- تأليف : فلورنس مايلز
- ترجمة : روضة بنت عمر
- مراجعة التحرير: سعيد السوادي
بينما يقضي طلاب المرحلة الابتدائية أسابيعهم الأولى من إجازتهم الصيفية، ربما سنحت الفرصة للمحظوظين منهم بما يكفي ليسافروا ويستعملوا بعض المصطلحات التي في إحدى حصص تدريس لغة أجنبية ما. إنها نهاية السنة الأكاديمية الأولى التي أدخلت فيها اللغات بصورة رسمية في المنهج الدراسي للمرحلة الابتدائية في إنجلترا، في سبتمبر 2014 سيكون تعلم لغة أخرى للأطفال من عمر السابعة وأكبر أمراً إجبارياً.
هناك تصور شائع أننا نستطيع تعلم اللغات الأخرى في المراحل الدراسية المبكرة فقط، بريطانيا تستطيع اللحاق بركب نظرائها الأوروبيين الذي تخلفت عنه من حيث القدرات اللغوية. لكن هل كلما كان تعليم لغة أخرى جديدة في سن مبكرة كان ذلك أفضل؟
هناك فرق بين أطفال غمسوا بلغة جديدة فهم يتعلمونها، مثل المهاجرين إلى بلد آخر، وبين أولئك الذين يتعرضون للغة أجنبية في فصولهم الدراسية لبعض ساعات أسبوعياً، على أحسن الأحوال.
وبالنسبة إلى أطفال المهاجرين، كشفت دراسة أن المراهقين والبالغين حديثاً أسرع تعلماً من الأطفال. وسيلتحق الطلاب الصغار في نهاية المطاف بالطلاب الأكبر سناً وسيتحدثون تماماً كالمتحدثين باللغة الأم، على خلاف حال عموم البالغين. ويبدو التعليم في وقت مبكر عند الأطفال المهاجرين أفضل فقط في حالة إعطائهم المزيد من الوقت والفرص لغمرهم في تلك اللغة الجديدة.
في داخل الفصل، يتعلم الأطفال الأكبر بشكل أسرع.
وإذا تطرقنا إلى الحديث عن تعليم اللغات الأجنبية داخل الفصول الدراسية، فهناك بحث واحد محدود فقط كان قد بحث ما إذا كان البدء المبكر أفضل، وتوصل الباحثون إلى وجود حماسة شديدة وحب لتعلم اللغات الأجنبية واكتشاف عوالم وطرقٍ جديدة لنطق الكلمات. لكن طلاب المرحلة الابتدائية كانوا أبطأ تعلماً.
وبحثت إحدى الدراسات القدرات اللغوية لدى طلاب الكليات اليابانيين ممن بدأوا دراسة اللغة الإنجليزية بين عمر 3-12 عاماً، فلم يكن لذلك التعلم المبكر إلا امتياز يسير، رغم أن الطلاب كانوا يقضون في التعلم أسبوعياً 6-8 ساعات على مدى 44 أسبوعًا في السنة، لمدة 6 سنوات (يأخذ طلاب المرحلة الابتدائية في إنجلترا ساعة تعليمية أسبوعياً).
في مشروع بحثي أجري في برشلونة حول عامل العمر، استفادت كارمن مونيوس وفريقها البحثي من واقع التتابع السريع لتغيير الحكومة للأعمار التي يفترض عندها البدء بدراسة اللغة الإنجليزية في المدرسة، مما خلق تجربة طبيعية يتاح من خلالها المقارنة بين البادئين بتعلم اللغات الأخرى عند أعمار متفاوتة (8، 11، 14، 18 عاماً).
استطاعت الباحثة تتبع عدد كبير من الطلاب الذين تعلموا لمدد طويلة (تم اختبارهم بعد تلقيهم 200، 416، 726 ساعة من التدريب)، وقارنت بينهم وفق معايير عديدة، فتوصلت إلى أن الذين تلقوا تعليمهم في سن أكبر كانوا –باطراد– أسرع في التعلم وأكفأ رغم تساوي عدد الساعات التعليمية.
في دراستي التي أجريت مؤخراً، المقارنة بين كيفية تعلم الأطفال في سن الخامسة والسابعة والحادية عشر للغة الفرنسية ضمن الحصص المدرسية، كان جميع الأطفال مبتدئين تماماً ويتلقون ساعتين من التعليم أسبوعياً على يد المعلم ذاته.
وجدنا أن الطلاب الأكبر سناً أسرع تعلماً لكونهم أقدر على استخدام نطاق من الاستراتيجيات الإدراكية والمهارات الكتابية والقرائية المتقدمة، لدعم تعلمهم تلك اللغة الجديدة الوافدة عليهم، إلا أن الطلاب الأصغر كانوا أكثر حماسةً.
إذن هل التعليم في سن مبكرة أفضل؟ إذا كانت الأفضلية تعني الحماسة للتعلم فثمة أدلة كثيرة تفيد ذلك، ونعلم أن الأطفال تضعف حماستهم إذا كبروا. ولذلك أسباب عديدة منها انتقال الأطفال إلى المرحلة الإعدادية وتعلمها مرة أخرى مع من لم يدرسها.
أما إذا كانت الأفضلية تعني التقدم اللساني الأسرع، فقد دلت الدراسات على أن الطلاب الأكبر سناً فاقوا الأصغر سناً بحيث كانت الاستفادة القصوى من الدروس القصيرة والتوجيهات الواضحة من نصيبهم، وساعدهم في ذلك كونهم على قدر كبير من النضج المعرفي. وأشارت الدراسات إلى امتياز يسير في التعليم المبكر داخل الفصول الدراسية في حال الزيادة الكبيرة للساعات التعليمية في الأسبوع. ويبدو أن الأطفال الأصغر سناً يتعلمون بشكل ضمني فيحتاجون إلى تفاعل جم وكم كبير من المدخلات، ليتاح لآلية التعلم الضمنية أن تعمل.
ساعة واحدة تعليمية أسبوعياً في المنهج الدراسي لا تزال أقل من عدد الساعات التي تنفق لتعلم اللغة الأم، ولذلك يجب أن تكون الطموحات واقعية في شأن التطور اللغوي. ومن المحمود أن تكون هذه الساعات التعليمية القليلة سبباً للعناية باللغة الأجنبية في بقية أعمارهم، ولكن ذلك مفتقر إلى تعهد ودعم.
اقرأ ايضاً: هل تعتبر ثنائية اللغة ميزة بالفعل؟
- فلورنس مايلس بروفيسور تعلم واكتساب اللغات الثانية في جامعة اسكس