- إيلين آرون
- ترجمة: عزيزة ملحان
- تحرير: ريم الطيار
- مراجعة: أروى الشاهين
أنهينا توًا ورشة عمل نهاية الأسبوع للآباء، والمعلمين، ومستشاري الأطفال مفرطي الحساسية (HSCs)، وقدمت الورشة في المدينة الجامعية بسنتا كروز (Santa Cruz)، وقد أعرب الحضور عن بالغ شكرهم وتقديرهم، فقالوا إن حاجتهم كانت ماسة لمثل هذه الأطروحات، وستعاد الورشة أخرى في كريبالو (Kripalu) على الساحل الشرقي من 28 إلى 30 سبتمبر؛ لذا نرجو منكم كرمًا إبلاغ أولياء أمور الأطفال مفرطي الحساسية بذلك.
تمحور الحديث حول حاجة الأطفال مفرطي الحساسية للوقت عند انقلابهم من حال لآخر كما يحتاجون لتروِّي ذويهم معهم أيضًا، (للاستزادة انظر لاختبار الحساسية الذاتي HSP Self-Test)، ومن زاوية أخرى صرح بعض الآباء – مفرطي الحساسية منهم على وجه الخصوص-بأنه لطالما عُدّوا بطيئين ومتأخرين، وقد خيب هذا آمالهم أحيانًا كثيرة وأشعرهم أن بهم خطبًا ما، وهذا كان المحور السابق، لنلقي نظرة على التالي معًا.
الحياة ملأى بالتقلبات: فالإنسان ينقلب من النوم إلى الصحو، ومن الصحو إلى النوم، ومن الراحة إلى العمل، ومن العمل إلى الراحة، ومن الإقامة إلى السفر، ومن السفر إلى الإقامة، ومن المواظبةِ إلى الترك، ومن الترك إلى المواظبة. اعتدت ضبط منبه يرن كل نصف ساعة حتى أغير من وضعية جلوسي على الحاسوب، ولكني كثيرًا ما كنت أدعه يرن مرارًا وتكرارًا دون أن أقوم، فأسررت في نفسي مازحًة ذات مرة أني لربما أحتاج إلى كرسي قاذف حتى أنصاع!
وللأكثرية الكاثرة من التقلبات أجلٌ ومنتهى: تتحرك وتعمل؛ لأن هناك أجلاً يجب أن تبلغه، أو مكانًا يجب أن تكون فيه، أو قرارًا ينتظرُ الآخرون اتخاذك له، أو استراحة خططت لها قبل أن تعاود العمل من جديد، هل تفتقد أوقات سكونك وفراغك لأنك لا تتوقف أبدًا عن العمل عندما يتعين عليك ذلك؟
يكره معظم مفرطي الحساسية التأخير، وهذا ما يحيل بطئهم إما إلى عجلةٍ، أو عمل متواصل دونما توقف، وفي بعض الحالات تسويف، ما أسباب هذا البطء يا ترى؟ دعونا نتعرف معًا على أبرز صفات هذه الفئةِ من الناس.
ما الذي يبطئنا؟
- عمق المعالجة (D): يدفعنا عمق المعالجة إلى الاستغراق في التفكير تخطيطًا أو تخيلًا دون ملاحظة تسرب الوقت من بين أيدينا، أو يضعنا في حالة تدفق إبداعي، ومثال ذلك: عندما نهمّ بالخروج، يجعلنا عمق المعالجة نفكر في كل ما يمكن أن يحصل معنا ونحن في الخارج، وماذا يمكن أن نحتاج، فنأخذ معنا المزيد والمزيد من الأغراض، ما يجعلنا دائمًا الشخص الذي يمتلك شيئًا نسى الجميع إحضاره، وكلما استزدنا من الأغراض تعطلنا أكثر، ما يتجلى لنا هنا أن هذا التفكير يتسارع مع قرب حلول اللحظة الأخيرة.
- الإثارة المفرطة (O): تقلل الإثارة المفرطة من كفاءة تفكيرنا، فنحتاج وقتًا أكثر للتأكد من أننا لم ننس شيئًا، قد يكون هذا الأمر فظيعًا أشد الفظاعة، فمرات يلح عليّ شعور غريب بأني نسيت شيئًا وأنا أقود مبتعدًا عن منزلي، ولو كان الأمر لي لقدت عائدًا للمنزل أو أبطلت الأمر كله، وهنا يكمن العمق اللاواعي للمعالجة.
- الانفعالات والتعاطف (E): يتنامى قلقنا حيال الأشياء التي من المحتمل أن ننساها أو نحتاجها مع تنامي شعورنا بأن الآخرين في حاجة ملحة لنا وعلينا الإسراع.
- الحساسية (S): حساسيتنا تجاه المحفزات الخفية، وتعني ملاحظة أدق الأشياء في أفعالنا، على سبيل المثال: التفكير في بعض دقائق الأمور أو إضافة فقرة أخرى على موضوع ما عند الكتابة، أو عندما نتفحص المكان قبل مغادرة المنزل لنرى إن كان هناك شيء قد نحتاجه أو يجب جلبه مثل مقرمشات أو معطف، ما يصعب الأمر أكثر هنا أننا نرى أشياء يجب فعلها قبل الخروج، كنبات يحتاج إلى السقاء أو جزء يحتاج للإصلاح في ملابسنا.
إليك بعضَ الحلول الناجعة:
- خذ وقتك: أعط نفسك وفرة من الوقت لإنجاز مهامك، أصعبٌ هو لتلك الدرجة؟ فكر كثيرًا في الأشياء قبل أن تشرع فيها ليتسنى لك أن ترتاح وتستقر، وإن لم تتلقن درسك فسيعاد عليك مرة بعد الأخرى، وتذكر أن في العجلة الندامة، قد تفوت من العجلة رحلتك، أو تضيع على نفسك فرصة للراحة والنوم، أو تحرم نفسك من قضاء بعض الوقت مع أحبابك، أو تسكب شيئًا على ثيابك وتضطر أن تبدلها، وفي بعض الأحوال قد تكون مغبة هذه العجلة أكثر من الحسرة، فالقيادة بعجل قد تودي بك، وخيرٌ من ذلك كله أن تتأنى في أمرك، وتعطي نفسك حقها من الراحة، وتنجز أمورك بكفاءة أعلى، وتضيع وقتًا أقل، اجعل قاعدتك وشعارك: العبرة بالكيف لا بالكم.
- أحسن استغلال كل دقيقة في يومك، ولا تنس أن تعد دقائق الراحة بينها، في بعض الحضارات عمرك هو عدد أنفاسك أو دقات قلبك، فإن تأنيت ستعيش أكثر، وإن تعجلت سيقصر عمرك، وهذا يجعل مقولة أن التوتر يقصر العمر مقبولة ومنطقية.
- اكتب قائمة بمهامك أو حاجياتك، ورتبها وفق الأولى فالأولى لتشعر بأنك أتممت كفاية عندما تحتاج لأخذ استراحة، وليكن لديك قائمة رئيسة للذهاب إلى العمل، أو اصطحاب الأطفال للمدرسة، أو السفر، واحفظها بصيغة ملف مفتوح حتى تتمكن من الرجوع إليها في وقت لاحق وتعديلها إن تطلب الأمر.
لدي قائمة لاحتياجات الرحلات وأخرى لما يتوجب عليّ فعله قبل الخلود إلى النوم، إنها توفر جهد محاولة تذكر الأشياء بينما ينشغل العقل بمعالجة أشياء أخرى.
- استعد في غرفة هادئة إن أمكن، للابتعاد عن المحفزات: وفي حال وجود من يحزم حقائبه يفضل أن تنتظر حتى ينتهي ثم تبدأ، استيقظ في وقت أبكر من الآخرين لتهيئة دماغك وإعداده لوضع خطة للنهار أو لسائر اليوم، ربما تحتاج ورقةً وقلما لتدون بسرعة ما تريد تذكره.
- احرص على وجود لوح كتابة، أو أي شيء يصلح للتدوين، وقلم في كل غرفة لتدون مهامك وحاجاتك فورًا عوضًا عن معاناة تذكرها فيما بعد، أو اكتب مذكراتك في جهازك الإلكتروني، ينسى الناس بمجرد أن يخرجوا من غرفة لأخرى نتيجة لإحدى استراتيجيات الدماغ التلقائية فلذلك من المفيد أن تدون أولا بأول.
- نبه نفسك باستمرار: لنفترض أنَّ لديك ثلاثين دقيقة، حدق في الساعة وفكر فيما يمكنك فعله قبل عشرين دقيقة من الانتقال لشيء آخر، ثم فكر فيما يمكنك فعله قبل عشرة دقائق، ثم خمسة وهكذا، كما تفعل مع الأطفال حين تقول لهم: ” لقد اقترب وقت النوم، عليكم أن ترتبوا ألعابكم خلال خمس دقائق”. وقلها لذاتك بنفس الأسلوب: “أنت يا مفرط الحساسية، لديك خمس دقائق فقط لتجمع أغراضك”.
عسى أن تنقلب أمورك دائمًا للأفضل بيسر واستسهال، واعلم أبدًا أن كل تحول للأحسن يستلزم منك تعنتًا وجهدا.
اقرأ ايضاً: كيفية الاستفادة من “تجزئة الوقت” لتنظيم يومك