- تأليف: العلَّامة سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني الشافعي (تـ 805هـ)
- نَسَخَها وضَبَطَ نصَّها: مشاري بن سعد بن عبد الله الشثري
تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدُ:
فهذه رسالةٌ فقهيَّةٌ فريدةٌ، ذكر فيها العلَّامة سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني (ت: 805هـ) مناسبةَ ترتيب أبواب الفقه لدى فقهاء الشافعية في مصنفاتهم، وسمَّاها: «مُنَاسَبَة أَبْوَابِ الفِقْهِ عَلَى قَاعِدَةِ أَصْحَابِنَا رَضِيَ الله عَنْهُمْ».
ولئن كان للفقهاء اعتناءٌ بذكر المناسبات في ضمن مصنفاتهم الفقهية، حيث يذكرون في أوائلِ الكتب/الأبواب وأثنائِها جملةً من عِلَل الترتيب ومناسباته، إلا أني لا أعلمُ من أفردَ لذلك مصنَّفًا على نحو ما تضمَّنته هذه الرسالة التي بين أيدينا.
وقد كان للسراج البلقيني وَلوعٌ بقضيتَي الترتيب والمناسبات، فله غير هذه الرسالة: ترتيبُه المشهور لكتاب «الأم» للإمام الشافعي، كما صنَّف «تراجم ومناسبات أبواب صحيح الإمام البخاري» وله منظومةٌ في ذلك.
وعن هذه الرسالةِ وكَلَفِه بذكر مناسبات الأبواب الفقهية، فقد كان كثيرَ السَّرْد لها في مجالسه، كما أخبر بذلك تلميذُه الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت: 852هـ)، وذلك ضمن ترجمته له في ثبته «المجمع المؤسس»، حيث عدَّ مقروءاته عليه، وخَتَمها بذكر هذه الرسالة، وقال: («ذكر تناسب أبواب الفقه» التي كان الشيخ يسردُها، وسمعناها منه مرارًا).
وقال قبل ذلك: (كان يسرد «مناسبة أبواب الفقه» في نحو كراسةٍ، ويُطرِّزُ ذلك بفوائدَ وشواهدَ بحيث يقضي سامعُه بأنه يستحضر فروعَ المذهب كلَّها).
* * *
ولا أعلم أن هذه الرسالة قد نُشِرَت من قبلُ مفردةً، بل نُشِرَت ضمنَ ترجمة السراج البلقيني لابنِه علمِ الدين صالحٍ، فقد ترجم لوالده ترجمةً حافلةً في كتابٍ مفرَدٍ ضمَّنها هذه الرسالة.
ولكونها مخبوءةً في ضمن كتابٍ غَفَل عنها كثيرٌ من طلبة العلم على فرادتها، ثم إنِّي رأيتُها على غاشيةِ نسخةٍ خطيةٍ لكتاب «ترشيح التوشيح» لتاج الدين السبكي، فنسختُ الأصل الخطيَّ، ثم قابلتُه على ما في ترجمة العَلَم، فما كان بين معقوفين [ ] فهو مستدرَكٌ منها، وما كان بينهما من فروق أشرتُ له في الهوامش، رامزًا للأصل الخطي بـ (أ) وللمطبوع بـ (ط).
ولم أجد -حسب بحثي القاصر- نسخةً خطية أخرى مفردة لهذه الرسالة، ووهم من أشار لوجودها في دار الكتب المصرية برقم (1410-فقه شافعي)، فهذا الرقم لكتابه الآخر في مناسبات وتراجم أبواب صحيح البخاري.
هذا، ولم أتكلَّـــف دراســـةَ هـذه الرســالــة، ولا التـعـلـيــقَ عليــها، فغرضــــي هـا هـنــا ينحصر فـــي الدلالةِ عليــها وتقريبِ مادَّتـــها للدارسيــن والباحثيـــن، فاقتصرت لذلك على تنسيقِها وضبطِ نصِّــها.
ويُشارُ أخيرًا إلى أن الحافظَ ابن حجر قد لخَّص هذه الرسالة في آخر ترجمته التي تقدمت الإشارة إليها، وختم تلخيصه بقوله: (هذا آخرُ ما لخصته من كلام الشيخ رحمه الله تعالى، وغيرتُ منه كثيرًا وزدت فيه قليلًا). وهو تلخيصٌ موجَزٌ قليلُ الغَنَاء في قدر ربع الأصل.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.