- هانا فورسيث (محاضر أول في التاريخ بالجامعة الكاثوليكية الأسترالية)
- ترجمة: سمية يسري
- تحرير: خلود الحبيب
لدي اعتراف سيء أود قوله: لدي قدرة على الحفاظ على انتباهي لمدة في منتهى القصر، أتعرف تلك الورقة الأكاديمية التي قدمتَها في عشرين دقيقة في المؤتمر الذي حضرناه معا؟ تسكع ذهني هنا وهناك نصف هذه المدة.
ترى كيف يستطيع الطلاب احتمال المحاضرات التي تمتد لساعتين، لا أعرف، ربما لا يتأقلمون، بالتأكيد القليل منهم هم من يستطيعون تحمل محاضرات كهذه.
ولكن حقيقة انتشار ظاهرة ضعف حضور الطلاب في الجامعات تفترض أن العبء لا يقع على عاتق المحاضرات.
التربويون المعنيون بإدارة وتطوير الجامعات، يزعمون أن الطلاب سوف يحضرون إذا قدمنا محاضرات جيدة، ولكن من الواضح أن ذلك مبني على أبحاث قديمة لا تضع في الاعتبار الضغوط التي يتعرض لها الطلاب اليوم، كما يبدو أنها تستغل العادة المؤسسية الكبرى، التي تطالب الأكاديميين دائما باعتبار مشاكل الجامعة أخطاء مهنية وشخصية خاصة بهم.
على أي الأحوال، فإنه إذا حان الوقت لكي نعيد النظر في أمر المحاضرات -وغالبا قد حان- فإننا سنجد أن ضعف الحضور ليس سببه كونها مملة بطبيعتها.
في الواقع، يمكن للمحاضرات أن تكون ممتعة جدا، عندما أجهز لمحاضرة عن تاريخ أستراليا مثلا فأنا أضع في اعتباري أن أجهزها لطلاب أمثالي ممن لا يمكنهم الحفاظ على تركيزهم لمدة طويلة، وبجانب فصلي بين كل 15 دقيقة والتي تليها بمقاطع فيديو قصيرة، أحيانا أبدأ ال 15 دقيقة الجديدة بالتفاعل مع الفصل بأسلوب مثل طرح الأسئلة، ويجب لهذه الأسئلة أن تكون مبتكرة مثل: ” إذا كنتم سوف تستعمرون الجزء الآخر من العالم، ما الذي ستحتاجون إليه؟” من طعام ومعدات وعمال- ننطلق إلى الأفكار، الممتلكات و حكم القانون، وبتلك الطريقة أكون قد مهدت لطلبتي استقبال المعلومة التاريخية التي تقول أن أستراليا تعرضت في فترة زمنية ما لما يعرف بالاستعمار الاستيطاني.
وبعد ذلك، أحب أن أستخدم أداة من أدوات الاختبار مثل كاهوت، والتي يستطيع الطلاب استخدامها من خلال هواتفهم ليختبروا تحصيلهم لما تلقوه في المحاضرات، أو لأحصل على بعض الصور من تقييمات الطلاب، كل سؤال هو عبارة عن منطلق نستطيع من خلاله أن نكتشف المواضع الصعبة، أو الدقيقة في موضوع الدرس، هذا يعيد للمحاضرة حيويتها وللطلاب طاقتهم بجعلهم أكثر نشاطا وتفاعلا، بالإضافة إلى أنه أسلوب ممتع في حد ذاته ولو كان غريبا بعض الشيء.
ولكن، كل هذا لا يمكن تحقيقه إلا بشرطين تتزايد ندرتهم. الأول، أن يكون الطلاب جميعا في مكان واحد كالفصل مثلا. وثانيا، أن يكون لدى الأستاذ علاقة مع الطلاب تمكنه من التعرف عليهم وتعريفهم بنفسه.
دائما ما يقال لنا كأساتذة أن تسجيل المحاضرات هو رد فعل طبيعي لحقيقة أن حياة الطلاب صعبة، ولكننا عندما نبغض هذا السلوك الجديد الذي ينتهجه الطلاب فإن ذلك ليس بسبب أننا جميعا نرجسيون في حاجة ماسة إلى جمهور هائم يستمع إلينا كما نرى في التلميحات السيئة التي يقصدنا بها التربويين المعنيون بإدارة الجامعات. بل، بسبب أن حث الطلاب على المشاركة بفاعلية في المحاضرات، وهو المنهج الذي ينصحنا التربيون باتباعه لجذب الطلاب إلى الحضور، لا يتأتى من خلال سماعهم لتسجيلات المحاضرات.
في بداية الفصل الدراسي يمكن للمشاركات بين كل طالبين أن تكسر الصمت، ولكن في نهاية الفصل الدراسي أريد لكل طالب أن يتحدث إلى جميع زملائه، والأسباب بالطبع واضحة، هذا يعطي المحاضرة قوة، يجعل الطلاب يشاركون معلوماتهم، ويجعلهم ينتبهون لزملائهم المتحدثين أكثر مما ينتبهون لي.
حاجة الطلاب لاستثمار حقيقي في ذواتهم في ازدياد. كل عام، يبدون أكثر انشغالا، أكثر قلقا، وفي حاجه ماسة إلى إيجاد طريقة أفضل تحسن من قدرتهم التنافسية بين زملائهم، من الخريجين المتقدمين لسوق العمل. فهم يحتاجون أكثر من أي وقت مضى، إلى بيئة تعليم داعمة، متعاونة ونشيطة؛ لذلك فإن جعل المحاضرات مهمة فردية أخرى يشعرون فيها بالوحدة ضمن مهامهم الأخرى، التي لا تنتهي لا يلبي هذا الاحتياج بأي شكل من الأشكال.