عام

بين الماضي والحاضر: تأثير التغير المناخي أصبح أكثر وضوحًا من ذي قبل

  • مارك كينفر
  • ترجمة: أسماء سليمان
  • تحرير: عزمي مبروك

في مقالتنا الشهرية، بين الماضي والحاضر، نكشف عن بعض الطرق التي تغيّر بها كوكب الأرض كرد فعل على ارتفاع درجة حرارته. إن تقلص الجليد البحري في القطب الشمالي ليس مجرد علامة على التغير المناخي وحسب، ولكنه بدوره يساهم في زيادة حرارة الكوكب بشكل أسرع. فعندما يتقلص الجليد عن البحر، يتم امتصاص كمية أكبر من أشعة الشمس بواسطة مياه البحر بدلًا من أن تنعكس باتجاه الفضاء.

يلعب الجليد البحري للمحيط القطبي الشمالي دورًا هامًا في التحكم بدرجة حرارة الكوكب، وأي مشكلة تطرأ على منظّم الحرارة الطبيعي هذا تكون مدعاة للقلق.

تشير الأرقام الصادرة عن وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) إلى أن فقدان الحد الأدنى من جليد المتجمد الشمالي يبلغ قرابة ١٣.١٪ لكل عقد، بناءً على متوسط الفترة من عام ١٩٨١ إلى ٢٠١٠.

في عام ٢٠٠٧، ربط تقرير هام عن التغير المناخي التركيز المتنامي لغازات البيوت الخضراء في الغلاف الجوي، بسبب نشاط الانسان، بانحسار الكتلة الجليدية في المنطقة.

إن فقدان الجليد البحري في هذا العالم الذي تزداد حرارته يساهم في رفع متوسط درجات حرارة السطح. حيث أنّ للجليد البحري القدرة على عكس ٨٠٪ من أشعة الشمس إلى ناحية الفضاء، بمعنى أنها لن ترفع حرارة سطح الأرض.

ولكن عندما يذوب هذا الجليد يصبح السطح المعتم للمحيط مكشوفًا، ويمتص ٩٠٪ من أشعة الشمس القادمة. نتيجةً لذلك تزداد حرارة المنطقة.

تسمى هذه الظاهرة بتأثير البياض، وتحدث بسبب أن الأسطح الفاتحة تعكس الحرارة بشكل أكبر من الأسطح القاتمة.

 

نقطة التلاشي

يعتبر تجمد وذوبان المحيط المتجمد الشمالي حدث موسمي؛ حيث تكون ذروة التجمد في مارس وذروة الذوبان في سبتمبر.

مع ذلك، تخبرنا البيانات من الملاحظات الميدانية والأقمار الصناعية أن مساحة جليد المتجمد الشمالي تتضاءل مع ازدياد حرارة الكوكب.

وبطبيعة الحال، هذا يعني تناقص مساحة السطح القادر على عكس أشعة الشمس، لأن قدرة مياه المحيط على امتصاص الحرارة أكبر من قدرة جليد البحر الفاتح. هذا بدوره يزيد من حرارة اليابسة والمحيطات.

في نهاية الأمر، يخاف العلماء من أن زيادة مساحات اليابسة المكشوفة والتي كانت في السابق مغطاة بالثلج ستحفّز “نقطة التحول”. وهي عندما يصل الارتفاع في حرارة الغلاف الجوي إلى نقطة لن تنفع معها التدخلات البشرية لاحتوائه.

 

عالم أصغر وأشد حرارة

أثر آخر من تقلص كثافة الجليد في القطب الشمالي هو الانحسار عن الممر الشمالي الغربي البحري. يربط هذا الممر التجاري بين المحيط الأطلسي و شمال المحيط الهادي.

منذ القرن التاسع عشر الميلادي والمطالبات تتزايد بإيجاد ممر صالح للملاحة عبر مياه القطب الشمالي المتجمدة بين جرينلاند وأرخبيل القطب الشمالي الكندي.

منذ أمد بعيد والأمر لا يعدو عن كونه سعي مميت للبحارة الذين يتحدوّن هذا الطبيعة البحرية المتجمدة. مع ذلك، يقدّر بعض الخبراء من أن الممر سيصبح ذي جدوى تجارية كبيرة في المستقبل القريب كلما انحسر الجليد في أشهر الصيف.

للبعض، سيشكل هذا الأمر ثورة لقطاع الشحن البحري العالمي. بينما البعض الآخر يرى الأمر ككارثة على وشك الحدوث.

تخشى الجماعات البيئية من أن ازدياد حجم حركة الشحن عبر مياه القطب الشمالي الصافية ستدمر النظام البيئي البحري المعمر، بطيء النمو.

وأكثر ما تخشاه هذه الجماعات هو أن تتعرض سفينة ما إلى حادث مؤسف في الأجزاء البعيدة من المحيط، مسببةً تلوثًا شديدًا.

 

نقص الغذاء

أشار أحد الأدلة إلى أن ترقق الجليد البحري يؤثر على الحياة البرية، ومن ضمن ذلك تأثيره على الحيوانات المفترسة في أعلى السلسلة الغذائية كالدببة القطبية. الأمر في ذلك أن الجليد ليس قوي كفاية لتحمّل وزن الحيوانات، مما يجبرها على السباحة التي تستنزف طاقتها وتجعل اصطياد الفريسة مهمة أصعب.

إضافةً الى المجاعة، كشفت بلاغات أن الدببة القطبية أصبحت تقتحم المستوطنات البشرية في القطب الشمالي بحثًا عن الغذاء.

يثير أمر آخر قلق العلماء وهو تأثير ذوبان الجليد البحري على تيار بحري رئيس في المحيط المتجمد الشمالي – تيار بوفورت جيير.

تعتبر المياه العذبة أقل كثافة من مياه البحر المالحة. من ذلك، يذكر الباحثون من أن تدفقًا مفاجئًا من مياه المتجمد الشمالي باتجاه المحيط الأطلسي الشمالي قد يغير من قوة التيار.

يعود ذلك الى أن القوة التي تدفع المياه ناحية الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية ستضعف، بالتالي ستقل كمية المياه المدارية الدافئة التي ستنتقل من المناطق الاستوائية متجهةً إلى أوروبا الغربية.

أخيرًا، تقترح النماذج أن الانخفاض في المياه الدافئة المتجهة نحو غربي أوروبا سيؤدي إلى خفض درجات الحرارة في المنطقة. هذا التغيّر سيكون له أثره على أنماط الأحوال الجوية لنظام المناخ العالمي.

اقرأ ايضًا: مستقبل البشرية على المحك

المصدر
bbc

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى