الإدارة

كيف تختار وظيفة (تناسبك فعلًا)

  • تيم أوربان
  • ترجمة: لبنى المفرج
  • تحرير: عمر بن عبد الناصر محمد

أيها القراء! ملاحظة سريعة قبل أن ننتقل إلى لب الموضوع:

في هذا المنشور شيءٌ كنت أرغب في الكتابة عنه منذ مدة: الوظائف.

يخبرنا المجتمع بأشياء كثيرة حول ما نريده من الوظيفة وما الاحتمالات التي أمامنا، وهو أمر غريب؛ لأنني مُتيقن أن دراية المجتمع بهذه الأمور يسيرة.

 عند ذكر الوظائف، يكون المجتمع مثل عمك الخارق، الذي يحرمك الاستمتاع بالإجازة ليُسمعك محاضرة أشبه بحديث النفس مدة 15 دقيقة وأنت لا ترغب في سماعها، وتضبط الوقت من قبل أن يبدأ؛ لأنه واضح جدًا أن درايته بما يتحدث عنه يسيرة جدًا، وأن كل ما يقوله قد تكرر على مر 45 سنة وعفا عليه الزمان.

 المجتمع كالعم المُذهل، والحكمة التقليدية كصراخه.

 لكن في هذه الحالة، بدلاً من ضبط الوقت، فلنهتم اهتمامًا كبيرًا بكل كلمة قيلت، ثم نتخذ قرارات مهنية مهمة بناءً عليها. علينا فعل شيء غريب.

هذا المنشور لا يقدم لك نصيحة مهنية بالفعل، إنه إطار مرجعي ربما يساعدك في اتخاذ قرارات مهنية فيها انعكاسٌ لـ(من أنت، وماذا تريد، وكيف هو المشهد الوظيفي سريع التغير اليوم).

 لست خبيرًا بهذا، لكنك – قطعًا – أهل لمعرفة الأفضل لك أكثر من عمنا المُذهل غير المُدرك لذاته.

 الذين لم يبدأوا مسيرتهم الوظيفية بعد، ومن ليسوا متأكدين ما يريدون القيام به في حياتهم، أو من هم الآن في منتصف حياتهم الوظيفية وليسوا متأكدين أنهم على الطريق الصحيح، آمل أن يساعدكم هذا المنشور في دفعكم للضغط على زر إعادة ضبط عملية تفكيركم والحصول على رؤية واضحة.

“أخيرًا، نشر هذا المنشور أمر جيد جدًا. لقد كان الطريق طويلًا جدًا.

العام الماضي كان مُخيبًا جدا لي ولأي شخص يحب “Wait But Why” – أفكار متراكمة كثيرة مع انعدام النتاج المُرضي لتلك الأفكار على المدونة؛ لأني ظللت معظم العام الماضي أعمل على آخر، منشور الطريق الأطول.

آمل أن يقترب عصر ” Wait But Why” المظلم من نهايته، لأنني أفتقد التسكع هنا.

شكرًا، كما هو الحال دائمًا، للمجموعة الصغيرة من الرعاة الكرماء الذين يبعثون على السخرية والصبر السخيف الذين ظلوا معنا خلال هذه المدة البطيئة.

 – تيم”

طريق حياتك طويلٌ جدًا

بالنسبة لمعظمنا، مرحلة الطفولة تبدو كالنهر، ونحن فيه كالشراغيف.

نحن لم نختر النهر، لقد استيقظنا الآن من العدم ووجدنا أنفسنا على طريق، حدده لنا آباؤنا والمجتمع والظروف.

 لقد أُخبِرنا بقوانين النهر، والطريقة التي يجب أن نسبح بها، وما هي أهدافنا.

لا تقتصر مهمتنا على التفكير في طريقنا بل تشمل النجاح في الطريق الذي وضعنا عليه، بناءً على الطريقة التي حدد بها النجاح لنا.

كثيرٌ منا – وأظن أن جزءًا كبيرًا من قراء مدونتنا كذلك – يتغذى نهر طفولتنا من بركة تُسمى الجامعة [1] قد يكون لدينا رأي في البركة التي حَطَطْنا فيها، ولكن معظم الجامعات لا تختلف بِرَكُهَا بعضها عن بعض.

في البركة، لدينا بعض المُتسع للتنفس ولتوسيع اهتماماتنا الأكثر تخصُصًا. نبدأ في التفكير، وننظر إلى شواطئ البركة هناك حيث يبدأ العالم الحقيقي سنبقى بقية حياتنا. هذا عادة يُشعرنا بأحاسيس مختلطة.

وبعد ذلك، بعد 22 عامًا من الاستيقاظ في نهر متدفق، طُردنا من البركة وأخبرنا العالم أن نذهب لنصنع شيئًا في حياتنا.

وهنا بعض المشكلات: الأولى: هو أنه في تلك اللحظة، تكون – إلى حد ما – مفتقرًا إلى المهارات والمعرفة وأشياء أخرى كثيرة:

ولكن قبل أن تتمكن من معالجة كونك عديم الفائدة عمومًا، هناك مُعضلة أكبر: لقد حُدِدَ المسار.

الأطفال في المدرسة يشبهون موظفي شركة يكون فيها شخص آخر هو الرئيس التنفيذي. ولكنه لا رئيس تنفيذي لواقع حياتك، أو لمسارك الوظيفي غيرك أنت، لقد عشت حياتك كلها لتصبح طالبًا حاذقًا، ولم تُعط أي خبرة لتكون الرئيس التنفيذي لأي شيء.

كنت مسؤولاً عن القرارات الصغيرة فقط “كيف أنجح طالبًا؟”

وفجأة تمتلك مفاتيح غرفة القيادة كاملة، وتصير مكلفا بالإجابة عن أسئلة دقيقة مثل “من أنا؟” و “ما الأشياء المهمة في الحياة؟” و “ما هي خياراتي للمسارات؟ وأي منها يجب أن أختار؟ وكيف أصنع مسارًا؟” وفي النهاية عند مغادرتنا المدارس نفقد فجأة توجهنا الذي اعتدنا عليه، مما يجعلنا نقف هناك، حيث يفترض بنا أن نكون، من غير أي فكرة عن كيفية القيام بذلك.

ثم يمر الوقت، وننتهي في طريق يصبح قصة حياتنا.

في نهاية حياتنا، عندما نرى ما سارت عليه الأمور، يسعنا حينئذ أن نرى مسار حياتنا كاملا من الأعلى.

عندما يدرس العلماء الأشخاص وهم على فراش الموت وكيف يشعرون تجاه حياتهم، فإنهم عادة يجدون أن كثيرا منهم يشعرون بخيبةٍ شديدة، أرى أن كثيرا منها نابعٌ من أن معظمنا لم يُعلَّم – حقًا – صنع مساره منذ الطفولة، وكذلك كثير منا لا يتحسن كثيرًا في صنع المسار وهم بالغون، مما يجعل كثيرا من الناس ينتهي بهم المطاف في مسار حياة الذي لا يناسبهم حقًا، بالنظر لهم وللعالم الذي عاشوا فيه.

إذن هذا منشور عن صنع المسار. لنتوقف ثلاثين دقيقة قبل الموت وننظر إلى المسار الذي نسير فيه، وإلى المكان الذي ينتهي إليه هذا المسار، ولنتأكد أنه منطقي.

عودة الطباخ والطاهي

كنت كتبت عن التمييز النقدي بين “التفكير من المبادئ الأولية” و “التفكير بالقياس” أو ما أسميته “شيف أو طباخ” مقابل “طاهٍ”. منذ كتابة المنشور، لاحظت هذا التمييز في كل مكان، وقد فكرت فيه قرابة مليوني مرة.

الفكرة هي: أن التفكير من المبادئ الأولية هو التفكير مثل العَالِم، تأخذ الحقائق والملاحظات الأساسية وتستخدمها في حل لغز الاستنتاج، مثل طاهٍ يلعب بالمكونات الخام لمحاولة تحويلها لشيءٍ لذيذ. بالقيام بهذا الأمر الغامض، يكتب في النهاية وصفةً جديدة. النوع الآخر من التفكير – التفكير بالقياس – وهو عندما تنظر إلى الطريقة التي فُعلِت بها الأشياء وتقوم بتقليدها، قد تضيف إضافاتك هنا وهناك – كطباخٍ يتبع وصفةً مكتوبة.

طباخ يطبق الوصفات كما هي، وطاهٍ مبتكر ومستقل، طرفي نقيض، صحيح؟ بالطبع الأمر يتوقف على منظورك.

يمكن عادةً تلخيص عمليتك في التفكير لأي جزءٍ من حياتك محتاج إلى التفكير واتخاذ القرار أينما كنت على مجال واسع بصفتك طاهيا أو طباخا. الابتكار مُقابل التقليد. الأصالة مقابل المُحاكاة.

يتطلب كونك طاهياً قدراً كبيرا من الوقت والمُثابرة وهذا أمر منطقي؛ لأنك لا تحاول صُنع العجلة، بل تحاول ابتكارها لأول مرة.

تشعر بالريبة في طريقك إلى الاستنتاج – كأنك تتوغل في غابة غامضة وأنت مغمض العينين – ودائمًا ينطوي على كثير من الفشل على هيئة التجربة والخطأ.

أن تصبح طباخًا أسهلُ بكثير وأوضح وأيسر. في معظم الحالات يسبب كونك طاهيا هدرًا كبيرًا للوقت والفرص؛ فالزمن محدودٌ.

أنا الآن أرتدي بنطال جينز من (جي كرو – J. Crew) وقميصًا عاديًا وقلنسوة وأحذية من (البيردز – Allbirds)؛ لأنني أحاول الانسجام.

طوال حياتي كنت ألقي نظرة على الأشخاص الذين يشبهونني قليلا واقتنيت الملابس التي تشبه ما يرتدونه. وهذا أمر منطقي؛ لأن الملابس غير مهمة لي، وليست هي طريقتي للتعبير عن شخصيتي. لذا في حالتي، الموضة هي الجزء المثالي لتطبيق التفكير المختصر، وأُصبح فيها طباخًا.[2]

لذا فإن أجزاء من حياتك مهمة جدًا، كالمكان الذي تختار العيش فيه، أو انتقاء الأصدقاء، أو متى تنوي الزواج ومن تتزوج، وإذا ما أردت إنجاب الأطفال فكيف تربيهم، أو كيف تحدد أولويات حياتك.

حفر المسار الوظيفي هو – قطعا – أحد تلك الأشياء المهمة جدًا.

ولنوضح سبب أهميته:

الوقت: سيظل كثير منا في العمل وقتا بين 50000 و 150000 ساعة، بما في ذلك الوقت الإضافي، كالذي تقضيه في التنقل للعمل والتفكير فيه.

في زماننا هذا، أطول حياة للإنسان يمكن أن تصل لقريب من 750.000 ساعة. عندما تطرح سنوات الطفولة منها وهي قريب من (175000 ساعة)، وكذلك الأوقات التي ستنقضي فيما بعد في النوم، والأكل، والرياضة، وما يلحقه من العناية بنفسك بصفتك حيوانا أليفا، زد على ذلك تكاليف الحياة ومشاقها وهي (حوالي 325000 ساعة)، ليبقى لك 250000 “ساعة مهمة جدا للبالغين”[3] لذا فإن الوظيفة النموذجية ستستهلك ما بين 20٪ و60٪ من وقتك النافع وأنت شخص بالغ، وليس شيئًا تستطيع فيه أن تكون طباخًا.

جودة الحياة: وظيفتك لها تأثيرٌ كبير في الأوقات خارجها. إذ أننا لسنا ميسوري الحال بسبب أرباحٍ سابقة من الزواج أو الميراث، يتفاقم احتياجنا للوظيفة لدعمنا بالمال. غالبًا ما تؤدي تفاصيل حياتك الوظيفية دورًا كبيرًا في تحديد المكان الذي تعيش فيه، وقدر مرونة حياتك، وأنواع الأشياء التي تستطيع فعلها وقت فراغك، وأحيانًا تصل لتحديد صفات الشخص الذي ستتزوجه.

التأثير: سوى أن حياتك الوظيفية هي الطريقة التي تقضي بها كثيرا من وقتك، ووسيلة الدعم لبقية حياتك، فإنه يتضاعف احتياجك لها ثلاث مرات بصفتها طريقة أساسية لإحداث التأثير.

يلتقي كل إنسان في حياته آلافَ الأرواح الأخرى بآلاف الطرق المختلفة، وكل تلك الأرواح التي تُغيرها تمضي لتلمس آلاف الأرواح المرتبطة بهم. لا نستطيع تجربة هذا، لكنني متأكد أنك إذا اخترت أي شخص يبلغ من العمر 80 عامًا، وعدت إلى الوراء 80 عامًا، لتعثر عليه طفلا رضيعا، وتخلصت منه في سلة المهملات، ثم عُدت لوقتنا الآن لتجد أشياء لا تحصى قد تغيرت. كل الأرواح لها تأثيرٌ كبيرٌ في العالم وفي المستقبل، لكن نوع التأثير الذي تُحدثه في النهاية يكون تحت سيطرتك إلى حد كبير، اعتمادًا على القيم التي تعيش من أجلها والأماكن التي توجه فيها جهدك. مهما كان الشكل الذي سيتخذه مسارُ حياتك الوظيفية، فسوف يتأثر العالم به.

الهوية: في طفولتنا يسألنا الناس عن خططنا الوظيفية، وذلك بسؤالهم إيانا عمَّا نريد أن نصبح عندما نكبر.

وعندما نكبر نُطلع الناس على وظائفنا من خلال إخبارهم عمَّا صرنا إليه.

نحن لا نقول “أنا أحترف المحاماة” بل نقول “أنا محامي”. قد تكون هذه طريقة غير صحية للتفكير في الوظائف، ولكن بالطريقة التي تتعامل بها بعض المجتمعات الآن، تتفاقم وظيفة الشخص أربع مرات بصفتها الهوية الأساسية له. وهي نوعٌ من الأشياء الكبيرة.

حسنًا، مسار حياتك الوظيفية ليس مثل قميصي الثقيل، إنها مهمةٌ جدا، ضعها مباشرة في منطقة ” تأكد أن تكون طاهياً في هذا الموضوع”.

خريطة حياتك الوظيفية

وهي ما تقودنا إليك. أنا لا أعرف بالضبط ما هي صفقتك، ولكن توجد فرصة جيدة لأنك في مكان ما في إحدى المناطق الزرقاء. [4]

– مما يعني أن مسار حياتك الوظيفية هو عمل مستمر. [5]

سواء كنت لم تبدأ حياتك الوظيفية بعد أو بدأت فيها جيدًا، في مكان ما في مؤخرة عقلك – أو ربما في مقدمته – توجد خريطة “الخطط الوظيفية”

يسعنا أن نحصر حاملي الخرائط في ثلاث فئات، كل منها مثال جيد: في النهر، وفي البركة، وفي الوقوف على الضفة، وفي كل مرحلة من مراحل حياة البالغين.

ستنظر زمرة واحدة من الأشخاص إلى الخريطة وترى علامة استفهام كبيرة ولافتة.

هؤلاء هم الأشخاص الذين يترددون في مسار حياتهم الوظيفية. لقد طُلب منهم اتباع شغفهم، لكنهم لا يشعرون بالانجذاب نحو شيء محدد. لقد طُلب منهم تتبع نقاط قوتهم لتوجههم، لكنهم غير متأكدين ما الذي سيكونون فيه أفضل مما سواه، ربما وجدوا في أنفسهم أن لديهم إجابة من قبل، لكنهم تغيروا ولم يعودوا متأكدين من هُم أو أين يذهبون.

سترى الفئة الأخرى سهمًا واضحًا لطيفًا يشير إلى الاتجاه الذي يثقون به، لكن أقدامهم تأخذهم في طريقٍ مُختلف. إنهم يعيشون مع سبب من أسباب بؤس الإنسان هو الأكثر حصولًا (أن تدرك بقلبك أن مسارك الوظيفي لا يلائمك).

غير أن المحظوظين – بين تلك الفئات – يعرفون إلى أين اتجاههم وعلى يقين أنهم يسيرون فيه.

لكن هؤلاء الناس كذلك يجب أن يتوقفوا ويسألوا أنفسهم “من الذي رسم هذا السهم حقا؟ أنا فعلت؟ ” ستكون الإجابة مُربكة.

أنا متأكد أن كل هؤلاء الأشخاص سيستفيدون من لحظة التفكير في المسار الوظيفي

حسنًا، لكن لماذا ترى أنك تستطيع مساعدتي في التفكير حول وظيفتي وأنت ترسم شخصياتٍ عَصَوِيَّة حية لأجل مربع أزرق

سؤال عادل جدًا. هناك شيء أُسائل به نفسي دائمًا عندما أختار الكتابة عن موضوع ما: “هل أنا أهل للكتابة عنه؟” وهذه الأسباب التي قررت الحديث عنها في هذا الموضوع:

1 – لقد أمضيت معظم السنوات العشرين الماضية في محاولة دائمة لتحليل مسار حياتي الوظيفية.

2 – لقد حوى طريقي كثيرا من المنعطفات من الرغبة في أن أصبح نجمًا سينمائيًا – عندما كان عمري 7 سنوات – إلى الرغبة في أن أصبح الرئيس – عندما كان عمري 17 عامًا – إلى الرغبة في كتابة مقطوعات موسيقية للأفلام – عندما كان عمري 22 عامًا – إلى الرغبة في أن أصبح رياديا – عندما كنت 24 عامًا – إلى الرغبة في كتابة المسرحيات الموسيقية – عندما كان عمري 29 عامًا – حتى وقت قريب كنت أرغب في أن أصبح أفضل كاتبٍ شابٍ.

3 – بعد أن أخذ البحث عن مساري الوظيفي معظم حياتي، أنا أحب عملي الآن. وهو قابلٌ للتغيير، لكنني اكتسبت بعض الدراية بالنقطة التي ينعطف منها الناس إلى الاتجاه الخطأ، بالنظر إلى طرق تحديد القرار والتي قادتني إلى أماكن مُربكة أو مُخيبة، مع القرارات التي قادتني إلى مكانٍ أكثر إرضاءً.

4 – مع وجود قصتي أنظر فيها، كان لدي مقعد في الصف الأول لمشاهدة قصص العشرات من أصدقائي المقربين. أرى أن أصدقائي يشاركونني الهوس في مسيرتي الوظيفية، لذا بين مراقبة مساراتهم والتحدث معهم عن تلك المسارات مرارًا على طول الطريق، قمت بتوسيع نظرتي إلى الموضوع، مما ساعدني على التمييز بين دروس حياتي الخاصة، والأكثر شمولًا.

5 – ختامًا، هذا ليس منشورًا عن أفضل الوظائف أو أسوئها من غيرها، أو عم أي القيم الوظيفية ذات مغزى إلى حد ما، كثير من علماء الاجتماع ومؤلفي كتب تطوير الذات لديهم بيانات جيدة عن ذلك، وأنا لست واحدًا منهم.

بدلًا من ذلك أظن أنه إطارٌ مرجعي يساعد على تحصيل رؤية أفضل لطريق الوظيفة، وما يهمُ حقا، بوضوح وصدق. لقد نجح هذا الإطار المرجعي مع مساري الوظيفي، لذا محتملٌ أن يساعد الآخرين كذلك.

الآن بعد أن ألقيت نظرة جديدة على خريطة خططك الوظيفية، مع أي سهم قد يكون عليها أو لا يكون، ضع السهم بعيدًا عن الأنظار – سنعود إليه آخر المنشور – حان الوقت الآن للغوص العميق فلنفكر فيه من نقطة الصفر، من المبادئ الأولى.

في وظيفة رئيس الطُهاة، أعددت إطارًا مرجعيًا بسيطًا لكيفية قيام الطاهي باختيارات وظيفية رئيسة. بالمختصر ضمن رسوم (فن) البيانية:

الجزء الأول من الرسم البياني هو (صندوق الرغبات)، والذي يحوي جميع الوظائف المرغوب فيها.

الجزء الثاني من الرسم البياني هو (صندوق الواقع)

صندوق الواقع هو مجموعة الوظائف في الواقع التي يحتمل تحقيقها – بناءً على مقارنة لمستوى قدراتك في مجالٍ معين، والصعوبة لتحقيق النجاح في هذا المجال عمومًا.

تحوي المنطقة التي في المنتصف خيارات المسار الوظيفي الأمثل، مجموعة الأسهم التي يجب أن تضعها في ذهنك عند الرسم على خريطتك الوظيفية. نستطيع أن نسميها حصر(تجَمُع) الخيارات.

هذا واضح بما فيه الكفاية لكن في الواقع، ملء هذه الصناديق ملأ دقيقا هو أصعب مما يبدو. لكي يُطَبَق المُخطط يجب أن يكون أقرب للواقع قدر المستطاع، ولكي نصل لهذا علينا فتح بوابة أو غطاء عقلنا الباطن والتوجه لأعمق موضع فيه. لنبدأ بـ(صندوق الرغبات).

التحليل العميق:

الجزء 1: صندوق رغباتك

الصعب في (صندوق الرغبات) هو أنك تريد مجموعة أشياء مختلفة، أو بالأحرى هناك مجموعة من جوانبك المختلفة، وكل منهم يريد – ويهاب – أشياءه الخاصة. وبما أن بعض الدوافع تتعارض مع مصالح أُخرى، فإنك لا تستطيع –كما هو معلوم – أن تمتلك كل ما تريد.

إن السعي وراء شيء تريده يعني –كما هو معلوم – ألَّا تذهب لأجل الآخرين، وفي بعض الأحيان يعني ذلك – تحديدا – الوقوف ضد الآخرين مباشرة

(صندوق الرغبات) هو لعبة التفاهم.

أخطبوط التطلعات

لإجراء تدقيق مناسب لـ(صندوق الرغبات)، عليك أن تفكر في الوظيفة التي تتوق إليها ثم خَلِصّها من الهراء العالق بها. لحسن الحظ، لدينا شخص هنا يستطيع مساعدتنا. أخطبوط التطلعات.

لدينا جميعًا أخطبوط التطلعات في رؤوسنا، ستختلف تفاصيل الأخطبوط المُتلهف لكلِ واحدٍ منا، لكن الناس لا يختلفون كثيرًا بعضهم عن بعض، وأراهن أن لكثير منا أماني ومخاوف متشابهة جدًا (خاصةً بالنظر إلى أنني أجد قراء Wait But Why” ” لديهم قواسم مشتركة كثيرة)

أول ما يجب التفكير فيه هو أن هناك عوالم متنوعة من اللهفة، جميعها يعيش على مِجَسٍّ واحد. غالبًا لا تتوافق هذه المجسَّات مع الجميع.

تزداد الأمور سوءًا، يتكون كل مِجَسّ من مجموعة تطلعات شخصية مختلفة ومخاوف مصاحبة لها، وغالبًا يتعارض بعضها مع بعض تعارضًا كبيرًا.

دعونا نلقي نظرة فاحصة على كل مجسَّ لمعرفة ما يحدث.

قد يكون مجسَّ الرغبات الشخصية هو الأصعب في تعميمه، فهو خاصٌ جدًا لكل واحد منا. إنه انعكاسٌ لصفاتنا وقيمنا، وهو يتحمل عبئا قد يكون أكثر احتياجات البشر تعقيدًا وتحديًا: الإنجاز.

إنه مهم كذلك للتعامل مع الهراء ليس مع حالنا الآن فقط وإنما مع مجموع أحوالنا الماضية كذلك. أحلامك في عمر السابعة، والهوية المثالية في الثانية عشرة من عمرك، وآمالك الخفية في عامك السابع عشر، والعواطف المتطورة لذاتك الآن: كلها في مكان ما على المجسَّ الشخصي، كلٌ منهم يرمي اهتماماته الصغيرة المُلائمة له ليحصلوا على ما يريدونه، وكلٌ منهم مستعد ليقلقك تجاه خيبة أملهم واشمئزازهم إذا فشلت، زد على ذلك أن خوفك من الموت يظهر أحيانًا على المجسَّ الشخصي، وكلها تريد منك أن تترك بصمتك وتحقق العظمة في كل شيء. المجسّ الشخصي هو السبب في ألا تجد كثيرا من المليارديرات مُرتاحي البال الذين يقضون بقية حياتهم في احتساء عصائر الكوكتيل على الشاطئ، إنه مجسَّ نحتاجه احتياجًا شديدًا.

ومع ذلك فإن المجَسّ الشخصي غالبًا ما يصير إلى أن يُهمل إلى حدٍ ما؛ لأنه – في كثيرٍ من الأحيان – يكون فيه أصعب التطلُّعات التي نسعى إلى تحقيقها؛ لأن المخاوف من هذا المجِسّ ليست مخيفة إخافة مباشرة فهي تنسل إلى الخارج بمرور الوقت؛ ولأن المجسّ الشخصي مُعرض دومًا لخطر الإهمال في وقت مُبكر من حياتك الوظيفية بسبب العواطف الحيوانية القوية للمجسَّات الأُخرى. يمكن أن يَتْرُك هذا الإهمال الشخصَ في ندمٍ شديد بعد ذلك ما إن تهدأ العاصفة. غالبًا ما يكون مجسَّ الإنجازات الشخصية التي لم تحقق هو التفسير – مثلًا – خلف شخص ناجح جدًا، يختبئ آخر غير راضٍ؛ لأنه يرى أنَّهُ نجح في المجال الخطأ.

قد يكون المجسَّ الاجتماعي المُتطلع هو الجانب الحيواني الأكثر بدائيةً لدينا، إذ يعود دافعه الأساس إلى ماضينا القديم. وعلى المجسَّ عدد من المخلوقات الغريبة.

كما ناقشنا من قبل في هذه المدونة، لدينا جميعًا ماموث للبقاء الاجتماعي يعيش في رؤوسنا وهو مهووس بما يعتقده الناس عنا. هذا يعني أنه مُتلهف لأن يكون محبوبًا ومقبولًا ومنسجمًا، في حين أنه يخاف من الإحراج والحكم السلبي والرفض. إنه يُريد أن يكون داخل المجموعة لا خارجها. ومع ذلك فهو لطيف جدًا.

ثم تأتي ذاتك، وهي شخصية مماثلة له – للماموث – ولكنها أكثر احتياجًا. لا تريد ذاتك أن تُتقبَل فقط؛ وإنما تريد أن تُحترم، وتُطلب، ويُتَوددُ إليها كذلك –من الناحية المثالية، على نطاق أوسع – وأن تُتجاهل أنكى لها من أن تُكره، تُريد أن تكون مهمة ومشهورة ولها علاقات كثيرة

شخصيات أخرى تتزاحم لأجل ذلك. في مكان آخر على المجسّ الاجتماعي قاضٍ صغير ذو مطرقة صغيرة يتضايق تضايقًا شديدًا حين يرى أن الناس لا يحكمون عليك بإنصاف – إذا لم تُقدر كما تستحق – ومهم جدًا أن يكون ذلك القاضي على دراية بذكائك ومواهبك، إن القاضي أيضًا يحمل ضغائن كبيرة وهذا هو السبب في أن تدفع كثيرا من الناس رغبتهم إلى إظهار ذلك لمن لم يثق بهم أبدًا.

أخيرًا، قد يجد بعض منا كلبًا صغيرًا محبًا على مجسنا الاجتماعي لا يريد شيئًا أكثر من إرضاء صاحبه، فهو لا يستطيع تحمل خيبة أمله. المشكلة الوحيدة مع هذا المخلوق الرائع هي أن مالكه ليس أنت! هو شخص لديه قدرة كبيرة أن يضغط عليك نفسيًا، إذا لم تكن حريصًا، فقد تُخصص حياتك الوظيفية كاملة لمحاولة إرضائه وجعله فخورًا بك. (قد يكون أحد الوالدين)

يريد المجس المُتطلع لنمط الحياة أن يكون يوم الثلاثاء يومًا جيدًا فقط، كأن يكون يومًا ممتعًا ومُسليًا مع فضلة وقت للعناية بالنفس والاسترخاء والتَنَعُّم.

إنه يهتم أيضًا بأن تكون صورة حياتك رائعة قدر المستطاع، بقدر ما يتعلق الأمر بمجس نمط حياتك، يجب أن تكون قادرًا على فعل ما تريد، متى وكيف تقوم به مع من تُحب. يجب أن تمتلئ الحياة بأوقات ممتعة وتجارب ثرية، ولكنها يجب أيضًا أن تتدحرج بسلاسة مع قليل من العمل الشاق والمطبات طول الطريق.

تظل المعضلة وإن قدّمت تطلعات نمط حياتك في الأهمية، فإبقاء باقي المجسّات مرتاحة في الوقت نفسه صعب جدًا، جزء المجسّ الذي يريد منك الجلوس والاسترخاء سيمنعك من الكدّ لتشييد وظيفة مرنة ذات دخل عالٍ – على المدى الطويل – والتي يمكن أن تجعل الحياة مُترفة ومريحة ومليئة متعةً. أما جزء المجس الذي يشعر بالراحة إذا شعر بالقدرة على التنبؤ بالمستقبل، سيرفض المسارات الدقيقة التي قد تنتج حريةً طويلة المدى والتي يتوق إليها جزء آخر من المجس!

جانبك الذي يريد حياة خالية من التعب لا يتفق جيدًا مع جانبك الذي يتوق إلى الانزلاق من فوق منحدر في ناميبيا مثل ريتشارد برانسون! [*]

يرى مجس التطلعات الأخلاقية أن بقية مجسات الأخطبوط ترى كل واحدة منها أنها أكثر انخراطًا وانغماسًا مع الذات من الأخرى.

 جزء من مِجَسِك الأخلاقي ينظر حوله ليرى عالمًا كبيرًا يحتاج إلى إصلاح كثير؛ إنه يرى بلايينًا من الناس ولدوا في ظروف قاسية وهم يستحقون عيش حياةٍ كريمة؛ يرون مستقبلاً غامضًا أمام التذبذب بين المدينة الفاضلة والمدينة الفاسدة [7] في الحياة، نستطيع دفع المستقبل في الاتجاه الصحيح إذا تمكنا من إبعاد المجسات الأخرى عن طريقنا.

بينما تتخيل المجسَّات الأخرى ما الذي ستفعله بحياتك إذا كان لديك مليار دولار في البنك، فإن المجس الأخلاقي يتخيل نوع التأثير الذي ستحدثه إذا امتلكت المليار دولار لنشرها.

ولا نحتاج لأن نقول إن المجسات الأخرى لأخطبوط تطلعاتك تجد أن المجس الأخلاقي لا يُحتمل. كما أنهم لا يستطيعون البدء في فهم العمل الخيري من أجل العمل الخيري! فهم يعتقدون: “الآخرون ليسوا أنا: لمَ أُفني وقتي وطاقتي في العمل لمساعدتهم؟” لكنهم قادرون على فهم العمل الخيري من أجل دوافعهم الخاصة، في حين يميل المجس الأخلاقي ومجس نمط الحياة إلى أن يكونا في صراعٍ مُباشر، قد يجد آخر أحيانًا أرضًا مشتركة يُمكن أن ينخرط المجس الاجتماعي في العمل الخيري لكسب الاحترام والإعجاب من فئة مجتمعية تحظى باحترامٍ كبير، وبعض الأشخاص على المستوى الشخصي. قد يجد المجس الشخصي المعنى أو القيمة لذاته لذلك يسعى للعمل الخيري.

لهذا؛ حين تُقدم عملًا خيريًا – أو أي عملٍ بدافع الإيثار – فبعض الأشياء المُتفرقة تحدث في رأسك. في مجسك الاجتماعي دافعك لهذا العمل هو الحصول على الشهرة، أما مجسك الشخصي يعتقد أنك شخصٌ صالح؛ ومجسك الأخلاقي يحب رؤية من تساعدهم وقد حسُن عيشهم. وكذلك عدم فعلك بأي شيء للآخرين يمكن أن يؤذيك على عدة مجسات – فمجسك الأخلاقي سيشعر بالذنب والحزن، والمجس الاجتماعي يخشى أن يُحكم عليك بالأنانية أو الجشع، والمجس الشخصي يُخفض من تقديرك لذاتك.

يعتقد مجس التطلعات العملية أن كل هذا جيد ورائع ولكنه سينبهك أن عليك دفع الإيجار في 31 مارس وهو يوم غد، والمضحك هنا أنك سجلت الدخول إلى حسابك المصرفي ورأيت أن الدولارات فيه أقل مما عليك دفعه لمالك الشقة في الـ 34 ساعة القادمة.

تعلم أنك أودعت هذا الشيك يوم الخميس وأنه يُفترض أن يتم مسحه صباح الغد، ولكن جميع المجسات قد أقسمت لمجسك العملي الشهر الماضي أنهم سيقدمون بعض التضحيات من أجل إنشاء حسابٍ بنكي احتياطي بمبلغٍ يسير حتى لا يكون دفع الإيجار هاجسًا مزعجا كل شهر.

لا يسع مجسك العملي إلا أن يُنبه مجسك الاجتماعي حين عرضت دفع ثمن المشروبات للتسعة الذين ذهبت معهم السبت الماضي حتى يروا أنك شخص نبيل وشهم، وحين يختار مجس نمط الحياة استئجار شقة جميلة جدًا لشخص يعيش الآن، فلتحقيق ذلك تأتيك التحديثات هادئة بشأن استثمارك في خدمة توصيل الخبز التي بدأها صديقك منذ ستة أشهر ذهبت بـ 2500 دولار لمساعدته وقد كان مجسك الأخلاقي سعيدًا بهذا، وفي ذلك الحين، يجعل مجسك الشخصي جميع مجساتك تكدح معًا في فترة تدريبٍ للكتابة الكوميدية، والتي أقدرتك بطريقة ما على جني أموال أقل مما كنت ستجني لو لبست ثياب ساحرة مصرية وانتظرت في جدول الدكتور جيكل والسيد هايد[8] لللسنة الثانية في الكلية.

في المستوى الأساس، تريد مجساتك العملية التأكد أنك تستطيع تناول الطعام وارتداء الملابس وشراء الأدوية التي تحتاج إليها وألا تعيش في الخارج.. ولا تهتم حقًا بكيفية حدوث هذه الأشياء – إنها تريد حدوثها فقط.

ولكن بعد ذلك، جميع من على الأخطبوط يجعل حياة مجساتك العملية صعبة جدا من خلال الانغماس في الأشياء السخيفة، وكلما ارتفع دخلك يقرر مجس نمط حياتك رفع سقف توقعاته، تاركًا مجسك العملي يستمر في الهراء محاولًا تغطية كل شيء حتى لا تضطر إلى زيادة ديون بطاقتك الائتمانية. يحوي مجسك الشخصي كل هذه الاحتياجات الغريبة التي تستغرق زمنا طويلا ولست من البارعين في جني الأموال في أحيان كثيرة. ومع أن مجسك العملي قد ينخفض عندما تطلب من عمك الغني بعض المال للمساعدة، فإن مجسك الاجتماعي يرفض طلب المال من الآخرين لأنه “غير لائق”، ويؤيده مجسّك الشخصي بقوله “نعم، نحن خير من أن نفعل ذلك”.

هذا هو الوضع. أخطبوطٌ مُتطلع في رأسك بخمسةِ مجسات – أو أيًا كان عددها – فلكل منها أجندتها الخاصة، والتي تتعارض غالبًا بعضها مع بعض. ثم ترى متطلبات التفرد والاستقلال لكل مجس، وغالبًا تتصارع فيما بينها، وإذا لم يكن ذلك كافيًا سينشأ لديك صراعٌ داخلي صاخب لتطلعٍ وحيد، كما هي الحال حين لا تجد رغبة في متابعة شغفك لاكتشاف ما تشغف به أكثر.

أو حين ترغب رغبة شديدة في أن تُقدّر، لكنك تتذكر أن الوظيفة التي تجعلك تفوز بالتقديرٍ من فئة ما من المجتمع ستتلقى بسببها استهجانًا من فئةٍ أُخرى، وقد تسقط من عين فئاتٍ أُخر!

أو حين تقرر إرضاء رغبتك في مساعدة الآخرين، قبل أن تدرك أن الجزء الذي يريد تكريس حياتك للمساعدة في تخفيف المخاطر المهددة لوجود الإنسان يزدري الجزء الذي يُفضل أن يكون ذا تأثير حسن ملموس في محيطك في المجتمع، في حين أن جزءًا منك لا يستطيع أن يقف مكتوف اليدين أمام الملايين الذين لا مياه صالحةً للشرب لديهم- يجد أن تلك الرغبات باردة جدًا وقاسية.

لذا، أخطبوط التطلعات معقد. ولم يُشبع أي إنسان – على مر التاريخ – أخطبوطه كاملا، ولهذا لن تجده راضيًا تمامًا، التطلعات البشرية هي لعبة الاختيارات والتضحيات والتسويات.

تشريح الأخطبوط

مع وضع ذلك في الذهن لنعد إلى (صندوق رغباتك)

عندما نفكر في أهدافنا الوظيفية ومخاوفنا وآمالنا وأحلامنا، فإن وعينا ليس إلا الوصول إلى محصول شبكة أخطبوط التطلعات، والي تجمع – عادةً – من أعلى أصواته، ومن خلال السبر في غور العقل الباطن نستطيع رؤية ما يحدث حقا [9]

الشيء الرائع أننا جميعًا قادرون على فعل ذلك، الأشياء الموجودة في عقلك الباطن مثل الأشياء الموجودة في قبو المنزل، غير محظورًا علينا دخوله إذ هو في الطابق السفلي، نستطيع الذهاب إليه في أي وقت لننظر إليه، لكن علينا أن نتذكر:

أ) أن في المنزل قبوًا

ب) أننا سننفق كثيرا من الوقت والجهد لنذهب إلى هناك، مع أن النزول إلى هناك قد يكون سيئًا!

لذلك فلنتوجه إلى الطابق السفلي في عقلك لنبحث عن الأخطبوط – ما لم تكن أحد الذين يمارسون تحليل عقلهم الباطن حقًا – فقد يكون الطابق السفلي مظلمًا، مما يُصعّب رؤية أخطبوطك. تتمثل عملية إشعال الضوء فيما يعلمه عقلك الواعي الآن عن رغباتك ومخاوفك، ثم تفكيكها.

كأنك ترى مسارا وظيفيا مُعينًا جميلًا، فكِّر في ذلك. أي مجساتك على وجه الخصوص يتطلع إلى تلك الوظيفة؟ وأي جزءٍ منها بعينه؟

إذا كنت لا تسعى في وقتك هذا إلى تلك الوظيفة التي ينبغي أن تتطلع إليها، فحاول معرفة سبب عدم سعيك إليها. إذا كنت تظن أن السبب هو أنك تخشى الإخفاق، فكك ذلك. قد ينشأ خوف الفشل من أي المجسات؟، وهذا ليس تحليلًا كافيًا. أنت تريد أن تجد المصدر المحدد للخوف.

 هل هو خوف الإحراج، أو خوف أن يحكم الآخرون على ذكائك بأنه قلّ، أو خوف الظهور بمظهر الفاشل في اهتماماتك الرومانسية؟ هل هو خوف مجسك الشخصي اهتزازَ صورتك، أو تيقنك بعد الشك فيها الذي يطاردك؟ هل هو خوف مجس أسلوب الحياة خوفا شديدا أن تُضطر إلى خفض وضعك المعيشي، أو خوف جلب التوتر وذهاب الاستقرار عن حياة يمكن توقعها؟ أو قد لا ينشأ الخوف أن ينخفض مستوى المعيشة من مجس نمط حياتك في الواقع، بل من مجسك الاجتماعي أكثر – بمعنى آخر – هل يمكن أن تكون غير مبالٍ بتغيير الشقة نفسها ولكنك قلق جدا بشأن الرسالة التي ستصل عن طريق نمط الحياة إلى أصدقائك وعائلتك؟ أو أنك لا تستطيع الآن الرجوع عن التزامات مالية معينة، ومجسك العملي في ذعر شديد بشأن كيفية تلبية احتياجاتك للمال إذا استغرق هذا التحول الوظيفي وقتًا طويًلا، أو لم ينجح من باب أولى؟  أم أن كل هذه المخاوف تتحد معًا لتمنعك من هذه القفزة؟

قد لا تظن حقًا أن خوف الفشل هو ما يمنعك بل شيء آخر، قد يكون خوف التغيير في الهوية – من الداخل والخارج – الذي يصاحب قفزة وظيفية كهذه حتماً. قد يكون هذا هو الوزن الثقيل للجمود – مقاومة شديدة للتغيير – الذي قد يكون موجودا ويغلب على كل تطلعاتك. في كلتا الحالتين، قد ترغب في تفكيك الشعور وتسأل نفسك بالضبط ما هي المجسات التي تعارض تغيير الهوية، أو المدفوعة برفضها بسبب الجمود.

ربما أنت الصنوبر التي ستغدو غنية! أنت تتخيل حياة تربح فيها 1.2 مليون دولار كل عام، وتشعر بدافع كبير إلى تحقيق ذلك. قد ترغب جميع المجسات الخمسة في الثروة في أحوال معينة، لكل منها أسبابها الخاصة. فككها.

أثناء تفريغ محرك داخلي لكسب المال، ربما تكتشف أن دافعه هو الشعور بالأمان أكثر من الثروة. يمكن تفكيكها أيضًا.

التطلع إلى الأمان في أهون حالاته في مجسك العملي وهو ما يقوم به حقًا، ولكن قد لا يكون ما تريده هو الأمن الأساسي كما تريد ضمانَ مستوى معين من الخيال الذي يتطلع إليه مجس نمط حياتك أو مجسك الاجتماعي. أو ربما يكون ما تريده حقًا هو مستوى من الأمان لا يمكن أن يُقال له التطلع إلى الأمان – عوضًا عن ذلك – قد يكون مدفوعًا بعاطفة تَطَلّبِ الرفاهية في نمط حياتك لتخفيف الضغوط المالية المستمرة، بغض النظر عن وضعك الآن.

إجابات كل هذه الأسئلة في مكان ما على مجسات أخطبوط التطلعات، وبطرح أسئلة مثل هذه والغور عميقا كفايةً لتحديد الجذور الحقيقية لتطلعاتك المختلفة، تبدأ في إشعال ضوء القبو والتعرف على أخطبوطك بكل تعقيداته.

ستفهم أيضًا أي تطلعاتك يتحدث بأعلى صوت في عقلك وله تأثير كبير في اتخاذك القرار. سيبدأ التسلسل الهرمي للتطلعات في الكشف عن نفسه سريعا. ستحدد التطلعات التي تتحدث بصوت عالٍ وتقطع الطريق على التطلع الذي يبكي بأعلى صوته ولكن الأجزاء ذات الأولوية العُليا لدى الأخطبوط تُزيحه دوما، التطلعات التي يُظن أنها استسلمت لبقائها في مكانٍ مُنخفض في التسلسل الهرمي.

البحث عن المحتالين

نحن نحقق تقدمًا جيدًا لكننا بعدُ في البداية، ما إن يكن لديك صورة واضحة عن أخطبوط تطلعاتك، تستطيع البدء في العمل الحقيقي، العمل الذي يحدث أسفل عقلك الباطن، آخر الطابق السفلي، هنا تستطيع تجهيز غرفة استجواب صغيرة وإحضار كل تطلع واحد تلو الآخر ليُستجوب.

ستبدأ بسؤال كل تطلع: كيف انتهيت إلى هنا؟ ولماذا أنت على ما أنت عليه؟ الرغبات والمعتقدات والقيم والمخاوف لا تأتي من العدم. لقد طورها وعينا الداخلي بمرور الوقت حيث تتدفق الملاحظات وتجربة الحياة، أو يزرعها فينا شخص آخر من الخارج. بلفظ آخر، هُم نتاجك إما طاهيا أو طباخا!

لذا فالهدف هنا في غرفة استجوابك المرعبة هو شد وجوه كل تطلعاتك لمعرفة أهو أنت فعلًا، أم شخص آخر يتنكر في زيك!

تستطيع شد وجه تطلعك بلعبة لماذا؟ ستسأل في البداية لماذا – لماذا أريد هذا الشيء؟ – وستصل إلى أحد الأسباب، ثم تستمر.

لمَ قادك هذا الأمر بعينه إلى ما أنت عليه الآن؟ ومتى اكتسب كثيرا من التأثير عليك؟ سوف تحصل على أعمق سبب من هذه الإجابة، وإذا تابعت هذا، فستكتشف عادةً أحد أشياء ثلاثة:

  • تتبع “لماذا” لتعود إلى أصل السبب وتكشف عن سلسلة طويلة من التطور الحقيقي الحاصل من التفكير الحر العميق. سوف تشد وجوههم وتتأكد أن الجلد حقيقي – وليس زي تنكر -.
  • تتبع “لماذا” للرجوع إلى النسخة الأصلية؛ لأن شخصًا آخر يسكن داخلك، أظن أن السبب الوحيد لامتلاك هذه القيمة هو أن أمي فرضتها عليّ نوعًا ما، وأنت تدرك أنك لم تفكر في ذلك قط، ضع في ذهنك: هل توافق عليه بقناعتك؟ لا تتوقف أبدًا عن سؤال نفسك إن كانت حكمتك المتراكمة تعطي سببا – حقيقة – لمستوى الاقتناع عندك تجاه هذا المعتقد الأساس. في هذه الحالة، يُكشف عن تطلعٍ مُحتال يريك أنه تطلعٌك الحقيقي. فتشد وجهه ليسقط القناع، وينكشف التطلع الحقيقي المختبئ خلفه.
  • تتبع “لماذا” ذهابا وإيابا وستتوه – نوعا ما – في ضباب “أظن أنني أعرف هذا فقط؛ لأنه صحيح!” قد يكون هذا شيئًا حقيقًيا، أو أنه ما هو إلا نسخة مُقلدة أخرى منك، إن لم تستطع تذكر اللحظة التي بدأ فيها هذا الشعور عندك في مكان ما داخلك، سيكون لديك حدس بشأنه.

في السيناريو الأول، تستطيع أن تفخر بأنك طورت هذا الجزء منك لتكون طاهٍ. شعور أو قيمة حقيقة اكتسبتها بشق الأنفس.

في السيناريو الثاني أو الثالث، اكتشفت أنك تعرضت للاحتيال. تركت شخصًا آخر يتسلل إلى أخطبوط تطلعاتك حين كنت غافلًا.

في شأن معتقداتك، أنت طباخ تتبع وصفة شخص آخر، وآليٌ مُطيع يتلقى الرغبات والمخاوف من شخص آخر.

قد تكون شخصًا حصيفًا يكشف فحصه عن أخطبوط طورته أنت في الغالب وحُدّث بسهولة – على الأرجح أنت مثلي ومثل معظم أصدقائي -، غرفة استجوابك تكشف بعض المحتالين أو تكشف كثيرا من الغموض على الأقل، ستجد والدتك مثلًا تحت أحد الأقنعة.

ستجذب الآخرين للكشف عن قيم وأحكام الحكمة التقليدية المنتشرة، أو وجهات نظر مجتمعك المتأصلة فيه، أو ما يُعد رائعًا من خلال الثقافة السائدة جيلَك، أو الثقافة المنتشرة في أصدقائك.

ستصل أحيانًا إلى نهاية مسار (لماذا – لأن) فقط لتجد فلسفةً في رواية مشهورة، أو شيئا قاله لك بطلك المشهور في مقابلة، أو رأيا قويا ظل أستاذك يكرره.

قد تجد أن بعض التطلعات والمخاوف قد كتبتها أنت … عندما كنت في السابعة من عمرك. مثل حلم الطفولة الذي حُفر في مؤخر وعيك بكونه ما تظن أنك تريده حقًا، حين تكون صادقًا حقا.

قد لا تكون غرفة الاستجواب ممتعة كذلك. لكن حان لك أن تمكث فيها، لأنك لست طفلًا في السابعة، كما أنك لست أحد والديك أو أصدقائك أو جيلك أو مجتمعك أو أبطالك أو قراراتك السابقة أو ظروفك الأخيرة.

في سنك الآن أنت الشخص الوحيد، والنسخة الوحيدة من نفسك، وأهلٌ لتحديد ما ترغب فيه وما لا ترغب.

لنكن واضحين، هذا لا يعني أن العيش وفقًا لحكمة والدك خطأ، أو وفقًا لمقولة فيلسوفٍ شهير، أو لرأي أصدقائك الذين تحترمهم، أو لقناعاتٍ أصغر منك. المتواضعون قادرون على التأثير، التأثيرات جزء مهم ومحتّم من صفات كل واحد منا. الفرق الرئيسي هو:

هل تعامل الكلمات المؤثرة من الخارج معاملة المعلومات، تحفظها عندك وتراعيها وتتبناها معتنيًا؟ أم أنها هي نفسها في عقلك، متنكرةً داخلك؟

هل تريد الشيء نفسه الذي يريده شخص آخر تعرفه لأنك سمعته يتحدث عنه، وفكرت فيه مع تجربتك في الحياة، وأخيرا قررت ذلك – الآن – أنك توافقه؟ أم لأنك سمعت شخصًا يتكلم عما يريده أو يخافه، وفكرت: “أنا لا أعرف الهراء الذي يتحدث عنه، لذلك إذا ذكروا أن س صحيح، فأنا متأكد أنهم على حق” – ثم رسخت هذه الأفكار في ذهنك، ولم تشعر أبدًا بحاجة إلى استجوابها؟

ما سبق هو ما يفعله الطهاة. هذا الأخير هو ما تفعله عندما تكون إنسانًا مطيعًا. وعندما يخطر ببالك – في مرحلة ما – أن غيرك أهل أن يكون “أنت” أكثر منك تصبح آليًا.

النبأ السار أن كل البشر يرتكبون هذا الخطأ وتستطيع إصلاحه، مثل عقلك الباطن موجود لمشاهدته إذا شئت، فهو موجود أيضًا للتغيير والتحديث. هو رأسك ويُسمح لك أن تفعل به ما تشاء.

لذا حان لك أن تفرغ. يجب أن يذهب المتنكرون. حتى أمك وأبوك. [10]

أخيرا، قد يبدو أخطبوطك مجدبًا قليلا، مما يُشعرك قليلاً أنك لا تعرف أصلًا مَن أنت بعد الآن. عادة نفكر في هذا أنه شعور سيء، أو أزمة وجودية مثلا، لكنه – في الواقع – يعني أنك تقوم بعمل أفضل من معظم الناس.

الرجوع عن الثقة العمياء إلى التواضع الواقعي لن يُرضيك، لكن إيقاف الأفعوانية أن تنزلق وأنت لا تزال في أعلى المنحدر لتتجنب ألم الاصطدام – الذي اتضح أنه تحرك كثير من الناس – ليست استراتيجية رائعة.

لا ترتبط الحكمة بالمعرفة، إنها مرتبطة بالتعامل مع الواقع، لا يتعلق الأمر بمدى اقترابك من اليمين على الرسم البياني، بل هو مدى قربك من الخط البرتقالي. الحكمة تؤلم في البداية، لكنها المكان الوحيد الذي فيه يحدث النمو الحقيقي.

 المفارقة أن الذين يقفون على حافة الهاوية يظهرون أكثر حكمة، ويرغبون في تشجيع سكان الوادي أكثر، أم أن من يواصلون التسلق وهم مستاؤون من أنفسهم؛ لأنهم لا يدرون أساسا كيف يعرفون أنفسهم. ما وصلوا إلى تلك المرحلة بعد.

التعرف على نفسك الحقيقية أمر صعب جدا ولا يكتمل أبدًا. ولكن إذا تعثرت من على المنحدر، فقد مررت بمحطات العبور الرئيسة وأصبح التقدم مستطاعا الآن. عندما تتسلق الخط البرتقالي، ستبدأ إعادة ملء أخطبوط تطلعاتك مع نفسك الحقيقية بطيئًا ولكنك ثابت.

في وقتك هذا، قد لا تتضح ما هي تلك تطلعاتك المفقودة بالضبط؛ لأنها في أعمق أرض من عقلك الباطن، أسفل الطابق السفلي من القبو، في مكانٍ يُسمى سجن الإنكار.

سجن الإنكار

سجن الإنكار في دماغنا مكان لا يعرف معظمنا أنه موجود أصلا، هو المكان الذي نضع فيه التطلعات التي نقمعها وننكرها.

تطلعاتنا الحقيقية التي نتواصل معها، أي: تلك التي أثبتت صحتها أثناء الاستجواب – كانت أجزاء واضحة من أنفسنا حقيقةً نجدها في عقلنا الباطن، مستلقية على مرأى من الجميع، تحت وعينا مباشرة، كلٌ يعرف هذه التطلعات جيدًا حتى عقلنا الواعي؛ لأنها كثيرًا ما تشق طريقها إلى الأعلى في أفكارنا. هذه هي الأجزاء التي تربطنا بها علاقة سليمة.

ولكن بعد ذلك، أجزاء منك لم تكن تعيش على أخطبوطك حيث يُفترض أن تكون، بدلاً من ذلك وجدت محتالين في أماكنها، غالبًا يكون الوصول إلى هذه الأجزاء المفقودة منك صعبًا جدا؛ لأنها كانت تعيش في أعماق عقلك الباطن، على أرض منخفضة جدًا حتى أنها تكاد تكون معدومة.

بعض تطلعاتنا تُقصى في الطابق السفلي لأنه يؤلمنا جدا أن نعترف أو نفكر بها. أحيانًا، تولد تطلعاتٌ جديدة منا فقط لتحبس فورًا في السجن وهذا جزء من إنكار تطورنا، أي: عنادًا، ولكن أحيانًا يكون تطلعٌ منا في سجن الإنكار لأن شخصًا آخر قد حبسه هناك، قد يضع أي دخيل متنكر بعض تطلعاتك هناك ويحل محلها.

إذا استطاع والدك إقناعك أنك مهتم بالحصول على مهنة مرموقة، فيُحتمل أنه أقنعك أيضًا أن الجزء الذي في أعماقك يريد أن يكون نجارًا لست أنت وليس هذا ما تريد حقًا. في مرحلة ما خلال طفولتك، أُلقيَ شغفك بالنجارة في زنزانة مظلمة ورطبة في سجن الإنكار.

لذلك فلتجمع شجاعتك ولتتوجه إلى أسفل الطابق السفلي من قبو عقلك ولنر ما ستجد.

قد تمر ببعض الشخصيات المزعجة.

اتركهم لوقت آخر، أما الآن فابحث عن التطلعات المتصلة بالوظيفة. قد تجد شغفًا مكبوتًا بالتدريس. أو رغبةً في أن تكون مشهورًا قد أخرجتك جماعتك. أو حبًا عميقًا لقِطَع التركيب في أوقات الفراغ التي ركلتها في مراهقتك إلى الطابق السفلي لأجل طموح محتدم.

سترى هناك أجزاء معينة من شخصيتك الحقيقية لن تتمكن من الكشف عنها في سجن الإنكار إذ هو مظلمٌ جدا. لكن تحلّ بالصبر الآن بعد أن أجريت تدقيقك وأفسحت مساحة لهم على أخطبوطك سيبدأون بالظهور.

ترتيب الأولويات

سيتناول الجزء الآخر أخطبوط التطلعات بالتدقيق والمعالجة للتسلسل الهرمي لتطلعاتك، لا تقل أهمية التطلعات نفسها تقريبًا عن الأولوية التي تعطى لها، رؤية التسلسل الهرمي سهلة؛ لأنه يظهر في أفعالك، قد تظن أن الرغبة في فعل شيء جريء في مرتبة عالية في التسلسل الهرمي، ولكنك إذا كنت لا تعمل الآن على شيء جريء، فستكتشف أنه مهما كانت الجرأة مهمة عندك، فإن شيئا آخرَ – مصدر لخوفك أو جمودك – يُمنح الآن الأولويةَ القصوى.

تذكر أن ترتيب التطلعات هو أيضًا ترتيبٌ للمخاوف أمرٌ مهم. يحوي الأخطبوط أي شيء قد يرغّبك في ممارسة وظيفة معينة أو يُنفّرك عنها، والجانب العكس لكل تطلع هو الخوف المُصاحب له. الجانب الآخر من التطلع هو الإعجاب، ومن الخوف هو الإحراج، إذا قلبت رغبتك في تحقيق الذات فسترى خوفًا من ضعف الإنجاز. الجانب الآخر من الشغف بتقدير ذاتك هو الخوف من الشعور بالعار. إذا كانت أفعالك لا تتطابق مع ما تعتقد أنه التسلسل الهرمي الداخلي لأمانيك، فعادةً ما يكون ذلك بسبب أن نسيت التفكير في الدور الذي تؤديه مخاوفك. ما يبدو كأنه دافعٌ يسعى للنجاح، مثلا: قد يوجد شخص يهرب من صورة سلبية عن نفسه، أو يحاول الهرب من مشاعر سلبية: مثل الحسد أو الامتهان، إذا بدت أفعالك ممتنة للتطلع الذي لا ترى أنك تهتم به كثيرًا، فربما لم تبحث عن مخاوفك بما فيه الكفاية.

مع جعل التطلعات والمخاوف في الذهن، فكر في الشكل الذي قد يكون عليه التسلسل الهرمي الداخلي، وأعد نفس السؤال المهم: “من أصدر هذا الأمر؟ أهو أنا؟ “

مثلًا: كثيرًا ما يُقال لنا “اتبعوا شغفكم”، ما يقوله المجتمع: “ضع رغباتك العاطفية في قمة التسلسل الهرمي” هذه تعليمات محددة جدا، قد يكون هذا هو الصواب لك، ولكنه كذلك قد لا يكون جيدًا، إنه شيء تحتاج تقييمَه تقييمًا مستقلًا.

لنحصل عليه بشكل صحيح، لنحاولْ إجراء تصنيفٍ جديد، من المبادئ الأولى، بناءً على ما كنا عليه، وكيف تطورنا مع الوقت، وما نهتم به الآن.

لا يتعلق الأمر بتعيين التطلعات أو المخاوف التي لها صوتٌ أعلى أو المخاوف الواضحة، إذا كان الأمر كذلك فستترك دوافعك تقود حياتك. الذي يقوم بالترتيب هو أنت، مركز الوعي الصغير الذي يقرأ هذا المنشور والذي يستطيع مراقبة أخطبوطك والنظر إليه نظرا موضوعيا هذا ينطوي على نوع آخر من التسوية. من ناحية أخرى، ستحاول الاستفادة من كل الحكم التي تراكمت لديك طول حياتك لاتخاذ قرارات فاعلة بشأن ما تراه مهمًا.

على الجانب الآخر يتعلق الأمر بقبول الذات والتعاطف معها، أحيانًا سيكون لديك تطلع شديد لا تستطيع إنكاره ولست فخوراً به، سواء أعجبك ذلك أم لا، فهو جزء منك، وعندما تتجاهله، قد تتسبب في صنع رائحة نتنةٍ مستمرة تبعث فيك التعاسة، إن إنشاء التسلسل الهرمي للتطلع هو عطاء وأخذ بين ما هو مهم ونفسك. يُحتمل أن يكون إعطاء الأولوية لصفاتك الفاضلة هدفًا جيدًا، ولكن لا بأس بسحب بعض صفاتك الوضيعة أيضًا اعتمادًا على المكان الذي تقرر فيه رسم الخط، هناك حكمة لمعرفة متى تقبل جانبك الوضيع ومتى ترفضه تمامًا.

لنحصل على كل هذا بالترتيب، نريد نظامًا جيدًا تستطيع التلاعب به حسبما يناسبك، تعجبني فكرة الرف:

تُقسم الأشياء فيه إلى خمس فئات تُوضع المحركات الداخلية ذات الأولوية القصوى في وعاء خاص (غير قابلٍ للتفاوض)، وعاء (غير قابلٍ للتفاوض) لتطلعاتك المهمة جدًا لك حتى أنك تريد تحقيقها وإن ضرَّ ذلك جميع التطلعات الأخرى.

هذا هو سبب أن عديدًا من أبطال التاريخ الذين كانوا يشتهرون بتفردهم كان لهم تطلعٌ شديد جدا إلى وعاء (غير قابل للتفاوض) وقادهم إلى الشهرة، على حساب العلاقات والتوازن والصحة غالبًا، الوعاء صغير الحجم؛ ليُستخدم باعتدال على كل حال، قد يتسع لشيء واحد، أو اثنين أو ثلاثة. وجود كثيرٍ من الأشياء في وعاء (غير قابل للتفاوض) يُفقدها أهميتها، مما يجعل وجودها فيه كعدمه.

مجموعة الموضوعة في الأفف العليا غالبًا ستُحرك خياراتك الوظيفية ولكن يجب أيضًا ملء الرف العلوي باعتدال (وهذا سبب كونه غير كبير جدًا). الأرفف لا تلغي ترتيب الأولويات وإنما تحددها، أنت لا تختار أهم ما يجعلك سعيدًا فقط، بل تختار أيًا منها تترك أو قد تعارضه مباشرة، بغض النظر عن شكل تسلسلك الهرمي، سوف تشعر بالبؤس والخوف عند ترك بعض تطلعاتك وكأنك تُعرضها للأذية، هذا أمر لا مناص منه.

لذا يجب أن تكون معظم التطلعات على الرف الأوسط أو السفلي أو في سلة المهملات. الرف الأوسط مفيد للوضيع من التطلعات والتي تحاول تقبّلها، فهم يستحقون الملاحظة، وغالبًا ما سيطلبون ذلك. أما تطلعاتك الأساسية فلا يجب أن تتجه إلى خانة الَّلاأولويات، فيمكن أن تفسد حياتك – أحيانًا – إذا أُهمِلت.

سيصير معظم ما تبقى إلى الرف السفلي، إنّ وَضع جزء منك على الرف السفلي كأنك تقول له: “أعلم أني أصبو إليك، لكنني قررت أن أشياء أخرى أكثر أهمية منك الآن، سأعود لزيارتك مرةً أخرى، بعد حصولي على معلوماتٍ أكثر، وإذا غيرت رأيي فيك، فستحصل على ترقية في الأرفف”.

أفضل طريقة للتفكير في الرف السفلي هي: كلما زادت التطلعات التي تقبل بالرف السفلي، كانت فرص تطلعات الرف العلوي أن تدخل وعاء (غير قابل للتفاوض) أفضل لتحصل على ما تريده، وكذلك كلما قلَّت التطلعات التي تضعها على الرف العلوي، زاد احتمال تحقق تلك التي على الرف العلوي، وقتك وجهدك محدودان جدا، لذا فهذه تسوية صفرية. خطأ الهواة أنهم يتوسعون مع وعاء (غير قابل للتفاوض) والرف العلوي، ومعتدلون جدًا مع الرف السفلي مع اتساعه!

ثم ترى سلة المهملات للدوافع والمخاوف التي ترفضها تمامًا، تلك الأجزاء التي تنتهك شخصك الحصيف أساسًا، ينشأ قدر كبير من الصراع الداخلي من علب قمامة الأشخاص، وتستطيع التحكم في القمامة كونها مكونا رئيسًا للصدق والإرادة. ولكن – مثل باقي قرارات التسلسل الهرمي – معاييرك لما يمكن عدّه مهملات يجب أن تكون مستمدة من تفكيرك العميق، وليس مما يخبرك الآخرون أنه ليس مهملات.

وأنت تخوض العملية المجهدة لتحديد الأولويات، فأنت تقاتل ضد الاحتجاجات الصاخبة للتطلعات البائسة والتي لا تحظى بالأولوية، تذكر أنك الشخص الحكيم الوحيد في الغرفة، التطلعات والمخاوف صبرها نافد وإدراكها كامل الصورة سيئ، حتى التطلع الذي يبدو ساميًا، كالموجودين في المجس الأخلاقي، لا يستطيع فهم الصورة الكاملة كما تراها. بعض الأشخاص الذين قدّموا كثيرا لجعل العالم أفضل وصلوا إلى هناك بدوافع أنانية مثل الثروة والإنجاز الشخصي، قد تكون دوافعهم الأخلاقية تكره ذلك، الأخطبوط ليس هو الشخص البالغ والعاقل في هذه الغرفة، هذه مهمتك.

أخيرًا – كما سنناقش ذلك لاحقًا – هذا ليس قرارًا دائمًا، بل على العكس، هي مسودة تقريبية كُتِبت بقلم رصاص خفيف. إنها فرضية ستتمكن من اختبارها ثم مراجعتها بناءً على شعورك حين تطبق هذا التسلسل الهرمي.

صندوق رغباتك جاهز للاستخدام، الآن لننتقل إلى صندوق واقعك.

التحليل العميق: الجزء 2: صندوق واقعك

يتعامل صندوق الرغبات مع ما ترغب فيه، على حين يتعامل صندوق الواقع مع ما تقدر عليه.

ولكن عند فحصنا “صندوقَ الرغبات“، أصبح واضحًا أنه لا يعتمد بالضرورة على ما تريده حقًا، فهو يعتمد على ما تظن أنك تريده، أي: ما كنت معتادا أن ترغب فيه.

نفس الأمر مع صندوق الواقع. لا يُظهر لك الواقع، بل يُظهر لك أفضل صورة لما قد يكون عليه الواقع، “تصورك للواقع”.

الهدف من الانعكاس الذاتي هو تقريب هذين الصندوقين من الدقة قدر المستطاع، نريد أن تكون رغباتنا المتصورة انعكاسًا حقيقيًا لذواتنا الحقيقية، نريد أن نعتقد أن ما يمكن الاقتراب منه خلاف ما هو ممكن بالفعل. حين حلّلنا صندوق الرغبات نظرنا إلى ما وراء غطاء صندوق الرغبات ووجدنا إعداداته (تطلعاتك ومخاوفك). عندما نفتح غطاء صندوق واقعك، نرى مجموعة من المعتقدات.

عندما يتعلق الأمر بإمكانات حياتك الوظيفية، فأنت تتعامل مع مجموعتين من المعتقدات: المعتقدات المنتشرة عن العالم والمعتقدات عن قدراتك. لتحصل على خيار مهني يكون أهلًا لبرنامج صندوق الواقع، يجب أن ترقيَ قدراتك في هذا المجال الوظيفي إلى مستوى الصعوبة الموضوعية لتحقيق النجاح في هذا المجال.

قد نكون سيئين جدًا في تقييم موضوعي لهذه المقارنة بدقة.

لا أعرف كيف تفكر في صعوبة المسار الوظيفي، ولكن من واقع خبرتي، غالبًا ما يرى الناس الأمر هكذا:

وظائف تقليدية: مثل الطب، القانون، التدريس، الشركات.. وما إلى ذلك، وهذه الوظائف لها مسارات مُحددة يمكن توقعها، إذا كنت متميزًا وتعمل مجتهدا، فسوف تصل إلى درجة ناجحة ومستقرة.

ثم وظائف أقل تقليدية: الفنون، ريادة الأعمال، والعمل التطوعي، والسياسة.. وما إلى ذلك، وهذه ليست سوى أشياء بديلة. ليس النجاح والاستقرار مضمّنين فيها، وكذا الوصول إلى مستويات عالية، فهي إما لعبة الفوز فيها بالحظ، أو لعبة الفوز فيها لأصحاب الموهبة، أو مزيج من الاثنين.

هذه افتراضات معقولة جدا إذا كنت تعيش في عام 1952، فمعتقداتك عن عالم الوظائف وما يُطلب للنجاح تحتاج إلى بحث شامل كما فعلت مع تطلعاتك، وأظن أنك ستجد الحكمة التقليدية ثقيلة الوزن وراء معظمها، قد تقوم أولاً بنزع قناع أحد معتقداتك والعثور على والديك أو أصدقائك أو مدربك الوظيفي بالجامعة، ولكنك إذا واصلت التحقق من وجوههم، فسترى عادةً أن أحدهم مختبئٌ خلف قناع حكمة تقليدية، أو تصور عام، أو رأي عام، أو إحصائية يتم الاستشهاد بها كثيرًا[11] لم يُتحقق من مصداقية أي منها، ولكن المجتمع يعاملها جميعًا على أنها إنجيل.

يمر العالم اليوم كل عقد بتغيرات جذرية، وهذا يجعل الحكمة التقليدية شيئًا عفا عليها الزمن. لكننا نتعامل مع عالم أكثر قدمًا حيث لم يتغير شيء تقريبًا، لذلك نحن جميعًا نفكر مثل الطباخين ونتعامل مع الحكمة التقليدية على أنها حقيقة.

ثم تمتد هذه المشكلات إلى كيفية رؤيتنا لقدراتنا، حين تبالغ في تقدير أثر الموهبة الفطرية على أداء الناس في حياتهم الوظيفية، وتجمع أيضًا بين مستوى الموهبة والمهارة، فلن تقنع بفُرصك في مسارات عديدة.

نحن أقل عرضة للقيام بذلك معهم؛ لأننا نفهم مسار الوظائف التقليدية أفضل منهم، يرى طالب الطب  – في السنة الأولى –  جراحًا متمرسًا في العمل ويقول لنفسه: “أستطيع الوصول إلى هناك يومًا ما، ما علي سوى أن أعمل عشرين سنةً تقريبًا عملًا شاقًا” ولكن عندما يُرى فنان شاب، أو رائد أعمال، أو مهندس برمجيات، قد وصل لمستوى الجراح المُتمرس في مجاله، يُرجح أن يقولوا لأنفسهم: “انظروا كم هم موهوبون، أنا لست قريبًا من هذا فضلا عن أن أصل إليه” وأنك لست أهلًا لأي شيء، فكرة شائعة أخرى أيضًا، مفادها أن الأشخاص الذين ينجحون في وظائف غير تقليدية قد حصلوا على “قفزة كبيرة” في مرحلة ما، مثل الفوز بالجائزة الكبرى لبطاقة الكشط والربح، ولا أعرف كثيرا من الأشخاص يرغبون في المخاطرة بوظائفهم وتجربة البطاقات.

هذه مجرد أمثلة قليلة على عدد كبير من الأوهام والمفاهيم الخاطئة التي نميل إليها في كيفية الحصول على وظائف رائعة، لذلك لنطرحْ أفكارًا عن كيفية تطبيق ذلك في الواقع:

المشهد الوظيفي:

ليس لدي فكرة غالبًا، وأظن أن معظم الناس ليس لديهم فكرة أيضا، الأمور تتغير سريعة جدًا.

ولكن هذا نوع من النقطة الأساس، إذا تمكنت من معرفة كيفية الحصول على صورة دقيقة متزنة للمشهد الوظيفي الفعلي، فستكون متميزًا عن أي شخصٍ آخر يستخدم الحكمة التقليدية كتيبًا للتعليمات.

أولاً: المشهد الواسع: مجموعة الوظائف التي تستطيع أن يحصل عليها شخص ما في مجتمعنا اليوم. وصف وظيفتي هو: “كاتب مقال من ثمانية آلاف إلى أربعين ألف كلمة عن مجموعة من الموضوعات المختلفة، مع شتم وشخصيات عصويَّة، وبجدول زمني متقطع على وجه ملحوظ”. هل تظن أن الحكمة التقليدية لديها أي فرصة لتؤدي دورها معي مع هذا الوصف؟ يتكون المشهد اليوم من آلاف الخيارات، قريب من أربعين عامًا، بعضها أصبح متاحًا قبل ثلاثة أشهر فقط؛ بسبب ظهور بعض التقنيات الجديدة وطرق عمل الأشياء اليوم، إذا أردت خيارًا غيرَ موجود بالفعل فقد تستطيع إنشائه وحدك، مرهقٌ جدًا لكنه مثيرٌ أيضًا ولا يصدق.

ولكل وظيفة مسارٌ محدد: المسار الوظيفي يشبه لوح اللعب، يحوي رف كتب الحكمة التقليدي على كتيبات تعليمات لجزءٍ يسير من ألواح اللعب المتاحة اليوم، وعادةً تخبرك كيف لُعبت هذه اللعبة قبل، مع أن لوحة اللعبة الآن قد تطورت جدا إلى أشكال جديدة، الفرص والقواعد والثغرات المختلفة.

عندما تفكر في المسار الوظيفي اليوم لإجراء تقييم دقيق لما يبدو عليه المسار، ونقاطِ القوة والضعف التي تفضلها، عليك أن تفهم كيف هي لوحة اللعبة الآنية لتلك الوظيفة، وما سوى ذلك يشبه محاولة تقييم فُرصك في أن تصبح لاعبَ كرة سلة جيدًا بناءً على طولك وقوتك دون أن تدرك – مثلًا – أن كرة السلة قد تطورت وتُلعب الآن في ملاعب كبيرة تحوي عشر لفات مختلفة طولها سبعة أقدام، واللعبة الآن تحتاج السرعة أكثر من الطول والقوة.

هذه أخبار جيدة، قد توجد عشرات المسارات الوظيفية الرائعة التي تتناسب مع نقاط قوتك الطبيعية، وقد يكون معظم الأشخاص الذين يحاولون النجاح في تلك المسارات يلعبون وهم يتّبعون تعليمات كتاب قواعد وإرشادات عفا عليها الزمن، إذا فهمت شكل لوحة اللعب فعلًا ولعبت وفقًا للقواعد الجديدة، فلديك ميزة كبيرة.

 قدراتك

وهذا يقودنا إليك وإلى نقاط قوتك، لا نقوم بتقييم نقاط قوتنا بناءً على لوح اللعبة الخاطئة فقط (كما في مثال كرة السلة)، بل قد يكون في ذهننا لوح اللعبة الصحيحة، ونكون سيئين في تحديد نقاط القوة الحقيقية التي تتطلبها تلك اللعبة.

عند تقييم فرصك في مسار وظيفي معين فإن السؤال الرئيس هو:

كم من الوقت تحتاج لتصبح جيدًا كفايةً في هذه اللعبة لتصل إلى مستوى النجاح في تلك الوظيفة؟

أحب أن أرى رحلةَ “جيد في اللعبة بما فيه الكفاية للنجاح” على أنها مسافة، تبدأ من حيث حالتك الآن – النقطة أ – وتنتهي بوصولك للنجاح، والذي يمكننا رسمه بنجمة.

يعتمد طول المسافة على مكان النقطة (أ) مدى طولك في الوقت الحالي، ومكان النجمة (تعريفك للنجاح (

لذا إذا كنت خريجًا جامعيًا وتخصصت في علوم الحاسوب وكان هدفك الوظيفي أن تصبح مهندسًا في (غوغل)، فقد تكون المسافة التي تقطعها هي:

ولكن إذا لم تكن قد مارست أي نوع من علوم الحاسوب من قبل، وكان هدفك الوظيفي أن تصبح أفضل مهندس في (غوغل)، فلديك طريق أطول بكثير:

إذا كان هدفك إنشاءَ (غوغل) جديدة، فسيصبح الطريق أطول بكثير.

في هذه المرحلة قد تظهر الحكمة التقليدية كالصوت في رأسك وتشير إلى أن الحصول على مستوى جيد بما فيه الكفاية في مهارة معينة لا يضمن النجاح وحده، فقد تصل إلى (النجمة) في مسارٍ وظيفي وما زلت تجد أنك لم “تصنعها” حتى الآن.

وهذا غالبًا خطأ؛ لأنه سوء فهم (للنجمة)، (النجمة) لا تتعلق بمستوى مهارة معينة، مثلًا: القدرة على وضع قوانين أو مهارات التمثيل أو الخبرة في الأعمال الحرة، يتعلق الأمر باللعبة كلها، تميل الألعاب في الوظائف التقليدية إلى أن تكون أوضح، إذا كنت تريد أن تصبح جراحًا بارزًا، وتحصل على درجة كفاءة عالية في عملك، فقد تكون أصبت (نجمتك) وستحصل على وظيفتك.

لكن ألواح الألعاب في الوظائف الجديدة غالبًا ما تحوي عوامل عدة، الوصول إلى (نجمة) “أريد أن أصبح ممثلًا مشهورًا” لا يعني ببساطة أن تكون جيدًا في التمثيل مثل (مورغان فريمان) [12] بل يعني أن تصبح جيدًا في لعبة الممثل كما يحصل عليه معظم نجوم السينما في الوقت الذي يترقون فيه. القدرة على التمثيل ليست سوى قطعة واحدة من هذا اللغز، فأنت بحاجة أيضًا إلى موهبة لتواجه ذوي القوة، والبراعة في الترويج لعلامتك التجارية، وتفاؤلًا مبالغًا فيه، وكمًا من الصخب والمثابرة.. وما إلى ذلك. لتكون جيدًا بما فيه الكفاية في تلك اللعبة كاملة – بكل عنصر فيها – فإن فرصك في أن تصبح نجمًا سينمائيًا من قائمة (أ) هي في الواقع عالية جدًا، هذا ما يعنيه إصابة (النجمة).

لكنّ الحكمة التقليدية لا تعرف كيف يكون العمل في الوظائف الجديدة، إنها تفكر من منظور ضيق من النجاح فقط: الموهبة والعمل الجاد، عندما تحوي المسارات الوظيفية لوح ألعاب مع كثير من الأنشطة المستمرة، فإن الحكمة التقليدية تستسلم وتسميها “الحظ”. لكي تصبح نجمًا سينمائيًا وفقًا للحكمة التقليدية لابد أن يكون لديك بعض المواهب ولكن الفوز بالجائزة الكبرى نادر غالبًا.

إذن كيف تكتشف فرصك في الوصول إلى أي (نجمةٍ) معينة؟ الأمر كله يتعلق بصيغة يسيرة:

المسافة = السرعة × الزمن.

في حالتنا قد تكون الصياغة الأنسب هي:

التقدم = السرعة x المثابرة

تعتمد نظرتك لأي مهمة وظيفية على:

 أ) السرعة التي ستعينك على التحسن في لعب تلك الوظيفة.

ب) الوقت الذي ستستمر فيه في ملاحقة هذه النجمة، لنتحدث عن كليهما:

 السرعة

ما الذي يجعل الشخص أبطأ أو أسرع في التحسن في لعبة الوظيفة؟ أود أن أقول: إن الأمر يتعلق بثلاثة عوامل:

مستوى براعتك في الطهي – كما ناقشنا سابقًا – ينظر الطهاة إلى العالم بعيون جديدة ويصلون إلى استنتاجات بناءً على ما لاحظوه وجربوه. يتوصل الطباخ إلى استنتاجات باتباع وصفة شخص آخر.

في حالة الوظائف تكون الوصفة عادة حكمة تقليدية، والوظائف ألعابٌ مُعقدة يبدأ فيها الجميع سيئين ثم يتحسن الطهاة بسرعة مستمرة …

على حين يتحسن الطباخون بطيئا؛ لأن استراتيجيتهم تتبّع وصفة عينها لا تتغير، زد على ذلك، – في عالم تتطور فيه الألعاب الوظيفية وتتغير باستمرار – قد تتطور استراتيجيات الطاهي في الوقت نفسه وتواكبها، في ذلك الحين تصير وصفة الطباخ قديمة أكثر فأكثر وهي مشكلة يغفلون عنها. لهذا أنا مقتنع تمامًا – على الأقل في الوظائف الجديدة – أن مستوى براعة الطهي لديك هو العامل الأهم في تحديد وتيرة التحسين.

أخلاقيات عملك: هذا واضح. من يعمل في حياته الوظيفية ستين ساعة في الأسبوع، وخمسين أسبوعًا في السنة، يتحرك في المسار أسرع أربع مرات – تقريبًا – ممن يعمل عشرين ساعة في الأسبوع، وأربعين أسبوعًا في السنة. من يختار أسلوب حياة متوازن سيتحرك أبطأ من مدمني العمل، من يميل إلى الكسل أو التسويف سيتخلى عن أشياء كثيرة لمن هو قادر على أداء أيام عمل ثابتة، الذي يقطع عمله متوجهًا لأحلام اليقظة أو ليلتقط هاتفه غالبًا سوف ينجز أقل في كل ساعة عمل من الذي يعمل بتركيزٍ عميقٍ.

قدراتك الطبيعية: الموهبة مهمة، يتحسن من هو أكثر ذكاءً وموهبة في اللعبة أسرع ممن هو أقل موهبة، لكنّ الذكاء والموهبة نوعان من القدرة الطبيعية التي أخذت حيز اللعب هنا. الذكاء والدهاء مهمان أيضًا، وهذه الصفات لا ترتبط دائمًا بالذكاء الطبيعي. اعتمادًا على نوع الوظيفة، قد تكون المهارات الاجتماعية مهمةً أيضًا في وظائف عدة، يتميز الأشخاص المحبوبون (أو المتلاعبون ببراعة) بميزة كبيرة عن الانطوائيين، والذين يستمتعون بالتواصل الاجتماعي سيعطيهم الأشخاص ساعات أكثر بمرور الوقت، ويبنون علاقات أعمق من الانطوائيين.

وأشياء أخرى مثل الاتصالات، والموارد، والمهارات الحالية مهمة بالطبع، لكنها ليست مكونات السرعة فهي جزء من موقع النقطة (أ).

 المثابرة:

عندما أقول المثابرة فإنني أشير إلى المثابرة المستمرة على المدى الطويل، لا أخلاقيات العمل اليومية. المثابرة أيسر من التقدم. كلما زادت السنوات التي ترغب في الالتزام بها لملاحقة (النجمة)، ستحصل على مسافة أطول على طول الطريق نحو (النجمة). السيارة التي تسير بسرعة ثلاثين ميلاً في الساعة وتتوقف بعد خمس عشرة دقيقة تنال مسافة أقل بكثير من السيارة التي تسير بسرعة عشرة أميال في الساعة مدة ساعتين.

 نقاط قوتك وضعفك الحقيقية

مع وضع معادلة التقدم والمثابرة في الذهن، لنُعِد النظر في مفهوم نقاط القوة والضعف. لا يعني ذلك أن “نقاط القوة والضعف” مفهوم سيء، بل إننا نفكر في الأمر كله بطريقة خاطئة، عندما ندرج نقاط قوتنا فإننا نميل إلى سرد مجالات مهاراتنا التي لدينا أكثر.

بدلاً من ذلك، يجب أن تتمركز نقاط القوة حول صفات التقدم والمثابرة، يجب أن يكون وجود الأصالة أو عدمها عنصرًا حاسمًا في المناقشة، مما يجعل صفات مثل خفة الحركة والتواضع – سمات طهي العلامة التجارية – نقاط قوة ملحوظة، وصفات مثل العناد [13] وخمول الذهن – سمات الطبخ الكلاسيكية – نقاط ضعف مهمة.

يجب أن تكون التفاصيل الدقيقة لأخلاقيات العمل مثل: موهبة التركيز العميق أو الميل للتسويف، جزءًا رئيسًا من المناقشة، وكذلك القدرات الطبيعية التي تتجاوز الموهبة، مثل الدهاء، والمحبة.

ويجب النظر إلى الصفات المتعلقة بالمثابرة مثل: المرونة، والعزم، والصبر، على أنها نقاط قوة واعدة، على حين يجب النظر إلى المجس الاجتماعي الذي يطالب بالنجاح في أسرع وقت ويظهرها على هيئة علم أحمر قانٍ.

والأهم من ذلك، لا ينبغي مناقشة هذه العناصر على أنها لقطة سريعة لما هي عليه الآن، ولكن من جهة القدرة على تحسين كلٍ منها. إذا أعطيت مايكل جوردن [14] الذي عمره خمسة وعشرون عامًا كرة سلة أول مرة، فسيكون سيئًا. فتصف – على إثر هذا – كرة السلة أنها ” نقطة ضعف” عنده وهذا فهم خاطئ. عوضًا عن ذلك، قد ترغب في مشاهدته وهو يتدرب طول الأسابيع الستة المقبلة وتقيّم تحسنه. ينطبق هذا الدرس على مهارات محددة، ولكنك – عموما – تستطيع العمل على السرعة والمثابرة وتحسينها إذا ركزت عليها.

ملء صندوق الواقع

سيشمل صندوق واقعك جميع المسارات الوظيفية التي تظن أنها نسخة محدثة منك، تستطيع أن تصل إلى الحد الأدنى من (نجومها)، مع بذل مجهود كامل طول الحياة لتصل إلى أدنى تعريف للنجاح.

ستكون هذه قائمة كبيرة جدا، ولا تستبعد سوى المسارات التي يتضح أنها طويلة جدًا فلا يمكنك اجتيازها بأقصى سرعة (مثلي أطارد مهنة متزلج أولمبي على الجليد) ولكنّ التوقف دقيقةً والتفكير في المدى الواسع لمربع واقعك لا يزال نافعا، إقرارك بالخيارات المتاحة لك قد يضعك في الرأي الصحيح. [15]

لكي تكون أكفأ، لنقلق بشأن أجزاء مربع الواقع التي قد تنتهي فعلاً في مجموعة الخيارات (وسط مخطط (فن) البياني حيث يتداخل مُرَبعَا الرغبات والواقع). لإكمال تدقيق مربع الواقع مع هذا التنبيه، نحتاج إلى تقييم:

1 – المشهد العام: لنأخذ أفضل ما لدينا في تقييم المشهد الوظيفي – الآن – في العالم، وهي مجموعة كاملة من الخيارات المتاحة (أو التي يمكن إنشاؤها).

2 – لوح لعب خاص: بشأن أي وظيفة تُرى مرغوبة من بعيد، فكر فيما قد يكون عليه اتفاق الوظيفة مع لوح اللعب الآن، وفي الأطراف المعنية بالطريقة التي يُرى الآخرون وهم ينجحون بها مؤخرًا، أحدث قواعد للعبة، وأحدث الثغرات التي تُستغل.. وما إلى ذلك.

  • نقطة البداية: بشأن تلك المسارات، قيّم نقطة البداية بناءً على مهاراتك، ومواردك، واتصالاتك الحالية المتصلة بهذا المجال.
  • نقطة النجاح: فكر في نقاط النهاية وأين يجب وضع (النجمة) على سطرك، سَلْ نفسك ما الحد الأدنى لمستوى النجاح الذي تحتاج إلى تحقيقه لتنال السعادة عند اختيار هذا المسار الوظيفي.
  • تقدمك: قدّر تقدم التحسين الذي قد يكون على ألواح اللعب المختلفة تقديرًا أوليًا بناءً على نقاط القوة الآن التي ترتبط بتقدمك والمدى الذي ترى أنك تستطيع فيه التحسن في كلٍ منها (بمعنى آخر، مقدار التقدم التي قد تكون قادرًا على تسريعه).
  • مستوى مثابرتك: قيّم كمّ الوقت الذي تظن أنك مستعد لمكثه في كل من هذه المسارات.

هذا كالرياضيات، تأخذ لوح لعبك وتحولها لخط، وتحدد نقاط بداية ونقاط أو (نجوم) النجاح التي تولد معًا مسافات مختلفة أمامك، وكلٌ منها يتضاعف بتقدمك وبمستوى مثابرتك.

إذا ظهر أن نتاج تقدمك ومثابرتك لأجل مسارٍ وظيفيٍ مُعين قد يجعلك قادرًا على قياس الطول المجمل للمسار، فإن تلك الوظيفة تهبط في مربع واقعك. بالطبع، يستحيل أن تحصل على قيم دقيقة لأي عامل من العوامل المذكورة أعلاه، ولكن معرفة المعادلة التي تعمل ضمنها على الأقل – أمر جيد.

قد يؤدي تدقيق صندوق الواقع بالمبادئ الأولى إلى جذب بعض المتفائلين إلى الأرض، لكن أظن أن التدقيق سيجعل معظم الناس يشعرون أن لديهم خيارات أكثر بكثير مما أدركوه، مما يُمَكِّنُهُم من التركيز على أهدافهم باتجاهٍ أكثر جرأة.

يضمن انعكاس صندوق الواقع الجيد انعكاسًا آخر لصندوق الرغبات وستؤثر في إعادة صياغة مجموعة من المسارات الوظيفية في ذهنك على مدى تطلعك لبعض هذه المسارات. قد ترى إحدى الوظائف أقل جذبا بعد تذكير نفسك بأنها ستستلزم آلاف الساعات من التواصل أو عشرات العقود من النضال الذي قبل النجاح. قد ترى وظيفة أخرى أقل صعوبة بعد تغيير رأيك عن مقدار الحظ فيها فعلاً، ستوجد مسارات وظيفية أخرى لم تفكر أنها من رغباتك؛ لأنك لم تعدّها خيارات حقيقية، ولكنّ بعض التفكير العميق وجّه تفكيرك لها.

يقودنا هذا إلى نهاية الغوص العميق والطويل المكون من جزأين، بعد عملية مرهقة من تدقيق الصناديق، نستطيع العودة إلى مخطط (فن) البياني. [16]

هَب أن بعض الأشياء تغيرت، لديك مجموعة خيارات جديدة تنظر فيها، قائمة جديدة من الخيارات على الطاولة تراها مرغوبة حسب ترتيبك لأهم الأولويات والتي يمكن تحقيقها، نحن مستعدون الآن للعودة إلى ما كنا عليه قبل أن نبدأ تحليلنا: لحظتنا الآن، نحن مستعدون لرفع رؤوسنا والتطلع إلى المستقبل مع هذه الخيارات أمامنا.

ربط النقاط بالمستقبل

حان لنا أن نستعيد خريطة خططك الوظيفية التي جعلتُك تضعها في بداية المنشور التي تحوي السهمَ أو علامةَ الاستفهام، إذا رأيت سهم واضح على خريطتك قبل تدقيقك، فتحقق من مجموعة الخيارات الجديدة. بالنظر إلى كل ما فكرت فيه، هل ما زالت خطتك الوظيفية هذه أهلًا لتكون هناك؟ إذا كان ذلك كذلك، تهانينا، فأنت متقدم على كثيرٍ منا.

إذا لم يكن الأمر كذلك فهذه أخبار سيئة، لكنها أيضًا أخبار جيدة. تذكر أن الانتقال من السهم الخاطئ إلى علامة الاستفهام هو – دائمًا – تقدمٌ كبيرٌ في الحياة.

وفي الواقع، تشير علامة الاستفهام الجديدة إلى أنك قمت بقفز الجرف الرئيس على اثنتين من الأفعوانيات: (التعرف على نفسك، والتعرف على العالم) خطوةً كبيرة في الاتجاه الصحيح. اشطب السهم وانضم إلى حشد علامة الاستفهام.

الآن حشد علامة الاستفهام أمام خيار صعب، يجب عليك اختيار سهم واحد من مجموع الخيارات.

خيار صعب لكن يجب أن يكون أيسر مما كان عليه، إليكم السبب:

كانت الوظائف تشبه نوعًا ما نفقًا عمره أربعون عامًا، لقد اخترت نفقك، وما إن دخلته.. – هذا ما عليه الحال – لقد عملت في تلك الوظيفة مدة أربعين عامًا أو نحو ذلك، قبل أن يُلقيك النفق على الجانب الآخر عند تقاعدك.

الحقيقة أن الوظائف قد لا تكون كنفق الأربعين عاما، ستكون هكذا في أحسن الأحوال، كانت الوظائف التقليدية قبلُ كالأنفاق.

وظائف اليوم – لا سيما الوظائف الجديدة – ليست كالأنفاق. لكنّ الحكمة التقليدية القديمة المبتذلة تجعل كثيرًا منا ينظر إلى الأشياء بهذه الطريقة، مما يجعل المهمة الشاقة بالفعل هي اتخاذ خيارات كبيرة في المسار الوظيفي.

عندما تفكر في حياتك الوظيفية على أنها نفق، فإنها تتسبب في أزمةِ هوية لدى أي شخص غير متأكد من هويته بالضبط ومدى رغبته في أن يكون من العقلاء بعد سنوات من الآن. إنه يزيد الوهم بأن ما نقوم به من أجل العمل هو مرادف لما نحن عليه، مما يجعل علامة الاستفهام على خريطتك كأنها أزمة وجودية.

عندما تفكر في حياتك الوظيفية على أنها نفق، فإن مخاطر اتخاذ القرار الصحيح تظهر عالية جدًا حتى أنها تبعث شعورًا بالظلم في الاختيار. أما من تسعى إلى الكمال، قد يكون هذا مُقعِدًا تمامًا.

عندما تفكر في حياتك الوظيفية على أنها نفق، فإنك تفقد الشجاعة لتغيير الوظيفة، حتى عندما ترجوك روحك لتفعل ذلك، إنه يشعرك بالمخاطرة والإحراج نتيجة تبديل الوظائف، وأن الذي يفعل ذلك الفاشل، كما أنه يجعل جميع الأشخاص متعددي الميزات والحيويين والذين في منتصف حياتهم الوظيفية – يشعرون أنهم أكبر سنًا من أن يقوموا بتغيير جريء أو بدء مسار جديد.

لكنّ الحكمة التقليدية ما تزال تخبر كثيرًا منا أن الوظائف أنفاقٌ من الهراء، زد عليه مساعدتنا في التطلع إلى ما لا نرغب فيه، وإنكار ما نرغب فيه في أعماقنا، وخوف الأشياء العادية، وتصديق أشياء عن العالم، واحتمالاتنا غير الصحيحة، الحكمة التقليدية تخبرنا أن الوظائف نفق يساعدنا على إرهاق أنفسنا دون داع.

المشهد الوظيفي اليوم ليس مجموعة من الأنفاق، إنه مختبر علمي ضخم وسريع التغير ومعقد جدا، الناس اليوم غير متوائمين مع ما يفعلونه؛ فهم علماء معقدون وسريعو التغير. والوظيفة اليوم ليست نفقًا، أو صندوقًا، أو هوية، إنها سلسلة طويلة من التجارب العلمية.

قارن ستيف جوبز [17] الحياة بربط النقاط، مشيرًا إلى حين يسهل فيه النظر إلى ماضيك ومعرفة كيف ارتبطت النقاط لتقودك إلى مكانك الآن، غير أنه يستحيل ربط النقاط في الحياة إلى الأمام.

إذا ألقيت نظرة على السير الذاتية لقدواتك أو أبطالك، فسترى أن مساراتهم تبدو أشبه بسلسلة طويلة من النقاط المتصلة أكثر من كونها نفقًا مستقيمًا يمكن توقعه، إذا نظرت إلى نفسك وإلى أصدقائك، فقد ترى نفس الاتجاه وفقًا للبيانات، متوسط الوقت الذي يمكثه الشاب في وظيفة معينة هو ثلاث سنوات فقط، يبقى كبار السن وقتًا أطول في كل نقطة، ولكن ليس أطول بكثير من أربع إلى عشر سنوات في المتوسط.

لذا فرؤية حياتك الوظيفية أنها سلسلة من النقاط ليست خدعة ذهنية لمساعدتك في اتخاذ القرارات، بل تصوير دقيق لما يحدث حقا، ورؤية حياتك الوظيفية على أنها نفق ليس غير مثمر فقط بل وهمي.

وكذلك، فأنت مقيد بالتركيز أساسًا على النقطة التالية في مسارك؛ لأنها النقطة الوحيدة التي تستطيع اكتشافها، لا داعي للقلق بشأن النقطة (4) لأنك لا تستطيع ذلك على أي حال فأنت لست أهلًا للقيام بذلك.

حتى وقت النقطة 4 ستكون قد تعلمت أشياء عن نفسك لا تعرفها الآن. ستكون أيضًا قد تغيرت عما أنت عليه الآن، وستنعكس هذه التغيرات على أخطبوط التطلعات، ستعرف أكثر بكثير مما تعرفه الآن عن المشهد الوظيفي وألواح اللعب التي تهتم بها، وستصبح لاعبًا أفضل بكثير، وبالطبع، فإن هذا المشهد وتلك الألواح سيطورون أنفسهم.

قام الموقع الرائع (80.000ساعة) (80,000 Hours) – والذي يعمل على مساعدة الشباب والموهوبين في العمل عن طريق اختياراتهم المهنية – بجمع بيانات كثيرة لدعمهم: بيانات عن حقيقة أنك ستتغير، العالم كذلك سيتغير، وسوف تتعلم مع الوقت فقط ما تجيده فعلًا، يصف عالم النفس الشهير دان جلبرت[18] أيضًا – ببلاغة – سوء قدرتنا على التنبؤ بما سيجعلنا سعداء في المستقبل.

الادعاء أنك تستطيع معرفة ما يجب أن تكون عليه النقطة 2 أو 4 أو 8 أمر مضحك. النقاط المستقبلية هي مصدر قلق المستقبل، فأنت تعيش في عالم المستقبل، لذلك لنركز على النقطة 1.

إذا كنا نفكر في أنفسنا على أننا علماء وأن المجتمع مختبر علمي، فيجب أن نفكر في مخطط (فن) الآني الذي حُكم عليه حديثًا أنه ما هو إلا فرضية مبكرة تقريبية. النقطة 1 هي فرصتك لتجربته.

اختبار الفرضيات أمر بدهيّ في عالم التواصل والصداقة، إذا كانت صديقتك تبحث بحثًا جادًّا عمن تريد أن يتزوجها غير أنها لم تتعرف على أحد بعد، ستخبرها: “لا تستطيعين معرفة ذلك وأنت على أريكتك، يجب أن تبدئي في المواعدة وهي ستُعْلِمك الرجل الذي تريدين الارتباط به”. وإذا ذهبت بعد ذلك إلى موعدها الأول وعادت إلى المنزل وظلت تفكر ساعات هل هذا الشخص الجديد هو الوحيد أم لا، فعليك تصويبها مرة أخرى، بأن تقول: “لا طريقةَ لمعرفة ذلك من موعد واحد! يجب أن تحصلي على تجارب عدة في مواعدة هذا الشخص لتعرفي ما تحتاجين إلى معرفته لاتخاذ هذا القرار.[19]

نستطيع أن نتفق جميعًا على أن هذا الصديقة الافتراضية بلهاء جدًا وينقصها فهم طريقة الحصول على علاقة سعيدة، لذلك لا تكونوا مثلها عند اختيار وظائفكم. النقطة 1 قاسية، إنها كالموعد الأول.

هذه أخبار رائعة؛ لأنها تقلل الرعب في رسم سهم على خريطتك إذا لم يكن إلا سهمًا للنقطة رقم 1 في مستقبلك، السبب الحقيقي للاختيار الظالم هو رؤية عدد الخيارات الهائل التي لديك في عالم اليوم بدقة على حين ترى هذه الوظائف رؤيةً وهمية على أنها أنفاق لعالم الأمس على مدى أربعين عامًا. هذا مزيج مميت، يعيد صياغة قرارك الوظيفي الأساس التالي على أنه خيار قليل الأضرار يجعل عدد الخيارات مثيرًا وليس مُرهقًا.

وهذا كله عظيم من الناحية النظرية، ولكن الآن يأتي الجزء الأصعب.

 تحديد خطوتك

لقد فكرت مرارًا، ووزنت، وقِست، وتوقعت، اخترت نقطة، ورسمت سهمًا، والآن عليك خطو هذه الخطوة بالفعل.

نحن سيئون جدا في هذا، لسنا إلا ثلّة خائفين، لا نحب الأشياء الصعبة، ولا أن نتخذ خطوة جريئة في الحياة الواقعة لأنه أمرٌ صعب، إذا كان هناك أي ذرة لاحتمال التسويف فينا، فهنا ستُظهِرُ نفسها.

قد يساعد أخطبوط التطلعات – كما ناقشنا من قبل – فسلوكك في نقطة معينة يعرض ببساطة تكوين أخطبوطك. إذا كنت قد قررت اتخاذ خطوة في الحياة ولم تستطع أن تتخذها بعد، فذلك لأن أجزاءك التي لا ترغب في خطو هذه الخطوة تُصنف في عقلك الباطن أعلى من تلك التي ترغب فيها، ربما حاول عقلك الواعي تعيين تصنيفات أقل على أرفف أجزاء الأخطبوط التي تميل إلى الجمود، لكن تطلعك قد غضب، أنت مديرهم التنفيذي ولا تتحكمُ في موظفيهم.

لحلّ هذه المشكلة، فَكِرْ مثل معلمة رياض الأطفال، في صفك، يتمرد أطفال بعمر الخامسة على رغباتك، ماذا تفعل؟

اذهب وتحدث مع الأطفال في سن الخامسة الذين تسببوا في المشكلة، إنهم سُذّج ومزعجون ومتّحدون، لكنه لا يزال التفكير معهم مقدورًا عليه، تحدث معهم عن سبب تصنيفك لهم في مرتبة أدنى من غيرهم في التسلسل الهرمي للأخطبوط، صِف لهم الأفكار التي اكتسبتها من صندوق الواقع، ذكّرْهُم بكيفية ربط النقاط وبرودة النقطة 1، أنت المعلم، اكتشف ذلك.

كلما تقدمت في العمر، اتضح أن معركتنا الداخلية بصفتنا معلمات لرياض الأطفال تشكل 97٪ من كفاح الحياة. العالم سهل، أنت من يُعسّر الأمور، إذا وجدت نفسك تترك تنفيذ خُطَطَك في الحياة ووعودك لنفسك دائما، فقد كشفت عن أولويتك الجديدة (رقم 1): أن تصبح معلمة رياض أطفال أفضل! وإلى أن تفعل ذلك، سيُدير حياتك مجموعة أطفال سُذج قصيري النظر في الخامسة من العمر، ثق بي، أنا أعلم هذا.

إذا كان تحليلك الداخلي يستوجب قفزة وظيفية إلى نقطة جديدة، آمل أن تتمكن في مرحلة ما من تحقيق قفزة.

بعد التحرك:

القفز إلى نقطة جديدة شعور متحرر، وعادة ما تصحبه بعض فوضى كبيرة داخليًا.

بادئ ذي بدء، يُحتمل أن تستوعبَ ما تفعله في النقطة الجديدة مدةً على الأقل، على حين أن نفسك الحكيمة ستعرف أن هذا هو عين ما كان يجب أن تفعله، ذاتك الأقل حكمة ستدخل في وضع الانهيار الوجودي. ستظن جميع مخاوفك التي أزلتها منتبها من أخطبوطك أنها تُقتل وسيبدؤون محاولة الاتصال بالرقم 911.

التطلعات التي حددت أنها أولويات لم ترضَ بعد، وستتساءل إن كانوا خطأ طول الوقت في ظنهم أنهم مرغوبون. التطلع الذي لم تحدده من أولوياتك سيأتي بالجيتار ويبدأ غناء أغاني الحب الذي يبدو أكثر خضرة والذي حرمتهم منه، لن يكون ذلك ممتعًا كثيرًا.

حتى لو سارت الأمور على ما يرام فسوف تُذكَّر سريعا بحقيقة أن أخطبوط التطلعات مخلوق غير سعيد عموما، ستشعر الأجزاء الأساس من الأخطبوط بالإهمال أو أنه يُعتدى عليها، ومع كل يوم ستتحمل تكلفة الفرصة البديلة للمسارات التي كنت تفكر فيها ولكنك اخترت ألا تسير فيها؛ لو كنت تستطيع أن تنظر إلى نفسك في المستقبل لرأيت الفارق حين اخترت سيرك في الطرق التي تتجاهلها الآن، وستدرك حينها حجم ما سيفوتك.

عندما تصبح أكثر حكمة، ستتعلم مشاهدة وتقبل الأخطبوط المستاء. ستدعه يتأرجح حتى تُجيد ضبطه، مع العلم أنه يتذمر كما خططت بالضبط.

الأخطبوط المتذمر هو تذكير (لمَ اللذة الخالصة المبهِجة ليست هدفًا مقبولًا؟)، الأوقات التي تشعر فيها باللذة الخالصة هي أوهام مؤقتة ناتجة عن المخدرات، مثل مرحلة شهر العسل في علاقة جديدة أو وظيفة جديدة أو مرحلة عالية بعد نجاح طال انتظاره. هذه اللحظات هي التقاطات الغولف المثالية لنزهة لاعب غولف متوسط المستوى، إنها رائعة، ويجب أن تستمتع بها، لكنها ليست الوضع الطبيعي للحالة الجديدة، ولن تكون كذلك أبدًا.

الهدف الأفضل هو الرضا: الرضا بأنك – حاليًا – تقوم بأفضل ما لديك في صنع مسار حياة جيد؛ أن ما تعمل عليه قد يكون جزءًا من أُحجية نهائية تُشعرك بالفخر. ملاحقة اللذة والمتعة طريق الهواة. لكن الشعور بالرضا في تلك الأوقات التي نجحت فيها بجمع خياراتك وظروفك، ومعرفة أن لديك كل ما تستطيع طلبه، فهذا هو الأكثر حكمة.

يتكلم الناس عن الوجود الآن، ولكن مفهومًا أوسع للوجود الكلي وهو: الشعور بحضور واسع في حياتك. إذا كنت في مرحلة وظيفية، حين تكون صادقًا مع نفسك، وتشعر أنك على حق، عليك أن تتوقف عن التفكير وتتوقف عن التخطيط هنيهةً وتبحث. ستعود إلى الصورة الكبيرة لاحقًا، لكن الآن تستطيع وضع الصورة الكلية جانبًا، وتُطرِق برأسك، وتجعل كل جهدك للحاضر، مدةً تستطيع أن تعيش فقط.

لا تظل هذه اللحظات طويلاً، لذا عضّ عليها بنواجذك. ضع كل ما حصلت عليه في النقطة التي اخترتها. بقدر ما تعرف، قد تكون مايكل جوردان يحمل كرة السلة الأولى، لذا ابدأ اللعب.

النقطة التالية؟

في مرحلة ما قد تتدمر مشاعرك الجيدة بشأن الصورة الكلية وحين يحدث ذلك سيكون عليك أن تعود إلى وضع التحليل ومعرفة السبب، خاصةً ذاك الذي يسبب القلق.

لن تكون مهمة غرفة القيادة هي المشكلة أحيانًا، إنما قرر الطاهي الذي داخلك أن المهمة نفسها تتطلب قفز النقطة الاستراتيجية، في هذه الحالات، لا يكون القفز على النقاط تحررًا من المثابرة بل عنصرًا من عناصر المثابرة، هذا هو نوع قفز النقط الداعم للمهمة.

ستشعر بقلق وشك أسوأ في أوقات أخرى، شكٌ في أنك قد تحتاج إلى تغيير مهمة غرفة القيادة، حين يحدث هذا سيكون عليك معرفة هل هذا الشعور ينبع من الجزء الحكيم فيك أو – ببساطة – من تطلعك المضطرب لأنه لا يحظى بالأولوية، قد تكون (قفزة النقطة المتغيرة) مهمة، ولكن اعتمادًا على الأجزاء التي تطلبها منك قد تكون كذلك خطوة خاطئة.

التفكير في المكان الذي تميل إلى أن تكون فيه في هذا النطاق مهم حينئذ:

الناس على الجانب الأيسر من هذا النطاق يتسمون بالخجل، كما لو أنهم يرتدون أحذية إسمنت، تورطهم في الأمور الخاطئة يطول، الأشخاص على اليمين سعداء بالقفز – لهم أجنحة – ولديهم ورطة معاكسة للفريق الأول: ينسحبون سريعا، [20] يجب أن تكون حذرًا خاصةً من أحذية الإسمنت، يرى علماء النفس أنه يُرجح أن يندم المرء آخر حياته بسبب الجمود، الأسف الذي يُعبر عنه بطريقة شائعة هو “أتمنى لو كنت استقلت”، والنصيحة الأكثر شيوعًا من كبار السن هي “لا تبقَ في وظيفة لا تحبها.”

هذا سبب أهمية هذه الأطر المرجعية، أنها تعطيك القدرة على تحليل مصدر دوافعك، في مثالنا، السؤال هو: هل دافعك للقفز في المهام هو نتيجة تطور حقيقي أم ميول مفاجِئة؟

لذا فكر في رسمك التخطيطي، هل قلقك ما هو إلا أنين متواصل متوقع من الأخطبوط المهيأ لأن يتكون صحيحًا؟ أم هو إجهاد من المشي الطويل على طريقك الصحيح؟ أم أنك تعلمت معلومات جديدة عنك أو عن العالم في الرحلة التي صححت بعض الافتراضات الأولية الخاطئة؟ أم أن شيئا يتطور جوهريًا؟

بعض نشاط الحلقة الزرقاء أو الصفراء:

إذا شعرت أن الأشياء قد تغيرت حقًا فقد تُقرر الرجوع أكثر والتفكير في الحلقة الحمراء الكبيرة، التي تتعامل مع تغيير مهمتك جوهريًا:

إذا كانت المهنة تشبه ربط النقاط فيُحتمل أن نصنّف “الحكمة في القفز على النقاط” في مرتبة عالية جدًا في قائمة مهامنا. خير ما نبدأ به النظر إلى ماضيك. دراسة قراراتك السابقة مع ضوء الفهم الآني والحكمة المتراكمة، تشبه دراسة لاعب رياضي لشريط اللعبة.

أستطيع بالنظر إلى الماضي أن أرى كثيرًا من القفزات النقطية (أو أثناء تواجدي في المدرسة عدّلت خطة الوظيفة) وبعضها يبدو غير حكيم إلى حد ما في الماضي. ولكن كلما كانت الصورة التي أستطيع رؤيتها لقراراتي السيئة وأنماط التفكير والعادات السلوكية التي قمت بها قبلُ – أوضح، قلَّ احتمال تكرارها في المستقبل.

تذكر أنك ساذجٌ قليلا، هذا أيضًا تمرين مهم للتواضع، خوف التواضعِ يُشعِر بالضيق، وعبء الاضطرار إلى ابتكار خريطة حياتك الخاصة باستمرار غير سهل أبدًا، ولكنّ شعور الخوف والصعوبة مشاعر أنتجتها قيادة سفينتك. عندما نشعر أننا بحالة جيدة جدًا، فإننا نجازف بأن نصبح واثقين ثقةً مفرطة، وراضين في عقلنا، وواقفين في طُرقنا. إن ذلك حين نظن أن لدينا حياة ونكتشف في النهاية أننا فقدنا الطريق.

ستتآزر قراراتك الجيدة والسيئة في كل حياتك لتُشكل مسار حياتك الفريد، غالبًا ما كتبت في هذه المدونة عن عدم منطقية مخاوفنا وكيف يمكن أن تُعيقنا، لكن قد ينبغي علينا أن نتقبل خوف (ندم نهاية الحياة.)

لم أواجه – لحسن الحظ – أي شيء يشبه فراش الموت، إلا أن شيئًا ما عن نهاية الحياة يتيح للناس رؤية الأشياء رؤيةً واضحة، كأنّ مواجهة الموت تجعل كل تلك الأصوات في رأسك لا تتلاشى تاركةً نفسك الصغيرة الحقيقية تقف هناك وحدها، أظن أن ندم نهاية الحياة قد يكون – ببساطة – تفكيرَك الخالص في مراحل حياتك التي لم تستطع أن تحياها قط، وأجزاء من شخصيتك التي ركلها شخص آخر في عقلك الباطن.

كأنّ نفسيتي تدعم هذا – عند النظر إلى طريقي حتى الآن، الأخطاء التي تزعجني أكثر هي التي حدثت لأن شخصًا آخر أخذ بزمام تفكيري وألغى الصوت الهادئ القلق لنفسي الحقيقية، الأخطاء التي كنت أعرفها حينئذ – في أعماقي – كانت خاطئة. ليس تجنب الأخطاء هدفي في المستقبل، بل تجنب الأخطاء التي أرتكبها لأكون أنا.

هذا سبب تحليلي هذا التحليل الدقيق في هذا المنشور. أرى أن هذا أحد تلك الموضوعات القليلة في الحياة التي تستحق العناء. لن تتوقف الأصوات الأخرى أبدًا عن محاولة ضارية أن تعيش حياتك بدلًا منك، تلك الشخصية الصغيرة القلقة في مركز وعيك سبب فهم ذلك فهمًا صحيحًا.


الحواشي:

[1] وما يندرج ضمن التعليم العالي. (الكاتب)

[2] أيضًا القلنسوة مُريحة، وأحذية Allbirds تشعر كأنك ترتدي جوارب لا أحذية، والجينز بنطالٌ سحري لن تضطر لغسله ما لم ينسكب عليه شيءٌ ملون (الكاتب)

[3] الوجبات المُسلية والتمارين الرياضية ضمن هذه الفئة. (الكاتب)

[4] عبارة مستحدثة تمت صياغتها حديثا لتحديد المناطق القليلة في العالم التي يُعمّر فيها ساكنوها مُقارنةً بمتوسط الأعمار في بقية مناطق العالم. (المترجم)

[5] أنا آمل أن يكون تقاعدي ثريًا وحيويًا مثل مساري الوظيفي، مما يعني أنني سأحتاج إلى مواصلة التفكير في طريقي في حقل التقاعد. (الكاتب)

[6] أنت تعلم أنه في الواقع الأخطبوط خماسي الأذرع المُتلهف، وأنا أعلم أنه في الواقع الأخطبوط خماسي الأذرع المُتلهف، وهو يعلم أنه في الواقع الأخطبوط خماسي الأذرع المُتلهف ولكن لنتركه وحده. (الكاتب)

  [*] ريتشارد تشارلز نيكولاس برانسون هو رجل أعمال بريطاني ومؤسس مجموعة فيرجين التي تضم أكثر من 360 شركة. أسس برانسون مجموعة مراكز تسجيل باسم فيرجين في بداية السبعينيات وتغير اسمها لاحقا إلى فيرجين ميغاستورز. مجموعته نمت نموًا ملحوظًا بعد افتتاحه شركة طيران فيرجين أتلانتك عام 1984.  (المترجم)

[7] المدينة الفاسدة (Dystopia)‏ مجتمع خيالي عكس المدينة الفاضلة، وهو مجتمع تسوده الفوضى، لا مكان للخير فيه. (المترجم)

[8] «جيكل وهايد» تشير إلى الأشخاص ذوي الطبيعة المزدوجة غير المتوقعين، يبدون طيبين جدًا حينًا، ويصبحون أشرارًا جدًا حينًا آخر. (المترجم)

[9] توجد مطبوعات أسفل المنشور إذا كنت ترغب في التحليل على الورق. (الكاتب)

[10] كون الكاتب في ثقافة لا تتبنى قيمة احترام نصائح الوالدين أو أوامرهم، نأتي هنا لنبين أن للوالدين حقٌ في أن يُشاركوك قراراتك أيًا كانت، وعليك الإنصات إليهما وأخذ ما يناسبك دون الانتقاص منهما، فمشاركتهما نابعةٌ من حُب وإن أتت كإجبار، فيُقدر هذا مع حفظ حق كل منكما، أنت باتخاذ الرأي، ووالديك بالتقدير والثناء (المترجم)

[11] هل تعلم أن 9 من كل 10 مطاعم تفشل؟! (الكاتب)

[12] مورغان بورترفيلد فريمان‏ ممثل أمريكي، رُشِحَ لجائزة الأوسكار مرارًا (المترجم)

[13] العناد صفة الطباخ؛ لأنه يعني أن تكون طباخًا لنفسك السابقة – أي: التعامل مع آرائك، وأساليبك، وعاداتك السابقة كوصفة دائمة لك. (الكاتب)

[14] مايكل جوردن‏، هو لاعب كرة سلة أمريكي سابق، يُعّد من أفضل اللاعبين في تاريخ كرة السلة (المترجم)

[15] أو يشلّك تمامًا ويقتل سعادتك! (الكاتب)

[16] لقد نجح جون فِن ** حقًا في تحقيق شيء ما هنا. مخطط فِن أوضح أنواع المخططات، وبطريقة ما أقنع جون فِن كل الناس باختراعه. مع أنه قال صراحة إنه لم يخترعه! يشرح فِن: “بدأت على الفور عملًا أكثر ثباتًا إلى حد ما حول الموضوعات والكتب التي يجب أن ألقي محاضرة عنها، لقد أصبت الآن أول مرة بأداة التخطيط لتمثيل المقترحات من خلال الدوائر الشاملة والحصرية. بالطبع لم تكن الأداة جديدةً حينئذ، لكنه كان يُمثل الطريقة التي سيحاول بها أي شخص تمثيلا واضحا، والذي سيتعامل مع الموضوع من الجانب الرياضي، مع تصور الافتراضات، بحيث تم فرضه على مرة واحدة تقريبًا “. (الكاتب)

** جون فن ‏ولد يوم 4 أغسطس 1834 في كينغستون أبون هل وتوفي يوم 4 أبريل 1923, كان عالم منطق ورياضيات وفيلسوفا إنجليزيا واشتهر بإدخاله مخطط فن، والذي يستخدم في مجالات عدة، بما في ذلك نظرية المجاميع والاحتمالات والمنطق والإحصاءات وعلوم الحاسوب. (المترجم)

[17] ستيفن بول “ستيف” جوبز‏؛ مطور شركة “أبل” وأحد أهم رجال الأعمال في الولايات المتحدة. (المترجم)

[18] دان غيلبرت هو شخصية أعمال أمريكي، ولد في 17 يناير 1962 في ديترويت في الولايات المتحدة. (المترجم)

[19] هذه وجهة نظر الكاتب وتعبر عن ثقافته الغربية، ولا تعبر عن توجه الموقع.

[20] هذا النطاق – بالطبع – وثيق الصلة بالعلاقات كذلك. (الكاتب)

المصدر
waitbutwhy.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى