- ساوندرا دالتون سميث
- ترجمة: محمد بن عبدالله الجبري
- تحرير: عبدالعزيز بن فرج المسعودي
هل حاولت معالجة إرهاقٍ مستمر بأن تنام كثيرًا لكن الإرهاق ما زال يلازمك؟
إن كنت مررت بهذه التَّجربة؛ فإليك هذا السر: النوم والراحة ليسا شيئًا واحدًا، مع أن كثيرًا من الناس يخلطون بينهما.
لربَّما نعيش حياتنا ونحن نظنُّ أننا أرحنا أجسادنا بعد نيل قسط كافٍ من النوم، ولكننا في الحقيقة لا نحصل على أنواع أخرى من الرَّاحة التي نحتاج إليها؛ ويتسبب هذا في وجود أشخاص يحرصون على الإنتاج والإنجاز ويشعرون في الوقت عينه بتعبٍ دائمٍ وإرهاقٍ مستمر. إننا نعاني من نقص في الرَّاحة لأننا لا ندرك أهميتها الحقيقية.
ينبغي أن نُقسِّم الرَّاحة إلى سبعة مجالاتٍ مهمةٍ في حياتنا، وهي:
الرَّاحة الجسديَّة:
نحتاج بادئ ذي بدء إلى الرَّاحة الجسديَّة سواءً كانت سلبيَّة أو نشطة، فالرَّاحة الجسديَّة السلبيَّة تشمل النوم والقيلولة، أمَّا الرَّاحة الجسديَّة النَّشطة فتتضمن تجديد النشاط باليوغا، وتمارين الإطالة، والتدليك لتحسين مرونة الجسم والدَّورة الدموية.
الرَّاحة الذهنيَّة:
أترى زميلك الذي يبدأ يومه بقدح كبير من القهوة؟ ستجده كثير النسيان، سريع الانزعاج، يصعب عليه التَّركيز في عمله، وعند النوم يواجه صعوبةً في إيقاف عقله عن التفكير، وتتردد على خاطره محادثات النهار، ورغم نوم هذا الزميل سبع أو ثماني ساعات، فإنه يستيقظ وكأنه لم ينم، أي أن لديه نقصًا في الراحة الذهنية.
لحسن الحظ فلسنا مضطرين إلى الاستقالة من وظائفنا أو السفر في إجازة لحلِّ هذا الإشكال. أضف استراحات قصيرة في جدولك كلَّ ساعتين طوال دوامك، فهذه الاستراحات تذكرك بأن تبطئ قليلًا. يمكنك أيضًا أن تضع مفكرةً بجانب السرير لتكتب الأفكار التي تزعجك وتطرد عنك النَّوم.
الرَّاحة الحِسِّيَّة:
الأضواء السَّاطعة، شاشات الحاسوب، الضوضاء، والمحادثات المتعددة -سواء كانت في المكتب أو عبر زوم- قد تشوش حواسنا. تصرفٌ بسيط مثل إغماض عينينا لحظاتٍ في منتصف النَّهار بالإضافة إلى الابتعاد عن أجهزتنا في نهاية اليوم يمكن أن تريح حواسنا. لحظات الحرمان الحسِّيّ المُتعمَّد تستطيع إزالة ضرر عالمنا المليء بالمثيرات.
الرَّاحة الإبداعيَّة:
هذا النوع مهم خاصةً لمن يعملون في حلِّ المشاكل أو العصف الذهنيِّ لابتكار أفكار جديدة.
بهذا النوع من الرَّاحة نعيد إيقاظ الدَّهشة والعَجَب الكامنين في نفوسنا.
هل تذكر أول مرة رأيت الصحراء أو المحيط أو شلَّالًا ما؟ إتاحة الفرصة لنفسك لتتأمل في جمال الطبيعة -ولو كانت في حديقة حيٍّ أو فناء بيتك- يريح حسك الإبداعي، والاستمتاع بالفنون أيضًا جزء من الراحة الإبداعية.
حوِّل مكان عملك إلى مكان ملهم بتعليق صور أماكن تحبها وأعمال فنية تعجبك. لا تتوقع أن تشعر بالحماسة تجاه شيء بعد أن تقضي 40 ساعةٍ في الأسبوع محدِّقًا في الفراغ، ناهيك عن ابتكار أفكار جديدة.
الرَّاحة العاطفية:
وتأمل في حال رجل آخر، ذاك الصديق الذي يحسبه الجميع ألطف إنسان قابلوه في حياتهم. إنه الذي يعتمد عليه كلُّ من حَولَهُ، وهو الذي ستتصل به إن احتجت إلى معروف لأنه حتى لو لم يشأ إسداء هذا المعروف إليك فسيجيبك مترددًا بـ “نعم” بدلًا من أن يصدقك ويقول “لا”. حين ينفرد هذا الرجل بنفسه فإنه يشعر بقلة التقدير وينتابه إحساس بأنه مُستَغلّ.
يحتاج هذا الإنسان إلى الرَّاحة العاطفية، أي اقتطاع وقت ومساحة للتعبير بحرية عن المشاعر والتقليل من إرضاء الناس. وربما تتطلب الراحة العاطفية شجاعةً ليَصدُقَ الإنسان مع نفسه. يستطيع الحاصل على راحة عاطفية أن يجيب على سؤال “كيف حالك؟” بأن يقول صادقًا: “لستُ على ما يرام”، ويشارك بعض المصاعب التي كان سيسكت عنها.
الرَّاحة الاجتماعية:
إن كنت بحاجة إلى راحة عاطفية، فأنت على الأرجح تفتقر إلى الراحة الاجتماعية أيضًا. يحدث هذا عندما لا نفرّق بين العلاقات التي تُنشِّطنا والعلاقات التي تُرهقنا. أحط نفسك بالإيجابيين والدَّاعمين لتعيش في راحة اجتماعية.
وإن كانت تعاملاتك عبر الأثير فيمكنك أن تختار التعمق فيها أكثر بتشغيل كاميرتك والتركيز على الشخص الذي تتحدث إليه.
الرَّاحة الرُّوحيَّة:
وآخِر نوع هو الرَّاحة الرُّوحيَّة، أي القدرة على الاتصال بما وراء المادي والذهني، والشعور بإحساس عميق من الانتماء والحب والقبول والغائيِّة. تواصل مع ما هو أعظم منك لتنال هذا الشعور، واحرص على أن تكون الصلاة أو التأمل أو المشاركة المجتمعيِّة جزءًا من جدولك اليوميّ.
كما ترى، لا يكفي النوم وحده لإعادتنا إلى الشعور بالرَّاحة. حان الوقت أن نبدأ التركيز على نيل النوع المناسب من الراحة وفقًا لاحتياجنا.