عام

كيف نتعرف ونتفاعل مع عدم النضج العاطفي؟

  • سيندي لاموث
  • ترجمة: محمد الفقي
  • تحرير: مزنة الكبريش

هَب أنك في موعدٍ مع شريكك خارجًا  لأحد المطاعم الراقية،  وكل الأمور تبدو أكثر من رائعة، ولكنك كلما تطرقت للحديث معه عن المستقبل الذي سيجمعكم سويًا، يُسارع إلى تبديل دَفّة الحوار إلى شؤون أخرى.

في نهاية الأمر، كلما لمّحت إلى ذات الموضوع، لا تجده إلا وقد داهمك بجملةٍ من النكات عن مبالغتك في شتى الأمور دومًا، تاركًا إياك في ظلال الإحباط.

عندما نتعرض لمثل هذه المواقف الصبيانية؛ فإن هذه السلوكيات تنتهي مؤثرة على علاقاتنا ، لأن ذلك سيجعل الطرف الآخر لا يضع مشاعرك في الحسبان.

 

ما الذي يجري بالتحديد؟

المرء الذي لم يجد طريقه لينضج عاطفيًا بعد، سيجد من التواصل مع الآخرِ عقبةً، ناهيك عن التحكم في عواطفه، مما سيجعله على الأغلب يبدو ذلك الشخص اللامبالي والأنانيّ.

 

ما هي الخِصال المُمَيزة؟

إليك بعض من علامات تأخر النضج العاطفيّ التي من المحتمل أن تتجلى في العلاقات، إضافةً إلى بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها إن وجدت في نفسك إحدى تلك العلامات.

 

السطحية

كما سلف و رأينا في الموقف المذكور أعلاه شريكٌ غير ناضجٍ يؤخر محادثاتٍ محورية لأنه لا يستطيع تحديد شعوره حيالها، بل ليس له أن يتمكن من تحمل (عبء) محادثةٍ واحدةٍ جادة.

سيمر هذا النوع من الشركاء مرور الكرام على رؤوس المواضيع دونما أي استفاضةٍ في أحدها بشكل منتظم، سالكين بك العديد من الطرق الملتوية بعيدًا عن الموضوع الرئيسي، ومن هذه الطرق:

  1. الضحك كبديلٍ عن التشعب في الحديث.
  2. إخبارك بالحجج الواهية للتهرب كالقول بأن عليهم “إصلاح شاشة تلفازهم الآن”!
  3. إخبارك بأنهم ليسوا في وقتٍ يسمح لهم بخوض مثل هذه المحادثات.
  4. محاولة عرقلة، وتأجيل محادثاتك على الدوام.

 

محور الكون

هذه إحدى العلامات الفارقة، أولئك الذين لم تنضج عاطفتهم بعد يعيشون في دائرة الأنا في جميع أوقاتهم. كم من العسير على أمثالهم إدراك أنهم ليسوا محور الكون، وبأن الكون بأسره لا يدور حولهم.

إن كان شريكك لا يُعير اهتماماتك وأولوياتك أي معنى، فهو بلا شك ما زال في حاجةٍ ماسة لأن ينضج عاطفيًا بعد.

 

العدائية

إن طرحت موضوعًا ما سيقفزون من فوقه بغضبٍ زائد عن الحد.

على سبيل المثال، إن قدمت اعتراضًا عابرًا بخصوص عدم إلقائهم للقمامة خارج المنزل كما قالوا بأنهم سيفعلون، سيواجهونك بإجاباتٍ على شاكلةِ ” ألا يوجد غيري دائمًا لتقف بوجهه مُعترضًا”! وربما ينتهزون الفرصة لإلقاء مزحةٍ على سبيل السخرية كقولهم “كأن هرموناتك الشهرية قد بدأت آثارها بالظهور الآن”!

 

انعدام المسؤولية

استحضار الحديث عن المستقبل هو بمثابة كابوسٍ لدى أولئك الذين لم ينضجوا عاطفيًا بعد، دائمًا ما يحول خوفهم من التقيُّد بينهم وبين التخطيط للأمور التي ستجمعكما سويًا فيما بعد.

هل يختلقون الأعذار للانصراف عن مقابلة والديك أو محاولات الترتيب لنزهةٍ تجمعكما؟ إذًا فلا بد بأنهم يعانون من رهاب المسؤولية.

أخطائي لا تخصني

باختصار: ستجدهم غير مؤهلين للعتاب.

بدلًا من انشغالهم بعثراتهم و من ثَمَّ الاعتراف بها والاعتذار عنها وإصلاحها، يسارع أمثالهم إلى إلقاء اللوم على الآخرين والاحتجاج بصنوف وألوان الظروف الخارجة عن إرادتهم.

ومن العبارات التي يُشهرونها في أوجه معاتبيهم:

  1. “رئيسي في العمل لم يتوقف عن مراسلتي مما حال دون وجودي.”
  2. “طلب مني صديقي أن أشتري له مشروبًا مما أخّر عودتي إلى المنزل.”
  3. “مساعدي في العمل نسي أن يقوم بتذكيري بموعد غداءنا اليوم.”

 

تفاقم شعورك بالوحدة

فوق كل ما ستشعر به ستكون الوحدة هي أكثر ما يختلج في صدرك، وأكثر من أي وقتٍ مضى، ستبدأ بملاحظة اتساع  الفجوةٍ في علاقتك، والتي تُسمى “فجوة المودة”.

