- تأليف: قطب الدين الرازي التحتاني (ت: 766هـ)
- عناية: (أبو يعقوب، يوسف بن عمر)
مقدمة
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد ضرب علماء الإسلام على اختلاف البقاع والدهور أروع الأمثلة في تحقيق العلوم وتعميق الأبحاث قصداً للحق و إثراءً للبحث وامتثالاً لأمانة العلم، ومن يطالع كتب التراجم والفهارس والتواريخ لا يكاد يخرج من غُبّتها إلا بكفٍ تمتلئ بأثمن اللآلئ والدرر، ومما اجتنته العلماء من صنوف المعرفة يخرج من قرائحها شرابٌ مختلفٌ ألوانه، ومن ذلك ما صنفه (القطب التحتاني) في تحقيق مسألة الكليات، تلك المسألة الشائكة والشائعة مجهرياً حتى في أدق الأبحاث والمطالب، والضاربة بأطنابها في عمق المجال التداولي الإسلامي، سواء في المنوال الفلسفي والكلامي أو الأصولي أو حتى النحوي واللغوي، وسواءٌ تقريراً وتوظيفاً كالفخر الرازي والأبهري والخونَجي، أو نقداً وتصحيحاً كما يذهب مُصنّف الرسالة وشيخ الإسلام ابن تيمية.
ولما رأيت أن هذه الرسالة جديرة بالعناية والنشر مفردة[1]، فقد عنيت بها خدمة للعلم وشداته بما يسمح به المقام، شاكراً لموقع (أثارة من علم) حرصهم على ذلك، ومن وجد خللاً أو نقصاً فليبعث به على بريدي، وإني له لشاكر، ولله تعالى مستغفر، ونسأل الله تعالى الإخلاص في القول والعمل.
ترجمة المصنف
هو محمد بن محمد الرازي الشافعي المعروف بالقطب التحتاني، تمييزاً له عن قطب آخر كان يسكن أعلى المدرسة الظاهرية، وقيل هو محمود[2]، وكنيته: أبو عبدالله، وقيل: أبو جعفر.
طلب العلم وعُرف باتساع علومه، وإمامتها في العقلية منها، فمن شيوخه: القطب الشيرازي والشمس الأصفهاني والعضد الإيجي.
ومن تلاميذه: مبارك شاه البخاري، والسعد التفتازاني والسيد الشريف الجرجاني.
ولد القطب ببلدة (ورامين) جنوبي مدينة (طهران) كما ذكر بعضهم، وورد إلى دمشق سنة 763هـ واستقر بها حتى مات، قال ابن حجر: «وقدم دمشق فـشَرحَ الحاوي وكَتَـب على الكشاف حاشية وشرَحَ المطالع والإشارات» ولقيه جمعٌ من الفضلاء واستحسنوا مسلكه وعظّموا شأنه، حتى قال عنه ابن كثير «كان أحد المتكلمين العالمين بالمنطق وعلم الأوائل، قدم دمشق من سنوات، وقد اجتمعت به فوجدته لطيف العبارة عنده ما يُقال»[3].
وقال التاج السبكي: «إمامٌ مبرّزٌ في المعقولات، اشتهر وبعُد صيته، ورد إلى دمشق في سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وبحثنا معه فوجدناه إماماً في المنطق والحكمة عارفاً بالتفسير والمعاني والبيان مشاركاً في النحو، يتوقد ذكاء»[4].
وقال عنه الإسنوي: «كان ذا علوم متعددة وتصانيف مشهورة»[5].
وقال ابن تغري بردي: « كان بحراً في جميع العلوم، لا سيما في العلوم العقلية، وله تصانيف مفيدة، منها: شرح الشمسية… وكانت تصانيفه أحسن من تصانيف شيخه العلّامة شمس الدين الأصفهاني»[6].
وقد أورد ابن حجر خبراً قال: «رأيتُ له [للقطب الرازي] سؤالاً سأل فيه تقي الدين السبكي عن قوله e (كل مولودٍ يولد على الفطرة) وجواب السبكي له عما استشكله، فنقض هو ذلك الجواب وبالغ في التحقيق والتدقيق، فأجابه السبكي وأطلق لسانه فيه، ونسبه إلى عدم فهم مقاصد الشرع، والوقوف مع ظواهر قواعد المنطق، وبالغ في ذمِّه بسبب ذلك»[7] وقد كانت وفاة التقي السبكي سنة (756هـ)، وذكر التقي في رسالته (أحكام “كل” وما عليه تدل) أنه فرغ من تصنيفها سنة (732هـ) فلعل هذا الخبر محمولٌ على المراسلة بين القطب والتقي عقب رسالة التقي المشار إليها، والله أعلم.
توفي في ذي القعدة سنة 766هـ ودفن بالصالحية بدمشق[8].
ومن تصانيفه: شرحٌ على مختصر الحاوي الصغير للنجم القزويني في فقه الشافعية، وشرحٌ على المطالع للسراج الأرموي، وشرح الإشارات لابن سينا، والمحاكمات بين شرحي الإشارات للفخر الرازي والنصير الطوسي، وحواشيه على الكشاف للزمخشري، وشرحه الذائع على الشمسية، ورسالتنا هذه، ورسالة في المحصورات، ورسالة في التصور والتصديق.
تحقيق نسبة الرسالة للمصنف:
لا شك في ثبوت نسبة هذه الرسالة للمصنف بكلام المصنف نفسه في شرحه على (المطالع) للسراج الأرموي (682هـ) وذلك في غير ما موضع، فمنها:
- قوله «وتمام التحقيق لهذا المقام مذكور في رسالتنا في (تحقيق الكليات)، فمَن أراد الاطلاع عليه، فلْيطالع ثمة»[9].
- وقوله «وكأنّا أشرنا إلى تفصيل ذلك في رسالة (تحقيق الكليات) فلينظمها مَنْ أراد في سلك المطالعة»[10].
- وقوله « وكأنّا فصلنا هذا البحث في رسالة (تحقيق الكليات) فليقف عليها مَنْ أراد التفصيل»[11].
وهي عين مواضع المسائل من هذه الرسالة.
ونسبها له شارحاً الرسالة شمس الدين محمد الحنفي التبريزي (900هـ)[12]، وأمير حسن الرومي (939هـ)[13] وغيرهما[14].
قيمة الرسالة:
تكتسب رسالة القطب التحتاني أهميتها وقيمتها العلمية من أهمية موضوع الرسالة معرفياً، وسريانه إلى مسائل عقدية وأصولية كثيرة، وتأسُّس كثيرٍ من المباحث عليه، وقد توارد على التنبيه على أهمية الموضوع جمعٌ من العلماء، يقول الغزالي: «…فهذا تحقيق معنى الكلي، وهو من أغمض ما يُدرَك، وأهم ما يُطلب، إذ جميع المعقولات فرعٌ لتحقيق هذه المعاني، فلا بد من تعيينها»[15].
وقال شيخ الإسلام: «…وإنما نبهنا هنا على هذا؛ لأن كثيراً من أكابر أهل النظر والتصوف والفلسفة والكلام، ومن اتبعهم من الفقهاء والصوفية، ضلوا في مسألة وجود الخالق التي هي رأس كل معرفة، والتبس الأمر في ذلك على من نظر في كلامهم لأجل هذه الشبهة، وقد كتبنا في مسألة (الكليات) كلاماً مبسوطاً مختصاً بذلك، لعموم الحاجة وقوة المنفعة وإزالة الشبهة بذلك»[16].
ولعلوِّ كعب مصنّفها في العلوم العقلية كما مر، ولكون هذه الرسالة من أقدم المصنّفات المستقلة التي وصلتنا في هذا الموضوع.
هذا ويسترعي انتباه الناظر فيها: تقارب ما ذهب إليه المصنف مع ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في المسألة، وهذا موضع بحث يجب تحريره.
ولم يمر تقرير المصنف في الدرس المنطقي مرور الكرام، فلقد تابع البعض كالشريف الجرجاني قول المصنف وإن تراجع عنه في بعض رسائله[17].
وكذا السعد التفتازاني في شرحه على الشمسية إذ يقول: «والحق أن الكلي الطبيعي موجودٌ في الخارج بمعنى: أن في الخارج شيئاً تصدق عليه الماهية التي إذا اعتُبر عروضُ الكلية لها= كانت كلياً طبيعياً، كزيد وعمرو، وهذا ظاهر…وأما أن تكون الماهية -مع اتصافها بالكلية واعتبار عروضها له- موجودةً فلا دليل عليه، بل بديهة العقل حاكمةٌ بأن الكلية تنافي الوجود الخارجي»[18].
ولكن هذا لم يستمر، فالذي يظهر أن التفتازاني قد عدل أخيراً إلى قول الجمهور مخالفاً بذلك المصنف، يقول في متن التهذيب «والحق أن وجود الطبيعي بمعنى وجود أشخاصه»[19] والظاهر من هذا اللفظ تغيّر موقف السعد، والله أعلم.
ولقد عارض محب الله البهاري صاحب (مسلم الثبوت) قول المصنف بعبارة لاذعة، يقول في (سلم العلوم) : «وذهب شرذمة قليلةٌ من المتفلسفين إلى أن الموجود هو الهوّية البسيطة أو الكليات منتزعات عقلية»[20] قال شارحه عبدالعلي اللكنوي: «…المتفلسفين الذين ليسوا بفلاسفة حقيقةً، ومنهم شارح المطالع، وكان السيد المحقق أولاً متابعاً له، لكن يظهر من بعض رسائله أنه قُدس سره رجع عن هذا القول»[21].
تنبيه:
إن للقطب الرازي في هذه المسألة قولان:
قولٌ تحقيقي، وهو ما أداه إليه اجتهاده ونظره في المسألة، وهو ما وضع لأجله هذه الرسالة، وما قرره في شرح المطالع.
وقولٌ تعليمي، وهو ما ذهب إليه في شرح الشمسية[22]، إذ راعى فيه ما اشتهر وراج في الدرس وما عليه النجم الكاتبي، ولقد تابعه الشريف الجرجاني ثمَّ ولم يتعقبه.
منهج العناية برسالة تحقيق الكليات
لقد يسر الله تعالى الوقوف على بعض النسخ الخطية، انتخبت منها ما يلي:
(أ) رمزاً لمخطوطة جامعة الملك سعود برقم (2631)، عليها تملك حسن الجبرتي ت (1096هـ).
(ب) رمزاً لمخطوطة جامعة أم القرى برقم (15926) وقف مكتبة فيض الله أفندي عام (1112هـ).
(ج) رمزاً لمخطوطة مكتبة مجلس الشورى الإيراني بآخر كتاب (الشواهد الربوبية) لملا صدار برقم (311100).
(د) رمزاً لمخطوطة مكتبة مجلس الشورى الإيراني بآخر كتاب (شرح المطالع) برقم (3960).
(ه) رمزاً لمخطوطة مكتبة السليمانية، آيا صوفيا، ضمن مجموع في المنطق، برقم (2567).
وسلكت في العناية بها منهج النص المختار، وأثبتُ في المتن ما اتفقت عليه النسخ المشار إليها، وأشرت لخلافه في الحاشية، عزوت النقل ووثقته من مصادره وعيّنتُ من أبهمهم المصنف.
صور لبعض النسخ الخطية
النص المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله مخترع ماهيات الأشياء وهوياتها، المطّلع على كليات الأمور وجزئياتها، فاطر العقول والحواس ومبدع الأنواع والأجناس، والصلاة والسلام على رسوله محمد الذي جنس فضله فصلٌ مقوّمٌ للأديان، ونوع عدله جنس مقسم للإحسان، وعلى آله الخاصِّين فضلاً وعلماً، والعامِّين كرماً وحلماً، وبعد:
فقد التمستَ مني أيها الحريص على تحقيق الحق، الراغب إلى تصديق الصدق، المستكشف عما وراء حجب الأشكال بجودة القريحة، المستطلع طلع مكامن الوجود بصفاء الرويّة، فهو جدير بأن تسمو إليه أعناق الهمم العوالي، والحري بأن تصرف فيها الأيام والليالي، وفقك الله لكشف الأستار عن وجوه الحقائق والأسرار- أن أحرر لك رسالة في تحقيق الكليات، وأتلو عليك ما فيها من الآيات البينات، منظّماً لآليها في عقد البيان، ومدمِّثاً وعورها البرهان، فها أنا مع ما تعلم من تزلزل الحال، وتشاغل البال واعتلال الخاطر وكلال الناظر أتصدى لتحقيق أملك وقضاء مؤملك، مستثيراً لبيان أصول القريحة والذكاء، ومخلفاً في استجلاء أسرارها كل شجراء ومرداء، فاعلاً ذلك ليوصلك إلى كنه حقيقتها، ويوفقك إلى ذروة غايتها، وهي التي إذا تغلغل فيها ذهنك النقاد، واجتلت بصيرتك الجهاد، وأزجيت بحذاء التوفيق وعبرت بسفائن التوفيق إلى سواحل بحار التدقيق:
فيها معالمُ للهدى ومصابحٌ
تجلو الدجى وصياقل الأذهان[23]
هذا والكلام هاهنا على قواعد وخاتمة ووصية، والله الموفق.
القاعد الأولى: في تحقيق مفهوم اشتراك الكلي بين الجزئيات
إن قوماً[24] حسبوا أن معنى اشتراك الماهية[25] بين كثيرين أنها بعينها موجودة فيها[26].
وحسبانهم هذا باطل.
أما أولاً: فلأنه يلزم وجود أمر واحد في محالٍّ متكثّرة.
وأما ثانياً: فلإفضائه إلى اتصاف الأمر الواحد بالصفات المتضادة.
وهما محالان، ويمكن أن نمنع الاستحالة بــأنها تكون أن لو كان الواحد بالشخص.
والمعتمد في ذلك ما سيأتي، من أنه لو كان كذلك لكان وجود الكلي مغايراً لوجود جزئياته، وأنه محالٌ.
بل معناه: أن صورتها العقلية مطابقةٌ لكل واحد من جزئياتها.
ومعنى المطابقة: مناسبة مخصوصة لا تكون لسائر الصور العقلية.
فإنا إذا تعقّلنا مثلاً (زيداً)، يحصل في عقلنا أثرٌ ليس ذلك الأثر هو بعينه الأثر الذي يحصل في العقل عند تعقلنا (سكاب)[27] مثلاً.
ومعنى المطابقة لكثيرين: أنه لا يحصل من تعقُّل كل واحدٍ منها أثرٌ متجددٌ بل يكون الحاصل في العقل من تعقُّل كل واحدٍ هي الصورة الواحدة على تلك النسبة المخصوصة.
فإنّا إذا رأينا (زيداً) حصل منه في أذهاننا الصورة الإنسانية المعرَّاة عن اللواحق، وإذا أبصرنا بعد ذلك (خالداً)، لم يقع منه صورة أخرى، بل الصورة الحاصلة فيه هي الصورة الأولى بعينها.
بخلاف ما إذا رأينا (سكاب).
واستوضِح[28] ما لُـوِّح به إليك من خواتم منتقشةً انتقاشاً واحداً، لا يلوح منها في الشمعة إلا نقشٌ واحدٌ، فنسبته إلى تلك الخواتـِم نسبة الكلي إلى جزئياته، حيث لم يحصل أثرٌ متجددٌ.
ولما تحقق أن (الاشتراك) هو: المطابقة لأمور متعددة -ولا شك أنها لا تحصل للماهية إلا في الذهن- فالاشتراك[29] لا يحصل[30] لها إلا في العقل.
***
فلئن قلتَ: الصورة العقلية صورة شخصية، [في نفسٍ شخصية][31] فكيف تكون كلية؟
فنقول: الصورة العقلية لها اعتباران:
الأول: اعتبار ذاتها، ولا شك أنها جزئية بهذا الاعتبار.
والثاني: اعتبار أنها صورة ومثال لا يتأصّل في الوجود، بل هو كالظلّ لأمورٍ، وهذا الاعتبار مطابقٌ لها فتكون كلية.
فقد عُلم أن شخصيتها لا تنافي كليتها، وفيه نظر.
والحق في الجواب:
أن الصورة تطلق بحسب الاشتراك اللفظي على معنيين:
الأول: على كيفيةٍ تحصُل في العقل، وهي آلة التعقُّل.
الثاني: على المعلوم، أعني المتميز بواسطة تلك الصورة في الذهن.
ولا شك أن الصورة بالمعنى الأول صورةٌ شخصيةٌ [في نفسٍ شخصية][32]، لكن الكلية لا تعرِض لها، بل الكلية هي[33] الصورة العقلية بالمعنى الثاني، فإن الكلية ليست تعرض لصورة الحيوان التي هي عرضٌ حالٌ في العقل[34]، بل للحيوان المتميز في العقل عن غيره، وكما أن الصورة الحالة في العقل مطابقة للأمور، كذلك الماهية المتميزة في العقل مطابقةٌ لها، ومن لوازمها أن الصورة إذا وجدت في الخارج لكانت عين الأفراد، وأن الأفراد إذا وجدت في الذهن لكان هي هي، وهذا اللازم لا يثبت للصورة الحالّة[35]؛ لأنها موجودة[36] في الخارج، ويستحيل أن تكون عين الأفراد.
ولا شك أن اختلاف اللوازم يدل على اختلاف الملزومات .
ومن ههنا تبين لك أن تفسير الاشتراك بين كثيرين بالصدق عليها، أعني: الاتحاد في الوجود والتغاير بالمفهوم، تفسیرٌ باللازم.
القاعدة الثانية: في تلخيص مفهومات الكليات الثلاث[37]
إذا قلنا: «الحيوان کلي»، فهناك أمور ثلاثة (الحيوان) ومفهوم (الكلي) من غير إشارةٍ الى مادةٍ من المواد، و(الحيوان الكلي)[38].
فالأول: هو الكلي الطبيعي.
والثاني: الكلي المنطقي، (وما یوجد في کتب المتأخرين[39]، أن الكلية هي الكلى المنطقي غلط بل هي مبدأه[40].
والثالث: الكلي العقلي.
ومما يجب أن تعلم، أن قول (الكلي) على هذه المفهومات الثلاثة إنما هو بالاشتراك اللفظي والكلي من بينها هو الكلي الطبيعي.
وأما الكلي المنطقي فهو بالنسبة إلى موضوعات الطبيعي ليس بكلي، بل بالقياس إلى موضوعاته.
وأما الكلي العقلي فهو ليس الكلي أصلاً لأنه لا فرد له!
ومن ههنا ترى علماء المنطق قسموا الجزئي إلى: جزئي بالشخص، وجزئي بالعموم.
وعدُّوا مثل قولنا (الإنسان نوع) و(الحيوان جنس) من القضايا المخصوصة.
القاعدة الثالثة: في وجود الكلي في الخارج
إن أُريد به أن أمراً في الخارج إذا حصل في العقل يعرض[41] له الكلية، فذلك حقٌ لا يمكن إنكاره.
وإن أُريد أن أمراً في الخارج يصدق عليه الكلي في الخارج:
فإن عُني بالكلي ما لا يمنع نفس تصوُّره من وقوع الشركة، فذلك حق أيضاً.
وإن عُني به المشترك بين كثيرين، فلا خفاء في أنه لا وجود له؛ لأن كل موجود في الخارج مشخّص، ولا شيء من المشخّص بمشترك بين كثيرين.
القاعدة الرابعة: في أن الماهية المركبة من الجنس والفصل ليس تركيبها خارجياً
اختلف الناس فيه على مذاهب ثلاثة:
المذهب الأول: أن الجنس والفصل جزءان للنوع في الخارج متمايزان عنه بحسب الحقيقة والوجود، إلا أنه لا تمايز بينهما في الحس[42].
المذهب الثاني: أنهما جزءان خارجیان متمایزان بحسب الذات متحدان مع النوع في الوجود، وهو مذهب أكثر المتأخرين[43].
المذهب الثالث: أن النوع بسيطٌ في الخارج، والتركيب إنما هو في العقل.
وهو مذهب أهل التحقيق.
فنقول:
أما المذهب الأول: فباطل، وإلا لامتنع حمل الجنس والفصل على النوع؛ لاستدعاء الحمل: الاتحاد في الوجود.
وفيه منعٌ جدلي، وهو أنا لا نسلّم استدعاء الحمل الاتحاد في الوجود، بل الاتحاد في الذات.
وهذا الاتحاد فيه متحقق، فإن هناك ذاتاً إذا أُخذ مع الصفة الجنسية فهو (جنس)، وإذا اعتبر[44] مع الصفة الفصلية فهو (فصل)، وإن أُخذ معهما فهو (نوع)، فهنا موجوداتٌ ثلاثةٌ متحدةٌ في الذات متغايرةٌ في الوجود.
وأما المذهب الثاني: فباطل، لوجهين:
الأول: أنه لو كانت متحدةً في الوجود لقام العرض الواحد بمحالٍّ متعددة.
فإن قلتَ: لم لا يجوز أن يقوم بمجموع الجنس والفصل لا بكلٍ منهما؟
قلت: فلا يكون كلٌ منهما موجوداً، بل المجموع هو الموجود، وهو محال[45].
الثاني: أن النوع لو كان مركباً في الخارج منهما لتقدما عليه في الوجود؛ ضرورة أن الجزء الخارجي ما لم يتحقق أولاً وبالذات لم يتحقق الكل، وحينئذٍ يكون مغايراً له في الوجود.
وإذا قد بان فساد المذهبين الأوليين، ظهر لك أن الحق هو المذهب الثالث.
وأنت إذا أمطتَ عن البصر الحجاب، وكشفت عن البصيرة النقاب، وأودعت النفسَ إمعان النظر وإنعام الفكر[46]، ينجذب إليك الحق وينجلب عندك أفاويق الصدق، منادياً:
هل يسمع[47] ذا فطرة سليمة أن يقول: الشخص[48] في الخارج أمور متكثرة من النوع والأجناس العالية والمتوسطة والسافلة وفصولها؟!
وإذ قد تحققت أن «الشخص في الخارج أمرٌ بسيطٌ لا تركيب فيه»:
فاعلم أن العقل ينتزع منه صورة متعددة مترتبة بالعموم والخصوص بحسب استعدادات مختلفة واعتبارات شتى، فتحصل في العقل:
أولاً (صورة شخصية) (مطابِـقة لهوية الشخص لا تنطبق على هوية أخرى[49].
ثم تحصل صورةٌ أخرى تنطبق على أبناء نوعه وهي (الصورة النوعية).
ثم صورةٌ أخرى تنطبق على أبناء جنسه وهي (الصورة الجنسية) القريبة.
وهكذا إلى الجنس العالي، هذا بحسب التركيب.
ثم إذا رجع العقل بطريق التحليل وفتّش الصورة الجنسية المتوسّطة وجدها ملتئمة من (الصورة الجنسية العالية) و(صورة فصلية)، وكذلك فصَّل الصورة الجنسية القريبة إلى (الصورة الجنسية المتوسطة) و(صورة أخرى فصلية)، وكذلك النوع.
وفصَّل (الصورة الشخصية) إلى (الصورة النوعية) و(صورة الشخص) التي بها امتاز تلك الهوية عنده عن سائر الهويات وذلك لأنك تعلم أن الجنس البعيد مالم ينضم إليه الفصل لم يحصل الجنس المتوسط، وكذلك الجنس المتوسط ما لم يقارنه الفصل: لم يتحقق الجنس القريب، وكذلك النوع والشخص.
ولنوضّح ما لوّح به إليك بمثال وهو:
إنَّا إذا رأينا (زيداً) حصل في عقولنا بحسب رؤيته في ذاته صورة شخصية لا تنطبق إلا عليه.
وبحسب رؤيته ورؤية (عمر) و(بکر) صورة (الإنسان).
وبحسب رؤيته ورؤية بعض أفراد الفرس صورة (الحيوان).
وبحسب رؤيته ورؤية بعض أفراد (النبات) صورة الجسم النامي وهكذا إلى الجوهر.
وتحليل الصورة يفيدك صورةً فصلية.
بقي ههنا سؤالان:
الأول: أن هذه الصورة لا شك أنها مختلفة في الماهية، فلو كانت مطابقةً للشخص الخارجي يلزم مطابقة أمور مختلفة لأمرٍ واحد، وأنه محال.
وهذا الإشكال إنما ورد من الاشتراك اللفظي في الصورة، فإنه يقال أيضاً للصورة في المرآة وللنقش على الجدار أنه (صورة)، وعلى هذا لا يمكن أن يكون لأمرٍ واحدٍ صور مختلفة.
أما إذا كان المراد بها (كيفية انفعالية تحصل للنفس) أو (الأمر المتميز عند النفس بواسطتها) فلا نسلم امتناع ذلك.
الثاني: أنه كما يحصل في النفس من الشخص صورة ذاتية كذلك يحصل (صورة عرضية)، فكيف يفرق بينهما؟
فالجواب: أن صور العرضيات مأخوذة من الأعراض، وصور الذاتيات إنما هي مأخوذة من الذوات، فتبين الفرق.
ثم أنك إذا استوریتَ زناد البصيرة[50]، واضرمت جمرة الرؤية، علمتَ ما منشأ غلط الطائفتين الأوليين، إذ لا یبنی وجدان صور مختلفة في العقل بأن لها أمورة مطابقة في الخارج.
لكن التحقيق كما تری يزحزح الحجاب فارقاً بين الأمور الذهنية والخارجية، وهو الذي بلغ[51] في الغموض إلى حيث قصر المعلم الأول الحكمة عليه قائلا: «لولا الاعتبارات لارتفعت الحكمة»[52].
وإذا قد بان لك أن الأجناس والفصول ليست أجزاءً للنوع في الخارج، ولا شك أنها موجودة في الخارج ولیست خارجة عن النوع، فتعيّن أن يكون نفس النوع في الخارج وإنما المغايرة في[53] العقل.
فلعلك تقول: هب أن النوع في الخارج ليس بمركبٍ من الجنس والفصل، لكن يجب أن يتركب من مبدئهما، فكما أن مبادئ العرضيات موجودة، واشتق منها العقل وصفاً حتى تصير محمولةً، فكذلك يجب أن يوجد مبدأ الجنس والفصل ويشتق منهما فيصيران محمولين، وإلا فما بال بعض المحمولات صار ذاتياً والبعض عرضياً؟
ومن ههنا ذكر الحكماء أن: «المادة مبدأ الجنس، والصورة النوعية مبدأ الفصل».
فنقول: لا يجب ذلك، فإن النوع عندهم مركب من جنس وفصل مع أنه بسيط في الخارج.
وأما الفرق فقد تقرر في عرفانك آنفا.
وذهب بعض العقلاء[54] إلى أن:
كل مرکبٍ في العقل فهو مركب في الخارج؛ معللاً بأن الجنس إذا تنوّع فإما أن ينضم إليه شيء أو لا.
والثاني محال، وإلا لكان الجنس هو النوع من كل الوجوه وأنه محال.
والأول إما أن يكون جزء للنوع أو لا.
والثاني يقتضي أن يكون الفصل عرضياً وأنه محال.
والأول يقتضي تركُّب النوع، وأنت مما سلف خبير بجوابه.
القاعدة الخامسة: في بيان تحصيل النوع وعدم تحصيل الجنس وعلّية الفصل له
لا خفاء في أن الصورة الجنسية، إذا حصلت عند العقل ترددَ العقلُ في أن هذه الصورة: أي شيء هو من أنواعها؟
مثلاً: صورة (الحيوان) إذا حصلت عند العقل يتردد في أنها تطابق أي شيء؟ هل هو (إنسان) أو (فرس) أو (بقر) أو غير ذلك.
ثم لما انضم إليها صورة الفصل يحصل صورة مطابقة لتمام الماهية.
وبيان ذلك: أن العقل في الصورة التي يدركها بمجرد نفسه لا بالآلات الحسية والخيالية يقف إلى حدٍ هو الماهية النوعية.
فإذا حصل من الصور صورة مطابقةٍ لها انتهت سلسلة التصورات[55].
فالصورة الجنسية ليست تامة بل ناقصة ويكملها صورة الفصل، وليس معنى العلّية إلا هذا التكميل وإزالة الإبهام.
وتختلف مراتب التكمیل ورفع الإبهام بحسب اختلاف مراتب الجنس، فإن الجنس الأعلى فيه إبهام عظیم ومتی انضم معه فصل يقل إبهامه ثم يتناقص الإبهام ويزداد الكمال بضم فصل فصل إلى النوع.
مثاله:
إذا تصورت من جسمٍ أنه لا في موضوعٍ فقد حصل في العقل صورة (الجوهر)، ويقع التردد في أنها هل تطابق المادة أو الصورة أو العقل أو النفس أو الجسم؟
فإذا انضم إليها ذو أبعاد ثلاثة حصل صورة الجسم ويرتفع ذلك الإبهام العظيم، ويقع التردد في أنها: هل تطابق النبات أو الجماد أو الحيوان؟
ثم إذا اقترن بهما فصل النبات ارتفع ذلك الإبهام، وهكذا إلى النوع.
وكأنك تقول: هذا الإبهام والتردد العقلي موجودان في النوع أيضاً فكيف لاح أن يكون ماهية الجنس غير محصِّلة وماهية النوع محصِّلة؟
فنقول: المراد بـ«أن ماهية النوع محصِّلة في العقل» أنها: لا تحتاج في ارتفاع إبهامه إلى انضمام کلي آخر، ولا شك أنه كذلك، فإنه آخر سلسلة الكليات.
فهذه هي القواعد الخمس التي لو انتهيت إلى غاياتها ووقفت على نهاياتها حصحص لك نفایس تجلو هذا الخاطر، واستشفعت منها لطايف يتجلى في الباطن وتجلى الناظر.
زادنا الله وإياك اطلاعاً على حقائق الوجود، إنه مفيض الوجود.
الخاتمة
لما أتقنت ما وقع لك من تحقيق الكليات، وسمعت ما تُلي عليك من الآيات البيِّنات، فكأني بك قد جئتُ إليك الآن ما يطلعك على مزالِّ الأقدام، ويوقفك على مسارح الأوهام، تمریناً لذهنك النقّاد، وتصقيلاً لخاطرك الوقّاد، فلنشرع في إيراد شبهٍ على القواعد السابقة وحلِّها بالأجوبة اللايقة لعلك تلقى ظرایف ثمارها، إذا اطلعت على طلع أشجارها، تخوذ خزائن أسرارها حتى تفوز بتعرف شجرة نارها فنقول والله الموفق للصواب.
الشبهة الأولى: ما أُورد على تفسير (الاشتراك) بأنه «المطابقة للكثيرين» وهو: أن شخصاً إذا تصوّره طائفة[56] من الناس يكون مطابقاً للصور الذهنية؛ لأن المطابقة بين بين، فيجب أن يكون الشخص كلياً.
والجواب: أن الكلية[57] ليست هي المطابقة مطلقاً، بل مطابقة مفهومٍ في النفس لكثيرين.
وقد صرّح الشيخ بذلك في (الشفا)[58].
الشبهة الثانية: ما أورد على تفسير (المطابقة لكثيرين) حيث فُسرت بأن يحصل منها بعد تجريد التشخّصات صورة وحدانية[59] في العقل فنوقض بالكليات العرضية، فإن الأشخاص إذا تجرّدت عن التشخّصات لم يحصل في العقل إلا النوع لا العرض.
والجواب: أن المطابقة إنما اعُتبرت بالنسبة إلى الأفراد الاعتبارية التي هي الحصص، ولا شك أنها إذا حُذفت عنها التشخصات تبقي الكليات العرضيات.
الشبهة الثالثة: ما اعترض به على قولهم: «النوع نفس ماهية الأشخاص، والجنس والفصل جزءاها». فقيل هذان الحكمان مما لا يجتمعان؛ لأنهما:
إن كانا بالقياس إلى الخارج فالجنس والفصل كالنوع نفس الشخص، فينتفي الحكم الثاني.
وإن كانا بالقياس إلى العقل فالنوع كالجنس والفصل جزء الشخص، فينتفي الحكم الأول.
فالافتراق ثابت.
فالجواب: أما على رأي من رأى أن التركيب من الجنس والفصل خارجي، فهو أن نختار الشق الأول ونمنع أن الجنس والفصل نفس النوع في الخارج بل جزءا النوع في الخارج، والنوع هو عين الشخص في الخارج؛ لأن الشخص في الخارج هو معروض التشخّصات عندهم.
وأما على رأي أهل التحقيق فبأن نختار الشق الثاني ونمنع أن النوع جزء ماهية الشخص، فإن الماهية إنما تطلق على الأمور العقلية التي هي الكلي، فلنكتفِ بهذا القدر في هذا المقام.
فإن الإطناب مما لا يستطاب والإيجاز مما يؤثَر ويجاز.
الوصية:
أيها الموصوف بتلاطم أمواج فكرته، المعروف بتراكم أفواج معرفته، إني نصبتُ لك أعلاماً متى أنتجتها تدرء الشبهة في مظانّ الزلل، واشتعلت لك نيراناً متى تنوّرتها تأمن من العثار في غياهب الخطل، وألقيتُ إليك لطايف أبحاث لا تكاد توجد في مطاوي كتاب، وعرضتُ عليك دقايق أسرار لا تشارف أن تسمع من علماء الأعصار، فامنعها من المتفلسفين والجاهلين، وانعم بها على المستعدين والفاضلين.
فمن منح الجهّال علماً أضاعه
ومن منع المستوجبين فقد ظلمْ[60]
وفقنا الله وإياك لدرك الحق، وثبّت أقدامنا وأقدامك على مقامات الصدق[61]، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، والله أعلم[62].
[1] اعتنى بها في إيران أ. سيد حسين سيدرسوي فحققها في العدد رقم (79) من مجلة (خردنامة صدرا) الإيرانية، وطبعت في تركيا عام 2013م مع شرحي الشمس الحنفي وأمير الرومي من منشورات وكالة النشر التركية (Türkiye Yazma Eserler Kurumu)، وقد اقتصرت عنايتهما على ضبط النص مع الوقوع في الخلل في بعض المواضع، وشرح الغريب.
[2] طبقات الشافعية للإسنوي (1/ 155).
[3] ذكر ابن قاضي شهبة في طبقاته (3/ 136) وابن العماد الحنبلي في شذراته (8/ 354) أن ابن كثير ترجم له، ولم أقف عليه في المطبوع من (البداية والنهاية)، والله أعلم.
[4] طبقات الشافعية الكبرى (9/ 273).
[5] طبقات الشافعية للإسنوي (1/ 155).
[6] النجوم الزاهرة لابن تغري بردي (11/ 87).
[7] الدرر الكامنة (6/ 99).
[8] انظر ترجمته: في طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (9/ 273) طبقات الشافعية للإسنوي (1/ 155) الوفيات لابن رافع (2/ 299) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (3/ 136) الدرر الكامنة لابن حجر(6/ 99) النجوم الزاهرة لابن تغري بردي (11/ 87) بغية الوعاة للسيوطي (2/ 281) شذرات الذهب لابن العماد (8/ 355).
وترجم له بعض الشيعة واختلفوا فيه، انظر: خاتمة مستدرك الوسائل للميرزا النوري الطبرسي (2/ 353) الفوائد الرضوية لعباس القمي (2/ 950) وذهبا إلى أنه على كان مذهب الإمامية، وذهب الميرزا الخوانساري في روضات الجنات (6/ 38) إلى نفي نسبته إلى الإمامية، والله أعلم.
[9] شرح المطالع (1/ 153).
[10] شرح المطالع (1/ 189).
[11] شرح المطالع (1/ 305).
[12] شرحه (44) ضمن مجموع (رسالة في تحقيق الكليات) المطبوع بتركيا، وانظر: جامع الحواشي والشروح (1/ 93).
[13] شرحه (112) ضمن مجموع (رسالة في تحقيق الكليات) المطبوع بتركيا.
[14] انظر: كشف الظنون (1/ 886) هدية العارفين (2/ 163) جامع الحواشي والشروح (1/ 93).
[15] معيار العلم (468).
[16] منهاج السنة النبوية (2/ 595).
[17] لم أقف على ذلك، وأفاد بتراجعه عن قول المصنف عبدالعلي اللكنوي في شرحه على سلم العلوم (324) على أن الشريف قرر مذهب الجمهور في حاشيته على شرح القطب على الشمسية تبعاً للقطب.
[18] شرح التفتازاني على الشمسية (174).
[19] تهذيب المنطق (187).
[20] متن سلم العلوم بشرح عبدالعلي اللكنوي (323).
[21] شرح عبدالعلي اللكنوي على سلم العلوم (324).
[22] شرح القطب الرازي على الشمسية (170-171) بحاشية الجرجاني.
[23] لم أجده بهذا النظم منسوباً لأحد، وقد كرر المصنف الاستشهاد به في مقدمة شرحه على المطالع (1/ 5)، ولابن الرومي نحوه إذ يقول:
آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم
في الحادثات إذا دجونَ نجومُ
—
فيها معالم للهدى ومصابحٌ
تجلو الدجى والأخريات رجومُ
انظر: تحرير التحبير (189)، نهاية الأرب (3/ 198) وورد في ترجمة ابن الرومي في وفيات الأعيان (3/ 359) وسير أعلام النبلاء (13/ 496).
[24] انظر: أفضل الدين الخونَـجي في كشف الأسرار عن غوامض الأفكار (35-36) حيث يقول: «الطبيعي لا شك في وجوده في الأعيان لكونه جزءاً من الأشخاص الموجودة في الخارج…والذي يدل على وجود الكلي ضمن الجزئيات في الخارج: أن الحيوان -مثلاً- لاشك في وجوده في الخارج لكونه جزءاً من هذا الحيوان الخارجي، والحيوان الذي هو جزء هذا الحيوان: إما نفس الحيوان من حيث هو من غير قيد آخر معه، أو معه قيدٌ آخر، فإن كان الثاني اشتمل على الحيوان وعاد التقسيم وينتهي إلى القسم الأول، فإذن الحيوان -بلا شرط شيء- موجودٌ في الخارج، وهو بحيث لا يمنع نفس تصوره من الشركة، فقد وُجد في الخارج ما يكون نفس تصوّره مانعاً من الشركة، فقد وُجد الكلي في الخارج».
[25] الـمُثـبَت ما في: [أ، ج، د، ه] وفي [ب] (الكلي).
[26] أي في الجزئيات، والضمير يعود إليها منذ عنوان القاعدة.
[27] (سكاب) علمٌ على فرس معيّنة من خيل بني تميم، فارسها عُبيدة بن ربيعة التميمي ذكرها أبو عبدالله الأعرابي (ت231) في (أسماء خيل العرب وأنسابها: 39) وكان ملك الروم طلبها من عبيدة فمنعه إياها، وقال (كما في حماسة أبي تمام) :
أبيتُ اللعن إن (سكاب) عِـلقٌ
نفيسٌ لا تعـــار ولا تباعُ
وفي هامش (ب) : سكاب مبنيٌ على الكسر، علمٌ على فرس مخصوصة.
[28] المثبت ما في: [ب، د] (واستوضِح) بهمزة وصل، وكسرة على الضاد، على الأمر بضمير مستتر تقديره أنت، وفي [ج] (فاستوضح) بلا كسر، وفي: [أ] (وأستوضِح) بهمزة قطع، بضمير مستتر تقديره أنا، أي وأطلبُ توضيح ما ذُكر بمثال: الخواتم ذات النقش الواحد، وفي [هـ] (ولنوضح).
[29] المثبت ما في: [ج، هـ، د] وفي: [أ، ب] (والاشتراك).
[30] في: [أ، ج، د] (يعرض) وفي: [ب] (يحصل).
[31] المثبت ما في: [أ، د، هـ] وليس في: [ب، ج].
[32] المثبت ما في: [أ، ج، د، هـ] ليس في: [ب].
[33] المثبت ما في: [أ، ب، د، هـ] (الكلي هو)، وسقط من [ج] قوله (…لها، بل الكلية هي الصورة العقلية بالمعنى الثاني، فإن الكلية ليست).
[34] المثبت ما في [أ، ج، د، هـ] وليس في: [ب].
[35] في [هـ] (الحالة في العقل) وليس في [أ، ب، ج، د].
[36] في: [ج] (لأنها لو كانت موجودة في الخارج) وليس في [أ، ب، د، هـ].
[37] الـمُثبَت ما في: [أ، هـ] وفي في [ب، د] (في تحقيق مفهومات) وفي [ج] (تلخيص مفهوم).
[38] في: [ب] (…إلى مادة من المواد والكلي) وليس في [أ، ج، د، هـ].
[39] انظر: منطق الملخص للفخر الرازي (37) كشف الأسرار لأفضل الدين الخونَـجي (35) شرح النصير الطوسي على الإشارات (1/ 156، 202) الرسالة الشمسية للنجم الكاتبي، وقد نقد ذلك المصنف في شرحه على الشمسية (168) وفي شرح المطالع (1/ 182).
[40] المثبت ما في: [أ، ج، د، هـ] وليس في: [ب].
[41] المثبت ما في: [أ، د، ه] وفي: [ب] (تحصل) وسقط من [ج].
[42] المثبت ما في: [ب، هـ] وفي: [أ] (في الجنس)، وفي [ج] (في الوجود الحس) وضُرب على (الوجود) بخط، وفي [د] (في الخارج).
[43] انظر: كشف الأسرار لأفضل الدين الخونَـجي (35).
[44] المثبت ما في: [أ، هـ] وفي [ب] (اعتبرت) وفي [ج] (اخذ).
[45] المثبت ما في: [أ، ب، ج، د] وفي: [هـ] (خلف).
[46] المثبت ما في: [أ، ب، ج، د] وفي: [ه] (استقامة الفكرة).
[47] المثبت ما في: [أ، ب] وفي [د، هـ] (تسمع) وسقط من [ج].
[48] المثبت ما في [أ، ج، د، هـ] وفي: [ب] (المتشخص).
[49] المثبت ما في [أ، ج، د، هـ] وليس في: [ب]، والذي في [ب] بخط غير واضح (صورة منطبق على أبناء نوعه).
[50] المثبت ما في: [أ، ب، هـ] وفي: [ج، د] (زيادة البصيرة).
[51] المثبت ما في: [أ، ج، د، هـ]، وسقط من: [ب] وفي الذي في [ب] هكذا (هو الذي في الغموض).
[52] لم أقف عليه من كلام أرسطو، ونسبه شمس الدين الكيشي (695هـ) إلى أفلاطون، قال: «وقد نبّه العظيم أفلاطون على وجوب شدة الاحتياط في تمييز الحيثيات على طلبة الحق بقوله “لولا الحيثية لارتفعت الحكمة”» انظر شرحه الموسوم بـ روضة النظر في شرح رسالة نفس الأمر للنصير الطوسي (14)، واستشهد به مبهماً عبدالرزاق القاشاني (730هـ) في تفسيره المنسوب خطأً لابن عربي الصوفي (2/ 305)، والسيد الشريف الجرجاني في حاشيته على شرح الشمسية (135) والأحمد نكري في دستور العلماء (3/ 101) وقال: « لأن أكثر مسائلها مبني على الأمور الاعتبارية فافهم»، وانظر: (3/ 127).
[53] المثبت ما في: [أ، ج، هـ] وفي: [ب] (عند)، وسقط من [د] ما نصه (وإنما المغايرة عند العقل فلعلك تقول: هب أن النوع في الخارج).
[54] في [د، هـ] (الفضلاء).
[55] المثبت ما في [ب، ج] وفي: [أ] (التصور)، وفي [د، هـ] (سلسلة الصور).
[56] المثبت ما في: [ب، ج، د، هـ] وفي: [أ] (مطابقة).
[57] المثبت ما في: [أ، ج، د، هـ] وفي: [ب] (الكلي).
[58] قال ابن سينا في الشفا (7/ 26 -الفن الأول- المقالة الأولى: الفصل الخامس) :
«وأنت تعلم أنَّ من المعاني ما هو على سبيل معنى القسم الأول [الكلي]، وهو المعنى الذي المفهوم منه في النفس لا تمتنع نسبته إلى أشياء كثيرة تطابقها نسبة متشاكلة».
وقد نقل المصنف كلام ابن سينا هذا بحروفه في شرحه على المطالع (1/ 153) الطبعة الإيرانية، بتحقيق أبي القاسم الرحماني، في نفس الموضع من هذه المسألة.
[59] كذا بالحاء المهملة في جميع النسخ.
[60] من ذائع الأبيات المنسوبة إلى الشافعي رحمه الله، من مقطوعة أولها:
أأنثر دُراً بين سارحة البهمْ
وأنظم منثوراً لراعية الغنمْ
أخرجها أبو نعيم في حلية الأولياء (9/ 152)، وابن السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (1/ 294)، وانظر: معجم الأدباء لياقوت (6/ 2407).
[61] سقط من [هـ] صفحة واحدة، وهي من قوله: «وأما على رأي أهل التحقيق» إلى قوله «مقامات الصدق».
[62] كذا في [أ، ب] وورد في [هـ] (وبإفاضة المطالبة جدير، والحمدلله حق حمده، والصلاة على خير خلقه محمد، وآله وصحبه أجمعين).