- تأليف : أوليفيا جولدهيل – Olivia Goldhill
- ترجمة : نورهان كرم
- تحرير : حذيفة بن فيصل بن محمد
- مراجعة: مصطفى هندي
انظر إلى صورتك عندما كنت مراهقًا، و بغض النظر عن خيارات الموضة السيئة، فمن المحتمل أن ترى آثارًا لنفس الشخص بنفس النزوات الشخصية التي أنت عليها اليوم. ولكن سواءً كنت الشخص نفسه بعد كل هذه المدة أم لا وما تعنيه فكرة الشخصية، فإن هذه الموضوعات هي محل نقاشاتٍ مستمرة في الفلسفة و علم النفس.
أفادت أطول دراسة للشخصية معروفة إلى الآن و التي نشرت في مجلة “علم النفس والشيخوخة”، والتي سلطت الضوء عليها مؤخرًا جمعية علم النفس البريطانية، أنه مع تقدمك في العمر تتغير شخصيتك بدرجة تفوق تخيلك، تمامًا كما يتغير مظهرك البدني وتتبدل خلاياك باستمرار.
تبدأ الدراسة بحمع ببيانات من دراسة استقصائية أُجريت في عام 1950 شملت 1208 طفلاً في سن 14 في اسكتلندا. طُلِب من المعلمين عَرض ستة استبيانات لتقييم ست صفات شخصية عند المراهقين، وهي: الثقة بالنفس، والمثابرة، واستقرار الحالة المزاجية، والضمير الأخلاقي، والإبداع [استقلالية التفكير]، والرغبة في التعلم. تم دمج نتائج هذه الاستبيانات للحصول على سمة واحدة والتي تم تعريفها ب”الاعتمادية”. بعد أكثر من ستة عقود، تعقّب الباحثون 635 من المشاركين، و وافق 174 شخصًا على تكرار الاختبار.
قام المشاركون، والذين هم بعُمر 77 الآن بتقييم أنفسهم في سمات الشخصية الست، وكذلك رشحوا صديقًا أو أحد الأقارب لفعل الشيء نفسه. إجمالًا، لم يكن هناك تشابه كبير مع الاستبيانات التي أُخذت قبل 63 عامًا. كتب الباحثون أن الارتباط الإحصائي أشار إلى عدم وجود أي استقرار لأي من الخصائص الست أو الخاصية الكامنة ورائهم وهي الاعتمادية على مدار 63 عام. وأضافوا: “افترضنا أننا سوف نجد دليلًا على استقرار الشخصية على فترة أطول من 63 عامًا ، لكن الارتباط الإحصائي لم يدعم هذه الفرضية”.
كانت النتائج مُفاجأة للباحثين لأن دراسات الشخصية السابقة التي أجريت على فترات أقصر أظهرت تطابقًا ملحوظًا. والدراسات التي أجريت على عدة عقود، والتي ركزت على المشاركين من طفولتهم إلى منتصف العمر، أو من منتصف العمر إلى سن أكبر، أظهرت سمات شخصية مستقرة. لكن الدراسة الأخيرة ، و التي غطت أطول فترة دراسة مقارنة بالدراسات الأخرى تشير إلى أن استقرار الشخصية يتلاشى مع مرور الوقت. كتب الباحثون أنه “كلما طال الزمن بين تقييمَي الشخصية ، كلما ضعفت العلاقة بينهما” وأضافوا: “أشارت نتائجنا إلى أنه عند زيادة الفاصل الزمني إلى 63 عام ، كادت العلاقة بين الدراستين أن تنعدم تقريبًا”.
ربما أولئك الذين لديهم عيب الشخصية المتهورة في سن المراهقة سيكونون سعداء بحقيقة أن بعض السمات الشخصية قد تختفي لاحقًا، لكن التفكير في تحول شخصيتك بأكملها أمر مُقلق.
كتب الباحثون نقلًا عن تعريف أستاذ علم النفس ديفيد فوندر: “تعني الشخصية الأنماط المميزة للفرد في العاطفة و الفكر و السلوك، بالإضافة إلى الآليات النفسية – الخفية أو الظاهرة – وراء تلك الأنماط. فإذا كانت أنماط تفكيرك وعواطفك وسلوكك تتغير بشكل جذري على مر العقود ، فهل يمكن حقًا في سن الشيخوخة اعتبارك الشخص نفسه الذي كان في سن المراهقة؟ يتعلق هذا السؤال بنظريات أوسع عن طبيعة الذات. فمثلًا، هناك أبحاث في علم الأعصاب تدعم الاعتقاد البوذي القديم الذي يرى أن مفهومنا عن “الذات” المستقرة ليس إلا وهم.
ربما لن يفاجئك هذا إذا مررت بتجربة مقابلة صديق قديم من المدرسة، ووجدته شخصًا مختلفًا تمامًا عن الطفل الذي تتذكره. يشير هذا البحث إلى أنه مع التقدم في العمر يصعب عليك التعرف على نفسك الأصغر سنًا تمامًا كما لم تتعرف على صديقك القديم .