- خالد الغيلاني
“لا أحد يفهم الحيوانات التي لا ترى أحدًا منها؛ حتى فيما بين الأسماك، قد يكون معتمًا، وغامضًا بشكل لا نهائي؛ لأنه يحاكي الإنسان”
George MacDonald, The Princess and the Goblin (1872)
فِي مَارسَ عامِ 2008، ثَارَ غَضبٌ جَماعيٌّ علَى مَوَاقِعِ الإنترنت ضِدَّ جُندي مِن مشاة البحرية الأمريكية صُوِّرَ وهو يرمي جَرْوًا مِن أَعْلَى مُنْحَدَرٍ وقَدْ سُرِّحَ مِنْ عَمَلِهِ عَلَى أَثَرِهَا، وَفِي المملكة العربية السعودية يظهرُ الناسُ تعاطفَهم معَ مقاطِعٍ مِنْ هذا النوعِ علَى قنواتِ التواصلِ بِصُورَةٍ لافتةٍ وهو ما يظهرُ الأهميَّةَ الأخلاقيةَ لِهَذِهِ القَضِيَّةِ لدى الناسِ قاطبةً فُهناكَ ميلٌ إلى الاعتقادِ بأنهُ يجبُ علينا معاملةُ الحيواناتِ بشكلٍ أفضلَ بعكسِ الأشياءِ غير الحية؛ قد يبدو هذا الاختلاف الأخلاقي ظَاهرًا بشدَّة بين جروٍ وجَهازِ حاسبٍ آليٍّ وواضحًا لنا؛ لكنه لم يكن واضحًا على الإطلاق لأب الفلسفة الغربية الحديثة رينيه ديكارت (1596-1650). فقد اشتهر عنه بأن الحيوانات لا تعدو مجرد “آلات” فيزيائية معقدة بدون خبرات؛ إذ أن الخبرة التي منطلقها الروح العاقلة عنده هي الأساس، ونتيجة لذلك فهي على أحسن الأحوال من نفس نوع “cuckoo clocks”، وكل هذا بناه على أن الأفكار والعقول من خصائص الروح غير المادية على مذهبه؛ فالبشر لديهم خبرة ذاتية فقط لأن لديهم أرواحًا غير مادية متأصلة في أجسادهم المادية. أما الحيوانات؛ فلا يظهر حسب ديكارت، أنها مسكونة بأرواح عاقلة فهي لا تتكلم أو تتفلسف، وبلغة العصر فهي لا تختلف عن السيارات أو أجهزة الحاسب؛ كأشياء ميكانيكية لا كائنات، تجد هذا بوضوح في كتابه حول المنهج (1637) والتأملات (1641).
بالطبع، تعرض ديكارت لانتقادات متكررة، وبلا هوادة بسبب وجهة نظرتهِ هذه، خاصة في عصرنا، حيث قل فيه عدد الأشخاص الذين يشاركونه هذا الرأي؛ إلا أنه من وجهة نظر أخرى تحمَّلها بعضهم في دفاعه عن ديكارت؛ أظهر مثل جون كوتينجهام أن ديكارت لم يستمتع تماما بفكرته في الفصل الصارم ما بين الإنسان والوحش؛ فهو يتحدث في بعض كتبهِ عن حيوانات لديها أحاسيس، وعواطف مثل الغضب والسعادة؛ على الرغم من أن التمسك الصارم بازدواجيته يتطلب ألا يتمكنوا من فعل ذلك إلا إذا كانت لديهم روح غير مادية، وسيكون من الظلم تجاهل حقيقة أن ديكارت كان له كلبٌ أليفٌ لا ينفصل عنه ويحبه كثيرًا ويشاركه وجباته وينام على سريره أطلقَ عليه اسم “Monsieur Grat” السيد جرات، لكن هذه الأدلة لا يمكن أن تبرئ الرجل كثيرًا لأنه أقامَ انقسامًا صارمًا بين الحياة اللامادية “التجربة والتفكير الإنساني”، والوجود المادي، والميكانيكي الطائش للحيوانات؛ مما يعني أن قتل جروٍ ليس أسوأ من سكب كوب من القهوة على حاسبٍ آليٍّ، ولو أخذنا تشبيهًا حديثًا مقاربًا فإنها لا تجعل رميَ جروٍ من أعلى منحدرٍ أمرًا جيدًا أو حكيماً؛ إلا أنها لا تشير إلى أنّ من قام بذلك قد ارتكب خطأً، وقد أخذت وجهة نظر ديكارت مساحةً من الجدل في عصره ففي رسالته إلى فيلسوف كامبريدج هنري مور جادل ديكارت مدافعًا عن نفسهِ قائلًا: “وجهة نظري ليست قاسية جدًا على الوحوش ولكنها تحترم البشر..”
نظرة أخرى للحيوانات مع رالف كودوورث “Ralph Cudworth“
قد يكون التفسير الروحي القديم كمصدر للتجربة الذاتية لا يناسب المذاهب العلمية المعاصرة التي ترد كثيرًا منها إلى الدماغ وليس إلى عوامل غامضة غير مادية، وإن أوجه التشابه البنيوية بين أدمغة الإنسان والحيوان تشير بقوة إلى أن الحيوانات “وخاصة الثدييات مثل الجراء” لديها تجارب ذاتية؛ فلا يمكننا إيذائهم بلا مبالاة تامة، وهذا لا يوجد في الأشياء التي لا تمتلك إحساسا كالمصابيح أو السيارات، وفي هذا وفي مسألة الروح الفائتة قد ينازع التصور الإسلامي في حقيقة الأمر وهذا ما سنأتي عليه بعدُ. إن الرد على ديكارت هنا ليس حديثًا؛ فقد رد عليه فيلسوف غير معروف الآن يُدعى رالف كودوورث (1617-1688)، وهو أصغر سنًّا من ديكارت. كان كودوورث عالمًا لاهوتيًا أنجليكانيًّا، وأستاذًا للغة العبرية بجامعة كامبريدج، انتمى إلى مجموعة من الفلاسفة المعروفين بأفلاطونيي كامبريدج، فمع احترامه لوجهة نظر ديكارت ومقاربته لها في بعض الوجوه إلا أنه اعتقد أن نظرته للحيوانات على أنها آلات غير واعية غير قابلة للتصديق، وربما أدق توصيف لها عنده ينبع من “علة الحياة” وهي الجامع المشترك بينها وبين الإنسان، حتى أنها تقترب معه إلى الإنسان بشدة أكثر من كونها آلة جامدة فالروح عنده ليست “عقلًا بلا جسد” بقدر ما هي نوع من قوة الحياة التي تنبض فينا وتنشط في أشكال وأنماط متعددة، وبعبارة قد تكون داروينية إلى حد ما أن التشابه على أساس بيولوجي بحت، وأن لها مثل البشر حيوات وأرواح؛ وبعبارة أخرى إذا كنا نفسر تصرفات الحيوانات شعورًا وحركةً وتواصلًا ونرد ذلك إلى تركيبتها الجسدية؛ فلا يوجد مبرر للقول إن هناك روحًا خاصة تفسر السلوك البشري، فإذا كان ديكارت مستعدًا لشرح السلوك الحيواني على أنه ناتج عن لا شيء عدا “الدم والأدمغة”، فلماذا لا نقول الشيء ذاته عن الإنسان نفسه؟. وبالنسبة لأفلاطوني من القرن السابع عشر يعتبر هذا الرد نظرة حديثة جدًا؛ إنها لا تختلف كثيرًا عن حجج الماديين اليوم في دحض ثنائية ديكارت، ومع اعتقاد هذا الأفلاطوني أن أرواح الحيوانات أقل كمالًا، وأقل وعيًا من الأرواح البشرية، إلا أن هذا لا يخلينا من المسؤوليات الأخلاقية تجاهها.
ثنائية ديكارت
قسم ديكارت الواقع إلى نوعين من الأشياء: الأشياء المفكرة (thinking things) والأشياء الممتدة (extended things). إن الأشياء المفكرة عنده مثل الملائكة والأرواح البشرية، هي أشياء غير مادية ومستقلة عن العالم المادي. والأشياء الممتدة، مثل الأجسام البشرية والحيوانات والنباتات والمواد غير الحية، تمتد عبر الأبعاد الثلاثية، ولا توجد التجربة الذاتية بالكامل إلا في الأشياء المفكرة، في حين أن الأشياء الممتدة ليست سوى أشياء غير واعية أقرب للطيش حتى لو تشكلت في نظام بيولوجي معقد.
جمعيات حقوق الحيوان وديكارت
لقد اتخذ دعاةُ حقوقِ الحيوان منَ الفلاسفةِ مَحَلًّا للتعبيرِ عن حركتهم، والنهوضِ بِها؛ فتجدهم غالبًا ما يتخذون كلامهم طريقة لتبرير مواقفهم؛ ومن هنا كان فيلسوف القرن السابع عشر رينيه ديكارت محل سخط واهتمام من هذه الجمعيات؛ خاصةً وجهة نظره القائلة بأن الحيوانات غير قادرة على الشعور بالألم، وهي اليوم محل تهكم من الجميع، فتصويره اللامبالاة في تجاربنا مع الحيوانات عندما لا تزال على قيد الحياة تظهر كمًّا هائلًا من الرعبِ يغْزونا، وفي المقابل اسْتُخدمت أعمال إيمانويل كانط “فيلسوف القرن الثامن عشر”، وجون ستيوارت ميل “فيلسوف القرن التاسع عشر”، بشكل أكبر في حركات الدفاع عن الحيوانات. كانت فلسفة جون ستيوارت ميل “النفعية” صديقة للحيوانات إلى حد ما، فقد أعرب عن اعتقاده أن الإجراء الصحيح في أي حالة معينة سيكون هو الإجراء الذي يميل إلى تقليل المعاناة والألم، وتحقيق أقصى قدر من المتعة والسعادة لجميع الأطراف بدون استثناء، كما أن معاناة الحيوانات وألمها ومتعتها وسعادتها يجب أن تُدرج في حساب التفاضل والتكامل أيضًا؛ فلا تخرج عن هذا المبدأ بل تندرج فيه بدون شك. أما إيمانويل كانط فلم يصرح تمامًا أن لدينا واجباتٍ أخلاقية تجاه الحيوانات -لأنه يراها مقتصرة على ما هو عقلاني فقط- ولكنه كان يعتقد أن السبب الوحيد هو أعم من ذلك؛ إذا أن تجنب القسوة مع الحيوانات يجعلنا نتجنب عادات قاسية نفعلها مع الآخرين، وبذلك يكون الحيوان سببًا في ارتقاء الذات الإنسانية ليكون مفهوم الآخر يشمل الحيوان أيضًا، فلم يرَ كانط نفسه أن لدينا أي واجبات أخلاقية مباشرة تجاه الحيوانات بل كان يعتقد أن السبب الوحيد الذي يجعلنا نتجنب القسوة مع الحيوانات هو أنه من خلال القيام بذلك قد نطور عادات قاسية نلحقها بالآخرين، ووفقًا لكانط لا يمكن أبدًا التضحية بكل فرد ندين له بواجبات أخلاقية مباشرة من أجل سعادة الآخرين بغض النظر عن حجم السعادة التي ننتجها، ولو أخذنا طريقة جميلة على مذاهب الفقهاء الذين يبنون المذاهب على أساس معين يكون مقتصرًا على مأخذ ضيق اتضح توسعه فيما بعد فإننا ووفقا للعلوم الحديثة يتبين لنا أن انعدام قضية التعقل لدى الحيوانات أمر غير محسوم ولذلك فدخولها في المجموعة العقلانية يعطيها حقًا في عدم الانتهاك.
مسألة: “لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ” النمل(21)
تفقد سليمان عليه السلام الطير لأمر يختص به ذلك الطير واختلفوا في ذلك على أقوال أحدها قول “وهب”: إنه أخل بالنوبة التي كان ينوبها، وثانيها أنه تفقده لأن مقاييس الماء كانت إليه، وقيل غير ذلك، وقد قال الرازي كلامًا مهمًا وهو مناط البحث هنا: “أما قوله” لأعذبنه عذابًا شديدًا…”الآية” لا يجوز أن يقوله إلا فيمن هو مكلف أو فيمن قارب العقل فيصلح لأن يؤدب” اهـ. وروي أن تعذيب سليمان للطير كانت في نتف ريشه بعضه أو كله أجمع، قال القرطبي: وكأن الله أباح له ذلك، كما أباح ذبح البهائم والطير للأكل وغيره من المنافع اهـ. قالوا: لأن تسخير الطير له لا يتم إلا بالسياسة والتأديب فجاز أن يباح له ما يستصلح به شأن ملكه. وقال ابن العربي: إن العذاب على قدر الذنب لا على قدر الجسد، وعلى أن الطير كانوا مكلفين إذ لا يعاقب على ترك فعل إلا من كلف به اهـ. والمعنى أن الهدهد احْتِيجَ إليه في شأن مهم من شؤون الملك، وإلا لما ترتب هذا العقاب، وفيه أن الله قد أوحى إلى الطير بذلك وأن عليهم الطاعة والانقياد لسليمان عليه السلام، فصح ما ترتب من العقاب، وفيه أن النسيان أو الغفلة أو طروء الحاجة التي قد تصرف الخلق عن تكاليفهم الشرعية قد تقع للخلق كلهم وليست محصورة على البشر، وقد جاء في بعض الكتب أن الهدهد كان مهندسًا وهو ما يرد به على ديكارت حتمًا، وقد سبق ابن العربي في أحكام القرآن وسمى الفطنة الحيوانية عقلًا، ولعل هذا لشيوع الجو الفلسفي في الأندلس، وأبلغ من هذا الآية التي بعدها عندما سرد الحجج والبراهين التامة، والتعليلات القاطعة، والرد على الكفار بحجة بالغة، مع رده ضلال قوم سبأ إلى الشيطان: “إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ”، وهذا يجعلك تعجب أشد العجب وتوقن بلا مثنوية أن الفلاسفة قد شطوا شططا بعيدًا في مذاهبهم. وبالمثل ما وقع لسليمان عليه السلام في نفس السورة من حادثة غريبة مع “نملة” وظهورها برقي غير عادي وسمو أخلاقي قد يفتقده كثير من البشر عندما تطلَّبت العذر لسليمان وجنوده بقولها “وهم لا يشعرون”، ربما الذي جعل سليمان عليه السلام يتبسّم لما رأى من حكمة وبصيرة وصفح لدى هذه النملة الحكيمة، فهذه النملة كانت في الغاية من الأناة والنصح والمعرفة بسليمان، لذلك عندما قلنا إن التصور الإسلامي للروح ينازع المذاهب المادية في قصر المسألة على الدماغ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يسمي دوابه وسلاحه، وقال: “أُحد جبلٌ يحبنا ونحبه”، وأنت إذا نظرت إلى التسمية رأيتها تعني تعرفًا لشيء ما إلى آخر حتى يخلق قناةً من التواصل والأحاسيس؛ فكأن لها وجودًا تعبر عنه وشخصية تعرف بها ووجودًا يلامس الأعيان العاقلة بل قال: “لا تصحبنا راحلة عليها لعنةٌ من الله”، وهذا يعطيها معنًى يخرج بها إلى وجود غير مادي بالمرة قريبًا من الروح والإحساس.
مسألة في تكليف المخلوقات عدا الإنسان
قد جاء أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة، وقد علم من النصوص أن التكليف متعلق بالجن والإنس، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رسول إلى الناس كافةً، ولم يرد حديث أو آية أو قول لأحد من الصحابة على تكليف أي جنس عدا هذين النوعين، ولكن هنا مسألة فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة وغيره من الصحابة “لتؤدنَّ الحقوق إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجمَّاءِ من الشاة القرناء”، وهذا يعني أن هناك تكَلِيفًا ومعرفةً بالحقوق أو بعبارة أخرى هناك وضوح تام لمفهوم الظلم والتعدي، أو بالأحرى أن الله ألهمها أو عرفها ما لها وما عليها، وكلفها بأمور هي من صلاح حياتها وحياة من ذللت له ولذلك قد يتبادر إلى الذهن سؤال إذًا لماذا لا تدخل الجنة، قلت: كل الأجوبة التي قد ترد من أن العقل مناط التكليف والإنسان هو المحل لهذا الأمر أو غيرها من الأجوبة التي تدور في فلكها أجوبة ضعيفة جدًا، فقد نشرت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن طريقة عمل أدمغة الحيوانات، وقالت حسبما ذكر موقع الصحيفة: “إن دراسة حديثة أثبتت أن حياة الحيوانات أكثر ثراء مما يعرفه العلم، وقد أكد العالم الشهير تشارلز داروين أن الحيوانات تملك قدرات عقلية تماما مثل الإنسان، ولكنها تختلف فقط من حيث الدرجة وليس النوع”. والجواب الأتم في هذا مرده إلى الآية “وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ” فهذا اختيار الله وهذه إرادته وهو “لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ”، لذلك لا تعجب من تكرار الآيات التي تتحدث عن كفر الإنسان وجحوده مع ما خصه الله دون سائر الخلق واختياره له وعليك أن تتأمل الآية بعناية حتى آخرها فإنها عجبٌ من العجب.
وهذا الاختيار يجرك إلى مسائل، منها أمر الله لقوم موسى بقتل أنفسهم، أو باختياره شهداء من خلقه أنبياءَ وصالحين، ومن هذا اختيار الله لهذه المخلوقات أن تُذَلّل للإنسان وانتهاء رحلتها بانتهاء الدنيا، ومع ذلك فقد شرع الإسلام طرقا في التعامل معها في حاجتها ومأكلها، حتى كأنه قاموس أدبي أو معجم أخلاقي للحيوانات يلزم كل مسلم أن يقرأه ويتقيد به، وقد انتشر في فترة قبل سنوات مقطع عن أحد المسلمين العجم وهو يضجع بهيمته للأضحية، وهو يردد الأذكار الشرعية يوضح مدى سكونها واطمئنانها؛ لأنها لهذا خلقت وبهذا كلفت وقد وقع لي مثل هذا، ولا يعجب أحدٌ من نفور بعضها منه؛ فقد كتب الله القتال على الصحابة وهو كره لهم كما كلفنا التكاليف مع مشقتها علينا.