- ريبيكا راتكليف
- ترجمة: جويرية الجهني
- تحرير: سارة الحفظي
هل سلمت أطروحة الدكتوراه للتو؟ الآن هو وقت التخطيط لتخطي العقبة التالية: المناقشة.
نقدم هنا نصائح حول أفضل طرق الاستعداد لمناقشة الدكتوراه.
الانتهاء من أطروحة الدكتوراه هو إنجاز كبير- لكنه ليس نهاية الرحلة بالنسبة لطلبة الدكتوراه. فبمجرد تسليم الأطروحة ستحتاج للتجهز للعقبة التالية وهي المناقشة الشفهية.
يعتبر هذا الاختبار الشفهي فرصة للطلاب لمناقشة أطروحتهم مع من هم أكثر خبرة منهم. وهدفه الرئيسي هو التأكد من خلو الأطروحة من السرقة العلمية أو الانتحال العلمي، بالإضافة للتأكد من فهم الطلاب لأطروحتهم وقدرتهم على شرحها وتوضيح ما فيها. تحتوي المناقشة على أسئلة تفصيلية ودقيقة، أشبه ما تكون إلى مناظرة عالية المستوى والتعقيد، وقد يعد الكثير من الطلاب هذه المناقشة مناظرة معقدة ومرعبة.
كيف يستطيع طلاب الدكتوراه الاستعداد؟ حاولنا الإجابة عن هذا السؤال من خلال تجميع أهم النصائح من بعض الأكاديميين والمجتازين لاختبار المناقشة.
الاستعداد للمناقشة
- تحقق من سياسات جامعتك وممارساتها.
سياسات المناقشة وممارساتها تختلف من جامعة لأخرى. لذلك حاول أن تعرف من سيحضر في مناقشتك (على سبيل المثال هل سيحضر مشرفك، أو هل سيكون هناك حضور مستقلون؟) وماذا سيكون دورهم.
- أعد قراءة أطروحتك وابقَ على اطلاع دائم بالأبحاث التي في نفس مجال أطروحتك.
لا تستخف بالوقت الذي سيستغرقه الممتحنين في قراءة أطروحتك والتمعن فيها، وعلى الرغم من ذلك يجب عليك تذكر أنك ستبقى الخبير في هذا الموضوع بالتحديد. إذا كان هناك أي أوراق علمية جديدة لم تطلع عليها منذ تسليمك لأطروحتك فاحرص على قراءتها قبل المناقشة.
- يميل الممتحنون إلى طرح أسئلة متعلقة بمجالاتهم وخبراتهم.
ستكون المناقشة مع خبراء في نفس مجالك وخبراء في مجالات أخرى. الخبراء في نفس مجالك ستكون أسئلتهم إما في مجال مرتبط أو متعلق مباشرة بمجالك. أما الخبراء من مجالات أخرى فسيميلون غالبا إلى التدقيق وطرح أسئلة أكثر في المناقشة، لذلك من المهم أن يكون لديك معرفة بمقالاتهم وأوراقهم العلمية المنشورة، خصوصًا تلك المتعلقة بأطروحتك.
- فكر بالأشياء التي من المفترض أن تدافع عنها جيدًا، والأشياء التي من الممكن أن تترك المجال فيها مفتوحًا.
عليك معرفة ما الذي يجب عليك الدفاع عنه أثناء المناقشة وما الذي يجب عليك الاستعداد لسماعه والنقاش حوله. ومن المهم الدفاع عن أصالة أطروحتك وتوزيع المعلومات فيها. وعلى أي حال لا يوجد بحث كامل، ومحاولة عرض بعض الأمور التي فعلتها بطريقة مختلفة أو أفضل من المعتاد لا يعد أمرًا خاطئًا.
- ضع قائمة بالأسئلة التي من الممكن أن يسألك إياها المناقشون، خصوصًا تلك التي تفزعك وتشعر بأنك غير مستعد لها.
اقترح عليّ شخصٌ ما عملت معه سابقًا أن أضع أكثر عشرة أسئلة كانت كابوسًا بالنسبة لي في مرحلة الدكتوراه. وقد وجدت أن هذه الفكرة ستكون مفيدة للآخرين، وبعد التفكير حاولت كتابة أكثر الأسئلة هيبة، وفي الواقع لم تعد تلك فكرة سيئة، لكنها سابقا كانت تبدو لي وكأني أواجه وحشًا.
استطعت بشكل عام التنبؤ بمعظم الأسئلة التي سُئلت عنها. ولكن كان هناك بعض الأسئلة غير المتوقعة التي كانت تتعلق بمفهوم معين أو كانت تعتمد على أوراق علمية لم أعلم عنها شيئًا قبل المناقشة.
- المناقشة ليست مثل الجلوس على الحاسب الآلي حيث تستطيع تحرير أي جملة كما تريد.
في الوقت الذي تنتهي فيه من أطروحتك ستتعرف على أطروحتك من الداخل للخارج. ومن الأمور التي لن تكون معتادًا عليها قبل المناقشة هو التحدث عن أطروحتك. فعندما كنت أستعد للمناقشة، تدربت على كيفية الإجابة على أسئلة الممتحنين. ليس لأجل تعلم كيفية الإجابة على سؤال بعينه – لأن هذا سيعمل فقط إن كنت تضمن أن المقيّم سيسألك نفس السؤال بنفس الطريقة التي تدربت عليها سابقًا– بل لتتعلم كيف تشرح وتوضح نقطة أو موضوع معين في أطروحتك. وأخيرًا المناقشة ليست مثل الجلوس على الحاسب الآلي لتحرير أي جملة كما تريد.
- اطبع نسخة ورقية من أطروحتك مثل التي لدى الممتحنين.
تأكد من وجود نسخة مطبوعة من الأطروحة لدى مشرفك ولديك (تأكد من أن الطبعة بنفس ترقيم الصفحات)، ظلل علامات التنصيص للمراجع والنقاط المهمة التي قد تود الرجوع إليها لاحقًا. إذا كان لديك خريطة مفتاحية (Key Diagram) فاحرص على طباعتها بحجم أكبر على ورقةA4 ليساعدك ذلك على الشرح والتوضيح.
من الممكن أن يطلب منك بعض الممتحنين رؤية بعض الأجزاء من بيانات التجارب أو البرامج أو أي مواد مساعدة. احتفظ بكل هذه المواد وقدمها لأي شخص بحيث يستطيع الممتحنون أو غيرهم الوصول إليها في أي وقت يودون فيه ذلك. تستطيع أن تفعل ذلك بعد تسليم الأطروحة.
أثناء المناقشة
- ابدأ بداية جيدة
أعطِ بعض الإجابات التفصيلية في الخمس عشرة دقيقة الافتتاحية، وحاول توضيح مدى معرفتك، وصف عملك وأفكاره قدر المستطاع، ليكون المقيّم أكثر راحة خلال المناقشة. فإذا كانت إجاباتك الأولى قصيرة وغير واضحة، ولا تبين مدى معرفتك، فهذا سيزيد من التساؤلات لدى المقيمين وسيصعب عليك اختبارك وتنفيذ النصيحة السابقة سيساعدك لتجنب ذلك.
- استعد لكسر الجليد
دائما ما تبتدأ المناقشة بحاجز جليدي والذي من المفترض أن يقتحمه الطلاب بلطف، فوجود ذلك الحاجز الجليدي غالبا ما يكون هو السبب الذي يضع الطلاب في مأزق كبير. فهذا يعتبر شيء أساسي في المناقشة ولكن غالبًا يهمله معظم الطلاب. حل هذه المشكلة غالبًا ما يأخذ من 5 إلى 10 دقائق بإعطاء مقدمة عن عملك وأهم نتائجه. فهذا سؤال اعتيادي وعدم التجهز له سيكون سخيفًا.
- الصمت لا يعتبر علامة سيئة
لا تفترض أنك ستُعطي أي إشارات جيدة عن نتائج المناقشة منذ البداية. فالممتحنون في هذه المرحلة قد يعطون تعليقات على الأطروحة وقد لا يفعلون شيئا، ويجب على المرشحين ألا يعتبروا ذلك كإشارة سلبية تدل على فشلهم أو عدم نجاحهم. أيضًا هناك سياسات في بعض الجامعات تمنع ذلك.
- لا تشر إلى نقاط ضعفك
تجنب انتقاد نفسك والتواضع أكثر من اللازم بأن تشير إلى نقاط الضعف في أطروحتك كأن تقول: “أنا لا أظن أن الطريقة التي نفذت بها كذا أو كذا ستكون شيء مقبول في أي بحث علمي” أو أن تخبرهم عما فشلت في تنفيذه أو لم تستطع تنفيذه بطريقة جيدة إلخ. اترك تلك الأشياء ليكتشفها الممتحنين أثناء قراءتهم لأطروحتك فهم لا يحتاجون لمساعدتك في ذلك.
- لا تتحدث مثل السياسيين
مثلما أن قلة الاستعداد قد تشكل خطرًا عليك فالاستعداد أكثر من اللازم أيضا سيشكل خطرًا عليك. لا تحاول الإجابة عن أسئلة الممتحنين كشخص يحفظ الأجوبة عن ظهر قلب – فهذا سيجعلك أقل عفوية وسيكون ذلك واضحًا بالنسبة لهم. فالطلاب الذي يستعدون للإجابات مسبقا يبدون وكأنهم سياسيون عند تحدثهم، فهم يجيبون على الأسئلة التي لم يُسألوا عنها بدل الإجابة على الأسئلة التي سُئلوا عنها. فقد حضرت العديد من المناقشات وتعرفت على وجهات نظر مختلفة. فبعض الأشخاص يحبون ذلك -ولا يستطيعون التحكم بأعصابهم- لكن في أوقات أخرى يقلل ذلك من العفوية ويسرق حيويتك أو حماسك.
- من الممكن أن تحتاج إلى الانتقال من الأسئلة الودودة إلى المناقشة المعقدة.
من الممكن أن تبدأ المناقشة بودية وتصبح فجأة أكثر تعقيدًا. فاللغة المستخدمة يجب أن تكون بين لغة طبيعية مفهومة للجميع ولغة متخصصة جدا. والطلاب يجب أن يتعلموا الانتقال بين تلك اللغتين بسلاسة.
- إذا أصبحت تشعر بضغط كبير، فاستخدم ذلك كعذر للنظر في أطروحتك.
تأكد قبل حضور المناقشة من حصولك على قسط كافي من النوم، والأكل جيدًا والاسترخاء. لو تأزم الوضع وصار صعبًا عليك فاستخدم ذلك كعذر لإلقاء نظرة على أطروحتك. تستطيع أيضا أن تتوقف وتقول: “دقيقة هل أستطيع أن أسجل ذلك؟ ” حاول أن تماطل قليلًا حتى تستعيد هدوءك مرة أخرى.
- ركز على مساهماتك.
من النقاط المهمة التي سيركز عليها الممتحنون في أطروحتك هو سؤال ما الذي تساهم به أطروحتك. فمساهمات أطروحتك هي ما تجعلك ترقى لمستوى طالب الدكتوراه. تأكد من أنك تفهم ماهي مساهماتك بدقة وأنك قادر على التعبير عنها بكل وضوح ودقة.
اكتبها وناقشها مع مشرفك وزملائك الطلاب. وتأكد من أنك تستطيع ربط مساهماتك بعملك في المجال، بالإضافة إلى أنك تستطيع شرح ما الذي يميز عملك عن الآخرين.
- توقع أن تستمر المناقشة ما بين ساعة إلى ثلاث ساعات.
طلاب الدكتوراه دائما ما يتساءلون كم تدوم مدة المناقشة. من الواضح أنها تختلف من طالب لآخر. فكل تخصص له وقته. أبحاثنا تخبرنا أن معظم مناقشات الدكتوراه في العلوم الطبيعية والتطبيقية تستغرق ما بين ساعة إلى ثلاث ساعات، بينما في الفنون والعلوم الاجتماعية والإنسانية عادة ما تدوم لأقل من ساعتين. هناك ما يقارب 83% من طلاب الفنون والعلوم الاجتماعية والإنسانية الذين ينهون المناقشة خلال ساعتين أو أقل، في الجهة الأخرى 43% من طلاب العلوم الطبيعية والتطبيقية ينتهون من المناقشة في ساعتين أو أقل.
- استمتع بالمناقشة
من أفضل النصائح التي وُجهت لي هي “حاول أن تستمع بالتجربة”. قد يبدو ذلك مثيرًا للسخرية خلال وقت المناقشة لكني في الحقيقة وجدت نفسي أستمتع وأندمج في المناقشة كلما تقدمنا فيها أكثر. فهي واحدة من أفضل الفرص التي ستحصل عليها للتحدث إلى شخص لديه خبرة وعلم أكثر منك، وملم بجميع تفاصيل بحثك وأطروحتك. وهذه فرصة جيدة لاستكشاف ملامح بحثك بشكل جيد – تعامل مع الأمر بهذه الطريقة ولن تشعر بأن هذه التجربة شاقة عليك.