- معاذ بن مذكر القحطاني
- تحرير: أسامة خالد العمرات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبي الأولين والأخرين.. أما بعد:
فقد استنصحت رجلين من أهل العلم بخصوص قراءة كتاب (قصة الحضارة) لـ ويل ديورانت (توفي 1981 م) بعدما تهيّبتُ قراءته لكثرة مجلداته (22 مجلداً ضخماً) فكلاهما نصَح به، وحسّنا لي قراءته، فشرعت في لُجَجِهِ وبحاره، فأبهرني حسنُ أسلوبه ودقة ملاحظاته وإنصاف أحكامه كما سترى فيما ستقرأ من كلامه، ثم وجدت كتاباً له بعنوان (دروس من التاريخ) ذكَرَ في مقدّمته إنّه عند إعادة قراءته لكتابه قصّة الحضارة، ظهرت له ملاحظات وتساؤلات سجلها في كتابه الصغير هذا، فقرأته وأخرجتُ بعضاً من غُرَرِ كلامه سترى فيها ما يسرّك بإذن الله.
هذا، والمؤلف مُلحد لا يؤمن برب ولا يُّصدّق برسول، إلا أنّك ستجد في كلامه ما هو حُجّة على فساد مذهبه وخطأ طريقته، اعتنيت بنقلها بالنّصِّ قدر الإمكان، وستجد ركاكةً في بعض الألفاظ لا تجدها في كتاب (قصة الحضارة) للبَوْنِ الشّاسِع بين المترجمين، وقد علّقت ما تيسّر لي حول بعض النقاط؛ فأرجو الله أن ينفعني وإياكَ بما كتَبَ وكتبتُ والله ولي التوفيق.
قال ويل ديورانت:
- مُعظم التاريخ تخمينات، والبقيّة آراء منحازة ومتحاملة، ويقول في موضع آخر: علمنا بالتّاريخ دائماً ناقص ومشوش.
- دائماً ما يبسّط المؤرخ الأمور ويختار على عُجالة مجموعةً من الحقائق والوجوه التي يستطيع إدراكها دون العديد من الحقائق والوجوه المعقّدة.
- في سنة 1906م ذكر تشارلز بيكاي: إنّ العالم تغيّر في الثلاثين سنة الماضية أكثر مما تغير في زمن المسيح.
- “التاريخ يبتسم ساخراً من كل محاولات التنميط أو مَنْطَقَة أحداثه ومجراه، ويعبث بكل محاولاتنا للتعميم ويحطّم قواعدنا”[1]
- يجب علينا أن نتذكّر أنّ التاريخ الذي نكتبه مختلفٌ إلى حد كبير عن التاريخ الذي نعيشه، يكتب المؤرخون الأحداث الاستثنائية لأنها مثيرة.
- تحدّث ديورانت في فصل مُهم عن تأثير المناخ والجغرافيا في تكوين الأمم، مثل أثر نهر النيل في بناء الحضارة المِصرية وأثر الرافدين في حضارات العراق القديمة، والأمر نفسه في الهند والصين وغيرها الكثير، لكنّه قال بعد ذلك: لم يعد الطقس يتحكم فينا بالعنف نفسه كما افترض مونتسكيو، لكنّه يرسم لنا حدوداً لا نتعداها. ثم تحدّث عن أهمية الطُّرق والملاحة في تغيير مجريات الأمور وصنع الحضارات، وقال: عندما تَحُل المِلاحة الجويّة محل المِلاحة البحرية؛ سنكون قد رأينا واحدة من الثورات الأساسية في التاريخ.
- نحن جميعاً لا نولَد أحراراً ولا متساويين! محكومون بموروثنا الجسدي والنفسي، ومحكومون بعادات مجتمعنا وتقاليده، ومتفاوتون بشدّة في قدراتنا وصفاتنا، الطبيعة تحب الاختلاف. [2]
- الحرية والمساواة حتماً عدوّان لدودان، وحدهم الرّجال الذين يمتلكون قدراتٍ دون المتوسطة يرغبون في المساواة، أمّا أولئك المدركون تفوق قدراتهم فيرغبون في الحرية.
- الطبيعة مُولعة بالعدد، الطبيعة تحب الحاويات الضخمة! ثم ضرب لهذا مثلاً بسباق آلاف الحيوانات المنويّة لتلقيح بويضة واحدة.
- إذا تزايد عدد السّلالة البشرية حتى يزيد عن الطعام المتاح فللطبيعة طرق ثلاث في استرجاع التوازن: المجاعات والأوبئة والحروب. [3]
- ذهب مالتوس -وهو رجل دين ذو نيّة طيّبة- إلى منع إعانة الفقراء، لأنّ ذلك سيؤدي إلى الزواج المبكّر وكثرة الإنجاب، ومن ثَمَّ كثرة الأفواه وقلة الطعام، مما يعني انتشار الأوبئة والحروب والمجاعات، لكن أَسْهَمَ تقدُّم الأدوات الزراعية وطرق تنظيم النَّسل في القرن التّاسع عشر بشكل كبير في تدمير أفكار مالتوس، ولو أنّ المعرفة الزراعيّة طُبِّقَت في جميع أنحاء العالم؛ يمكن للكوكب أن يوفّر الغذاء لضعف سكّانه الحاليين.
- من الواضح أنّ معدلات الولادة يمكنها أن تَفْعل ما تفعله الحُروب من تحديد مصير الدّيانات والمعتقدات. [4]
- إنّ قوة تنظيم الكاثوليكيين وإرادتهم وأخلاقهم وإخلاصهم وخصوبتهم، يمكنها أن تهزم موجة الإصلاح البروتستانتي وحركة التنوير الفرنسي [5]، التّاريخُ أفضل فُكاهيٍّ بلا منازع. وقال في موضع آخر: الكاثوليكية تحافظ على بقائها، لأنها تخاطب الخيال والأمل والحِسّ، ولأنّ الأساطير تخفّف وتنير حياة الفقراء.
- عرَض ديورانت كلاماً لـ جوبينو -وهو مُناصرٌ لنظرية الأعراق- يقول فيه: التّاريخ يبيّن أنّ كلّ الحضارات تنبع من الجنس الأبيض، وأنّ الأجناس الباقية كلها لم تكن لتوجد لولا مساعدته! ثم قال ديورانت مُعلقا: بعض نقاط ضعف هذه النظرية واضحة، فيمكن لمثقّف صينيّ أن يذكّرنا أنّ شَعبهُ أقام أكثر الحضارات تعميراً في التاريخ منذ ألفي سنة قبل الميلاد! فالتاريخ مصابٌ بعمى الألوان، ويمكنه أن يطور حضارة -في أيّ بيئة مناسبة- بأيّ جنسٍ تقريباً، إنّ دَور العِرق في التاريخ دورٌ تمهيديٌّ أكثر منه دوراً خلّاقاً.
- لم ينتج الزنوج الأفارقة أي حضارة، وذلك في الغالب؛ لأنّ الظّروف المناخيّة والعوامل الجغرافيّة أحبطتْ كلَّ مُحاولاتهم، هَل كان أيّاً من الأعراق البيضاء سَيُبلِي أحسن منهم في تلك الظروف نفسها!؟ من المذهل عدد الزنوج الأمريكيين الذين نبغوا في أماكن رفيعة خلال المئة عام الماضية رغم وجود آلاف المعوقات الاجتماعية.
- قسَّم ديورانت الطبيعة البشرية -والتي عرّفها بأنَّها ميولاتٌ أساسيةٌ ومشاعر متأصِّلة- إلى ثلاثة أقسامٍ حَسب قوَّتها، فالغرائز أكثر الميولات البشرية تأثيراً وأوليّةً، ثم العادات ثم المشاعر، ثم قَسَّم الغرائز إلى ستَّةٍ إيجابية، وستَّةٍ أخرى سلبية، ثم تكلَّم عن تأثيراتها وأفاض: [والموضوع يبدو أعمقَ مما تبيَّن لي من الكتاب، فلعلَّ المؤلِّفَ قد تعجَّل، أو المترجم قد أخلَّ أو القارئ قد قصَّر].
- لا شيءَ أوضحُ في التاريخِ مِنْ تَبنّي الثَّائِرينَ النّاجحينَ للطُّرق التي اعتادوا أن يمقتوها حين كانت تمارِسُها القوات التي أطاحوا بها! [6]
- يُؤكِّد ديورانت إنَّ نَجاحَ العظماء كنابليون وتشرشل وغيرهم في صنع أمّة ما؛ هو نتيجة لأعدادٍ ضخمةٍ جداً مِن العَوامل والظروف غير الاعتياديّة! [7]
- في بعض الأوقات يمكن لتعاليم شَخص ما وحكمةِ وعظه -كما لو كان نبياً كمحمد- أنْ تَرفَع أمةً فقيرةً لا تتمتَّعُ بالعديد من المزايا إلى موقع سُلطَةٍ مَهيب، وطُموحٍ لا حُدود له. [8]
- إذا نظرنا للتاريخ على نطاقٍ واسعٍ وجدنا أنَّه يقوم على صِراعٍ بين القلَّة المبتكرة والفعَّالة، بينما تَكون الأغلبية في صفِّ المنتَصِر تُصفِّق لانتصاراته، وتوفِّر له المادة البشريَّة لتجاربه الاجتماعية.
- الإنتاجُ الثقافيُّ والمعرفيّ قوَّة مهمة في تحريكِ مَسارِ التّاريخ، لكنها يمكن أَنْ تَكون قوَّة مدمِّرة أيضاً.
- قَد يتساءلُ الشَّاب الذي تفور الهُرمونات مِنْ جسده، لماذا يَجب أنْ يكبَح رغباته الجنسيّة ولا يعطيها حريتها بالكامل؟
في الحقيقة لو تُرِكَ الشّاب بدون الضَّوابِط الاجتماعية وبدون الأخلاق والقانون؛ قد يدمِّر حياتَه قَبل أَنْ يَصِلَ إلى نُضجٍ كافٍ، يُلاحِظ معه أَنَّ الجنس نَهرٌ مِنَ النيران المشتعلة، فإنْ لم تحدَّه وتساعد في إخماده، سيجرِفُ المئات من القيود، ويستنزف الأفراد والجماعات في عشوائيَّته وقوَّته، وقال في موضعٍ آخر: ربما يعيش أبناؤنا الذين لا تحكمهم قيودٌ أخلاقيةٌ لليوم الذي يصبح فيه النظام والاحتشام صيحةُ العصر، رُبَّما تُصبح الملابس أكثر إغراءً من التعرّي.
- المُحافظ الذي يقاوم التغيير مهمٌّ للمجتمع، مثله مثل الراديكالي الذي يسعى لتغييره، بَل قد يكون أكثر أهميّة منه، كما تكون الجذور أهمّ للشجرة وأكثر حيَّوة من الجذوع، مِن الجيِّد أَنْ تَسمع الآراء الجديدة حتى تأخذ الأفكارُ القليلة منها، القابل للتنفيذ مساحتَها للصعود، لكن من الجيِّد أَن تتعرّض الأفكارُ الجديدة لطواحين الرَّفض والاعتراض والمُقاومة، هذه العوامل تقف بمثابة اختبارٍ حراريٍّ للأفكار قبل أن تدخل للعِرْق البشريّ.
- عندما يتّسع علمك؛ تدرك اتفاق النُظم الأخلاقية في جوهرها وعموميّتها، وتتأكّد ضروريّتها.
- صارت المدن تقدم لك الأسباب لكيلا تتزوَّج، لكنَّها في المقابل توفِّر لك الإغراءات والتسهيلات لممارسة الجنس.
- حُرِّرتْ المرأة، أو بالأحرى حُوِّلت إلى منتج مُصَنَّع!
- يؤكِّد لنا التاريخ إنَّ الحضارات تَضمحلُّ في العادة على مهل، لمدة 250 سنة بدأ الاضمحلال اليوناني على يد السفسطائيين.
- حتى المؤرِّخ المتشكِّك يتكوّن لديه احترامٌ متواضعٌ للدين؛ لأنَّه يراه فعّالاً، ويلعب دوراً لا يمكن الاستعاضة عنه تقريباً في أيّ مكان أو زمان؛ لأنَّه يَجلِبُ للحزين وكبير السن وغيرهم، راحةً غيبيَّة تقدّرها الملايين من الأرواح. لقد ساعد الدِّين الآباء والمعلّمين في تهذيب النَّشء، وأعطى المجتمعات استقرارها بتقديس المعاملات الإنسانية بين الأفراد، ومنع الفقراء -كما قال نابليون- من قتل الأغنياء، وقال في موضعٍ آخر: الأمل الغيبيّ هو المَخرج الوحيد لمقاومة اليأس، اقضِ على هذا الأمل لتَحْتَدِمَ أمامك حربٌ طبقيَّة، ومتى انحدر الدِّين؛ ارتفع النداء بالاشتراكيّة.
- محاولة الدول الاستغناءَ عن الدِّين واحدةٌ من أهم التجارب التي تُحيِّر عقولنا، وتنغّص علينا طرقنا في هذا العصر، ويقول في موضع آخر: لو أنَّ حرباً عَظيمة ستدمّر الحضارة الغربيّة؛ فستكون الكنيسة هي الأمل الوحيد لرفع الدَّمار الذي سيلحق بالمدن، وستكون الوحيدة القادرة على إرشاد النّاجين من الكارثة كما حصل عام 476 م. [9]
- أحد دروس التاريخ المهمَّة، أنَّ الدّيِن له العديد من الأرواح وكثيراً ما بُعث بعد موته، كم قد تكرّر في الماضي موت الإله والدِّين، ثم بُعِثَا من جديد [تعالى الله عمّا يقولون عُلواً كبيراً]، ثم ضرب بوذا مثلاً، إذ بدأ فلسفتَه بدون إله، فلم تنتهِ حتى كان للبوذيَّة آلهة وجحيم وقساوسة ومعابد.
- العلم والفلسفة والتعليم، أدّوا إلى انحدار الإيمان في الإمبراطوريِّة الرومانيّة، لكنَّ الفراغ الناشِئ عن ذلك جذب العديد من العقائد المفعمة بالأساطير عن الحياة بعد الموت.
- في باريس، عام 1793م ونتيجةً لخطئهم في فَهْمِ أعمال فولتير؛ أنشأ إيبير وشوميت العبادة الإلحادية لآلهة المَنْطِق بعد ذلك بسنة، وخوفاً من الفوضى التي ألهَمَهَا روسو؛ أقام روبسبير عباة الذّات العُليا، وفي عام 1801م وقَّعَ نابليون معاهدةً مع البابا، ليعيد الكنيسة الكاثوليكية إلى فرنا، في خطوة تُظهِر وعياً جيّداً بمجريات التاريخ، وفي إنجلترا اختفى كفر القرن الثامن عشر مع التسويات الفكتوريّة والكنسيّة.
- التَّعنّت الدينيّ وإنكار الدِّين كُليةً يتبادلان الأماكن في تفاعلٍ مُشترك دائم بينهما على مدار التاريخ، فعلى العموم، يَحكم التّعنّت الدينيّ عندما تكون سلطة الدّولة والقانون ضعيفةً، وينتشر التّشكيك والإلحاد في الفترة التي يكون القانون والدّولة تسمحان بتهميش دور الكنيسة والعائلة دون تهديد لاستقرار المجتمع وثباته. [10]
- الجامعات التي كانت يوماً ما حليفة للكنيسة، أصبحت اليوم تحت أَسْر رجال الأعمال والعلماء.
- الدّعاية التي تنشر أفكاراً مثل الوطنيّة والرأسماليّة والاشتراكية؛ تنجح في زَرع عقيدة وأخلاق يوازيان العقائد الغيبيّة القديمة.
- الانفلات الأخلاقي ربَّما يولّد انبعاثاً دينيّاً، وربّما يقوم الملحدون مجدداً -كما حدث في فرنسا- بإرسال أبنائهم إلى الكنائس الكاثوليكية ليكسبوهم الانضباط الذي تورِّثهُ العقيدة الدّينية، ثم ذكر ديورانت كلاماً لـ رينان -وهو ملحد لا أدريّ- فيه ضرورة الدِّين لحفظ الأخلاق، وتخوّفه من الفوضى الخلقيّة وذهاب الفضيلة، ويقول في موضعٍ آخر: لا يوجد مثال معتبر واحد في التاريخ قبل زماننا، لمجتمع يحافظ على حياة أخلاقية ناجحة بدون دِعامة دِينيّة. لقد فصلتْ فرنسا وأمريكا وبعض الأمم الأخرى الحكومةَ تماماً عن أيّ كنيسة، لكنّهم احتفظوا بدور الدِّين في الحفاظ على النظام الاجتماعي.
- ادعت الطوائف الوثنيّة والمذاهب المسيحيّة كلّها أنَّ حُكّام الأرض مُعيّنون ومحميّون من قِبَل الآلهة.
- في المسيحيّة، يُمكن أَن نعتبر بداية النّهاية عند كوبرنيكس (1543م) كانت العمليّة بطيئة، ورغم أنّ فرانسيس بيكون كان يرفع قبعته للأساقفة؛ فإنَّه كان يُعلِن العِلم التجريبيَّ ديناً جديداً للرّجل المتحرّر، في هذا الجيل بدأ موت الإله المعبود المستقل. [11]
- نُقَل عن أفلاطون: وجود نسبة من الناس لا تؤمن قط بالإله.
- جوزيف دي ميستر يقول: أنا لا أعرف ما يمكن أن يكون في قلوب الأوغاد، لكنّني أعرف ما يوجد في عقول الرجال الصادقين، وهو مروِّع! [12]
- نُقل عن أحدهم قوله “سيظلُّ هناك آلهة ما دام الفقر موجوداً”. [13]
- لقد استطاع اليونانيون بدهائهم أن يُواروا رغباتهم الاقتصاديّة السّافرة بجُملٍ وتعبيراتٍ برّاقة.
- اكتشاف القارّة الأمريكيّة كان نتيجة لفشل الحملات الصليبيّة.
- لَمْ تَقم الثورة الفرنسيّة لأنَّ فولتير كتب كتاباتٍ هجائيّة مُلهمة، ولا لجمال وعاطفيّة أعمال روسو، لكنّها قامت لأن الطبقة الوسطى تمكّنت من الوُصول لمواضع القيادة الاقتصاديّة.
- صحيحٌ أَنَّ ماركس لم يدّعِ أنَّ الأفراد كانوا دائماً مدفوعين بنزاعاتٍ اقتصاديَّة، لكنَّه ربَما أساءَ تقديرَ حجم الدّوْر الذي تلعبه العوامل غير الاقتصاديَة في دوافع ومحركات الكُتل الضَّخمة من الناس، مثل دور العقائد الدِّينيّة في جيوشِ المسلمين، أو دور العصبيّة الوطنيّة في كتائب هتلر وحركة الكاميكازي، يمكن أَنْ تكون دوافع القادة -والتي عادةً ما تكون خَفيّة- يمكن أَنْ تكون ذات طبيعة اقتصادية، لكنَّ النتيجة -يحدّدها إلى حد بعيد- رغبة الحشود وما يتَّقِد في نفوسهم، وقال في موضع آخر: في العديد مِنْ الحالات كان من الواضح أن القوَّة العسكريَّة هي سببٌ، لا نتيجة للدوافع الاقتصادية.
- يخبرنا التاريخ إنَّ الرِّجال الَّذين يستطيعون إدارة الرجال؛ يديرون أولئك الذين لا يستطيعون إلا إدارة الأشياء، أمّا الذين يستطيعون إدارة الأموال؛ فيديرون كل شيء، فرجال المصارف يتحكّمون ويوجِّهون رأس المال ويَرتفعون إلى قمَّة الهرم الاقتصاديّ، فمن عائلة المديتشي في فلورنسا إلى عائلة الفوجر في أوجسبرج، وعائلة روتشيلد في باريس ولندن، وعائلة مرجان في نيويورك، جلس المصرفيّون في مجالس الوزراء وموَّلوا الحروب والحركات الدِّينيّة، كما أشعلوا الثورات في بعض الاحيان.
- في وقت السِّلم، يتفاضل الناس بقدرتهم على الإنتاج، أمّا في الحرب؛ فالتفاضل بالقدرة على التدمير.
- في كثير من المجتمعات، قد يصل تركيز السّلطة إلى نقطةٍ يتفوَّق فيها العدد الضخم للفقراء، وقدرة هذا العدد على إحداث التغيير، يتفوق على قوة السلطة التي يمتلِكها الأغنياء، تلك الحال غير المستقرة تولِّد موقفاً حَرِجاً، عادةً ما كان يتعامل معه التاريخ إمّا بسنِّ قوانين تعيد توزيع الثروة، أو بثورةٍ تعيد توزيع الفقر.
- الحريّة الداخلية تتناسب عكسياً مع الأخطار الخارجيّة. [14]
- سعى آلاف الرومان إلى صفوف القتال فراراً من جامعي الضرائب، عند ذلك أصدرت الحكومة مرسوماً يُجبر كلَّ فلّاح أَنْ يَلزم أرضه، وكل عاملٍ أن يَلزم متجره، حتى يدفعَ الضرائِب التي عليه، بهذه الطريقة وبالعديد من الطُّرق الأُخرى، بدأت العبوديّة في القرون الوسطى.
- أوّل شروط الحريّة هو حدودها، اجعلها بلا حدود وسَتغرَقُ في الفوضى.
- قال جيبون: إذا طُلب من أيّ أحدٍ أَنْ يعيِّن الفترة التي كان فيها حال الجنس البشري أسعد ما كان عليه، والفترة الأكثر رخاءً؛ فإنَّه وبلا تردد سيختار الفترة التي مرَّت منذ تولّي ميرفا وحتى وفاة ماركوس اوريليوس. [15]
- من الظاهر أنَّ تعقيد الدّول الحاليّة يدمِّر أيَّ عاقلٍ يُحاول أَنْ يَستوعبها.
- يبدو أنَّ الملكيّة هي أكثر صورةٍ طبيعيّةٍ للحُكْمِ، ولو أنَّنا سَنحكُم في هذا الأمر بطول المدة التي حافظتْ عليها كل صورة للحكم ومدى انتشارها؛ فسنحكُم للملكية، لم تكن الديمقراطية إلا فترات إعياء بالمقارنة بها! وقال في موضع آخر: خُلاصة الأمر إنّ الملكيّة لها سجل معتدل.
- الأرستقراطية تأخذ القليل من الرجال بعيداً عن إجهاد الصراع الاقتصادي، وتدرِّبهم منذ نعومة أظفارهم من خلال الأمثلة والبيئة المحيطة بهم، وتسلّمهم مناصب صغيرة تعوّدهم على مهام الحكم، هذه المهام تتطلّب إعداداً خاصّاً لا تستطيع أيُّ أسرة عاديّة أن تقدمه، وهي أيضاً مستودعٌ ومحركٌ للثقافة والأعراف والمعايير والذوقيّات، وهي بذلك تعمل كحاجزٍ واقٍ من البدع الاجتماعيّة والخبل الفنيّ، والتغيرات السريعة والمفاجئة للكود الأخلاقي، لكنها تؤخِّر نمو الأمم بتمسُّكها الأعمى بطرق الأسْلاف، وتستهلك مصادر الدولة والأيدي العاملة في التسلية الفاخرة، والحروب على الحكم وزيادة النّفوذ.
- بدأتْ الديمقراطيّة تأخذ دورها في إساءة حكم البشرية، وقال في موضع آخر: لو راعينا الاستخدام الدّقيق للكلمة؛ فالديمقراطية وُجِدت فقط في وقتنا الحديث، الديمقراطيّة القديمة التي تَنخر فيها العبودية والفساد، والحروب لم تكن جديرةً باسمها، وقال: الديمقراطيّة هي الصورة الأصعب من بين كل صور الحكم، وقال: ليس من الطبيعيّ إطلاقاً -كما هو رأي روسو- أنْ تحكم الأغلبيّة، الأغلبيّة يصعب جداً أن ينظِّموا أنفسهم فضلاً عن الحكم، بينما يستطيع أن يفعل ذلك عددٌ قليلٌ، وإنَّ حُكم الأقليّة لا يمكن تفاديه، كما لا يمكن تفادي تركيز الثروات، ولا يمكن للأغلبية إلا أن تقوم من فترة إلى أخرى بطرح الأقليّة الحاكمة وتنصيب أخرى مكانها. [16]
- الدكتاتورية نتيجة طبيعية للديمقراطيّة، الإشكال الأكثر تفاقماً هو الاستبداد والعبودية اللذان يخرجان من أكثر صور الحرية تطرفاً!
- في معظم الحالات آثار التغيير التي تحقِّقها الثوْرات؛ كان من الممكن أن يحقِّقها التّدرج الاقتصادي القسْري، دون الحاجة الى ثورة، وقال في موضع آخر: الثورات العنيفة لا تعيد توزيع الثروة بقدر ما تحطِّمها، وقال: يمتلك السُّلطةَ في النهاية أقليّةٌ لها النّزعات نفسها التي كانت موجودة، الثورة الحقيقيّة الوحيدة هي تنوير العقول وتحسين الشخصيّات.
- الانفصال المفاجئ عن الماضي يحمل في طياته ارتباطاً بالهمجيّة والتهوّر، الَّلذين يمكن أن يخلقهما الضّرْب المفاجئ والتحوّل السريع، فكما أنَّ احتفاظ المرء بسلامة عقله يكون في استمراريَّة ذكرياته، فإنَّ السلامة العقلية للمجموعة تكمن في استمراريّة تقاليدهم.
- كل تقدُّم في التعقيد الاقتصادي يضع علاوة إضافيّة على القدرات المطلوبة، ويقوّي تركيز الثروة والسُّلطة السياسيّة.
- الحرب ثابت من ثوابت التّاريخ التي لم تُنْهِهَا الحضارة أو الديمقراطيّة، خلال الـ 3421 سنة الماضية من التاريخ المسجّل؛ 286 سنة فقط لم تشهد حرباً!
- قال هرقليطس: المنافسة هي أصل كل شيء والمنبع القوي للفكر والابتكارات والمؤسسات والدول، السّلام حالة غير مستقرّة لا يمكن الحفاظ عليها إلا بهيمنةٍ معترفٍ بها أو بمساواة في السُّلطة.
- أسباب الحرب هي نفسها أسباب التَّنافس بين الأفراد، الدّولة تمتلك غرائزنا بدون قيودنا الدِّينية والأخلاقية والقانونية!
- يُعطي الكبرياء للفرد قوةً إضافيّة في منافسات الحياة، وتُعطي النَّزعة القوميّة للدولة قوةً إضافيّة في الدبلوماسية والحرب، فحينما تحررت دول أوروبا نفسهُا من السيطرة البابويّة؛ أخذت كلُّ دولةٍ تشجِّع النّزعة القوميّة داخل شعبها لتقوي جيشها وقوّتها البحريّة.
- حتى الفيلسوف، إذا كان يعرف التّاريخ سيعترف أنَّ فترات السلام الطويلة قد تُضعف قدرة الأمّة القتاليّة، يجب أن تتأهَّب الأمّة للدّفاع عن نفسها في أيِّ لحظة، وعندما يتعلق الأمر بمصالحها الأساسيّة يجب السَّماح لها باستخدام أيّ وسيلةٍ تراها ضروريةً لبقائها، لا يجب الالتفات للوصايا العشر[17] حينما تكون حماية النفس على المِحكّ! ويقول: إن فواصل السلام السّائد هذه استثنائية وغير طبيعية، وستنتهي قريباً بتغييرات في توزيع القوة العسكرية. الإنسان حيوان تنافسي ودُوَلُه لابد أن تكون مثله. [18]
- يقول أحد الجنرالات: من الواضح أنّه يجب على الولايات المتّحدة اليوم، أن تتحمّل المَهمّة التي أدّتها بريطانيا العظمى بشكل جيد في القرن التاسع عشر، وهي حماية الحضارة الغربية من الخطر الخارجي.
- النظام العالمي لن يتحقق من خلال اتفاق الشّرف؛ وإنّما عن طريق نصرٍ حاسمٍ تُحقِّقُه إحدى القوى العظمى التي ستكون قادرةً على إملاء القانون الدولي وإنفاذه.
- لماذا يبدو التاريخ وكأنه حاوية مليئة بأطلال الحضارات؟ ولماذا يبدو وكأنّه يخبرنا إنّ الموت هو مصير الأشياء جميعا؟
- لا يوجد أيُّ رأيٍ، مهما كان غاية في الحماقة، إلا وستجده في آراء فيلسوف ما. [19]
- يكرّر التاريخ نفسه، لكن فقط في إطاره ومُجمله.
- يقول الكونت كلود هنري: قانون التطور البشري يكشف لنا حالتين متميّزتين ومتعاقبتين، أولاهما: الحالة الأساسية التي يكون فيها كل التفاعلات البشريّة مقسّمة ومتوقعّة ومنظّمة بنظريّة عامة، والهدف من النشاط الاجتماعي معرّف بشكل واضح، أمّا الفترة الأخرى: فهي فترة نقديّة فيها ينقطع كل نشاط المجتمع الفكري وكل الأفعال المشتركة وأي تعاون كان بين أفراد المجتمع، ولا يكون المجتمع في هذه الحالة سوى تكتّل من أفراد منفصلين في نزاع بعضهم مع بعض. في العصور الأساسية تُحل كل المشكلات الكبرى (كالمسائل الدِّينية والسياسية والاقتصادية والأخلاقية) على الأقل بشكل مؤقت، لكن سرعان ما يصل التقدم الذي توفّره هذه الحلول تحت حماية المؤسسات التي أنتجتها، إلى مرحلة تصير معها غير مناسبة وتستدعي إبداعاً. العصور النقديّة عصور من المناظرات والاحتجاجات والانتقالات، تستبدل الحالة القديمة بالشّك والفردية واللامبالاة، في الفترات الأساسية يكون الرّجال مشغولين بالبناء، بينما في الفترات النقديّة يكونون مشغولين بالهدم. [20]
- بالنسبة للوجود الغربي، يقع الخطّ الفاصل نحو سنة 1800 ميلادي، على جانب من هذا الحد الفاصل: الحياة ممتلئة وواثقة من نفسها، وعلى الجانب الآخر؛ حياة خريفية لا جذور لها، نعيشها الآن في مدننا الضخمة.
- صفاء الذّهن وقوة الإرادة يعتبر -تقريباً- تعريفاً للعبقرية.
- عصر من التّشكُّكات المنهكة والغرق في الملذات، تلا انتصار العقلانية على الأساطير في القرن الأخير قبل ظهور المسيحية، ويحقق انتصاراً مشابها اليوم في القرن الأول بعد المسيحية.
- أمام هذه الصورة البانورامية للأمم والأخلاق والأديان التي ترتفع وتسقط؛ تجد فكرةُ (التقدُّم) نفسَها في صورة مشكوك فيها! فهل الأمر مجرد التباهي العقيم لكل جيل حديث؟ بما أنّنا لم نرَ أيّ تغيير جوهري في طبيعة الإنسان خلال العصور التاريخية؛ فيجب علينا محوُ كل التطورات التكنولوجية باعتبارها مجرد وسائل جديدة لتحقيق غايات قديمة.
- إنّ أحد الاكتشافات المُحبطة لقرننا المخيِّب للآمال، هو أنّ العِلم محايد: سيقتل من أجلنا بقدر ما سيعالج وسيدمر من أجلنا بسهولة أكبر مما يمكن أن يبني. كم يبدو الآن قاصراً وغير ملائم شعارُ فرنسيس بيكون المتباهي (المعرفة قوة).
- أحياناً، نشعر أنّ العصور الوسطى وعصر النهضة التي أكدت الميثولوجيا [21] والفن بدلاً من العلم والسُّلطة، ربما كانت أكثر حكمة منّا نحن الذين نزيد ونوسّع وسائلنا باستمرار بدون أن نحسّن غاياتنا، ويقول: سبل الراحة والرفاهية لدينا قد تكون أضعفت قدرتنا البدنيّة على التحمل والتزامنا الأخلاقي. نحن نضاعف ونضاعف سرعتنا، ولكن نحطّم أعصابنا أثناء هذه العملية. نحن ممتنّون للسّنوات الإضافية التي يمنحنا إياها الطب، ما لم تكن امتداداً مرهقاً للمرض والعجز والكآبة، لقد ضاعفنا قدرتنا 100 مرة على معرفة أحداث اليوم، ولكن في بعض الأحيان نحسد أسلافنا الذين لم يكن يعكّر صفو سلامهم إلا أنباء قريتهم. ويقول: هل طوّرنا خلقاً فطريّاً أو كوداً أخلاقيّاً مستقلاً عن الدِّين، قويّاً بما يكفي ليمنع غرائز حب التّملك وحب القتال والجنس لدينا من أن تحطّ من قدر حضارتنا، لتتحوّل إلى مجرد مستنقع من الجشع والجريمة والمجون؟ هل بالفعل تخلّصنا من التعصّب؟ أم أنّنا فقط حولناه من عداوات دِينيّة إلى عداوات قوميّة وأيديولوجيّة وعرقية.
- قال أحد الرّحالة من القرن التاسع عشر: الأخلاق تسوء بشكل منتظم كلما اتجهت من الشرق الى الغرب، هي سيئة في آسيا، سيئة جداً في أوروبا، وسيئة تماماً في ولايات أمريكا الغربية.
- إنّ التاريخ مليء إلى حدّ كبير بالأحداث، بحيث يمكن الاحتجاج بأحداثه لكلّ استنتاج تقريباً عن طريق مجموعة مختارة من الأمثلة، باختيارنا لأدلتنا بتحيّزٍ برّاق قد نُنْشِئ بعض الأفكار المريحة لنا.
- في ظل الضغوط المعقّدة للحياة المدنيّة؛ نلجأ في خيالاتنا أحياناً الى البساطة، ولكن في لحظاتنا الأقل عاطفية؛ نعلم أنّ هذا ردُّ فعل هروبيّ من مهامنا الفعلية، وأنّ تعظيم الهمجيّة -كما هي مُعظم الحالات المزاجية الأخرى للشّباب- تعبير نافدُ الصبر.
والله أعلم، وصلى الله على رسوله محمد..
[1] ليس هذا بإطلاق كما يتبين من خلال ما قد ملأ كتابه هذا وغيره بالقواعد والسّنن.
[2] أفهمُ من نفيه للحرية هنا: نفي الحرية المطلقة لا الحرية التي عناها عمر رضي الله عنه في قوله: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً”، ومصطلح الطبيعة -هنا وفيما يأتي- تحت التحفّظ، فلنجعل المراد مرادفاً للسّنن الكونية.
[3] صدق بأبي وأمي رسول الله إذ أخبر بكثرة القتل وانتشار الأسقام.
[4] في هذا تظهر حكمة قول رسول الله “تزوّجوا الوَدودَ الولودَ فإني مكاثر بكم”.
[5] كثيراً ما يشير إلى عودة الدِّين يوماً ما كما ستتبين فيما يأتي من كلامه.
[6] مثل العباسيين لما ثاروا على الأمويين معلنين لبغضهم ظلمَ الأمويين وحَجّاجَّهم، فكانوا هم أظلم منهم وأعقّ واستعملوا من ترحّم الناس على الحَجاج لما رأوا فتكه، أبا مسلم الخرساني!
[7] قاتل الله أبا الطيب المتنبي إذ يقول: هو الجَدّ حتى تَفضلَ العينُ أختها.. وحتى يكون اليومُ لليوم سيداً!
[8] صدق الحق إذ يقول في كتابه (وإن تطيعوه تهتدوا)
[9] في هذه السنة سقطت الإمبراطورية الرومانية الغربية!
[10] فقرة مهمة تبين سبباً جوهرياً في تطرف العلمانية في المجتمع الغربي وهو التطرف والتعنت الدّيني والرهبانية التي ابتدعوها.
[11] معبودهم المثّلث مشوّه لحظة ولادته فلا عجب في موته، فتعالى الواحد الملك الحق عن الموت والنوم والسِّنة.
[12] في إشارة إلى سوء النزَعات البشرية.. يقول الله (ومن يُوقَ شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون) وغيرها من الآيات الدالات على شح النفس وكنودها وهواها!
[13] وذلك لأن (الإنسان ليطغى أن رآه استغنى).
[14] فعند وجود الخطر الخارجي تتزعزع الحريات.
[15] كلاهما إمبراطور روماني، والأول لم أهتدِ لتاريخ وفاته، أمّا الثاني فقد توفي 180 م.
[16] والعياذ بالله :)
[17] أوامر عشرة في شريعة موسى، منها النّهي عن الشرك والقتل والسرقة والزنى.
[18] إعداد القوة والحذر من العدو ليس إرهاباً وتشدداً، بل هو غريزة وعقل ودين.
[19] ذكرتُ المقالة الشهيرة (تاريخ الفلسفة: سجل أخطاء العقل)، ومَن نظرَ في كلام المؤلف في مؤلفاته عن الفلاسفة علِمَ أنّ العقل بدون نور الوحي يهدي إلى الضلال والحماقة!
[20] لعل الترجمة قد قصّرت في توضيح الصورة الدقيقة للفكرة.
[21] علم الأساطير