الإدارة

مقاصد التحول الرقمي

  • م. فهد الصاعدي
  • تحرير: لطيفة الخريف

ينتابني كغيري شعور بأني متأخر عن التحول الرقمي، متأخر عن ماذا؟ لا أعلم بالضبط، لكن المتحولون رقميًا سيرثون العالم، حسب رسالة وصلتني من مكتب استشاري مرموق.

تتبادر إلى ذهني أحدث التطبيقات والبرامج التي سهلت حياتنا، محاطة بسياج من البرمجة والتقنية المعقدة، فأقف حائرًا متردد الخطوات بينما يتسارع “الرقميون” مبتعدين نحو المستقبل.

حاولت تصور التحول الرقمي عبر تحليل أجزائه، لكن لم تكتمل الصورة.

فالرقمي يشير لقدرات تقنية سهلت لنا الاتصال وتناقل المعرفة والبيانات، وهذا مما زاد من سرعتنا وفعاليتنا ومرونتنا كأفراد ومنظمات.

أما التحول، فهو الجزء الأهم -في اعتقادي- ومغزاه الانتقال من حال إلى حال، ويلزم ذلك:

  1. معرفة واقعنا، بخيره وشره.
  2. معرفة وجهتنا التقنية غير الواضحة أصلًا، فالتقنية تتطور باستمرار وأمامنا أشياء كثيرة لنكتشفها.

وإذا كانت الصورة النهائية غير واضحة؛ لتطور التقنية المستمر، إلى ماذا نتحول؟

يبدو أن غايتنا ليست أن نتحول إلى صورة جامدة في المستقبل، بل إلى حالة تمكننا من خوضه.

1

 

والمُشاهَد من حولِنا أن الشركات الأنجح تقنيًا ليست متطابقة في الشكل والمنتجات والقدرات التقنية، لكن يجمعها أثر قيمتها المضافة علينا بوصفنا عملاء، فنستشعر بأننا غايتها، ولنا وجِدت.

السر إذًا في الغاية، فهي تكشف لنا مقاصد التحول الرقمي لتحقيقها، لتتوجه جهودنا إلى هذه المقاصد.

2

 

 

  • الغاية: بوصلة التحول الرقمي

لماذا نتحول؟ التحول وسيلة لغاية أعلى، هذه الغاية جواب لسؤال: لماذا وجِد مشروعك؟

إذًا فالتحول الرقمي غايته خلق انسجام مع التطورات التقنية المستمرة لتسخيرها لغايتنا الأعلى.

ولتحديد ملامح التحول الرقمي، نسأل أنفسنا ما الذي يجب أن يتحقق للانسجام مع التقنية وتسخيرها؟

سنشير إلى ما يجب تحققه بمقاصد التحول الرقمي، وهي:

تناغم المنظومة، والقدرة الاستيعابية، وتمكين التجارب، واكتشاف الممكن.

والتحول الرقمي تتكشف حقيقته عند الخوض فيه، ولكلٍ منا رحلته الخاصة، لذا سنمدكم ببعض الأسئلة المفتوحة عن مقاصد التحول، بدل الأجوبة المعلبة، عسى أن نكون جزءًا من رحلتكم.

 

  • تناغم المنظومة

تناغم المنظومة يتحسن مع وضوح الغاية وتوافق أجزائها والنقاش حولها.

– هل غاية مشروعك واضحة لجميع الفريق؟ هل الجميع يعمل من أجلها؟

– ما مدى تناغم من يتواصل مع العميل لديك مع من يطور المنتج ومن ينتجه؟

– ما مدى تناغم منظومة مشروعك مع العملاء والموردين والشركاء من خارجها؟

  • القدرة الاستيعابية

القدرة الاستيعابية مرتبطة بقدرتك على استيعاب المعرفة والتقنية الجديدة وتسخيرها لغايتك.

– ما مصادر تلقي المعرفة لديك؟ كتب، ندوات، دورات، تعليم مفتوح، استشارات.. إلخ.

– من المسؤول عن إمداد مشروعك بالمعرفة التقنية؟ (فكر في آخر تقنية أضفتها لذخيرتك)

– ما المسار الذي تتنقل عبره المعلومة التقنية من الاستقبال للتقييم حتى الاستغلال؟

  • تمكين التجربة والتعلم

تمكين التعلم لتصبح المنظومة كلها قادرة على القياس والتحليل والاكتشاف والبناء.

– من يُسمح له بإجراء التجارب والاكتشاف في مشروعك؟ هل كل شي قابل للتمحيص والتساؤل؟

– ما الافتراضات التي تحيط بمشروعك عند تجربة فكرة جديدة؟ كيف تتعامل معها؟

– ما مدى تقبلك للتجارب العابرة للمنظومة؟ (بين المشاريع المختلفة، مع العملاء.. إلخ).

  • اكتشاف الممكن

أثناء التحول، ستنمو لتكتشف إمكانيات وطرقًا متجددة لتسخير التقنية لغايتك.

– كيف تعيد اكتشاف الممكن بعد كل تطوير؟ كيف تعيد اكتشاف استخدامات التقنية؟

– ماذا لو كان للتقنية استخدامات لم تخطر ببال مطورها، هل يمكنك اكتشافها؟

– كيف يمكن أن تعيد اكتشاف مشروعك وإستراتيجيته ونموذج عمله مع التطور التقني؟

 

  • الخلاصة

الغايات والمقاصد تكشف لنا جوهر تجارب الأخرين وتعيننا على توجيه وصقل تجاربنا.

ومن النعم أن نجد أنفسنا قادرين على مطالعة تجارب الآخرين وأبحاثهم حول التحول الرقمي، وأن نتعامل معها كمدخلات تعكس واقع أصحابها، قابلة للنقاش والتطوير والتكميل، مع إدراك أننا نخوض رحلتنا الخاصة من موقعنا الحالي لتحقيق غايتنا بالوتيرة الأنسب لنا.

وغاية هذا المقال أن يضيء لكم مفهوم التحول الرقمي عبر منظور الغايات والمقاصد.


  • المراجع
  • The Technology Fallacy – The MIT Press (2019)
  • Why Digital Transformations Fail – by Tony Saldanha (2019)
  • The Duct Tape Guide to Digital Strategy – Deloitte Insights (2019)
  • The Digital Matrix – by Venkat Venkatraman (2017)
  • Discovery Driven Digital Transformation – Harvard Business Review (2020)
  • Think Like Amazon – by John Rossman (2019)
  • What is digital transformation? A necessary disruption – CIO (2020)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى