الإدارة

تحدّيات إدارة المنظمات غير الربحية: نظرة عامة على الأبحاث

  • بيرند هيلميج، مارك جيجرز، إيرفين لابسلي
  • ترجمة: زينب عبد المطلب
  • تحرير: سهام سايح

ملخص

يستمر موضوع “الإدارة” والمنظمات غير الربحية (NPOs) في استقطاب اهتمام الباحثين. تستند هذه الورقة البحثية على وجهات نظر متنوعة للتعرف على مساهمات كلٍّ منها في معرفتنا بالمنظمات غير الربحية. كان تخصصا الاقتصاد وعلم الاجتماع القديمان والمتباينان، عادة، هما الأكثر إسهاماً في دراسة المنظمات غير الربحية. بيد أنّ أيّا من هذين التخصصين لم يحل جميع المعضلات المرتبطة بالمنظمات غير الربحية. لا ينطبق النموذج الاقتصادي القياسي بشكل جيد على الحالة غير السوقية المميّزة للمنظمات غير الربحية. كما تقدم وجهات النظر الاجتماعية رؤية مثيرة للاهتمام، ولكنها تفشل في وضع خطط عمل للمنظمات غير الربحية. بيد أنّ كلا من هذين المنظورين التقليديين بدأ يندثر بسبب التركيز على أبحاث التسويق.

الكلمات المفتاحية: أبحاث المنظمات غير الربحية؛ الاقتصاد؛ علم الاجتماع؛ التسويق.

 

المقدمة

لا تزال المنظمات غير الربحية محور تركيز رئيسي لأبحاث باحثين من مختلف التخصصات. يشكل هذا الجانب المتعدد التخصصات من بحوث المنظمات غير الربحية انعكاساً للطبيعة المميزة لهذه المنظمات، وتعقيد عملياتها وعلاقاتها مع بيئتها، والصعوبات التي تعترض تحديد حدود نشاطها، وتحديد ما يعتبر منظمة غير ربحية وما هو ليس كذلك بصورة قاطعة. كما تحدّت هذه الأبعاد المختلفة لنشاط المنظمة غير الربحية الدراسة من خلال الأساليب القياسية في البحث التي تنطبق على المنظمات “الربحية.”

تسعى هذه الورقة البحثية إلى تقييم أحدث ما توصلت إليه بحوث المنظمات غير الربحية بطريقتين. في المقام الأول، نستكشف كيف ساهم تخصصا الاقتصاد وعلم الاجتماع المتناقضان والتقليديان في فهمنا للمنظمات غير الربحية. ثم نركز بعد ذلك على التحدّي الرئيسي الذي يواجه المنظمات غير الربحية: ألا وهو الحاجة إلى التحول من إدارة الهواة إلى الإدارة الاحترافية. يتسم تحدّي الإدارة هذا بالنسبة إلى المنظمات غير الربحية بأهمية خاصة في مجالات جمع الأموال من قبل المنظمات، ولذلك فإنّنا نركز على التسويق بوصفه التحدّي الإداري الأهم بالنسبة إلى المنظمات غير الربحية، ونراجع أحدث ما توصلت إليه بحوث التسويق المتعلقة بالمنظمات غير الربحية.

 

نماذج متباينة: الاقتصاد وعلم الاجتماع

الأسس والنماذج الاقتصادية

على الرغم من أنّ النظرية الاقتصادية كرست مساهمات عديدة لدراسة المنظمات غير الربحية، فإنّ معظمها يقتصر على المسائل الهامة جداً وهي تعريف المنظمة غير الربحية، أو الحاجة إليها، أو ما توفره. سنذكـر المفاهيم المعروفة والموثّقة جيداً عن قيد عدم التوزيع، إخفاق السوق، توفير السلع العامة، عدم تنفيذ العقود، الفشل الحكومي، وعدم اتساق المعلومات بين المشترين والبائعين لوصف هذه السلسلة من الدراسات السابقة. حظي الأداء الداخلي للمنظمات غير الربحية، بالإضافة إلى جوانب أخرى، باهتمام أقل إلى حد كبير: “لقد تمّ التقليل من شأن قضايا التنظيم الداخلي في المنظمات غير الربحية، و”تمّ التعامل مع ]المنظمة غير الربحية[ باعتبارها صندوقاً أسود” (Ortmann ، 1996، ص 471).[1] في هذا الجزء من البحث، نحاول جمع الأبحاث السابقة المتفرقة الاقتصادية عن إدارة المنظمات غير الربحية. نبدأ بتفصيل الرؤى الأكثر عمومية  للأداء الداخلي للمنظمات غير الربحية، والتي ركزت على نظرية الموكّل والوكيل في الاقتصاد الجزئي والمساهمات ذات الصلة في “حوكمة الشركات” التابعة للمنظمة غير الربحية. بعد ذلك، سنتناول بعض المجالات الإدارية الوظيفية التي كانت تعتمد عادة على الفكر الاقتصادي: التخطيط الاستراتيجي، والمحاسبة والتدقيق، والتمويل.

