- نشر: ccl
- ترجمة: سمية يسري
- تحرير: مريم عمر
ما أكبر تحديات قيادة المؤسسات اليوم؟ وهل تختلف هذه التحديات من مكان لآخر على مستوى العالم؟
توجه باحثونا إلى المصدر مباشرةً للإجابة عن هذا السؤال؛ فجمعوا معلومات من 763 قائدًا على المستويين المتوسط والتنفيذي في مؤسسات عدة في كلٍّ من الصين وهونج كونج ومصر والهند وسنغافورة والمملكة المتحدة والولايت المتحدة الأمريكية وأسبانيا.
وقد وجدنا بعد الدراسة أن القادة عادة ما يواجهون ستة تحديات بعينها، حتى وإن وصفوا تحديات قيادتهم وسياقها الخاص بطرق مختلفة.
فما هي أكبر تحديات القيادة حول العالم؟
1- شحذ الفاعلية: وهو تحدي تطوير المهارات التي تحسّن من أداء القائد، مثل: إدارة الوقت، وتحديد الأولويات، والتفكير الاستراتيجي، واتخاذ القرار، ومواكبة سير العمل.
2- إلهام الآخرين: وهو تحدي إلهام الآخرين وتحفيزهم؛ لضمان رضاهم عن وظائفهم، ومن ثمّ إتقانهم العمل.
3- تطوير الموظفين: وهو التحدي المتمثل في تطوير الآخرين، ويشمل ذلك عمليتي التوجيه والتدريب.
4- قيادة فريق: هو تحدي بناء الفريق، وتطويره، وإدارته. وتكمن التحديات -بشكل خاص- في كيفية غرس الاعتزاز، وكيفية تقديم الدعم، وكيفية قيادة فريق كبير، وماذا ستفعل عندما تتولى قيادة فريق جديد.
5- قيادة التغيير: ويتمثل في إدارة التغيير، والحشد له، وفهمه، وقيادته. وهو يتضمن كيفية التقليل من حدة العواقب، وكيفية التغلب على مقاومة التغيير والتعامل مع ردود أفعال الموظفين عليه.
6- إدارة أصحاب المصلحة (Stakeholders): ويتعلق هذا التحدي بإدارة العلاقات والسياسات والصورة العامة للمؤسسة، ويتضمن الحصول على الدعم الإداري، والإدارة، والحصول على موافقة من أقسام أخرى سواء من مجموعات أو أفراد.
وفقا لباحثينا، فإن معرفة أن تلك التحديات شائعة الحدوث- لدى القادة في المستويين المتوسط أو العالي- يُعدُّ ذو فائدة مزدوجة، فهي تفيد القادة أنفسهم من جهة، وتفيد المسؤولين عن تطويرهم من جهة أخرى؛
فهم يستفيدون بشكل شخصي من معرفة أن تجاربهم ليست تجارب فردية معزولة عن العالم، ومن ثم يشعرون بالثقة عند التواصل مع الآخرين لطلب المساعدة في مواجهة هذه التحديات.
كيف يمكن التعامل مع أهم تحديات القيادة حول العالم ؟
إليك أربعة أمور عملية يمكن للقادة فعلها للتعامل مع هذه التحديات الشائعة، وهي:
1– ضع أهدافا
ضع الأهداف، وحدد الخط الزمني والمواعيد النهائية مسبقًا؛ إن ذلك ضروري لإبقائك وفرق العمل على المسار الصحيح، إن عوامل التشتيت التي قد تواجهك يمكنها بسهولة أن تُفقدك رؤيتك للأهداف بعيدة المدى بل وقصيرة المدى أيضًا. فمن الممكن أن تبقى عالقًا دائمًا في حل المشاكل الطارئة بدلًا من التركيز على إخراج النتائج المهمة لمؤسستك.
لا يمكن لأي قائد أن يتجنب المفاجآت بشكل كامل، إلا أن تحديد الأهداف يمدك بخارطة تعيدك للتحكم في الوقت وللتركيز على أهم أولوياتك أثناء التعامل مع تحديات القيادة الأخرى.
تقول إحدى طرق تحديد الأهداف المعروفة بـالهدف الذكي (SMART) والمعترف بفاعليتها لزمن طويل: إنّه عندما تضع هدفًا تأكد أن يكون:
- محددًا Specific: اكتب وصفًا مفصلًا للإنجاز المطلوب.
- قابلًا للقياس Measurable: ضع أهدافًا كمّيّة يمكن قياسها؛ تجعلك قادرًا على تقييم التقدم.
- قابلًا للتحقيق Attainable: لا شك أن الأهداف العظيمة جميلة، ولكنك تحتاج أيضًا أن تتأكد من أن تحقيقها ممكن.
- واقعيًا realistic: كن متأكدًا من أنك مدرك لما ستحتاجه غالبًا، من وقت وموارد وموهبة لتحقيق هذا الهدف.
- محددًا بزمن Timed: حدد مواعيد نهائية للمحطات البارزة في طريقك إلى هدفك، بالإضافة إلى موعد تحقيق الهدف نفسه.
2- فوِّض أكثر
كلما زدت من تفويض مهامك ستصبح أكثر إنتاجية في التعامل مع تحديات القيادة، وستمكن زملاءك من الشعور بأنهم أصحاب ملكية في هذا العمل، ويتطلب التفويض الفعال أكثر من مجرد إخراج مهمة من مكتبك؛ فهو يقتضي دورة متكررة من أربع خطوات رئيسة:
- تفهم أولوياتك
يرتب المفوّضون الفاعلون مهام العمل المطلوبة منهم باحترافية حسب أولويتها، ثم يقررون أي المهام يستبقونه لأنفسهم وأيّا منها يعطونه لغيرهم، وهم يدركون أيضًا مقدار التغذية الراجعة التي يريدونها منهم.
- معرفة موظفيك
حتى تكون عملية التفويض فاعلة، لا بد وأن تسند المهام لمن هم أهل لإنجازها وفقا لعلمهم ومهاراتهم. وهذا يعني أنك ينبغي أن تعرف موظفيك جيدًا. استخدم التفويض كوسيلة لتطوير دائرة الموظفين الذين يتلقون منك الأوامر مباشرةً ؛ مما يتيح لهم التعلم أثناء توليهم مهامهم الجديدة.
- وضّح الهدف من المهمة
إن هدف المهمة هو ما يجعل لها معنى؛ وبمواءمة هذا الهدف مع المعتقدات والأهداف الفردية أوالجماعية يصبح التفويض فرصة للنمو الشخصي.
- التقييم والمكافأة
ينبغي أن تعمل مع دائرة الموظفين الذين يتلقون منك الأوامر مباشرةً على تطوير طرق لمساعدتهم. وعليك أن تقرر ما إذا كانت المهمة قد اكتملت بشكل صحيح ومكافأتهم بشكل مناسب.
اعلم أنك كلما زدت من تفويضك بنيتَ ثقة أكبر في فريقك.
3– عظِّم قيمتك القيادية الفريدة
رتب أولوياتك من خلال التركيز على أهم المهام التي لا يمكن لأحد غيرك أن ينجزها. سيكون هناك دائمًا أشياء تتنافس لتحظى باهتمامك مما لا يسمح به وقتك وطاقتك؛ لذلك اجعل الأولوية للمهام التي لا يمكن لأحد غيرك إنجازها وفوّض ما عداها.
يتغلب القادة على تحديات القيادة و يخلقون قيمة فريدة لمؤسساتهم بالتركيز على المساهمات الفريدة التي لا يستطيعها أحد غيرهم. إدراكك للقيمة الفريدة التي تقدمها للمؤسسة وتفويض كل شيء آخر- ما أمكن- يُمكّنك من تعظيم القيمة التي تخلقها للمؤسسة إلى أقصى مدى ممكن. إن ذلك جزء من زيادة وعيك الذاتي وإدراكك لبصمتك كقائد.
4- افهم دورك بوضوح
افهم مسؤولياتك الأساسية وأيضا الثانوية، وافهم كذلك الأعمال المكلف بها غيرك، ذلك لن يمنع الناس من مطالبتك بالقيام بمهام أخرى ومشاريع إضافية، ولكن هناك بالتأكيد أوقات يصبح القيام بواجبات إضافية أمرًا مطلوبًا بسبب ظروف غير عادية أو بهدف تطويرك مهنياً. ولكن أنجح القادة هم الذين يعلمون أنهم سيُقيّمون – إلى حد كبير- بناء على أدائهم مسؤولياتهم الأساسية بفاعلية واستطاعتهم التغلب على تحديات القيادة.
هذا يعني أيضًا أنه ستأتي عليك أوقات يجب أن تقول فيها: لا، و قد يكون هذا أمرًا مزعجًا، إن التدرب على قول “لا” وإيجاد أسلوب لبق ومهني لقول ذلك أمر مهم. يساعد رفض المهام التي ليست جزءًا من دورك في الحفاظ على تركيزك ويُعدّ إيصال الرسائل بشكل فعّال مهارة بالغة الدقة للقادة.
في الحقيقة إن العديد من هذه الاقتراحات للتعامل مع التحديات الكبرى التي تواجه القادة حول العالم هي جزء من تطوير المهارات القيادية المحورية التي تحتاجها في كل دور وفي كل مرحلة من حياتك المهنية.
يمكن للقادة الذين يشعرون أحيانًا بأن العمل يبتلعهم أن يستجمعوا قواهم عندما يعلمون أنهم ليسوا وحدهم. ومن خلال التركيز على هذه السلوكيات الأربعة بالغة الأهمية يمكنك التغلب على هذه المشاعر وتقديم قيمة أكبر لمؤسستك بحسن التعامل مع تحديات القيادة الأكثر إلحاحًا.
في الختام، بالنسبة لأولئك الذين يعملون في التدريب والتطوير، فإن معرفة أهم التحديات التي يواجهها القادة في جميع أنحاء العالم يمكن أن تكون حافزًا لتدشين مبادرات تنموية تساعد القادة حقًا.
تصبح المبادرات التنموية أكثر فعالية عندما تتماشى مع التحديات الحقيقية التي يواجهها المشاركون. لذا، نقترح أن تكون غالبية محتوى التطوير متشابهة، بغض النظر عن مكان التدريب أو من يمر بالتدريب.
يجب أن ندرك أيضًا أن ما هو مقبول في ثقافة ما قد يكون غير مقبول أو محظورًا في ثقافة أخرى، وقد تكون بعض السلوكيات هي القاعدة السائدة في بلد ما ولكن الأمر مختلف في دولة أخرى؛ لذا، من الضروري أن تكون على دراية بالفروق الثقافية الدقيقة، وإجراء التعديلات حسب الحاجة.
ومع وجود التحديات الأساسية نفسها التي يواجهها القادة في جميع أنحاء العالم، يمكن لأولئك الذين يصممون برامج التدريب مواءمة المبادرات التنموية بشكل أكثر ملاءمة لمساعدة المديرين على حل المشكلات في هذه المجالات المشتركة الستة: تطوير الفعالية الإدارية، وإلهام الآخرين، وتطوير الموظفين، وقيادة الفريق، وتوجيه التغيير، و إدارة أصحاب المصلحة والسياسة الداخلية.