- كرس غونارس (Kris Gunnars)
- ترجمة: محمد الجبري
- تحرير: بدر بن ثاني بن علي
يتكون جسم الأنسان من حوالي 60 % من الماء، ويفقده باستمرار طوال اليوم عن طريق البول والعرق غالبا، وأيضًا من خلال وظائف الجسم العادية مثل التنفس. وللوقاية من الجفاف؛ فإنه يحتاج إلى الحصول على الكثير من الماء في الشراب والطعام كل يوم.
هناك العديد من الآراء المختلفة حول كمية المياه التي يجب أن تشربها كل يوم. فيوصي خبراء الصحة عادةً بثمانية أكواب سعة 8 أوقيات، أي ما يعادل 2 لترًا تقريبًا، أو نصف جالون يوميًا. وتعرف بقاعدة (8×8) والتي السهل جدًا تذكرها. ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أنك بحاجة إلى شرب الماء باستمرار طوال اليوم، حتى إذا لم تكن عطشانًا.
وكما هو الحال مع معظم الأشياء، فإن هذا يعتمد على الفرد حيث تؤثر العديد من العوامل (الداخلية والخارجية) في النهاية على كمية المياه التي يحتاجها.
تلقي هذه المقالة نظرة على بعض الدراسات التي تتناول كمية الماء المستهلكة لتميز الحقيقة عن الخيال وتشرح كيفية الحفاظ على رطوبة جيدة لاحتياجاتك الفردية.
كم تحتاج من الماء؟
تعتمد كمية المياه التي تحتاجها على الكثير من الأشياء وتختلف من شخص لآخر. فبالنسبة للبالغين، فإن التوصية العامة الصادرة عن الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب حوالي:
11.5 كوب (2.7 لتر) في اليوم للنساء
15.5 كوب (3.7 لتر) في اليوم للرجال
ويشمل ذلك السوائل من الماء والمشروبات مثل الشاي والعصير ومن الطعام. كما تحصل في المتوسط على 20 % من المياه من الأطعمة التي تتناولها (1،2).
وقد تحتاج إلى ماء أكثر من أي شخص آخر. ويعتمد المقدار الذي تحتاجه على:
- السكن: حيث ستحتاج إلى المزيد من الماء في المناطق الحارة أو الرطبة أو الجافة، وكذلك إذا كنت تعيش في الجبال أو الارتفاعات العالية (3).
- الغذاء: فإذا كنت تشرب الكثير من القهوة والمشروبات الأخرى التي تحتوي على الكافيين، فقد تفقد المزيد من الماء من خلال التبول الزائد. وقد تحتاج إلى شرب المزيد من الماء إذا كان نظامك الغذائي غنيًا بالأطعمة المالحة أو الحارة أو السكرية. وكذلك إذا كنت لا تأكل الكثير من الأطعمة المرطبة التي تحتوي على نسبة عالية من الماء مثل الفواكه والخضروات الطازجة أو المطبوخة.
- درجة الحرارة أو الموسم: ربما تحتاج إلى المزيد من الماء في الأشهر الأكثر دفئًا من تلك الباردة بسبب العرق.
- البيئة: إذا كنت تقضي وقتًا أطول في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس أو درجات الحرارة المرتفعة أو في غرفة دافئة، فقد تشعر بالعطش بشكل أسرع.
- النشاط: إذا كنت نشيطًا أثناء النهار أو تمشي أو تقف كثيرًا، فستحتاج إلى كمية من الماء أكثر من الشخص الجالس على مكتب. وإذا كنت تمارس الرياضة أو تمارس أي نشاط مكثف، فستشرب المزيد لتغطية فقدان الماء.
- الصحة: إذا كنت تعاني من عدوى أو حمى، أو إذا فقدت السوائل بسبب القيء أو الإسهال، فستحتاج إلى شرب المزيد من الماء. وإذا كنت تعاني من حالة صحية مثل مرض السكري، فستحتاج أيضًا إلى المزيد من الماء. كما أن بعض الأدوية مثل مدرات البول يمكن أن تجعلك تفقد الماء.
- الحامل أو المرضع: إذا كنتِ حاملاً أو ترضعين طفلك، فستحتاجين إلى شرب المزيد من الماء لأن جسمك يقوم بهذا العمل لشخصين (أو أكثر).
الخلاصة: تؤثر العديد من العوامل على كمية المياه التي تحتاجها للبقاء بصحة جيدة مثل صحتك ونشاطك وبيئتك.
هل يؤثر تناول المياه على مستويات الطاقة والأداء الذهني؟
يدعي كثير من الناس أنه إذا لم تشرب الماء على مدار اليوم، فسيكون لذلك أثر على مستوى طاقتك وأدائك الذهني. هذه الفكرة يدعمها الكثير من الدراسات. حيث أظهرت إحدى الدراسات على النساء أن فقدان 1.36 % من السوائل بعد ممارسة الرياضة أفسد المزاج والتركيز وزاد من حدة الصداع (4).
ووجدت دراسة أخرى في الصين بعد متابعة 12 رجلا في الجامعة أن عدم شرب الماء لمدة 36 ساعة أثّر تأثيرًا ملحوظًا على الإرهاق، والانتباه والتركيز، وسرعة الاستجابة، والذاكرة قصيرة المدى (5).
كما يمكن للجفاف الخفيف أن يقلل من الأداء البدني. ففي دراسة سريرية على رجال مسنين أصحاء تبين أن خسارة 1% فقط من الماء في الجسم قللت من قوتهم العضلية، وطاقتهم، وقدرة تحملهم (6). فربما لا تبدو خسارة 1% من وزن الجسم كثيرة، لكنها كمية معتبرة، فهذا لا يحصل عادةً إلا إذا تعرقت تعرقًا كثيفًا أو كنت في غرفة دافئة جدًا ولم تشرب كفايتك من الماء.
الخلاصة: يمكن أن يكون للجفاف الخفيف الناجم عن التمارين الرياضية أو الحرارة آثار سلبية على كل من أدائك البدني والذهني.
هل شرب الكثير من الماء يساعدك على إنقاص الوزن؟
يُقال بأن شرب المزيد من الماء قد يقلل من وزن الجسم عن طريق زيادة التمثيل الغذائي وتخفيف الشهية. ووفقًا لدراسة، فقد ارتبط انخفاض الوزن وإعادة توزيع الدهون حول الجسم بشرب المزيد من الماء أكثر من المعتاد (7).
ووجدت مراجعة لدراسات أخرى أن الجفاف المزمن مرتبط بالسمنة والسكري والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية (8). كما قدر الباحثون في دراسة أخرى قديمة، أن شرب 68 أوقية (2 لتر) في يوم واحد زاد من استهلاك الطاقة بنحو 23 سعرة حرارية في اليوم بسبب الاستجابة الحرارية، أو التمثيل الغذائي الأسرع (9). وهذه الكمية تراكمية يمكن أن تصل إلى رقم أكبر مع مرور الزمن.
كما يمكن أن يؤدي شرب الماء قبل نصف ساعة من تناول الوجبات إلى تقليل عدد السعرات الحرارية التي تستهلكها في نهاية المطاف (10). ولعل السبب في هذا يرجع إلى أن الجسم لا يميّز جيدًا بين شعور العطش والجوع. بينما أظهرت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين شربوا 17 أوقية (500 مل) من الماء قبل كل وجبة، فقدوا وزنًا أكبر بنسبة 44٪ خلال 12 أسبوعًا، مقارنةً بمن لم يشربوا (11).
وبشكل عام، فإن شرب كميات كافية من الماء، خاصة قبل وجبات الطعام، قد يساعدك في إدارة الشهية والحفاظ على وزن صحي للجسم، خاصةً عندما يقترن بنظام غذائي صحي. علاوة على ذلك، فإن شرب الكثير من الماء له عدد من الفوائد الصحية الأخرى.
الخلاصة: يمكن أن يسبب شرب الماء زيادات طفيفة ومؤقتة في التمثيل الغذائي، وشربه قبل كل وجبة بنصف ساعة يمكن أن يساعدك على تناول سعرات حرارية أقل، والمساهمة في فقدان الوزن.
هل المزيد من الماء يساعد في منع المشاكل الصحية؟
إن شرب كمية كافية من الماء ضروري حتى يعمل الجسم بشكل أفضل، ويساعد في علاج العديد من المشاكل الصحية مثل:
- الإمساك: يمكن أن تساعد زيادة تناول الماء في علاج الإمساك وهي مشكلة شائعة جدًا (12،13).
- التهابات المسالك البولية: أظهرت الدراسات الحديثة أن زيادة استهلاك المياه قد يساعد في منع تكرار التهابات المسالك البولية والمثانة (14،15)
- حصى الكلى: خلصت دراسة قديمة إلى أن تناول كميات كبيرة من السوائل يقلل من خطر الإصابة بحصوات الكلى، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من البحث (16).
- ترطيب البشرة: تشير الدراسات إلى أن المزيد من الماء يؤدي إلى ترطيب أفضل للبشرة، على الرغم من أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحسين الوضوح والتأثيرات على حب الشباب (17،18)
الخلاصة: قد يساعد شرب المزيد من الماء والبقاء رطبًا بشكل كافٍ في حل بعض المشكلات الصحية، مثل الإمساك والتهابات المسالك البولية والمثانة وحصوات الكلى وجفاف البشرة.
هل تحتسب السوائل الأخرى في المجموع؟
إن الماء العادي ليس هو الشراب الوحيد الذي يساهم في توازن سوائل الجسم. بل للمشروبات والأطعمة الأخرى تأثير ملحوظ. تقول إحدى الأساطير أن المشروبات التي تحتوي على الكافيين، مثل القهوة أو الشاي، لا تساعدك على ترطيب الجسم لأن الكافيين مدر للبول. لكن في الحقيقة، تُظهر الدراسات أن التأثير المدر للبول لهذه المشروبات ضعيف، لكن مع ذلك يمكن أن تسبب زيادة في التبول لدى بعض الأشخاص (19). وعلى العكس، فإن المشروبات المحتوية على الكافيين تساعد أيضا في إضافة الماء إلى الجسم بشكل عام.
تحتوي معظم الأطعمة كاللحوم والأسماك والبيض وخاصة الفواكه والخضروات على الماء بنسب متفاوتة. ويمكن أن تساعد القهوة أو الشاي والأطعمة الغنية بالماء معًا في الحفاظ على توازن السوائل لديك.
الخلاصة: يمكن أن تساهم المشروبات الأخرى ومعظم الأطعمة في توازن السوائل، بما في ذلك القهوة والشاي.
مؤشرات الترطيب
لا شك أن توازن الماء ضروري لبقائك على قيد الحياة. فلهذا السبب، يمتلك جسمك نظامًا متطورًا للتحكم في وقت وكمية الشرب. عندما ينخفض إجمالي محتوى الماء لديك عن مستوى معين، يبدأ العطش. وتتم موازنة ذلك بعناية من خلال آليات مشابهة للتنفس – لست بحاجة إلى التفكير في الأمر بوعي- فجسمك يعرف كيف يوازن بين مستويات المياه ومتى يخبرك بشرب المزيد.
في حين أن العطش قد يكون دليلا على الجفاف، فإن الاعتماد على الشعور به قد لا يكون مناسبًا لصحة مثالية أو أداء التمارين الرياضية (20). ففي الوقت الذي تشعر فيه بالعطش، قد تشعر بالفعل بآثار قلة الماء مثل التعب أو الصداع.
كما يمكن أن يكون استخدام لون البول كدليل أكثر فائدة لمعرفة ما إذا كنت تشرب كمية كافية(21). فالهدف الحصول على بول صاف باهت اللون.
قاعدة (8×8): تعسفية تمامًا فلا يوجد دليل علمي عليها (1،22). ففي ظروف معينة من أهمها أوقات زيادة التعرق، وممارسة الرياضة والطقس الحار، في المناخ الجاف؛ قد يتطلب ذلك زيادة تناول الماء.
إذا كنت تتعرق كثيرًا، فتأكد من تعويض السوائل المفقودة بالماء. فقد يحتاج الرياضيون الذين يمارسون تمارين طويلة ومكثفة إلى تجديد الأملاح، مثل الصوديوم والمعادن الأخرى، إلى جانب الماء. وتحتاج أيضًا إلى المزيد من الماء عند الإصابة بالحمى وعند القيء أو الإسهال، أو إذا كنت ترغب في إنقاص وزنك. كما تزداد حاجة النساء إلى الماء أثناء الحمل والرضاعة.
علاوة على ذلك، قد يحتاج كبار السن إلى مراقبة استهلاكهم من الماء بوعي لأن آليات العطش يمكن أن تبدأ في التعطل مع تقدم العمر. تشير الدراسات إلى أن البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا هم أكثر عرضة للإصابة بالجفاف (23).
الخلاصة: لا يحتاج معظم الناس إلى التركيز أكثر من اللازم على كمية استهلاكهم من المياه، لأن الجسم لديه إشارة عطش تلقائية. ومع ذلك، هناك ظروف معينة تتطلب اهتمامًا متزايدًا بكمية المياه التي تشربها.
في النهاية:
لا أحد يستطيع أن يخبرك بالضبط بكمية المياه التي تحتاجها، فهذا يعتمد على العديد من العوامل. حاول أن تجرب لترى ما الذي يناسبك. فبينما يستفيد بعض الأشخاص بشكل أفضل مع وجود كمية كبيرة من الماء أكثر من المعتاد، يقوم البعض الآخر بزيارات متكررة إلى الحمام.
إن أردتَ تبسيط الأمر، فهذه الإرشادات ينبغي أن تنطبق على أغلب الناس:
- اشرب ما يكفي من الماء للحصول على بول صافٍ خفيف اللون.
- اشرب حين تعطش.
- عند الحرارة العالية والتمرين والظروف السابق ذكرها، احرص على شرب ما يكفي من الماء للتعويض عن السوائل التي فقدتها أو التي تحتاج إليها.
- https://www.nationalacademies.org/our-work/dietary-reference-intakes-for-electrolytes-and-water
- https://www.eatright.org/food/nutrition/healthy-eating/how-much-water-do-you-need
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5218879/
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/22190027
- https://www.mdpi.com/1660-4601/16/11/1891
- https://journals.lww.com/nsca-jscr/Abstract/2018/12000/Impact_of_Mild_Hypohydration_on_Muscle_Endurance,.14.aspx
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3809630/
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4901052/
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/17519319
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6209729/
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/19661958
- https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0021755717303315
- https://www.scielo.br/pdf/jped/v93n4/0021-7557-jped-93-04-0320.pdf
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6584323/
- https://www.sciencedaily.com/releases/2018/10/181003134447.htm
- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/19321253/
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4529263/
- https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10.1111/srt.12454
- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/27225921/
- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/29509643/
- https://gacc.nifc.gov/nwcc/content/pdfs/safety/DOD_Urine%20Color%20Test_Poster.pdf
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/12376390
- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S1878764916301838