فكر وثقافة

علم نفس الطفل والنمو

  • كندرا تشيري
  • ترجمة: سارة عبد المنعم
  • تحرير: إيثار الجاسر

علم نفس الطِّفل هو أحد فروع علم النَّفس ويعدُّ أكثر المجالات المتخصِّصة التي تتمُّ دراستها. يركِّز هذا الفرع بالذَّات على عقلِ وسلوكِ الأطفال من -مرحلة النمو- ما قبل الولادة وحتَّى مرحلة المراهقة. لا يتناول علم نفس الطفل كيفية نمو الأطفال جسديًا فحسب، بل نموهم العقلي والعاطفي والاجتماعي أيضًا.

من الناحية التاريخية، كان يُنظر إلى الأطفال غالبًا على أنَّهم نسخ أصغر من البالغين، عندما أشار جان بياجيه على أنَّ الأطفال في الواقع يفكِّرون بشكلٍ مختلف عن البالغين، وتوصَّل ألبرت أينشتاين أنَّ الاكتشاف كان “بسيطًا للغاية لدرجة أنَّ عبقريًا فقط هو الذي كان بإمكانه أن يفكر فيه”.[1]

وأما اليوم؛ فقد أدرك علماء النفس أنَّ علم نفس الطفل فريدٌ ومعقَّدٌ، لكن العديد يختلفون من حيث المنظور الفريد الذي يتخذونه مدخلًا لدراسة النمو، ويختلف الخبراء أيضًا في ردودهم على بعض الأسئلة الأساسية في علم نفس الطفل مثل: إذا كانت التجارب المبكرة مهمة أكثر من التجارب اللاحقة؟

أو كانت الطَّبيعة والتَّنشئة تلعب دورًا أكبر في جوانب معيَّنة من النمو؟

نظرًا لأنَّ الطُّفولة تلعب دورًا مهمًا في بقية الحياة، فلا شكَّ أنَّ الموضوع سيصبح مهمًّا في علم النَّفس وعلم الاجتماع والتعليم.

يركِّز الخبراء على عدَّة تَّأثيرات تُساهم في نمو الطِّفل الطَّبيعي كما أنَّ جلَّ تركيزهم يقطن في مختلف العوامل التي قد تؤدِّي إلى مشكلاتٍ نفسيَّة خلال فترة الطفولة.

إنَّ تقدير الذَّات، والمدرسة، والرعاية الأسرية، والضغوط الاجتماعية، وغيرها من الموضوعات هي جميعها ذات أهمية كبيرة للأطباء النفسيين المتخصصين في علم نفس الطِّفل، والذين يسعون جاهدين لمساعدة الأطفال على التَّطور، والنُّمو بطرقٍ صحيةٍ ومناسبةٍ.

 

سياقات مختلفة في علم نفس الطِّفل

عندما تفكر في النمو، ما الذي يتبادر إلى الذهن؟ إذا كنت كمعظم الناس، فربما تفكر في العوامل الدَّاخلية التي تؤثِّر على نمو الطِّفل مثل: الصِّفات الوراثيَّة، والسِّمات الشَّخصية.

ومع ذلك، فإنَّ النَّمو ينطوي على كثيرٍ من التَّأثيرات التي تنشأ من داخل الفرد، حيث تلعب العوامل البيئية أيضًا أدوارًا أساسية في عملية النمو مثل العلاقات الاجتماعية والثقافة التي نعيش فيها.

 

تتضمن بعض السياقات الرئيسية إلى إعادة النَّظر فيها أثناء تحليلنا لعلم نفس الطِّفل ما يلي:

  • السياق الاجتماعي: تؤثِّر العلاقات مع الأقران والكبار على كيفية تفكير الأطفال وتعلُّمهم وتطوُّرهم، كما تشكِّل العائلة والمدرسة ومجموعة الأقران جزءًا مهمًّا من السياق الاجتماعي.
  • السياق الثقافي: تساهم الثقافة التي يعيشها الطِّفل في إرساء مجموعة من القيم والعادات والافتراضات المشتركة وطرق العيش؛ والتي تؤثر على النمو طوال العمر. قد تلعب الثقافة دوراً في كيفية ارتباط الأطفال بآبائهم، ونوع التعليم الذي يتلقونه ونوع رعاية الأطفال التي يتم توفيرها.
  • السياق الاجتماعي والاقتصادي: يمكن للطبقة الاجتماعية أيضًا أن تلعب دوراً رئيسياً في تنمية الطفل. يعتمد الوضع الاجتماعي والاقتصادي على عدد من العوامل المختلفة بما في ذلك مقدار التعليم الذي يحصل عليه الأشخاص، ومقدار المال الذي يكسبونه، والوظيفة التي يشغلونها ومكان المعيشة.

قد يميل الأطفال الذين تربوا في أسر ذات وضع اجتماعي واقتصادي مرتفع إلى الوصول بشكل أكبر إلى الفرص، في حين أن الأطفال من الأسر ذات الوضع الاجتماعي الاقتصادي المنخفض قد يكون لا يكون لديهم الكثير من فرص الرعاية الصحيَّة والتَّغذية الجيِّدة والتَّعليم؛ ويمكن أن يكون لهذه العوامل تأثير كبير على علم نفس الطِّفل.

تذكر أنَّ جميع هذه السياقات الثلاثة تتفاعل باستمرار، فقد يكون لدى الطفل فرص أقل بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض، إلا أن إثراء العلاقات الاجتماعية والروابط الثَّقافية القوية قد يساعد في تصحيح هذا الخلل.

أشياء مهمة يجب مراعاتها

يشمل علم نفس الطِّفل مجموعة واسعة من الموضوعات، ومن التَّأثيرات الوراثية على السلوك إلى الضغوط الاجتماعية في التَّنمية. ومما يلي بعض الموضوعات الرئيسة الضرورية لدراسة علم نفس الطِّفل:

  • علم الوراثة.
  • التَّأثيرات البيئية.
  • نمو ما قبل الولادة.
  • النُّمو الاجتماعي.
  • تنمية الشخصية.
  • اللُّغة.
  • أدوار الجنسين.
  • النُّمو المعرفيُّ.
  • النُّمو الجنسيُّ.

قد يتخصَّص علماء نفس الأطفال في مساعدة الأطفال على التَّأقلُم مع  أشياء معينة تتعلق بالنُّمو، أو قد يتّخذون نهجاً أكثر عمومية.

وفي كلتا الحالتين؛ يسعى هؤلاء المتخصِّصون لمساعدة الأطفال في التغلُّب على المشكلات المحتملة والنُّمو بطرق تؤدي إلى نتائج صحية.

قد ينظر علماء النَّفس -على سبيل المثال-إلى أنَّ أماكن رعاية الأطفال والممارسات التي تؤدي إلى أفضل النَّتائج النفسية أو قد يعملون مع الأطفال لمساعدتهم على تطوير النُّضج العقلي.

 

خاطرة ختامية

يعدُّ فهم دوافع ومحركات الأطفال مهمّة شاقة، لذا فإنَّ دراسة علم نفس الطِّفل واسعة وعميقة. الهدف النِّهائي من هذا المجال هو دراسة التَّأثيرات العديدة التي تجتمع وتتفاعل للمساعدة في جعل الأطفال أقرب لأنفسهم، واستخدام هذه المعلومات لتحسين الرعاية الأسرية، والتعليم، ورعاية الأطفال، والعلاج النَّفسي، وغيرهم… من المجالات التي تركِّز على إفادة الأطفال، يمكن للآباء والمتخصِّصين الذين يتعاملون مع الأطفال الاستعداد بشكلٍ أفضل لمساعدة الأطفال في رعايتهم من خلال الحصول على فهم متين لكيفية نمو الأطفال وتفكيرهم وسلوكهم.

اقرأ ايضاً: عوامل التنشئة الاجتماعية


[1] يشير إلى أن جوهر النظرية قد يكون بسيطا، لكن تصوريها ليس سهلًا

المصدر
verywellmind

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى