- نشر: Exchange Family Center
- ترجمة: مودة نجم الدين
- تحرير : ثراء علي الفضلي
نشر المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض و الوقاية منها إحصائيات صادمة عن الصحة النفسية للأطفال:
- ٧.١% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ٣-١٧ سنة ( تقريبًا ٤.٤ مليون نسمة) شُخِصُوا بالقلق المرضي.
- ٣.٢% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ٣-١٧ سنة (تقريبا ١.٩ مليون نسمة) شٌخِصُوا بالاكتئاب.
- شهدت معدلات القلق المرضي والاكتئاب عبر السنين تزايدًا بين الأطفال و المراهقين.
- انعدام القيمة، والقلق من المستقبل، وقلق الانفصال، والرهاب الغير متوقع هي عوامل قد تنبثق منها بعض حالات القلق المرضي و الاكتئاب.
لماذا إذن هذا الارتفاع المستمر للقلق المرضي والاكتئاب بين الأطفال؟
على المستوى العام، شهد القلق المرضي والاكتئاب ارتفاعا ملحوظًا، والأطفال كالأسفنج، قد لا يدرك أغلب الآباء والأمهات ذلك، فامتصاصهم لمخاوفك وقلقك ونمط عاداتك سيشكل الأساس لما سيتعلمونه.
النصائح التي سترد في هذا المقال ستكون مفيدة أكثر للوالدين الذين في طور تنشئة طفل أكثر من الطفل ذات نفسه، ولا يهدف هذا المقال أن يعزز فيك الشعور بالذنب، لذا لا تؤنّب نفسك على ما قد ينعكس من عقلك دون أن تعي به حتى، و لكن إذا كان طفلك يُعاني من أحد هذه الأمراض فيجب أن تتوقف و تُفكِر، هل مشاعر طفلك هي بالأصل مرآة لمشاعرك أنت؟
أعراض القلق المرضي والاكتئاب
سيُحلل المقال البنية العقلية للطفل السليم، لأن الطفل السليم هو الطفل الذي لا يُعاني من قلق مرضي أو اكتئاب أو مشكلات سلوكية. الطفل السليم هو البريء الذي يملِك من السعة العقلية ما يكفي لاستكشاف العالم.
لتنشئة طفل سليم علينا الإلمام أولاً بعلامات وأعراض الطفل المُثقل بمشكلات شخص بالغ.
قد تشمل أعراض الاكتئاب:
- العصبية، والمزاجية، ونوبات عاطفية غير مبررة.
- صعوبة في النوم والتركيز.
- الخمول، واللامبالاة، وفقدان الحماس.
- التهرب من الأصدقاء والأنشطة.
- تقدير منخفض للذات، الشعور بالذنب وانعدام القيمة.
- تغيرات في العادات الغذائية.
- عادة ما يأتي القلق المرضي مصاحباً للاكتئاب لذا يكون التشابه في الأعراض وارد.
قد تشمل أعراض القلق المرضي:
- إثارة المخاوف، والتردد والأفكار المستمرة.
- تجنب الناس والأمكنة والمواقف.
- الأرق.
- ضيق في التنفس، وغثيان، وفقدان الوعي، وجفاف الفم، والتعرق والارتجاف.
إن كنت قد لاحظت أي من هذه الأعراض على طفلك فلا تهلع رجاءً، الأطفال مثل البالغين قد يشعرون بشيءٍ من الحزن أو تمر عليهم أيّام كدرة ولكن هذه الأعراض هي فقط مؤشرات على أن طفلك ربما يُعاني من إحدى هذه الأمراض، و إلمامك بهذه الأعراض يسمح لك بوضع خطة للعمل في حال توقُعِك أن طفلك يعاني من القلق المرضي أو الاكتئاب .
تقنية الهرب أو المواجهة
عندما تكون أجسامنا في خَضم هذه المشاعر فإنهم يحفزون غدّة تسمى تحت المهاد وهي الجزء الذي يُنبهنا ضد الخطر ويحفز فينا نزعاتنا الحيوانية، هذه النزعات بدورها هي ما يحفز استجابة الهرب أو المواجهة.
ليس بالضرورة أن نقلق من الأعراض العرضية للحزن الطبيعي بل ما هو مقلق أن تستمر غدة تحت المهاد لدى طفل بتحفيز ردود فعل غير مُبررة، ليس الأمر أنهم لا يتكلمون معنا أو أننا لا نستطيع ترجمة ما يشعرون به، هم ليسوا بسيئين أو خاطئين عن قصد بل هذا تأثير أجسامهم عندما تكون تحت شدة فرط اليقظة (hyper-vigilant) في حالة الخوف و ردود الفعل.
بعد الأخذ في الحُسبان أن أجسامنا تتصرف من مُنطلَق الهرب أو المواجهة، نستطيع الآن تفسير تقلبات المزاج أو المزاج العكر (المواجهة)، أو التهرب من العائلة، الأصدقاء و المواقف الاجتماعية (الهروب)، أو الانعزال عن بيئتهم (التجميد).
اكسر دائرة الخزي
هذه فرصة رائعة لرفع مستوى الوعي في وجه المعتقدات العتيقة في المجتمع الأمريكي التي تُندد بشأن طلب مساعدة مُختصٍ نفسي مُعلِّلَة بأنها خطوة تدل على “ضعفك” أو “هشاشتك” أو “عاطفتك المفرطة”، فنحن لا نملك الأدوات أو المصادر اللازمة لنخوض في الأمر بمفردنا، أطفالنا لهم حق علينا قد لا ندركه في ذواتنا.
وتلوح أهمية الصحة النفسية خصوصاً في ظل أحداث ٢٠٢٠ لما شهدته من أوقات غير مسبوقة من الانعزال و قلة الاختلاط الاجتماعي و مشاعر الوحدة و التوتر.
أنت لا تعاني وحدك
من الطبيعي أن تَشعُر بأنك مُثقل وعاجز أحيانًا، ولكن علينا أن نكون على وعي بأفعالنا حتى نَحُدْ من أثرها على أطفالنا.
مُختصين الصحة النفسية خير مُعِين لإنارة طريقك إلى مغارات عقلك التي قد لا تعلم حتى عن وجودها، تسخير هذه الأدوات والمصادر لتنهض كإنسان هي رحلة طويلة ولكن من أجل تنشئة أطفال مُعافين يجب علينا أن نَشُد العزم سويًا.
أفضل تدبير وقائي: خطة عمل.
نصائحنا كالتالي:
- عزز نفسك بفريق دعم؛ قد يكون ذلك على هيئة صديق لطفلك، أو المستشار التربوي للمدرسة، أو اخصائيك النفسي، كن حريصا على إحاطة نفسك بمن يساعدونك على فهم مسؤوليتك.
- ثقف نفسك عن الصحة النفسية؛ فالتزود المعرفي هو المفتاح الأول للفهم والفهم هو اللبنة الأساسية لبناء أواصر تواصل سليمة فإذا استطعت أن تفهم صحتك النفسية فستكون خير عون لطفلك لأن يفهم صحته النفسية.
- تعلم تحمل الضغط، لا يعني هذا أن تغلق على مشاعرك في صندوق بل كن أكثر انفتاحًا في التعبير لنفسك أو لشريكك عن ما يقلق راحتك حتى لا يكون طفلك ضحية لهذا الإجهاد، فإذا استطعت أن تحرث الحِلم فلن ترى حصاد هذه الضغوط على طفلك.
- ساعد نفسك على الصمود، خذ قسطًا من الراحة بعيدًا عن ضغوطاتك، لن تكون أنانيًّا إذا أوفيت حق نفسك بتخصيص الوقت لها التنفس، وممارسة التأمل، والكتابة، والتنزه في الطبيعة، وممارسة الرياضة هي وسائل رائعة لتبقي ذهنك يقظًا حيث ستوفر لك الصفاء و العزلة بعيدًا عن الضغوط، استشعر ما الذي يمكنه أن يكون لك خير معين على الاجتهاد و التزم بذلك.
- راقب مشاعر طفلك، كن مُتيقِظًا لمؤشرات تدهور الصحة النفسية لطفلك وكن لهم الأذن الصاغية في كل الأوقات، عليك أن تدرك أن وعي الأطفال مُلم أكثر مما نعتقد، عندما يواجه الأطفال مشاكل البالغين فلا ينبغي عليك أن تتعامل معهم كمجرد أطفال بل تواصل معهم، اشرح الموقف و تذكر أنهم مِرآة عاكسة لكل تصرفاتك.
- لا توصم طفلك وتصفه بالاضطراب؛ هذا المقال ليس أداة لتشخيص طفلك، فلا يعول على أي تشخيص إلا من مختص، ما عليك فقط إلا أن ترفع وعيك الشخصي بأعراض الطفل المضطرب و أن تزود حصيلة معرفتك بكيفية تنشئة طفل سليم و سعيد، و الأهم أن تدرك أن هذه عملية لا تضمن إصلاح أو حل نهائي، ليس هناك خط نهاية أو مكافأة بانتظارك، المغزى هو أن تعيش أنت و طفلك في يسر و سلام، معطيًا الأولوية لصحتك واتزانك النفسي و التحكم في ضغوطاتك.
الطفل السليم هو الطفل الذي لا تثقله الهموم فلا يأبه بشأن الضغوط المالية، أو انعدام الأمن الوظيفي أو القلق من الانفصال. يجب أن ينعم الأطفال بطفولتهم بخفة وانفتاح على الحياة، وعندما تتعامل مع ضغوطاتك ستصبح أكثر تمكنًا لأن تحد من ارتفاع مستويات التوتر لدى طفلك، فعندما تضع صحتك النفسية كأولوية سيصبح من اليسير عليك التكيف مع الضغوط.
إن بهجة أن ترعى طفلاً تكمن في إحياء روح الطفولة فيك. استمتع، تنفس، العب وافتح أُفقًا لطفلك ليرى عالمًا أكثر حيوية وإشراقًا.