تزامن كل هذه المواقف والمشاعر سيؤول بك إلى الإحساس بضآلتك وانعدام الأهمية، كنتيجةٍ لإحساسك المستمر بانعدام الدعم أو التفهم أو حتى مجرد الاحترام.

كما أنه ما من سبيلٍ لطرح وجهة نظرك بوضوحٍ حيال احتياجاتك و رغباتك لتقديم يد العون.

 

كيف تُعيد الأمور إلى نِصابها؟

إن كنت بعد قراءتك لكل ما سلف قد وجدت شريكك قد نال نصيبًا من هذه العلامات، فلا تقلق، فباب الأمل مفتوحٌ دائمًا. عدم النضج العاطفي لا يعني بالضرورة أن الأمور ليس من المُقَدَّرِ لها أن تسير على ما يرام.

مربط الفرس هاهنا هو تواجد النيّة لدى الطرف الآخر لتغيير ما آلت إليه الأمور، فإن كان كذلك فإليك بعض الوسائل التي يمكنك الاستعانة به:

ابدأ مُحادثةً مباشرة

أنِر بصيرتهم إلى أنه من أبسط ما يمكنهم القيام به هو تبادل أطراف الحديث معك وانتظار تعقيبك. كما يمكنك إيصال كيفية تأثيرهم عليك باستخدامك للعبارات التي تبدأ بـ “أنا”؛ ثم تُرفِق مع شكواك طرحًا للحلول المُمِكنة.

هذه الخُطى تجعل عقلكَ أكثر مرونةً وقابليةً للتفاهم، بدلًا من انتهاء المطاف بك مُمتعضًا أو غاضبًا.

إليك بعضًا مما يمكنك اتباعه بذلك الصدد:

  1. “عندما أقمنا سويًا، كانت لدي العديد من الخطط بشأن الزواج، يؤلمني ويؤرقني كونك لم تتحدث معي حيال ذلك، يمكنك رجاءً أن تساعدني على معرفة ما جعلك مُترددًا إلى هذا الحدّ”.
  2. “لطالما أنهكتني أعمال المنزل التي أقوم بها على الدوام، هلّا مددت إليَّ يد العون في أمورٍ كتحضير الطعام وتنظيف الثياب؟”.

ضع حدودًا صحية

توقف عن إثقال كاهليك بالمشاركةِ في تجاوز الأعذار الواهية التي يختلقها شريكك، عليه إبصار تبعات ما يقوم به، كما أن عليه إدراك أنك لن تستمر في مشاركته بناء ما تعلم يقينًا بأنه سيقع عليكما ذات يوم.

فيما يلي بعض من الخُطى الجريئة التي يمكنك اقتفاء أثرها لتتمكن من وضع حدودك:

  1. كن واعيًا بنفسك.

عليك إدراك مواطن سكينتك، كما أن عليك تحديد المواقف التي تؤلمك، التي تثير حفيظتك، وكذلك التي تُغضبك.

  1. تواصل مع شريكك.

بيِّن الأمور التي تتجاوز قُدرتك على التحمُّل، كالصُراخ في وجهك أو الكذب عليك.

  1. افعل ما تقول دومًا.

ربما قد يفرض عليك ذلك سلوك الطريق الوعرةِ المحفوفة بالكثير من الغضب لكنك في النهاية ستخبرهم بأنك لن تكون مُستعدًا للحديث إلا عندما يكون جاهزًا للحديث بشكلٍ يليق بالكِبار.

اطلب المساعدة من مُختص.

التحدث حول المخاوف وأسباب الهلع ربما يساعد البعض على التعرُّف بصورة أفضل على أنفسهم وآثار تصرفاتهم على الآخرين، فإن كان لدى شريكك الرغبة في تحسين نفسه،  يمكنك حينها أن تُرَشِّح لهم مُعالجًا نفسيًا مؤهلًا للأخذ بأيديهم من ظلمات جهلهم حيال ما يشعرون به إلى نور التطبع بالخصال البناءة.

 

خلاصة القول

النضج العاطفي هو القدرة على التعاطي مع ما يحتدم بداخلنا من عواطفٍ مع تحملنا الكامل لمسؤولية أفعالنا، في نهاية المطاف لا يهم كم من الصعب محاولة إيجاد سبيلٍ للبقاء مُتصلًا بشريكك، الأمر عائدٌ إليهم في تدارك ما آلت إليه الأمور بسبب تصرفاتهم.

إن كانت حبال الوصل بينكما تتقطع منذ أمدٍ بعيد، ورغم ذلك ما زلت تشعر بأنه ما من فرصةٍ سانحةٍ ليترفعوا عن أساليبهم الصبيانية، فإن الآن هو وقت تركهم وراء ظهرك والمُضيّ قدمًا.

سببٌ بديهيّ لتفعل ذلك، تذكّر بأنهم يواصلون القيام بذات الأخطاء مرةً تلو مرةٍ وبلا توقف.

تذكّر: أنت تستحق أن تكون جزءً من علاقةٍ حميميّةٍ تقوم على المساندة، وبرفقة من يرى قيمتك الحقيقية ويضعك على رأس أولوياته، وليس برفقة من ينتهي بك المطاف تُكابد الوحدة بالرغم من كونه بجوارك.

المصدر
healthline

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى