الدين

“خيركم لأهله”: التصور الإسلامي للرجولة

رسالة عامة إلى الرجال المسلمين: السُنة النبوية أقوَم من الذكورية المتطرفة.

  • د. جوناثان براون
  • ترجمة: عبد الرحمن فتحي
  • تحرير: لطيفة الخريف

هذه الورقة جزء من مجموعة أعمال “الإسلام والجندر”.

قبل البدء أنوّه إلى أن هذه الرسالة موجّهة في الأصل إلى الشباب المسلمين، خلا هؤلاء مُرَحّبٌ بهم لقراءة المقالة، ولكن أرجو أن تتفهموا أني أستهدف بحديثي هذا جمهورًا بعينه.

العالم اليوم مستقطَب على طول الخط فيما يخص طبيعة فَهم الناس للدين، وحول أي الثقافات تستحق التبني، وأي القيم بالضبط أحق أن تُتَبَع، وأيها مفتوح على التغيّر وأيها مغلق على أنواع معينة من التغّير لا يتخطاها. ومن الواضح جدا انتشار مثل هذا الاستقطاب الشديد والذي قد يطغى حتى على تفكير القارئ النَّهِم المنغمس أغلب وقته في متابعة هذه الصراعات في وسائل الإعلام.

وفي ظل هذا الصراع، تعّهَد المسلمون بأخذ رؤيتهم الدينية على محمل الجد مضيفين محورًا آخرًا للاستقطاب، وهو ما يمكن أن نسمّيه: “الحق الثابت” في مقابل “الدخيل المبتدع”، وباختصارٍ: يُعنى هذا بتحديد موقعك من المسائل التالية: هل تفهم الإسلام بطريقة أصيلة وثيقة الصلة بالعقيدة وبمصادرها الأولى (الحق)؟ أم إن لك مصادر أخرى أو منظومة قيم أخرى تحدد من خلالها رؤيتك للعالم ولا يعدو حينها الإسلام كونه غطاءً لهذه المنظومة (الدخيل)؟ والإجابة بالطبع تتوقف على من سيحكم على الأمر. ولغرضنا البحثي هُنا، سأفترض أنك الحكم على نفسك.

منذ بداية ظهور ديننا والمسلمون في محاولات مستمرة لفهم الوحي في الأزمنة المتغيّرة وما جدّ عليها من ظروفٍ وأحوال، وكذلك عند التماس مع اللغات الجديدة، والأطعمة الجديدة والأحوال المناخية الجديدة والبشر الجدد. وقد أمرنا الله في القرآن أن نستخدم عقولنا وبأن نتمسك بتعاليم الوحي (الحج-71، الإسراء-36، النور-15، البقرة-76، آل عمران-65، آل عمران-80)[1] لقد أرانا الله -تعالى- في القرآن أننا خُلقنا لنعبده، وفي الوقت نفسه أخبرنا أننا غير مؤاخذين على هفواتنا في أداء حق عبادته عند مواجهة المشقات الدنيوية التي لا قبل لنا بها (البقرة-184، الذاريات-56، النحل-106)[2]

فالمسلمون إذن كانوا يقرأون مصادر الوحي باستمرار في ضوء العقل والملاحظة التجريبية، فيوازنون بين الحسن والقبيح المحكمَين في النص، وبين الضرر والمنفعة الواقعتين في حياتنا الدنيا. وفي بعض الأحيان يكون تأثير الأنساق الفكرية القيمية الحادثة ضخمًا وعميقًا، حتى إنه في بعض العصور السالفة اتهم المسلمون بعضها بعضًا باتخاذ بعض المبادئ أو المعارف الوافدة كأساس مرجعي عوضًا عن القرآن والسنة. وقد كان هذا جوهر ما اتهم به الغزالي بعض الفلاسفة المسلمين عند التعاطي مع التراث اليوناني الفلسفي، وبالمثل اتهم ابن تيمية الغزالي وفلاسفة آخرين بالخلط غير الواعي بين علوم الإسلام والفلسفة اليونانية. ولكن على أية حال، يمكن القول إن المسلمين الذين شاركوا في هذا الجدل -في معظم فترات تاريخنا- كانوا يفعلون ذلك وفقا لشروطهم الخاصة وانطلاقًا من ثقة تامة بالنفس.

ولكن هذا تغيّر تمامًا منذ بداية القرن التاسع عشر، وبحلول العقود الأولى من القرن العشرين، أصيب المسلمون عالميًا بضعف حضاري واضح في كل المجالات: ثقافيًا، وسياسيًا، وعلميًا، واقتصاديًا. وأصبحت الأغلبية الساحقة من المسلمين تعيش تحت ظل قوى أخرى غير مسلمة. ونتيجة لهذا، لم يعد الاستقطاب بين “محور الحق، ومحور الدخيل” مجرد مسألة نزوع فكري أو روحاني. إنما أصبحت المسألة مركبة من تحولات مشحونة بمفاهيم متنافرة مثل: “متساهِل في مقابل مقاوِم/متشدد”، “مستعمِر في مقابل مستعمَر”، “غربي في مقابل السكان الأصليين”، “أصالتنا في مقابل هيمنتهم الحضارية”.

وقد صار هذا الاستقطاب طاغيًا بوضوح. والذي يعني للمسلمين أن كل سلوك وكل كلمة ينبغي أن تُسحَب إلى جهة ما من الجهتين أو القطبين الذَين يستحيل مقاومتهما. وأي شيء تُشَتم منه رائحة “الليبرالية” أو “الغرب” فإنه يُنظَر إليه كعلامة أو إشارة انتماء وإظهارٍ للولاء لهذا القطب. وأي شيء يقاوم هذه الأنماط أو يبدو “تقليديًا” أو نابعًا من الماضي الإسلامي فإن ولاءَه يُعتبر للقطب الآخر.

وهنا تظهر مشكلتان كبيرتان، الأولى: كون الشيء “خطأ في نفس الأمر عند الله” أو “صوابا في نفس الأمر عند الله” لا يتوافق مع القسمة التي سبق ذكرها -“محور الحق، ومحور الدخيل”- ولا حتى مع أي محور مستقطَب آخر سبق ذكره حتى الآن. فليس كل ما هو إسلاميٌ أصيل من شأنه -بالضرورة- أن يكون “تقليديًا” أو “متحفظًا” بمعايير اليوم. والثانية: أن الحكمة ليست ملكية حصرية للتقاليد الإسلامية؛ فالمسلم يمكنه تقفي آثار الحكمة أينما حل وارتحل، وذلك مصداق قول النبي ﷺ (الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها)[3] وهو ما ينطبق بخاصة على بعض أفعال الحكمة التي تذكّرنا بالنداءات الأخلاقية والروحية التي في ديننا، ففكرة إلغاء العبودية كمؤسسة مثلا، هذه الفكرة نشأت في الغرب المسيحي مع بدايات الثورة الصناعية، ولكن المسلمين قد أدركوا أن هذا من شأنه أن يحقق التكليف الواضح التابع لحرية الفرد كما جاء في القرآن والسنة، فمن هذه الزاوية يكون إلغاء العبودية التزاما من جانب أغلبية المسلمين كذلك، والتزاما بوجوب المضي قدمًا في مكافحة كل أشكال العمل الاستغلالي الأخرى.*

فنحن إذن نواجه مشكلة مستمرة ومترتبة على ما يجد من الأحداث. فأولا: محورا الاستقطاب السابق ذكرهما “الأصيل والدخيل” يجري إحلالهما في سائر المحاور العالمية الأخرى، كقطبي “الليبرالي والمحافظ”، “الغربي وغير الغربي”. والمشكلة الثانية أن هذين المحورين يعملان كثقب أسود؛ يمتصان كل شيء في محيط حياتنا العامة. في حين أن الصواب والخطأ -من الناحية الإسلامية- لا يتوافق مع هذه القسمة حصرًا. فيصبح من المستحيل تقريبا على المسلمين أن يفعلوا ما يؤمنون بصدق أنه ما يرشدهم إليه دينهم. ولنضع جانبًا ما هو صحيح فعلا وفقا للشريعة؛ ولنتخيّل كيف سيُنظر إلى عالمٍ أو مفكر مسلم إذا توصّل إلى استنتاج ما في قضية خلافية، ولنقل إنه انتهى مثلا إلى أنه لا ينبغي أن يكون هناك حاجز يفصل بين الرجال والنساء في المسجد، ما سيحدث هو أن هذا العالِم سيُعدّ منشقًا ضالًا عند البعض وبطلًا مستنيرًا عند البعض الآخر. وإذا قرر عالم آخر مثلًا أن الشذوذ الجنسي محرّمٌ في الإسلام، فإنه يستمسك بما في رسالة الله ويتبع أوامره بحزم عند فرقةٍ، وعند فرقة أخرى فإنه لا يعدو عن كونه ظلاميًا آخر يرفض الخروج من كهف العصور الوسطى. وفي الواقع أن المسلم الذي خرج بهذه الاستنتاجات، قد يكون ببساطة يقدم أقصى اجتهاداته في فهم نصوص القرآن والسنة والتقاليد الإسلامية، ولكن الحاصل أن لا أحد من الطرفين (القطبين) ينظر إلى هذا الاحتمال؛ فكل ما يهم كل منهما هو: على أي القطبين ينسحب قوله يا تُرى؟

هذه إذن خلفية أساسية عند التعرّض لمشكلة ملحّة عند رجال المسلمين في واقعنا اليوم في عالم الغرب (أعني الغرب ومجتمعات النخبة الفضائية على الصعيد العالمي): ما الذي تعنيه “الرجولة”؟ أو بعبارةٍ أخرى، ماذا يعني أن تكونَ رجلًا؟ قد نسخر من هذا السؤال ونعتبره سؤالا ميلودراميا، ولكن في الواقع يكمن هذا السؤال في جذور التقاليد الأخلاقية (وفيما يتصل بمفهوميّ الفضيلة والمروءة) وما زال إلى الآن سؤالا ضروريا للحكم على المبادئ الأخلاقية للمرء. وبأخذ الولايات المتحدة الحديثة مثالا لهذا، يمكن القول إن أي شيء يشبه -ولو من بعيد- الإجماع على مفهوم محدد لما يعنيه كون المرء رجلًا قد تفتت تماما في العقود القليلة الماضية. فكر معي، هل يجمع الأمريكيون -جميعهم أو حتى الغالبية العظمى منهم- على نموذج مثالي لا جدال فيه للرجولة ممثلا في شخصٍ ما؟

حتى إن التقارير الدورية لشباك التذاكر السينمائية الأمريكية “BoX Office” قد أسقطت “جيمس بوند” عن عرشه منذ زمن.
وربما كانت شخصية جيمس تقدم أفلامًا ممتعة -بصورة تشعرك داخليًا بالذنب- أو لعله كان نقيض البطل الكلاسيكي “Anti-Hero”، على كلٍ، أرى أنه من الصعب جدا تخيل كيف سيكون فيلم جيمس بوند في عصر الmetoo#.[4]

فالساحة الأمريكية العامة يهيّمن عليها نموذجان للرجولة. الأول هو ما يمكن أن نسميه “الذكر التقدمي” فهذا النموذج: حساس، مفكّر، على دراية مستمرة بقضايا العدالة العرقية والاجتماعية “Woke”، وينظّف الصحون، ويدبر شؤون المنزل من تنظيف ورعاية للأطفال، كما أنه على اتصالٍ بجانبه الأنثوي لدرجة أنه قد يطغى على الحدود الفاصلة بين الذكورة والأنوثة أو حتى يذيب تلك الحدود تمامًا. النموذج الثاني هو ما يمكن أن نسمّيه الرجل التقليدي، ويمكننا تخيل شكلين لهذا الرجل: فإما أن يكون رجلًا من الطبقة العاملة وزوجًا يعرف الصوابَ من الخطأ ويعرف “ماذا يعني أن تكون رجلًا حقًا؟”، ويستمتع بكل شيء يحمل عبق الثقافة الأمريكية كشرب البيرة مع الرفاق، ولعب البيسبول مع الأصحاب (ويمكنك تذكر الأدوار التي لعبها كيفن كوستنر كأب لاستحضار هذا النموذج في ذهنك)، وإما النموذج الثاني: صاحب الشركة العملاقة أو الوصيّ الأخلاقي على المجتمع.

وإحدى سمات رد الفعل التقدمي الأخير (ممثَلا بالنخبة أو الذكور البيض أو كلاهما معًا) إزاء الأعراف والمعايير القائمة، الانتقاد الشديد لنموذج الرجل التقليدي على يد الأصوات التقدمية والليبرالية. فكثير من هذه الأصوات ترى في الرجل التقدمي البديل الواضح لأداء الدور المثالي “للذكر البيولوجي” في مجتمعٍ في طريقه -كما يأملون- إلى إزالة تصنيف الذكر/الأنثى من أي اعتبارات -اقتصادية كانت أم قانونية- ومن ثم سيصبح النوع الاجتماعي (الجندر)
مفهوما سائلا وثوبا فضفاضا يضم تحته عامة المعايير التي يحددها كل فرد ذاتيًا.

هذا الموقف قد أثار ردودَ أفعالٍ قوية ومفهومة بين الرجال المسلمين والنساء كذلك. ومن الجوانب الهامة فيما يخص هذه المسألة أن نعرف أن الرؤية الليبرالية والتقدمية لنموذج الذكر التقدمي لا تلقى إلا دعمًا طفيفًا من القرآن والسنة. ومن المؤكد أن كلتا الرؤيتين تبدو مناقضة بوضوح لتعاليم الإسلام في جوهرها؛ فالإسلام مثلا لا يتصور أي إزالة للفروقات بين الذكور والإناث؛ فقد قال تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ) -آل عمران-36- وفي موضعٍ أخر: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) -سورة النساء-32. فالنوع الاجتماعي/الجندر في الإسلام لا يُحدد ذاتيًا وإنما موضوعيا وبحسب التكوين الفسيولوجي. وحتى العلماء الذين وافقوا على أن بعض الناس قد يعانون من “اضطرابٍ في الهَوية الجٍنسية” “gender dysphoria” إلا أنهم سمحوا فقط بتدخل الإجراءات الطبيّة للتأثير على التغير الجنسي في حالة ظهور الأدلة الواضحة لوجود حالة نفسية حقيقية.

وقد يعترض بعض النقّاد قائلين: إن الشريعة الإسلامية أدركت باستمرار وجود أناس ذوي أعضاء جنسية ملتبسة “الخنثى أو ثنائيي الجنس”[5] “hermaphrodites” فيمكن القول إنها أدركت كذلك أن النوع الاجتماعي مرن فضفاض، وهذا اعتراف بحقيقة وجود الرجل (المخنَّث) والمرأة (المترجلة)، وهؤلاء الأفراد عموما غير ملومين على حالتهم هذه.[6] هذا صحيح، ولكنه يثبت في الوقت نفسه النقاط المعتَرَض عليها؛ فالمخنثون ما زالوا رجالًا في الشريعة الإسلامية مع أن بعض الأحكام قد لا تسري عليهم فيما يتعلق بالاختلاط بالنساء مثلًا. وبالمثل المرأة المترجلة لا تزال امرأة في الشريعة. أما بالنسبة لثنائيي الجنس، فمن الممكن تحديد نوع الجنس الغالب عليهم بطريقةٍ أو بأخرى، وفي حالة أنه لا يوجد على الإطلاق أية علامة جسدية خارجية تحدد جنس الخنثى البالغ (وهذه حالة لا يُتَصوّر حدوثها إلا نادرًا جدا)، فإن فئته الجنسية تُحدد عن طريق النظر إلى أي الجنسين ينجذب الفرد (إن مال إلى الأنثى فهويته ذَكَريّة والعكس بالعكس).[7]

فإذن، كثير من المسلمين (وأنا الآن أخاطب الرجال المسلمين على وجه الخصوص) لا يتقبلون النموذَج المقدّم من الاتجاه الليبرالي التقدمي ويرونه ينزع الشرعية عن النماذج التقليدية للرجولة، مبدلًا إياها بآخر يقوّض التصنيفات المذكورة في الوحي والتقاليد المركزية في التشريع الإسلامي والآداب المبنية عليها. فكثير من المسلمين -وبالأخص الشباب- نشب عندهم رد فعل تجاه هذا النموذج يماثل رد فعل الأمريكيين الميالين إلى المحافَظَة، فتجد أنهم تعاطفوا مع آراء أخرى تنكر صلاحية الأجندة الليبرالية التقدمية فيما يخص الجنس ومفاهيم الذكورة، كالتي يتبناها جوردن بيترسن[8] بل وقد تبنى بعضهم هذه الرؤى واعتبرها ممثلةً لهويته. فعندما يجد الشاب المسلم أنه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الذكر التقدمي ورؤيته التقدمية وإما الدفاع المحموم والغاضب عن الرجل “التقليدي” -كالذي يمارسه اليمين ومناصري حقوق الرجال بحماس شديد- في هذه الحالة سيجنَح الشباب المسلمون إلى حد بعيد إلى تبني الخيار الثاني.

وهم كذلك يرون في أنموذج “الرجل التقليدي” المعاد تصوره بصورة مبالغ فيها، الصورة الأقرب لذكر العالم الثالث “ألفا” الشائع في نمط تربية المهاجرين التي أحضرها الآباء والأجداد معهم وهم قادمون إلى الأراضي الغربية. فقد نشأ الشاب المسلم في البيئة الغربية معتادًا على أن يشاهد التلفاز في الوقت الذي تنظف فيه أخواته من بعده أو وهن يتناوبن على خدمته مع أمه ويحضرن له الطعام والشراب. هذا ما نشأ عليه الكثيرون أو بأقل تقدير قد نشأ الكل على فكرة أن الرجل الحقيقي هو الرجل المتحكم المتمتع بالخدمة التي كرستها له نساء العائلة. فليس غريبًا إذن أن يميل الشباب المسلمون إلى صف نقاد اليمين ضد سياسات الجندَر الليبرالية التقدمية. فالأمر بالنسبة إليهم يلائم المنطق السليم من جهة ويتوافق مع الإسلام من جهة أخرى، وليس فقط مع ما فهموا أنه يتجلى في العقيدة الإسلامية، ولكنه يصدُق أيضًا على الخبرات العملية التي عايشوها لأسلوب حياة آبائهم “الصحيح” التقليدي الإسلامي في بيئاتهم الحالية أو في بيئاتهم السابقة قبل الهجرة.

تكمن المشكلة حقا في أن نموذج “الرجل التقليدي” ليس إسلاميًا في جوهره على الإطلاق. وبمحاكمة أحد الأمثلة كأعمال النساء المنزلية من طبخ وغيره، فإنه وفقًا للمدارس السنية الشرعية فهن لسن مطالباتٍ بهذا، إلا لو كان زوجها فقيرًا وكانت هي لا ترى في مثل هذه الأعمال تقليلا من مكانتها، أو كانت واجباتها قائمة على التوقعات العرفية في مجتمعها الخاص. (وهذا ما ناقشه مؤخرا أستاذي الشيخ موسى فوربر وكذلك شيوخ آخرون). ومن المؤكد أن السنة النبوية تفرض على النساء طاعة أزواجهن واحترامهم، ولكنها في الوقت نفسه تنص بوضوح على أن الامتثال لأوامرهم متوقف على ما يعرف أنه حق له في سياق بعينه.[9] وللأزواج أن يتوقعوا نوعا معينا من اهتمام زوجاتهم إلى الحد الذي يكون فيه هذا الاهتمام والاعتناء مقبولا في الثقافة التي يعيشون فيها.

فرفض الرجال المسلمين للنموذج التقدمي الليبرالي للرجولة لا ينبغي أن يحوّل دفتهم إلى نموذج محافظي الغرب الغاضبين والذي نشأ كردِ فعلٍ عكسي على النموذَج السابق. وقد كان حريًّا بهم أن يكون لهم في رسولِ الله ” أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ” كما جاء في القرآن الكريم، فيكون سلوكه ﷺ وسنّته نصب أعين المؤمنين أجمعين. ومن هذه الزاوية، سنجد أن النبي ﷺ لم يكتفِ بالجلوس تاركًا نسائه يخدمنه. فقد كان كما وصفته زوجته عائشة رضي الله عنها “يفلى ثوبه، ويحلب شاته ويخدم نفسه.”[10] كما كان يساعد زوجاته في تحضير الطعام وقد كان ” في مهنة أهله” كما قالت عائشة رضي الله عنها.[11] وعندما جاءت إليه فاطمة ابنته تشكو ما تلقى في يدها من الرحى وتسأله خادمًا، لم يلبِ طلبها وأخبرها بأن حمد الله وتسبيحه خير لها من خادم.[12] وهذا تفسيري للأمر فحسب، غير أنّه يبدو أن النبي ﷺ كان يتجنب أن يخدمه الآخرين متى ما شعر أن هذا من التَرَف أو الاتكالية.

وفي ضوء الجدالات الدائرة عن الاختلافات بين الجنسين والالتزامات المتوقعة للطرفين، أرى أنه من الجدير النظر إلى تصرفات الجيل المثالي للإسلام، جيل التأسيس. مع العلم أن كلا من الرجال والنساء مختلفين في فروض معينة كالصلاة والصوم (حيث إن النساء لا يصُمن ولا يصلين في فترة الحيض)، وفي الملبس (حيث إن المرأة ملزمة بتغطية أجزاء مختلفة من جسدها)، وغيرها من المسائل الشرعية. أما الرجال فملزمون بحماية ورعاية نسائهم والتكفل بشؤون (القوامة) نظرًا لما وهبهم الله من قدرات أكبر مما عند النساء.

ولكن ما فاجأني بالفعل عندما تأملت سيرتهم هو مدى ضآلة الاختلاف بين تصرفات كلا الجنسين في هذا المجتمع الشريف. فالرجال والنساء على حد السواء كانوا يتسمون بتقوى الله، وبالحزم، والشجاعة في القول والفعل والاعتزاز بالنفس مع التواضع لله والثقة بالنفس عندما آمنوا أنهم على الحق مع الانصياع التام لأمر الله وطاعته وطاعة الرسول ﷺ. وقد شارك الطرفان بفعالية في الحياة العامة، وكل منهما على وعيٍ تام بما عليه من التزامات تلائم نوع جنسه. فعائشة رضي الله عنها أصبحت قائدة سياسية رئيسية في العقود الأولى من المجتمع المسلم وكذلك كانت من أكثر مصادر العلم احترامًا. وعندما سمعت السيدة أم سلمة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر “أيها الناس” خرجت لتنضم إلى الحشد، وعندما قيل لها إنما يقول “أيها الناس” قالت: ويحك، أولسنا من الناس؟[13].

وفي فترة خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قاطعته امرأة بينما هو يخطب في الناس لتصحح له رأي ما، فاعترف عمر بخطئه وأقر على صواب رأيها[14]. وجمع كبير من الصحابيات قاتلن في معارك، أبرزهن كانت نصيبة بنت كعب التي دافعت عن النبي ﷺ بسيفها في غزوة أحد وماتت فيما بعد في حملة لاحقة[15]. ولا ننسى أم فضل رضي الله عنها التي قتلت أشد أعداء النبي ضراوة؛ أبا لهب عندما أخذت عموداً من عمد الحجرة، فضربته به. وفي غزوة الخندق، كانت صفية بنت عبد المطلب من بين الأشخاص المدافعين عن حصن صغير أطم [مكان مرتفع[ يقال له “فارع” وقد حدث أن اقترب أحد الأعداء من الحصن وعندما لم يخرج الرجل كبير السن في الحصن ]حسان بن ثابت[ لمواجهته وكان على وشك العثور على المدخل السري للحصن، تولت صفية زمام الأمور ووثبت عليه من جدران الحصن وقتلته. ولكنها طلبت من أحد الرفاق الذكور أن ينزع عنه الأسلحة والدروع لأنه رجلٌ أجنبيٌ عنها، فلن تلمسه بيديها أبدًا[16].

فالنبي ﷺ وصحابته لم يتركوا لنا إرث “الرجل التقليدي” والمرأة “الخاضعة” له. وإنما تركوا إرثا من المشاركة والتواضع والشجاعة والالتزام، رجالا ونساءً على حد سواء. ولم يحملوا في عقولهم هذه الصورة النمطية للذكر الغاضب “ألفا” الذي تخوّل له ذكورته الانتقاص من الآخرين وجعلهم خاضعين له.

لقد كان النبي ﷺ رجلاً يرى أن دور الرجل هو خدمة عائلته، وأن الرجل الحقيقي هو الذي يرى خدمة الآخرين له شيئا يُفضّل تجنبه.


الهوامش:

[1] {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِير}ٍ (71)-الحج
{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}(36)-الإسراء {ِإذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} (15)-النور {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (76) –البقرة {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (65) -آل عمران {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} (80)

[2] {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (184) -البقرة. {أ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون} (56) -الذارياتِ. {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (106) -النحل.

[3] سنن الترمذي: كتاب العلم، باب ما جاء في فضل العلم على العبادة. *ربما يعني الكاتب بالالتزام بهذا الإلغاء من طرف المسلمين للعبودية: العبودية بمعناها الغربي؛ لنقطتين: الأولى أن هناك فارق كبير بين العبودية بمفهومها الغربي والعبودية بمفهومها الإسلامي ، فعندما يتحدث الكاتب عن الكفاح “ضد أي شكل من أشكال العمل الاستغلالي” فهذا مثلا لا ينطبق على العبودية بمفهومنا لا من حيث التكليف أو العزل في مناطق أو أغلب الصفات فيقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخص العبيد والعمال والخدم مثلا:( إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه ممّا يأكل، وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم ) النقطة الثانية: أن الإسلام لم يلغِ العبودية كليا بل جفف منابعها التي تحمل أشكالًا تعسفية وقهرية للعبيد وفتح مساحة ليحرر العبد نفسه، ولكنه في الوقت نفسه تركه مشروعا ولكن حصره على ساحة المعركة، فالحديث الآن ليس عن إلغاء التشريع الممكن في ظرف حضاري ما، الأمر وما فيه أنه لم يعد في العالم طبقة العبيد بمفهومها القديم، ولإن عادت أشكال الاسترقاق من جديد ففي هذا السياق يكون النموذج الإسلامي هو الأرقى والأعلى في وصف كيفيات التعامل معهم وفي فتح الباب ليحرروا أنفسهم وفي حصره على الأسر الحربي.-المترجم. وللمزيد انظر: https://atharah.net/slavery-and-islam/

[4] meToo: أو #أنا_أيضًا: وهو وسم ظهر أول مرة على تويتر وانتشر بصورة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم خلال شهر أكتوبر من عام 2017، لإدانة واستنكار الاعتداء والتحرش الجنسي الواقع على النساء وذلك على خلفية الفضيحة الجنسية التي وجهتها عشرات النساء لمنتج أفلام هوليوود البارز هارفي واينستين. يعود أصل استخدام العبارة في اللغة الإنجليزية إلى الناشطة تارانا بيرك، وحصل الوسم على شعبية كبيرة عالمياً بعدما استخدمته الممثلة أليسا ميلانو ما شجع كثير من النساء على التغريد به لأجل التحدث عما تعرضن له من انتهاك ولإظهار مدى انتشار طبيعة السلوك المحقّر للمرأة. وقد غردت ملايين النساء حول العالم من خلال الوسم ومنهم كثير من المشاهير بعد ذلك متحدثات عن تجاربهن.
 -المترجم

[5] الخنثى: تُعدُّ من الحالات النادرة جدا عندما تكون الأعضاء التناسلية الخارجية للمولود غير محدَّدة الجنس ذكرًا أم أنثى وربما يرجع هذا إلى النمو غير المكتمل للعضو الجنسي للطفل الوليد، أو أن يمتلك المولود العلامات المميزة للجنسين. -المترجم

[6] Paul Sprachman, ‘Le beau garçon sans merci: The Homoerotic Tale in Arabic and Persian,’ in Homoeroticism in Classical Arabic Literature, ed., J.W. Wright, Jr. and Everett K. Rowson (New York: Columbia University Press, 1997), 199; -النووي، شرح صحيح مسلم، 12 مجلد.(دمشق: دار القلم، 2000) ،413-4- 13/ 14  -سنن أبي داوود: كتاب الأدب- باب في الحكم على المخنثين. جامع الترمذي: كتاب الأدب- باب ما جاء في المتشبّهات بالرجال من النّساء

[7] Paula Sanders, ‘Gendering the Ungendered Body: Hermaphrodites in Medieval Islamic Law,’ in Women in Middle Eastern History, ed. Nikki R. Keddie and Beth Baron (New Haven: Yale University Press, 1991), 74-95.

[8]: Jordan Peterson عالم نفس سريري ومفكر كندي وبروفيسور علم النفس في جامعة تورنتو، عرف عنه نشاطه السياسي وظهوره الإعلامي بصفته مفكرًا “محافظًا” حسب واشنطن بوست، كما وصفته جرائد ومنصات أخرى ب”أنه يميل إلى المحافظة” وبأنه “يميني”، ويصف نفسه “بالليبرالي البريطاني الكلاسيكي” تارةً و”بالتقليدي” تارةً.-المترجم

[9] صحيح البخاري: كتاب النكاح، باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها؛ كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام..؛ جامع الترمذي، كتاب الرضا، باب ما جاء في حق الزوج على المرأة.-نص الحديث :حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ.

[10] مسند أحمد بن حنبل-المجلد السادس، ص242-3، 256 وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث مع روايات أخرى فيها زيادة ألفاظ فقال: وقد وقع في حديث آخر لعائشة أخرجه أحمد وابن سعد وصححه ابن حبان من رواية هشام بن عروة عن أبيه قلت لعائشة: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته قالت: يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم.

[11] صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب كيف يكون الرجل في أهلهِ. وفيه‏:‏ عَائِشَةَ سُئلت مَا كَانَ النبي عليه السلام يَصْنَعُ في أَهْلِهِ‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ كَانَ في مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ‏.‏

[12] صحيح البخار ي: كتاب الدعوات، باب التكبير والتسبيح عند المنام. -نص الحديث: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن علي أن فاطمة عليهما السلام شكت ما تلقى في يدها من الرحى فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته فقال ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين فهذا خير لكما من خادم.

[13] صحيح مسلم: كتاب الفضل، باب إثبات حوض نبينا؛ وانظر مسند الإمام أحمد (6\297) ونص الحديث: عن أبي عامر، حدثنا أفلح بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن رافع، قال: كانت أم سلمة تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول [ص: 436] على المنبر وهي تمتشط: ” أيها الناس “. فقالت لماشطتها: لفي رأسي، قالت: فقالت: فديتك إنما يقول: ” أيها الناس “. قلت: ويحك، أولسنا من الناس؟ فلفت رأسها، وقامت في حجرتها، فسمعته يقول: ” أيها الناس، بينما أنا على الحوض، جيء بكم زمرا، فتفرقت بكم الطرق، فناديتكم: ألا هلموا إلى الطريق، فناداني مناد من بعدي، فقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فقلت: ألا سحقا، ألا سحقا”.

[14] أبو جعفر الطحاوي، شرح مشكل الآثار، طبعة بيروت مؤسسة الرسالة- 13:57 وأكد ابن كثير الرواية انظر: تفسير ابن كثير 3:403

[15] ابن هشام- السيرة النبوية، تحقيق جمال ثابت ومحمد محمود -طبعة دار الحديث1998- 2:73، 3:44. وانظر شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء تحقيق شعيب الأرناؤوط- طبعة بيروت/ مؤسسة الرسالة. 2:297

[16] سيرة ابن هشام، 3:198

المصدر
yaqeeninstitute

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى