اسم ماريلين بوث (Marilyn Booth) ولم يُسمِّ (Faber & Faber) اسم مايكل هتشيزن (Michael Hutchison) . وفي رواية ديفيد ديوب David Diop) ) الفائزة عام 2021م “في الليل كلّ الدماء سوداء” لم يذكر المؤلف اسم آنا موشوفاكيس (Anna Moschovakis)  بالرغم من أن غلاف الكتاب – الذي ترجمته آنا كلمةً كلمة – يحوي اقتباساتٍ عدة مع ذكر مصادرها. لكن إدراج اسمها سيبدو مبالغاً فيه.

ويبدو أن الافتراض الأساسي لدى العديد من الناشرين هو أن القراء لا يثقون بالمترجمين ولن يبتاعوا كتابا إذا أدركوا أنه مترجم. ولكن أليس هذا النوع من الحيلة هو الذي يولد عدم الثقة وليس الترجمة نفسها؟ ومما يشجع القارئ لاقتناء كتاب غير مألوف هو ذاك الشعور المثير بأنهم على وشك البدء برحلة مثيرة للاهتمام مع دليل ملائم. وفيما يتعلق بالترجمات فهم سيحصلون على دليلين بسعر دليلٍ واحد. يا لها من صفقة مذهلة و”مدهشة” و”رائعة” و”عظيمة” و “خلّابة”.

كما أننا بحاجة ماسة إلى المزيد من الشفافية على كل مستوى من مستويات الإنتاج الأدبي؛ هذا مجرد مثال واحد بالرغم من شعوري بأنه مثال لحاجة ملحّة جداً. فالمترجمون ليسوا كمحاربي النينجا ولكن نحن الذين نتحكم في الطريقة التي تروى بها القصة؛ ونحن من يتحكم في القصة و نحن من يصنع ويحافظ على أسلوب الكتاب المنقول. ونحن أيضاً -بشكلٍ عام- المدافعون الموثوقون عن كتبنا ونعتني بها أفضل من أي شخص آخر. فأغلفة الكتب ببساطة لا يمكنها الاستمرارية في إخفاء هويتنا. فيالهُ من عملٍ رديء لا يحاسبنا على اختياراتنا. وفي تعتيمه المقصود فهو ممارسة غير محترمة ليس فقط بالنسبة لنا ولكن للقراء أيضاً.

المصدر
theguardian

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى