- تأليف : آماندا فولفورد وآين ماهون – Amanda Fulford – Áine Mahon
- ترجمة : مصطفى هندي
- تحرير : لطيفة الخريف
تقرر آماندا فولفورد وآين ماهون أنه يجب النظر إلى المحاضرة الجامعية على أنها شكل خاص من أشكال الحوارات البشرية، ويرى كارل ويمان -الحائز جائزة الدفاع عن العلوم النشطة من جامعة ستانفورد- أن المحاضرة التقليدية ميتة ولا يمكن بحال إحياؤها ولو بمعجزة القديس لعازر ، وقرر منذ أقل من عام أن الاعتقاد بقيمة المحاضرة التقليدية مثل الدعوة إلى طريقة استنزاف الدم في عصر الطب الحديث القائم على الأدلة، ومن ثم ففي العصر الحديث للتعليم العالي (الجامعي) حيث يكون الطالب هو مركز العملية التعليمية، وحرصًا على ضمان حصوله على الخبرة الكافية، فإن المحاضرة التقليدية أصبحت عتيقة وبلا قيمة، وأصبحت نظم التعليم النشط القائمة على مركزية الطالب مثل (التعليم المقلوب) و(العصف الذهني للطالب) ، بلا شك هي الأكثر تماشيًا مع معطيات العصر الحديث.
إن نقد ويمان المركزي للمحاضرة التقليدية يتمحور حول أنها تتعارض مع القيمة العليا للتعليم النشط الذي يبرهن فيه الطلاب على تفاعلهم الجيد مع المادة العلمية، لكن
هذا النقد مبني على فهم خاطئ للمحاضرة، ولا يدرك كيف ولماذا يجب أن تظل المحاضرة على قمة التعليم الجامعي، ما نحتاجه هو الدفاع الفلسفي عن المحاضرة التقليدية كما يتضح من العنوان.
لا يجب النظر إلى المحاضرة على أنها طريقة إرسال وتفاعل من طرف واحد، وهو شكل من أشكال الاتصال الأحادي، حيث يكون الطلاب مجرد متلقين سلبيين غير فعالين، بدلًا عن ذلك ينبغي أن يُنظر إليها على أنها شكل خاص من الحوار البشري حيث يُعدل صوت المحاضر خصيصًا ليلائم سمع الطالب، قد يساعد هذا الفهم على دحض واحدة من أكثر السمات غير المفيدة للمحاضرة الجامعية التي استشهد بها النقاد وهي: إنها مجرد أستاذ واثق بنفسه، يملك ويعرض معرفة متعمقة لجمهور يعتبرهم في درجة أقل منه، فهذه الفكرة تصور المحاضرة بصورة سيئة، لكنها في الحقيقة مبدأ علاقة حوارية بين المعلم و الطالب، وننوه إلى أمر آخر يحتاج إلى الرد، كما كتب الفيلسوف الأمريكي ستانلي كافيل ” أنا أساندك وأقدرك وأطلب منك بلطف الرد الآن، وأعرف أن ذلك يعرضني لسخطك ” ، أثناء المحاضرة لا نعرف (ويفترض أنه لا ينبغي أن نعرف) كيف سيفسر طلابنا كلامنا، لكنهم يتفاعلون، وقد يفعلون ذلك من خلال الحماسة أو الحيرة أو المشاغبة أو حتى اللامبالاة، لكن كلها استجابات متاحة وفعالة على ما يلقيه المحاضِر، فالمحاضرة تدعو الطلاب للنظر إلى العالم بطريقة معينة، قد يتقبلون ذلك أو لا، وقد يبقون بين الرفض والقبول، وبعيدًا عن كون المحاضرة “حكيمًا على المسرح” وكل الدلالات الأكاديمية الغامضة وغير المفهوم، فإن المحاضر يجري حوارات عميقة، ويندمج في علاقة نشطة مع الطلاب.
إذا فكرنا بهذه الطريقة، فإن المحاضرة ليست للتوجيه والتلقين فقط، ولكن أيضًا فيها مخاطرة، حيث تجعل نفسك عرضة لنقد وسخرية الآخرين، والتي قد تؤدي إلى لحظات مربكة وفوضوية التي تميز اللقاء الحقيقي والهادف عن غيره.
غالبًا ما تتدهور قيمة المحاضرة في التعليم الجامعي، ولكنها تظل أصل وجوهر التعليم.
عندما يتحدث الأكاديميون ويعون ما يقولونه حقا، يحدث انتقال من مجرد الحوار الفردي إلى شغف المحاورة والتفاعل الحواري، فإذا فهمنا المعنى الحقيقي للمحاضرة، فإننا -كما يبين العنوان- ندرك أن الجامعة عمومًا مكان أكثر انفتاحًا وأكثر قابلية للمناقشة والنقد، ومن ثم أكثر تعليمًا.
المصدر : A philosophical defence of the traditional lecture