- نشر: vobs
- ترجمة: حنين النوشان
- تحرير: رنا داود
معلومات عامة:
تعلُّم اللُّغة بالتّواصل (CLL)؛ هو اسمٌ لمنهجٍ طُوِّرَ بواسطة “تشارلز أ.كوران وشركاؤه”، وهو أستاذ علمِ النّفس في جامعة لويلا، شيكاغو، تخصَّصَ كوران بالإرشاد، وقد عُرِفَ تطبيقه لتقنيّة الإرشاد النّفسيّ في التّعليم بالتعلُّم والاستشارة. يُمثّل المَنهج تطبيقَ نظرية التعلُّم والاستشارة لتعليم اللُّغات.
يُذكَر أحيانًا كمثال على (المنهج الإنسانيّ) في تقليد تعليم اللُّغة. كما يمكن إيجادُ روابطٍ بين أساليبه وأساليبِ التَّعلم ثنائيّ اللُّغة، خصوصًا مجموعة أساليب ثنائيّ اللُّغة المعروفة بـ”التبديل اللُّغويّ”. وفي هذا المقال سنناقش بإيجاز ممنونيّة هذا المنهج لتلك التّقاليد.
اشتُقَّت (CLL) -كما يُشير الاسم- بصيغتها الأولى، وفي الواقع تنظيمها المنطقي من استشارة “روجيريان”، مُتكوِّنةً -حسب ما يرى هو- من فردٍ واحدٍ (المُستَشَار) بافتراض أنّه “لدرجةٍ ما، متمكِّنٌ من الإطار الدَّاخلي للمُستشِير (للمُستفِيد) مُدرِكًا العالَمَ كما يراه ذلك الشّخص ناقلًا بعضًا من التَّفاهُمِ العاطفيّ” (روجرز ١٩٥١). أمّا في تعريف الإجماع؛ فتتمثّلُ الاستشارة في شخصٍ مُساعِد، مُقدِّمٍ للنصائِح، داعمٍ لمن لديه مُشكلة أو -بعبارةٍ أخرى- (مُحتَاج). اعتمد المَنهج استعارة المَشورةِ لإعادة النّظر في دور المُعلِّم (المُستشَار) والمُتعلِّمين (المُستفيدِين) في فصل تدريس اللُّغة. يمكن رؤية الأساليب الأساسيّة للمنهجِ كمشتقاتٍ من علاقة المُستشَار والمُستفِيد.
آخذين بعين الاعتبار أساليب المَنهج المذكورة؛ حيث يجلس مجموعةٌ من المُتعلِّمِين في حلقةٍ مع وقوفِ المُعلِّم خارجها؛ يهمس طالبٌ برسالةٍ بلغته الأمّ (LI)، يترجمها المُعلَّم للغةِ المُستَهْدَفَة (L2) ويُكرِّرُ الطّالب الرّسائلَ باللّغة المُستَهْدَفَة في تسجيلٍ صوتيّ، يُشكّلُ الطّلاب بمساعدة المُعَلِّم رسائل إضافيةً باللُّغة المُستهدَفة؛ يتفكّر الطّلاب بمشاعرهم. يمكننا مقارنةُ علاقة المُستَشَارِ والمُستَفِيد في الإرشاد النفسيّ بعلاقةِ المُتَعَلِّم والعالِم في تعلُّم اللُّغة بالتّواصل.
مقارنة بين علاقة المُستَشار والمُستفِيد في الاستشارات النَّفسيّة وتعلُّم اللُّغة بالتَّواصل:
تعلُّم اللُّغة بالتّواصل (العالِم والمُتعلِّم)
| الاستشارات النفسيّة (المُستَشَار والمُستفِيد)
|
١- يتَّفق العالِم والمُتعلِّم على تعلُّم اللُّغة
| 1- يتّفق المُستَشار والمُستفِيد (بعقد) على الاستشارة |
٢- يقدِّم المُتعلِّم (بلغتِهِ الأمّ) للعالِم رسالةً يودّ إيصالها للآخرين
| ٢- يُعبِّر المُستفِيد عن مشاكلِه بلغةٍ مؤثِّرة |
٣- يستمِع كلٌّ من العالِم والمُتعلِّمِين
| ٣- يُنصِت المُستَشَار
|
٤- يُكرِّر العالِم رسالةَ المُتعلِّم باللُّغة المُستَهدَفة
| ٤- يُكرّر المُستشَار رسالةَ المُستفِيد بلغةٍ مُدرَكة
|
٥- يُعيد المُتعلِّم الرِّسالة باللُّغة المُستهدَفة
| ٥- يُقيّم المُستَفِيد صحّة رسالةِ المُستشَار المُكرّرة
|
٦- يتطوّر المُتعلِّم وينعكس ذلك من خلال تغيُّر الرّسائل في درس اللُّغة | ٦- ينعكس التّفاعل على المُستفيد للجلسة الاستشارية |
تنتمي تقنيات المنهج إلى مجموعةٍ أكبر من أنشطة تعليم اللُّغة الأجنبيّة والتي تُوصَف غالبًا بالتقنياتِ الإنسانيّة (موسكوفيتشي ١٩٧٨). عرّف موسكوفيتشي التقنيّات الإنسانيّة؛ بأنّها التقنيّات التي تمزِج ما يَشعُرُ به الطّلاب ويفكّرون به ويعرِفونه، مع ما يتعلَّمونه في اللُّغة المُستهدَفة. تهدف التدريبات إلى استبدال نكران الذّات بتقبُّلها، والاكتفاء بها، واحترامها. تساعد [التقنيّات] بناءَ توافقٍ وترابطٍ واهتمامٍ تجاوزَ الحاليّ منه… كما تُساعِدُ الطّلاب بأنْ يتصرّفوا على طبيعتِهم، ويتقبّلوها، ويفخروا بها. وتساعد -أيضًا- على إنشاء جوٍ من الرّعاية والمُشارَكة في فصل تعلُّم اللُّغة الأجنبيّة. (موسكوفيتشي ١٩٧٨:٢)
باختصار، تكفُلُ التقنيّات الإنسانيّة الشّخص بطريقةٍ مُتكامِلة، متضمِّنَةً المشاعر (العالَم العاطفيّ) إضافةً إلى المعرفة اللُّغوية والمهارات السّلوكيّة.
يرتبط تعلُّم اللُّغة بالتّواصل بتقليدٍ آخرَ أكثر من تعليم اللُّغة؛ وهو عبارةٌ عن مجموعةٍ من التمارينِ المُستخدَمة في أنواعٍ معيّنة من برامجِ التّعليم ثنائيّ اللُّغة، سمّاها ماكي (١٩٧٢) بـ”التبديل اللُّغوي”، تُعْرَضُ في البِداية رسالةٌ باللُّغة الأمّ ثمّ تُكرَّرَ باللُّغة المُستهدّفة. يَعرِف الطُّلاب المَعنى لرسالةِ اللُّغة المُستهدَفة من استذكارِهم معنى رسالةِ اللُّغة الأمّ. يبدأون بجمع آراءهم عن اللُّغة بواسطة تلك الرّسائل. يَعرِضُ المُتعلِّم في هذا المنهج رسالةً بلغته الأمّ على العالِم، تُترجم الرّسالة للغة المُستهدَفة بواسطة العَالِم. يُكرّر المُتعلِّم الرّسالة باللُّغة المُستهدَفة، مخاطبًا بها أيّ مُتعلِّم يرغبُ بالتَّواصُل معه. يُشجَّع مُتعلِّمو المنهج لحضور جلساتِ الاستماع التجريبيّة الخاصّة بالمُتعلِّمين الآخرين وعلمائِهم. من نتائجِ جلسات الاستماع قدرةُ أيّ عضوٍ في المجموعة فهم ما يحاول قوله أيّ مُتعلِّم (لا فورج ١٩٨٣:٤٥)
برأي تقريرٍ مُعَدٍّ في نجاحِ إجراءات التبديل اللُّغوي في الإعدادات المَدروسَة للتعليم الثنائيّ اللُّغة (على سبيل المثال. ليم ١٩٦٨؛ماكي١٩٧٢) يُمكن أن يُعدّ هذا الجانب -الذي سبقته مناقشةٌ عن المنهج- من أكثرِ التّقارير غير الرّسمية نجاحًا التي توصّل إليها طلاب المَنهج.
المنهج:
-نظريّة اللُّغة:
كتب كوران القليل عن نظريته اللُّغوية. حاول طُلابه (لا فورج ١٩٨٣) أن يكونوا أكثر صراحةً في أبعاد هذه النَّظرية، وقد اعتمدنا نحن على حسابه في نظريّته اللُّغوية القائمة على الطّريقة. استعرض “لا فورج” نظريةً لغويّةً كمقدمةٍ لعرض نموذج لغةِ المُنظَّمَة. بدا وكأنَّه مُقرٌّ على أن النّظرية اللُّغوية لا بد لها أو تبدأ ولا تنتهي، مع معايير لمميّزات الصّوت، الجُملة، ونماذج مختصرةً للُّغة (لا فورج ١٩٨٣:٤). إنّ مهمةَ المُتعلّمِين للُّغة الأجنبيّة هي “إدراك نظام الصّوت، وتخصيص المعاني الأساسيّة، وبناءِ قواعدٍ أساسيّةٍ للُّغة الأجنبيّة”. استدلّ مفتخرًا، يقول: “بعد عدة أشهر، استطاع الطلاب تعلُّم الأصوات الأساسيّة وأنماط القواعد الألمانيّة”. (١٩٨٣:٤٧)
تُبنى النظريّة اللُّغوية على “أصواتٍ وأنماطٍ وقواعدٍ أساسيّة” لا تبدو مختلفةً عن مواضيع الهيكل الأساسيّ في طبيعة اللُّغة. ومع ذلك، تتوافق الكتابات الحديثة لمؤيدي تعلُّم اللُّغة بالتّواصل على المدى البعيد مع ما يسمّونه بالنظريّة اللُّغوية البديلة. والتي يُشار إليها بـاللُّغة بصفتها عمليةً اجتماعيّة.
بدأ “لا فورج” (١٩٨٣) مُقترحًا بأن اللُّغة كعملية اجتماعيّة “تختلف عن لغة التّواصل” والذي قادنا إلى استنتاج أنّ مفهوم التّواصل الذي يعارضه “لا فورج” هو النموذج التّقليدي [المُرْسِل-الرّسالة-المُتَلَقّي] في نظريّة المعلومات. يختلف نموذج العملية الاجتماعيّة عن نماذجِ نقل المعلومات السابقة والذي اقترحها “لا فورج”؛ لأنّه علاوةً على أنّ التّواصل هو مجردُ رسالةٍ يتمُّ نَقلُها من المُتَحدِّث إلا أنّه أيضًا مزيجٌ من موضوعٍ وأهداف رسالةِ هذا المُتحدِّث. لا يشمل التّواصل نقلَ المعلومات أُحاديَّة الاتجاه للآخرين فقط، بل يشمل أيضًا تشكيل موضوع الحديث المُتعلِّق بالآخرين. كما يعتبر التّواصل تبادلًا غير مكتملٍ دون ردةِ فعلٍ مُتفاعلةٍ من مُعدِّ الرِّسالة. (لا فورج ١٩٨٣:٣)
تُفصّل فكرة العمليّة الاجتماعيّة للُّغة إلى ستِ ميزاتٍ أو عملياتٍ فرعيّة:
١- العمليّة الفرديّة.
٢- العمليّة التعليميّة.
٣- عمليّة العلاقات الشخصيّة.
٤- العمليّة التنمويّة.
٥- العمليّة التواصليّة.
٦- العمليّة الثقافيّة.
كما فصّل “لا فورج” الرؤية اللُّغوية التفاعليّة الكامنة خلف المُنظَّمَة: “اللُّغة هي البَشر؛ باتصالهم وتجاوبهم”. (١٩٨٣:٩) تنقسم تفاعلات المُنظَّمَة إلى قسمين: تفاعلاتٌ بين المُتعلِّمِين وبعضِهم البعض، وتفاعلاتٍ بين العلماء والمُتعلِّمِين. تُعتبر التفاعلات بين المُتعلِّمين تفاعلاتًا غير متوقعة التّراضي، لكنّها عادةً ما تُسمّى بـ”المشاركة متبادلة التّأثير”. يتبادل المُتعلِّمون الكثير من الأُلفة حالما يكون الصفّ بيئةَ تواصلٍ لهم. تُدفع رغبةُ المُتعلِّم بكونه جزءًا من هذه الألفة المتزايدة إلى حفاظه على خطواته مع أقرانه المُتعلِّمِين. لاحظ “ترانيل” (١٩٦٨) أن: “تحفُّز الطلاب في المجموعة التجريبيّة على التعلُّم لتجنُّب استبعادهم منها”، وهنا تظهر الألفة بمعنى الرّغبة بتجنّب الاستبعاد.
يُعدّ التفاعل بين العلماء والمُتعلِّمين –مبدئيًا- تفاعلًا تابعًا. يُخبر المُتعلِّم العالِمَ ما يريد قوله بلُغته الأمّ، ثم يشرح العالِمُ للمُتعلِّم كيفيّة قول ذلك. يُوصف التّفاعل بين العالِم والمُتعلِّم في المراحل المُتقدِّمة كتفاعل حازم (المرحلة٢)، استياءٌ وسخط (المرحلة٣)، تسامح (المرحلة٤)، مستقل (المرحلة٥). تُقارَنُ تغيّرات العلاقة التفاعليّة بخمسِ مراحلٍ لتعلُّم اللُّغة وخمسِ مراحلٍ للجوانب العاطفيّة. (لا فورج ١٩٨٣:٥٠)
يُمكن اعتبار هذين النوعين من التّفاعلات معادلات مصغّرة لفصلين أساسيّين من التّفاعلات الإنسانية -تفاعلٌ بين متماثلاتٍ وتفاعلٌ بين متضادَّات- (مونبي١٩٧٨) وكما يبدو أنّها تستعرض أمثلةً على (أ) التفاعلات متغيّرة الدّرجة (مُتعلِّم ومُتعلِّم) و (ب) التفاعلاتُ مُتغيِّرة النَّوع (مُتعلِّم وعالِم). تُعقد تفاعلاتُ المُتعلِّم والمُتعلِّم على التغيير في الاتجاه لزيادة الثّقة والأُلفة، بينما تُعقد تفاعلات المُتعلِّم والعالِم على التغيير في طبيعتها؛ من حازمةٍ إلى مُستاءةٍ إلى مُتسامِحةٍ إلى مُستقلَّة.
مقارنةً بين نموذج المعلومةِ المَنقولة (يسارًا) ونموذج العمليّة الاجتماعيّة (يمينًا) للتّواصل.
نظريّة التّعلُّم:
قادت تجربة “كوران” الاستشاريّة إلى استنتاجه بأنّه يُمكن تطبيق التقنياتِ الاستشاريّة على التّعلُّم بشكلٍ عام (التّعلُّم الاستشاريّ) وعلى تدريس اللُّغة بشكلٍ خاص (تعلُّم اللُّغة بالتَّواصل). تتعارض نظريّة تعلُّم اللُّغة بالتّواصل مع نوعين من أنواع التّعلُّم، وقد رآهما “كوران” على أنهما شائعٌ ومَطمُور. يصف الأوّل نظريّة التعلُّم الوهميّ السّائد في الثقافة الغربيّة. في هذه النظريّة، “تعدُّ العمليّة الفكريّة والواقعيّة وحدها المَقصد الأساس للتّعلُّم، مع إهمال ارتباط ومشاركةِ الذّات”. (كوران ١٩٧٢:٥٨) بينما تصف الأخرى النظريّة السلوكيّة. أشار “كوران” لهذا النّوع بـ (التّعلم الحيوانيّ)، بحيث يكون المُتعلِّمون “غائبون” ومشاركتُهم مَحدودة. (كوران ١٩٧٦:٨٤)
في المقابل، تؤيّد تعلّم اللُّغة بالتّواصل المنهج الشموليَّ لتعلُّم اللُّغة، بما أنّ التعلُّم البشريّ الصحيح هو مزيجٌ من المنطق والعاطفة. وذلك هو وصف التعلُّم الفرديّ. يحدث أمثال هذا النّوع من التعلُّم في الوضع التواصليّ الذي يتشارك فيه الأساتذة والمتعلِّمين في “أيّ تفاعل… يواجه فيه كلا الطرفين شيئًا من كمالهم”. (كوران ١٩٧٢:٩٠) في غضون ذلك، يتوسّط تطوّر علاقة المُتعلم مع الأستاذ. تُقسّم العملية إلى خمسِ مراحلٍ وتُقارنُ بتطوّر نشأةِ الطّفل.
بدايةً مرحلةِ “الولادة”، تنشأ مشاعر من الانتماء والأمان. ثم، ومع تطوّر قدرات المتعلِّم، يبدأ كطفلٍ بتحقيق شيءٍ من الاستقلاليّة من الوالدين. يتحدّث المتعلّم في المرحلة الثالثة “باستقلاليّة” ويمكن أن يَفرِض هويّته، ويَرفُضَ النّصائِح التي لم يَطْلُبها. ترى المرحلة الرابعة المتعلِّم واثقًا لدرجةِ استقبال النّقد، وفي المرحلة الأخيرة، يعمل المتعلُّم على تطوير أسلوبِ ومعرفة المُلاءَمة اللُّغوية. وفي نهاية العمليّة، يصبح الطّفل بالغًا. يَعرف المُتعلِّم كل ما يعرفه الأستاذ ويمكنه أنّ يصبح أستاذًا لمُتعلِّمين جُدد. إنّ عمليّة تعلّم لغةٍ جديدةٍ أشبه بالتجدّد وتطوير شخصيّة جديدة، بكل التجارب والتّحديات المُرتبطة بالنشأة والنُّضوج. ويُعتقَد لتعلُّم اللُّغة التطوّر خلال إنشاء علاقاتٍ اجتماعيّة، والنجاح التّابع لنجاح العلاقة بين الأستاذ والمُتعلِّم، وبين المتعلِّمِين. “يُنظر إلى التعلُّم كوحدة، وخبرةٍ اجتماعيّة وشخصيّة”. أمّا المُتعلِّم “لم يعُد يُنظر إليه كتعلُّمٍ بعزلةٍ ومنافسةٍ للآخرين.” (كوران ١٢-١٩٧٢:١١)
ناقش “كوران” ما سمّاه بـ”التحقّق بالتّراضي” في أماكن كثيرة، كيف أنّ للدفء المُتبادلِ والفهم والتقييم الإيجابيّ لاستحقاق الآخرين يتطوّر بين الأستاذ والمتعلِّم. تُعدُّ العلاقات المصنّفة بواسطة التحقّق بالتراضي أساسيّةً لعمليّة التعلُّم وعنصرًأ أساسًا لإجراءات صفّ تعلُّم اللُّغة بالتَّواصل. تُجمع مجموعة الأفكار المُتعلّقة بالمتطلبات النفسيّة للتعلُّم النّاجح باختصار في كلمة (ASRD) (كوران ١٩٧٦:٦) ويمكن تفسيرها بالآتي.
تدل S على الأمان. ما لم يشعر المتعلِّمِون بالأمان، سيستصعبون الدُّخول بتجربةٍ تعلّمٍ ناجحة.
وتدل A على الملاحظة والعُدوانيّة. أدركت المُنظمةُ أنّ فقدان الملاحظة يجب أن يعدّ إشارةً على نقصِ مشاركة المُتعلِّم في التعلُّم، متضمّنةً أن اختلاف مهام المُتعلِّمين سيزيدُ المُلاحظة وبالتالي تطوّر التعلُّم.
تنطبق العُدوانيّة على طريقة الطّفل، في تعلُّم شيء، وسعيه لفرصةٍ لإظهار قوّته؛ بالسيطرة وشرح ما تعلّمه، مستخدمًا معرفته الجديدة كأداة لتأكيد الذّات.
أمّا R فتدلّ على التّفكير والذّاكرة. فإذا شارك الفَرد بشكلٍ تامّ في عمليّة التّعلُّم، يرسّخ ما في ذاكرته ويصبح جزءًا من شخصيّته الجديدة في اللُّغة الأجنبيّة. أمّا التّفكير فهو مرحلةٌ مميّزة من الوعي الصامت ضمن إطار الدّرس للطلاب “فرض السّاعة الأخيرة للتركيز في التعلُّم، ولتقييم تطوّره في الفترة الحاليّة، ولإعادة تقييم الأهداف المستقبليّة”. (لا فورج ١٩٨٣:٦٨)
وأخيرًا، تدلّ D على التمْييز. “عندما يجب على المتعلِّمِين الاحتفاظ بمجسّمٍ ما، سيكونون جاهزين لفرزه ورؤية كيف أنّه يؤثّر على الآخرين”. (لا فورج ١٩٨٣:٦٩) تُصبح عملية التمييز أكثر جاهزيّةً وجوهريّةَ “تمكّن الطلاب من استخدام اللُّغة لأهدافٍ تواصليّة خارج الصّف”. (لا فورج ١٩٨٣:٦٩)
لا تُخاطِب هذه الجوانب الرئيسة لفلسفة كوران التعليميّة العمليّات النفسيّة والإدراكية المرتبطة باكتساب اللُّغة الثّانية، وإنّما تخاطب الالتزامات الشخصيّة التي يحتاجها المتعلِّمِون قبل بدأ عمليّات اكتساب اللُّغة. وبالتّالي تقوم نظريّة المُنظمة على تباين ملحوظٍ لغويًا ونفسيًا قائمٍ على نظرياتٍ مدروسة؛ كالمنهج الفطريّ أو المعلومات السمعيّة.
الأهداف:
منذ أن خُصِّصَت الكفاءة التواصليّة أو اللُّغوية بالأوصاف الاجتماعيّة فقط، لم توضَّح في أدبِ تعلُّم اللُّغة بالتّواصل. إن أغلب ما كُتب يصف استخداماتها في دورات المُحادثة التمهيديّة باللُّغة الأجنبيّة. تقوم قدرةُ الأستاذ من خلال هذه الطّريقة على نقل خبرته وكفاءتِه باللُّغة المُستهدفة للمتعلِّمِين، والذي يهدف إلى تحقيق التَّمكن منها. ما لم يتم تناول أهداف معيّنة.
المنهج:
غالبًا ما تُستخدم تعلُّم اللُّغة بالتّواصل في تعليم المهارات الشفهيّة، ولكن مع بعض التعديلات يمكن استخدامها في تعليم الكِتابة، كما أثبتها ترانيل (١٩٨٦). لا تستخدم تعلُّم اللُّغة بالتُّواصل منهجَ اللُّغة التقليديّ، والذي يُعرَض مُقدِّمًا القواعد، والمفردات، وعناصر اللّغة الأخرى لتُدرَّس، وترتيبها الذي ستُدرّس بناءً عليه. إذا كان المقرّر قائمًا على إجراءات “كوران” المُقترَحة، فإن تقدّمه قائمة على الموضوع، مع ترشيح المتعلمين لما يرغبون بالتحدّث عنه والرّسائل التي يرغبون بالتواصل عبرها مع المتعلِّمِين الآخرين. تزويد المعاني المنقولة بطريقةٍ تلائمُ مستوى كفاءةِ المُتعلِّمين هي مسؤوليّة الأستاذ. بالرَّغم من عدم توضيحها لذلك، يدقّق الأساتذة الماهرين أهداف المُتعلِّمين خلال منهجهم الضمنيّ، كما يزوّدون ترجمةً بما يتوافق مع ما يمكن للمُتعلِّمين توقّع فعله أو قوله في تلك المرحلة. ومعنى ذلك أن منهجها ينشأ من التفاعل بين أهداف المُتعلِّم الموضّحة بالتّواصل وإعادة صياغةِ الأستاذ لها إلى لغةٍ مُستهدَفةٍ منطوقَةٍ مُلائمة. تُفرز أحيانًا نقاطًا نحويّةً معيّنة، وأنماطًا معجميةً وتعميماتٍ من قبَل الأستاذ لإسهابِ أكثر، والدّراسة والتحليل، ومواصفات تابعةٍ لهذه؛ كالحساب المنهجيّ العكسيّ لما شرحته الدّورة، ويمكن أن يكون طريقةً لاشتقاق منهجِ لغةِ تعلُّم اللُّغة بالتّواصل. يمكن لكلِّ دورةٍ من دوراتها استخراج منهجها الخاص، ومع ذلك، فإن التطوّر في تفاعلات الأستاذ والمتعلِّم لدورةٍ واحدةٍ يختلف مع ما يحصل في أخرى.
أنواع النشاطات التعليمية والدراسية:
مثل أغلب الأساليب، يَدمِج منهجُ تعلُّم اللُّغة بالتّواصل النّشاطات والمهام الإبداعيّة مع التقليديّة، وتشمل:
١- التّرجمة. يشكّل المتعلِّمون حلقاتٍ صغيرة. يهمس واحدٌ منهم برسالةٍ يريد التعبيرَ عنها، يترجمها الأستاذ (ويمكن أن يفسّرها) باللُّغة المُستهدَفة، ثم يُعيد المُتعلِّم ترجمة الأستاذ.
٢- العمل الجماعيّ. يمكن أن يتشارك المتعلِّمون بمهامٍ جماعيّة مختلفة؛ كمناقشة موضوعٍ في مجموعةٍ صغيرة، محضّرين مُحادثة، وملخّص موضوع لعرضه على مجموعة أخرى، وقصة يقدّمونها للأستاذ ولبقية الصّف.
٣- التّدوين. يدوّن الطّلاب المحادثاتِ باللُّغة المُستهدَفة.
٤- الإملاء. يُملي الطلاب المحادثات التي دوّنوها للتدريب والتحليل للصيَغ اللُّغوية.
٥- التّحليل. يُحلّل ويدرِّس الطلاب التمليات لجمل اللُّغة الأجنبيّة؛ للتركيز على استخدامٍ معجميّ معيّن أو لتطبيق قواعدٍ نحويّةٍ معيّنة.
٦- التّفكير والملاحظة. يُفكّر الطّلاب بتجربتهم في الصّف، كمجموعةٍ أو صف. وغالبًا ما يتكوّن ذلك بتعبيرات المشاعر والأحاسيس تجاه الآخرين، وردودِ الأفعال تجاه الصّمت، القلق من قول شيء… وغيرها.
٧- الاستماع. يستمع الطّلاب إلى منولوج يقدّمه الأستاذ متضمّنًا عناصر استخرجها أو سمعها المتعلِّمون خلال التفاعلات الصفيّة.
٨- المُحادثات الحُرّة. يُشارك الطّلاب في “المحادثات الحرّة” مع الأستاذ أو مع مُتعلِّمين آخرين. ويمكن أن تتضمّن ما تعلّموه إضافةً إلى مشاعرهم تجاه ما تعلّموه.
أدوار المتعلم:
يُصبح المتعلِّمون في هذا المنهج أعضاء مجتمع -زمائلهم المتعلمين والأستاذ- ويتعلَّمون من خلال التفاعل مع أعضاء هذا المُجتمع. لا يُنظر إلى التّعلُّم كنجاحٍ فرديّ ولكن كشيء يتحقّق بالتعاون. يُتوقَّع من المتعلِّمين الاستماع للعالِم بانتباه، مزوِّدينه بحريّة معانٍ يريدون التعبير عنها، مكرّرين الحديث باللُّغة المُستهدَفة دون تردّد، داعمين زمائلهم من أعضاء المجتمع، مُخبرين بأعمق المشاعر الداخليّة والإحباطات، إضافةً إلى الفرح والسُّرور، ليُصبحوا مستشارين لمتعلِّمين آخرين. يُقسَّم متعلمو المَنْهج إلى حلقات من ٦ إلى ١٢ مُتعلِّم، مع عددٍ علماءَ متغيّر من مجموعةٍ إلى أخرى. استُخْدِمَ المنهج في فصول مدارسٍ كبيرة حيث أن ترتيبات خاصةٍ للمجموعات أساسيّ؛ كترتيب المتعلِّمين في أزواجٍ بشكلٍ مؤقتٍ في صفوفٍ متقابلة ومتوازيّة.
إن قواعد المتعلِّم هي مفتاحٌ لمراحلِ تعلُّم اللُّغة الخمس المذكورة سابقًا. وجهة نظر المُتعلّم أساسيّة، وتكبر متطوّرةً مع كل دورٍ جديد. لا تتغيّر الأدوار بسهولة، ولا تُحقّق بتلقائية. بل هي في الحقيقة تُرى كنتائجٍ للأزمات العاطفيّة.
لا بد للمتعلِّم حلّ الأزمة عندما يواجه مهمةً معرفيةً جديدة. عند انتهاء الخمس أزمات -واحدة لكل مرحلة في المنهج- يتطوّر الطالب من مرحلةٍ أقل إلى مرحلةٍ أعلى من التنميّة. (لا فورج ١٩٨٣:٤٤)
إنّ التعلُّم عمليّةٌ “فرديّة”، وفي كل مرحلة يشارك المتعلِّم -ليس فقط بإنجازات المهام المعرفيّة (تعلم اللغة)- بل بحل الصّراعات العاطفيّة و”احترام تطبيق القيم” (لا فورج ١٩٨٣:٥٥) مثلما يُقارن المنهج تعلُّم اللُّغة بمراحلِ نمو الإنسان. يُشبه المُتعلِّم في المرحلة الأولى الرّضيع، يعتمد كليًّا على العالِم في المحتوى اللُّغويّ. “تُولد نفس جديدةٌ من المُتعلِّم في اللُّغة المُستهدَفة” (لا فورج ١٩٨٣:٤٥) يُكرّر المتعلِّم ما يقوله الأستاذ باللُّغة المُستهدَفة و”يستمع” إلى التبادلات بين العلماء والمتعلِّمين الآخرين.
في المرحلة الثانية “يُحقّق الطفل شيئًا من الاستقلالية عن الوالدين” (لا فورج ١٩٨٣:٤٦)، يبدأ المتعلمون بإنشاء استقلاليتهم وتوكيد ذاتهم من خلال استخدام تعابير بسيطة وجُمل قد سمعوا بها من قبل.
في المرحلة الثالثة “مرحلة الوجود المُنْفَصِل”، يبدأ المُتعلِّمُون بفهم الآخرين باللُّغة المُستهدَفة مباشرةً. سيستاءُ المُتعلِّمون من المُساعدة غير المطلوبة المُقدّمَةِ من العالَم أو الوالدين في هذه المَرْحَلَة.
يمكن أن تُعدَّ المَرحلة الرّابعة كـ”نوعٍ من المُراهقة” يتصرّف المُتعلِّمون باستقلاليّةٍ، على الرَّغم من أنَّ معرفَتَهم باللُّغة المُستهدَفة لا تزال بدائيّة. ينتقل دور “الفَهم النفسيّ” من العالِم إلى المُتعلِّم. على المُتعلِّم معرفة كيفيّة استنباط المعرفة اللُّغوية مُتقدِّمة المستوى التي يمتلكها العالِم.
تُسمّى المرحلة الخامسة بـ”مرحلة الاستقلاليّة”. يَصْقِلُ المُتعلِّمون فَهمهم بالإضافةِ إلى الاستخدامات اللُّغوية الصّحيحة نحويًا. يُمكن أن يُصبحوا مُستشارين للطُّلاب الأقلّ تقدّمًا بينما يَستفيدون من التّواصل مع أستاذهم الأساس.
أدوار الأستاذ:
في أكثر المُستويات تعقيدًا، يُشتَقّ عمل الأستاذ من أعمال المُستشارين في استشارات روجريان النفسيّة. عملاء المُستشار هم أشخاصٌ يعانون من مشاكل، وهم الذين يستخدمون اللُّغة العاطفيّة ليشرحوا صعوباتهم للمُستشار في الجلسات الاستشاريّة. مهمة المُستشار الرّد بهدوء ودون حُكْم، بأسلوبٍ داعم، ومساعدة العميل على فَهم مشاكله بشكلٍ أفضل؛ عن طريق ترتيبهنَ وتحليلهنَ له. إنه ليس مسؤولًا عن إعادة صياغة مشاكل العميل كلًّا على حِدَة، لكنّه مسؤولٌ عن تصوّر الجوهر المهمّ للعميل، كاحتمال قول العميل”نعم، هذا بالضبط ما أردت قوله.” “واحدة من مهام استجابة الاستشارات أن تؤثّر بالعاطفة والمعرفة. وفهم لغة ‘المشاعر’، يَرُدّ المُستشار بلغةٍ من المعرفة.” (كوران ١٩٧٦:٢٦) كان نموذج المُعلِّم كالمُستشار الذي حاول “كوران” إحضاره لتعليم اللُّغة.
كما أنّ هناك غرفة للاستشارات الفعليّة في تعلّم اللُّغة بالتّواصل. يُصرّح بالاعترافات للمشاكل النفسيّة التي يمكن أن تنشأ في اللُّغة المُستهدَفة. “تدلّ نزاعات التعلُّم الشخصيّ… الغضب، القلق واضطرابات نفسيّة مشابهة -مَفهومةً ومردودًا عليها حسب حساسيّة استشارة المُعلِّم- على استثمارٍ شخصيّ عميق”. (رادين، مع كوران ١٩٧٦:١٠٣) في هذه الحالة، يُتوَقّع من الأستاذ لعب دور مشابهٍ جدًا لدور مُستشارٍ “دائم”. وتكون استجابة هذا الأستاذ مختلفةً بالموضوعيّة، المُراعاة، والتفهّم عن متوسط الأساتذة الذين في نفس الظُّروف.
هناك أدوار إضافيّة محدّدة للأستاذ -مثل أدوار الطلاب- مفاتيح لمراحل التطوّر الخمسة. يعمل الأستاذ في مراحل التعلّم المبكرة بدورٍ داعم، مُزوّدًا ترجمات باللُّغة المُستهدَفة ونموذج مُحاكاة على طلب العُملاء. يُمكن بِدْء التفاعل لاحقًا بواسطة الطلاب، بينما يُصغي الأستاذ لأحاديث المُتعلِّم، مُقدمًا المُساعدة في حال طُلبت منه. ومع تطوّر التعلم، يصبح الطلاب قادرين على تقبّل النّقد؛ فيُمكن للأستاذ التدخّل المباشر لتصحيح الأقوال الشاذّة، التزويد بالتعابير الاصطلاحيّة، التوصية بالاستخدامات والتسديد الدّقيق للقواعد. يُشبّه دور الأستاذ مبدئيًا بالوالد المُربّي. تنمو مقدرة الطالب تدريجيًّا، وتتغيّر طبيعة العلاقة فتُصبح مكانة الأستاذ مُعتمِدةً على المُتعلِّم. يستمدّ العالِم شعورًا بقيمة الذات من خلال طلبات المُساعدة.
إنّ دور المُعلم مستمرٌّ وملحوظ خصوصًا في تعلّم اللُّغة بالتّواصل. فهو مسؤول عن توفير بيئة آمنة تمكِّن العُملاء من التعلُّم والنمو. ويمكن للمتعلمين -المطمئنّين لذلك- مباشرة طاقتهم في مهام التّواصل والتعلّم بدًلا من هدرها في بناء أو المُحافَظة على مواضعهم الدّفاعية. وصف “كوران” أهميّة الشعور العام بالطمأنينة كما يلي:
كأفراد، نميل إلى التعلّم بشكلٍ أفضل في أجواءٍ آمنةٍ شخصيًّا. عند الشّعور بالأمان، نُصبح طليقين لاتّصال حالة التّعلّم بسلوك الانفتاح المَرغوب، يُحدّد مستوى أمانٍ كلًا من العالِم والمُتعلِّم الانطباع النفسيّ لتجربة التعلُّم بأكملها. (كوران ١٩٧٦:٦)
تضغط العديد من أساليب التدريس الجديدة غير التقليدية على مسؤوليّة الأستاذ لخَلق بيئةٍ آمنةٍ للتعلُّم والحفاظ عليها، وغالبًا لا يوجد أسلوبٌ يهتمُّ لهذا الجانب من تعلُّم اللُّغة مثلما يفعل منهج تعلّم اللُّغة بالتّواصل. بالتالي، إنّه مثيرٌ للاهتمام أنْ نلاحظ “جانبين” عند مناقشة الأمان لتعلُّم اللُّغة بالتّواصل.
أولًا، الأمان مفهومٌ ثقافيّ نسبيًّا. ما يُزوِّد الأمان في ثقافة يُمكن أن يُزوِّد القلق في أخرى. ضرب “لا فورج” مثالًا على اختلاف الأنماط للمقدِّمة الشخصيّة وكيف تمّ التعبير عنها في المراحل الأوليّة لمنهج تعلُّم اللُّغة بالتّواصل من قِبِل الطلاب من مختلف الخلفيّات. “تمتلك كل ثقافة شكليّات مميّزة تزوّدنا بالمعرفة عند تشكيل مجموعاتٍ جديدة. يجب بناؤها بحذرٍ لتزويد طلاب اللُّغة الأجنبيّة بالأمان”. (لا فورج ١٩٨٣:٦٦)
ثانيًا، يمكن أن يكون إنشاء بيئة آمنةٍ للغاية غير مرغوبٍ للمُتعلِّمين. “لا يكون أمان الطلاب مطلقًا: وإلا فلن يحدث تعلّم.” (لا فورج ١٩٨٣:٦٥) ويُذكّرنا ذلك بقول الأستاذ “لن يتعلم طلابي شيئًا إذا لم يَقُدْهُمْ إليه الخوف من الفشل بالامتحان.” وللأسف لم يُفصَّل في الأدب مقدار الأمان الأمثل لتعلُّم اللُّغة في تعلم اللُّغة بالتّواصل.
دور المواد التعليمية:
بما أن المقرّر التعليميّ للمنهج يتطوّر من تفاعلات التّواصل، لا يُعتبر الكتاب مكوِّنًا أساسًا. سيفرض الكتاب على المتعلِّمين جزءًا معيّنًا من محتوى اللُّغة، وبالتالي سيُعيق نموّهم وتفاعلهم. يمكن تطوّر المواد بواسطة الأستاذ كلما تطوّر المقرّر التعليميّ، بالرّغم من تكوّن هذه المقررات عمومًا من ملخّصات على لوَح الكتابة أو كشّاف ضوئيّ مسموع مع بعض الخصائص اللُّغوية للمحادثات المُنشأة من قبَل الطلاب.
يُمكن تسجيل ونشر المُحادثات للدّراسة والتّحليل، ويمكن أن يعمل المُتعلِّمون في مجموعاتٍ لإنتاج موادهم؛ كسيناريوهات وحوارات ودرامات قصيرة.
في التقارير المبكّرة لتعلم اللّغة بالتّواصل، يُوصّى باستخدام الأجهزة التعليمية (نظام تعليم كروماتشورد) للضرورة “الكتب التدريبيّة والممارسة” في تعلُّم اللُّغة. “يصدر تصميم واستخدام الأجهزة الآن لتُحرّر المعلِّم بعمل ما يجب على الإنسان فعله فقط… يصبح مستشار تعليم” (كوران ٩٧٦:٦) لم تُذكر أجهزة التعليم ومصاحباتها في التفاصيل الحديثة لتعلم اللُّغة بالتّواصل (مثل لا فورج ١٩٨٣)، ونحن نعتقد أن الفصول المعاصرة لا تستخدم الأجهزة التعليميّة على الإطلاق.
الطريقة:
بما أنّ لكل دورة من دورات تعلُّم اللُّغة بالتّواصل اتجاهًا لخبرةٍ فريدة، فإن وصف الطريقة التقليديّة في الصف مُستعصيّة. فرّق ستيڤيك بين المنهج “التقليديّ” (قائم مباشرةً على النموذج المقترح بواسطة كوران) والتفسيرات الشخصيّة له؛ كالتفسيرات المُناقَشة بواسطة المُؤيدينَ المُختلفين لتعلُّم اللُّغة بالتّواصل. (مثل لا فورج ١٩٨٣). تحاول التفاصيل التالية تصوّر بعض النشاطات التقليديّة في صفوف تعلم اللُّغة بالتّواصل.
سيرى المُلاحِظ عمومًا حلقةً من المُتعلّمين مُتقابلين، يرتبط المُتعلِّمون بالعلماء -بطريقة ما- أو بعالِم واحدٍ كالأستاذ. يُحتمل أن يبدأ الصّف الأول (أو الصفوف التابعة) بفترة من الصمت، يحاول المُتعلِّمون تحديد ما يُفترض حدوثه في صفّهم اللغويّ. في الصفوف اللاحقة، يمكن أن يجلس المُتعلِّمون صامتين بينما يقرّرون عمّا ينون التحدث عنه. (لا فورج ١٩٨٣:٧٢) يُلاحِظُ المُلاحِظ أن غرابة الصمت تؤلم شخًصًا لدرجةِ أنّه يتطوّع لكسر هذا الصّمت. يستخدم العالِم التعليقات التي تمّ التطوّع بها؛ كطريقةٍ لتقديم تفاعلات لاتصال الصفّ أو لتحفيز تفاعل اللّغة مراعيًا فترة الصمت التي أحسّ بها المُتعلِّمون. يُشجّع العالِم المُتعلِّمين لسؤاله أو سؤال بعضهم بعضًا. قد تكون أسئلة في أيّ موضوع يُثير فضول المُتعلّم. يمكن تسجيل الأسئلة والإجابات بشريط للاستخدامات اللاحقة، كالتذكير أو المراجعة للُّغة المُستخدمة والمواضيع التي تمّت مُناقشتها.
يُشكّل الأستاذ الصف إلى صفوف متقابلةٍ مدّتها ثلاث دقائق لمحادثاتٍ زوجيّة. مرادفةً لجلساتِ المُصارعة المُختَصَرة التي يمارسها طلاب الجُودو. ثم يُعاد تشكيل الصف إلى مجموعات صغيرة يتم فيها مناقشة موضوعٍ مُختار من قبَل الصف أو مجموعة ما، والتي بدورها تحاول إعادةَ صياغة ملخّص المجموعة الأولى.
يُشجّع الأستاذ المجموعات في الصفوف المتوسطة أو المتقدّمة على تجهيز دراما وهميّة لعرضها على بقيّة الصف. تُجهّز المجموعة قصّةَ دراما تُروى أو تُمثّل على المُستشار. يزوّد المُستشار أو يصحّح صياغات اللُّغة المُستهدَفة ويقترح ما يطوّر تسلسل القصة. يُعطى الطلاب مواد ليقدّموا بطاقات صور كبيرة لترافق قصّتهم. بعد التدرُّب على حوارات القصة وتجهيز الصّور المُرافِقة، تقدّم كل مجموعة الدّراما الخاصّة بها للبقيّة. يُرفق الطلاب الموسيقى مع قصصهم، الدُّمى المُتحركة، والطبول، إضافةً إلى صورهم. (لا فورج ٢-١٩٨٣:٨١)
وأخيرًا، يطلب الأستاذ من المُتعلِّمين بأن يتفكّروا بصف اللُّغة -كمجموعات أو صف-. يُمدّنا التفكّر بأساس إلى مناقشة الاتفاقيات (الشفهيّة أو المكتوبة التي اتفق عليها الأستاذ والمُتعلمون، والتي تحدّد ما يريدون تحقيقه خلال الصف)، التفاعلُ الشخصيّ، المشاعر تجاه العالِم والمُتعلّم، والإحساس بالتقدّم والفشل.
عرَض ديتر ستروينيغ (في ستيفيك ٦-١٩٨٠:١٨٥) بروتوكول عن ما يُمكن تغطيته في اليوم الأوّل لصف تعلّم اللُّغة بالتّواصل والذي موجزه التالي:
١- تُبدأ التحايا العاميّة وتقديم الذوات.
٢- يَعْرِض الأستاذ الأهداف والقواعد الإرشاديّة للمُقرَّر.
٣- تُجرى جلسة مُحادثة باللُّغة المُستهدَفة.
أ. تُكوَّن دائرةٌ ليتواصل كل شخص تواصلًا بصريًا مع الآخرين ويُسهّل وصولهم إلى مايكروفون الشريط المُسجّل.
ب. يخلِقُ مُتعلمٌ محادثةً مع متعلمٍ آخر بقول رسالةٍ باللُّغة الأمّ (الإنجليزيّة).
ج. يقف المُدرب خلف الطالب، يهمس بمرادفٍ مناسب للرّسالة باللّغة المُستهدَفة (الألمانيّة)
د. يُكرّر الطالب الرّسالة باللُّغة المُستهدَفة لمُخاطِبِه ولمايكروفون التسجيل الصوتيّ أيضًا.
ه. كل طالب له الفرصة بتأليف وتسجيل بعض الرّسائل.
و. يُشغّل التسجيل الصوتي من جديد ويُعاد بفترات الرّاحة.
ز. يُكرّر كل طالب المعنى باللُّغة الإنجليزيّة لما قاله باللُّغة المُستهدَفة، كما يُساعد بتذكير الآخرين.
٤- يُشارك الطلاب بعد ذلك بفترة التفكّر، وفيها يُطلب منهم التعبير عن مشاعرهم لخبرتهم السابقة بصراحة.
٥- يختار المدرب جُملًا من المادة المُسجلة ليكتبها على السَّبورة مُسلِّطًا الضَوء على العناصر النحويّة، الإملائيّة، وخصائص الرّسم للغة المُستهدَفة.
٦- يُشجَّع الطلاب للسؤال عن أيِّ مما ذُكر.
٧- يُشجّع الطلاب على نسخ الجمل من السّبورة مع ملاحظات بالمعنى والاستخدام. ويصبح ذلك كتابهم المَدرسي للدِّراسة المَنزليّة.
هذه المجموعة الكاملة من النشاطات تشمل الاقتراحات الأساسيّة لتدريبات الصّف المدرسيّ المذكورة في أغلب الأدب الحديث لتعلُّم اللُّغة بالتّواصل. ومع ذلك، يمكن ظهور طرق أخرى مصادفةً على أساس تفاعلات المُتعلِّم والعالِم في محتوى الصّف.
الخاتمة:
إنّ تعلُّم اللُّغة بالتّواصل من أكثر الطرق التي استعرضناها تجاوبًا من ناحية حساسيتها لمعرفة هدف التّواصل. ومع ذلك، لابد من ملاحظة أن هدف التّواصل مًقيّدٌ بواسطة عدد ومعرفة المُتعلِّمين. رغبة المُتعلِّم لفهم أو استخلاص المُصطلحات التقنيّة المُستخدَمة في الهندسة الطيرانيّة ليست مثل تلقّي استجابة مناسبة لصفّ تعلّم اللُّغة بالتّواصل. تستدعي أماكن تعلُّم اللُّغة بالتّواصل أساتذة لغةٍ استثنائيّين. لابد أن يكونوا مُحترفين ورقيقي الشُّعور بكلا اللُّغتين (الأم والمُستهدَفة). كما يكونوا مُعتادين على دور المُستشار الحسّاس في الاستشارات النفسيّة. يتحمّلون ضغط “التّعليم” بالطرق التقليديّة. كما قال أستاذ تعلم لغةٍ بالتّواصل: “كان عليّ الاسترخاء التّام واستبعاد إرادتي لإنتاج شيء بنفسي. استبعاد أيّ وظيفة تُشكّل أو تصيغ شيئًا بداخلي، وألّا أحاول القيام بشيء”. (كوران ١٩٧٦:٣٣)
يجب على الأستاذ أيضًا أن يكون مُستعدًا لقبول بل وتشجيع المُتعلم للعدوان “المُراهق” أثناء سعيه للاستقلاليّة. وعليه أن يُدير الصّف دون مواد مألوفة، يُشكّله ويُحفّزه اعتمادًا على مواضيع الطالب. بالإضافة لذاك، يستعدّ للتعامل مع ردود أفعال المُتعلّم العِدائية على الطريقة بالتحمّل. ويكون حسّاسًا ثقافيًا ومستعدًّا لإعادة تصميم قواعد لغة الصّف إلى صيَغ ثقافيّةٍ مُرتبةٍ ومتوافقةٍ أكثر. كما يحاول تعلم هذه القواعد والمهارات الجديدة دون الكثير من القواعد الإرشادية المُحدَّدَة من نصوص المنهج المتاحة حاليًا. تُطلب صياغة معيّنة في تقنياتِ تعلّم اللُّغة بالتّواصل.
شكّك نقّاد تعلُّم اللُّغة بالتّواصل ملاءمة الاستشارة المُستعارة بناءً على ما سبقها، باحثين عن ما يدل على أنّ تعلّم اللُّغة في الصفوف الدّراسة في الواقع يماثل العمليّات التي تصف الاستشارة النفسيّة. تظهر التساؤلات أيضًا في ما إذا يجب على الأستاذة محاولة الاستشارة دون تدريب مميّز. تمّ تطوير واختبار إجراءات تعلُّم اللُّغة بالتّواصل إلى حدٍّ كبيرٍ مع مجموعات من الطلاب الأمريكيين. ليس بالضرورة أن تمثّل المشكلات والنجاحات التي واجهتها مجموعة أو اثنتان من العملاء تعلُّمَ اللُّغة عالميًّا. تم استخراج اهتمامات أخرى فيما يتعلّق بالنقص المنهجيّ، تجعل الأهداف غير واضحة وتُصعّب التقييم، وتركّز على الطلاقة أكثر من الصّحة، مّما يقود إلى سيطرة غير كافيةٍ على النظام النحويّ للغة المُستهدَفة. من ناحية أخرى، أكّد الدَّاعمون لتعلُّم اللُّغة بالتّواصل على إيجابيات طريقة التركيز على المُتعلِّم، والإصرار على الجانب الإنسانيّ لتعلُّم اللُّغة، وليس فقط أبعادها اللُّغوية.