 

نظرية  المُوَكّل والوكيل و “حوكمة الشركات” في المنظمات غير الربحية

أصبحت نظرية  المُوَكّل والوكيل (PAT)  الآن مكوناً قياسياً في نظرية الاقتصاد الجزئي.  تتعلق هذه النظرية  بالمواقف التي تحدث بشكل متكرر: “علاقة الوكالة هي عقد يقوم بموجبه شخص أو أكثر (المُوَكّلـ ]ون[) بإشراك شخص آخر (الوكيل) ليؤدي بعض الخدمات بالنّيابة عنهم، الأمر الذي ينطوي على تفويض جزء من سلطة اتخاذ القرار إلى الوكيل… يوجد سبب وجيه يجعلنا نعتقد أن الوكيل لن يعمل دوماً في مصلحة الموكّل” (Jensen and Meckling، 1976، ص 308)، الأمر الذي أدى إلى نشوء “تكاليف الوكالة” التي تشكل في واقع الأمر خسائر في مجال الرفاه الاجتماعي نتيجة للاختلافات في الأهداف التي يسعى إليها الموكّلون والوكلاء. ورغم أن نظرية المُوَكّل والوكيل قد تطورت بشكل جيد إلى حد ما في سياق نظرية المُنشأة، فإنّ تأثيرها على تفكير المنظمة غير الربحية لا يزال ضئيلاً، على الرغم من وضوح صلاحية تطبيقها على أطر المنظمة غير الربحية (Brody ، 1996، ص 462؛ Herman and Heimovics، 1991؛ Steinberg ، 1990؛ وانظر أيضاً ورقة  Theuvsen في هذا العدد من Voluntas). لعل أحد الأسباب هو أنّ نظرية  المُوَكّل والوكيل تركز بشكل كبير على عقود الأجور بين الموكّلين والوكلاء (في الأغلب الرؤساء التنفيذيين) القائمة على الحوافز  من أجل التوفيق بين أهداف الوكلاء وأهداف الموكّلين، وأن تعريف الهدف وقياس الأداء أكثر تعقيداً في المنظمات غير الربحية من الشركات الهادفة إلى تحقيق الربح (Brickley and
Van Horn ، 2002، ص 228؛ Preyra and Pink،  2001، ص 511؛ Steinberg ، 1990). ومع ذلك، فإنّ العمل التجريبي الذي قام به Baber  وآخرون مؤخرا (2002) يقترح أنه، على المدى الطويل، ربما تكون الصلة بين أداء المنظمة غير الربحية (كما يتبين من وجهة نظر الموكّلين) والأجور الإدارية واضحة على المستوى التنظيمي، على الرغم من أنّه لا يزال يتعين القيام بالكثير من العمل في هذا المجال.

بتوسيع نظرية  المُوَكّل والوكيل ليشمل فكرة أن المنظمة غير الربحية هي عبارة عن مجموعة من أصحاب المصلحة الذين تتجسد أفكارهم وطموحاتهم في مجلس الإدارة، يمكن اعتبار هذا المجلس كأداة مناسبة لتنفيذ سياسة “حوكمة شركات” رشيدة توازن بين كل المصالح والأهداف ذات الصلة، وتفرضهم بأكبر قدر ممكن على إدارة المنظمة غير الربحية. في هذا المجال أيضاً، يوجد أبحاث سابقة كثيرة فيما يتصل بالشركات الهادفة إلى الربح، ولكن “ما يوجد عن الحوكمة في الشركات غير الربحية أقل من ذلك بكثير ” ( Dyl وآخرون، 1996، ص 1)، أو بعد أربعة أعوام، “كانت الدراسات القائمة على الاقتصاد صامتة إلى حد ما عن الحوكمة غير الربحية” (Eldenburg وآخرون، 2000، ص 5). معظم الدراسات السابقة في هذا المجال أقرب  ما تكون إلى “مبادئ توجيهية” منها إلى الطبيعة العلمية، فيما عدا بعض الاستثناءات مثل Saidel  (1998)، الذي لا يتطرق إلى علاقة المجلس بالإدارة، بل إلى دور الفرق الاستشارية.

 

 التخطيط الإستراتيجي

فيما يتعلق بالإدارة الإستراتيجية للمنظمة غير الربحية، لا عجب في عدم وجود مجموعة من النظريات الاقتصادية التي تعزز الخيارات الإستراتيجية للمنظمة غير الربحية بالنظر إلى الحالة الموصوفة فيما يتعلق بحوكمة هذه المنظمات. هناك بالطبع عدد من الأعمال الوصفية و/أو الإرشادية (Bryson ، 1991؛Courtney ، 2002؛ Middleton and
Greer، 1996؛ Miller ، 2002؛ Moore ، 2000)، بعضها ممتاز.

المساهمات النظرية نادرة، وهي تعالج جوانب محددة من إستراتيجية المنظمة غير الربحية، مثل الاختلاف بين إستراتيجية المنظمة غير الربحية وإستراتيجية الشركات المتنافسة الهادفة إلى الربح عند التعرض لصدمة خارجية مشتركة ( Bankوآخرون، 1997)، والفروق في الإستراتيجية بين المنظمة غير الربحية والشركات الهادفة إلى الربح بعد عمليات الدمج (Lynk، 1995؛ Vita and Sacher ، 2001)، ومقارنة الإستراتيجيات الحكومية وإستراتيجيات المنظمة غير الربحية (Kapur and Weisbrod، 2000).

 

المحاسبة والتدقيق

بسبب “الرفض الإيديولوجي للقيم والممارسات التجارية” (Panozzo and Zan ، 1995، ص 8) في المنظمات غير الربحية، لم تكن المحاسبة والتدقيق منتشرة كثيراً في دوائر هذه المنظمات، ناهيك عن كونها موضوعاً بحثياً لباحثي المنظمات غير الربحية. حتى الآن، لا توظّف حوالي ثلث عينة من المنظمات غير الربحية الكبيرة والمتوسطة الحجم في الولايات المتحدة موظفين لديهم تعليم محاسبي (Froelich وآخرون، 2000، ص 245). وتبين دراسة هامة أجرتها منظمة Zan  (1998) كيف يمكن أن تعمل المنظمة غير الربحية بفعالية في حالة تكاد تكون فيها المحاسبة غير معروفة في العمليات الرئيسية للمنظمة غير الربحية.

من المحاولات الأولى لوضع نظرية شاملة قائمة على أساس الموكّل والوكيل للمحاسبة والتدقيق في المنظمات غير الربحية هي Jegers  (2002)، الذي يُوضح غياب المحاسبة والتدقيق أو وجودهما في المنظمات غير الربحية في سياق تخفيف تكلفة الوكالة بين مجلس المنظمة وإدارتها.  تمّت دراسة مشكلة الامتثال لقواعد المحاسبة من جانب المنظمات غير الربحية بشكل تجريبي من قبل Jegers and Houtman  (1993)، و Krishnan and Schauer  (2000)، وفي المملكة المتحدة Connolly and Hyndman (2001)، Williams and Palmer (1998)، وHyndman  (1990). يتبين Chase and Coffman  (1994) أن الخيارات المحاسبية، وهي موضوع شائع في الدراسات المتعلقة بالمحاسبة المتعلقة بالأرباح والاقتصاد بسبب آثارها المحتملة على الأجور الإدارية، لها تأثير محتمل على مستوى الحصول على الدعم، وهذا ليس سوى مثال آخر على الكيفية التي يحاول من خلالها الوكلاء استغلال علاقاتهم التعاقدية مع الموكّلين (يتمثلون هنا بالسلطات التي تقدم الإعانات).

 

الإدارة المالية

رغم أن أساليب الإدارة المالية في المنظمات غير الربحية لا تختلف اختلافاً جوهرياً عن تلك التي تستخدمها الشركات الهادفة إلى الربح، إلاّ أنها تمتاز ببعض الخصائص كما توضح الدراسات الاقتصادية. تتعلق جميع هذه الامتيازات بالطريقة المحددة التي يتم تمويل المنظمات غير الربحية من خلالها، وبالأخص تنوع مصادر الإنصاف، وهو بوضوح أكثر أهمية من الشركات الهادفة إلى الربح، وما يترتب عليه من عواقب على الضعف المالي الذي تعاني منه المنظمات غير الربحية. (Chang
and Tuckman ، 1990، 1991، 1994؛ Froelich ، 1999؛ Salamon and Anheier ، 1998، ص 219؛ Tuckman ، 1993). إنّ الارتباط المباشر بدراسات الاقتصاد المالي يكون في التعامل مع “تكلفة رأس المال”، أو متوسط تكلفة استخدام الأموال الموجودة في المنظمة، سواء كانت ديون أو إيرادات أخرى (Jegers ، 1997؛ Wedig ، 1994؛Wedig  وآخرون، 1996).

مرة أخرى، يمكن أن تُطرح هذه المشكلة في إطار عمل الموكّل والوكيل، الموكّل يتمثل في الممول، والوكيل يتمثل في المؤسسة (مجلس الإدارة أو الإدارة). للوهلة الأولى، ينبغي أن تهدف المنظمات غير الربحية إلى التقليل من الديون، لأن العائدات المالية المطلوبة على الديون أعلى من الإيرادات الأخرى، ولكن اعتبارات الشيخوخة قد تبرّر مستوى ما من المديونيات (Jegers and
Verschueren ،2004) ، إذا أسفرت مراقبة إدارة الدائنين عن خفض التكاليف الإجمالية للوكالة.

 

التفسيرات والنماذج الاجتماعية

في هذا الجزء من البحث، سندرس كيف أنّ النظريات الاجتماعية أثْرَت أبحاث المنظمات غير الربحية. من بين أهم أشكال التحول عن الفكر الاقتصادي هو المعالجة الاجتماعية لمفاهيم العقلانية. الإجراءات العقلانية – تقييم البدائل، وتحديد أفضل النتائج المرغوبة ، وما يترتب على ذلك من إجراءات من قبل صانع القرار  – واردة بشكل ضمني في النموذج الاقتصادي المشار إليه أعلاه. إنّ هذه القواعد العقلانية لا وجود لها في النماذج الاجتماعية، التي تتناول بالتفصيل قوة وسياسات العقلانية والبناء الاجتماعي للمعنى. نكمل بدراسة موجزة للنظريات المؤسسية ونظرية الهيكلة ونظرية الاعتماد على الموارد، ثم بالنظر في نتائج دراسات الحالة والدراسات الميدانية لممارسات منظمة غير ربحية التي توظف هذه النظريات من أجل شرح ممارسات المنظمات غير الربحية.

 

النظرية المؤسسية

ساق Berger and Luckmann (1967) أهمية الحقائق الاجتماعية المشتركة. وأكدا أهمية بناء الإنسان والتفاعل الاجتماعي في ظهور حقائق مشتركة. كما حددا العملية التي تتكرر من خلالها الإجراءات بمرور الوقت، والتي يناط بها معاني مماثلة من قبل الذات أو آخرون مثل إضفاء الطابع المؤسسي. وقد طورMeyer and Rowan  (1977) هذه الأفكار بشكل أكبر في مقالهم المبتكر الذي يحلل أدوار الهياكل الرسمية في المنظمات، لاسيما توظيف النماذج والأدوات العقلانية، والتقنيات كالأساطير، وهما يؤكدان بشكل خاص على علاقة المنظمة مع بيئتها الخارجية في فهم السلوك التنظيمي.

حدد Meyer and Rowan  (1977) وDiMaggio and Powell  (1983) وجود التماثلية المؤسسية، حيث تسعى المنظمات إلى تقليد بعضها البعض، باعتبارها عناصر أساسية للنظرية المؤسسية. تمّ توظيف هذا المنظور في دراسات المنظمات غير الربحية.

ثم درس Arnaboldi and Lapsley  (2004) اعتماد محاسبة تكاليف النشاط في منظمة غير ربحية للرعاية الصحية. على الرغم من أن محاسبة تكاليف النشاط لم تُطلب من قبل أي تفويض حكومي (عامل التأثير الرئيسي في اعتماد تقنيات المحاسبة في الرعاية الصحية [Jackson and Lapsley ، 2003])، فقد اختارت هذه المنظمة غير الربحية إقرار محاسبة تكاليف النشاط. مع إمعان النظر نجد أنّ هذه المنظمة غير الربحية “أقرّت” محاسبة تكاليف النشاط لكنها لم “تنفذهم.” أظهرت هذه الدراسة الطريقة التي تمّ بها “إقرار” أساليب “الإدارة الرشيدة”، مثل محاسبة تكاليف الأنشطة، ليس بهدف التطبيق، لكن بذلك تمكنت هذه المنظمة غير الربحية من تقديم نفسها باعتبارها معاصرة وحديثة بالنسبة إلى بيئة التحكم الخارجية من خلال محاكاة ممارسات شركات القطاع الخاص.

كما أقرّ Covaleski و  Dirsmith  (1988a)، 1988b) منظور النظرية المؤسسية في دراستهما التقليدية لمنظمة غير ربحية رائدة في إحدى الجامعات. لقد كشف هذا البحث عن أن أهمية اللغة – وخاصة اللغة المحاسبية للميزنة- يمكن توظيفها في قوة وسياسة منظمة تعاني من فترة انحدار من أجل صياغة التوقعات ضمن الكيان الذي تتم دراسته وما وراءه. تمّ استهلاك هذا التفاعل بين التفسيرات والتوقعات التنظيمية والاجتماعية مع استخدام أعضاء المحاسبة الذين يبدون محايدين لصياغة بدائل الميزنة. وقد تمت أيضاً دراسة هذه العلاقة بين المنظمة وبيئتها في بحوث أخرى أجريت على المنظمات غير الربحية. من بين الأمثلة البارزة دراسة الصليب الأحمر الدنمركي التي أجراها Christensen and Molin  (1995). للوهلة الأولى، تبدو نتائج هذه الدراسة متناقضة مع وجهة نظر النظرية المؤسسية التي تزعم أن المنظمات تعكس بيئاتها الخارجية (Meyer and Rowan، 1977؛ Scott، 1992). إذا ما تفحصنا الأمر بعناية، سيتبين أن كريستنسن و موليان يصوران منظمة تحتفظ بشكلها على مدى حياتها “الطويلة”، لكن وفقاً لكريستين ومولين، فإنّ مرونة الصليب الأحمر الدنماركي ترجع إلى الطريقة التي كانت هذه المنظمة من خلالها متسقة على نحو وثيق مع متطلبات مؤسسية أرحب منذ بداية وجودها، وبالتالي تزيد من شرعيتها وتزيد من مواردها وقدرتها على البقاء (Meyer and Rowan ، 1977).

لا تزال النظرية المؤسسية تستخدم في البحوث التي تُجرى في المنظمات غير الربحية. لكن هناك أسئلة لم تتم إجابتها ضمن هذا الإطار حول تصرفات الوكلاء في هذه الفضاءات المبنية اجتماعياً – المنظمات. عولجت هذه المسألة في نظرية الهيكلة، التي نتحول إليها بعد ذلك.

 

نظرية الهيكلة

وُضعت نظرية الهيكلة لأول مرة من قبل Gidden (1979، 1984). وقد استُخدمت على نطاق واسع لدراسة الظواهر الاجتماعية بما يشمل كامل نطاق الحياة والمعيشة اليومية. تتشابه هذه النظرية مع النظرية المؤسسية في تركيزها على “ما هو اجتماعي” واستخدامها لمفاهيم أساسية مثل إضفاء الشرعية – بالرغم من أن جيدنز يستخدم هذا بشكل مختلف عن Meyer
and Rowan  (1977) على سبيل المثال. تؤكد نظرية غيدنز عن الهيكلة على أهمية الوقت والمساحة في فهم المنظمات. ويرى أنّ ممارسات اجتماعية مماثلة تُستنسخ على مدى فترة زمنية ومساحة ممتدان. في حين يؤكد المنظرون المؤسسيون مثل Meyer Rowan (1977) على علاقة المنظمات ببيئاتها الخارجية، فإنّ جيدنز قد أدرك الدور الرئيسي الذي يلعبه الأفراد (الوكلاء)، الذين يمثلهم على أنهم على معرفة وذكاء وسعة حيلة في الحياة التنظيمية.

في نظرية الهيكلة، تؤيد الأشكال المؤسسية من قبل ثلاثة خصائص هيكلية: الدلالة، والهيمنة، وإضفاء الشرعية. هذه الخصائص الهيكلية الثلاث مترابطة كما أنها توفر الآليات التي تُكوّن النظم الاجتماعية. تتعلق الدلالة باللغة والتواصل. والهيمنة هي القوة. وإضفاء الشرعية هي الطريقة التي تعمل من خلالها العقوبات في العلاقات الاجتماعية. كل هذه الخصائص الثلاثة مترابطة، وجميع التفاعلات تتم من خلال اللغة والقوة والعقوبات.

أثبتت نظرية جيدنز عن الهيكلة كونها إطاراً مُتّبَع  بكثرة بين الباحثين في مجموعة متنوعة من التخصصات، على الرغم من أنها تعرضت أيضاً للانتقاد باعتبارها طرحاً مبالغاً فيه في التبسيط للعلاقات بين الهيئات والهياكل. استُخدم هذا النموذج في دراسة المنظمات غير الربحية. درس Mouritsen and Skaerbek  (1995) مسرحاً وطنياً باستخدام نظرية الهيكلة. تأملت هذه الدراسة المساهمات المختلفة التي يقدمها كل من المحاسبة والفن في الحياة الحديثة، فخلصت إلى أن كلاً منهما أضفوا شرعية على المسرح كجزء من الحضارة الحديثة. في هذه الدراسة، كان إضفاء الشرعية على المسرح مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمخاوف تتعلق بالعقلانية في إدارة هذه المنظمة غير الربحية. الفن والمحاسبة، في ظاهر الأمر، متناقضان بشكل متبادل، ولكن في هذه الدراسة تبين أنهما منتجان مشاركان في إنتاج المسرح وعنصران متكاملان لإضفاء الشرعية على آليات إعادة إنتاج المسرح. كما يستخدم نهج الهيكلة كل من van de Pijl  و Sminia  (2004) في دراسة مثيرة للاهتمام للإدارة الإستراتيجية في مؤسسة غير ربحية في العدد الحالي من مجلة  Volunta..

 

الاعتماد على الموارد

تركز نظرية الاعتماد على الموارد أيضاً على علاقة المؤسسات ببيئاتها. يزعم منظرو الاعتماد على الموارد أن المنظمات مقيدة بمجموعة متنوعة من الضغوط الخارجية (Pfeiffer وSalancik، 1978؛ Pfeiffer، 1981). ويحدد المنظرون أيضاً الروابط المتبادلة بين البيئة والمنظمات. في هذه النظرية، لابد أن تستجيب المنظمات للمطالب والتوقعات الخارجية حتى تتمكن من البقاء. تختلف هذه النظرية عن منظور النظرية المؤسسية في استخدامها لأفكار القوة والسيطرة في السعي إلى تحقيق الاستقرار والشرعية. بهذه الطريقة، فإنّ أنظمة التحكم الرسمية ليست ذات طبيعة تقنية أو محايدة فحسب، بل إنها تشكل “قوة.”  يمكن للوكلاء داخل المنظمات أن يوظفوا مثل هذه الآليات بما يناسب أهدافهم الخاصة.

هذه المسألة المتعلقة بالاعتماد على الموارد لها أهمية واضحة بالنسبة إلى المنظمات غير الربحية الذين يعتمدون اعتماداً كبيراً على المانحين ولا يملكون إمكانية اللجوء إلى أسواق رأس المال للحصول على التمويل. دراسات المنظمات غير الربحية من هذا المنظور تشمل دراسة Boland  و Pondy’s  (1986) لتخصيص الموارد في إحدى الجامعات. أظهرت هذه التحليلات اعتماد الجامعة على الراعي الرئيسي لها (الولاية) من أجل الموارد، وتوزيع السلطة داخل المنظمة لتغيير الأولويات المحددة. كما تم تخصيص موارد للجامعة وفقاً لأولويات الولاية. بيد أن هذا الاعتماد على الموارد قُوّض بفعل المرونة التي استخدمت على مستوى التنظيم الجزئي لتحويل الأموال من برنامج إلى آخر، بصرف النظر عن رغبات الراعي الذي تعتمد عليه الجامعة في الموارد. غير أن البعد الآخر للاعتماد على الموارد بالنسبة إلى المنظمات غير الربحية الذي جذب انتباه علماء الاجتماع هو طبيعة علاقة الهبة بين المانحين والمؤسسات الخيرية. قد ينطوي ذلك على المعاملة بالمثل، وكذلك على الإيثار (Berking ، 1999). من بين الأمثلة المثيرة للاهتمام على هذا المنظور دراسة Jonsson’s  (1998) لمنظمة دينية. هذه الدراسة ذات أهمية خاصة بسبب الطريقة التي تسعى بها إلى دمج أفكار النظرية المؤسسية، ونظرية الهيكلة، والاعتماد على الموارد. يتسم هذا النهج – نهج شمولي ومركب ومتكامل – بأهمية متزايدة حيث يسعى الباحثون إلى شرح التعقيدات التي تنطوي عليها أنشطة المنظمة غير الربحية.

 

التسويق و المنظمة غير الربحية ككيان تجاري جديد

بدأ استخدام التسويق في المنظمات غير الربحية في أواخر الستينات، ولكن تزايد هذا الاستخدام في السنوات الأخيرة، وفي الوقت نفسه، حظي بقبول وتطبيق واسع النطاق (Kotler and Andreasen، 1991؛ Helmig ، 2004(a. تختلف عمليات التسويق في المنظمات غير الربحية عن التسويق في المنظمات الساعية إلى الربح من عدة جهات (مثل Helmig، 2004b). إحدى الجوانب الرئيسية لتسويق منتجات المنظمة غير الربحية هو الحاجة إلى تسويق المنتجات والخدمات إلى مجموعة واسعة من الفئات المستهدفة. تساعد استراتيجيات التسويق في جذب الموارد (على سبيل المثال، الوقت من المتطوعين، المال من الحكومة والجماهير) فضلاً عن تخصيص الموارد (على سبيل المثال، إدارة حملة لإقناع الناس بالتوقف عن التدخين) (2004c Helmig). في القطاع الهادف إلى الربح، والذي يواجه أسواقاً متعددة أيضاً، فإنّ هذه المشكلة عادة ما تكون بسيطة لأن النجاح في التسويق للعملاء يخدم مصالح أغلب هذه الجماهير. مشكلة أخرى متعلقة بالتسويق في المنظمات غير الربحية هي أن أنشطة التسويق لا تزال تُعَد غير مرغوبة، ومكلفة للغاية، وإهدار لأموال المساهمين. لا يزال هذا الموقف قائماً في مجال المنظمات غير الربحية (Tscheulin and Helmig ، 1998). في ضوء هذه الخلفية يهدف القسم التالي إلى تحليل: ما إذا كان التسويق – كوظيفة إدارية بجانب آخرين (على سبيل المثال، المحاسبة والتدقيق، الإدارة المالية) – يلعب دوراً مهماً في الدراسات السابقة الخاصة بأبحاث المنظمات غير الربحية؛ وما هي المواضيع التسويقية التي يتم مناقشتها بشكل متكرر في المؤلفات البحثية الخاصة بالتسويق في المنظمات غير الربحية.

 

استيراد التسويق في المنظمات غير الربحية في أبحاث القطاع الثالث

لتقييم ما إذا كان التسويق يلعب دوراً مهماً في المؤلفات البحثية الخاصة بالمنظمات غير الربحية، قمنا أولاً بتحليل بعض أهم المجلات العلمية وأكثرها رواجاً في مجال المنظمات غير الربحية. بالنظر إلى ما يقرب من 350 مقالة منشورة في مجلة Voluntas، و Nonprofit and Voluntary Sector Quarterly (NVSQ) و Nonprofit Management and
Leadership (NML)
  على مدى السنوات الخمس الماضية، حددنا خمس مقالات أصيلة فقط في NML (وهي: Cordes  وآخرون 1999؛ Diamond and Gooding-Williams  2002؛ Sargant, 2001a, b؛ و Sargant and Kähler, 1999) ومقال واحد (Hager et al., 2003)فيNVSQ  الذي تناول بشكل مباشر المواضيع المرتبطة بالتسويق. في Voluntas لم ينشر مقال واحد فيما يتعلق بوظيفة التسويق بين عامي 1999 و2003 – على الرغم من أن هناك عدة مقالات لها صلة معينة بالتسويق في المنظمات غير الربحية (مثل Couto ، 2001؛ Gibelman and Gelman، 2001؛ Herman and Rendina ، 2001). يمكن عرض ثلاثة أسباب رئيسية وراء هذه الظاهرة.

الأول: أن NVSQ  موجهة في الأغلب الأعم نحو علم الاجتماع (Zimmer ، 1997، ص 67)، كما أنها “أداة النشر” لرابطة البحوث للمنظمات غير الربحية والعمل التطوعي)،  (ARNOVA. لذلك لا يمكن أن تحظى القضايا الإدارية بالدور الأهم، على الرغم من أن NVSQ هي مجلة متعددة التخصصات بشكل واسع. ثانياً، إن Voluntas هي المجلة العلمية للجمعية الدولية لبحوث القطاع الثالث (ISTR)، والتي تغطي أيضاً نطاقاً واسعاً من التخصصات المختلفة. لذلك، قد تبدو المقالات المتعلقة بالتسويق تخصصية أكثر من اللازم بالنسبة للجمهور المستهدف لمجلة Voluntas ، على الرغم من أن قضايا التنظيم والإدارة خلال السنوات العشر الأخيرة كانت تمثل 17% من جميع المقالات المنشورة في Voluntas (Hodgkinson and Painter ، 2003، ص 6). ثالثاً، بجانب المجلات العلمية التسويقية “العامة” ذات التصنيف العالي (من حيث معامل التأثير وتصنيف المجلات) مثل Journal of Marketing (JM)، Journal of Marketing Research (JM R)، Marketing Science (MSc)، هناك العديد من المجلات المتخصصة في التسويق لدى المنظمات غير الربحية، مثل International Journal of Nonprofit and Voluntary Sector Marketing (JNVSM)، the Journal of Nonprofit and Public Sector Marketing (JNPSM)، و the Journal of Public Policy & Marketing (JPPM).

من الواضح أن الباحثين في مجال التسويق لدى المنظمات غير الربحية يميلون إلى نشر أعمالهم في المجلات المتخصصة للغاية من أجل الوصول إلى القراء الأكاديميين والإداريين الذين يستهدفونهم. نُشِرت أكثر من 600 مقالة في هذه المجلات الثلاث المتعلقة بالتسويق غير الربحي بين عامي 1999 و2003. وهنا، من الواضح أن التسويق يلعب دوراً بالغ الأهمية في الدراسات الأكاديمية عن المنظمات غير الربحية.

 

قضايا في بحوث الإدارة والتسويق في المنظمات غير الربحية

لدراسة أي المواضيع التسويقية التي تشكل موضع النقاش المحتدم في المؤلفات البحثية الإدارية الخاصة بالمنظمات غير الربحية، قمنا بفحص جميع المقالات التي نشرت في عام 2003 في اثنين من ثلاث مجلات التسويق في المنظمات غير الربحية المذكورة أعلاه (JSMNV و JNPSM). تم استبعاد JPPM من هذا التحليل، لأن تركيز هذه المجلة ينصب على العام أكثر من قطاع المنظمات غير الربحية – على الرغم من أن المقالات المتعلقة بقطاع المنظمات غير  الربحية تنشر أيضاً هناك بانتظام. على نحو مجمل، أخذنا 41 مقالة في اعتبارنا وقمنا بدراسة أي نوع من المنظمات غير الربحية كانت محل تركيز البحوث (البعد “موضوع البحث”) وحللنا أي من المواضيع التسويقية من وجهة نظر وظيفية كان الأكثر  أهمية في المقام الأول (البعد “مجال التسويق”).

بالنسبة إلى دراسة بُعد “موضوع البحث”، والذي يعني مستوى تحليل محدد لكل فرع أو مؤسسي، استخدمنا التصنيف الدولي للمنظمات غير الساعية إلى الربح  (ICNPO) الذي وضعه Salamon and Anheier  (1992 أ، ب). وترد نتائج هذا التحليل في الجدول الأول.

 

 الجدول الأول * *

وجدنا أن نوع المنظمات الذي قام باحثو تسويق المنظمات غير الربحية في عام 2003 بدراسته غالباً هو جزء من التصنيف الدولي للمنظمات غير الربحية المجموعة رقم 4 (“الخدمات الاجتماعية”، 15 مقالة ، 36.6٪). في هذا المجال، تقوم عدة مقالات بتحليل ما يمكن للمؤسسات الخيرية القيام به من أجل تحديد إستراتيجية فعالة لجمع الأموال أو التواصل (انظر أدناه). في هذا السياق، يحظى ما يسمى بـ “التسويق المرتبط بقضية” بقدر كبير من الاهتمام في أبحاث التسويق في المنظمات غير الربحية (مثل Basil and Herr ، 2003؛ Garcia  وآخرون، 2003؛ Hajjat ، 2003؛ Nowak and Clarke ، 2003؛ Strahilevitz ، 2003). التسويق المرتبط بقضية هو تقنية ترويجية تمكن الشركة الراعية من الانتماء إلى مؤسسة خيرية من خلال التبرع بأموال “مرتبطة بمشاركة العملاء في المعاملات المدرة للدخل مع الشركة” (Varadarajan and Menon ، 1988، ص 60). عادة، يتم ذلك عن طريق إخبار المستهلكين أنه سيتم التبرع بمبلغ من المال إلى مؤسسة خيرية في كل مرة يتم فيها شراء المنتج.

فضلاً عن ذلك، فإن المنظمات “غير المصنفة في أماكن أخرى” تلعب دوراً مهماً في أبحاث التسويق في المنظمات غير الربحية (9 مقالات، 21. 9%). في إطار هذه المجموعة، قمنا بتلخيص المقالات التي تناولت الجوانب التسويقية لـلمنظمات غير الربحية بشكل عام (مثل Austin ، 2003) أو مع أنواع أخرى من المنظمات التي لا توجد في إطار التصنيف الدولي للمنظمات غير الربحية (مثل الحكومات، على سبيل المثال، Rose، 2003). تم تحديد مجالات اهتمام أخرى لبحوث التسويق في المنظمات غير الربحية (4 مقالات، 9. 8% لكل منها) في عام 2003 في مجال “الثقافة والتجديد” (على سبيل المثال، Heaney and Heaney ، 2003) وكذلك في “التعليم والبحث” (على سبيل المثال، Brookers ، 2003).

بالنسبة لدراسة بُعد “مجال التسويق”، قمنا بتحديد عدة فئات، وهو ما يمكن رؤيته في الجدول الثاني.

الجدول الثاني **

المواضيع التي حظيت بأكبر قدر من الاهتمام في أبحاث التسويق  في المنظمات غير الربحية التي تم تحليلها في عام 2003 هي “التواصل” و”التسويق العام/الاستراتيجي” (12 مقالة، 29. 3% لكل منها). في مقالات حقل التواصل عن “التصميم الأمثل لصفحات الإنترنت” (Wenham  وآخرون، 2003) و”الإعلان” (على سبيل المثال، Hooper and Stobart ، 2003) فضلاً عن مقالات عن “ترويج المبيعات” (على سبيل المثال، Peattie ، 2003) و”العلاقات العامة” (على سبيل المثال، Higgins
and Lauzon ، 2003)كذلك. وفي مجال “التسويق العام/الاستراتيجي”، نشر ت الدراسات في أعداد مثل “ريادة الأعمال الاجتماعية” (Mort  وآخرون، 2003) أو “دور التسويق في التعاون بين القطاعات” (Austin ، 2003). كانت مجالات أخرى ذات أهمية كبيرة لأبحاث التسويق في المنظمات غير الربحية (5 مقالات، 12.2% لكل منها) في عام 2003 هي “سلوك التمويل/المانحين” (على سبيل المثال، Lee، 2003؛ انظر أيضاً عمل Marudas and Jacobs، وكذلك عمل Kottasz ، في هذا العدد من Voluntas الذين لهم صلة بهذا الموضوع) و”تسويق العلاقات” (مثل Hayes and Slater ، 2003).

 

ملخص الدراسات السابقة في التسويق

الهدف من هذا القسم تحليل عدد ومحتوى أبحاث علمية منشورة خاصة بالتسويق في المنظمات غير الربحية في عام 2003. بالنظر إلى عدد من المجلات العلمية ذات الصلة بالتسويق في المنظمات غير الربحية، حددنا مجموعة كبيرة من الدراسات في هذا المجال. مع ذلك، فإنّ موضوع التسويق في المنظمات غير الربحية لا يزال يحظى بقدر ضئيل من الاهتمام في المجلات العلمية ذات التوجه “العام”. بينما تحلل الأعمال المنشورة ضمن مجلات التسويق الخاصة بالمنظمات غير الربحية بطريقة أعمق، ولكنها وصفية، قمنا بتحديد مجموعة التصنيف الدولي للمنظمات غير الساعية إلى الربح رقم 4 (“الخدمات الاجتماعية”) باعتبارها صاحبة أكبر قدر من الاهتمام. ومن حيث التسويق لموضوعات محددة نستطيع أن نحدد “التواصل”، فضلاً عن “التسويق العام/الاستراتيجي” باعتباره من القضايا الكبرى في أبحاث التسويق في المنظمات غير الربحية.

 

الخاتمة

تمّ بحث موضوع إدارة المنظمة غير الربحية بشكل جيد من عدة وجهات نظر تخصصية على مر السنين. يمكن تفسير وجود المنظمات غير الربحية بانحرافهم عن النموذج الاقتصادي القياسي للشركة – فالمنظمات غير الربحية لا تملك إمكانية الوصول إلى أسهم رأس المال، فهم لا يوزعون الموارد على المالكين، وكثيراً ما يُعزى وجودهم إلى أفراد أو جماعات تدرك فشل السوق أو الحكومة في  توفير خدمات معينة. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن الأمر كذلك بالفعل، لا تزال هناك قضايا جوهرية حول كيفية مساعدة النمذجة الاقتصادية في إدارة المنظمات غير الربحية. وهنا نتقدم بالحجة التي تقول إنّ المنظرين الاقتصاديين، والقائمين على نظرية الأداء الداخلي، وتلك التخصصات التي تتأثر بشدة بالفكر الاقتصادي، فشلوا في تفسير الأداء الداخلي للاقتصاد الجزئي للمنظمات غير الربحية. ونقترح أيضًا أن النظريات الاجتماعية التي توحي بأنّ المنظمات غير الربحية قد ينغمسون في محاكاة هيئات القطاع العام أو الخاص في السعي إلى الشرعية قد تكون صالحة. مع ذلك، إن المشكلة الوكلاء الفعلية داخل المنظمات غير الربحية أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى فهمنا لإدارة المنظمات غير الربحية الفعالة. حتّى الآن، ركزت معظم المساهمات الاجتماعية على التفاعل بين المنظمة وبيئتها.

في حين أن وجهات النظر المذكورة أعلاه لا تزال توظّف في أعمال علمية لاكتشاف تعقيدات المنظمات غير الربحية أكثر ، فإننا نكتشف اتجاهاً قوياً حديثاً للتركيز على الإدارة، ولاسيما التسويق، كأداة للإدارة بوصفها محور تركيز رئيسي لبحوث المنظمات غير الربحية. هذه الملاحظة لا تستند إلى حجم نشر الجهود البحثية في هذا المجال فحسب، ولكن أيضاً وفقاً لاحتياجات المنظمات غير الربحية في سعيها إلى جمع أموال إضافية في مواجهة المنافسة المتزايدة – من منظمات غير حكومية أخرى أساساً- على كمية الأموال التي يبدي المانحون استعدادهم لتقديمها للجهود الخيرية. هذا التركيز الجديد لا يخلو من الصعوبات. وهذا البحث يحدد موقع الجهود البحثية المتواصلة الرامية إلى تحسين الإدارة المهنية للمنظمات غير الربحية، نظراً لطبيعتها المميزة وطابعها المعقد. وهناك أيضاً مجال لمزيد من الأبحاث التي تعتمد مختلف وجهات النظر المبينة أعلاه. مع ذلك، فإننا نثير أيضاً احتمال إجراء دراسات شاملة ومتعددة التخصصات باعتبارها أكثر الطرق جدوى للمضي قدماً في دراسة المنظمات غير الربحية. من أمثلة ذلك دراسة Jonsson  1998 التي تعتمد على النظرية المؤسسية، ونظرية الاعتماد على الموارد، ونظرية الهيكلة.

 

 

الجدول الأول: منشورات  JNVSMa و JNPSMb لعام 2013 التي أظهرته مجموعة التصنيف العالمي للمنظمات غير الربحية ICNPO-Group  (فيما يتعلق ببعد “موضوع البحث”)

ICNPO-Group Number of Articles

عدد المقالات

Percentage of Articles

نسبة المقالات

Culture and Recreation

الثقافة والتجديد

49.8 %
Education and Research

التعليم والبحث

49.8 %
Health

الصحة

24.9 %
Social Services

الخدمات الاجتماعية

1536.6 %
Environment

البيئة

00
Development and Housing

التنمية والإسكان

00
Civil Rights, Advocacy, and Political

الحقوق المدنية،والسياسية والمناصرة

37.3 %
Philanthropic Intermediaries and Voluntarism Promotion

الوسطاء الخيرين وتعزيز التطوع

24.9 %
International

عالمي

00
Business, Professional Associations, Unions
إدارة الأعمال، الجمعيات المهنية والاتحادات
00
Religion

الدين

24.9 %
Not Elsewhere Classified

غير مصنف في مكان آخر

921.9 %
Total

المجموع

41100 %

 

a JNVSM = International Journal of Nonprofit and Voluntary Sector Marketing
b JNPSM = Journal of Nonprofit and Public Sector Marketing

 

 

 

الجدول الثاني: المنشورات في JNVSMa و JNPSMb لعام 2003 كما تظهر منطقة السوق فيما يتعلق بـ (بعد “مجال التسويق”)

 

Marketing area

مجال التسويق

Number of Articles

عدد المقالات

Percentage of Articles

نسبة المقالات

Communication

التواصل

1229.3 %
Marketing Strategy / Marketing in General

إستراتيجية التسويق/ التسويق بشكل عام

1229.3 %
Fundraising

جمع التبرعات

512.2 %
Relationship Marketing

التسويق القائم على أساس العلاقات

512.2 %
Distribution

التوزيع

24.9 %
Marketing Research

بحوث التسويق

24.9 %
Other

أخرى

37.3 %
Total

المجموع

41100 %

a JNVSM = International Journal of Nonprofit and Voluntary Sector Marketing
b JNPSM = Journal of Nonprofit and Public Sector Marketin


[1] للاطلاع على مسرد المراجع يرجى مراجعة النص الأصلي. -المراجع-

المصدر
researchgate

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى