- نشر: Evolution News
- ترجمة: خالد الشايع
- تحرير: عبير العتيبي
كان العقد الذي أعقب 2010 عقدًا سيئًا لدراسة التطور البشري. نشرت مجلة سميثسونيان مؤخرًا مقالًا بعنوان ” هذه هي أكبر الاكتشافات في تطور الإنسان خلال العقد.” افتتحته بقولها:
“التطور البشري هو أحد أكثر المجالات حيوية في البحث العلمي. في العقد الماضي شاهدنا العديد من الاكتشافات التي تضيف إلى فهمنا لأصولنا. احتفالًا بالذكرى العاشرة لـ ” قاعة أصول الإنسان لديفيد اتش. كوتش” التابعة لسميثسونيانز ها هي بعض أكبر الاكتشافات في التطور البشري خلال السنوات العشر الماضية.“
ما هي الاكتشافات الكبيرة لهذا العقد؟ وهل كشفوا أدلة جديدة ومقنِعة على تطور البشر من الرئيسيات الدنيا؟ بعض هذه الاكتشافات الكبيرة اتضح في الواقع أنها مثلت حالات تضعيف الدليل على التطور البشري، والباقي كان مراجعات طفيفة لنظريات سابقة لا تقول الكثير عن المبادئ الأساسية لعلم الإنسان القديم.
الحمض النووي القديم:
أول وأكبر اختراق علمي لسميثسونيان هو اكتشاف حمض نووي قديم. هذا التطور في الواقع مثيرٌ في علم الوراثة القديم المزدهر حديثًا – وقد أظهر ذلك وجود سلالات فرعية مختلفة من مجموعات شبيهة جدًا بالإنسان الحديث مثل الدينيسوفانز Denisovans التي وُجدت في المليون سنة الماضية. على الرغم من أنه شكل جديد ومثير للاهتمام من الأدلة، في الوقت الحاضر الحمض النووي القديم صامت بشكلٍ أساسي عن مبدأين أساسيين من مبادئ علم تطور الإنسان القديم: (1) الفرضية القائلة بأن الإنسان الحديث بالاتفاق ينحدر من أصل غير بشري أو دون البشر أو أنواع بدائية أخرى، و(2) الادعاء بأن المكتَشف حديثًا من “أنواع البشر الأوائل” كانت مختلفة جدًا عنا. نعم لدينا الحمض النووي للدينيسوفانز، ولكن في الوقت الحالي كل ما نعرفه أن الدينيسوفانز كانوا بشرًا مثلنا.
كان الاكتشاف الثاني الكبير في العقد الماضي هو Homo naledi هوموناليدي، وهو أمر مثير أيضًا لأنه يمثل مخزنًا ضخمًا من أحافير أسلاف الإنسان التي تضيف الكثير لمعرفتنا بسجل الحفريات. في البداية، أطلقت التقارير الإخبارية على هوموناليدي Homo naledi “سلف بشري”. ولكن في عام 2017 وُجد أن هذه الأنواع لا يتجاوز عمرها بضع مئات الآلاف من السنين – أصغر 10 مرات من أن تعد واحدة من أسلافنا التطوريين. كان هذا بمثابة ضربة ٍكبرى لأنصار التطور البشري،كما ذكرنا هنا .
أخرجوا موتاكم:
هناك ادعاء رئيسي آخر حول هوموناليدي وهو أنهم دَفنوا موتاهم – وهذا يعني ضمنًا أن هذه الأنواع ذات الأدمغة الصغيرة بدأت في إظهار بصيص من السلوك والذكاء الشبيه بالإنسان – .
ولكن هناك شكوك كبيرة حول هذا “انظر هنا لهذه المراجعة ” لقد كان هوموناليدي اكتشافًا أحفوريًا مذهلًا، لكن الدليل على أنها كانت ذات أدمغة صغيرة ما عدا الأنواع الذكية التي كانت أسلافًا للإنسان والتي لم يُعثر عليها ببساطة.
في الواقع، إذا كان هناك أي موضوع رئيسي لعلم الإنسان القديم في عام 2010، فهو الاكتشافات الجديدة وتحليلات العصور الأحفورية تعارض القصة التطورية المفضلة.
سن مبكرة غير متوقعة:
وهكذا، فإن ثالث أكبر حدث في العقد الذي سجلته مؤسسة سميثسونيان هو اكتشاف جمجمة شبه كاملة لأسترالوبيثكس أنامينسيس Australopithecus anamensis العام الماضي، يعود تاريخها إلى حوالي 3.8 مليون سنة. جونتر بيكلي كتب مراجعة ممتازة لهذه الحفرية هنا في Evolution News. وأشار إلى أن هذه الجمجمة سمحت للعلماء أن يفهموا للمرة الأولى كيف كان شكل النوع أسترالوبيثكس أنامينسيس في الواقع.
على أي حال، فإن صغر سنها بشكل غير متوقع يعني أنها تداخلت مع الوقت مع خَلَفِها المفترض وهو النوع A.afarensis أسترالوبيثكس أفارينيسس. نقلت ساينس ديلي عن أحد العلماء المشاركين في البحث: ” كنا نعتقد أن أ.أنامينسيس A. anamensis تحولت تدريجيًا إلى أ.أفارينيسس A. afarensis بمرور الوقت” لكن بسبب عمر الحفرية، لم يعودوا يعتقدون أن هذا هو الحال.
يشرح بيكلي:
“لقد تنبأت نظرية داروين بهذا التخلق التجدُّدي anagenesis بانتقال تدريجي بين نوعين (دون تفرع). لذلك، يجب أن نتوقع العثور على بعض الأدلة الأحفورية لهذه العملية الحاسمة. ولكن تبين أن مثل هذه الأدلة بعيدة المنال (انظر أدناه)، وحالة الانتقال المفترض من أ.أنامينسيس إلى أ.أفارينيسس ” كانت إحدى أقوى حالات التخلق التجدُّدي anagenesis في السجل الأحفوري ” ( اقتباس Melillo من قبل Marshall 2019، Kimble et al. 2006، HaileSelassie 2010). لقد تبخرت هذه الحالة الأقوى الآن، ولم تكن أقوى حالة فقط ولكن أيضًا الحالة الأخيرة...”
لإعادة سرد القصة، كان هناك في عام 2006 اكتشاف أحافير أ.أنامينسيس سابقة لـ أ.أفارينيسس. أثار هذا ضجة ًكبيرة وقرر علماء الإنسان القديم أنها أظهرت علاقة سلف وخلف مباشرة بين النوعين. في ذلك الوقت كتب تيم وايت وآخرون في نيتشر ” أقدم أنواع أسترالوبيثكس الموصوفة هو أ.أنامينسيس، السلف الزمني المحتمل لـ أ.أفارينيسس. ” التقطت القصة وسائل الإعلام ووصفتها بأنها دليل قوي حقًا على التطور. على سبيل المثال، نقلت الأسوشيتد برس
“أحدث حفرية مكتشفة من بقعة ساخنة لأسلاف الإنسان في إفريقيا تتيح للعلماء ربط السلسلة الأكثر اكتمالًا للتطور البشري حتى الآن…. ” لقد وجدنا للتو سلسلة التطور، الاستمرارية عبر الزمن “، صرح برهين أصفاو الإثيوببي مؤلف مشارك في الدراسة ومختص في علم الإنسان القديم في مقابلة هاتفية من أديس أبابا. ” تطور شكل إلى آخر. هذا دليل على التطور في مكان واحد عبر الزمن.“
هذا المثال المفترض للتطور التدريجي للعلاقة المباشرة بين السلف والخلف كان مهمًا جدًا ليس فقط لوسائل الإعلام المروجة للداروينية، ولكن أيضًا للمختصين في علم الإنسان القديم.
هذا لأنه من النادر جدًا أن يعتقدوا أن لديهم مثالًا على هذا الأمر. في الواقع، كانت هناك مراجعة هامة 2015 لتطور أسلاف البشر، بقلم برنارد وود ومارك جرابوسكي، في كتاب التطور الكبروي: الشرح والتفسير والدليلMacroevolution: Explanation, Interpretation and evidence أقرُّوا أن الأمثلة الجيدة لتسلسلات السلف والخلف في أحافير أشباه البشر نادرة للغاية:
“معظم أصناف أشباه البشر، ولا سيما أشباه البشر الأوائل ليس لها أسلاف واضحة، وفي معظم الحالات لا يمكن بناء سلاسل سلف وخلف (أحافير مسلسلة زمنياَ)-هناك استنثاءان محتملان أدناه.“
وخمِّنوا من كان أحد أفضل المثالين؟ لقد كان أ.أنامينسيس يتطور تدريجيًا ومباشرةً إلى أ.أفارينيسس:
“من حينٍ لآخر، يُقدم أشباه البشر الأوائل الذين تمت مناقشتهم أعلاه على أنه “السلف” لأشباه البشر اللاحقين، ولكن في رأينا، زوجان فقط من الأصناف، أ.أنامينسيس أ.أفارينسيس. (Kimbel et al. 2006) و P. aethiopicus و P. boisei (Wood and Schroer 2013) أمثلة مقبولة لعلاقات السلف / الخلف (هذا يعني التخلق التجددي ). في حالة الثنائي السابق أ.أنامينسيس و أ.أفارينسيس هي على الأرجح أصناف متتابعة زمنيًا ضمن سلالة واحدة مع صفات ممثِّلة للمجموعة hypodigm من التصنيف السابق في منطقة ليتولي Laetoli لـ أ.أنامينسيس تقع في المنتصف قبل الصفات الممثلة للمجموعة في هيدر Hadar لـ أ.أفارينسيس. تم دعم هذه الفرضية باكتشاف الأدلة الأحفورية من ورانزو ميل Woranso-Mille في إثيوبيا وهي وسيط زمني وشكلي بين أ.أنامينسيس و أ.أفارينسيس (Haile-Selassie et al 2010).”
على أي حال، لم يعد من الممكن استخدام هذا المثال “لتسلسل سلف-خلف” ذلك أنه اكتشفت جمجمة أ.أنامينسيس العام الماضي وتعود إلى 3.8 مليون سنة، أي بعد 100000 عام من ظهور أحفورة أ.أفارينيسس. الانتقال التدريجي لم يعد ممكنًا.
ما أهمية ذلك؟
حسنًا، كما نعلم جميعًا، يفضِّل علماء الأحياء التطورية إظهار التطور التدريجي المباشر بدلًا من التوازن المتقطع Punctuated equilibrium. هذا لأن الأخير يعني التطور السريع دون أحافير انتقالية بينما التطور التدريجي يعني أن الأشياء تتطور ببطء، تمامًا كما تنبأ داروين. وصفت ورقة وايت وآخرون (2006) تطور أ.أنامينسيس إلى أ.أفارينيسس كمثال محتمل رائع على شكل من “التدرج” أو “التخلق التجددي” على “التوازن المتقطع”:
“شك جولد في أن “التوازن المتقطع ” نادر. في المقابل، يُعتقد أن التوازن المتقطع (مع الانتواع من خلال “تبرعم الفروع budding cladogenesis”) أكثر شيوعًا، لكن بيان ذلك يتطلب معاصرة متحققة ومثابرة لكل من السلف والأنواع المنحدرة منه. كما نوه جولد “يمكننا التمييز بين التقطع في التخلق التجددي مقارنة مع التفرع النوعي من خلال استدعاء المعيار القابل للاختبار وبقاء السلف عن طريق تتبع أصل السلالة الناتجة. إن بقي السلف، فقد نشأت الأنواع الجديدة بالتفرع branching. إذا لم ينجو السلف، فعلينا اعتبار الحالة إما غير حاسمة، أو دليلًا جيدًا على التخلق التجددي السريع – ولكن على أي حال، ليس كدليل على التوازن المتقطع.” (ص 795). نادرًا ما يتم استيفاء هذه المتطلبات بين أحافير أشباه البشر.
أما ما يتعلق بأصل أسترالوبيثكس، فإن التطور السلالي phyletic evolution مع موجة تغيير اتجاه سريع خلال فترة 200000 سنة بين 4.4 و 4.2 مليون سنة مضت لا يزال معقولًا بالنظر إلى العلاقات الجغرافية والزمنية والشكلية من Ar. ramidus أرديبيثيكوس راميدوس و أ.أنامينسيس بلإضافة لفهمنا لتشريح وتطور أسنان الرئيسيات. في الواقع، بالنظر إلى الدليل المتاح، يمكن أن يتضح أن أصل أسترالوبيثكس هو حالة “التخلق التجددي المتقطع “أو” التدرج المتقطع “بدلًا من التطور المستطيل كما عرفه ستانلي.“
لذلك يعترفون بأن متطلبات التطور التدريجي “نادرًا ما تتم تلبيتها بين أحافير أشباه البشر” ولكن تنبأت ورقة وايت وآخرون White et al لعام 2006 أن هذه كانت حالة من التدرج، ولاحظوا سهولة اختبار ذلك: “إذا نجا السلف، فإن الأنواع الجديدة قد نشأت عن طريق التفرع” أي بالتوازن المتقطع.
حسنًا، يُظهر اكتشاف الجمجمة هذا لعام 2019 أن السلف المفترض نجا، لأن أ.أنامينسيس كانت موجودة في حدود 3.8 مليون سنة، بعد 100000 سنة من وجود خلفها المفترض أ.أفارينيسس. كما ذكرت ورقة نيتشر عن الاكتشاف في 2019:
“نوضح أكثر أن أ.أنامينسيس و أسترالوبيثكس أفارينيسس يختلفان أكثر مما تم التعرف عليه سابقًا وأن هذين النوعين متداخلين لمدة 100000 عام على الأقل – وهذا يتناقض مع الفرضية المقبولة على نطاق واسع من التخلق المتجدد – والأهم من ذلك، أظهر جهاز الرنين المغناطيسي أنه وعلى الرغم من فرضية التخلق المتجدد المقبولة على نطاق واسع، لم تظهر أ.أفارينيسس كنتيجة للتحول السلالي. كما يُظهر أن نوعين على الأقل من أشباه البشر عاشوا في شرق إفريقيا قبل حوالي 3.8 مليون سنة، يقدم المزيد من الدعم لتنوع أشباه البشر في منتصف العصر البليوسيني.“
حول حالات الاكتشاف:
على الرغم من أنهم ما زالوا يعتقدون أن هناك علاقة سلف وخلف بين أنامينسيس و أفارينيسس، يجب علينا الآن شطب هذا المثال من قائمة التدرج السلالي “phyletic gradualism” أو كما أطلق عليه وود وجرابوفسكي “أمثلة واضحة للعلاقات بين السلف / الخلف (يعني، أمثلة على التخلق المتجدد). ” أو كما قالت مجلة ساينس ديلي Science Daily:
يتحدى هذا التداخل الزمني الفكرة المقبولة على نطاق واسع للانتقال الخطي بين هذين السلفين المبكرين للبشر – كنا نعتقد أن أ.أنامينسيس تتحول تدريجيًا إلى أ.أفارينيسس بمرور الوقت- ما زلنا نعتقد أن هذين النوعين كان لهما علاقة سلف وخلف، ولكن هذا الاكتشاف الجديد يشير إلى أن النوعين كانا في الواقع يعيشان معًا في مثلث عفار لوقت طويل. [تم اضافة التأكيدات.]
مثال ثالث:
بالمناسبة، بالإضافة إلى أ.أنامينسيس و أ.أفارينيسس و هوموناليدي، هناك مثال ثالث من عقد 2010 حيث شكَّلت عصور أحافير أسلاف البشر مشاكل لنموذج التطور القياسي. أشرنا أيضًا العام الماضي إلى أن دراسة أسترالوبيثكس سيديبا وسجل أحافير أشباه البشر المنشورة في Science Advances توصلت إلى أن هناك احتمال أقل من 0.1 في المائة أن يكون أ.سيديبا من أسلاف البشر. هذا بسبب تأخر ظهور سلالتها المحتملة من جنس هومو بنحو 100000 سنة. بطريقةٍ ما فشلت تلك الدراسة في دخول قائمة سميثسونيان لأهم الاكتشافات في العقد.
هناك ثلاثة اكتشافات كبيرة إضافية للعقد سردها سميثسونيان. هذه تتعلق بمراجعات طفيفة للأعمار التي لا تؤثر بشكل كبير على الدليل العام للتطور البشري: (1) أن تاريخ جنسنا البشري “الإنسان العاقل Homo sapiens” يعود الآن إلى 300000 سنة مضت، (2) أن الأدوات الحجرية تعود إلى 3.3 مليون سنة مضت، و(3) يعتقد الآن أن الإنسان الحديث قد “خرج من أفريقيا” في وقت أبكر، بسبب عظم الفك في إسرائيل الذي يعود تاريخه إلى 174.000 – 185.000 سنة. أول اكتشاف، مرة أخرى، مجرد تعديل طفيف للتواريخ المحفوظة سابقًا، وقد يكون العصر الثاني صحيحًا تمامًا على الرغم من الصعوبة الشديدة في تحديد أعمار الأدوات بدقة. أما بالنسبة للاكتشاف الثالث، فإن مجلة سميثسونيان تضع الأمر على هذا النحو:
” في عام 2018، أعلن الباحثون عن اكتشاف الفك العلوي في إسرائيل الذي بدا مثل جنسنا البشري، الإنسان العاقل Homo sapiens. اتضح أن عمر الفك 174000-185000 سنة. هذا الاكتشاف – مع أخرى من الصين واليونان – يشير إلى أن الإنسان العاقل كان يتجول لمدة قصيرة في أوراسيا قبل فترة طويلة من الهجرة العالمية التي بدأت منذ 70000 سنة.“
وتعليقًا على عام 2018، الذي كان بمثابة “عام مرعب” لعلم الإنسان القديم،كتب جونتر بيكليGünter Bechly:
“يصف مؤلفو هذه الدراسة الجديدة إعادة تأريخ لفك بشري اكتشف في عام 2001 في كهف ميسليا في جبل الكرمل في إسرائيل. بعد إعادة تقييمٍ دقيقةٍ للغاية، باستخدام أساليب تقنيات متطورة، أكد فريق الباحثين الكبير أنه يعود للإنسان الحديث. ومع ذلك، فقد وصلوا إلى تاريخ جديد مفاجئ وقوي لهذه العينة بين 177000و 194000 سنة قبل الحاضر، مما يجعلها أقدم دليل على الإنسان الحديث خارج أفريقيا. المشكلة هي أن السرد القياسي مستمسك بأن الإنسان الحديث نشأ منذ حوالي 200000 سنة في شمال شرق أفريقيا وبعد ذلك بكثير (حوالي بين 60.000 و 70000 سنة) غادر أفريقيا لينتشر في جميع أنحاء العالم (Callaway 2018b). وقد عدت اكتشافات البشر المعاصرين في بلاد الشام قبل هذا الوقت مثل البقايا في كهف سخول وقفزة في إسرائيل بعمر يتراوح بين 80.000 و 120.000 عامًا ومحاولات مبكرة فاشلة لمغادرة أفريقيا ولم تترك نسلًا في وقت لاحق. النتائج الجديدة وغيرها من المكتشفات الحديثة تُظهر أنه لم يعد من الممكن الدفاع عن مثل هذه الفرضيات المخصصة لصرف النظر عن الأدلة المتضاربة. ولهذا نقلت التايمز أوف إسرائيل عن البروفيسور إسرائيل هيرشكوفيتز قوله، “لقد غير هذا كامل مفهوم التطور البشري الحديث. يجب أن يكون السرد الكامل لتطور الإنسان العاقل مدفوعًا إلى الوراء بما لا يقل عن 100.000 إلى 200.000 سنة “. ويعلق كاتب المقال “ على كل حال مع عظم فك كهف ميسليا، تعاد كتابة تاريخ التطور البشري “(BorschelDan 2018، التشديد مضاف).
أين سمعنا هذا سابقاً؟ Dienekes Pontikos (2018) الذي يستضيف واحدةً من أشهر مدونات علم الإنسان القديم ينوه إلى النتائج الجديدة بعنوان “خارج أفريقيا: نظرية في أزمة” ويشير إلى أنها يجب أن تتسبب في إعادة النظر في فكرة الخروج من أفريقيا القائمة حاليًا .” أسمعتم، أسمعتم !“
زوجان أوليان؟
للأسف، فشلت قائمة مجلة سميثونيانز Smithsonian Magazine في ذكر أهم اكتشافات العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في التعرف على قصة أكبر أجابت على سؤالٍ يهم شريحة واسعة من الشعوب: هل نشأ البشر من زوجين أوليين؟ بين عامي 2016 و 2019، تمكن العلماء المؤهلون للمرة الأولى من تطوير نموذج اختبار صارم لوجهة النظر التطورية المفترضة منذ فترة طويلة وهي أن البشر الحديثون ينحدرون في الأصل من عدد كبير من السكان يتكون من آلاف الأفراد. أسفرت هذه الدراسة عن ثلاثة منشورات وجدت في النهاية أنه من الممكن أن تكون نشأة البشر المعاصرون ليس من عدد ٍكبير من السكان ولكن من زوج أولي عاش مؤخرًا منذ 500000 سنوات (أو ربما أقرب، إذا قُلِّصت الافتراضات).
وفقًا للورقة الأخيرة من هذه الدراسة، التي نشرتها في عام 2019 عالمة الأحياء آن غيجر وعالم الرياضيات أولا هافشر Ola Hössjer في مجلة BIO-Complexity، ضمن أبحاث الأصول البشرية “استخدام افتراضات معينة عامة للملاءمة أسيء تفسيرها كما لو كانت استنتاجات تسندها البيانات، بدون اختبار فرضية أصل الزوجين بشكل علمي. ” نموذجهم يحاول اختبار مسألة إمكانية أن تكون البشرية قد نشأت من زوج أولي، وتسعى إلى القيام بذلك عن طريق تقليل الافتراضات”
“نموذج SOC [الأصل الواحد من زوجين] الذي نعتبره مختلفًا عن التفسير السائد لأصل الإنسان في افتراضين فقط: (1) أننا تطورنا باستمرار من غير البشر في أعداد كبيرة من السكان. (2) أن التنوع الجيني يرجع دائمًا إلى طفرات الخلايا الجنسية”.
بدلًا من إجبار النماذج على افتراض أن التنوع الجيني يجب أن ينشأ فقط من طفرات الخلايا الجنسية وأن حجم السكان يجب أن يكون دائمًا كبيرًا جدًا، تسمح ورقتهم بإمكانية ” التمثيل” لـزوجين من البشر “ذوي تنوع بدائي”.
هذه الدراسة هي مثال رائع لكيفية السماح باختبار نموذج من خلال التطبيق العادل لاشتراطات الحدود. وهو يبين على وجه التحديد لماذا من الخطأ استخدام الاستدلال الدائري لافتراض أن شروط الحدود التطورية غير الموجهة هي الخيارات الوحيدة، ثم استنتاج أن النماذج الأخرى خاطئة. بعد تطبيق شروطهم في الحدود وتطبيق رياضيات علم الوراثة السكانية، توصل المؤلفون إلى أنه “على حد معرفتنا العلمية من البيانات الجينية، يمكن أن يكون الجنس البشري قد أتى من زوج واحد، بحيث يمكن لجميع البشر الأحياء اليوم أن يكونوا قد انحدروا بشكلٍ فريد من ذلك الزوج الأول” وجدوا أن هذين الزوجين الأولين من الممكن أنهم عاشوا مؤخرًا قبل 500000 عام. لمزيد من التفاصيل حول هذا البحث، انظر موقع Uniqueoriginresearch.org.
وبالطبع فإن مؤسسة سميثسونيان مرتبطة تمامًا بنظرية تطورية فعالة غير موجهة، كما غدا واضحًا في السنوات الأخيرة في قاعة الأصول البشرية في واشنطن العاصمة ومعرض الأصول البشرية المتجول. فلذا ليس من الغريب أن يتجاهلوا الدراسات التي تحدَّت المعرفة التطورية السائدة، وحورت الاكتشافات في عقد 2010 بشكل إيجابي والتي أضعفت بالفعل الأدلة على تطور الإنسان. على خلاف ذلك، فإن هذه الاكتشافات تظهر أن عقد 2010 لم يكن عقدًا رائعًا لأدلة علم أصول البشر في تطور الإنسان.
ربما في السنوات العشر القادمة سنعيد هذا الحوار – وربما حينها ستمنحنا مؤسسة سميثسونيان جميعًا تحليلًا أكثر موضوعية للأدلة – من يدري ماذا سيجلب العقد القادم؟