التربية والتعليم

لمَ يتحول أكباش فداء الأسرة لضحايا مدى الحياة؟

  • تأليف: لورين بينيت
  • ترجمة: محمود مصطفى
  • تحرير: أحمد العراك

 

شاهدت للتو مقطعًا مرئيًا هزني حقًا.

لو اتخذتك عائلتك كبش فداء (تتحمل أخطاءهم)، فسيفضي بك ذلك إلى أحد أمرين:

إما أن تصبح نرجسيًّا – والنرجسية آلية دفاعية منفصلة لتجنب المزيد من الأذى وسوء المعاملة- وإما أن تستوعب رسالة مبكرة تفيدك أنْ لا قيمة لك، ولا حقوق.

سأتحدث عن السيناريو الثاني هنا؛ فهذا ما يدور المقطع المرئي حوله، وهذا ما حدث لي.

إذا كنت كبش فداءٍ، فقد تم تمرينك على العيش في خوفٍ، كي تخاف حتى من الدفاعِ عن نفسِكَ، أو التعبير عن آرائك، أو طلب المعاملة المنصفة.

من شأن هذه التوجه زرع إحساس بانعدم القيمة، والخوف، والخزي في حياة البالغ، فيستطيع الآخرون بسهولة إدراك أنه لقمة سائغة، ومغناطيس للإساءة، والرفض، والتنمر، ويصبح عرضة لسوء المعاملة.

من الممكن أن تصبح ضحيةً مدى الحياة، ما لم تجد طريقةً لكسر هذا النمط.

النسيان صعب؛ لأن الأمر استقر في النفس مبكرًا من والدٍ نرجسي.

الأطفال الذهبيون، الذين يشبهون الأب النرجسي، أو يزودونه بإمدادات نرجسية (كالتملق)، أكثر عرضةً للنرجسية من كبش الفداء. سيكونون غالبًا القرود الطائرة للأب (يقومون بأفعالٍ كالتجسس على الضحية، ونشر القيل والقال، والتهديد، ويصورون النرجسي كضحية، وهدفهم كجانٍ ) *، مستمرين في نمط العائلة المسيء.

الأطفال كبش الفداء، هم ممتصو صدمات الأسرة. تم تكليفهم بامتصاص واستيعاب غضب الأب النرجسي، ومحاكاة ما تم إسقاطه عليهم.

هذا تحديدًا ما حدث لي؛ ورغم كوني مجرد طفل، فقد لعبت في بعض الأحيان دور الطفل الذهبي، وفي أحيانٍ أكثر، كنت كبش الفداء.

إصابتي بمتلازمة أسبرجر (أحد اضطرابات طيف التوحد، يُظهِر المصاب بها صعوبة كبيرة في التفاعل الاجتماعي مع الآخرين) *، وحساسيتي العالية هيّآني  لمناسبةً لهذا الدور.

اليوم أنا (البطة السوداء) و(الخاسرة) في نظر عائلتي.

لم يتم ضمي مطلقًا لأي عملٍ عائلي؛ بسبب افتقاري للكثير، وحقيقة كوني (مختلفة) عن بقيتهم. وعلى الرغم من رفضهم لي، أصبحت حقًا ما أرادوا أن أكون… (خاسرة). أكدتُ احتمال أنهم (الفائزون) دائمًا.

لقد حُرِمت مما هو حقٌ لي؛ لأنهم آمنوا أني لا أستحقه، وأني ألحق الخزي والعار باسم (العائلة النظيف). وكضمانٍ إضافي سأظل فقيرة، وعاجزة؛ ما لم أفز في اليانصيب (والتي لا أشارك فيها) أو أكتب كتابًا -وهو ما أخطط له-. والمفارقة في كل هذا أن الكتاب قد يكون الشيء (الجيد) الذي من شأنه إظهار حقيقة من قاموا بتربيتي .

لقد كنت دائمًا متجنبة للمخاطر، بلا إنجازات. ومعاملاتي مع الآخرين تأثرت بسبب خوفي من أحكام الناس عليَّ. كنتُ أُخَوَّفُ  في كثيرٍ من الأحيان، في طفولتي ومراهقتي؛ تزوجت من رجلٍ نرجسي، واستمريت في الحياة معه، وسمحت له بإيذائي رغم مضي سنواتٍ على طلاقنا.

لم أعد أتعرض للتنمر لأنني بالغة، (وأنا على اتصالٍ ضعيفٍ جدًا مع طليقي)، فالناس – رغم ذلك – لا زالوا يحاولون معاملتي بطريقة غير مهذبة ومهينة-كمريضة عقلية-، ويتركونني بعيدة عن محادثاتهم، يتجنبون ترقيتي، وزيادتي، أو يستمرون في التحدث و النظر من خلالي كأنني غير موجودة. عندما أقول شيئًا؛ يتصرف الناس كأنهم لا يسمعونني، من الشاق جدًا عليَّ تكوين صداقاتٍ، أو الشجار عندما أحتاج لذلك؛ لأنه تم تدريبي في سنٍ مبكرة على الخوف من الجميع. يضرب بي المثل (كزهرة البنفسج المنكمشة، وزهرة الجدار) وكأني من ذلك النوع من النساء الذي اعتادت والدته السخرية منه لكونه -بلا خصائص مميزة-. يبدو أنني أمتلك ما هو مغاير لصفات الشخصية الجذابة.

لسنواتٍ عديدة تجولت خجولة من كوني على قيد الحياة. لقد حملت عبءَ الخزي الثقيل الذي أثر على طرقتي في التحدث، والتواصل، والتفكير- كل ذلك الحديث السلبي عن الذات وكره النفس – بل حتى الطريقة التي تحركت بها، وحملت ثقلي بها… لقد أحرجت نفسي!

منذ أن بدأت الكتابة، تعلمت أنني لم أُخَلقْ مثالًا  للآخرين يبين لهم ما لا يجب أن يصبحوه (اعتدت فعلاً تصديق ذلك سابقًا)، لكن الله منحني هذه التحديات وهذه الحياة ليعلمني قيمة نفسي-؛  وهذا الاستيقاظ على ما كان يعنيه الله لي بدا وكأنه عمل شاق ومؤلم. لا أعيش في حالة من الشفقة على النفس: لقد كان النرجسيون من حولي أساتذة.

أحلم أنه في أحد الأيام سيعرف الناس البعيدون من أنا حقًا. وأن لدي شخصية، وأني مرحة وذكية…أن لدي آرائي الخاصة، وأني جيدة فعلًا في نواحٍ شتى؛ وأنه أكثر من أي شيء آخر، لدي لاقط للهراء مضبوط بدقة. هبة ورثتها من غير قصد من النرجسيين حولي، هبة لا تقدر بثمن؛ أغلى من كل مال ورثته.

اقرأ ايضاً: ناثانيال براندون: تقدير الذات وتكريم النفس

 

المصدر: Lucky Otters Haven

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى