- هيو كينيدي*
- ترجمة: أنس بن سعود الجروان.
- اسم الكتاب: (الحديث)، ضمن سلسلة (مفاهيم نقدية في الدراسات الإسلامية).
- تحرير: مصطفى شاه **
- الناشر: روتليدج.
- السنة: 2009م.
- الصفحات: 1750.
هذه مجموعة رائعة من المقالات المتعلقة بعلم الحديث. تمثل سلسلة روتليدج المعنونة بــ “المفاهيم النقدية في الدراسات الإسلامية”، بالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم خلفية عن الموضوع، مبادرة جديدة ومهمة في نشر مواد حوله. على عكس عرض المقاربات الذي كان معظمنا يألفه منذ فترة طويلة، فإن المقالات في هذه المجلدات هي إعادة طباعة بشكل كلي تماماً في شكل معروف، ويتم ترقيم كل مجلد بشكل تتابعي، وكلها تعطي تجانسا وأناقة أكبر بكثير بمجموعها. مجموع هذه المجلدات يصل إلى ما بين ثلاثة وستة مجلدات ضخمة. ومن بين المجموعات الأخرى في السلسلة التي من المرجح أن تكون ذات أهمية لطلاب الدراسات الإسلامية المبكرة مجموعة كولن تيرنر عن القرآن، وبول لوفت وكولين تيرنر عن الشيعة، ومجموعتي لويد ريدجون عن الصوفية والإسلام والتنوع الديني.
في أربع مجلدات جمع مصطفى شاه ما لا يقل عن 61 ورقة تعكس العديد من المقاربات المختلفة لهذا الموضوع. جميع الأوراق مستقاة من التقاليد الأكاديمية الغربية وكلها باللغة الإنجليزية. ويشدد المحرر على أنهم جميعاً خضعت للمراجعة من قِبل الأقران، على الرغم من أن مصطلح (مراجعة الأقران) قد لا ينطبق على بحث غولدزيهر. يكفي القول إن جميع المقالات والفصول (بعضها أجزاء مهمة مستلة من كتب ضخمة) كتبت بواسطة علماء راسخين في هذا المجال، وأعتقد أنه من الإنصاف القول إن كل واحد منهم يقدم نقاطاً مهمة. وهذه الأبحاث مرتبط مع بعضها بشكل قوي.
المواد مرتبة بحسب العنوان والموضوع، على الرغم من ذلك، كما يشير شاه، تداخل الموضوعات، وكذلك العديد من المقالات تتناول أكثر من واحد منها. ويهتم المجلد الأول بـــ “التدوين والأصالة” والمجلد الثاني بـــ “الإسناد: انتقاله، مصطلحاته، وقضية تأريخه”، والمجلد الثالث بـــ “العلماء، والمناهج، والنقد” والمجلد الرابع بـــ “السرد والسياق والمحتوى”. بالإضافة إلى “المقدمة”، هناك أيضا جدول زمني يرتب جميع المقالات حسب تاريخ النشر، بدءاً من غولدزيهر في 1889-1890 (على الرغم من أن كتاب “الحديث والسنة” نشر بالإنجليزية بترجمة ستيرن عام 1967) إلى كتاب جوناثان براون “كيف نعرف أن نقاد الحديث الأوائل نقدوا المتن؟ ولماذا يصعب جداً العثور على ذلك؟’ في عام 2008. هذه فترة زمنية طويلة، على الرغم من أنه تجدر الإشارة إلى أن مساهمة غولدزيهر هي الوحيدة التي يعود تاريخها إلى ما قبل عام 1950، والمجموعة ككل تظهر الاهتمام العلمي الكبير جداً بالدراسات الحديثية التي كانت سمة من سمات النصف الثاني من القرن العشرين، ولا تظهر أي علامات على التناقص في القرن الحالي.
يفتتح الكتاب بمقدمة طويلة من المحرر. وبالنظر إلى الثراء والتنوع في محتوى المجلدات الأربعة، فإن ملخصه هو تحفة من الوضوح والاطلاع، حيث يقدم للقارئ جميع الموضوعات الرئيسية في هذه المجموعة. وعلى وجه الخصوص، فهو يتبع تقسيم ألبرت بيرغ لعلماء الحديث إلى معسكرين منفصلين، المتشككين والمتفائلين، ويريد أن يرى كيف يندرج هؤلاء العلماء تحت هذين الصنفين.
لا يمكن أن يكون هناك شك في أن الموضوع الرئيسي في المجموعة، وفي الواقع في الأوساط العلمية بأكملها، هو مسألة التأريخ والأصالة. وتحدد الورقة الأولى منهج المجموعة. كثيرا ما يقال إن كل الفلسفة الغربية هي في الأساس حواشي على أفلاطون: ويبدو في بعض الأحيان كما لو أن جميع الدراسات الإسلامية الأكاديمية هي في الأساس حواشي على غولدزيهر. أُعيد إنتاج مقاله هنا، وهو الذي أثار فيه لأول مرة فكرة أن الحديث كما هو لدينا الآن قد وضع أساسا في القرنين الثاني هـ/الثامن م والثالث هـ/التاسع م لنشر رؤية للإسلام لا علاقة لها بإسلام في عصر النبي. وقليلون هم الذين يقبلون الآن تصوره عن الأمويين كطغاة متغطرسين وملحدين، بل إن الدراسات العلمية الأخيرة تميل إلى تعزيز سمعة عبد الملك بن مروان، من بين آخرين، كشخصية مركزية في تطوير الشريعة الإسلامية، ولكن نظرته إلى اختراع الحديث من قبل رجال متعلمين لا تزال تحظى ببعض الدعم. وعلى خطى غولدزهير يأتي، بطبيعة الحال، شاخت مع إقصائه الشامل تقريبا للتراث النبوي.
في الجانب الآخر، يضع شاه نابيا أبوت في معسكر المتفائلين، وهي من أبرز العلماء في التأريخ النصي، والذي يتم الاستهانة بعملها في بعض الأحيان، وكذلك فؤاد سيزكين ومصطفى الأعظمي، وجميعهم يؤكدون على أن الحديث كُتب في وقت مبكر. وفي الوقت نفسه، يشير شاه إلى أن النقاش قد تجاوز من نواح كثيرة هذا الاستقطاب الحاد: فعلى سبيل المثال، رأى هارالد موتسكي أن الانقسام واضح للغاية بحيث لا يعكس واقع العديد من وجهات النظر الأكثر دقة. وفي الوقت نفسه، أضاف عمل غريغور شولر المتعلق بالتفاعل المعقد بين الشفوي والمكتوب عنصرا جديدا تماما للنقاش.
واحدة من نقاط القوة العظيمة في كتاب كهذا، هي أنها تمكن الطالب أو الباحث الذي يقترب من الموضوع لأول مرة من الحصول والاطلاع على الأسئلة الكبيرة المتعلقة بهذا الفن. اختيار شاه للأوراق يعني أننا يمكن أن نرى جميع الأسماء العظيمة بشكلها المقنع، والاقتراب منهم بوضوح، دون أن يضطر القارئ لتعقب المقالات النادرة والغامضة في الدوريات التي يصعب العثور عليها. وهناك مقالات عن مواضيع يسهل تجاهلها، مثل مقال ماريبيل فييرو عن دخول الحديث إلى الأندلس. ينتقل المجلد الأخير من قضايا التأريخ والموثوقية إلى مناقشات مثيرة للاهتمام للجوانب الأدبية للروايات الحديثية، مع فصول عن الخطاب السردي والنظرية الأدبية الحديثة والأخلاق والجماليات في الحديث، والأحلام كوسائل لنقد الحديث، والتفسير النسوي للمعرفة، والمرأة والجندر في الحديث.
هذا هو اختيار ممتاز وتحرير معتنىً به من الأبحاث. ومن نواحٍ كثيرة، هو مقدمة للدراسات الحديثية أفضل بكثير من أي كتاب مدرسي آخر، لأنه يعطي فكرة شاملة عن الموضوع، وهو ليس فقط مجموعة متنوعة من الآراء القيِّمة عن موضوع التأريخ والأصالة، بل يعرض مجموعة واسعة من المقاربات المختلفة التي تكوِّن مدخلاً جيداً للقرَاء.
* هيو كينيدي: بروفيسور اللغة العربية والتاريخ في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بلندن (SOAS)، تتركز اهتماماته في تاريخ العسكرية الإسلامية، وتاريخ الخلافة وما يتعلق بها.
** مصطفى شاه: بروفيسور الدراسات الإسلامية في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بلندن (SOAS)، وتتركز اهتماماته في النصوص الإسلامية المبكرة، وتاريخ التراث اللغوي العربي، والحديث والتفسير.