- جولي وينكل جوليوني
- ترجمة: جويرية محمد الجهني
- تحرير : سحر فوزي
“تخبرنا المنظمات أنها تهتم بتطويري وظيفيًا، لكن في الحقيقة هم يهتمون بذلك فقط إن كانت تلك العملية مناسبة وملائمة لهم”.
موظف (ربما يكون أنت).
من هم المديرون الذين يحدثون فرقًا؟ هم المديرون الذين تكون مقاصدهم، وعلاقاتهم، وتفاعلاتهم تُسهِم في محيط المنظَّمة من حولهم، بالإضافة إلى أنهم يستطيعون تغيير حياة من يعملون لأجلهم؛ فالإصغاء للموظفين، والاهتمام بهم، وتقديرهم، وتطوير أدائهم، وإمكانيتهم باستمرار هو ما يؤثر فيهم بعمق.
وهذا ما يحصل عندما يلتزم المديرون بتطبيق أسلوب مهني منظم في محادثات العمل، وينتج كل هذا التأثير بسبب جهود فردية.
فتخَيّل كيف سيكون التأثير إن تم الالتزام بثقافة المنظمات في مكان عملك وعلى نطاق أوسع.
تعتبر الثقافة عاملَا مهمًا في التطوير الوظيفي.
عندما تتوازى الثقافة مع التطوير وتدعمه؛ فإنها تُشكِّل موجة هائلة تجتاح رتبَا قيادية، وسياسات، وممارسات، وترفع من الوعي، وتعيد بناء ذلك حسب ما يتناسب مع المنظمة.
أما الأشخاص المتذبذبون الذين لا يستطيعون اتخاذ القرار فلن يستطيعوا الصمود طويلًا؛ فسرعان ما سيأتي الوقت الذي يتخذون فيه قرارهم إما بالانضمام أو الانسحاب لمكان آخر.
وخلال هذه العملية تحصد المنظمة ثمار ما قامت به من ارتفاع في فعالية تطوير المسار الوظيفي، ومؤشر الانتماء المعنوي، ورضا العملاء، ومعدل المبيعات، الابتكار، معدل الاحتفاظ بالوظيفة، الجودة، الإنتاجية، السمعة، الولاء، والأرباح.
المنظمات التي تتبع الثقافات التي تدعم التطوير الوظيفي قد تختلف عن بعضها من الخارج؛ فقد تكون منظمات ربحية أو غير ربحية، وقد تكون في مجال الخدمات أو الإنتاج، وقد تكون منظمات صغيرة أو كبيرة، وقد تتمتع تلك المنظمات بتكنولوجيا متقدمة أو منخفضة، وقد تكون منظمات في القطاع الخاص أو الحكومي.
ولكن، عند كشف الغطاء يتبين لنا أن هذه المنظمات تشترك في خمس خصائص أساسية:
خلق بيئة عمل غنيّة بالمعلومات.
التطوير الوظيفي يبرز في البيئات المنفتحة والمليئة بالمصداقية.
حيث تعتبر المعلومات عنصرًا أساسيًا في عملية التطوير الوظيفي وما يجعلها كذلك هو ميلها إلى التدفق بحريّة وسلاسة في البيئة من حولنا؛ فالمعلومات المتعلّقة بالأداء، والتصورات، والاحتمالات، هي بالضبط ما يحتاجه الموظفون لتطويرهم وتحفيزهم، وهذا يقودنا إلى أن متطلبات العمل، عوامل الكفاءة، وطرق التطوير متاحة للجميع.
ويعني أيضًا أن المديرين والقادة في جميع المستويات يعطون أولويّة قصوى لتدريب الموظفين وتوفير مراجعات وتعليقات على أدائهم الوظيفي؛ أي إن الموظفين لن يضطروا أبدا إلى التساؤل حول مستوى أدائهم أو عن الخطوات التي يجب عليهم اتباعها لتنمية أدائهم.
وعند الوصول لهذا فإن إحساس الثقة بين الجميع ينمّي الرغبة لديهم في قول الحقيقة ومشاركة المعلومات.
هل تريد أن تنمّي بيئة غنية بالمعلومات في منظمتك؟ جرب التالي:
- تَحَلَّ بالصدق وقل الحقيقة دائما، وحاول اكتشاف الأشخاص الذين يفعلون مثلك.
- شارك بسخاء المعلومات التي تمتلكها عن خطط المنظمة واستراتيجياتها.
- تمرّن على إدارة “الكتاب المفتوح” واجعل البيانات المالية متاحة لجميع الموظفين.
- ألقِ نظرة عن قرب على الجميع بانتظام من خلال إجراء محادثة معهم؛ لتتأكد من فهمهم الصورة الكاملة للمنظمة.
- احرص على تدريب الآخرين وإعطائهم مراجعات باستمرار، ووضّح أيضًا كيف يكون موقفك عندما تحصل على المثل من أشخاص آخرين.
تشجيع حب الاستطلاع والتجريب
كما أن حب الاستطلاع يُغذّي محادثات العمل الفعالة، فهو أيضًا يغذّي ويدعم عملية تطوير بيئة العمل.
ترى ذلك عندما يثير القادة فضولًا حقيقيًّا في تفاعلاتهم مع الآخرين، أو عند الحديث للبحث عن وجهات نظر مختلفة؛ بحيث يكون ذلك صلب موضوع النقاش كاملًا وليس نقطة جانبية منه، أو عندما لا يتم تهميش الأشخاص الذين يُعتبَرون صانعي مشاكل في المنظمات الأخرى-هم الأشخاص الذين يملكون سمعة كثرة طرح الأسئلة مثل سؤال لمَ ولمَ لا-بل وعلى العكس من ذلك تتم معاملتهم بشكل جيد في المنظمة، أو عندما يتم تشجيع الأشخاص بشكل دائم لأخذ المخاطر ولا تتم معاقبتهم عندما لا تجري التجارب كما هو مخطط لها تمامًا.
هل تريد أن تنمّي بيئة تُشجّع حب الاستطلاع في منظمتك؟ جرب التالي:
- غيّر أسلوبك في الحديث، وضمّنه أسئلة أكثر، وأوامر أقل.
- ابحث بنشاط عن الأشخاص الذين يمتلكون آراء فريدة ووجهات نظر مختلفة ورحّب بالأشخاص الذين يناضلون ويدعُون الآخرين لآرائهم الخاصة.
- حاول أن تتحدى نفسك بأن تنظر للأشخاص والمواقف من خارج الصندوق.
- احتفل بالمخاطر الذكية المتعارضة مع المنظمة، وحاول احتواءها من غير تحيّز، وإحيائها من خلال استكشافها.
- وَسِّع نطاق احتمالاتك وأسئلتك واستعمل الأسئلة المفتوحة مثل: ماذا لو؟ أو كيف سيعمل؟ أو كيف سنستطيع؟
كن صبورًا في عملية التطوير الوظيفي
في وقتنا الحالي أصبح الصبر عملة نادرة الوجود؛ حيث أصبحت النتائج تقاس بالساعات والأسابيع على المدى الطويل، لكن حين يتعلق الأمر بالمديرين، والقادة الذين يعملون على تنفيذ التطوير الوظيفي على أرض الواقع؛ فإنهم يعرفون قيمة السير الحثيث بخطى ثابتة وقليلة على المدى الطويل، ويقدّرون ذلك أكثر من اتباع خُطى الحشود وانتظار النتائج السريعة والوقتية؛ فهم لا يحتاجون إلى إنهاء الأمور سريعًا، بل يسمحون للأفكار، والمعتقدات، والفرص بالتطور تدريجيًّا مع مرور الزمن، ويدركون مدى أهمية تطور ونمو الجميع بمعدلات متفاوتة بناءً على طريقتهم الخاصة، وبالتالي حسب المرونة التي يمتلكونها.
المرونة، والالتزام، والاستمرارية هي الطابع المميز لهذه الخاصية.
هل تريد أن تنمّي بيئة تتحلى فيها بالصبر خلال عملية التطوير في منظمتك؟ جرب التالي:
- تحدَّ نفسك والآخرين للحفاظ على الأهداف التطويرية طويلة المدى مع المزيد من الأهداف قصيرة المدى، والتي تزيد من تحمّل احتياجات العمل.
- رحّب بالأخطاء والفَشل، واعتبرها خطوة قيّمة في عملية التعليم.
- خذ وقتًا مستقطعًا للتطوير، وصناعة استثمارات صغيرة، ومستمرة في الآخرين بدلًا من تضييع جهود كبيرة لفعل كل ذلك مرة واحدة في مناسبات معينة.
- أعطِ مساحة للأشخاص ليشعروا بالارتياح حول مستوى كفاءتهم قبل دفعهم للأمام.
- اجلس جانبًا وأعطِ أولوية لحماية الموارد المالية التي تتطلبها عملية التطوير.
اجعل محادثات العمل موجهة نحو النتائج.
التطوير هو لعبة الصورة الكاملة.
ماذا نحاول أن ننجز؟ ما هي أهدافنا؟ التركيز بشكل عام على النتائج- بحيث نكون أقل صلابة (في نطاق معقول) بشأن كيفية التنفيذ-، توفير مساحة كافية للموظفين؛ لتنمية قدراتهم بحيث يستطيعون تجربة أشياء جديدة سواءً كانت مواهب، أو مهارات، أو طرقًا جديدة لتنفيذ المهام. توضيح القادة للحدود والكيفية المسموح بها فيما يتعلق بالإبداع والمرونة، ووضع آليات تنموية لا حصر لها.
هل تريد أن تنمي بيئة تركز على النتائج في منظمتك؟ جرب التالي:
- اسأل الموظفين بشكل روتيني كيف نستطيع إنجاز أهداف المنظمة وتحقيق نتائج أفضل،بعد ذلك أعطِهم الصلاحية والحرية لتنفيذ هذه الاقتراحات عمليًا.
- أشْرِك الأشخاص المسؤولين عن أعمالهم في تطوير إجراءات جديدة، أنظمة، وأدوات؛ لتحسين عملهم.
- احتفل وشجّع الموظفين الذين يَتَحلّونَ بروح الإبداع والمبادرة.
- كن منفتحًا لتجربة أنظمة وطرق مختلفة طالما صممت لإيصال النتائج المطلوبة.
تغيير وتمديد الحدود المرسومة للتطوير
الثقافات التي تدعم التطوير الوظيفي تميل إلى امتلاك قادة لهم رؤية ضبابية، والرؤية الضبابية لا تحتاج إلى زيارة الطبيب، بل تعتبر صحية جدًا في هذه الحالة؛ فهؤلاء القادة يرون الفرصة في التعاون ما بينهم بدلًا من وضع حدود صارمة ما بين الأقسام.
بصرف النظر عنا وعنهم، فهم يرون كيف سنبلي جميعًا معًا، وبدلًا من البحث لأجل أنفسهم؛ فهؤلاء القادة يبحثون عن التكامل؛ فهم يشجعون على التطوير؛ لأنهم يستطيعون رؤية الفرص التي تكون خارج منطقتهم للتعليم، والمساهمة، والتنمية للأشخاص من حولهم؛ فهم يرغبون في تحفيز الناس من حولهم.
بل وحتى لن يُمانعوا في تضييع موهبة جيدة لأجل زملائهم كطريقة لدعم تطوير الموظفين. وخلال هذه العملية، فهذا النوع من القادة يصنع سمعة ذائعة الصيت، وثقافة ومنظمة لا تهزم.
هل تريد أن تنمّي بيئة ذات حدود ضبابية في منظمتك؟ جرب التالي:
- تعرف على زملائك في الأقسام الأخرى وتعرف على مساهماتهم في المنظمة، والصعوبات التي يواجهونها.
- أظهِر احترامك للقادة الآخرين في كل ما تقوله وتفعله.
- قَدِّم الموظفين للأقسام الأخرى باستمرار قدر الإمكان.
- حطّم أي علامات حتى وإن كانت تلميحات بسيطة على الدفاع عن المنطقة (territorialism) أو المنافسة بين الأقسام الأخرى قبل أن تستشري.
- اسعَ للتعاون مع الزملاء الذين يعرضون خبراتهم التطويرية لموظفيك.
تكون المنظمات التي تظهر تلك الخصائص جادة حول التطوير الوظيفي، ومثلما تتطور الوظيفة من خلال إجراء محادثة واحدة بمرور الوقت، تتطور الثقافة من خلال الالتزام الفردي والمستمر للمديرين العازمين على التطوير.
هذا ببساطة ما تحتاجه المنظمات ويرغب به الموظفون.
كيف ستبدو منظمتك لو؟
- كان الجميع على كل الأصعدة مهتمين بالتطوير الوظيفي؟
- كانت الموهبة تُعامَل كمصدر للتكامل؟
- تم رصد ومتابعة التطوُّر الوظيفي وقياسه كمقياس مهم آخر في العمل؟
- أصبح التطوير سلاحك السرّي للمنظمة لجذب أفضل المواهب والحفاظ عليها؟
جولي وينكل جوليوني عملت مع العديد من المنظمات حول العالم؛ لتحسين أدائهم من خلال القيادة والتعليم.
تم تصنيفها كواحدة من أعلى 100 مجلة في القيادة؛ فهي تقدم استشارات وتُعلّم وتحاضِر وتكتُب عن التطوير الوظيفي والعديد من مواضيع العمل.
اقرأ ايضًا: ماذا يريد الموظفون من القائد؟ وكيف تستطيع قياس ذلك؟